السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1) تطهير الجنان والأركان
عن أدران الشرك والكفران
أحمد بن حجر آل بو طامي آل ابن علي
مقدمه
الحمد لله الذي أمرنا بالعبادة : بطاعته وطاعة رسوله ، ووعدنا بالحسنى مع الزيادة . والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، البالغ منتهى الشرف والسيادة ، وعلى آله وأصحابه الذين منحهم الله العزة والسعادة .
أما بعد :
فقد حورب الإسلام منذ أن بزغ فجره بمختلف الأسلحة . ومن أشدها فتكاً ، وأخبثها مكراً ، وأكثرها رواجاً : دعاية المُخرفين والقبوريين والصوفية المبطلين الذين لم يدخروا وسعاً في نشر البدع والضلالات باسم الدين ، والدين منها بريء . كما دعوا إلى عبادة القبور وحسَّنوها للجماهير بشتى الأساليب ، من بناء القباب والأضرحة عليها وتزويقها ، ووضع الستور النفيسة عليها ، وجعلوا السدنة حولها ليطوفوا بالزائرين حول الضرائح ، ويعلموهم كيف يدعون الأولياء ، وينزلون بهم حاجاتهم ، بدلًا من اللجوء إلى الحي الذي لا يموت ، ومَن بيده ملكوت كل شيء . واخترعوا حكايات وكرامات مختلفة لا تمتّ إلى الصحة بسبب ، وأنشدوا قصائد تطفح بالاستغاثات والنداءات التي لا تصلح إلا لخالق الأرض والسماوات .
وألفوا كتبا تدعو إلى عبادة الأنبياء والصالحين ، سبكت في قالب حب الأنبياء والأولياء ، وأنهم هم الشفعاء لنا عند الله ، والواسطة بيننا وبينه تعالى . وعززوا أباطيلهم بأحاديث موضوعة ، وبأقيسة فاسدة ، وبما لا يدل على مطلبهم من آية أو حديث صحيح كما سترى في هذه الرسالة إِن شاء الله تعالى .
وعم هذا الداء الوبيل سائر الأقطار الإسلامية ، ولم يسلم منه إلّا القليل من عباد الله الصالحين والعلماء العاملين الذين عرفوا التوحيد الذي جاء به الأنبياء والمرسلون . وصانوه من كل شبهة وبدعة ، وقد حفظ الله تعالى الأقطار الإسلامية في جزيرة العرب من أوثان الأضرحة والمقامات والمشاهد والمزارات لتكون قدوة للمسلمين . وانتشرت دعاية الشيطان للوثنية الجديدة ، ونشط لها المبشرون بالضلال وعبادة غير ذي الجلال ؛ فانخدع بها أكثر المسلمين كما انخدع بها مَنْ قبلهم ، وانصرفوا عن توحيد الإله العظيم خالق الأنام ومدبر أمورهم ، وأخذوا يتقربون إلى قبور الأنبياء والصالحين ، وإلى الأشجار والغيران المنسوبة إليهم بأنواع النذور والدعوات لكشف ضر نزل بهم ، أو طلب حاجة لهم ، مما ليس في قدرة أحد إلا رب العالمين ، وطافوا بالأوثان الجديدة والقديمة كما يطاف بالكعبة المعظمة ، وشدّوا الرحال من الأماكن الشاسعة بقصد الحج لتلك المزارات البدعية ، وأوقفوا الأموال الطائلة على تلك العتبات المقدسة عندهم حتى لتجتمع في خزائن بعض المقبورين أموال طائلة يتقاسمها القائمون عليها ، ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم ؛ لقد قال :
وإنك لتجد الزحام حول تلك القبور واختلاط الرجال بالنساء ، وبكاء الكثيرين وصراخهم وعويلهم ودوي أدعيتهم .
كما تجد كثيراً من مدعي العلم ومروجي الضلال يحسنون لهم تلك الأعمال ويحضونهم على تلك المنكرات يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا . وقد أتى العوام هذه الشركيات والبدع والضلالات ، باعتقاد أنها من صميم الدين ، وأنها تقربهم إلى رب العالمين ، لكونهم مخدوعين بدعايات أدعياء العلم ورؤساء الضلال ، وسدنة الضرائح . والويل كل الويل لمن أنكر عليهم وبين لهم أن هذه الأعمال ليست من الدين بشيء ، بل تنافيه ، والدين منها بريء ، وأن الواجب عليهم أن يُفردوا ربّهم بهذه العبادات التي يتقربون بها إلى هؤلاء الأموات ، الذين لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا حياةً ولا موتاً ولا نشوراً فضلًا عن أن يملكوا ذلك لغيرهم .
فالعلماء إزاء هذه البدع والشركيات أصناف ثلاثة :
صنف يؤيد تلك البدع والخزعبلات ويدعو إليها ، وقد يكتب وينشر في تأييد مذهبه ، جهلاً أو طلبا لمصلحة دنيوية .
