إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة




    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.
    أما بعد..

    فنحن الآن نعيش أيامٍ طغت فيها على أمتنا الإسلامية إختلافات رهيبة بين المسلمين في كل مكان؛
    فالنَّاظر عن قُرب إلى ما يحدث بين المسلمين في البلد الواحد سيجد مالا يسُرّ، وإذا امتد بنظره عن بُعد؛ نظرة شمولية على سائر الدول الإسلامية؛
    لوجد ما يحدث من إختلافات في بلده هُوَ هُوَ مايحدث في كل دولة؛ فقد تفرَّقت الشعوب فيما بينها؛ فتفرقت الأمَّة كلها.


    نحن الآن -في دول العالم الإسلامي- نرى انحرافات كثيرة؛
    انحرافات في المناهج، تساهلات في الفتاوى، تضاربات في الآراء، هناك بدع منتشرة، وهنالك في كل يوم جديد تطلع علينا فتن جديدة،
    وأطروحات مسمومة مليئة بالأخطاء الرهيبة.


    الآن إختلت كلُّ الموازين عند الكثير، بل عند الغالبية العظمى إلا من رحم ربي،
    لم يعد هناك طريق واحد يسيرون عليه، ولا مقياس يرجعون إليه؛ إلا من رحم ربي!


    ولو ظلَّت الأمة الإسلامية على هذا الحال؛ بلا ثوابت يتمسكون بها؛ لضاعت أكثر مما هي فيه من ضياعٍ وتِيه -عياذًا بالله-،

    لكن الثوابت موجودة بفضل الله -وإن غابت عن الكثير من المسلمين-؛
    فإنَّ الكتابَ والسُنَّة هما المصدر الأساسي للحق، والنَّبع الصافي لدين الإسلام، وهما المنهج الكامل لحياة البشر، وهما الميزان الصحيح الذي توزن به الأقوال والأفعال، جاءت الأدلة في الحث على أتباعهما، والعمل بهما، والاعتصام بهما، والرد إليهما عند التنازع والاختلاف.


    ولا يكون للمسلمين شأن، ولا عز ولا نصر، ولا فلاح في الدنيا، ولا نجاة في الآخرة، إلا بامتثال أوامر الله تعالى وطاعته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم.






    والأدلة في هذا الموضوع كثيرة جداً، وفيا يلي ذكرٌ لبعضها:


    أولا: الأدلة من القرآن الكريم
    ______________________________________

    جاءت آيات كثيرة بالأمر بطاعة الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بأسلوب الترغيب تارة، نحو قوله تعالى:
    {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} آل عمران: 132.

    {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} النساء: 69.

    و بأسلوب الترهيب تارة أخرى، نحو قوله تعالى:
    {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} آل عمران: 32.

    وقوله تعالى:
    {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} المائدة: 92.


    كما جاءت آيات تمدح المؤمنين الذين يطيعون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع البشرى العظيمة لهم بالفوز والفلاح، نحو قوله تعالى:
    {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}النور: 51.


    وأمر سبحانه عباده المؤمنين بالتحاكم إلى الكتاب والسنة عند التنازع، فقال:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} النساء: 59.

    يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: (قال مجاهد وغير واحد من السلف: أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة) .

    وقال القرطبي في المقصود بالرد إلى الله والرسول: (أي ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله أو إلى رسوله بالسؤال في حياته، أو بالنظر في سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم, هذا قول مجاهد والأعمش وقتادة، وهو الصحيح) .


    وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي:
    (أمر برد كل ما تنازع الناس فيه، من أصول الدين وفروعه، على الله والرسول، أي إلى كتاب الله وسنة رسوله، فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما، أو عمومهما، أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى، يقاس عليه ما أشبهه. لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما فالرد إليهما شرط في الإيمان) .


    بل نجد من الآيات التي تنفي الاختيار عن كل مؤمن ومؤمنة، إذا حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في أمر ما من الأمور.


    يقول تعالى:
    {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} الأحزاب: 36.


    وهذه الآية وإن كانت قد نزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها حين خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه فامتنعت ثم أجابت، إلا أنها خطاب لكل مؤمن ومؤمنة، وعامة في كل الأمور.
    يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية:
    (فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد ههنا، ولا رأي ولا قول) .


