بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،،،
فيا أيها القارئ الكريم ها هو شهر رمضان قد اصفرّت شمسه، وآذنت بالغروب فلم يبق إلا ثلثه الأخير، فماذا عساك قدمت فيما مضى منه، وهل أحسنت فيه أو أسأت، فيا أيها المحسن المجاهد فيه هل تحس الآن بتعب ما بذلته من الطاعة.
ويا أيها المفرّط الكسول المنغمس في الشهوات هل تجد راحة الكسل والإضاعة وهل بقي لك طعم الشهوة إلى هذه الساعة .
تفنى اللذات ممن نال صفوتها *** من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها *** لا خير في لذة من بعدها النار
تبقى عواقب سوء في مغبتها *** لا خير في لذة من بعدها النار
فلنستدرك ما مضى بما بقى، وما تبقى من ليال أفضل مما مضى، ولهذا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم :(( إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ)) متفق عليه. وفي رواية مسلم :((يَجْتَهِدُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِى غَيْرِهِ)) وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجتهدُ فيها أكثر مما يجتهدُ في غيرِهِا وهذا شاملٌ للاجتهادِ في جميع أنواع العبادةِ من صلاةٍ وقرآنٍ وذكرٍ وصدقةٍ وغيرِها وهذا من وجوه:
أحدها: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل : كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن .
وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم يحي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات .
وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصاً على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة .
ورابعها:أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر.
وعليه فاغتنموا بقية شهركم فيما يقرِّبكم إلى ربكم، وبالتزوُّد لآخرتكم من خلال قيامكم بهذه الطاعات:
(1) الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة: بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُحْيي ليلَه بالقيامِ والقراءةِ والذكرِ بقلبه ولسانِه وجوارِحِه لِشَرفِ هذه الليالِي وطلباً لليلةِ الْقَدْرِ التي مَنْ قامها إيمانَاً واحتساباً غَفَرَ اللهُ له ما تقدمَ من ذنبه.
وظاهِرُ الحديثِ :(( إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ))، أنَّه صلى الله عليه وسلم يُحْيِي الليلَ كلَّه في عبادةِ ربِّه مِنَ الذكرِ والقراءةِ والصلاةِ والاستعدادِ لذلِكَ والسحورِ وغيرها، وبهذا يحْصُلُ الجمْعُ بَيْنَه وبينَ مَا في صحيح مسلمٍ عن عائشة-رضي الله عنها- قَالَتْ: ((مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ))، لأنَّ إحياءَ الليل الثَّابتَ في العشرِ يكونُ بالقيامِ وغيرِه مِنْ أنْواعِ العبادةِ والَّذِي نَفَتْه إحياءُ الليلِ بالقيامِ فَقَطْ. والله أَعلم.
وممَّا يدُلُّ على فَضيلةِ العشرِ من هذه الأحاديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُوقِظُ أهلَه فيها للصلاةِ والذكرِ حِرْصاً على اغتنام هذه الليالِي المباركةِ بِما هي جديرةٌ به من العبادةِ فإنَّها فرصةُ الْعُمرِ وغنيمةُ لمنْ وفَّقه الله عزَّ وجلَّ، فلا ينبغِي للمؤمن العاقلِ أنْ يُفَوِّت هذه الفرصةَ الثمينةَ على نفسِه وأهلِه فما هي إلاَّ ليَالٍ معدودةٌ ربَّمَا يدركُ الإِنسانُ فيها نفحةً من نَفَحَاتِ المَوْلَى فتكونُ سعادةً له في الدنيا والآخرةِ.
(2) إيقاظ الأهل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي، قال الإمام سفيان الثوري-رحمه الله-: (( أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطرق فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما: " أَلا تَقُومَانِ تُصَلِّيَانِ؟ " رواه البخاري.وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يُوتر. وفي الموطأ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ t كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَيْقَظَ أَهْلَهُ لِلصَّلَاةِ يَقُولُ لَهُمْ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }[طه:132]مشكاة المصابيح ح (1240). لطائف المعارف (2/3).
(3) تأخير الفطور إلى السَّحَرِ: عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:« لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ ».
قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ:« إِنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَبِيتُ لِى مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِى وَسَاقٍ يَسْقِينِ » رواه البخاري.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي-رحمه الله-:(( قال ابن جرير-رحمه الله- إن ذلك يجوز لمن قوي عليه، ويكره لغيره، فمقتضى كلامه: أن من واصل ولم يفطر ليكون أنشط له على العبادة من غير أن يعتقد أن إمساك الليل قربة أنه جائز وإن أمسك تعبدا بالمواصلة. فإن كان إلى السحر وقوي عليه لم يكره وإلا كره. ولذلك قال أحمد وإسحاق: لا يكره الوصال إلى السحر)) لطائف المعارف (2/3).
وقال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: ((ثُمَّ خُصَّ النَّهْي بِجَمِيعِ اللَّيْل فَأَبَاحَ الْوِصَال إِلَى السَّحَر، فَمَنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِد مُوَافَقَةَ أَهْل الْكِتَاب وَلَا رَغِبَ عَنْ السُّنَّة فِي تَعْجِيل الْفِطْر لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوِصَال، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيث أَبِي سَعِيد، وَالنَّهْي فِي الحَدِيث عَلَى مَا فَوْق السَّحَر عَلَى كَرَاهَة التَّحْرِيم)) الفتح (6/229 ، 234) بتصرف.
(4) الاغتسال بين العشاءين: قال الحافظ ابن رجب الحنبلي-رحمه الله-:(( قال ابن جرير-رحمه الله- : " كانوا يستحبون (أي السلف) أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، وَرَوَى: حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ: أَنْ تَمِيْماً أَخَذَ حُلَّةً بِأَلْفٍ، يَلْبَسُهَا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيْهَا لَيْلَةُ القَدْرِ. سير أعلام النبلاء (3/392).
فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين، والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجُمع والأعياد. وكذلك يُشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب؛ فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً. لطائف المعارف (2/6).
(5) الاجتهاد في تحري ليلة القدر في هذه العشر: فقد قال الله تعالى :{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }[القدر:3]. ومقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .
قال الإمام النخعي-رحمه الله- : العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.لطائف المعارف (2/8).
وقال صلى الله عليه وسلم :« مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » متفق عليه .
فقوله:(إيماناً واحتساباً) يعني إيماناً بالله وبما أعدَّ اللهُ من الثوابِ للقائمينَ فيهَا واحتساباً للأجرِ وطلب الثواب، وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال صلى الله عليه وسلم :« تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ »متفق عليه. وهي في الأوْتار أقْرب من الأشفاعِ، لقول صلى الله عليه وسلم:« تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ »رواه البخاري. وهي في السبع الأواخر أقرب، لقوله صلى الله عليه وسلم:« الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ- يَعْنِى لَيْلَةَ الْقَدْرِ - فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ فَلاَ يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِى » رواه مسلم . وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ أُبَىٌّ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهَا وَأَكْثَرُ عِلْمِى هِىَ اللَّيْلَةُ الَّتِى أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقِيَامِهَا:«هِىَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» رواه مسلم . ولا تَخْتَصُّ ليلةُ القدرِ بليلةٍ معينةٍ في جميعِ الأعوامِ بل تَنتَقِّلُ فتكونُ في عامٍ ليلةَ سبع وعشرينَ مثلاً وفي عام آخرَ ليلة خمسٍ وعشرينَ تبعاً لمشيئةِ الله وحكمتِه، ويدُلُّ على ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم: « الْتَمِسُوهَا، تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِى سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِى خَامِسَةٍ تَبْقَى » رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر : (( وَأَرْجَحهَا كُلّهَا أَنَّهَا فِي وِتْرٍ مِنْ الْعَشْر الْأَخِير وَأَنَّهَا تَنْتَقِل.
قَالَ الْعُلَمَاء : الْحِكْمَة فِي إِخْفَاء لَيْلَة الْقَدْر لِيَحْصُل الِاجْتِهَاد فِي اِلْتِمَاسهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عُيِّنَتْ لَهَا لَيْلَةٌ لَاقْتُصِرَ عَلَيْهَا)) الفتح (6/306). وعليه فاجتهد في قيام هذه العشر جميعاً وكثرة الأعمال الصالحة فيها وستظفر بها يقيناً بإذن الله عز وجل .
