إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

#_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [جديد] #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

    يا باغي الخير .. أقبل

    فقد أقبل رمضان

    يا باغي الخير .. أقبل

    فقد أقبل شهر القرءان





    هنا

    نلتف حول كتاب ربنا

    نقرأ

    نتدبر

    نتفاعل

    لنختم القرءان على مدار الشهر بإذن الله تعالى

    جزء واحد يوميا

    > نقرأ تفسيره

    > نتدبر آياته وبيناته ومواعظه

    > ونتفكر فيما فيه من القصص

    > نسأل .. ونساعد بعضنا في الإجابة

    نطرح فيه مشاركاتنا بعد وأثناء القرءاة



    .
    .
    .

    هنا مقرأة الجزء الأول

    مقرأة الجزء الثاني

    مقرأة الجزء الثالث

    مقرأة الجزء الرابع

    مقرأة الجزء الخامس


    مقرأة الجزء السادس


    مقرأة الجزء السابع والثامن

    مقرأة الجزء التاسع


    مقرأة الجزء العاشر

    مقرأة الجزء الحادي عشر

    مقرأة الجزء الثاني عشر

    #_..- مقرأة الجزء الثالث عشر والرابع عشر -.._#


    #_..- مقرأة الأجزاء 15 - 16 - 17 - 18-.._#
    التعديل الأخير تم بواسطة الخاضعة إلى الله; الساعة 04-07-2014, 06:40 PM.
    المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
    اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

  • #2
    رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

    _..- مقرأة الجزء الأول -.._

    تفسير مختصر للجزء



    أولا : حلقة تفسير للجزء لدكتور حازم شومان
    نقلا من موقع الطريق إلى الله




    لتحميل الحلقة صوت : هنا

    لتحميل التفريغ : هنا

    اليوم الأول في ورقتان للطباعة : هنا





    ثانيا : تفسير المواضع الصعبة بالجزء من تفسير السعدي


    قال تعالى مخاطبا الكافرين:


    اقتباس:


    "‏‏اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏‏"15


    وهذا جزاء لهم‏,‏ على استهزائهم بعباده، فمن استهزائه بهم أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثة‏,‏ حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين‏,‏ لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم.
    قوله‏:‏ ‏(‏وَيَمُدُّهُمْ‏) أي‏:‏ يزيدهم ‏(‏فِي طُغْيَانِهِمْ‏)‏أي‏:‏ فجورهم وكفرهم،‏(‏يَعْمَهُونَ‏)‏ أي‏:‏ حائرون مترددون‏,‏ وهذا من استهزائه تعالى بهم‏.‏



    اقتباس:
    "أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ المَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ "19

    ‏(‏أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ‏) يعني كصاحب صيب من السماء، وهوالمطر الذي يصوب‏,‏ أي‏:‏ ينزل بكثرة،‏(‏فِيهِ ظُلُمَاتٌ‏)‏ ظلمة الليل‏,‏ وظلمة السحاب‏,‏ وظلمات المطر،‏
    (‏كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ‏)‏ البرق في تلك الظلمات‏(‏مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا‏)‏ أي‏:‏ وقفوا‏.‏

    ((( فهكذا حال المنافقين‏,‏ إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه ووعدهووعيده‏,‏ جعلوا أصابعهم في آذانهم‏,‏ وأعرضوا عن أمره ونهيه ووعده ووعيده‏,‏فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم‏,‏ ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد‏,‏ ويجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت‏,‏ فهذا تمكن له السلامة‏.‏ وأما المنافقون فأنى لهم السلامة‏,‏ وهو تعالى محيط بهم‏,‏ قدرة وعلما فلا يفوتونه ولا يعجزونه‏,‏ بل يحفظ عليهم أعمالهم‏,‏ ويجازيهم عليها أتم الجزاء‏.))))



    اقتباس:
    قوله‏:‏ ‏{‏وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا‏}


    قيل‏:‏ متشابها في الاسم‏,‏ مختلف الطعوم وقيل‏:‏ متشابها في اللون‏,‏ مختلفا في الاسم، وقيل‏:‏ يشبه بعضه بعضًا‏,‏ في الحسن‏,‏ واللذة‏,‏ والفكاهة‏,‏ ولعل هذا الصحيح
    اقتباس:
    (‏وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا
    ‏(‏عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)‏ أي‏:‏ أسماء الأشياء‏,‏ وما هو مسمى بها،فعلمه الاسم والمسمى‏,‏ أي‏:‏ الألفاظ والمعاني‏.

    (ثُمَّ عَرَضَهُمْ‏) أي‏:‏ عرض المسميات ‏(عَلَى الْمَلَائِكَةِ‏) امتحانا لهم‏,‏ هل يعرفونها أم لا‏؟‏‏.‏

    اقتباس:
    وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ- 35

    رغدا‏;‏ أي‏:‏ واسعا هنيئا


    اقتباس:
    فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ-37

    (‏فَتَلَقَّى آدَمُ‏) أي‏:‏ تلقف وتلقن‏,‏ وألهمه الله ‏(‏مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ‏) وهي قوله‏:‏ (ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا‏) الآية،


    اقتباس:
    وَلاَ تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ -42

    ثم قال‏:‏ ‏(‏وَلَا تَلْبِسُوا‏) أي‏:‏ تخلطوا ‏
    اقتباس:






    وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ -48
    (‏وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا‏) أي‏:‏ النفس‏,‏ شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه عن المشفوع له‏,‏ ولا يرضى من العمل إلا ما أريد به وجهه، وكان على السبيل والسنة.
    ‏(‏وَلَايُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ‏)‏ أي‏:‏ فداء


    اقتباس:
    (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ المَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )-57

    يذكر الله نعمته على بني إسرائيل في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق،

    فقال :‏ (‏وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُالْمَنَّ‏)

    وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب، ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك‏.‏
    ‏(‏وَالسَّلْوَى‏)‏ طائر صغير يقال له السماني، طيب اللحم، فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم


    اقتباس:
    -59(‏وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ‏)‏
    وهذا أيضًا من نعمته عليهم بعد معصيتهم إياه‏,‏ فأمرهم بدخول قرية تكون لهم عزا ووطنا ومسكنا‏,‏ ويحصل لهم فيها الرزق الرغد، وأن يكون دخولهم على وجه خاضعين لله فيه بالفعل‏,‏ وهو دخول الباب (‏سجدا‏)‏ أي‏:‏ خاضعين ذليلين، وبالقول وهو أن يقولوا‏:‏ ‏(‏حِطَّةٌ‏)‏ أي أن يحط عنهم خطاياهم بسؤالهم إياه مغفرته‏.‏
    (‏نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) بسؤالكم المغفرة،(‏وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ‏) بأعمالهم‏,‏ أي‏:‏ جزاء عاجل وآجلا‏.‏
    (‏فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا‏)‏ منهم‏,‏ ولم يقل فبدلوا لأنهم لم يكونوا كلهم بدلوا(‏قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ‏)فقالوا بدل حطة‏:‏ حبة في حنطة، استهانة بأمر الله‏,‏واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من باب أولى وأحرى، ولهذا دخلوا يزحفون على أدبارهم‏,‏ ولما كان هذا الطغيان أكبر سبب لوقوع عقوبة الله بهم، قال‏:‏(فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا‏)‏ منهم (‏رِجْزًا‏)‏ أي‏:‏ عذابا ‏


    اقتباس:
    ‏(‏وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ‏) -60
    استسقى‏,‏ أي‏:‏ طلب لهم ماء يشربون منه‏.‏
    ، (‏فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا‏) وقبائل بني إسرائيل اثنتا عشرة قبيلة،‏(‏قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ‏)‏ منهم ‏(‏مَشْرَبَهُمْ‏)‏ أي‏:‏ محلهم الذي يشربون عليه من هذه الأعين‏,‏ فلا يزاحم بعضهم بعضًا‏,‏ بل يشربونه متهنئين لا متكدرين‏,‏ولهذا قال‏:‏ ‏(‏كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ‏)‏ أي‏:‏الذي آتاكم من غير سعي ولا تعب،‏(‏وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ‏)‏ أي‏:‏ تخربوا على وجه الإفساد‏


    اقتباس:
    (‏وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)-61‏
    (فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا)
    أي‏:‏ نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه، ‏(‏وَقِثَّائِهَا‏)‏ وهو الخيار‏(‏وَفُومِهَا‏)‏ أي‏:‏ ثومها.




    اقتباس:
    (‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏) -62
    وهذا الحكم على أهل الكتاب خاصة‏,‏ لأن الصابئين‏,‏ الصحيح أنهم من جملة فرق النصارى، فأخبر الله أن المؤمنين من هذه الأمة‏,‏ واليهود والنصارى‏,‏والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر‏,‏ وصدقوا رسلهم‏,‏ فإن لهم الأجر العظيم والأمن‏,‏ ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر‏,‏ فهو بضد هذه الحال‏,‏ فعليه الخوف والحزن‏.‏
    والصحيح أن هذا الحكم بين هذه الطوائف‏,‏ من حيث هم‏,‏ لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد‏,‏ فإن هذا إخبار عنهم قبل بعثة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنهذا مضمون أحوالهم، وهذه طريقة القرآن إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام‏,‏ فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم‏,‏ لأنه تنزيل مَنْ يعلم الأشياء قبل وجودها‏,‏ ومَنْ رحمته وسعت كل شيء‏.‏

    وذلك والله أعلم ـ أنه لما ذكر بني إسرائيل وذمهم‏,‏ وذكر معاصيهم وقبائحهم‏,‏ ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم، فأراد الباري تعالى أنيبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه، ولما كان أيضًا ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم‏.‏ ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها‏,‏ ليتضح الحق‏,‏ ويزول التوهم والإشكال،
    فسبحان من أودع في كتابه ما يبهر عقول العالمين‏.‏



    اقتباس:
    [‏63 ـ 64‏]‏ (‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَخُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏)


    أي‏:‏ واذكروا ‏(‏إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ‏)‏ وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم‏,‏ برفع الطور فوقهم وقيل لهم‏:‏(‏خُذُوا مَاآتَيْنَاكُمْ)‏ من التوراة ‏(‏بِقُوَّةٍ‏)‏ أي‏:‏ بجد واجتهاد‏,‏ وصبرعلى أوامر الله، ‏(‏وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ‏)‏ أي‏:‏ ما في كتابكم بأن تتلوه وتتعلموه،(‏لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏) عذاب الله وسخطه‏,‏ أو لتكونوا منأهل التقوى‏.‏


    اقتباس:
    ‏[‏65 ـ 66‏]‏ (‏وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًالِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ‏)

    أي‏:‏ ولقد تقرر عندكم حالة ‏(‏الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ‏)‏ وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورةالأعراف في قوله‏:‏ ‏(‏وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ‏)‏ الآيات‏.‏

    فأوجب لهم هذا الذنب العظيم‏,‏ أن غضب الله عليهم وجعلهم‏(‏قِرَدَةً خَاسِئِينَ‏)‏ حقيرين ذليلين‏.‏
    وجعل الله هذه العقوبة (‏نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا‏)‏ أي‏:‏ لمن حضرها من الأمم‏,‏ وبلغه خبرها‏,‏ ممن هو فيوقتهم‏.‏ ‏(‏وَمَا خَلْفَهَا‏)‏ أي‏:‏ من بعدهم‏,‏ فتقوم على العباد حجة الله‏,‏وليرتدعوا عن معاصيه‏,‏ ولكنها لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين، وأما من عداهم فلا ينتفعون بالآيات‏.‏
    [QUOTE[‏67 ـ 74‏]‏ ‏(‏وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏)‏ [/QUOTE]

    أي‏:‏ واذكروا ما جرى لكم مع موسى‏,‏ حين قتلتم قتيلاً‏,‏ وادارأتمفيه‏,‏ أي‏:‏ تدافعتم واختلفتم في قاتله‏,‏ حتى تفاقم الأمر بينكم وكاد ـ لولا تبيين الله لكم ـ يحدث بينكم شر كبير، فقال لكم موسى في تبيين القاتل‏:‏ اذبحوا بقرة، وكان من الواجب المبادرة إلى امتثال أمره‏,‏ وعدم الاعتراض عليه، ولكنهم أبوا إلا الاعتراض‏,‏ فقالوا‏:‏ ‏(‏أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا‏)‏
    فقال نبي الله‏:‏ (‏أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ‏)‏ فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه‏,‏ وهو الذي يستهزئ بالناس، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل‏,‏ استهزاءه بمن هو آدمي مثله، وإن كان قد فضل عليه‏,‏ فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه‏,‏ والرحمة لعباده‏.‏
    فلما قال لهم موسى ذلك‏,‏ علموا أن ذلك صدق فقالوا‏:‏ ‏(‏ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ‏)
    أي‏:‏ ما سنها‏؟‏ ‏(‏قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَافَارِضٌ‏)‏ أي‏:‏ كبيرة ‏(‏وَلَا بِكْرٌ‏) أي‏:‏ صغيرة ‏(‏عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ) واتركوا التشديد والتعنت‏.‏
    (‏قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا‏)‏ أي‏:‏ شديد ‏‏

    ‏(‏قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا‏)‏ فلم نهتد إلى ما تريد ‏(‏وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ)
    ‏(‏قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَاذَلُولٌ‏)‏ أي‏:‏ مذللة بالعمل، ‏{‏تُثِيرُ الْأَرْضَ‏}‏ بالحراثة ‏(‏وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ‏)‏ أي‏:‏ ليست بساقية، ‏{‏مُسَلَّمَةٌ‏}‏ من العيوب أو من العمل‏(‏لَاشِيَةَ فِيهَا)‏ أي‏:‏ لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم‏.‏

    ‏(‏وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ‏)‏ أي‏:‏ أحاطت بعاملها‏,‏ فلم تدع له منفذا‏,‏ وهذا لا يكون إلا الشرك‏,‏ فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته‏.