وصنف يعرف الحق ، وأن ما عليه جمهور الناس باطل وضلال ، لكنه يساير العامة وأشباههم ، خوفاً أو طمعاً .
وصنف ينكر ذلك ويدعو الناس إلى ترك تلك المحدثات ويرشدهم إلى التوحيد والتمسك بالسنة المطهرة ، وقليل ما هم .
وبالرغم من كثرة المؤلفات في هذا العصر ، وانتشار التعليم والثقافة وكثرة المتعلمين والدعاة ، فإن أكثرهم لم يهتموا بعلم التوحيد ، لا سيما توحيد الألوهية . لأن مقاومة النفس والشيطان لمنهج الحق أعظم منها لما دونه .
لهذا رأيت أن الحاجة ماسة إلى وضع رسالة في بيان أقسام التوحيد ، وبسط الكلام على توحيد الألوهية معززاً بالأدلة من القرآن الكريم وأحاديث الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم الصحيحة أو الحسنة ودفع شبه المبتدعة ، لعل الله ينفع بها عباده ، وهذه هي دعوة الرسل سواء كثر المستجيبون أو قلّوا .
ولكن كثرة الشواغل لم تقو العزم حتى زارنا الشيخ عبد الحميد البكري السيلاني ، الداعي لتوحيد الله وإفراده بالعبادة ، والتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، والمحارب للبدع والمحدثات ، والزيادة في دين الإسلام .
وقد ذكر لنا الأخ المذكور أنه يلاقي كثيراً من العناء في "سيلان" من الذين يدعوهم إلى نبذ الخرافات والبدع ، وعبادة غير الله ، وطلب مني أن أمضي فيما عزمت عليه من تأليف هذه الرسالة ففعلت ، وقد ترجمها إلى اللغة المليبارية أخونا الفاضل محمد سليم ميران المليباري .
أسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وموجباً للفوز بجنات النعيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين .
يتابع بإذن الله
(1) تطهير الجنان والأركان
عن أدران الشرك والكفران
أحمد بن حجر آل بو طامي آل ابن علي
مقدمه
الحمد لله الذي أمرنا بالعبادة : بطاعته وطاعة رسوله ، ووعدنا بالحسنى مع الزيادة . والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، البالغ منتهى الشرف والسيادة ، وعلى آله وأصحابه الذين منحهم الله العزة والسعادة .
أما بعد :
فقد حورب الإسلام منذ أن بزغ فجره بمختلف الأسلحة . ومن أشدها فتكاً ، وأخبثها مكراً ، وأكثرها رواجاً : دعاية المُخرفين والقبوريين والصوفية المبطلين الذين لم يدخروا وسعاً في نشر البدع والضلالات باسم الدين ، والدين منها بريء . كما دعوا إلى عبادة القبور وحسَّنوها للجماهير بشتى الأساليب ، من بناء القباب والأضرحة عليها وتزويقها ، ووضع الستور النفيسة عليها ، وجعلوا السدنة حولها ليطوفوا بالزائرين حول الضرائح ، ويعلموهم كيف يدعون الأولياء ، وينزلون بهم حاجاتهم ، بدلًا من اللجوء إلى الحي الذي لا يموت ، ومَن بيده ملكوت كل شيء . واخترعوا حكايات وكرامات مختلفة لا تمتّ إلى الصحة بسبب ، وأنشدوا قصائد تطفح بالاستغاثات والنداءات التي لا تصلح إلا لخالق الأرض والسماوات .
وألفوا كتبا تدعو إلى عبادة الأنبياء والصالحين ، سبكت في قالب حب الأنبياء والأولياء ، وأنهم هم الشفعاء لنا عند الله ، والواسطة بيننا وبينه تعالى . وعززوا أباطيلهم بأحاديث موضوعة ، وبأقيسة فاسدة ، وبما لا يدل على مطلبهم من آية أو حديث صحيح كما سترى في هذه الرسالة إِن شاء الله تعالى .
