إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات(فريق أُسود الخير)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات(فريق أُسود الخير)



    رمضان سباق القلوب لا القوالب

    ماذا يعني بلوغك شهر رمضان؟

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وبعد:
    فها قد بلغت شهر رمضان، وهاهي أيامه تتصرَّم، فماذا يعني بلوغك هذا الشهر؟.
    إن لذلك من المعاني والدلالات الشيء الكثير. إنها حياةٌ جديدة، بكل دلالات ومعاني الحياة الجديدة.
    فرمضان فرصة لتزكية النفس والترفع بها عن أوضارها المكبِّلِة لها، لتنطلق إلى آفاقٍ رحبة في عالم السعادة والأُنس والطمأنينة، إنه عالم الصِّلات الكريمة والوَلاية الجليلة من ربِّ العالمين.
    لقد كان شهر رمضان خطاً فاصلاً ومنطلقاً عظيماً للتحول في حياة كثير من الناس، بل في حياة الإنسانية جمعاء.
    وإنما كان ذلك بما جعل في شهر رمضان من الخصائص والمزايا الكونية والشرعية، والتي جاء بيانها في القرآن والسنة، فالله يجعل بحكمته للأزمنة والأمكنة من المزايا والخصائص ما لا تدركه العقول، ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ﴾ [القصص: 68] فاختص الله شهر رمضان بمزايا وخيرات ليست فيما سواه من الشهور.
    وجعل الله من مزايا رمضان تلك الخيرات الوفيرة والبركات الجليلة التي شهدتها وتشهدها أيامه ولياليه.
    فكما أن في رمضان كان تنَزُّل الفرقان: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].
    وكما أن في رمضان كان يوم الفرقان: ﴿ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ [الأنفال: 41].
    فرمضان أيضاً فرصةٌ لأن يكون فرقاناً في حياة كل مسلم ومسلمة، ذلك أن حكمة فرض الصيام تحصيل التقوى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
    والتقوى سبيلٌ لنيل الفرقان، قال الله تعالى: ﴿ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].
    لقد هيأ الله أسباباً كونيةً حافزةً على بدء حياة جديدة في رمضان، ولذلك فإن المخلوقات الأخرى تشعر بالتصريفات الكونية والتغيرات الملكوتية التي تكون في رمضان، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "إذا دخل رمضان فُتِّحت أبواب السماء، و غُلِّقت أبواب جهنم، و سُلْسِلَت الشياطين"، ولمسلم: "فُتِّحت أبواب الرحمة" وله أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فُتِّحَت أبوابُ الجنة، و أُغلقت أبواب النار، و صُفِّدت الشياطين". و للترمذي و ابن ماجه عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفِّدت الشياطين و مَرَدَةُ الجن، وغُلِّقَت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، و فُتِّحَت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أَقْبِل، و يا باغي الشَّرِّ أَقْصِرْ، و لله عُتَقَاءُ من النار، و ذلك كُلَّ ليلة".

    فهذه التصريفات الإلهية في بعض أرجاء الكون مثل فتح أبواب الجنة، وغلق أبواب النار، وتصفيد الشياطين، ومنعهم من التسلط على المؤمنين، إنَّ كُلَّ ذلك وما يتبعه من تَنَزُّل الملائكة في ليالي رمضان، وخاصةً ليلة القدر، بأعدادٍ لا يَنْزِلون بمثلها في غيرها، إن ذلك ليدفع المؤمن لأن يكون مهيئاً لنيل بركات ربه جل وعلا، وألا ينقضي رمضان إلا وقد كتب في الفائزين المفلحين.
    قال بعض أهل العلم: فائدة فتح أبواب السماء توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين، وأنه من الله بمنزلةٍ عظيمة، ومن فوائد ذلك: أنه إذا علم المكلَّف بهذا التصريف بإخبار الصادق المصدوق زاد في نشاطه وتلقى العبادات بأريحية وقبولٍ ومسابقة.
    وقال بعضهم: في تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر المكلف، كأنه يقال له: قد كُفَّت الشياطين عنك، فلا تتعلل بهم في ترك الطاعة ولا فعل المعصية.
    وهكذا الأسباب الشرعية المقتضية للمنافسة في فعل الخيرات والاستباق بالطاعات، فإن في شهر رمضان من الفرص ما هو عظيم وجليل، حيث تجتمع فيه أصول عبادات الإسلام من التوحيد والصلاة والزكاة والصيام وزيارة البيت العتيق.
    فالمسلم الموحد لله السالم من رجز الشرك أنعم الله عليه بمزيد من الصلوات الواصلة له بربِّه جل وعلا، وهي صلاة التراويح وقيام رمضان، ووعد من حافظ عليها بمغفرة ذنوبه كلها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه"، حياةٌ جديدة.
    وفي هذه الصلاة الوتر الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حُمْرِ النَّعم، وهي الوتر، فجَعَلَها لكم فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث خارجة بن حذافة العدوي رضي الله عنه.
    وفي رمضان من أبواب تزكية النفس بالمال ما هو معلوم ومشهود، والأسوة في ذلك سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فَلَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة".
    وفي رمضان الصيام، الذي هو من أحب الأعمال وأزكاها عند الله، وفيه تدريب للنفس على ترك محبوباتها ومشتهياتها من أَجْلِ أَحَبِّ محبوب، الله رب العالمين، فبالصيام تظهر أمانة العبد مع ربه وحبه ومراقبته له جل وعلا.
    وبالصيام المخلَص لله تتحقق الحياة الجديدة: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" متفقٌ عليه.