    84

    اقتباس:
    - 86(‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَاهُمْ يُنْصَرُونَ‏)‏
    وهذا الفعل المذكور في هذه الآية‏,‏ فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة، وذلك أن الأوس والخزرج ـ وهم الأنصار ـ كانوا قبل مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشركين‏,‏ وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية، فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود‏,‏ بنو قريظة‏,‏ وبنو النضير‏,‏ وبنو قينقاع، فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة‏.‏
    فكانوا إذا اقتتلوا أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود‏,‏ فيقتل اليهودي اليهودي‏,‏ ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها‏,‏ وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضًا‏.‏
    والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم، ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض‏,‏ ولا يخرج بعضهم بعضًا، وإذا وجدوا أسيرا منهم‏,‏ وجب عليهم فداؤه، فعملوا بالأخير وتركوا الأولين‏,
    ‏ فأنكر الله عليهم ذلك فقال‏:‏ ‏(‏أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ‏)
    وهو فداء الأسير (‏وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ‏)‏ وهو القتل والإخراج‏.‏

    وفيها أكبر دليل على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي، وأن المأمورات من الإيمان،
    قال تعالى‏:‏ (‏فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏)‏ وقد وقع ذلك فأخزاهم الله‏,‏ وسلط رسوله عليهم‏,‏ فقتل من قتل‏,‏ وسبى من سبى منهم‏,‏ وأجلى من أجلى‏.‏



    اقتباس:
    (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَاآتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا‏)


    أي‏:‏ سماع قبول وطاعة واستجابة، (‏قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا)‏ أي‏:‏ صارت هذه حالتهم ‏(‏وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ‏)‏ بسبب كفرهم‏

    (قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)-94
    (‏خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ‏)‏ كما زعمتم‏,‏ أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى‏,‏ وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة



    اقتباس:
    97‏- 98 (‏قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ‏)‏
    أي‏:‏ قل لهؤلاء اليهود‏,‏ الذين زعموا أن الذي منعهم من الإيمان بك‏,‏ أن وليك جبريل عليه السلام‏,‏ ولو كان غيره من ملائكة الله‏,‏ لآمنوا بك وصدقوا، إن هذا الزعم منكم تناقض وتهافت‏,‏ وتكبر على الله، فإن جبريل عليه السلام هو الذي نزل بالقرآن من عند الله على قلبك‏,‏ وهو الذي ينزل على الأنبياء قبلك‏,‏ والله هو الذي أمره‏,‏ وأرسله بذلك‏,‏ فهو رسول محض‏.‏
    مع أن هذا الكتاب الذي نزل به جبريل مصدقا لما تقدمه من الكتب غير مخالف لها ولا مناقض‏,‏ وفيه الهداية التامة من أنواع الضلالًات‏,‏ والبشارة بالخير الدنيوي والأخروي‏,‏ لمن آمن به، فالعداوة لجبريل الموصوف بذلك‏,‏ كفر بالله وآياته‏,‏ وعداوة لله ولرسله وملائكته، فإن عداوتهم لجبريل‏,‏ لا لذاته بل لما ينزل به من عند الله من الحق على رسل الله‏.‏

    :اقتباس:
    (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)-102

    كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان حيث أخرجت الشياطين للناس السحر، وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم‏.‏

    وهم كذبة في ذلك، فلم يستعمله سليمان، بل نزهه الصادق في قيله‏:‏ ‏{‏وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ‏} أي‏:‏ بتعلم السحر‏,‏ فلم يتعلمه، ‏{‏وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا‏}‏ بذلك‏.‏

    وكذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق، أنزل عليهما السحر امتحانا وابتلاء من الله لعباده فيعلمانهم السحر‏.‏

    ‏{‏وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى‏}‏ ينصحاه‏,‏ و ‏{‏يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ‏} أي‏:‏ لا تتعلم السحر فإنه كفر، فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته‏,‏ فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال، ونسبته وترويجه إلى من برأه الله منه وهو سليمان عليه السلام، وتعليم الملكين امتحانا مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة‏.‏

    ‏وَلَقَدْ عَلِمُوا‏}‏ أي‏:‏ اليهود ‏{‏لَمَنِ اشْتَرَاهُ‏}‏ أي‏:‏ رغب في السحر رغبة المشتري في السلعة‏.‏


    ‏{‏مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ‏} أي‏:‏ نصيب‏,‏ بل هو موجب للعقوبة‏,‏ فلم يكن فعلهم إياه جهلا‏,‏ ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة‏.‏

    {‏وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ‏}‏ علما يثمر العمل ما فعلوه‏.‏



    اقتباس:
    ‏104 ـ 105‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ *
    كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين‏:‏ ‏{‏رَاعِنَا‏}‏ أي‏:‏ راع أحوالنا‏,‏ فيقصدون بها معنى صحيحا،
    وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا‏,‏ فانتهزوا الفرصة‏,‏ فصاروا يخاطبون الرسول بذلك‏,‏ ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة‏,‏ سدا لهذا الباب، ففيه النهي عن الجائز‏,‏ إذا كان وسيلة إلى محرم، وفيه الأدب‏,‏ واستعمال الألفاظ‏,‏ التي لا تحتمل إلا الحسن‏,‏ وعدم الفحش‏,‏ وترك الألفاظ القبيحة‏,، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال‏:‏ ‏{‏وَقُولُوا انْظُرْنَا‏}
    {‏وَاسْمَعُوا‏}‏ لم يذكر المسموع‏,‏ ليعم ما أمر باستماعه، فيدخل فيه سماع القرآن‏,‏ وسماع السنة التي هي الحكمة‏,‏ لفظا ومعنى واستجابة، ففيه الأدب والطاعة‏.‏


    106
    اقتباس:
    - 107‏ ‏{‏مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السموات وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ‏}
    النسخ‏:‏ هو النقل‏,‏ فحقيقة النسخ نقل المكلفين من حكم مشروع‏,‏ إلى حكم آخر‏,‏ أو إلى إسقاطه، وكان اليهود ينكرون النسخ‏,‏ ويزعمون أنه لا يجوز‏,‏ وهو مذكور عندهم في التوراة‏,‏ فإنكارهم له كفر وهوى محض‏.‏


    فأخبر الله تعالى عن حكمته في النسخ، وأنه ما ينسخ من آية ‏{‏أَوْ نُنْسِهَا‏}‏ أي‏:‏ ننسها العباد‏,‏ فنزيلها من قلوبهم، ‏{‏نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا‏} وأنفع لكم ‏{‏أَوْ مِثْلِهَا‏}‏


    فدل على أن النسخ لا يكون لأقل مصلحة لكم من الأول؛ لأن فضله تعالى يزداد خصوصًا على هذه الأمة‏,‏ التي سهل عليها دينها غاية التسهيل‏.‏


    وأخبر أن من قدح في النسخ فقد قدح في ملكه وقدرته فقال‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السموات وَالْأَرْضِ‏}


    فإذا كان مالكا لكم‏,‏ متصرفا فيكم‏,‏ تصرف المالك البر الرحيم في أقداره وأوامره ونواهيه‏,‏ فكما أنه لا حجر عليه في تقدير ما يقدره على عباده من أنواع التقادير‏,‏ كذلك لا يعترض عليه فيما يشرعه لعباده من الأحكام‏.‏ فالعبد مدبر مسخر تحت أوامر ربه الدينية والقدرية‏,‏ فما له والاعتراض‏؟‏


    اقتباس:
    ‏(‏أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ )*108
    بأن يسألوا رسولهم ‏{‏كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ‏} والمراد بذلك‏,‏ أسئلة التعنت والاعتراض‏,‏ كما قال تعالى‏:‏ {‏يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً‏}



    اقتباس:
    {‏وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ‏}‏ -115
    (‏فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا‏)

    ‏ وجوهكم من الجهات‏,‏ إذا كان توليكم إياها بأمره‏,‏ إما أن يأمركم باستقبال الكعبة بعد أن كنتم مأمورين باستقبال بيت المقدس‏,‏ أو تؤمرون بالصلاة في السفر على الراحلة ونحوها‏,‏ فإن القبلة حيثما توجه العبد أو تشتبه القبلة‏,‏ فيتحرى الصلاة إليها‏,‏ ثم يتبين له الخطأ‏,‏ أو يكون معذورًا بصلب أو مرض ونحو ذلك، فهذه الأمور‏,‏ إما أن يكون العبد فيها معذورًا أو مأمورًا‏.‏
    وبكل حال‏,‏ فما استقبل جهة من الجهات‏,‏ خارجة عن ملك ربه‏.‏
    :
    ‏‏

    اقتباس:


    124 ـ 125‏]‏ ‏{‏وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ‏}‏

    يخبر تعالى‏,‏ عن عبده وخليله‏,‏ إبراهيم عليه السلام‏,‏ المتفق على إمامته وجلالته‏:‏ أن الله ابتلاه وامتحنه بكلمات‏,‏ أي‏:‏ بأوامر ونواهي‏,‏ كما هي عادة الله في ابتلائه لعباده‏,‏ ليتبين الكاذب الذي لا يثبت عند الابتلاء‏,‏ والامتحان من الصادق‏، وكان من أجلِّهم في هذا المقام‏,‏ الخليل عليه السلام‏.‏

    فأتم ما ابتلاه الله به‏,‏ ‏ فشكر الله له ذلك‏,‏ ولم يزل الله شكورا فقال‏:‏ ‏{‏إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا‏}‏ أي‏:‏ يقتدون بك في الهدى‏,‏ ويحصل لك الثناء الدائم‏,‏ والأجر الجزيل‏,‏ والتعظيم من كل أحد‏.‏

    فلما اغتبط إبراهيم بهذا المقام‏,‏ وأدرك هذا‏,‏ طلب ذلك لذريته‏,‏ لتعلو درجته ودرجة ذريته، وهذا أيضًا من إمامته‏,‏ ونصحه لعباد الله‏,‏ ومحبته أن يكثر فيهم المرشدون.

    فأجابه الرحيم اللطيف‏,‏ وأخبر بالمانع من نيل هذا المقام فقال‏:‏ ‏{‏لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ‏}‏ أي‏:‏ لا ينال الإمامة في الدين‏,‏ من ظلم نفسه وضرها‏,‏ لمنافاة الظلم لهذا المقام‏,‏ فإنه مقام آلته الصبر واليقين.


    ودل مفهوم الآية‏,‏ أن غير الظالم‏,‏ سينال الإمامة‏,‏ ولكن مع إتيانه بأسبابها‏.‏
    ثم ذكر تعالى‏,‏ نموذجا باقيا دالا على إمامة إبراهيم‏,‏ وهو هذا البيت الحرام الذي جعل قصده‏,‏ ركنا من أركان الإسلام‏,‏ حاطا للذنوب والآثام‏.‏

    وفيه من آثار الخليل وذريته‏,‏ ما عرف به إمامته‏,‏ فقال‏:‏ ‏{‏وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ‏}‏ أي‏:‏ مرجعا يثوبون إليه‏,‏ لحصول منافعهم الدينية والدنيوية‏,‏ يترددون إليه‏,‏ ولا يقضون منه وطرًا، ‏{‏و‏}‏ جعله ‏{‏أَمْنًا‏}‏ يأمن به كل أحد‏,‏ حتى الوحش‏,‏ وحتى الجمادات كالأشجار‏.‏
    ولهذا كانوا في الجاهلية ـ على شركهم ـ يحترمونه أشد الاحترام‏,‏ فلما جاء الإسلام‏,‏ زاده حرمة وتعظيمًا‏,‏ وتشريفًا وتكريمًا‏.‏





    اقتباس:
    وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ -127
    أي‏:‏ واذكر إبراهيم وإسماعيل‏,‏ في حالة رفعهما القواعد من البيت الأساس‏,‏ واستمرارهما على هذا العمل العظيم، وكيف كانت حالهما من الخوف والرجاء‏,‏ حتى إنهما مع هذا العمل دعوا الله أن يتقبل منهما عملهما‏,‏ حتى يحصل فيه النفع العميم‏.‏


    اقتباس:
    :
    ‏130 ـ 134‏]‏‏{‏وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُمُسْلِمُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَاكَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏

    أ
    ي‏:‏ ما يرغب ‏{‏عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ‏}‏ بعد ما عرف من فضله‏ {‏إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ‏}‏ أي‏:‏ جهلها وامتهنها‏ ، ثم أخبر عن حالته في الدنيا والآخرة فقال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا‏}‏ أي‏:‏اخترناه ووفقناه للأعمال‏,‏ التي صار بها من المصطفين الأخيار‏.‏


    {‏إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ‏}‏ امتثالا لربه ‏{‏أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ إخلاصًا وتوحيدًا‏,‏ ومحبة‏,‏ وإنابة فكان التوحيد لله نعته‏.‏

    ثم ورثه في ذريته‏،و جعلها كلمة باقية في عقبه,‏ حتى وصلت ليعقوب فوصى بها بنيه‏.‏

    قال‏:‏ ‏{‏يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ‏}‏ أي‏:‏ اختاره وتخيره لكم‏,‏ رحمة بكم‏,‏ وإحسانا إليكم‏,‏ فقوموا به‏,‏ واتصفوا بشرائعه‏,‏ وانصبغوا بأخلاقه‏,‏ حتى تستمروا على ذلك فلا يأتيكم الموت إلا وأنتم عليه‏,‏ لأن من عاش على شيء‏,‏ مات عليه‏,‏ ومن مات على شيء‏,‏ بعث عليه‏.‏

    ولما كان اليهود يزعمون أنهم على ملة إبراهيم‏,‏ ومن بعده يعقوب‏,‏قال تعالى منكرا عليهم‏:‏ ‏{‏أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ‏}‏ أي‏:‏ حضورا ‏{‏إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ‏}‏ أي‏:‏ مقدماته وأسبابه، فقال لبنيه على وجه الاختبار‏,‏ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به‏:‏ ‏{‏مَا تَعْبُدُونَ مِنْبَعْدِي‏}‏‏؟‏ فأجابوه بما قرت به عينه فقالوا‏:‏ ‏{‏نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا‏}‏ فلا نشرك به شيئًا‏,‏ ولا نعدل به أحدا، ‏{‏وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏}‏ فجمعوا بين التوحيد والعمل‏.‏

    ومن المعلوم أنهم لم يحضروا يعقوب‏,‏ لأنهم لم يوجدوا بعد، فإذا لميحضروا‏,‏ فقد أخبر الله عنه أنه وصى بنيه بالحنيفية‏,‏ لا باليهودية‏.‏

    ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ‏}‏ أي‏:‏ مضت ‏{‏لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ‏}‏ أي‏:‏ كل له عمله‏,‏ وكل سيجازى بمافعله‏,‏ لا يؤخذ أحد بذنب أحد ولا ينفع أحدا إلا إيمانه وتقواه فاشتغالكم بهم وادعاؤكم‏,‏ أنكم على ملتهم‏,‏ والرضا بمجرد القول‏,‏ أمر فارغ لا حقيقة له، بل الواجب عليكم‏,‏ أن تنظروا حالتكم التي أنتم عليها‏,‏ هل تصلح للنجاة أم لا‏؟‏


    ‏[‏136‏]‏ ‏{‏قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَاأُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏}‏

    هذه الآية الكريمة‏,‏ قد اشتملت على جميع ما يجب الإيمان به‏

    فقد اشتملت هذه الآية الكريمة ـ على إيجازها واختصارها ـ على أنواع التوحيد الثلاثة‏:‏ توحيد الربوبية‏,‏ وتوحيد الألوهية‏,‏ وتوحيد الأسماء والصفات، واشتملت على الإيمان بجميع الرسل‏,‏ وجميع الكتب، وعلى التصديق بالقلب واللسان والجوارح والإخلاص لله في ذلك، وعلى الفرق بين الرسل الصادقين‏,‏ ومن ادعى النبوة من الكاذبين، وعلى تعليم الباري عباده‏,‏ كيف يقولون‏,‏ ورحمته وإحسانه عليهم بالنعم الدينية المتصلة بسعادة الدنيا والآخرة،
    فسبحان من جعل كتابه تبيانا لكل شيء‏,‏ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون‏.‏


    :
    اقتباس:
    [‏137‏]‏ ‏{‏فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏}‏
    أي‏:‏ فإن آمن أهل الكتاب ‏{‏بمثل ما آمنتم به‏}‏ ـ يا معشر المؤمنين ـ من جميع الرسل‏,‏ وجميع الكتب‏,‏ الذين أول من دخل فيهم‏,‏ وأولى خاتمهم وأفضلهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقرآن‏,‏وأسلموا لله وحده‏,‏ ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله ‏{‏فَقَدِ اهْتَدَوْا‏} ‏للصراط المستقيم‏ ، لا كما زعموا بقولهم‏:‏ ‏{‏كونوا هودا أو نصارى تهتدوا‏}‏ فزعموا أن الهداية خاصة بما كانوا عليه، و ‏"‏الهدى‏"‏ هوالعلم بالحق‏,‏ والعمل به‏,‏ وضده الضلال عن العلم والضلال عن العمل بعد العلم‏,‏وهوالشقاق الذي كانوا عليه‏,‏ لما تولوا وأعرضوا، فالمشاق‏:‏ هو الذي يكون في شقوالله ورسوله في شق، ويلزم من المشاقة المحادة‏,‏ والعداوة البليغة‏,‏ التي من لوازمها‏,‏ بذل ما يقدرون عليه من أذية الرسول، فلهذا وعد الله رسوله‏,‏ أن يكفيه إياهم‏.


