إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

درّة التاج الرمضاني (العشر الاواخر )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [تجميع] درّة التاج الرمضاني (العشر الاواخر )








    http://www.youtube.com/watch?v=txbsVlOnC84




    http://www.youtube.com/watch?v=txbsVlOnC84

    http://www.youtube.com/watch?v=txbsVlOnC84




    هاهو شهر رمضان يولي، وهاهي العشر الأواخر منه قد أقبلت، لقد كان قدوتنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر “شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله”. وظل صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله. لقد كان يطلب تلك الليلة الزاهية، عظيمة الشأن؛ ليلة القدر، ليلة نزول القرآن، ولمَ لا وهي خير من ألف شهر، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه؟. وإذا كان قيام الليل شعار المتقين ودأب الصالحين وتاج الزاهدين، كم وردت فيه من آيات وأحاديث، وكم ذكرت فيه من فضائل.. فكيف إذا كان القيام في رمضان، وفي العشر الأواخر منه؟! وكيف إذا صادف ليلة القدر؟!. فيا هناء من قام العشر إيمانا واحتسابا! ويا سعادة من صادف ليلة القدر! ويا حسرة من أهمل وقصر في العشر، وحُرم فضل ليلة القدر! وكيف لا يتحسر من فاتته المغفرة، من فاته عبادة أكثر من ثلاثة وثمانين عاما؟!. فهل سنحسن استقبالها واستثمارها؟ وهل سندرك ما فاتنا في العشر الأواخر من رمضان، ونكون على قدر مسئولية عبودية الله عز وجل، ونتخذ من العشر الأواخر مخيما إيمانيا؟ أم سنكون ممن قست قلوبهم، ونُقشت أسماؤهم على أبواب النار؟ كيف نستثمر العشر الأواخر..إيمانيا ؟
    إعداد :همام عبد المعبود**
    كيف نستثمر العشر الأواخر ؟ لا ينبغي لمسلم عاقل يعرف فضل ومكانة العشر الأواخر من شهر رمضان، أن يفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله فما هي إلا ليال معدودة ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة من نفحات المولى فتكون سعادة في الدنيا والآخرة . ويكفينا لبيان فضلها ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها :أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها )، وفي الصحيح عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) . ففي هذه العشر كان يجتهد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما يجتهد في غيرها من الليالي والأيام من أنواع العبادة : من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها ..، فكان يشد مئزره يعني: يعتزل نساءه ويتفرغ للصلاة والذكر، وكان يحيي ليله بالقيام والقراءة والذكر بقلبه ولسانه وجوارحه لشرف هذه الليالي والتي فيها ليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه، كما كان صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كله في عبادة ربه من الذكر وقراءة القرآن والصلاة، وكان يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة بما هي جديرة به من العبادة فإنها فرصة العمر وغنيمة لمن وفقه الله عز وجل .


