إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أجود الناس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أجود الناس

    "
    أجود الناس"

    هكذا عبّر ابن عبّاس رضي الله عنه عن شخصيّة النبي
    صلى الله عليه وسلـم ، لتكون كلماتـه تلك شاهدةً على مــدى كرمه
    وجوده ، ولا عجب في ذلك ، فقد كانت تلك الخصلة خُلقاً
    أصيلاً جُبِل عليه ، ثم ازداد رسوخاً من خلال البيئة العربية التـي نشأ فيهــا
    وتربّى في أحضانها ، والشهيرة بألوان الجود والعطاء .

    وتبيّن لنا أم المؤمنين خديجة رضي الله عنهـا تحلّيه
    بهذه الخصلة قبل بعثته بقولهــا الشهيــر : " إنك لتصــل الرحــم ، وتحمــل
    الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف "، وكلها صفات تحمـل في طيّاتهــا
    معاني الكرم والجود .

    وعندما نستنطق ذاكرة الأيام ستحكي لنا عن جوانب العظمة في كــرم النـبــي

    ، يستــوي في ذلك عنده حالــة الفقــر والغنى ، وهــذا
    البذل والعطاء كان يتضاعف في مـواســم الخيــر والأزمنــة الفاضلــة كشهــر
    رمضان ، فعن عبدالله بن عباس رضــي الله عنهمــا قـــال : " كــان النبـــي

    أجـــود الناس ، وأجــود مـــا يكون فـــي رمضــان ,
    فلرسول الله
    أجود بالخير مــن الريـــح المرسلـــة


    "

    متفق عليه.

    ولقد نال النبي
    أعظم المنازل وأشرفها في صـفـوف
    أهل الكرم والجــود ؛ فلم يكن يردّ سائلاً أو محتاــجاً ، وكان يُعطي بسخــاءٍ
    قلّ أن يُوجد مثلــه ، وقد عــبّر أحد الأعراب عن ذلك حينما ذهــب إلى النبـي

    فرأى قطيعاً من الأغنام ملأت وادياً بأكمله ، فطمــع
    في كرم النبي
    فسأله أن يعطيــه كلّ ما فــي الوادي،
    فأعطاه إياه ، فعــــاد الرجـــل مستبشـــراً إلى قومـــه ، وقــــال :
    "يا قوم ! أسلموا ؛ فوالله إن محمدا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقــر"
    رواه مسلم.

    وكان لمـثل هذه المواقف أثرٌ بالغٌ في نفــوس الأعراب ، الذيــن كانوا يأتـــون
    إلى النبي
    قاصدين بادئ الأمر العودة بالشاة والبعــير،
    والدينار والدرهم ، فسرعان ما تنشرح صدورهم لقبول الإسلام والتمسّك به،
    ولذلك يقول أنس رضي الله عنه معلّقاً على الموقف الســـابق : " إن كـــان
    الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا ، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليــه مـــن
    الدنيا وما عليها " .

    وكثيراً ما كان النبي
    يمنح العطايا يتألّف بهــا قلــوب
    المسلمين الجدد ، ففي غزوة حنين أعطى كلاًّ من عيينة بن حصن والأقرع
    بن حابس والعباس بن مرداس وأبي سفيان بن حرب وصفوان بــن أميـــة
    رضي الله عنهم عدداً كبيراً من الإبل ، وعند عودته عليه الصلاة والســلام
    من تلك الغزوة تبعه بعض الأعراب يسألونه ، فقال لهم :
    ( أتخشون عليّ البخل ؟ فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهــامة نَعَمـــاً أي :
    أنعام لقسمته بينكم ، ثـــم لا تجـــدوني بخـــيلاً ولا جبانـــاً ولا كذوبـــاً )
    رواه أحمد .

    ومن المواقف الدالة على كرمه
    حديث أنس بن مالك
    رضي الله عنه : " أتي النبي
    بمال من البحريــــن ،
    فقال : ( انثروه في المسجد ) ، وكان أكثر مال أتي به رسول الله
    ، فخرج رســول الله
    إلى الصـــلاة
    ولم يلتفت إليه ، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه ، فما كان يـــرى أحـــدا
    إلا أعطاه ، وما قام رسول الله
    وثـــمّ منـــها درهـــم"
    رواه البخاري .

    وعنه رضي الله عنه قال : " كنت أمشي مع النبي

    وعليه بُرد أي: رداء نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبه
    شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي
    قد أثّــرت
    به حاشية الرداء من شدة جذبته ، ثم قال له : مُر لي من مال الله الـــــذي
    عندك ، فالتفت إليه فضحك ، ثم أمر له بعطاء " متفق عليه.

    وربما أحسّ النبــي
    بحاجة أحدٍ من أصحابــه وعـــرف
    ذلك في وجهه ، فيوصل إليه العطاء بطريقة لا تجرح مشاعره ، ولا تُوقعــه
    في الإحراج ، كما فعل مع جابر بن عبدالله رضــي الله عنـــه حينمــــا كانـــا
    عائدين من أحد الأسفار ، وقد علم النبي
    بزواج جابر
    رضي الله عنه ، فعرض عليه أن يشتري منه بعيره بأربعة دنانير، ولما قدم
    المدينة أمر النبــي
    بلالا أن يعيد الدنانـــير إلى جـابـــر
    ويزيده ، وأن يردّ عليه بعيره ، متفق عليه.

    ومرةً رأى النبي
    في وجه أبي هريرة رضي الله عنـه
    الجوع ، فتبسّم ودعاه إلى إناء فيه لبن ، ثم أمره أن يشرب منه ، فشــرب
    حتى ارتوى ، وظلّ النبي
    يعيد له الإناء حتى قال أبو
    هريرة رضـــي الله عنه : " والذي بعـــثــــك بالحــق ما أجد لــه مسلكــا"
    رواه البخاري .

    وقد ألقت سحائب جود النبي
    بظلالها على كلّ من حوله ،
    حتى شملت أعداءه ، فحينما مات رأس المنافقين عبدالله بن أبيّ بن سـلــول ،
    جاء ولده إلى النبي
    فقال : " يا رســول الله أعطنـــي
    قميصك أكفّنه فيه ، وصلّ عليه واستغفر له " ، فأعطاه النبي صلى الله علــيه
    وسلم قميصه ، رواه البخاري.

    وعلى مثل هذا الخلق النبيل كان النبي
    يربّي أصحابـه ،
    فقد قال لأحد أصحابه يوما : ( أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا ) رواه
    أبو يعلى في مسنده.

    وهكذا كان سخاؤه
    برهانا على شرفه ، وعلو مكانته ،
    وأصالة معدنه ، وطهارة نفسه ، وصدق الشاعر إذ يقول :

    هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
    تـراه إذا ما جئتـه متهـللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله

    بأبي أنت وأمي يا حبيب الله


    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 19-03-2015, 04:48 PM.

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    جزاك الله خيرا وتقبل منا ومنك

    قلت :
    سبحان الله انظروا إخواني إلى تشبيه ابن عباس لقد شبه جود الرسول صلى الله عليه وسم بالريح المرسلة ، بل هو أجود بالخير منها : وفيه دلالة على أمرين عظيمين :

    * السرعة ؛ كالريح ، فهو سريع في بذل جوده ببذل بدون تلكؤ أو توانٍ

    * وصف الريح بالمرسلة إشارة إلى أنها ريح خير تهبّ بالرحمة ،

    وإشارة أيضاً إلى عموم النفع بجوده كما تعم الريح المرسلة جميع من تهبّ عليه من البلاد .



    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 19-03-2015, 04:50 PM.

    تعليق

    يعمل...
    X