    واستَدَّل القرطبي بهذه الآية على أن صيغة افعل للوجوب في أصل وضعها، قال:
    (لأن الله تبارك وتعالى نفى خيرة المكلف عند سماع أمره وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم أطلق على من بقيت له خيرة عند صدور الأمر اسم المعصية، ثم علق على المعصية بذلك الضلال، فلزم حمل الأمر على الوجوب. والله أعلم) .


    وقال الشيخ السعدي:
    (أي: لا ينبغي ولا يليق، من اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما).

    ونهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتقدموا بين يدي الله رسوله. فقال:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الحجرات: 1.


    وقد ذكر ابن كثير أقوالاً عن السلف الصالح في معنى قوله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. منها : عن ابن عباس قال:
    (لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة) . وعن الضحاك: (لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم).
    وقال سفيان الثوري: (لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. بقول ولا فعل).


    وقال الشيخ السعدي في بيان ما يُستَنبَط من الآية الكريمة:
    (هذا متضمن للأدب مع الله تعالى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم والتعظيم والاحترام له، وإكرامه.
    فأمر الله عباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان بالله ورسوله، من امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، وأن يكونوا ماشين خلف أوامر الله، متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أمورهم. وأن لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله، فلا يقولوا حتى يقول، ولا يأمروا حتى يأمر.
    فإن هذا، حقيقة الأدب الواجب، مع الله ورسوله، وهو: عنوان سعادة العبد وفلاحه, وبفواته تفوته السعادة الأبدية، والنعيم السرمدي) .



    تابعونا بأمر الله تعالى...



    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

  • #2
    رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة


    ثانيًا: الأدلة من السنة النبوية
    ____________________________________



    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال:
    يا أيها الناس: إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، كتاب الله وسنتي)).

    وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:
    ((قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوعظنا موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظتنا موعظة مودِّع، فاعهد إلينا بعهد. فقال:
    "عليكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، وسترون بعدي اختلافاً شديداً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة")).


    فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بوقوع الاختلاف وحصوله في أمته، فأوصى أصحابه رضوان الله عليهم – ويدخل في الخطاب كافة الأمة- بالتمسك بسنته، وسنة الخلفاء الراشدين عند وقوع الاختلاف.


    فالتزام السنة هو الحل عند وقوع البدع، لذلك نرى من فقه الإمام مالك رحمه الله أنه ذكر حديث الاعتصام بالكتاب والسنة في باب النهي عن القول بالقدر.


    وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
    ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول صبحكم ومساكم، ويقول:
    بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)).


    يقول ابن حجر في أثناء كلامه على هذا الحديث:
    (وقد توسع من تأخر عن القرون الثلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم، ولم يقتنعوا بذلك حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلاً يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل، ولو كان مستكرهاً، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أن الذي دونوه هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل، وأن من لم يستعمل ما اصطلحوا عليه فهو عامي جاهل، فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف, واجتنب ما أحدثه الخلف).


    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم, واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم).


    قال ابن حجر في شرح الحديث:
    (فينبغي للمسلم أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله، ثم يجتهد في تفهم ذلك والوقوف على المراد به، ثم يتشاغل بالعمل به, فإن كان من العلميات يتشاغل بتصديقه, واعتقاد حقيته، وإن كان من العمليات بذل وسعه في القيام به فعلاً وتركاً) .


    هذا هو الموقف الصحيح الذي يجب على كل مسلم أن يتخذه مع كتاب ربه عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, التعليم والفهم، ثم التصديق, والعمل, والامتثال.


    فبهذا المسلك والمنهج نال السابقون رضوان الله عنهم، وجزاهم ربهم تبارك وتعالى بذلك التوفيق والنصر، والعز في الدنيا، والجنة والنعيم المقيم في الآخرة.

    وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله)) .


    قال الخطابي رحمه الله في شرح الحديث:
    (يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما ليس له في القرآن ذكر، على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض، فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن، وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب، فتحيروا وضلوا) .


    وقال ابن بطة رحمه الله محذراً المسلمين من شر هؤلاء المنكرين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم:
    (وليعلم المؤمنون من أهل العقل والعلم أن قوماً يريدون إبطال الشريعة, ودروس آثار العلم والسنة، فهم يموهون على من قل علمه، وضعف قلبه، بأنهم يدعون إلى كتاب الله، ويعملون به، وهم من كتاب الله يهربون، وعنه يدبرون، وله يخالفون، وذلك أنهم إذا سمعوا سنة رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواها الأكابر عن الأكابر، ونقلها أهل العدالة والأمانة، ومن كان موضع القدوة والأمانة، وأجمع أئمة المسلمين على صحتها، أو حكم فقهاؤهم بها، عارضوا تلك السنة بالخلاف عليها، وتلقوها بالردِّ لها. وقالوا لمن رواها عندهم:
    تجد هذا في كتاب الله؟ وهل نزل هذا في القرآن؟ وائتوني بآية من كتاب الله حتى أصدق بهذا
    ).