وعم هذا الداء الوبيل سائر الأقطار الإسلامية ، ولم يسلم منه إلّا القليل من عباد الله الصالحين والعلماء العاملين الذين عرفوا التوحيد الذي جاء به الأنبياء والمرسلون . وصانوه من كل شبهة وبدعة ، وقد حفظ الله تعالى الأقطار الإسلامية في جزيرة العرب من أوثان الأضرحة والمقامات والمشاهد والمزارات لتكون قدوة للمسلمين . وانتشرت دعاية الشيطان للوثنية الجديدة ، ونشط لها المبشرون بالضلال وعبادة غير ذي الجلال ؛ فانخدع بها أكثر المسلمين كما انخدع بها مَنْ قبلهم ، وانصرفوا عن توحيد الإله العظيم خالق الأنام ومدبر أمورهم ، وأخذوا يتقربون إلى قبور الأنبياء والصالحين ، وإلى الأشجار والغيران المنسوبة إليهم بأنواع النذور والدعوات لكشف ضر نزل بهم ، أو طلب حاجة لهم ، مما ليس في قدرة أحد إلا رب العالمين ، وطافوا بالأوثان الجديدة والقديمة كما يطاف بالكعبة المعظمة ، وشدّوا الرحال من الأماكن الشاسعة بقصد الحج لتلك المزارات البدعية ، وأوقفوا الأموال الطائلة على تلك العتبات المقدسة عندهم حتى لتجتمع في خزائن بعض المقبورين أموال طائلة يتقاسمها القائمون عليها ، ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم ؛ لقد قال :
أحياؤنـــــا لا يرزقــــون بــــدرهم * وبــــألف ألـــفٍ تـــرزق الأمـــوات
مَـنْ لـي بحـظ النـائمين بحـفرة * قــامت علــى أعتابهـا الصلـوات
يسـعى الأنام لها ويجري حولها * بحــــر النــــذور وتُقــــرأ الآيــــات
ويقال هذا الباب باب المصطفى * ووســيلة تقضــى بهـا الحاجـات
مَـنْ لـي بحـظ النـائمين بحـفرة * قــامت علــى أعتابهـا الصلـوات
يسـعى الأنام لها ويجري حولها * بحــــر النــــذور وتُقــــرأ الآيــــات
ويقال هذا الباب باب المصطفى * ووســيلة تقضــى بهـا الحاجـات
وإنك لتجد الزحام حول تلك القبور واختلاط الرجال بالنساء ، وبكاء الكثيرين وصراخهم وعويلهم ودوي أدعيتهم .
كما تجد كثيراً من مدعي العلم ومروجي الضلال يحسنون لهم تلك الأعمال ويحضونهم على تلك المنكرات يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا . وقد أتى العوام هذه الشركيات والبدع والضلالات ، باعتقاد أنها من صميم الدين ، وأنها تقربهم إلى رب العالمين ، لكونهم مخدوعين بدعايات أدعياء العلم ورؤساء الضلال ، وسدنة الضرائح . والويل كل الويل لمن أنكر عليهم وبين لهم أن هذه الأعمال ليست من الدين بشيء ، بل تنافيه ، والدين منها بريء ، وأن الواجب عليهم أن يُفردوا ربّهم بهذه العبادات التي يتقربون بها إلى هؤلاء الأموات ، الذين لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا حياةً ولا موتاً ولا نشوراً فضلًا عن أن يملكوا ذلك لغيرهم .
فالعلماء إزاء هذه البدع والشركيات أصناف ثلاثة :
صنف يؤيد تلك البدع والخزعبلات ويدعو إليها ، وقد يكتب وينشر في تأييد مذهبه ، جهلاً أو طلبا لمصلحة دنيوية .
وصنف يعرف الحق ، وأن ما عليه جمهور الناس باطل وضلال ، لكنه يساير العامة وأشباههم ، خوفاً أو طمعاً .
وصنف ينكر ذلك ويدعو الناس إلى ترك تلك المحدثات ويرشدهم إلى التوحيد والتمسك بالسنة المطهرة ، وقليل ما هم .
وبالرغم من كثرة المؤلفات في هذا العصر ، وانتشار التعليم والثقافة وكثرة المتعلمين والدعاة ، فإن أكثرهم لم يهتموا بعلم التوحيد ، لا سيما توحيد الألوهية . لأن مقاومة النفس والشيطان لمنهج الحق أعظم منها لما دونه .
لهذا رأيت أن الحاجة ماسة إلى وضع رسالة في بيان أقسام التوحيد ، وبسط الكلام على توحيد الألوهية معززاً بالأدلة من القرآن الكريم وأحاديث الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم الصحيحة أو الحسنة ودفع شبه المبتدعة ، لعل الله ينفع بها عباده ، وهذه هي دعوة الرسل سواء كثر المستجيبون أو قلّوا .
ولكن كثرة الشواغل لم تقو العزم حتى زارنا الشيخ عبد الحميد البكري السيلاني ، الداعي لتوحيد الله وإفراده بالعبادة ، والتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، والمحارب للبدع والمحدثات ، والزيادة في دين الإسلام .
وقد ذكر لنا الأخ المذكور أنه يلاقي كثيراً من العناء في "سيلان" من الذين يدعوهم إلى نبذ الخرافات والبدع ، وعبادة غير الله ، وطلب مني أن أمضي فيما عزمت عليه من تأليف هذه الرسالة ففعلت ، وقد ترجمها إلى اللغة المليبارية أخونا الفاضل محمد سليم ميران المليباري .
أسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وموجباً للفوز بجنات النعيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين .
يتابع بإذن الله
تعليق