    وقد أنجز الله لرسوله وعده‏,‏ وسلطه عليهم حتى قتل بعضهم‏,‏ وسبى بعضهم‏,‏ وأجلى بعضهم‏,‏ وشردهم كل مشرد‏.‏


    ففيه معجزة من معجزات القرآن‏,‏ وهو الإخبار بالشيء قبل وقوعه‏,‏فوقع طبق ما أخبر‏.‏


    اقتباس:
    [‏138‏]‏ ‏{‏صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ‏}‏‏.‏
    أي‏:‏ الزموا صبغة الله‏,‏ وهو دينه‏,‏ وقوموا به قيامًا تامًا‏,‏بجميع أعماله الظاهرة والباطنة‏,‏ وجميع عقائده في جميع الأوقات‏,‏ حتى يكون لكم صبغة‏,‏ وصفة من صفاتكم، فإذا كان صفة من صفاتكم‏,‏ ,‏ وصار الدين طبيعة لكم بمنزلة الصبغ التام للثوب الذي صار له صفة‏,‏ فحصلت لكم السعادة الدنيوية والأخروية .




    وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ‏}‏ بيان لهذه الصبغة‏,‏وهي القيام بهذين الأصلين‏:‏ الإخلاص والمتابعة‏,‏ لأن ‏"‏العبادة‏"‏ اسم جامع لكلما يحبه الله ويرضاه من الأعمال‏,‏ والأقوال الظاهرة والباطنة، ولا تكون كذلك‏,‏حتى يشرعها الله على لسان رسوله، والإخلاص‏:‏ أن يقصد العبد وجه الله وحده‏,‏ فيتلك الأعمال





    اقتباس:
    [‏139‏]‏ ‏{‏قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ‏}‏
    المحاجة هي‏:‏ المجادلة بين اثنين فأكثر‏,‏ تتعلق بالمسائل الخلافية‏,‏ حتى يكون كل من الخصمين يريد نصرة قوله‏,‏ وإبطال قول خصمه،


    فكان أهل الكتاب‏,‏ يزعمون أنهم أولى بالله من المسلمين‏,‏ وهذامجرد دعوى‏,‏ تفتقر إلى برهان ودليل‏.‏ فإذا كان رب الجميع واحدا‏,‏ ليس ربا لكم دوننا‏,‏ وكل منا ومنكم له عمله‏,‏ فاستوينا نحن وإياكم بذلك‏.‏ فهذا لا يوجب أنيكون أحد الفريقين أولى بالله من غيره؛ وإنما يحصل التفضيل‏,‏ بإخلاص الأعمال الصالحة لله وحده، وهذه الحالة‏,‏ وصف المؤمنين وحدهم‏ ,‏فتعين أنهم أولى بالله من غيرهم؛ لأن الإخلاص‏,‏ هو الطريق إلى الخلاص، فهذا هوالفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان‏.


    ‏140
    اقتباس:
    ‏]‏ ‏{‏أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏

    وهذه دعوى أخرى منهم‏,‏ ومحاجة في رسل الله‏,‏ زعموا أنهم أولى بهؤلاء الرسل المذكورين من المسلمين‏.‏
    فرد الله عليهم بقوله‏:‏ ‏{‏أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ‏}‏ فالله يقول‏:‏ ‏{‏مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ وهم يقولون‏:‏ بل كان يهوديا أو نصرانيا‏.‏


    و هم يعرفون أن إبراهيم وغيره من الأنبياء‏,‏ لم يكونوا هودا ولا نصارى‏,‏ فكتموا هذاالعلم وهذه الشهادة‏,‏ فلهذا كان ظلمهم أعظم الظلم‏.‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ‏

















    القصص القرءاني في الجزء الأول

    قصة آدم عليه السلام
    سورة البقرة من الآية ( 30 ) وحتى الآية ( 39 )

    قصة البقرة
    سورة البقرة من الآية (
    67 ) وحتى الآية ( 74 )




    هيا نقرأ ,,,
    وفي انتظار مشاركات حضراتكم بـ :

    > مناقشة التفسير ( إذا كان لديكم سؤالا أو إضافة )
    > الآيات التي توقفتم عندها وتدبرتم فيها
    > تأمل القصص واستخراج الدروس والعبر والفوائد المأخوذة منها

    ويرجى كتابة نوع المشاركة في أولها
    مثل
    #تفسير
    #تدبر
    #قصص


    نفعنا الله وإياكم بالقرءان وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

    في انتظاركم

    المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
    اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

    تعليق


    • #3
      رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

      _..- مقرأة الجزء الثاني -.._

      تفسير مختصر للجزء
      .*. الجزء الثانـي .*.


      أولا : حلقة تفسير للجزء لدكتور حازم شومان
      نقلا من موقع الطريق إلى الله




      لتحميل الحلقة صوت : هنا

      لتحميل التفريغ : هنا

      ثانيا : تفسير المواضع الصعبة بالجزء من تفسير السعدي




      {‏قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ
      رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ‏}‏

      أي‏:‏ كثرة تردده في جميع جهاته‏,‏ شوقا وانتظارا لنزول الوحي باستقبال الكعبة،
      ففيها اشتراط استقبال الكعبة‏,‏ للصلوات كلها‏,‏ فرضها‏,‏ ونفلها‏,‏ وأنه إن أمكن استقبال عينها‏,‏ وإلا فيكفي شطرها وجهتها، وأن الالتفات بالبدن‏,‏ مبطل للصلاة



      ‏{‏فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ‏}‏ أي‏:‏ فلا يحصل لك أدنى شك وريبة فيه، بل تفكَّر فيه وتأمل‏,‏ حتى تصل بذلك إلى اليقين‏,‏ لأن التفكر فيه لا محالة‏,‏ دافع للشك‏,‏ موصل لليقين‏.‏



      ‏{‏وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‏}‏

      أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن‏,‏ ليتبين الصادق من الكاذب‏,‏ والجازع من الصابر‏,‏ وهذه سنته تعالى في عباده؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان‏,‏ ولم يحصل معها محنة‏,‏ لحصل الاختلاط الذي هو فساد‏,‏ وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر‏



      {‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏

      فاذبحوا ما استيسر من الهدي واذ لم يتوفر فليصم بدله عشرة أيام كما في المتمتع ثم يحل‏.‏



      ‏{‏أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ‏}‏ فيجمع بين العمل بالمعاصي والكبر على الناصحين‏.



      ‏{‏فِي السِّلْمِ كَافَّةً‏}‏ أي‏:‏ في جميع شرائع الدين ولا يتركوا منها شيئًا



      ‏ ‏{‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏}‏

      أي‏:‏ لا يؤاخذكم بما يجري على ألسنتكم من الأيمان اللاغية‏,‏ التي يتكلم بها العبد‏,‏ من غير قصد منه ولا كسب قلب‏,‏ ولكنها جرت على لسانه كقول الرجل في عرض كلامه‏:‏ ‏"‏لا والله‏"‏



      ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏

      وهذا من الأيمان الخاصة بالزوجة‏,‏ في أمر خاص وهو حلف الزوج على ترك وطء زوجته مطلقا، أو مقيدا، بأقل من أربعة أشهر أو أكثر‏.‏
      فلا شيء عليه إلا كفارة اليمين، وإن امتنع‏,‏ أجبر على الطلاق‏,‏ فإن امتنع‏,‏ طلق عليه الحاكم‏.‏



      ‏{‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏}

      أي‏:‏ النساء اللاتي طلقهن أزواجهن ‏{‏يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ‏}‏ أي‏:‏ ينتظرن ويعتددن مدة ‏{‏ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ‏}‏ أي‏:‏ حيض‏,‏ أو أطهار على اختلاف العلماء في المراد بذلك‏



      ‏{‏وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ تطلبوا لهم المراضع غير أمهاتهم على غير وجه المضارة



      ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏}

      أي‏:‏ ليس عليكم يا معشر الأزواج جناح وإثم‏,‏ بتطليق النساء قبل المسيس‏,‏ وفرض المهر‏,‏ وإن كان في ذلك كسر لها‏,‏ فإنه ينجبر بالمتعة، فعليكم أن تمتعوهن بأن تعطوهن شيئًا من المال‏,‏ جبرا لخواطرهن



      ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏}

      يقص تعالى علينا قصة الذين خرجوا من ديارهم على كثرتهم واتفاق مقاصدهم، بأن الذي أخرجهم منها حذر الموت من وباء أو غيره، يقصدون بهذا الخروج السلامة من الموت، ولكن لا يغني حذر عن قدرفلا تزيدهم النعمة شكرا، بل ربما استعانوا بنعم الله على معاصيه، وقليل منهم الشكور الذي يعرف النعمة ويقر بها ويصرفها في طاعة المنعم‏



      القصص القرءاني في الجزء الثاني

      قصة طالوت
      سورة البقرة من الآية 246 وحتى الآية 252





      هيا نقرأ ,,,
      وفي انتظار مشاركات حضراتكم بـ :

      > مناقشة التفسير ( إذا كان لديكم سؤالا أو إضافة )
      > الآيات التي توقفتم عندها وتدبرتم فيها
      > تأمل القصص واستخراج الدروس والعبر والفوائد المأخوذة منها


      ويرجى كتابة نوع المشاركة في أولها
      مثل
      #تفسير
      #تدبر
      #قصص

      نفعنا الله وإياكم بالقرءان وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

      في انتظاركم

      المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
      اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

      تعليق


      • #4
        رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

        _..- مقرأة الجزء الثالث -.._

        تفسير مختصر للجزء

        أولا : حلقة تفسير للجزء لدكتور حازم شومان
        نقلا من موقع الطريق إلى الله




        لتحميل الحلقة صوت : هنا

        لتحميل التفريغ : هنا

        ثانيا : تفسير المواضع الصعبة بالجزء من تفسير السعدي


        ::تفسير الجزء الثالث::


        سورة البقرة من الآية 253 إلى نهاية السورة



        {‏تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ

        الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ

        اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ‏} (253)

        {‏وأيدناه بروح القدس‏}‏ أي‏:‏ بالإيمان واليقين الذي أيده به الله وقواه على ما أمر به،

        وقيل أيده بجبريل عليه السلام يلازمه في أحواله

        -- -- -- --


        {‏لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ

        الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ

        كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏}(257-256)

        يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا

        على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة

        {‏فقد استمسك بالعروة الوثقى‏}‏ أي‏:‏ بالدين القويم الذي ثبتت قواعده ورسخت أركانه، وكان المتمسك

        به على ثقة من أمره، لكونه استمسك بالعروة الوثقى التي ‏{‏لا انفصام لها‏}‏ وأما من عكس القضية

        فكفر بالله وآمن بالطاغوت، فقد أطلق هذه العروة الوثقى التي بها العصمة والنجاة، واستمسك بكل

        باطل مآله إلى الجحيم ‏{‏والله سميع عليم‏}‏ فيجازي كلا منهما بحسب ما علمه منهم من الخير

        والشر، وهذا هو الغاية لمن استمسك بالعروة الوثقى ولمن لم يستمسك بها‏.‏‏

        {‏الله ولي الذين آمنوا‏}وهذا يشمل ولايتهم لربهم، بأن تولوه فلا يبغون عنه بدلا ولا يشركون به أحدا

        {‏والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت‏}‏ :أي تولوا الشيطان وحزبه، واتخذوه من دون الله وليا ووالوه

        وتركوا ولاية ربهم وسيدهم، فسلطهم عليهم عقوبة لهم فكانوا يؤزونهم إلى المعاصي أزا
        -- -- -- --
        ‏{‏أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ

        عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ

        وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا

        لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏} (259)

        {‏أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها‏}‏ أي‏:‏ قد باد أهلها وفني سكانها وسقطت حيطانها على عروشها

        {‏قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها‏}‏: استبعادا لذلك وجهلًا بقدرة الله تعالى

        فلما أراد الله به خيرًا أراه آية في نفسه وفي حماره، وكان معه طعام وشراب

        {‏فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم‏}‏: استقصارا لتلك المدة التي

        مات فيها لكونه قد زالت معرفته وحواسه وكان عهد حاله قبل موته

        {‏بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه‏}‏ أي‏:‏ لم يتغير بل بقي على حاله على تطاول

        السنين واختلاف الأوقات عليه

        ‏{‏وانظر إلى حمارك‏}:
        ‏ وكان قد مات وتمزق لحمه وجلده وانتثرت عظامه، وتفرقت أوصاله ‏

        {‏ولنجعلك آية للناس‏}‏ :على قدرة الله وبعثه الأموات من قبورهم، لتكون أنموذجا محسوسا مشاهدا بالأبصار
        -- -- -- --

        {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ

        وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا

        كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ‏}
        (264)

        {‏عليه تراب فأصابه وابل‏}‏ أي‏:‏ مطر غزير

        ‏{‏فتركه صلدا‏}‏ أي‏:‏ ليس عليه شيء من التراب، فكذلك حال هذا المرائي
        -- -- -- --

        ‏{‏وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ

        أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}
        (265)

        {‏كمثل جنة‏}‏ أي‏:‏ كثيرة الأشجار غزيرة الظلال

        {‏بربوة‏}‏ أي‏:
        ‏ محل مرتفع ضاح للشمس في أول النهار ووسطه وآخره

        {‏وابل‏}‏ وهو المطر الغزير

        {‏فآتت أكلها ضعفين‏}‏ أي‏:‏ تضاعفت ثمراتها لطيب أرضها ووجود الأسباب الموجبة لذلك

        وحصول الماء الكثير الذي ينميها ويكملها

        {‏فإن لم يصبها وابل فطل‏}‏ أي‏:‏ مطر قليل يكفيها لطيب منبته

        فهذه حالة المنفقين أهل النفقات الكثيرة والقليلة كل على حسب حاله
        -- -- -- --


        سورة آل عمران من الآية 1 -88



        ‏ ‏{‏الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ

        وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ

        ذُو انْتِقَامٍ * إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ

        كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏}
        [‏1 ـ 6‏]

        افتتحها تبارك وتعالى بالإخبار بألوهيته، وأنه الإله الذي لا إله إلا هو الذي لا ينبغي التأله والتعبد

        إلا لوجهه، فكل معبود سواه فهو باطل، والله هو الإله الحق المتصف بصفات الألوهية

        التي مرجعها إلى الحياة والقيومية

        {مصدقًا لما بين يديه‏}‏ من الكتب السابقة، فهو المزكي لها، فما شهد له فهو المقبول، وما رده فه

        و المردود، وهو المطابق لها في جميع المطالب التي اتفق عليها المرسلون

        {‏وأنزل التوراة‏}‏ أي‏:‏ على موسى ‏{‏والإنجيل‏}‏ على عيسى‏.‏

        {‏من قبل‏}‏ إنزال القرآن ‏{‏هدى للناس‏}‏ الظاهر أن هذا راجع لكل ما تقدم

        أي‏:‏ أنزل الله القرآن والتوراة والإنجيل هدى للناس من الضلال، فمن قبل هدى الله فهو

        المهتدي، ومن لم يقبل ذلك بقي على ضلاله ‏{‏وأنزل الفرقان‏}‏ أي‏:‏ الحجج والبينات

        والبراهين القاطعات الدالة على جميع المقاصد والمطالب

        {‏إن الذين كفروا بآيات الله‏}‏ أي‏:‏ بعد ما بينها ووضحها وأزاح العلل

        ‏{‏لهم عذاب شديد‏}‏ لا يقدر قدره ولا يدرك وصفه ‏

        {والله عزيز‏}‏ أي‏:‏ قوي لا يعجزه شيء ‏{‏ذو انتقام‏}‏ ممن عصاه‏.‏

        {‏إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء‏}‏ :وهذا فيه تقرير إحاطة علمه بالمعلومات كلها

        {‏هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء‏}:‏ من كامل الخلق وناقصه، وحسن وقبيح، وذكر وأنثى

        {‏لا إله إلا هو العزيز الحكيم‏}‏: تضمنت هذه الآيات تقرير إلهية الله وتعينها، وإبطال إلهية ما سواه
        -- -- -- --


        {‏هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي

        قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ

        فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا

        وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ‏}
        [‏7 ـ 9‏]‏‏

        {‏منه آيات محكمات‏}‏ أي‏:‏ واضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال ‏

        {‏هن أم الكتاب‏}‏ أي‏:‏
        أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره.