    فحكم عليهم بخبث النية وسوء الطويَّة، وأنهم يريدون هدم دين الإسلام، وإبطال الشريعة. قال تعالى:
    {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} الصف: 8.


    قال الإمام الشافعي رحمه الله:
    (لم أسمع أحداً نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم، يخالف في أن فرض الله عز وجل أتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه بأن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا أتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, واحد لا يختلف في أن الفرض الواجب قبول الخبر عن الرسول إلا فرقة سأصف قولها إن شاء الله).


    وفي الحديث السابق إثبات لحجية السنة، وأنها واجبة الأتباع على كل مسلم.

    وفيه ردٌّ صريح على الذين أنكروا حجية السنة قديماً كالرافضة، والمعتزلة وغيرهم، وحديثاً كالقرآنيين، والمستشرقين، وتلاميذهم
    كأمثال: أبي رية, ورشاد خليفة، وغيرهما.


    السنة من الوحي:


    تعتبر السنة النبوية جزء من الوحي، قال الله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} النجم: 3-4.
    وقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل: 44.

    وعن حسان بن عطية: قال:
    (كان جبريل صلى الله عليه وسلم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل القرآن عليه يعلمه إياها كما يعلمه القرآن) .


    وقال ابن حزم رحمه الله:
    (لما بيَّنا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع، نظرنا فيه، فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم, ووجدناه عز وجل يقول واصفاً لرسوله:
    {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} النجم: 3-4.
    فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين:

    أحدهما: وحي متلو مؤلف تأليفاً معجز النظام وهو القرآن.
    الثاني: وحي مروي منقول, غير مؤلف, ولا معجز النظام, ولا متلو، لكنه مقروء.
    وهو الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا).

    فالقرآن الكريم، والسنة النبوية من مشكاة واحدة، وهي داخلة في ذلك الوعد الصادق بالحفظ والضمان الأكيد، حيث قال سبحانه:
    {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر: 9.


    وكان من مظاهر ذلك الحفظ ما نراه ونلمسه من جهود جهابذة السنة الذين بذلوا جهوداً عظيمة لحفظها، والذب عنها, وغربلتها، وتمييز صحيحها من سقيمها، والتأليف في العلوم التي تخدمها.


    فكان من آثار هؤلاء الجهابذة ما تزخر به المكتبات الإسلامية – على مدى العصور – من مؤلفات قيمة في السنة وعلومها وشروحها.




    تابعونا بأمر الله تعالى...
    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

    تعليق


    • #3
      رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة



      ثالثًا: الأدلة من أقوال السلف الصالح
      __________________________________________________ ___


      عن محمد بن سيرين قال:
      (كانوا لا يختلفون عن ابن مسعود في خمس: أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير السنة سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها،
      وأن أكيس الكيس التقى، وأن أحمق الحمق الفجور
      ) .


      وعن عثمان بن حاضر الأزدي، قال: (قلت لابن عباس: أوصني، قال: عليك بالاستقامة، واتباع الأثر، وإياك والتبدع).


      وعن مالك بن أنس قال:
      (كان عمر بن عبد العزيز يقول: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سنناً الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، من اهتدى بها مهتدي، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً) .

      وعن الزهري قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).

      وهكذا نرى توافر الأدلة على هذا الأصل العظيم، فلا يستقيم دين امرئ مسلم إلا إذا تمسك بهذا الأصل، واتخذه منهاجاً يسير عليه، ويثبت عليه حتى الممات.
      يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
      (وشواهد هذا الأصل العظيم الجامع من الكتاب والسنة كثيرة، وترجم عليه أهل العلم في الكتب كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، كما ترجم عليه البخاري, والبغوي وغيرهما، فمن اعتصم بالكتاب والسنة كان من أولياء الله المتقين، وحزبه المفلحين، وجنده الغالبين) .