    لقد مضى من شهر رمضان الكريم ثُلثاه، فإذا بأرواح المؤمنين تخفقُ إيماناً وخشيةً وتوبةً وخشوعاً، لما اكتسبته فيه من شفافية ورقة وذلة وخضوعٍ لرب كريم رحيم غفور، تعاظمت فيه مننه وعطاياه، وتكاثرت في أيامه منحه وهداياه، فالموفق من نال من خيراتها النصيب الأزكى، وكال من بركاتها الكيل الأوفى، وعبّ من فيوضاتها كؤوسا ملأى، وحصّل من فتوحاتها المقام الأسمى، وتقلّد في ظلالها الوسام الأعلى، وحجز في قطار التوفيق والقبول الدرجات الأرقى، وانخرط في قوافل المحظوظين المشمرين منذ اللحظات الأولى، حتى أصبح بصدق إقباله وخالص أعماله من الفوز والوصول قاب قوسين أو أدنى، ليكتب في سجل أهل الفلاح والتقوى، ولينال شرف التيسير لليسرى، ليقرّبه كل ذلك إلى الله زلفى، فيكون من ذوي القربى، اللذين غشيتهم رحمته وشملتهم مغفرته، ودخلوا سباق التتويج ليعتق سبحانه رقابهم من النار.
    لقد مضى من رمضان ثُلُثاه، فأرواح الأتقياء تطمع في المزيد من رحمته وعطائه،مستوفزةً متحفّزةً مشمّرةً للثُّلث الأخير، كيف لا وقد ذاقت لذّة المناجاة وحلاوة العبادة، بل: كيف لا وقد علمت أنّ في هذه العشر ليلةً هي خيرٌ من ألف شهر، فها هي ذي متطلّعةٌ إلى هذا الثواب الجزيل!
    وأمّا من قصّر في الثُّلثين الأوَّلين، ولم يبذل فيهما جهداً، وشُغِل عنهما باللّهو والملاهي، وتضييع الأوقات، فلا زالت الفرصُ قائمة والأبواب مشرعة، ليستدرك المتخلِّف ويلتحق المحروم ويستيقظ الغافل!
    لقد جاءت العشر الأواخر بما تحمله من مفاخر، لا يذوق طعمها إلا صاحب الحظ الوافر، فهل من مشمّر على ساعد الجد والاجتهاد؟، لاستثمار ما بقي من موسم التحصيل والإمداد، ليملأ خزائنه بكل ما لذ وطاب، من موجبات الأجر والثواب، ليختم له بالعزة والكرامة وينجو من الحسرة والندامة.
    فحريٌّ بنا أن نجتهد في اغتنام فرصة هذه العشرة الأواخر من شهر رمضان، وحريٌّ بنا أن نحسب أوقاته لحظةً لحظة، وثانيةً ثانيةٍ، حتّى لا تفوتنا منه ذرَّةٌ من الخير!
    د. عبد العزيز الفوزان:
    تأملْ أيها المسلم في ساعتك، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثَّواني أكلاً، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني، سواء كنت قائماً أو نائماً، عاملاً أو عاطلاً، فلتكن قائماً عاملاً!
    وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك، ومكتوبة في صحيفة حسناتك أو سيئاتك، فاتّق الله في نفسك، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك، ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك، في دنياك وآخرتك.
    وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه.
    ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يُقدر عليه، يفعل ذلك - صلى الله عليه وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به - صلى الله عليه وسلم- فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها، لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله.
    روى الإمام مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".
    وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر".
    فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي - صلى الله عليه وسلم- على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات، فينبغي لك أيها المسلم أن تفرِّغَ نفسك في هذه الأيام، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها -والله- أيامٌ معدودة، ما أسرعَ أن تنقضيَ، وتُطوى صحائفُها، ويُختم على عملك فيها، وأنت -والله- لا تدري هل تُدركُ هذه العشرَ مرةً أخرى، أم يحولُ بينك وبينها الموت، بل لا تدري هل تُكمل هذه العشر، وتُوفّقُ لإتمام هذا الشهر، فاللهَ اللهَ بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها ولياليها، وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على إيقاظ أهلك، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.
    وإنَّ لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيراً من المسلمين، تمرُّ بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية.
    وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم عميق، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً، لعله لا يدركه في عام آخر.
    فأروا الله من أنفسكم خيراً واجتهدوا في هذه الليالي المباركات، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات، فإن المحروم من حُرم خير رمضان، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له" رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني.
    إن الجنة حُفّت بالمكاره، وأنها غالية نفيسة، لا تُنال بالنوم والكسل، والإخلاد إلى الأرض، واتباع هوى النفس. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "من خاف أدلج - يعني من أول الليل- ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". وقد مثل النبي - صلى الله عليه وسلم- المسافر إلى الدار الآخرة -وكلنا كذلك - بمن يسافر إلى بلد آخر لقضاء حاجة أو تحقيق مصلحة، فإن كان جاداً في سفره، تاركاً للنوم والكسل، متحملاً لمشاق السفر، فإنه يصل إلى غايته، ويحمد عاقبة سفره وتعبه، وعند الصباح يحمد القوم السرى.
    وأما من كان نوّاماً كسلان متبعاً لأهواء النفس وشهواتها، فإنه تنقطع به السبل، ويفوته الركب، ويسبقه الجادّون المشمّرون، والراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال إلا على جسر من التعب والمشقات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200].