    وفي رمضان من زيارة البيت العتيق، وتجديد الشوق إليه ما يجعل المسلم مُتَلَهِّفاً لهذه الزيارة العظيمة، حتى إنه عليه الصلاة والسلام قال لامرأةٍ سمعها تتحسَّر على عدم حجها معه حجة الوداع، قال مطيباً خاطرها: "إذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرةً فيه تعدل حجة" أو قال: حجةً معي" رواه البخاري ومسلم.
    وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أتى هذا البيت فلم يرفُث ولم يَفْسُق رجع كما ولدته أمه" وهذا عام فيشمل من أتى البيت حاجاً أو معتمراً. إنها حياةٌ جديدة.
    وهكذا أنواع العبادات والقُرُبَات التي تهيأت لها النفوس، حتى إن المجتمعات الإسلامية لتظهر في نمط واحد وكأنها باتجاهاتها تلك على قلبٍ واحد، بما يُلْمِحُ إلى لُحْمَتِها ووحدتها إن هي أرادت ذلك.

    فإذا استشعرنا كل هذه المحفزات وكل تلك الأساليب من المرغبات التي تتعدى محيط الإنسان وإدراكه إلى عوالم أخرى لا يحيط بها، ثم يوجد من بين المسلمين من لا يرفع بذلك رأساً ولا يقتطف حظَّه من تلك الغنائم، فهو الخاسر الذي وصل إلى حالةٍ من الإعراض والتشبث بالآثام والتباعد عن الفضائل والحسنات بما يجعله شبه ميئوس منه، جراء إعراضه، إلا أن يتداركه الله بفضل منه ورحمة.
    ولأهمية هذا التصور فقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابةَ يوماً وبين لهم فيه بياناً شافياً، فعن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احضُروا المنبر" فحَضَرْنا، فلما ارتقى درجةً قال: "آمين" فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: " آمين "، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: "آمين"، فلما نزل قلنا: يارسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه؟! قال: " إنَّ جبريل عليه الصلاة والسلام عَرَضَ لي فقال: بُعْداً لمن أدرك رمضان فلم يُغْفَر له، قلت: آمين، فلما رقيت الثانية قال: بُعْداً لمن ذُكِرْتَ عنده فلم يُصَلِّ عليك، قلت: آمين، فلما رقيت الثالثة قال: بُعْداً لمن أدرك أبواه الكبرَ عنده أو أحدُهما فلم يُدخلاه الجنة، قلت: "آمين". رواه الحاكم وصححه ابن حبان.
    وبعد: فإن بلوغ شهر رمضان يعتبر في نظر الموفقين حياةً جديدة، جعلني وإياكم من السعداء في الدارين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.





    العناصر

    شعبان بوابة رمضان

    حسنات شعبان تؤدى إلى حسنات رمضان

    أى رمضان رمضانك

    فضائل رمضان

    اقتن من رمضان ما خف حمله وغلا ثمنه

    من آثار رمضان

    إحياء العشر الأواخر
    وهنا

    ما ينبغى فعله آخر رمضان؟

    ثلاث وصايا بعد رمضان

    ميديا رمضان


    ماذا بعد رمضان

    الفائزون فى رمضان



    تابعووووووناااااا

    ( قام بهذا العمل إخوانكم في فريق أسود الخير_مجموعة الحملات)
    أخوكم
    راجي من ربه الدرجات العلي


    للإنضمام للفريق من هنا
    الإنضمام لفريق أسود الخير


    التعديل الأخير تم بواسطة أبومصعب محمود ابراهيم; الساعة 22-06-2014, 06:51 AM.


    وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

    إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

    تاتا خطي العتبة ..!!

  • #2
    رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات



    شعبان بوابة رمضان

    شعبان بوابة رمضان

    لنصم رمضان مع النبي صلى الله عليه وسلم



    مع النبي الكريم نعش لحظات من الإيمان و الحب و الذكر الطيب في نسمات هذا الشهر المبارك و كيف كان النبي يستقبله و يحتفي به، فهو القدوة و المعلم و المربي و الأب الرحيم صلى الله عليه وسلم ولله در حسان حين قال:

    نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَة منَ الرسلِ،
    والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ

    فَأمْسَى سِرَاجاً مُسْتَنيراً وَهَادِياً،
    يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ

    وأنذرنا ناراً، وبشرَ جنة،
    وعلمنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ
    فيا بشرى من اتبعه و استنّ بسنته و اهتدى بهديه قال تعالى ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ [الأحزاب: 21].
    ففي شعبان كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام كما في حديث عائشة رضي الله عنها، ويقول بعض أهل العلم بأن شعبان هو شهر القراء، ومن هنا فإن شعبان تهيئة نفسية لاستقبال الشهر الفضيل فإن الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا رأى هلاله قال: ((اللَّهم أَهِلَّهُ علينا باليُمْن والإيمان، والسَّلامة والسَّلام، هلالُ خيرٍ ورشدٍ، ربِّي وربُّكَ الله)).
    في الحديث دعاء بالخير و البركات و التقوى و الإيمان و دعوة إلى السلام مع نفس و الآخرين و العالمين ففي هذا الدين الخير لكل الناس فهو دين الرشد و التوحيد بعيدا عن تقديس المخلوقات مهما كان حجمها أو دورها في حياة الناس "و القمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم".
    فرصة ذهبية:
    رمضان فرصةٌ ثمينةٌ لا تعوَّض، ولحظةٌ من اللحظات الذهبيَّة في حياة المسلم، يُعْتِقُ الله كل ليلةٍ مائة ألفٍ ممَّن استوجبوا النار، فإذا كان آخر ليلةٍ؛ أعْتَقَ الله بقدر ما أعْتَقَ في تلك الليالي جميعًا. كما جاء ذلك عن الصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم: " إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادى مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة"[1].


    اغتنم تفتح أبواب الرحمات قبل أن تغلق. بهذه الأعمال الجليلة:


    كيف كان النبي في رمضان؟ يقول ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجْوَدَ النَّاس، وكان أجْوَد ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل؛ فيُدارِسُه القرآن، ولقد كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجْوَد بالخير من الرِّيح المُرْسَلَة. التي تهبُّ معطاءةً وكريمةً ورَخْوًا؛ فكان المصطفى - عليه الصَّلاة والسَّلام - أجودَ النَّاس في رمضان، ما سئل سؤالاً فقال: لا.
    عش مع طبيبك الخاص:
    إن رمضان شهر القرآن وقد كان علماء الأمة يتركون الفتيا وحلقات العلم و يعيشوا مع القرآن الكريم. فما احلى العيش مع القرآن فهو الطبيب الذي يداوي اسقام النفوس والأجسام و السلوكات وقل بربك هل تعلم في هذا الوجود طبيبا أحذق من القرآن قال الله تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].
    قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآيات:
    يقول تعالى مخبراً عن كتابه الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد إنه ﴿ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أي: يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل، فالقرآن يشفي من ذلك كله، وهو أيضا رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة؛ لأنَّ هذا القرآن شفاءٌ، ونزل في الليل، وأتى في رمضان؛ ليحييَ الأمَّة المَيْتَة، التي ما عَرَفَتِ الحياة، ويُنِيرَ بصيرةَ الأمَّة التي ما عَرَفَتِ البصيرة، ويرفع رأس الأمَّة التي كانت في التُّراب.



    ماذا يعلمنا رمضان؟


    رمضان هو مدرسة الإخلاص ففي الحديث القدسي: "كلُّ عمل ابن آدم له، إلا الصِّيام؛ فإنَّه لي، وأنا أجزئ به"؛ لأنه سرٌّ بينكَ وبين الله، لا يطَّلِع على صيامِكَ إلا الله، ولا يعلم أنَّكَ صائمٌ إلا الله. لأنك تستطيع أن تأكل و تشرب بعيدا عن أعين الناس بإمكانك ذلك، ولكن: مَنِ الذي يعلم السرَّ وأخفى إلاَّ الله؟
    مَنِ الذي يعلم أنَّك أكلتَ أو شربتَ أو تمتَّعْتَ إلا الله؟
    هو ربُّ الظَّلام وربُّ الضِّياء. فالصلاة تُصلَّى بمجمعٍ مِنَ النَّاس، والزكاة تزكَّى بمجمعٍ مِنَ النَّاس، والحجُّ يُحَجُّ بمجمعٍ مِنَ النَّاس، أما الصِّيامُ قد تختفي في الظلام، وتأكلُ وتشربُ، ويظنُّ النَّاسُ أنَّك صائمٌ، ولكنَّ الله يدري أنَّك لست بصائمٍ. . هو سرٌّ بينكَ وبين الله!وفي الحديث تلطّف عجيب وحبيب، يوم يقول الله تعالى: ((يَدَعُ طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجلي)). يقول الله: ((ولخُلُوفُ فمِ الصَّائم أَطْيَبُ عند الله من ريح المِسْك))؛ كل عمل ابن آدم له: الحسنة بمثلها، أو بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعفٍ، إلى أضعاف كثيرة، إلا الصِّيام؛ فلا يعلم ثوابه إلا الله.
    ماذا اعد الله للصائمين؟ وخصَّص الله للصَّائمين بابًا في الجنَّة، بابًا واسعًا، يدخل منه الصُّوَّم القوّم [2]يوم القيامة، يناديهم الله بصوته إذا دخلوا: كلوا يا مَنْ لم يأكلوا، واشربوا يا مَنْ لم يشربوا، وتمتَّعوا يامن لم يتمتَّعوا. قال تعالى: ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة: 24] وفي الحديث: "إنَّ في الجنَّة بابًا يسمَّى الرَّيَّان، يدخل منه الصَّائمون، لايدخل منه غيرهم، فإذا دخلوا أُغْلِقَ الباب، فلا يدخل منه غيرهم"، وقال: "مَنْ صام يومًا في سبيل الله؛ باعد الله وجهه عنِ النَّار سبعينَ خريفًا".
    وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا، فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾} [الأعراف: 43].
    فبشراكم أهل الإسلام هذا رمضان قد اقترب فلنغتنم الفرصة و لا نضيع الوقت في الملاهي و الأحاديث الفارغة و التسوّق؛ بل لابد لنا من اغتنام هذه الفرصة الذهبية في الذكر و الدعاء و فعل الخيرات و ترك المنكرات.