        {‏و‏}‏ منه آيات ‏{‏أخر متشابهات‏}‏ أي‏:
        ‏ يلتبس معناها على كثير من الأذهان

        ‏ لكون دلالتها مجملة، أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها

        {‏فأما الذين في قلوبهم زيغ‏}‏ أي‏:‏ ميل عن الاستقامة بأن فسدت مقاصدهم، وصار قصدهم الغي

        والضلال وانحرفت قلوبهم عن طريق الهدى والرشاد

        ‏{‏فيتبعون ما تشابه منه‏}‏ أي‏:‏ يتركون المحكم الواضح ويذهبون إلى المتشابه

        {‏وما يعلم تأويله إلا الله‏}‏ قولان، جمهورهم يقفون عندها، وبعضهم يعطف عليها ‏

        {‏ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا‏}‏ أي‏:‏ لا تملها عن الحق جهلا وعنادا منا، بل اجعلنا مستقيمين

        هادين مهتدين، فثبتنا على هدايتك وعافنا مما ابتليت به الزائغين

        {‏وهب لنا من لدنك رحمة‏}‏ أي‏:‏ عظيمة توفقنا بها للخيرات وتعصمنا بها من المنكرات

        ‏{‏إنك أنت الوهاب‏}‏ أي‏:‏ واسع العطايا والهبات، كثير الإحسان الذي عم جودك جميع البريات‏.‏

        {‏ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا تخلف الميعاد‏}‏فمجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها
        -- -- -- --

        ‏{‏زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ

        الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ

        لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ

        وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ

        وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ‏}
        [‏14 ـ 17‏]‏

        يخبر تعالى أنه زين للناس حب الشهوات الدنيوية، وخص هذه الأمور المذكورة

        لأنها أعظم شهوات الدنيا وغيرها تبع لها

        {‏ذلك متاع الحياة الدنيا‏}‏
        فجعلوها معبرا إلى الدار الآخرة ومتجرا يرجون بها الفوائد الفاخرة،

        فهؤلاء صارت لهم زادا إلى ربهم‏.‏

        وفي هذه الآية تسلية للفقراء الذين لا قدرة لهم على هذه الشهوات التي يقدر عليها الأغنياء

        وتحذير للمغترين بها وتزهيد لأهل العقول النيرة بها

        {‏والله بصير بالعباد‏}‏ أي‏:‏ عالم بما فيهم من الأوصاف الحسنة والأوصاف القبيحة

        -- -- -- --

        ‏{‏قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا وَلَا يَتَّخِذَ

        بَعْضُنَا بعضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏}
        [‏64‏]‏

        {‏تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم‏}‏ أي‏:‏ هلموا نجتمع عليها وهي الكلمة التي اتفق عليها الأنبياء

        والمرسلون، ولم يخالفها إلا المعاندون والضالون، ليست مختصة بأحدنا دون الآخر، بل مشتركة

        بيننا وبينكم، وهذا من العدل في المقال والإنصاف في الجدال

        {‏ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله‏}
        ‏ بل تكون الطاعة كلها لله ولرسله، فلا نطيع المخلوقين في معصية الخالق
        -- -- -- --

        ‏ ‏{‏كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ

        الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ

        عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ‏}
        [‏86 ـ 88‏]‏

        هذا من باب الاستبعاد، أي‏:‏ من الأمر البعيد أن يهدي الله قوما اختاروا الكفر والضلال بعدما آمنوا

        وشهدوا أن الرسول حق بما جاءهم به من الآيات البينات والبراهين القاطعات

        {‏والله لا يهدي القوم الظالمين‏}‏ فهؤلاء ظلموا وتركوا الحق بعدما عرفوه، واتبعوا الباطل مع علمهم ببطلانه ظلما وبغيا واتباعا لأهوائهم

        ثم أخبر عن عقوبة هؤلاء المعاندين الظالمين الدنيوية والأخروية، فقال :

        ‏{‏أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون‏}

        ‏ أي‏:‏ لا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا لحظة، لا بإزالته أو إزالة بعض شدته

        {‏ولا هم ينظرون‏}‏ أي‏:‏ يمهلون، لأن زمن الإمهال قد مضى، وقد أعذر الله منهم وعمرهم ما يتذكر

        فيه من تذكر، فلو كان فيهم خير لوجد، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه‏.‏





        القصص القرءاني في الجزء الثالث

        قصة عزير
        سورة البقرة الآية 259

        قصة مريم والمسيح عليهما السلام
        سورة آل عمران من الآية 33 وحتى الآية 63





        هيا نقرأ ,,,
        وفي انتظار مشاركات حضراتكم بـ :

        > مناقشة التفسير ( إذا كان لديكم سؤالا أو إضافة )
        > الآيات التي توقفتم عندها وتدبرتم فيها
        > تأمل القصص واستخراج الدروس والعبر والفوائد المأخوذة منها


        ويرجى كتابة نوع المشاركة في أولها
        مثل
        #تفسير
        #تدبر
        #قصص



        نفعنا الله وإياكم بالقرءان وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

        في انتظاركم
        المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
        اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

        تعليق


        • #5
          رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

          _..- مقرأة الجزء الرابع -.._

          تفسير مختصر للجزء
          بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.,


          تفسير الجزء الرابع

          أولا : حلقة تفسير للجزء لدكتور حازم شومان
          نقلا عن موقع الطريق إلى الله


          لتحميل الحلقة صوت : هنا

          لتحميل التفريغ : هنا



          ثانيا : تفسير المواضع الصعبة بالجزء من تفسير السعدي

          ‏{‏كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }

          جميع أنواع الأطعمة محللة لبني إسرائيل ‏{‏إلا ما حرم إسرائيل‏} وهو يعقوب عليه السلام ‏
          {‏على نفسه‏}‏ أي‏:‏ من غير تحريم من الله تعالى، بل حرمه على نفسه لما أصابه عرق النسا نذر لئن شفاه الله تعالى ليحرمن أحب الأطعمة عليه، فحرم فيما يذكرون لحوم الإبل وألبانها وتبعه بنوه على ذلك وكان ذلك قبل نزول التوراة،

          ثم نزل في التوراة أشياء من المحرمات غير ما حرم إسرائيل مما كان حلالًا لهم طيبًا، كما قال تعالى ‏{‏فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم‏}‏ وأمر الله رسوله إن أنكروا ذلك أن يأمرهم بإحضار التوراة، فاستمروا بعد هذا على الظلم والعناد، فلهذا قال تعالى فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ .


          ‏ ‏ {‏ وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏}

          أي‏:‏ قد استحقيتم النار ولم يبق بينكم وبينها إلا أن تموتوا فتدخلوها ‏{‏فأنقذكم منها‏}‏ بما مَنَّ عليكم من الإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .


          {‏وَلِلَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ‏}



          أي‏:‏ هو المالك لما في السموات وما في الأرض،
          الذي خلقهم ورزقهم ويتصرف فيهم بقدره وقضائه، وفي شرعه وأمره، وإليه يرجعون يوم القيامة فيجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها‏.‏






          {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ‏}

          فليس على المؤمنين منهم ضرر في أديانهم ولا أبدًانهم، وإنما غاية ما يصلون إليه من الأذى أذية الكلام التي لا سبيل إلى السلامة منها من كل معادي،
          فلو قاتلوا المؤمنين لولوا الأدبار فرارا ثم تستمر هزيمتهم ويدوم ذلهم ولا هم ينصرون في وقت من الأوقات،

          ولهذا أخبر تعالى أنه عاقبهم بالذلة في بواطنهم والمسكنة على ظواهرهم، فلا يستقرون ولا يطمئنون ‏{‏إلا بحبل‏}‏ أي‏:‏ عهد
          ‏{‏من الله وحبل من الناس‏}‏ فلا يكون اليهود إلا تحت أحكام المسلمين وعهدهم، تؤخذ منهم الجزية ويستذلون، أو تحت أحكام النصارى وقد ‏{‏باءوا‏}‏ مع ذلك ‏{‏بغضب من الله‏}‏ وهذا أعظم العقوبات،

          والسبب الذي أوصلهم إلى هذه الحال ذكره الله بقوله‏:‏ ‏{‏ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله‏}‏ التي أنزلها الله على رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الموجبة لليقين والإيمان، فكفروا بها بغيا وعنادا ‏{‏ويقتلون الأنبياء بغير حق‏}‏ أي‏:‏ يقابلون أنبياء الله الذين يحسنون إليهم أعظم إحسان بأشر مقابلة، وهو القتل.


          ‏{‏لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ‏}‏



          لما بين تعالي الفرقة الفاسقة من أهل الكتاب وبين أفعالهم وعقوباتهم،
          بين ها هنا الأمة المستقيمة، وبين أفعالها وثوابها،
          فأخبر أنهم لا يستوون عنده، بل بينهم من الفرق ما لا يمكن وصفه، فأما تلك الطائفة الفاسقة فقد مضى وصفهم،

          وأما هؤلاء المؤمنون، فقال تعالى منهم ‏{‏أمة قائمة‏}‏ أي‏:‏ مستقيمة على دين الله، قائمة بما ألزمها الله به من المأمورات، ومن ذلك قيامها بالصلاة ‏{‏يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون‏}‏ وهذا بيان لصلاتهم في أوقات الليل وطول تهجدهم وتلاوتهم لكتاب ربهم وإيثارهم الخضوع والركوع والسجود له‏.‏


          {‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏}



          ضرب مثلًا لما ينفقه الكفار من أموالهم التي يصدون بها عن سبيل الله ويستعينون بها على إطفاء نور الله، بأنها تبطل وتضمحل، كمن زرع زرعا يرجو نتيجته ويؤمل إدراك ريعه، فبينما هو كذلك إذ أصابته ريح فيها صر، أي‏:‏ برد شديد محرق، فأهلكت زرعه، ولم يحصل له إلا التعب والعناء وزيادة الأسف،
          فكذلك هؤلاء الكفار الذين قال الله فيهم‏:‏ {‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون‏}‏ ‏{‏وما ظلمهم الله‏}‏ بإبطال أعمالهم ‏{‏ولكن‏}‏ كانوا ‏{‏أنفسهم يظلمون‏}‏ حيث كفروا بآيات الله وكذبوا رسوله وحرصوا على إطفاء نور الله، هذه الأمور هي التي أحبطت أعمالهم وذهبت بأموالهم.



          {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شيئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ‏}‏


          ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يتخذوا بطانة من المنافقين من أهل الكتاب وغيرهم يظهرونهم على سرائرهم أو يولونهم بعض الأعمال الإسلامية وذلك أنهم هم الأعداء الذين امتلأت قلوبهم من العداوة والبغضاء فظهرت على أفواههم ‏

          {‏وما تخفي صدورهم أكبر‏}‏ مما يسمع منهم
          فلهذا ‏{‏لا يألونكم خبالا‏}‏ أي‏:‏ لا يقصرون في حصول الضرر عليكم والمشقة وعمل الأسباب التي فيها ضرركم ومساعدة الأعداء .


          {‏ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله‏}‏ أي‏:‏ جنس الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه وهم لا يؤمنون بكتابكم،

          بل إذا لقوكم أظهروا لكم الإيمان ‏{‏وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل‏}‏ وهي أطراف الأصابع من شدة غيظهم عليكم

          {‏قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور‏}‏ وهذا فيه بشارة للمؤمنين أن هؤلاء الذين قصدوا ضرركم لا يضرون إلا أنفسهم، وإن غيظهم لا يقدرون على تنفيذه، بل لا يزالون معذبين به حتى يموتوا فيتنقلوا من عذاب الدنيا إلى عذاب الآخرة‏.‏





          {‏وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ‏}

          نزلت فى غزوة أحد
          {‏وإذ غدوت من أهلك‏}‏أى خرجتَ
          {‏تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال‏}‏ أي‏:‏ تنزلهم وترتبهم كل في مقعده اللائق به.

          ولما ‏{‏همت طائفتان‏}‏ من المؤمنين بالرجوع وهم بنو سلمة وبنو حارثة ؛ ثبتهما الله تعالى نعمة عليهما وعلى سائر المؤمنين،
          فلهذا قال ‏{‏والله وليهما‏}‏ أي‏:‏ بولايته الخاصة، التي هي لطفه بأوليائه، وتوفيقهم لما فيه صلاحهم وعصمتهم عما فيه مضرتهم، فمن توليه لهما أنهما لما هما بهذه المعصية العظيمة وهي الفشل والفرار عن رسول الله عصمهما، لما معهما من الإيمان .

          ‏ ‏

          {‏وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
          نصرهم الله يوم بدر وهم أذلة في قلة عَددهم وعُددهم مع كثرة عدد عدوهم وعُددهم.





          {‏لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ‏}



          يخبر تعالى أن نصره عباده المؤمنين لأحد أمرين‏:
          إما أن يقطع طرفا من الذين كفروا، أي‏:‏ جانبا منهم وركنا من أركانهم، إما بقتل، أو أسر، أو استيلاء على بلد، أو غنيمة مال، فيقوى بذلك المؤمنون ويذل الكافرون،
          الأمر الثاني أن يريد الكفار بقوتهم وكثرتهم، طمعا في المسلمين، ويمنوا أنفسهم ذلك، ويحرصوا عليه غاية الحرص، ويبذلوا قواهم وأموالهم في ذلك، فينصر الله المؤمنين عليهمويردهم خائبين لم ينالوا مقصودهم، بل يرجعون بخسارة وغم وحسرة، .