    وتجيء العشرُ الأواخر، ودماء المسلمين لا زالت تسيلُ، ألا فلنرفع في هذه الليالي العشر الطّيّبة أكُفَّ الضّراعة إلى ربنا سبحانه وتعالى، بأن يحقن دماء المسلمين، ويحفظهم، ويهديهم صراطه المستقيم، ويُبرم للأمة أمر رشدٍ يعزُّ به دينها!
    عـُـذراً أبـَـا العـشـر الأواخــر قـومُـنـا
    فــي محـنـةٍ شـهـدت بـهـا الأيــَّـامُ
    حـتـَّى مـقـاومـةُ الـعـدوِّ تأوَّلوا
    فيهـا وفـي لـُجَـجِ التـَّذبـذُبِ عـامـُوا
    عـُـذراً أبـــا الـعـَشـر الأواخــِـر إنـَّهــا
    مـِحَـنٌ مؤجـَّجـةُ اللهيــبِ جـِســامُ





    ليلة القدر لؤلؤة اللَّيالي العشر!

    من صحيح البخاري:
    يقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:
    {
    إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ، لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} [القدر: 2]قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: «مَا كَانَ فِي القُرْآنِ» {مَا أَدْرَاكَ} [الانفطار: 18] ": فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَالَ ": {وَمَا يُدْرِيكَ} [الأحزاب: 63] ": فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ"!
    [تعليق مصطفى البغا]
    [(أنزلناه) القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا. (القدر) الشرف العظيم أو التقدير. (وما أدراك ما ليلة القدر) لم تبلغ درايتُك غايةَ فضلها ومنتهى علو قدرها.(الروح) جبريل عليه السلام. (أمر) قضاه الله تعالى في تلك الليلة. (سلام) كلها خير وسلامة للمؤمنين الصادقين لا يقدر عليهم فيها بلاء ولا مصيبة. (ما أدراك) أي ما ذكر في القرآن بلفظ (ما أدراك) . فقد أخبره الله تعالى به كهذه الآية. وكل ما ورد فيه بلفظ (وما يدريك) فإنه تعالى لم يخبره به صلى الله عليه وسلم
    [صحيح البخاري 3/ 45]

    لقد اختصَّ الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمديَّة على غيرها من الأمم بليلة القدر، التي قال الله عنها: (
    لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ). وقال فيها: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم) أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر، وغير ذلك من أوامر الله المحكمةالعادلة.
    يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرمالخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم" حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه.
    قال الإمام النخعيُّ: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها".
    وقد حسب بعض العلماء "ألف شهر" فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمن وُفّقلقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة، فياله من عطاء جزيل، وأجر وافر جليل، من حُرمه فقد حُرم الخير كله.
    وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه" وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" متفق عليه.
    وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: التمسوها في العشر الأواخر في الوتر" أي في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة، بل تنتقل في هذه الليالي، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين ومرة في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين.
    وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم، ليجتهدوا في جميع ليالي العشر، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم، وترتفع عند الله درجاتهم (ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون)، وأخفاها سبحانه حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل، من الكسلان المتهاون، فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به.


    فضائل ليلة القدر:
    1ـ أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى: {
    إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.
    2ـ أنها ليلة مباركة، قال تعالى: {
    إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}.
    3ـ يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: {
    فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}.
    4ـ فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى: {
    لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .}.
    5ـ تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة و الرحمة والمغفرة، قال تعالى: {
    تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ .}.
    6ـ ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولايخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها، قال تعالى: {
    سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
    7ـ فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عزوجل، قال صلى الله عليه وسلم: " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " [متفق عليه].
    فليلة هذه فضائلها وخصائصها وهباتها، ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة، فإنها فرصة العمر!
    فالبدار البدار إلى اغتنام العمل فيما بقي من هذا الشهر، فعسى أن نستدرك به ما فات من ضياع العمر، فيما لا فائدة فيه، فكم نشيع كل يوم ميت، ونودعه وندفنه، فتسال الدموع على الوجنات، ثم ما نلبث أن ننسى ونعود إلى ما كنا عليه من غفلة وضياع، فهذه العشر الأخيرة من رمضان قد تكون آخر ليالٍ ندركها فالموت بالمرصاد، إن لم يأتِ اليومَ، فغداً لا محالةَ آتٍ!