      وقد كان هذا الأصل من الأصول التي اتفق عليها سلف هذه الأمة، فكان ذلك من أعظم نعم الله عليهم، يقول شيخ الإسلام:
      (وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم، اعتصامهم بالكتاب، والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن، لا برأيه ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه, ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات, والآيات البيانات أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم) .


      وقد عبر اللالكائي عن هذه الحقيقة الناصعة في أول كتابه أصول السنة بقوله:
      (أما بعد: فإن أوجب ما على المرء معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله عباده من فهم توحيده وصفاته، وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها، والاستدلال عليها بالحجج والبراهين، وكان من أعظم مقول، وأوضح حجة ومعقول، كتاب الله الحق المبين. ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار والمتقين، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون، ثم التمسك بمجموعها والمقام عليها إلى يوم الدين، ثم الاجتناب عن البدع والاستماع إليها مما أحدثها المضلون. فهذه الوصايا الموروثة المتبوعة، والآثار المحفوظة المنقولة، وطرائق الحق المسلوكة والدلائل اللائحة المشهورة، والحجج الباهرة المنصورة التي عملت عليها الصحابة والتابعون، ومن بعدهم من خاصة الناس وعامتهم من المسلمين. واعتقدوها حجة فيما بينهم وبين الله رب العالمين. ثم من اقتدى بهم من الأئمة المهتدين، واقتفى آثارهم من المتبعين، واجتهد في سلوك سبيل المتقين, وكان من الذين اتقوا والذين هم محسنون. فمن أخذ في مثل هذه المحجة, وداوم بهذه الحجج على منهاج الشريعة أحسن في دينه التبعة، في العاجلة والآجلة. وتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها) .


      فيجب على كل مسلم أن يحرص كل الحرص على الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،
      والتمسك بما أجمع عليه السلف الصالح،
      وأن يجعل ذلك ميزاناً يزن به ما اختلف فيه الناس بعد القرون الفاضلة من الأقوال والأفعال والمعتقدات وغيرها
      .




      مصدر النقل: الدرر السنية
      إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
      والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
      يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

      الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

      تعليق


      • #4
        رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا شيخنا الفاضل ورفع قدركم
        [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#FF0000][SIZE=36px][FONT=times new roman]مشروع تحفيظ القرآن الكريم للشباب بشبكة الطريق إلى الله[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]
        [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#0000CD][SIZE=36px][FONT=times new roman](القرآن حياتي)[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]

        تعليق


        • #5
          رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

          المشاركة الأصلية بواسطة أبومصعب محمود ابراهيم مشاهدة المشاركة
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا شيخنا الفاضل ورفع قدركم
          وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم وحفظكم
          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

          تعليق


          • #6
            رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            بارك الله فيك ونفع بك والدنا الكريم
            موضوع قيم جعله الله في ميزان حسناتك
            رحمك الله يا أمي
            ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
            وظني بكـَ لايخيبُ

            تعليق


            • #7
              رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

              المشاركة الأصلية بواسطة أبوالدرداء إبراهيم مشاهدة المشاركة
              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              بارك الله فيك ونفع بك والدنا الكريم
              موضوع قيم جعله الله في ميزان حسناتك
              اللهم آمين، ولكم بمثل ان شاء الله
              أعزَّكم الله ياولدي الفاضل، ورفع قدركم وحفظكم


              إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
              والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
              يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

              الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

              تعليق


              • #8
                رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

                عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                جزاك الله خير الجزاء شيخنا
                وجعل عملك في موازين حسناتك

                تعليق


                • #9
                  رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

                  المشاركة الأصلية بواسطة متبع أهل السنة والجماعة مشاهدة المشاركة
                  عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  جزاك الله خير الجزاء شيخنا
                  وجعل عملك في موازين حسناتك
                  اللهم آمين، ولكم بمثل ان شاء الله
                  أعزَّكم الله ياولدي الفاضل، ورفع قدركم وحفظكم
                  إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                  والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                  يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                  الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                  تعليق


                  • #10
                    رد: مامن سبيل لنجاة الإمة ؛ إلَّا التمسك بالكتاب والسُنَّة

                    المشاركة الأصلية بواسطة د.عبدالله أخصائي أطفال
                    اخى الحبيب جزاك الله خيرا
                    نحبك فى الله

                    أحبك الله الذي أحببتني من أجله
                    وجمعنى بكم بالفردوس الأعلى من الجنة، بفضله وبرحمته،
                    إخوانًا على سررٍ متقابلين



                    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                    تعليق

                    يعمل...
                    X