          {‏وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ *وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ‏}


          يقول تعالى مشجعًا لعباده المؤمنين، ومقويًا لعزائمهم ومنهضا لهممهم‏ بعد ما حدث لهم فى غزوة أحد:‏
          ‏{‏ولا تهنوا ولا تحزنوا‏}‏ أي‏:‏ ولا تهنوا وتضعفوا في أبدًانكم، ولا تحزنوا في قلوبكم، عندما أصابتكم المصيبة، وابتليتم بهذه البلوى،
          وذكر تعالى أنه لا ينبغي ولا يليق بهم الوهن والحزن، وهم الأعلون في الإيمان، ورجاء نصر الله وثوابه،
          ولهذا قال ‏[‏تعالى‏]‏‏:‏ ‏{‏وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين‏}‏ .


          ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين‏}‏
          أي‏:‏ لا تظنوا، ولا يخطر ببالكم أن تدخلوا الجنة من دون مشقة واحتمال المكاره في سبيل الله وابتغاء مرضاته،
          فإن الجنة أعلى المطالب،
          وأفضل ما به يتنافس المتنافسون، وكلما عظم المطلوب عظمت وسيلته، والعمل الموصل إليه،
          فلا يوصل إلى الراحة إلا بترك الراحة، ولا يدرك النعيم إلا بترك النعيم.

          {‏وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ

          {‏وكأين من نبي‏}‏ أي‏:‏ وكم من نبي
          {‏قاتل معه ربيون كثير‏}‏ أي‏:‏ جماعات كثيرون من أتباعهم، الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة، فأصابهم قتل وجراح وغير ذلك‏.‏




          ‏ ‏{‏إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ‏}‏



          يذكرهم تعالى حالهم في وقت انهزامهم عن القتال، ويعاتبهم على ذلك، فقال‏:‏ ‏

          {‏إذ تصعدون‏}‏ أي‏:‏ تجدون في الهرب



          {‏ولا تلوون على أحد‏}‏ أي‏:‏ لا يلوي أحد منكم على أحد، ولا ينظر إليه، بل ليس لكم هم إلا الفرار والنجاء عن القتال‏.‏



          {‏الرسول يدعوكم في أخراكم‏}‏ أي‏:‏ مما يلي القوم يقول‏:‏ ‏"‏إليَّ عباد الله‏"‏ فلم تلتفتوا إليه،

          ، ‏{‏فأثابكم‏}‏ أي‏:‏ جازاكم على فعلكم ‏{‏غما بغم‏}‏ أي‏:‏ غما يتبع غما، غم بفوات النصر وفوات الغنيمة، وغم بانهزامكم، وغم أنساكم كل غم، وهو سماعكم أن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قتل‏.‏



          ولكن الله جعل اجتماع هذه الأمور لعباده المؤمنين خيرا لهم،
          فقال‏:‏ ‏{‏لكيلا تحزنوا على ما فاتكم‏}‏ من النصر والظفر،
          {‏ولا ما أصابكم‏}‏ من الهزيمة والقتل والجراح، إذا تحققتم أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقتل هانت عليكم تلك المصيبات.



          {‏ثم أنزل عليكم من بعد الغم‏}‏ الذي أصابكم ‏
          ولا شك أن هذا رحمة بهم، وإحسان وتثبيت لقلوبهم، وزيادة طمأنينة؛
          لأن الخائف لا يأتيه النعاس لما في قلبه من الخوف، فإذا زال الخوف عن القلب أمكن أن يأتيه النعاس‏.‏







          {‏وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ‏}



          الغلول هو‏:‏ الكتمان من الغنيمة، ‏[‏والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان‏]‏ وهو محرم إجماعا، بل هو من الكبائر،

          فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل.

          ‏‏ أي‏:‏ يمتنع ذلك ويستحيل على من اختارهم الله لنبوته‏.‏
          ثم ذكر الوعيد على من غل،

          فقال‏:‏ ‏{‏ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة‏}‏ أي‏:‏ يأت به حامله على ظهره، حيوانا كان أو متاعا، أو غير ذلك، ليعذب به يوم القيامة.




          {‏أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ‏}‏

          هذا تسلية من الله تعالى لعباده المؤمنين، حين أصابهم ما أصابهم يوم ‏"‏أحد‏"‏ وقتل منهم نحو سبعين،

          فقال الله‏:‏ إنكم ‏{‏قد أصبتم‏}‏ من المشركين ‏{‏مثليها‏}‏ يوم بدر فقتلتم سبعين من كبارهم وأسرتم سبعين،

          فليهن الأمر ولتخف المصيبة عليكم، مع أنكم لا تستوون أنتم وهم، فإن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار‏.‏

          {‏قلتم أنى هذا‏}‏ أي‏:‏ من أين أصابنا ما أصابنا وهزمنا‏؟‏ ‏


          {‏قل هو من عند أنفسكم‏}‏ حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، فعودوا على أنفسكم باللوم، واحذروا من الأسباب المردية‏.‏

          {‏إن الله على كل شيء قدير‏}‏ فإياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصركم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم‏.‏



          {‏الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}

          لما رجع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ‏"‏أحد‏"‏ إلى المدينة، وسمع أن أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة،

          ندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا ـ على ما بهم من الجراح ـ استجابة لله ولرسوله، وطاعة لله ولرسوله، فوصلوا إلى ‏"‏حمراء الأسد‏"‏


          وجاءهم من جاءهم وقال لهم‏:‏ ‏{‏إن الناس قد جمعوا لكم‏}‏ وهموا باستئصالكم، تخويفا لهم وترهيبا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه‏.‏

          {‏وقالوا حسبنا الله‏}‏ أي‏:‏ كافينا كل ما أهمنا ‏

          {‏ونعم الوكيل‏}‏ المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم‏.‏

          {‏فانقلبوا‏}‏ أي‏:‏ رجعوا ‏{‏بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء‏}‏





          {‏وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ‏}

          أي‏:‏ ولا يظن الذين كفروا بربهم، وحاربوا رسوله أن تركنا إياهم في هذه الدنيا، وعدم استئصالنا لهم، وإملاءنا لهم خير لأنفسهم، ومحبة منا لهم‏.‏

          كلا، ليس الأمر كما زعموا، وإنما ذلك لشر يريده الله بهم، وزيادة عذاب وعقوبة إلى عذابهم،

          ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذاب مهين‏}‏ فالله تعالى يملي للظالم، حتى يزداد طغيانه،

          حتى إذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر، فليحذر الظالمون من الإمهال، ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال‏.‏





          {‏وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ * لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}


          الميثاق هو العهد الثقيل المؤكد، وهذا الميثاق أخذه الله تعالى على كل من أعطاه ‏[‏الله‏]‏ الكتب وعلمه العلم،


          أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله، ولا يكتمهم ذلك، ويبخل عليهم به، خصوصًا إذا سألوه،

          فإن كل من عنده علم يجب عليه في تلك الحال أن يبينه، ويوضح الحق من الباطل‏.‏

          فأما الموفقون، فقاموا بهذا أتم القيام، وعلموا الناس مما علمهم الله، ابتغاء مرضاة ربهم، ‏.‏

          وأما الذين أوتوا الكتاب، من اليهود والنصارى ومن شابههم، فنبذوا هذه العهود والمواثيق وراء ظهورهم، فلم يعبأوا بها، فكتموا الحق، وأظهروا الباطل، تجرؤا على محارم الله، وتهاونا بحقوق الله،واشتروا بذلك الكتمان ثمنا قليلا،


          {‏فبئس ما يشترون‏}‏ لأنه أخس العوض.



          ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا‏}‏ أي‏:‏ من القبائح والباطل القولي والفعلي‏.‏

          {‏ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا‏}‏ أي‏:‏ بالخير الذي لم يفعلوه، والحق الذي لم يقولوه، فجمعوا بين فعل الشر وقوله، والفرح بذلك ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه‏.‏

          {‏فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب‏}‏ أي‏:‏ بمحل نجوة منه وسلامة، بل قد استحقوه، وسيصيرون إليه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ولهم عذاب أليم‏}‏








          {‏ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان‏}‏

          وهو محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي‏:‏ يدعو الناس إليه، ويرغبهم فيه، في أصوله وفروعه‏.‏




          {‏وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏}




          أي‏:‏ وإن من أهل الكتاب طائفة موفقة للخير، يؤمنون بالله، ويؤمنون بما أنزل إليكم وما أنزل إليهم،

          وهذا الإيمان النافع لا كمن يؤمن ببعض الرسل والكتب، ويكفر ببعض‏.‏


          ولهذا ـ لما كان إيمانهم عاما حقيقيا ـ صار نافعا، فأحدث لهم خشية الله، وخضوعهم لجلاله الموجب للانقياد لأوامره ونواهيه، والوقوف عند حدوده‏.‏





          سورة النساء .,


          ‏{‏وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا‏}‏

          لا ‏{‏تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ‏}‏ الذي هو أكل مال اليتيم بغير حق‏.‏
          {‏بِالطَّيِّبِ‏}‏ وهو الحلال الذي ما فيه حرج .‏
          {‏وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ مع أموالكم‏.‏

          فمن تجرأ على هذه الحالة، فقد أتى ‏{‏حُوبًا كَبِيرًا‏}‏ أي‏:‏ إثمًا عظيمًا، ووزرًا جسيمًا‏.‏



          ‏{‏وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا * وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا‏}‏



          أي‏:‏ وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت حجوركم وولايتكم وخفتم أن لا تقوموا بحقهن لعدم محبتكم إياهن، فاعدلوا إلى غيرهن،
          وانكحوا ‏{‏مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء‏}‏ أي‏:‏ ما وقع عليهن اختياركم .


          {‏أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا‏}
          ‏ أي‏:‏ تظلموا‏.‏



          {‏صَدُقَاتِهِنَّ‏}‏ أي‏:‏ مهورهن
          {‏نِحْلَةً‏}‏ أي‏:‏ عن طيب نفس، وحال طمأنينة.‏


          {‏فَإِنْ طِبْنَ لَكُم عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ‏}‏ أي‏:‏ من الصداق ‏{‏نَفْسًا‏}‏ بأن سمحن لكم عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه، أو تأخيره أو المعاوضة عنه‏.‏
          {‏فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا‏}‏ أي‏:‏ لا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة‏.‏



          {‏وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا‏}
          وهذا من أحكام الله الحسنة الجليلة الجابرة للقلوب
          فقال‏:‏ ‏{‏وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ‏}‏ أي‏:‏ قسمة المواريث

          {‏أُولُو الْقُرْبَى‏}‏ أي‏:‏ الأقارب غير الوارثين
          ‏.
          ‏{‏فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ‏}‏ أي‏:‏ أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب، ولا عناء ولا نَصَب، فإن نفوسهم متشوفة إليه، وقلوبهم متطلعة، فاجبروا خواطرهم بما لا يضركم وهو نافعهم‏.‏


          {‏إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا‏}‏


          السوء أي‏:‏ المعاصي

          {‏بِجَهَالَةٍ‏}‏ أي‏:‏ جهالة منه بعاقبتها وإيجابها لسخط الله وعقابه، وجهل منه بنظر الله ومراقبته له، وجهل منه بما تئول إليه من نقص الإيمان أو إعدامه،
          فكل عاص لله، فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالما بالتحريم‏.‏

          بل العلم بالتحريم شرط لكونها معصية معاقبا عليها



          {‏ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ‏}‏ يحتمل أن يكون المعنى‏:‏ ثم يتوبون قبل معاينة الموت،

          فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب قبل معاينة الموت والعذاب قطعا‏.‏



          {‏وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ‏}‏ أي‏:‏ المعاصي فيما دون الكفر‏.‏
          {‏حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا‏}‏ وذلك أن التوبة في هذه الحال توبة اضطرار لا تنفع صاحبها، إنما تنفع توبة الاختيار‏.‏
          ......







          هيا نقرأ ,,,
          وفي انتظار مشاركات حضراتكم بـ :

          > مناقشة التفسير ( إذا كان لديكم سؤالا أو إضافة )
          > الآيات التي توقفتم عندها وتدبرتم فيها
          > تأمل القصص واستخراج الدروس والعبر والفوائد المأخوذة منها


          ويرجى كتابة نوع المشاركة في أولها
          مثل
          #تفسير
          #تدبر
          #قصص



          نفعنا الله وإياكم بالقرءان وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

          في انتظاركم
          المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
          اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

          تعليق


          • #6
            رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

            _..- مقرأة الجزء الخامس-.._

            تفسير مختصر للجزء
            أولا : حلقة تفسير للجزء لدكتور حازم شومان
            نقلا عن موقع الطريق إلى الله


            لتحميل الحلقة صوت : هنا

            لتحميل التفريغ : هنا



            ثانيا : تفسير المواضع الصعبة بالجزء من تفسير السعدي





            {‏حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا‏}



            هذه الآيات الكريمات مشتملات على المحرمات بالنسب، والمحرمات بالرضاع، والمحرمات بالصهر، والمحرمات بالجمع، وعلى المحللات من النساء‏.‏ فأما المحرمات في النسب فهن السبع اللاتي ذكرهن الله‏.‏
            الأم يدخل فيها كل من لها عليك ولادة، وإن بعدت، ويدخل في البنت كل من لك عليها ولادة، والأخوات الشقيقات، أو لأب أو لأم‏.‏ والعمة‏:‏ كل أخت لأبيك أو لجدك وإن علا‏.‏
            والخالة‏:‏ كل أخت لأمك، أو جدتك وإن علت وارثة أم لا‏.‏ وبنات الأخ وبنات الأخت أي‏:‏ وإن نزلت‏.‏
            فهؤلاء هن المحرمات من النسب بإجماع العلماء كما هو نص الآية الكريمة وما عداهن فيدخل في قوله‏:‏ ‏{‏وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ‏}‏ وذلك كبنت العمة والعم وبنت الخال والخالة‏.‏
            وأما المحرمات بالرضاع فقد ذكر الله منهن الأم والأخت‏.‏ وفي ذلك تحريم الأم مع أن اللبن ليس لها، إنما هو لصاحب اللبن، دل بتنبيهه على أن صاحب اللبن يكون أبا للمرتضع فإذا ثبتت الأبوة والأمومة ثبت ما هو فرع عنهما كإخوتهما وأصولهم وفروعهم وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب‏)‏ فينتشر التحريم من جهة المرضعة ومن له اللبن كما ينتشر في الأقارب، وفي الطفل المرتضع إلى ذريته فقط‏.‏ لكن بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات في الحولين كما بينت السنة‏.‏
            وأما المحرمات بالصهر فهن أربع‏.‏ حلائل الآباء وإن علوا، وحلائل الأبناء وإن نزلوا، وارثين أو محجوبين‏.‏ وأمهات الزوجة وإن علون، فهؤلاء الثلاث يحرمن بمجرد العقد‏.‏
            والرابعة‏:‏ الربيبة وهي بنت زوجته وإن نزلت، فهذه لا تحرم حتى يدخل بزوجته كما قال هنا ‏{‏وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ‏}‏ الآية‏.‏
            وقد قال الجمهور‏:‏ إن قوله‏:‏ ‏{‏اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ‏}‏ قيد خرج مخرج الغالب لا مفهوم له، فإن الربيبة تحرم ولو لم تكن في حجره ولكن للتقييد بذلك فائدتان‏:‏
            إحداهما‏:‏ فيه التنبيه على الحكمة في تحريم الربيبة وأنها كانت بمنزلة البنت فمن المستقبح إباحتها‏.‏
            والثانية‏:‏ فيه دلالة على جواز الخلوة بالربيبة وأنها بمنزلة من هي في حجره من بناته ونحوهن‏.‏ والله أعلم‏.‏
            وأما المحرمات بالجمع فقد ذكر الله الجمع بين الأختين وحرمه وحرم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، فكل امرأتين بينهما رحم محرم لو قدر إحداهما ذكرًا والأخرى أنثى حرمت عليه فإنه يحرم الجمع بينهما، وذلك لما في ذلك من أسباب التقاطع بين الأرحام‏.‏
            ‏{‏وَ‏}‏ من المحرمات في النكاح ‏{‏وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ‏}‏ أي‏:‏ ذوات الأزواج‏.‏ فإنه يحرم نكاحهن ما دمن في ذمة الزوج حتى تطلق وتنقضي عدتها‏.‏ ‏{‏إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ أي‏:‏ بالسبي، فإذا سبيت الكافرة ذات الزوج حلت للمسلمين بعد أن تستبرأ‏.‏ وأما إذا بيعت الأمة المزوجة أو وهبت فإنه لا ينفسخ نكاحها لأن المالك الثاني نزل منزلة الأول ولقصة بريرة حين خيرها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏.‏
            وقوله‏:‏ ‏{‏كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ الزموه واهتدوا به فإن فيه الشفاء والنور وفيه تفصيل الحلال من الحرام‏.‏
            ودخل في قوله‏:‏ ‏{‏وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ‏}‏ كلُّ ما لم يذكر في هذه الآية، فإنه حلال طيب‏.‏ فالحرام محصور والحلال ليس له حد ولا حصر لطفًا من الله ورحمة وتيسيرًا للعباد‏.‏