    أطلّّي غُرّةَ الدَّهرِ .. أطلِّي ليلةَ القدرِ
    أطلي درّةَ الأيام مثلَ الكوكب الدرّي
    أطلّي في سماء العمر إشراقاً مع البدرِ
    سلامٌ أنتِ في الليل وحتى مطلعِ الفجرِ
    سلامٌ يغمرُ الدنيا يُغشّي الكونَ بالطهرِ
    وينشرُ نفحةَ القرآنِ والإيمانِ والخيرِ
    لأنكِ منتهى أمري فإني اليوم لا أدري
    فأنتِ أنتِ أمنيتي .. لأنك ليلة القدرِ





    لحظ الوافر في إدراك مفاخر العشر الأواخر
    لقد قارب الضيف الكريم أن يغادرنا ، بعد أن جعل أرواح المؤمنين تخفق إيمانا وخشية وتوبة وخشوعا ، وأكسبها شفافية ورقة وذلة وخضوعا ، لرب كريم رحيم غفور تعاظمت فيه مننه وعطاياه ، وتكاثرت في أيامه منحه وهداياه ، فالموفق من نال من خيراتها النصيب الأزكى ، وكال من بركاتها الكيل الأوفى ، وعبّ من فيوضاتها كؤوسا ملأى ، وحصّل من فتوحاتها المقام الأسمى ، وتقلّد في ظلالها الوسام الأعلى ، وحجز في قطار التوفيق والقبول الدرجات الأرقى ، وانخرط في قوافل المحظوظين المشمرين منذ اللحظات الأولى ، حتى أصبح بصدق إقباله وخالص أعماله من الفوز والوصول قاب قوسين أو أدنى ، ليكتب في سجل أهل الفلاح والتقوى ، ولينال شرف التيسير لليسرى ، ليقرّبه كل ذلك إلى الله زلفى ، فيكون من ذوي القربى ، اللذين غشيتهم رحمته وشملته مغفرته ، ودخلوا سباق التتويج ليعتق سبحانه رقابهم من النار.
    فلا زالت الفرص قائمة والأبواب مشرعة ، ليستدرك المتخلف ويلتحق المحروم ويستيقظ الغافل، وقد دخلت العشر الأواخر بما تحمله من مفاخر ، لا يذق طعمها إلا صاحب الحظ الوافر ، فهل من مشمّر على ساعد الجد والاجتهاد ؟ ، لاستثمار ما بقي من موسم التحصيل والإمداد ، ليملأ خزائنه بكل ما لذ وطاب ، من موجبات الأجر والثواب ، ليختم له بالعزة والكرامة وينجو من الحسرة والندامة .
    فأعط هذه العشر حصتها من التكريم ، لتقابلك تكريما بتكريم ، وأجعلها خير محصّلة لما سبق وأحسن خاتمة لما أينع وأورق ، وأحرص على مراعاة خصوصيتها ، فخصّها بنصيب من الجد والاجتهاد وإدراك ما فيها من بركات وكرامات ، لتتوالى عليك منها الهدايا والأمداد ، فليكن لك حظ وافر منها ، مقتديا بخير الخلق صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا دخل العشر الأواخر شدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله(البخاري).
    فكن على خطاه ، لتنل أجر المتابعة وتشملك نفحات الليالي المباركات ، فالمحبون كانوا ينتظرونها ليعبروا عن صدق ولائهم :
    قد مزق الحب قميص الصبر وقد غدوت حائرا في أمري
    آه على تلك الليالي الغرّ ما كنّ إلا كليالي القدر
    إن عدن لي من بعد هذا الهجر وفيّت لله بكل نذر
    وقام بالحمد خطيب شكري
    فليقم خطيب شكرك في هذه الليالي والأيام فيلهج بالحمد قولا وفعلا بأنواع القربات وجلائل الطاعات والتي في مقدمتها:





    1) ــ الاستجابة لنداء العشر الأواخر ومقابلته بالتشمير:

    فهي تناديك بلسان الحال لتنبهك إلى عظيم الأفضال وكرم الإفضال من الكبير المتعال فتقول لك:(يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشّعي ، يا شموس التقوى والإيمان أطلعي ، يا صحائف أعمال الصالحين ارتفعي ، يا قلوب الصائمين اخشعي ، يا أقدام المجتهدين اسجدي لربك وأركعي ، يا عيون المتهجدين لا تهجعي ، يا ذنوب التائبين لا ترجعي ، يا أرض الهوى ابلعي ماءك ويا سماء النفوس أقلعي ، يا بروق الأشواق للعشاق المعي ، يا خواطر العارفين ارتعي ، يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي ، ويا همم المؤمنين أسرعي ، فطوبى لمن أجاب فأصاب وويل لمن طرد عن الباب وما دعي).
    2) ــ ضبط الصوم على بوصلة القبول وتوفير شروطه:
    قال ابن الجوزي رحمه الله:(ليس الصوم صوم جماعة الطعام عن الطعام ، وإنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام ، وصمت اللسان عن فضول الكلام ، وغض العين عن النظر إلى الحرام ، وكفّ الكفّ عن أخذ الحطام ، ومنع الأقدام عن قبيح الإقدام ).
    فأضبط بوصلة صومك بهذه المواصفات ، ليكون غيثا نافعا على صحراء قلبك الجرداء القاحلة ، فيردّها جنة فيحاء ناظرة ، تتوالى عليها موارد التوفيق ، فتكن وسيلة للقبول وسببا للوصول.
    3) ــ تحرّي الليلة المباركة والحرص على قيامها:
    ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه).
    وعنه أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال في شهر رمضان:(فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم)(أحمد والنسائي).
    وبما أن التماسها في العشر الأواخر وفي الليالي الوتر منها ، فليكن قيامها جميعها هو عربون تحرّيها ، ففي أيّ ليلة جاءت وجدت المحلّ مهيّأ ، لتحطّ فيه أنوارها وتملأه بأفضالها وتشمله بألطافها ، فتفكّ عنه قيود الأوزار وتسلمه صك العتق من النار ، فينجو بذلك من غضب الجبار.
    فما عليه إلا أن يكتب اسمه في قوائم المقنطرين أو القانتين ، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)(أبو داود).
    4) ــ مضاعفة خدمة المولى عز وجل ليرحل الضيف بالمدح والشفاعة:
    فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب ، منعته الطعام والشهوات فشفّعني فيه، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفّعني فيه، فيشفّعان)(أحمد والطبراني).
    ترحّل الشهر وا لهفاه وانصرما واختص بالفوز في الجنات من خدما
    وأصبح الغافل المسكين منكسرا مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
    من فاته الزرع في وقت البذار فما تراه يحصد إلا الهمّ والندما
    وأحذر أن تجعل الصيام والقرآن خصماءك باستهتارك وغفلتك وهجرك ، بدل أن يكونا شفعاءك بإقبالك ويقظتك وملازمتك :
    ويل لمن شفعاؤه خصماؤه والصور في يوم القيامة ينفخ
    5) ــ ختمة خاصة بالعشر أو أكثر لمضاعفة الفرصة:
    قال ابن رجب رحمه الله:(فأمّا الأوقات المفضلة كشهر رمضان ، خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة شرّفها الله لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الإكثار من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان).
    6) ــ إحياء سنة الاعتكاف فهي من خصوصيات العشر:
    فلتحيي هذه السنة وليكن لك نصيب منها وإن قلّ ، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها :(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى).
    قال بن رجب:(وإنما كان يعتكف صلى الله عليه وسلم في هذه العشر التي يطلب فيها ليلة القدر ، قطعا لأشغاله وتفريغا لباله وتخلّيا لمناجاة ربه وذكره ودعائه ، وكان يحتجر حصيرا يتخلى فيها عن الناس ، فلا يخالطهم ولا يشتغل بهم..
    فمعنى الاعتكاف وحقيقته : قطع العلائق عن الخلائق ، للاتصال بخدمة الخالق).
    7) ــ زيادة الصدقات وإطعام الطعام لضمان الغرف وإجبار النقص:
    فثمن غرف الجنة وأنت طالبها ورمضان ميدانها والعشر الأواخر فرصتها المواتية ، ما جاء عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها .
    قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ ، قال : لمن طيّب الكلام وأطعم الطعام و أدام الصيام وصلّى بالليل والناس نيام)(الترمذي وأحمد والحاكم).
    فضاعف الصدقات وأطعم الطعام لتنل الغرف وتحقق الهدف وتنجو من التلف وتتأسى بخير من سلف الذي كان في رمضان كالريح المرسلة.
    وفي العشر كذلك زكاة الفطر التي هي طهرة للصائم وطعمة للمساكين ، كما أن لها وظيفة أخرى ذكرها بعض العلماء المتقدمين فقالوا : صدقة الفطر كسجدتي السهو للصلاة ، فهي تجبر الصيام وتكمل النقص فيه ، تماما كما تفعل سجدتا السهو بالنسبة للصلاة.
    8) ــ ألزم الدعاء والتضرع والمناجاة بالأسحار:
    قال سفيان الثوري رحمه الله:(الدعاء في تلك الليلة(ليلة القدر) أحبّ إليّ من الصلاة ، فإن جمع بين الصلاة والتلاوة والدعاء كان أفضل.
    فلو استنشقت ريح الأسحار ــ في هذه الليالي ــ لأفاق قلبك المخمور ، فرياح هذه الأسحار تحمل أنين المذنبين وأنفاس المحبين وقصص التائبين ، ثم تعود برد الجواب بلا كتاب .
    فإذا ورد بريد برد السحر يحمل ملطّفات الألطاف ، لم يفهمها غير من كتبت له ، يا يعقوب الهجر قد هبّت ريح يوسف الوصل ، فلو استنشقت لعدت بعد العمى بصيرا ولوجدت ما كنت لفقده فقيرا.
    لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها :(
    يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا)(يوسف88) ، لبرز لهم التوقيع عليها :( لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(يوسف92).
    وزاحم ابن القيم رحمه الله على الباب الذي اختار الدخول منه على مولاه ، لما قال عن نفسه:(دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها ، فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام فلم أتمكن من الدخول ، حتى جئت باب الذل والافتقار ، فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه ، ولا مزاحم فيه ولا معوق ، فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته ، فإذا هو سبحانه قد أخذ بيدي وأدخلني عليه).
    9) ــ التماس العفو من العفوّ الكريم:
    قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول؟
    قال : قولي : اللهم إنك عفوّ تحب العفو فأعف عنّي)(الترمذي).
    والعفو من أسماء الله تعالى وهو : المتجاوز عن سيئات عباده الماحي لآثارها عنهم ، وهو يحب العفو ، فيحب أن يعفو عن عباده ، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم على بعض ، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه وعفوه أحب إليه من عقوبته.
    قال يحيى بن معاذ : لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه ، لم يبتل بالذنب أكرم الناس عليه.