    صيام بدون أفلام:

    أكثروا فيه من الذِّكْر بآيات الله البيِّنات، واهجروا الأغانيَ الماجنات الخليعات السَّافلات السخيفات، و المسلسلات و الأفلام التي تذبح الفضيلة و تقتل الحياء في النفوس الكريمة.

    طوبى ثم طوبى لمن أخلص عمله لله و طهّر بيته من كل رذيلة و زينه بكل فضيلة و جمع أهله على مائدة القرآن يتدارسونه و يستنشقون عبقه الفوّاح.

    يا لبطونٍ جاعت في سبيل الله، هنيئًا لأكبادٍ ظمئت لمرضاة الله، هنيئًا لكم يوم أدرككم الشهر، تصومونه إيمانًا واحتسابًا، ويباهي بكم الملائكة من فوق سبع سموات.

    فيا أمة الخير و البركة و الرسالة الخالدة هذا رمضان أقبل فيه تفتح أبواب الجنان (الصدقات و الصلوات و المناجاة و الترتيلات) وتغلق أبواب النيران (المعصيات و الظلم و الظلمات) وتصفد الشياطين.

    فاللهم أهله على أمة حبيبك بالأمن و الأمان والإيمان، و السلم والسلامة، الخير و الرشد و العفو العافية.

    [1] الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني، المصدر: صحيح ابن ماجه، الرقم: 1339 خلاصة الدرجة: صحيح.
    [2] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.




    التعديل الأخير تم بواسطة أبومصعب محمود ابراهيم; الساعة 18-06-2014, 11:07 AM.


    وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

    إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

    تاتا خطي العتبة ..!!

    تعليق


    • #3
      رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات




      حسنة شعبان تهدي إلى حسنات رمضان


      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
      أما بعد:
      فقد روى البخاري ومسلم في الصحيح من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ».
      خطوة تدل على خطوة، وعمل يهدي إلى عمل، فمن عمل حسنة فتح له باب حسنة أخرى ومن عمل سيئة فتح له باب سيئة غيرها.
      وها نحن في شهر شعبان الذي يسبق رمضان، وحال النبي صلى الله عليه وسلم يختلف عن بقية أيام العام، فيراه الصحابة وهو يكثر من الصيام حتى ربما صامه كله بل ربما وصل صيامه بصيام رمضان، فلماذا هذا الاجتهاد في هذا الموسم؟
      وإذا ما تأملنا في القرآن وقراءته فإننا سنقف عند قول السلف أن شعبان شهر القراء من كثرة ما كانوا يقرؤون فيه من القرآن، وهنا سؤال لماذا كانوا يصومون ويقرؤون القرآن في شعبان رغم أن رمضان هو شهر الصيام والقرآن؟

      فتأتي الإجابة " ضمن مفهوم الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي الى الجنة " حسنة شعبان تفتح للمسلم حسنات رمضان والعمل الصالح يهدي إلى العمل الصالح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (فإن الحسنة تدعو إلى الحسنة والسيئة تدعو إلى السيئة).
      إنه قانون وناموس ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7] فإذا أردت أن تيسر لك الحسنات في رمضان فافتتح الحسنات من شعبان، وقد روى أهل التفسير أن من أسباب نزول هذه الآيات العظيمة ما رواه الحاكم في مستدركه بسند قال فيه على شرط مسلم من حديث أنس بن مالك: أن رجلا قال: يا رسول الله إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها فمره أن يعطيني أقيم حائطي بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعطها إياه بنخلة في الجنة فأبى وأتاه أبو الدحداح فقال: بعني نخلك بحائطي قال: ففعل قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد ابتعت النخلة بحائطي فجعلها له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة، مراراً، فأتى امرأته فقال: يا أم الدحداح أخرجي من الحائط فأني بعته بنخلة في الجنة فقالت: قد ربحت البيع، أو كلمة نحوها.
      انظر إلى حسنة أبي الدحداح كيف فتحت له أبواب الجنان..
      لقد ذكر أهل التفسير أن بشر بن الحارث الملقب ببشر الحافي كان شاباً لاهياً عابثاً حتى جاء إلى حمام فوجد كاغداً مكتوباً فيه بسم الله الرحمن الرحيم، فرفعه وطيبه بالمسك فرأى في النوم قائلاً يقول يا بشر، طيبتَ اسمنا فنحن نطيب اسمك في الدنيا والآخرة، فتغير شأن الرجل فأصبح زاهداً ورعاً محدثاً علَماً واعظاً.
      كان يقول لأهل الحديث أدوا زكاة الحديث من كل مائتي حديث اعملوا بخمس.
      أما عن الورع فقد سئل الإمام أحمد عن الورع فقال: لا يحل لي أن أتكلم في الورع وهناك بشر بن الحارث، ففاض الورع على أهل بيته.
      وهنا روى أهل السير أن امرأة جاءت إلى الإمام أحمد تسأله فقالت: إني أغزل غزلي على ضوء القمر، فمر السلطان بجنده ومعهم المشاعل فأصابني ضياؤها فأكملت غزلي على شعاع مشاعل الجند فهل عليَّ من حرج؟
      فتعجب الإمام أحمد من ورع هذه المرأة فقال لها يا أمة الله من أي البيوت أنت؟
      فقالت أنا أخت بشر بن الحارث فقال أحمد: من بيتكم يخرج الورع!
      لقب ببشر الحافي لكونه كان يصلح نعله عند الإسكافي فكان يتردد عليه كثيرا فقال الإسكافي ما أكثر ما يكلفك هذا النعل، فخلعه ومشى حافيا.
      من زهده كان يوضع له الحساء من الدقيق فيتردد في طعامه فيُسأل عن ذلك فيقول أخشى أن يسألني الله من أين لك هذا الدقيق؟
      ولما مات رحمه الله اجتمع في تشييع جنازته غالب أهل بغداد حتى خرجت جموع غفيرة فلما رأى أصحابه ذلك قالوا والله هذا هو شرف الدنيا والآخر، حتى تمنى القوم جواره في قبره، فقد روي أن الخطيب البغدادي (المحدث المشهور) أنه شرب من زمزم فدعا بثلاث دعوات (أن يكتب تاريخ بغداد، وأن يحدث بجامع المنصور، وأن يدفن بجوار بشر بن الحارث) فكان له ما تمنى... أتدري أخي المسلم ما الشيء الذي بسببه رفع شأن بشر الحافي؟؟
      إنها حسنة واحدة فتحت له أبواب حسنات..
      من زرع حسنات في شعبان فتحت له حسنات كثر في رمضان، فمن زرع جنى وحصد، اللهم بلغنا رمضان.. اللهم تقبل منا الصيام والقيام فيه.. اللهم اجعلنا فيه من المقبولين الفائزين.
      وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا ً