والأجر المرتب على قيامها حاصلٌ لمنْ علِمْ بها ومَنْ لم يعلَمْ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْترطِ العلمَ بهَا في حصولِ هذا الأجر)).مجالس شهر رمضان ج22.
(6) الاجتهاد في الدعاء: عَنْ عَائِشَةَ-رضي الله عنها- قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَىُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ:« قُولِى اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى » صحيح ابن ماجة ح( 3850 ). إنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر، لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر. والعَفُوٌّ من أسماء الله تعالى، وهو يتجاوز عن سيئات عباده الماحي لأثارها عنهم، وهو يحب العفو فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته. لطائف المعارف (2/21).
(7) الحرص على الاعتكاف في هذه العشر : والاعتكاف : لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى . وهو من الأمور المشروعة . وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أزواجه من بعده، فعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم:« كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ » متفق عليه. ولما ترك الاعتكاف مرة في رمضان اعتكف في العشر الأول من شوال، كما في حديث عائشة-رضي الله عنها- في الصحيحين .
قال الإِمامُ أحمدُ-رحمه الله-: لا أعْلَمُ عن أحدٍ من العلماءِ خلافاً أنَّ الاعتكافَ مَسْنونٌ.الفتح (6/313).
والأفضل اعتكاف العشر جميعاً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل لكن لو اعتكف يوماً أو أقل أو أكثر جاز .
قال في الإنصاف : أَقَلُّهُ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا ، أَوْ نَذْرًا مُطْلَقًا مَا يُسَمَّى بِهِ مُعْتَكِفًا لَابِثًا.
وقال العلاّمة ابن باز-رحمه الله-: وليس لوقته حد محدود في أصح أقوال أهل العلم .انظر تحفة الأخوان.
وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة، وأن يحاسب نفسه، وينظر فيما قدم لآخرته، وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ويقلل من الخلطة بالخلق. قال الحافظ ابن رجب-رحمه الله- : ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس حتى، ولا لتعلم علم، وإقراء قرآن، بل الأفضل له الإنفراد بنفسه والتخلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية. لطائف المعارف (2/7).
إخواني: اللَّيَالِي الْعَشْر يُفْتح فيها الْبَاب، ويقرَّبُ فيها الأحْبَابُ، ويُسْمَع الخطابُ، ويردُّ الجواب، ويُكْتَبُ للعاملينَ فيها عظيمُ الأجرِ والثواب، فيها ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألف شَهْر، فاجتهدُوا رحمكم الله في طلبِها، فهذَا أوانُ الطَّلب، واحذَرَوا من الغفلةِ ففي الغفلة العَطَب.
تولَّى العمر في سهوٍ ... وفي لهو وفي خســــرِ
فيا ضيعةَ ما أنفقْـ ... ـتُ في الأيام من عمـري
وما لي في الذي ضَيَّعْـ ... ـتُ من عمري من عذرِ
فما أغفلنا عن وا ... جبات الحمد والشكــــرِ
أمَا قد خصنا اللـ ... ـه بشهر أيما شهـــــرِ
بشهر أنزل الرحمـ ... ـن فيه أشرف الذكـــرِ
وهل يشبهه شهرٌ ... وفيه ليلة القـــــــدرِ
فكم من خبر صــــــحَّ ... بما فيها من الخيرِ
رَوَيْنَا عن ثقاتٍ ... أنها تُطْلَب في الـــــــوِترِ
فطُوبى لامرئ يطلبها ... في هذه العشـــــــرِ
ففيها تنزل الأملا ... ك حتى مطلــــــع الذُّخْرِ
وقد قال سلام هِـ ... ـيَ حتى مطلـــــع الفجرِ
ألا فادَّخِروها إنَّـ ... ـها مــــــن أنْفَسِ الذُّخْرِ
فكم من معتَقٍ فيها ... مــــــن النار ولا يدري
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
كتبه
أبو مريم / أيمن بن دياب بن محمود العابديني
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ
شبكة سحاب السلفية
تعليق