    يا رب عبدك قد أتـاك وقد أساء وقد هفا
    يكفيه منك حيـاؤه من سوء ما قد أسلفا
    حمل الذنوب على الذنو ب الموبقات وأسرفا
    وقد استجار بذيل عفو ك من عقابك ملحفا
    يا رب فأعف وعافه فلأنت أولى من عفا

    10) ــ الطمع في الجائزة وهي القبول والغفران والعتق من النار:
    فيا أرباب الذنوب العظيمة ، الغنيمة الغنيمة ، في هذه الأيام الكريمة ، فما منها عوض ولا لها قيمة ، فكم يعتق فيها من النار ذي جريرة وجريمة ، فمن أعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العميمة والمنحة الجسيمة ، يا من أعتقه مولاه من النار ، إياك أن تعود بعد أن صرت حرّا إلى رق الأوزار ، أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها ؟ ، وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها.
    ومسك الختام نردد مع قوافل المحبين ونحدو مع العاشقين ونناجي مع العارفين ونلتمس مع التائبين ونرجو مع المستغفرين ، فنقول معهم :(يا شهر رمضان ترفق ، دموع المحبين تدفق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقق ، عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما احرق ، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كل ما تخرّق ، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق ، عسى أسير الأوزار يطلق ، عسى من استوجب النار يعتق ، عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق).
    الكاتب: جمال زواري أحمد
    عن موقع: صيد الفوائد.


    شدُّ المئزر وإحياءُ الليالي العشر تحرّياً لليلة القدر!
    من صحيح البخاري:
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [صحيح البخاري: 1/ 16: (35)]
    (من يقم ليلة القدر) أي: يُحييها بالصلاة وغيرها من القُرُبات.