      التعديل الأخير تم بواسطة أبومصعب محمود ابراهيم; الساعة 18-06-2014, 11:11 AM.


      وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

      إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

      تاتا خطي العتبة ..!!

      تعليق


      • #4
        رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات





        أى رمضان رمضانك


        لطالما حدثنا أنفسنا باهتبال فرصة رمضان، ولكم منيناها بصلاحها فيه، ولطالما عاهدنا أنفسنا قبل دخوله بأوبةٍ حقةٍ، وتوبةٍ صادقةٍ، ودمعةٍ حارةٍ، ونفسٍ متشوقةٍ، ولكن كلما أتى قضى الشيطان على الأمنية، وخاست النفسُ الأمارةُ بالسوء بعهدها وغدرت، فثابت ليالٍ ورجعت أيام ثم عادت لسالف عهدها كان لم تغن بنور رمضان وضيائه.
        وها نحن -أيها الأحبة في الله- يطالعنا شهرٌ وموسمٌ من الخير جديد فأيُ رمضانٍ يكونُ رمضانُك هذه المرة؟! هل هو رمضانُ المسوفين الكسلانين؟! أم رمضان المسارعين المجدين؟!
        هل هو رمضان التوبة أم رمضان الشِقِوة، هل هو شهرُ النعمةِ أم شهرُ النقمة؟!
        هل هو شهر الصيام والقيام؟! أم شهر الموائد والأفلام والهيام؟!!
        هذا ما يعتلج بالفؤاد ويدور بالخلد؟!
        ها هو هلال رمضان قد حل ووجه سعده قد طل.. رمضان هل هلاله، وخيمت ظلاله، وهيمن جلاله، وسطع جماله، لقد أظلنا موسم كريم الفضائل، عظيم الهبات والنوائل، جليل الفوائد والمكارم.
        أيام وليالي رمضان: نفحاتُ الخير ونسائم الرحمة والرضوان، فما ألذها من أيام معطرةٍ بالذكر والطاعة، وما أجملها من ليالٍ منورةٍ بابتهالات الراغبين وحنين التائبين.
        رمضان: المنحةُ الربانية، والهبةُ الإلهية، قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].
        شهرٌ يفوق على الشهور بليلةٍ
        من ألف شهر فُضّلت تفضيلا


        طوبى لعبدٍ صحَ فيه صيامه
        ودعا المهيمنَ بكرةً وأصيلا


        وبليله قد قامَ يختم وردَه
        متبتلاً لإلهه تبتيلا
        رمضان: أشرُف الشهور، وأيامُه أحلى الأيام، يعاتبُ الصالحونَ رمضانَ على قلة الزيارة، وطول الغياب، فيأتي بعد شوقٍ، ويَفِدُ بعد فراق، فيجيبه لسان الحال قائلاً:
        أهلاً وسهلاً بالصيام
        يا حبيبا زارنا في كل عامْ


        قد لقيناك بحبٍ مفعم
        كُل حب في سوى المولى حرامْ


        فاقبل اللهم ربي صومنا
        ثم زدنا من عطاياك الجسامْ


        لا تعاقبنا فقد عاقبنا
        قلق أسهرنا جنح الظلام




        أخي الحبيب..
        إن رمضانَ فرصةٌ من فرصِ الآخرةِ التي تحمل في طياتها غفرانَ الذنوب وغسلَ الحوب..!! وكم تمر بنا الفرص ونحن لا نشعر.. هذه فرصة وما أعظمها، تحملُ سعادةَ الإنسان الأبدية فأين المبادرون، وأين المسارعون..