            وقوله‏:‏ ‏{‏أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ تطلبوا من وقع عليه نظركم واختياركم من اللاتي أباحهن الله لكم حالة كونكم ‏{‏مُحْصِنِينَ‏}‏ أي‏:‏ مستعفين عن الزنا، ومعفين نساءكم‏.‏
            ‏{‏غَيْرَ مُسَافِحِينَ‏}‏ والسفح‏:‏ سفح الماء في الحلال والحرام، فإن الفاعل لذلك لا يحصن زوجته لكونه وضع شهوته في الحرام فتضعف داعيته للحلال فلا يبقى محصنا لزوجته‏.‏ وفيها دلالة على أنه لا يزوج غير العفيف لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ‏}‏ ‏.‏ ‏{‏فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ ممن تزوجتموها ‏{‏فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ الأجور في مقابلة الاستمتاع‏.‏ ولهذا إذا دخل الزوج بزوجته تقرر عليه صداقها ‏{‏فَرِيضَةً‏}‏ أي‏:‏ إتيانكم إياهن أجورهن فرض فرضه الله عليكم، ليس بمنزلة التبرع الذي إن شاء أمضاه وإن شاء رده‏.‏ أو معنى قوله فريضة‏:‏ أي‏:‏ مقدرة قد قدرتموها فوجبت عليكم، فلا تنقصوا منها شيئًا‏.‏
            {‏وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ‏}‏ أي‏:‏ بزيادة من الزوج أو إسقاط من الزوجة عن رضا وطيب نفس ‏[‏هذا قول كثير من المفسرين، وقال كثير منهم‏:‏ إنها نزلت في متعة النساء التي كانت حلالا في أول الإسلام ثم حرمها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه يؤمر بتوقيتها وأجرها، ثم إذا انقضى الأمد الذي بينهما فتراضيا بعد الفريضة فلا حرج عليهما، والله أعلم‏]‏‏.‏




            {‏وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}
            ثم قال تعالى ‏{‏وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا‏}‏ الآية‏.‏



            أي‏:‏ ومن لم يستطع الطول الذي هو المهر لنكاح المحصنات أي‏:‏ الحرائر المؤمنات وخاف على نفسه العَنَت أي‏:‏ الزنا والمشقة الكثيرة، فيجوز له نكاح الإماء المملوكات المؤمنات‏.‏ وهذا بحسب ما يظهر، وإلا فالله أعلم بالمؤمن الصادق من غيره، فأمور الدنيا مبنية على ظواهر الأمور، وأحكام الآخرة مبنية على ما في البواطن‏.‏



            ‏{‏فَانْكِحُوهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ المملوكات ‏{‏بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ‏}‏ أي‏:‏ سيدهن واحدًا أو متعددًا‏.‏



            {‏وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏ أي‏:‏ ولو كن إماء، فإنه كما يجب المهر للحرة فكذلك يجب للأمة‏.‏ ولكن لا يجوز نكاح الإماء إلا إذا كن ‏{‏مُحْصَنَاتٍ‏}‏ أي‏:‏ عفيفات عن الزنا ‏{‏غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ‏}‏ أي‏:‏ زانيات علانية‏.‏ ‏{‏وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ‏}‏ أي‏:‏ أخلاء في السر‏.‏



            فالحاصل أنه لا يجوز للحر المسلم نكاح أمة إلا بأربعة شروط ذكرها الله‏:‏ الإيمان بهن والعفة ظاهرا وباطنا، وعدم استطاعة طول الحرة، وخوف العنت، فإذا تمت هذه الشروط جاز له نكاحهن‏.‏
            ومع هذا فالصبر عن نكاحهن أفضل لما فيه من تعريض الأولاد للرق، ولما فيه من الدناءة والعيب‏.‏ وهذا إذا أمكن الصبر، فإن لم يمكن الصبر عن المحرم إلا بنكاحهن وجب ذلك‏.‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}


            وقوله‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أُحْصِنَّ‏}‏ أي‏:‏ تزوجن أو أسلمن أي‏:‏ الإماء ‏{‏فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ‏}‏ أي‏:‏ الحرائر ‏{‏مِنَ الْعَذَابِ‏}‏‏.‏
            وذلك الذي يمكن تنصيفه وهو‏:‏ الجَلد فيكون عليهن خمسون جَلدة‏.‏ وأما الرجم فليس على الإماء رجم لأنه لا يتنصف، فعلى القول الأول إذا لم يتزوجن فليس عليهن حد، إنما عليهن تعزير يردعهن عن فعل الفاحشة‏.‏



            وعلى القول الثاني‏:‏ إن الإماء غير المسلمات، إذا فعلن فاحشة أيضًا عزرن‏.‏
            وختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين ‏"‏الغفور والرحيم‏"‏ لكون هذه الأحكام رحمةً بالعباد وكرمًا وإحسانًا إليهم فلم يضيق عليهم، بل وسع غاية السعة‏.‏





            {‏وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا‏}‏‏.‏
            ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة‏.‏ فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها‏.‏ ولأنه يقتضي السخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب‏.‏ وإنما المحمود أمران‏:‏ أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه‏.‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا‏}‏ أي‏:‏ من أعمالهم المنتجة للمطلوب‏.‏ ‏{‏وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ‏}‏ فكل منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه‏.‏ ‏{‏وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ أي‏:‏ من جميع مصالحكم في الدين والدنيا‏.‏ فهذا كمال العبد وعنوان سعادته لا من يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين فإن هذا مخذول خاسر‏.‏
            وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا‏}‏ فيعطي من يعلمه أهلا لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق‏.‏







            {‏وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا‏}

            أي‏:‏ ‏{‏وَلِكُلٍّ‏}‏ من الناس ‏{‏جَعَلْنَا مَوَالِيَ‏}‏ أي‏:‏ يتولونه ويتولاهم بالتعزز والنصرة والمعاونة على الأمور‏.‏ ‏{‏مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ‏}‏ وهذا يشمل سائر الأقارب من الأصول والفروع والحواشي، هؤلاء الموالي من القرابة‏.‏
            ثم ذكر نوعًا آخر من الموالي فقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ أي‏:‏ حالفتموهم بما عقدتم معهم من عقد المحالفة على النصرة والمساعدة والاشتراك بالأموال وغير ذلك‏.‏ وكل هذا من نعم الله على عباده، حيث كان الموالي يتعاونون بما لا يقدر عليه بعضهم مفردًا‏.‏
            قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ آتوا الموالي نصيبهم الذي يجب القيام به من النصرة والمعاونة والمساعدة على غير معصية الله‏.‏ والميراث للأقارب الأدنين من الموالي‏.‏
            {‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا‏}‏ أي‏:‏ مطلعًا على كل شيء بعلمه لجميع الأمور، وبصره لحركات عباده، وسمعه لجميع أصواتهم‏.‏


            ‏{‏الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا‏}‏


            {‏وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل، ‏{‏فَعِظُوهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة، والترهيب من معصيته، فإن انتهت فذلك المطلوب، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع، بأن لا يضاجعها، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم ‏{‏فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا‏}‏ أي‏:‏ فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر‏.‏
            {‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا‏}‏ أي‏:‏ له العلو المطلق بجميع الوجوه والاعتبارات، علو الذات وعلو القدر وعلو القهر الكبير الذي لا أكبر منه ولا أجل ولا أعظم، كبير الذات والصفات‏.‏



            {‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ *وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا * مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا‏}

            هذا ذم لمن ‏{‏أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ‏}‏ وفي ضمنه تحذير عباده عن الاغترار بهم، والوقوع في أشراكهم، فأخبر أنهم في أنفسهم ‏{‏يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ‏}‏ أي‏:‏ يحبونها محبة عظيمة ويؤثرونها إيثار من يبذل المال الكثير في طلب ما يحبه‏.‏ فيؤثرون الضلال على الهدى، والكفر على الإيمان، والشقاء على السعادة، ومع هذا ‏{‏يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ‏}‏ ‏.‏
            فهم حريصون على إضلالكم غاية الحرص، باذلون جهدهم في ذلك ‏.‏ولكن لما كان الله ولي عباده المؤمنين وناصرهم، بيَّن لهم ما اشتملوا عليه من الضلال والإضلال، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا‏}‏ أي‏:‏ يتولى أحوال عباده ويلطف بهم في جميع أمورهم، وييسر لهم ما به سعادتهم وفلاحهم‏.‏ ‏{‏وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا‏}‏ ينصرهم على أعدائهم ويبين لهم ما يحذرون منهم ويعينهم عليهم‏.‏ فولايته تعالى فيها حصول الخير، ونصره فيه زوال الشر‏.‏



            ثم بين كيفية ضلالهم وعنادهم وإيثارهم الباطل على الحق فقال‏:‏ ‏{‏مِنَ الَّذِينَ هَادُوا‏}‏ أي‏:‏ اليهود وهم علماء الضلال منهم‏.‏
            {‏يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ‏}‏ إما بتغيير اللفظ أو المعنى، أو هما جميعا‏.‏ فمن تحريفهم تنزيل الصفات التي ذكرت في كتبهم التي لا تنطبق ولا تصدق إلا على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أنه غير مراد بها، ولا مقصود بها بل أريد بها غيره، وكتمانهم ذلك‏.‏
            فهذا حالهم في العلم أشر حال، قلبوا فيه الحقائق، ونزلوا الحق على الباطل، وجحدوا لذلك الحق، وأما حالهم في العمل والانقياد فإنهم ‏{‏يَقُولون سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا‏}‏ أي‏:‏ سمعنا قولك وعصينا أمرك، وهذا غاية الكفر والعناد والشرود عن الانقياد، وكذلك يخاطبون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأقبح خطاب وأبعده عن الأدب فيقولون‏:‏ ‏{‏اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ‏}‏ قصدهم‏:‏ اسمع منا غير مسمع ما تحب، بل مسمع ما تكره، ‏{‏وَرَاعِنَا‏}‏ قصدهم بذلك الرعونة، بالعيب القبيح، ويظنون أن اللفظ ـ لما كان محتملا لغير ما أرادوا من الأمور ـ أنه يروج على الله وعلى رسوله، فتوصلوا بذلك اللفظِ الذي يلوون به ألسنتهم إلى الطعن في الدين والعيب للرسول، ويصرحون بذلك فيما بينهم، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ‏}
            ثم أرشدهم إلى ما هو خير لهم من ذلك فقال‏:‏ ‏{‏وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ‏}‏ وذلك لما تضمنه هذا الكلام من حسن الخطاب والأدب اللائق في مخاطبة الرسول، والدخول تحت طاعة الله والانقياد لأمره، وحسن التلطف في طلبهم العلم بسماع سؤالهم، والاعتناء بأمرهم، فهذا هو الذي ينبغي لهم سلوكه‏.‏ ولكن لما كانت طبائعهم غير زكية، أعرضوا عن ذلك، وطردهم الله بكفرهم وعنادهم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا‏}



            {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا‏}

            {‏مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا‏}‏ وهذا جزاء من جنس ما عملوا، كما تركوا الحق، وآثروا الباطل وقلبوا الحقائق، فجعلوا الباطل حقا والحق باطلا، جوزوا من جنس ذلك بطمس وجوههم كما طمسوا الحق، وردها على أدبارها، بأن تجعل في أقفائهم وهذا أشنع ما يكون ‏{‏أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ‏}‏ بأن يطردهم من رحمته، ويعاقبهم بجعلهم قردة، كما فعل بإخوانهم الذين اعتدوا في السبت ‏{‏فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ‏}‏ ‏{‏وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا‏}‏ كقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏}



            {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا * وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا * فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا‏}
            يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين‏.‏ وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على قتالهم ويستدفع مكرهم وقوتهم، من استعمال الحصون والخنادق، وتعلم الرمي والركوب، وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك، وما به يعرف مداخلهم، ومخارجهم، ومكرهم، والنفير في سبيل الله‏.‏
            ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ‏}‏ أي‏:‏ متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش، ويقيم غيرهم ‏{‏أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا‏}‏ وكل هذا تبع للمصلحة والنكاية، والراحة للمسلمين في دينهم، وهذه الآية نظير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ‏}
            ثم أخبر عن ضعفاء الإيمان المتكاسلين عن الجهاد فقال‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ مِنْكُمْ‏}‏ أي‏:‏ أيها المؤمنون ‏{‏لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ‏}‏ أي‏:‏ يتثاقل عن الجهاد في سبيل الله ضعفا وخورا وجبنا، هذا الصحيح‏.‏
            وقيل معناه‏:‏ ليبطئن غيرَه أي‏:‏ يزهده عن القتال، وهؤلاء هم المنافقون، ولكن الأول أَولى لوجهين‏:‏
            أحدهما‏:‏ قوله ‏{‏مِنْكُمْ‏}‏ والخطاب للمؤمنين‏.‏
            والثاني‏:‏ قوله في آخر الآية‏:‏ ‏{‏كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ‏}‏ فإن الكفار من المشركين والمنافقين قد قطع الله بينهم وبين المؤمنين المودة‏.‏ وأيضًا فإن هذا هو الواقع، فإن المؤمنين على قسمين‏:‏
            صادقون في إيمانهم أوجب لهم ذلك كمال التصديق والجهاد‏.‏
            وضعفاء دخلوا في الإسلام فصار معهم إيمان ضعيف لا يقوى على الجهاد‏.‏