    ومن خصائص هذه العشر: ما ذكرته عائشة من أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يحيي ليله، ويشدّ مئزره، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة. وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
    وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: ما أعلم - صلى الله عليه وسلم- قام ليلة حتى الصباح" ولا تنافي بين هذين الحديثين، لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذي نفته، هو إحياء الليل بالقيام فقط.
    عبد العزيز الفوزان

    ما هو حكم التهجد في ليلة القدر دون الليالي الأخرى ؟
    الإجابة:
    الحمد لله
    أولاً :
    ورد الفضل العظيم في العبادة في ليلة القدر، فقد ذكر ربنا تبارك وتعالى أنها خيرٌ من ألف شهر، وأخبر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ من قامها إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه.
    قال تعالى : {
    إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} القدر/1 – 5 . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ""مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ." رواه البخاري 1901 ومسلم 760. إيماناً : بفضلها وبمشروعية العمل فيها . واحتساباً : إخلاصاً للنية لله تعالى.
    ثانياً :
    اختلف العلماء في تحديد ليلة القدر على أقوال كثيرة ، حتى وصلت الأقوال فيها إلى أكثر من أربعين قولاً كما في " فتح الباري " ، وأقرب الأقوال للصواب أنها في وتر العشر الأخير من رمضان . فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "" تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ". رواه البخاري 2017 – واللفظ له - ومسلم 1169 .
    والحديث : بوَّب عليه البخاري بقوله : " باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر " . والحكمة من إخفائها هي تنشيط المسلم لبذل الجهد في العبادة والدعاء والذكر في العشر الأخير كلها ، وهي الحكمة ذاتها في عدم تحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة ، وعدم تحديد الأسماء التسعة والتسعين لله تعالى والتي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم : "" مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ " رواه البخاري 2736 ومسلم 2677 .
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : قوله – أي : الإمام البخاري - ‏:‏ " ‏باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر " : في هذه الترجمة إشارة إلى رجحان كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ، ثم في العشر الأخير منه ، ثم في أوتاره ، لا في ليلة منه بعينها ، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها ‏.‏ " فتح الباري " 4 / 260 .
    وقال أيضاً : قال العلماء : الحكمة من إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها ، كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة . " فتح الباري " 4 / 266 .
    ثالثاً : وعليه : فلا يمكن لأحدٍ أن يجزم بليلة بعينها أنها ليلة القدر ، وخاصة إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يخبر أمته بها ثم أخبرهم أن الله تعالى رفع العلم بها . فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ : "" إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ ." رواه البخاري 49 .
    تَلاحَى... أي تنازع وتخاصم .
    قال علماء اللجنة الدائمة :
    أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر : فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها ، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر ؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا . لذا لا ينبغي للمسلم أن يتعاهد ليلة بعينها على أنها ليلة القدر ، لما في ذلك من الجزم بما لا يمكن الجزم به ؛ ولما في ذلك من تفويت الخير على نفسه ، فقد تكون ليلة الحادي العشرين ، أو الثالث والعشرين ، وقد تكون ليلة التاسع والعشرين ، فإذا قام ليلة السابع والعشرين وحدها فيكون قد ضاع عليه خير كثير ، ولم يصب تلك الليلة المباركة . فعلى المسلم أن يبذل جهده في الطاعة والعبادة في رمضان كله ، وفي العشر الأواخر أكثر ، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم . عن عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ . رواه البخاري2024 ومسلم1174 .

    يا أيُّها الراقد كم ترقد قم يا حبيباً قد دنا الموعدُ
    و خذ من الليل وساعاته حظا إذا هجع الرُّقَّد





    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 08-07-2015, 08:25 AM.
    هذة أمتّي هذا حآلها وإن قعدت أنا فمن يقوم هذي بلادي وليس لي غيرها فإن لم أجاهد أنا فمن يذود هذا عرضي ...... ذاك ديني وأعاهدالله على النضآل فأعنّا يا الله وتقبّل منّا وانصرنا بمعيّتك


  • #2
    رد: درّة التاج الرمضاني (العشر الاواخر )

    بارك الله فيكي اخيتي على الطرح القيم و الموضوع المميز.

    تعليق


    • #3
      رد: درّة التاج الرمضاني (العشر الاواخر )

      بارك الله فيكي وجزاك الجنة
      تسعدني دائما ردودك العطرة على مواضيعي
      المتواضعة
      اتمنى ان اتواصل معك
      هذة أمتّي هذا حآلها وإن قعدت أنا فمن يقوم هذي بلادي وليس لي غيرها فإن لم أجاهد أنا فمن يذود هذا عرضي ...... ذاك ديني وأعاهدالله على النضآل فأعنّا يا الله وتقبّل منّا وانصرنا بمعيّتك

      تعليق

      يعمل...
      X