        إن الصيام هو المدرسة التي يتعلمُ منها المسلمون، ويتهذب فيها العابدون ويتحنث فيها المتنسكون..
        جاء شهرُ الصيام بالبركات
        فأكرم به من زائرٍ هو آت
        نعم إنه شهر البركات والرحمات: فرمضان شهر الطاعة والقربى، والبر والإحسان، والمغفرة والرحمة والرضوان، والعتق من النيران: ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلقت أبواب جهنم وسُلسُلت الشياطين). وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا كان أولُ ليلةٍ من رمضانَ صفدت الشياطين ومردة الجن وغُلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كُلَ ليلة) رواه الترمذيُ وابنُ ماجةَ والنسائيُ وحسنهُ الألبانيُ.
        الصيامُ يُصلح النفوسَ، ويدفع إلى اكتساب المحامد، والبعد عن المفاسد، به تُغفر الذنوبُ وتكفَّر السيئات وتزدادُ الحسنات، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.
        نعم - يا عبد الله - رمضانُ سببٌ لتكفير الذنوب والسيئات إلا الكبائر قال صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم : (فتنة الرجال في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة) متفق عليه.
        رمضان فيه إجابةُ الدعوات وإقالةُ العثرات قال صلى الله عليه وسلم: (لكل مسلمٍ دعوةٌ مستجابةٌ يدعو بها في رمضان) ويقول صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم) رواه أحمد.
        هذه هي فرصة رمضان فأيُ رمضانٍ يكونُ رمضانك، وتلك هي نعمة رمضان فماذا أنت فاعل وما ذا أنت صانع:
        أتى رمضانُ مزرعةُ العباد
        لتطهيرالقلوب من الفساد


        فأد حقوقه قولاً وفعلاً
        وزادكَ فاتخذهُ للمعاد


        فمن زرع الحبوبَ وما سقاها
        تأوه نادماً يومَ الحصادِ
        إن شهراً بهذه الصفات وتلك الفضائل والمكرمات لحرى بالاهتبال والاهتمام، فهل هيأت نفسك - أخي المسلم - لاستقباله وروضتها على اغتنامه؟!
        عن أبي هريرةَ قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه يفتحُ فيه أبوابُ الجنة ويغلقُ فيه أبواب الجحيم، وتغلُ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خير من ألف شهر من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمْ). رواه أخرج أحمدُ والنسائيُ وصححه الألباني.
        لقد كان الرسولُ صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان وإتيانه كُل ذلك شحذاً للهمم وإذكاءًا للعزائم وتهيئةً للنفوس، حتى تُحسنَ التعامل مع فرصةِ رمضان، وحتى لا تفوتها، وهذا شأن السلف الصالح - رحمهم الله تعالى - قال معلى ابنُ الفضلِ عن السلف أنهم كانوا يدعون الله جل وعلا ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ويدعونه ستةً أخرى أن يتقبله منهم، وقال يحيى بنُ كثيرٍ - رحمه الله - كان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني فتقبله.
        أيها الأحبة في الله: قدوم رمضان تلو رمضان يدل على تعاقب الأيام، فالأيام تمضي والسنون تجري وكُلٌ إلى داع الموت سيصغي:
        تمر بنا الأيام تترى وإنما
        نساقُ إلى الآجال والعينُ تنظرُ


        فلا عائدٌ ذاك الشبابُ الذي مضى
        ولا زائلٌ هذا المشيبُ المكدرُ



        عباد الله:
        ها هو شهر العزة والكرامة، شهر الجهاد والنصر، شهر الجدية والعزيمة، ها هو قد أتى فهل آن للأمة أن تنفضَ عنها غبارَ التبعية، هل آن لها أن ترفعَ عن نفسها أسباب الذلة والهوان.

        لقد زارنا رمضان مرات عديدة، فما زارنا في مرة إلا وجدنا أسوأ من العام الذي قبله، أممٌ متناثرةٌ، وقلوبٌ متناثرة، ودولٌ متقاطعةٌ، وأحزابٌ متصارعة، وفتنٌ محدقةٌ، وشهواتٌ مفرقةٌ، الأمة في مساغبها ومجاعاتها وأمراضها..
        رمضان أتى بخيراته وبركاته فكيف حال الناس بل كيف حال الأمة الإسلامية، رمضان آتى والأمةُ تميد بها الأرض جراءَ تسلط الأعداء على ديارها، الأرضُ المباركةُ تعاني الذلة والهوان، رمضان آت والأمة لا زالت تغالب الصليب في أفغانستان والعراق،واليهود في فلسطين، والإلحادَ والشيوعيةَ في الشيشان، وتقاسي الأمرين وهي توصم ظلماً وزوراً بالغلو والتطرف والإرهاب.
        رمضان آت يا عبد الله فأيُ رمضان يكون رمضانك؟ وما هو استعدادك وما هي مراسم استقبالك له. فالناس في استقباله أقسام: فهل أنت - يا أخي - من القسم الفرح بقدومه لأنه يزداد به قربى وزلفى إلى ربه جل وعلا، وهذا شأن المؤمنين: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ* قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 57،58]، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم على رأس هؤلاء يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل في كل ليلة، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه.
        وهناك صنف ثان - وأعيذك بالله من حاله - لا يعرف ربه إلا في رمضان فلا يصلي ولا يقرأ القرآن إلا في رمضان، وهذه توبةٌ زائفةٌ ومخادعةٌ وتسويلٌ من الشيطان، وبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.. ويا حسرة على أقوام تعساء يستقبلونه بالضجر والتضايق والحرج على أنه شهر جوع نهاري وشبع ليلي.. إن بعض العصاة يراونه مانعاً لهم من شهواتهم ومن مأربهم الباطلة فهم كالذئاب في الليل تعوي وكالجيف في النهار تخور كما يخور الثور.
        ويا عجبًا هل يتأفف من شهر الرضوان والرحمة!! لا والله بل هو شهر الخير والنعمة والبركة، إن الواحد من هؤلاء هداهم الله يُحس بالحرمان من الشهوات ولذلك تراهم إذا قدم رمضان غيرَ فرحين بقدومه لأن هؤلاء يريدون أن يغترفوا من حمأة اللذة المحرمة حتى لقد قال بعض التعساء من أولاد الخلفاء كما ذكره الحافظ ابن رجب في الوظائف:
        دعاني شهر الصوم لا كان من شهر
        ولا صمت شهراً بعده آخر الدهر