            {‏فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ‏}‏ أي‏:‏ هزيمة وقتل، وظفر الأعداء عليكم في بعض الأحوال لما لله في ذلك من الحكم‏.‏ ‏{‏قَالَ‏}‏ ذلك المتخلف ‏{‏قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا‏}‏ رأى من ضعف عقله وإيمانه أن التقاعد عن الجهاد الذي فيه تلك المصيبة نعمة‏.‏ ولم يدر أن النعمة الحقيقية هي التوفيق لهذه الطاعة الكبيرة، التي بها يقوى الإيمان، ويسلم بها العبد من العقوبة والخسران، ويحصل له فيها عظيم الثواب ورضا الكريم الوهاب‏.‏
            وأما القعود فإنه وإن استراح قليلًا، فإنه يعقبه تعب طويل وآلام عظيمة، ويفوته ما يحصل للمجاهدين‏.‏
            ثم قال‏:‏ ‏{‏وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ نصر وغنيمة ‏{‏لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا‏}‏ أي‏:‏ يتمنى أنه حاضر لينال من المغانم، ليس له رغبة ولا قصد في غير ذلك، كأنه ليس منكم يا معشر المؤمنين ولا بينكم وبينه المودة الإيمانية التي من مقتضاها أن المؤمنين مشتركون في جميع مصالحهم ودفع مضارهم، يفرحون بحصولها ولو على يد غيرهم من إخوانهم المؤمنين ويألمون بفقدها، ويسعون جميعا في كل أمر يصلحون به دينهم ودنياهم، فهذا الذي يتمنى الدنيا فقط، ليست معه الروح الإيمانية المذكورة‏.‏



            {‏وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا‏}
            هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق‏.‏ وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي‏:‏ والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها‏.‏ فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك‏.‏ وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ‏}‏ أي‏:‏ يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة‏.‏
            وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ‏.‏ وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان‏؟‏ أم لا،فيحجم عنه‏؟‏







            {‏فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا‏}
            هذه الحالة أفضل أحوال العبد، أن يجتهد في نفسه على امتثال أمر الله من الجهاد وغيره، ويحرض غيره عليه، وقد يعدم في العبد الأمران أو أحدهما فلهذا قال لرسوله‏:‏ ‏{‏فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ‏}‏ أي‏:‏ ليس لك قدرة على غير نفسك، فلن تكلف بفعل غيرك‏.‏ ‏{‏وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ على القتال، وهذا يشمل كل أمر يحصل به نشاط المؤمنين وقوة قلوبهم، من تقويتهم والإخبار بضعف الأعداء وفشلهم، وبما أُعد للمقاتلين من الثواب، وما على المتخلفين من العقاب، فهذا وأمثاله كله يدخل في التحريض على القتال‏.‏
            {‏عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ أي‏:‏ بقتالكم في سبيل الله، وتحريض بعضكم بعضًا‏.‏ ‏{‏وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا‏}‏ أي‏:‏ قوة وعزة ‏{‏وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا‏}‏ بالمذنب في نفسه، وتنكيلا لغيره، فلو شاء تعالى لانتصر من الكفار بقوته ولم يجعل لهم باقية‏.‏
            ولكن من حكمته يبلو بعض عباده ببعض ليقوم سوق الجهاد، ويحصل الإيمان النافع، إيمان الاختيار، لا إيمان الاضطرار والقهر الذي لا يفيد شيئًا‏.‏



            {‏مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا‏}
            المراد بالشفاعة هنا‏:‏ المعاونة على أمر من الأمور، فمن شفع غيره وقام معه على أمر من أمور الخير ـ ومنه الشفاعة للمظلومين لمن ظلمهم ـ كان له نصيب من شفاعته بحسب سعيه وعمله ونفعه، ولا ينقص من أجر الأصيل والمباشر شيء، ومَنْ عاون غيره على أمر من الشر كان عليه كفل من الإثم بحسب ما قام به وعاون عليه‏.‏ ففي هذا الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى، والزجر العظيم عن التعاون على الإثم والعدوان، وقرر ذلك بقوله‏:‏ ‏{‏وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا‏}‏ أي‏:‏ شاهدًا حفيظًا حسيبًا على هذه الأعمال، فيجازي كُلًّا ما يستحقه‏.‏



            {‏فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا * وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا * سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا‏}
            المراد بالمنافقين المذكورين في هذه الآيات‏:‏ المنافقون المظهرون إسلامهم، ولم يهاجروا مع كفرهم، وكان قد وقع بين الصحابة رضوان الله عليهم فيهم اشتباه، فبعضهم تحرج عن قتالهم، وقطع موالاتهم بسبب ما أظهروه من الإيمان، وبعضهم علم أحوالهم بقرائن أفعالهم فحكم بكفرهم‏.‏ فأخبرهم الله تعالى أنه لا ينبغي لكم أن تشتبهوا فيهم ولا تشكوا، بل أمرهم واضح غير مشكل، إنهم منافقون قد تكرر كفرهم، وودوا مع ذلك كفركم وأن تكونوا مثلهم‏.‏ فإذا تحققتم ذلك منهم ‏{‏فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ‏}‏ وهذا يستلزم عدم محبتهم لأن الولاية فرع المحبة‏.‏
            ويستلزم أيضًا بغضهم وعداوتهم لأن النهي عن الشيء أمر بضده، وهذا الأمر موقت بهجرتهم فإذا هاجروا جرى عليهم ما جرى على المسلمين، كما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجري أحكام الإسلام لكل مَنْ كان معه وهاجر إليه، وسواء كان مؤمنا حقيقة أو ظاهر الإيمان‏.‏
            وأنهم إن لم يهاجروا وتولوا عنها ‏{‏فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ‏}‏ أي‏:‏ في أي وقت وأي محل كان، وهذا من جملة الأدلة الدالة على نسخ القتال في الأشهر الحرم، كما هو قول جمهور العلماء، والمنازعون يقولون‏:‏ هذه نصوص مطلقة، محمولة على تقييد التحريم في الأشهر الحرم‏.‏
            ثم إن الله استثنى من قتال هؤلاء المنافقين ثلاث فِرَق‏:‏
            فرقتين أمر بتركهم وحتَّم ‏[‏على‏]‏ ذلك، إحداهما من يصل إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق بترك القتال فينضم إليهم، فيكون له حكمهم في حقن الدم والمال‏.‏
            والفرقة الثانية قوم ‏{‏حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ بقوا، لا تسمح أنفسهم بقتالكم، ولا بقتال قومهم، وأحبوا ترك قتال الفريقين، فهؤلاء أيضًا أمر بتركهم، وذكر الحكمة في ذلك في قوله‏:‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ‏}‏ فإن الأمور الممكنة ثلاثة أقسام‏:‏
            إما أن يكونوا معكم ويقاتلوا أعداءكم، وهذا متعذر من هؤلاء، فدار الأمر بين قتالكم مع قومهم وبين ترك قتال الفريقين، وهو أهون الأمرين عليكم، والله قادر على تسليطهم عليكم، فاقبلوا العافية، واحمدوا ربكم الذي كف أيديهم عنكم مع التمكن من ذلك‏.‏
            فـهؤلاء ‏{‏إن اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا‏}
            الفرقة الثالثة‏:‏ قوم يريدون مصلحة أنفسهم بقطع النظر عن احترامكم، وهم الذين قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏سَتَجِدُونَ آخَرِينَ‏}‏ أي‏:‏ من هؤلاء المنافقين‏.‏ ‏{‏يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ‏}‏ أي‏:‏ خوفا منكم ‏{‏وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا‏}‏ أي‏:‏ لا يزالون مقيمين على كفرهم ونفاقهم، وكلما عرض لهم عارض من عوارض الفتن أعماهم ونكسهم على رءوسهم، وازداد كفرهم ونفاقهم، وهؤلاء في الصورة كالفرقة الثانية، وفي الحقيقة مخالفة لها‏.‏
            فإن الفرقة الثانية تركوا قتال المؤمنين احترامًا لهم لا خوفا على أنفسهم، وأما هذه الفرقة فتركوه خوفا لا احتراما، بل لو وجدوا فرصة في قتال المؤمنين، فإنهم مستعدون لانتهازها، فهؤلاء إن لم يتبين منهم ويتضح اتضاحًا عظيمًا اعتزال المؤمنين وترك قتالهم، فإنهم يقاتلون، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ‏}‏ أي‏:‏ المسالمة والموادعة ‏{‏وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا‏}‏ أي‏:‏ حجة بينة واضحة، لكونهم معتدين ظالمين لكم تاركين للمسالمة، فلا يلوموا إلا أنفسهم‏.‏


            {‏وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا‏}
            أي‏:‏ لا تضعفوا ولا تكسلوا في ابتغاء عدوكم من الكفار، أي‏:‏ في جهادهم والمرابطة على ذلك، فإن وَهَن القلب مستدع لوَهَن البدن، وذلك يضعف عن مقاومة الأعداء‏.‏ بل كونوا أقوياء نشيطين في قتالهم‏.‏
            ثم ذكر ما يقوي قلوب المؤمنين، فذكر شيئين‏:‏
            الأول‏:‏ أن ما يصيبكم من الألم والتعب والجراح ونحو ذلك فإنه يصيب أعداءكم، فليس من المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية أن تكونوا أضعف منهم، وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك، لأن العادة الجارية لا يضعف إلا من توالت عليه الآلام وانتصر عليه الأعداء على الدوام، لا من يدال مرة، ويدال عليه أخرى‏.‏
            الأمر الثاني‏:‏ أنكم ترجون من الله ما لا يرجون، فترجون الفوز بثوابه والنجاة من عقابه، بل خواص المؤمنين لهم مقاصد عالية وآمال رفيعة من نصر دين الله، وإقامة شرعه، واتساع دائرة الإسلام، وهداية الضالين، وقمع أعداء الدين، فهذه الأمور توجب للمؤمن المصدق زيادة القوة، وتضاعف النشاط والشجاعة التامة؛ لأن من يقاتل ويصبر على نيل عزه الدنيوي إن ناله، ليس كمن يقاتل لنيل السعادة الدنيوية والأخروية، والفوز برضوان الله وجنته، فسبحان من فاوت بين العباد وفرق بينهم بعلمه وحكمته، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا‏}‏ كامل العلم كامل الحكمة



            {‏وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا‏}
            الاستفتاء‏:‏ طلب السائل من المسئول بيان الحكم الشرعي في ذلك المسئول عنه‏.‏ فأخبر عن المؤمنين أنهم يستفتون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حكم النساء المتعلق بهم، فتولى الله هذه الفتوى بنفسه فقال‏:‏ ‏{‏قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ‏}‏ فاعملوا على ما أفتاكم به في جميع شئون النساء، من القيام بحقوقهن وترك ظلمهن عمومًا و خصوصًا‏.‏
            وهذا أمر عام يشمل جميع ما شرع الله أمرا ونهيا في حق النساء الزوجات وغيرهن، الصغار والكبار، ثم خص ـ بعد التعميم ـ الوصية بالضعاف من اليتامى والولدان اهتماما بهم وزجرا عن التفريط في حقوقهم فقال‏:‏ ‏{‏وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ‏}‏ أي‏:‏ ويفتيكم أيضًا بما يتلى عليكم في الكتاب في شأن اليتامى من النساء‏.‏ ‏{‏اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ‏}‏ وهذا إخبار عن الحالة الموجودة الواقعة في ذلك الوقت، فإن اليتيمة إذا كانت تحت ولاية الرجل بخسها حقها وظلمها، إما بأكل مالها الذي لها أو بعضه، أو منعها من التزوج لينتفع بمالها، خوفا من استخراجه من يده إنْ زوَّجها، أو يأخذ من مهرها الذي تتزوج به بشرط أو غيره، هذا إذا كان راغبا عنها، أو يرغب فيها وهي ذات جمال ومال ولا يقسط في مهرها، بل يعطيها دون ما تستحق، فكل هذا ظلم يدخل تحت هذا النص ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ‏}‏ أي‏:‏ ترغبون عن نكاحهن أو في نكاحهن كما ذكرنا تمثيله‏.‏
            {‏وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَان‏}‏ أي‏:‏ ويفتيكم في المستضعفين من الولدان الصغار، أن تعطوهم حقهم من الميراث وغيره وأن لا تستولوا على أموالهم على وجه الظلم والاستبداد‏.‏ ‏{‏وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ‏}‏ أي‏:‏ بالعدل التام، وهذا يشمل القيام عليهم بإلزامهم أمر الله وما أوجبه على عباده، فيكون الأولياء مكلفين بذلك، يلزمونهم بما أوجبه الله‏.‏
            ويشمل القيام عليهم في مصالحهم الدنيوية بتنمية أموالهم وطلب الأحظ لهم فيها، وأن لا يقربوها إلا بالتي هي أحسن، وكذلك لا يحابون فيهم صديقا ولا غيره، في تزوج وغيره، على وجه الهضم لحقوقهم‏.‏ وهذا من رحمته تعالى بعباده، حيث حثّ غاية الحث على القيام بمصالح من لا يقوم بمصلحة نفسه لضعفه وفقد أبيه‏.‏
            ثم حثّ على الإحسان عمومًا فقال‏:‏ ‏{‏وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ‏}‏ لليتامى ولغيرهم سواء كان الخير متعديا أو لازما ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا‏}‏ أي‏:‏ قد أحاط علمه بعمل العاملين للخير، قلة وكثرة، حسنا وضده، فيجازي كُلًّا بحسب عمله‏.‏



            {‏إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا‏}
            يخبر تعالى عن المنافقين بما كانوا عليه، من قبيح الصفات وشنائع السمات، وأن طريقتهم مخادعة الله تعالى، أي‏:‏ بما أظهروه من الإيمان وأبطنوه من الكفران، ظنوا أنه يروج على الله ولا يعلمه ولا يبديه لعباده، والحال أن الله خادعهم، فمجرد وجود هذه الحال منهم ومشيهم عليها، خداع لأنفسهم‏.‏ وأي‏:‏ خداع أعظم ممن يسعى سعيًا يعود عليه بالهوان والذل والحرمان‏؟‏‏"‏
            ويدل بمجرده على نقص عقل صاحبه، حيث جمع بين المعصية، ورآها حسنة، وظنها من العقل والمكر، فلله ما يصنع الجهل والخذلان بصاحبه‏"‏
            ومن خداعه لهم يوم القيامة ما ذكره الله في قوله‏:‏ ‏{‏يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُـوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُـورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَـةُ وَظَاهـرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ‏}‏ إلى آخر الآيات‏.‏
            ‏"‏وَ‏"‏ من صفاتهم أنهم ‏{‏إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ‏}‏ ـ إن قاموا ـ التي هي أكبر الطاعات العملية ‏{‏قَامُوا كُسَالَى‏}‏ متثاقلين لها متبرمين من فعلها، والكسل لا يكون إلا من فقد الرغبة من قلوبهم، فلولا أن قلوبهم فارغة من الرغبة إلى الله وإلى ما عنده، عادمة للإيمان، لم يصدر منهم الكسل، ‏{‏يُرَاءُونَ النَّاسَ‏}‏ أي‏:‏ هذا الذي انطوت عليه سرائرهم وهذا مصدر أعمالهم، مراءاة الناس، يقصدون رؤية الناس وتعظيمهم واحترامهم ولا يخلصون لله، فلهذا ‏{‏لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا‏}‏ لامتلاء قلوبهم من الرياء، فإن ذكر الله تعالى وملازمته لا يكون إلا من مؤمن ممتلئ قلبه بمحبة الله وعظمته‏.‏
            {‏مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ‏}‏ أي‏:‏ مترددين بين فريق المؤمنين وفريق الكافرين‏.‏ فلا من المؤمنين ظاهرا وباطنا، ولا من الكافرين ظاهرا وباطنا‏.‏ أعطوا باطنهم للكافرين وظاهرهم للمؤمنين، وهذا أعظم ضلال يقدر‏.‏ ولهذا ق ـال‏:‏ ‏{‏وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا‏}‏ أي‏:‏ لن تجد طريقا لهدايته ولا وسيلة لترك غوايته، لأنه انغلق عنه باب الرحمة، وصار بدله كل نقمة‏.‏
            فهذه الأوصاف المذمومة تدل بتنبيهها على أن المؤمنين متصفون بضدها، من الصدق ظاهرا وباطنا، والإخلاص، وأنهم لا يجهل ما عندهم، ونشاطهم في صلاتهم وعباداتهم، وكثرة ذكرهم لله تعالى‏.‏ وأنهم قد هداهم الله ووفقهم للصراط المستقيم‏.‏ فليعرض العاقل نفسه على هذين الأمرين وليختر أيهما أولى به، وبالله المستعان‏.‏