        فلو كان يعديني الأنام بقوة على الشهر
        لاستعديت قومي على الشهر
        والذي حصل لهذا الشاب أن ابتلاه الله بمرض الصرع فكان يُصْرَعُ في اليوم مراتٍ وكراتٍ ومازال كذلك حتى مات قبل أن يصوم رمضان الآخر، نسأل الله تعالى حسن الختام.
        أيها المسلم: إن من نعم الله تعالى عليك أن مدّ في عمرك ومدّ في أنفاسك وجعلك تدرك خيرات هذا الشهر العظيم، فاحمدوا الله - عباد الله - أن بلَّغكم، واشكروه على أن أخَّركم إليه ومكَّنكم، فكم من طامعٍ بلوغَ هذا الشهر فما بلغه، كم مؤمِّل إدراكَه فما أدركه، فاجأه الموت فأهلكه.
        أيها المسلمون: بلغناه وكم حبيب لنا فقدناه، أدركناه وكم قريبٍ لنا أضجعناه، صُمناه وكم عزيز علينا دفناه.
        يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
        حتى عصى ربه في شهر شعبان


        لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
        فلا تصيره أيضاً شهر عصيان


        واتل القرآن وسبح فيه مجتهداً
        فإنه شهر تسبيح وقرآن


        كم كنت تعرف ممن صام في سلف
        من بين أهل وإخوان وجيران


        أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حياً
        فما أقرب القاصي من الداني
        يا عبدَ الله، يا أمةَ الله، هل يأتي عليكما رمضان وأنتما في قوةٍ وعافيةٍ؟ فكم من إنسان صام رمضان الفائت في عافيةٍ وصحة وقوة يأتي عليه رمضان القابل وهو قعيدُ الفراش أسيرُ المرضِ، هل يأتي عليك رمضان وأنت في أمن وأمان على نفسك وأهلك ومالك.
        يا عبد الله يا من تعيش آمناً مستقراً تتلذذ بخيرات الله خِل نفسك واحداً من هؤلاء الذين يصومون وهم أُسارى أو يتسحرون ويفطرون على الحدود وفي الملاجئ، خِل نفسك واحداً من أولئك الذين يحتاجون إلى الفطر دفاعاً عن الملة والدين، خِل نفسك جائعاً مطرداً شريداً كما يحصل للمسلمين الفلسطينين وغيرهم من المسلمين في غير ما مكان الذين يعانون آلآم الحصار والتشرذم والشتات وتسلطَ الكفار والفجار..
        رمضان شهر الشعور بإخوانك المسلمين فأي رمضان رمضانك: هل شعرت بإخوانك في أقاصي الأرض ومغاربها لابد للمسلم الصائم أن يشعر بآلام المسلمين، وأن يستشعر حال إخوانه في كل مكان، فإذا جاع تذكر أن آلاف البطون جوعى تنتظر لقمةً فهل من مطعم، وهو إذا عطش تذكر أن آلاف الأكباد عطشى تنتظر قطرةً من الماء فهل من ساقي، وهو إذا لبس تذكر أن آلاف الأجساد قد لحقها العري فهل من كاسي، يشعر بنعمة الله جلا وعلا عليه أن أعطاه السحور والإفطار وغيره محروم، أن ألبسه وغيره عارٍ، فالحمد لله على نعمائه.
        رمضان شهر العبادة فأيُ رمضان رمضانك هل اتخذت منه فرصة لتربية نفسك على العبادة: فالصيام يربينا على العبادة فلئن كان المسلم يعبد ربه جلا وعلا في سائر شهوره وأيامه إلا أنه يأخذ في رمضان دورةً عباديةً يزيد فيها من جرعات الطاعة ونكهاتِ الإيمان والإخلاص حتى يقوى على ما تبقى من الشهور ويجعل هذه الفرصة منطلقاً إلى فعل الخيرات تقول عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره " أخرجه مسلم.
        وليالي رمضان تاج ليالي العام، ودجاها ثمينة بظلمائها، فيها تصفو الأوقات وتحلو المناجاة، قال صلى الله عليه وسلم:" أفضلُ الصلاة بعد الفريضة صلاةُ الليل "، ورمضانُ شهر القيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه، وقيام رمضان أمر مشروع فعلى المسلم أن يحرص على أداء صلاة التراويح وأن يكملها مع الإمام حتى ينصرف، قال صلى الله عليه وسلم : " من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة "، رواه أهل السنن وهو صحيح، فلله الحمد والمنة يقومُ المصلي ساعةً من الليل مع الإمام فكأنما قام الليل كله.
        ولا ننسى أيها الإخوة الاهتمام بالفرائض أولاً والمواظبة عليها في المساجد جماعة، فالله عز وجل يحب التقرب إليه بالفرائض، فلا ننسى الفرض ونهتم بالنوافل والمستحبات.
        رمضان شهر النفحات والبركات: فلماذا لا نقوم رمضان، لماذا لا نجرب لذة القران، ولذة المناجاة والدعاء، لماذا لا نجرب وقت الأسحار وهجيع الليل لماذا لا ننطرح بين يدي مولانا، فربنا ينزل في ثلث الليل الأخير نزولاً يليق بجلاله وعظمته يعرض نفحاته ورحماته فلماذا لا نتعرض لرحمات الله!!
        قم في الدجى واتل الكتاب
        ولا تنم إلا كنومة حائر ولهان