            هيا نقرأ ,,,
            وفي انتظار مشاركات حضراتكم بـ :

            > مناقشة التفسير ( إذا كان لديكم سؤالا أو إضافة )
            > الآيات التي توقفتم عندها وتدبرتم فيها
            > تأمل القصص واستخراج الدروس والعبر والفوائد المأخوذة منها


            ويرجى كتابة نوع المشاركة في أولها
            مثل
            #تفسير
            #تدبر
            #قصص






            نفعنا الله وإياكم بالقرءان وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

            في انتظاركم
            المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
            اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

            تعليق


            • #7
              رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

              _..- مقرأة الجزء السادس -.._

              تفسير مختصر للجزء
              أولا : حلقة تفسير للجزء لدكتور حازم شومان
              نقلا عن موقع الطريق إلى الله


              لتحميل الحلقة صوت : هنا

              لقراءة أو تحميل التفريغ : هنا





              ثانيا : تفسير المواضع الصعبة بالجزء من تفسير السعدي


              ‏{‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا * إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏

              يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول، أي‏:‏ يبغض ذلك ويمقته ويعاقب عليه، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء وتحزن، كالشتم والقذف والسب ونحو ذلك فإن ذلك كله من المنهي عنه الذي يبغضه الله‏.‏ ويدل مفهومها أنه يحب الحسن من القول كالذكر والكلام الطيب اللين‏.‏



              وقوله‏:‏ ‏{‏إِلَّا مَن ظُلِمَ‏}‏ أي‏:‏ فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه، ويجهر بالسوء لمن جهر له به، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه، ومع ذلك فعفوه وعـدم مقابلته أولى، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ‏}‏



              {‏وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا‏}‏ ولما كانت الآية قد اشتملت على الكلام السيئ والحسن والمباح، أخبر تعالى أنه ‏{‏سميع‏}‏ فيسمع أقوالكم، فاحذروا أن تتكلموا بما يغضب ربكم فيعاقبكم على ذلك‏.‏ وفيه أيضًا ترغيب على القول الحسن‏.‏ ‏{‏عَلِيمٌ‏}‏ بنياتكم ومصدر أقوالكم‏.‏



              ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ‏}‏ وهذا يشمل كل خير قوليّ وفعليّ، ظاهر وباطن، من واجب ومستحب‏.‏



              {‏أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ‏}‏ أي‏:‏ عمن ساءكم في أبدًانكم وأموالكم وأعراضكم، فتسمحوا عنه، فإن الجزاء من جنس العمل‏.‏ فمن عفا لله عفا الله عنه، ومن أحسن أحسن الله إليه، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏ أي‏:‏ يعفو عن زلات عباده وذنوبهم العظيمة فيسدل عليهم ستره، ثم يعاملهم بعفوه التام الصادر عن قدرته‏.‏

              وفي هذه الآية إرشاد إلى التفقه في معاني أسماء الله وصفاته، وأن الخلق والأمر صادر عنها، وهي مقتضية له، ولهذا يعلل الأحكام بالأسماء الحسنى، كما في هذه الآية‏.‏

              لما ذكر عمل الخير والعفو عن المسيء رتب على ذلك، بأن أحالنا على معرفة أسمائه وأن ذلك يغنينا عن ذكر ثوابها الخاص‏.‏



              ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا‏}‏

              هنا قسمان قد وضحا لكل أحد‏:‏ مؤمنٌ بالله وبرسله كلِّهم وكتبه، وكافرٌ بذلك كله‏.‏

              وبقي قسم ثالث‏:‏ وهو الذي يزعم أنه يؤمن ببعض الرسل دون بعض، وأن هذا سبيل ينجيه من عذاب الله، إنْ هذا إلا مجرد أماني‏.‏ فإن هؤلاء يريدون التفريق بين الله وبين رسله‏.‏

              فإن من تولى الله حقيقة تولى جميع رسله لأن ذلك من تمام توليه، ومن عادى أحدا من رسله فقد عادى الله وعادى جميع رسله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَن كَانَ عَدُوًّالِّلَّهِ‏}‏



              وكذلك مَنْ كفر برسول فقد كفر بجميع الرسل، بل بالرسول الذي يزعم أنه به مؤمن، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ هُـمُ الْكَـافِرُونَ حَقًّا‏}‏ وذلك لئلا يتوهم أن مرتبتهم متوسطة بين الإيمان والكفر‏.‏

              ووجه كونهم كافرين ـ حتى بما زعموا الإيمان به ـ أن كل دليل دلهم على الإيمان بمن آمنوا به موجود هو أو مثله أو ما فوقه للنبي الذي كفروا به، وكل شبهة يزعمون أنهم يقدحون بها في النبي الذي كفروا به موجود مثلها أو أعظم منها فيمن آمنوا به‏.‏

              فلم يبق بعد ذلك إلا التشهي والهوى ومجرد الدعوى التي يمكن كل أحد أن يقابلها بمثلها، ولما ذكر أن هؤلاء هم الكافرون حقا ذكر عقابا شاملا لهم ولكل كافر فقال‏:‏ ‏{‏وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا‏}‏كما تكبروا عن الإيمان بالله، أهانهم بالعذاب الأليم المخزي‏.‏



              {‏وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ‏}‏ وهذا يتضمن الإيمان بكل ما أخبر الله به عن نفسه وبكل ما جاءت به الرسل من الأخبار والأحكام‏.‏ ‏{‏وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ‏}‏ من رسله، بل آمنوا بهم كلهم، فهذا هو الإيمان الحقيقي، واليقين المبني على البرهان‏.‏



              {‏أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ جزاء إيمانهم وما ترتب عليه من عمل صالح، وقول حسن، وخلق جميل، كُلٌّ على حسب حاله‏.‏ ولعل هذا هو السر في إضافة الأجور إليهم، ‏{‏وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا‏}‏ يغفر السيئات ويتقبل الحسنات‏.‏



              ‏{‏يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا * وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا *فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا * فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كثيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا‏}‏

              هذا السؤال الصادر من أهل الكتاب للرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على وجه العناد والاقتراح، وجعلهم هذا السؤال يتوقف عليه تصديقهم أو تكذيبهم‏.‏ وهو أنهم سألوه أن ينزل عليهم القرآن جملة واحدة كما نزلت التوراة والإنجيل، وهذا غاية الظلم منهم والجهل، فإن الرسول بشر عبد مدبر، ليس في يده من الأمر شيء، بل الأمر كله لله

              كذلك جعلهم الفارق بين الحق والباطل مجرد إنزال الكتاب جملة أو مفرقا، مجرد دعوى لا دليل عليها ولا مناسبة، بل ولا شبهة، فمن أين يوجد في نبوة أحد من الأنبياء أن الرسول الذي يأتيكم بكتاب نزل مفرقا فلا تؤمنوا به ولا تصدقوه‏؟‏



              ‏{‏لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا‏}‏

              لما ذكر معايب أهل الكتاب، ذكر الممدوحين منهم فقال‏:‏ ‏{‏لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ‏}‏ أي‏:‏ الذين ثبت العلم في قلوبهم ورسخ الإيقان في أفئدتهم فأثمر لهم الإيمان التام العام ‏{‏بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ‏}



              {‏لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا‏}‏

              لما ذكر تعالى غلو النصارى في عيسى عليه السلام، وذكر أنه عبده ورسوله، ذكر هنا أنه لا يستنكف عن عبادة ربه، أي‏:‏ لا يمتنع عنها رغبة عنها، لا هو ‏{‏وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ‏}‏ فنزههم عن الاستنكاف وتنزيههم عن الاستكبار من باب أولى، ونفي الشيء فيه إثبات ضده‏.‏
              ثم فصل حكمه فيهم فقال‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏ أي‏:‏ جمعوا بين الإيمان المأمور به، وعمل الصالحات من واجبات ومستحبات، من حقوق الله وحقوق عباده‏.‏

              {‏فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ الأجور التي رتبها على الأعمال، كُلٌّ بحسب إيمانه وعمله‏.‏



              {‏يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏

              أخبر تعالى أن الناس استفتوا رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي‏:‏ في الكلالة بدليل قوله‏:‏ ‏{‏قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ‏}‏ وهي الميت يموت وليس له ولد صلب ولا ولد ابن، ولا أب، ولا جد، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ‏}‏ أي‏:‏ لا ذكر ولا أنثى، لا ولد صلب ولا ولد ابن‏.‏


              سورة المــأئـــدة

              { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ‏}‏

              هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود، أي‏:‏ بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها‏.‏ وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه، من التزام عبوديته، والقيام بها أتم قيام، وعدم الانتقاص من حقوقها شيئًا، والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم‏.‏



              ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ‏}‏

              يقول تعالى ‏{‏يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ محرماته التي أمركم بتعظيمها، وعدم فعلها، والنهي يشمل النهي عن فعلها، والنهي عن اعتقاد حلها؛ فهو يشمل النهي، عن فعل القبيح، وعن اعتقاده‏.‏

              قوله‏:‏ ‏{‏وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ‏}‏ أي‏:‏ ولا تحلوا الهدي الذي يهدى إلى بيت الله في حج أو عمرة، أو غيرهما، من نعم وغيرها، فلا تصدوه عن الوصول إلى محله، ولا تأخذوه بسرقة أو غيرها



              {‏حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}

              (وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ‏)‏ أي‏:‏ وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام‏.‏ ومعنى الاستقسام‏:‏ طلب ما يقسم لكم ويقدر بها، وهي قداح ثلاثة كانت تستعمل في الجاهلية، مكتوب على أحدها ‏"‏افعل‏"‏ وعلى الثاني ‏"‏لا تفعل‏"‏ والثالث غفل لا كتابة فيه‏.‏



              {‏الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}

              {‏مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ‏}‏ أي‏:‏ حالة كونكم ـ أيها الأزواج ـ محصنين لنسائكم، بسبب حفظكم لفروجكم عن غيرهن‏.‏

              {‏غَيْرَ مُسَافِحِينَ‏}‏ أي‏:‏ زانين مع كل أحد ‏{‏وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ‏}‏

              وهو‏:‏ الزنا مع العشيقات




              {‏يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شيئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شيئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ‏}‏

              كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من شدة حرصه على الخلق يشتد حزنه لمن يظهر الإيمان، ثم يرجع إلى الكفر، فأرشده الله تعالى، إلى أنه لا يأسى ولا يحزن على أمثال هؤلاء‏.‏ فإن هؤلاء لا في العير ولا في النفير‏.‏ إن حضروا لم ينفعوا، وإن غابوا لم يفقدوا، ولهذا قال مبينا للسبب الموجب لعدم الحزن عليهم ـ فقال‏:‏ ‏{‏مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ‏}‏ فإن الذين يؤسى ويحزن عليهم، من كان معدودا من المؤمنين، وهم المؤمنون ظاهرا وباطنا‏,‏ وحاشا لله أن يرجع هؤلاء عن دينهم ويرتدوا، فإن الإيمان ـ إذا خالطت بشاشته القلوب ـ لم يعدل به صاحبه غيره، ولم يبغ به بدلا‏.‏



              ‏{‏وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏

              أي‏:‏ وأتبعنا هؤلاء الأنبياءَ والمرسلين، الذين يحكمون بالتوراة، بعبدنا ورسولنا عيسى ابن مريم، روحِ الله وكلمتِه التي ألقاها إلى مريم‏.‏

              بعثه الله مصدقا لما بين يديه من التوراة، فهو شاهد لموسى ولما جاء به من التوراة بالحق والصدق، ومؤيد لدعوته، وحاكم بشريعته، وموافق له في أكثر الأمور الشرعية‏.‏



              {‏وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ‏}‏فالغلظة والشدة على أعداء الله مما يقرب العبد إلى الله، ويوافق العبد ربه في سخطه عليهم، ولا تمنع الغلظة عليهم والشدة دعوتهم إلى الدين الإسلامي بالتي هي أحسن‏.‏



              {‏لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ‏}‏ أي‏:‏ هلا ينهاهم العلماء المتصدون لنفع الناس، الذين من الله عليهم بالعلم والحكمة ـ عن المعاصي التي تصدر منهم، ليزول ما عندهم من الجهل، وتقوم حجة الله عليهم



              {‏وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كثيرًا مِنْهُم مَّا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ‏}‏

              يخبر تعالى عن مقالة اليهود الشنيعة، وعقيدتهم الفظيعة، فقال‏:‏ ‏{‏وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ‏}‏ أي‏:‏ عن الخير والإحسان والبر‏.‏

              {‏غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا‏}‏ وهذا دعاء عليهم بجنس مقالتهم‏.‏ فإن كلامهم متضمن لوصف الله الكريم، بالبخل وعدم الإحسان‏.‏ فجازاهم بأن كان هذا الوصف منطبقا عليهم‏.‏

              تم بفضل الله


              القصص القرءاني في الجزء
              قصة موسى عليه السلام ودخول الأرض المقدسة
              سورة المائدة من الآية 20 إلى الآية 26

              قصة ابني آدم عليه السلام
              سورة المائدة من الآية 27 إلى الآية 32





              هيا نقرأ ,,,
              وفي انتظار مشاركات حضراتكم بـ :

              > مناقشة التفسير ( إذا كان لديكم سؤالا أو إضافة )
              > الآيات التي توقفتم عندها وتدبرتم فيها
              > تأمل القصص واستخراج الدروس والعبر والفوائد المأخوذة منها


              ويرجى كتابة نوع المشاركة في أولها
              مثل
              #تفسير
              #تدبر
              #قصص



              نفعنا الله وإياكم بالقرءان وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

              في انتظاركم
              المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
              اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

              تعليق


              • #8
                رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

                جزاكم الله خيرا ونفع بكم
                ويل لمن أدرك رمضان ولم يغفر له.
                هل لكِ في دعاء طويل لا تقومى منه حتى يتوب الله عليك.
                هل لك في بكاء غزيز في ليلة من ليالي رمضان ترجو به العتق من النار.
                هل هناك فرصة مثل هذه الفرصة في أن تتوبى من سماع المغنين والمغنيات،
                ومشاهدة القنوات الفاضحات،
                أسرعى قبل أن يأتي يوم لا تقال فيه العثرات، ولا تستدركى الزلات، فإن لم يكن اليوم فمتى؟


                تعليق


                • #9
                  رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

                  جزاكم الله خيرًا


                  تعليق


                  • #10
                    رد: #_..- مقرأة الطريق إلى الله -.._#

                    جزاكم الله خيرا ونفع بكم

                    تعليق

                    يعمل...
                    X