        فلربما تأتى المنية بغتة
        فتساق من فرش إلى أكفان


        يا حبذا عينان في غسق الدجى
        من خشية الرحمن باكيتان


        فالله ينزل كُلَ آخر ليلة
        لسمائه الدنيا بلا نكران


        فيقولُ هل من سائلٍ فأجيبَه
        فأنا القريبُ أجيبُ منْ ناداني




        التعديل الأخير تم بواسطة أبومصعب محمود ابراهيم; الساعة 18-06-2014, 11:15 AM.


        وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

        إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

        تاتا خطي العتبة ..!!

        تعليق


        • #5
          رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

          ولكن يا حسرةً على المحرومين، ويا حسرةً على المفتونين الذين يجعلون وقت السحر ووقت الاستغفار وقت نزول الإلهي فرصةً للعب واللهو ومشاهدة القنوات وتقليب الأبصار في الغانياتِ والمومساتِ يا حسرةً على العباد!!.

          رمضان شهر التقوى فأي رمضان يكون رمضانك : هل دربنا نفوسنا ووطناها على هجر المعاصي فرمضان فرصة لترك الذنوب: فالمعنى السامي للصيام أنه يجمع بين التقوى الحسية والتقوى المعنوية فمن أخل بواحدةٍ منهما فما استكمل الصيام، ولذا قال جلا وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. يؤكد هذا المعنى أيها الصوام قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري، قال بعض السلف: " أهون الصيام: ترك الطعام والشراب ".
          فيا أهل اللهو والعبث ويا أهل البرامج والفوازير والمسابقات نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث " رواه ابن حبان، هذا هو الصيام فإذا تحقق فيه ذلك كان جنةً من المعاصي، الصيام الذي لا يمنعك من النظر إلى الحرام والسب والشتم والتلاحي والخصام والغيبة والنميمة والقيل والقال والولوغ في الأعراض فليس بصيام، إنما الصيام من اللغو والرفث إذا تحقق هذا كان جنةً من المعاصي وبالتالي جنةً ووقايةً من النار قال صلى الله عليه وسلم: " الصيام جنةٌ يستجن بها العبد من النار " رواه أحمد وحسنه الألباني، وقال أيضاً: " الصيام جنة فإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفثْ ولا يفسقْ ولا يجهلْ فان سابه أحدٌ فليقل إني صائم " رواه الشيخان. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر " رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
          وقال الصحابيُ الجليلُ جابرُ بنُ عبد الله رضي الله عنه : " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع عنك أذى الجار وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ ولا يكنْ يومُ صومِك ويومُ فطرِك سواءً ". ويقول الإمام أحمد رحمه الله:" ينبغي للصائم أن يتعاهد صومَه من لسانه، ولا يماريَ في كلامه، كانوا إذا صاموا قعدوا في المساجد وقالوا: نحفظُ صومنا ولا نغتابُ أحداً ".
          إذا لم يكن في السمع مني تصاون
          وفي بصري غض وفي منطقي صمت


          فحظي إذن من صومي الجوع والظما
          فإن قلت إني صمت يومي فما صمت
          أيها الأحبة: كان سلفَ الأمة يستعدون لرمضان بهممٍ عالية وعزائمَ قويةٍ وإراداتٍ ماضية ليستغلوا رمضان في طاعة الله ليجعلوه منطلقاً للخيرات ومنطلقاً إلى التوبة وإصلاح النفس والحال، ومع ذلك فإننا نجد عجباً من بعض الناس يستعدون لرمضان، ولكن بما يُفسد على الناس صومهم ويهدم أخلاقهم ويبعدهم عن تحسس واستشعار معاني الصيام والقيام، فيستعدون باللهو والعبث وبما يفسد حرمة هذا الشهر الكريم.. يستعدون لنا بالمسرحيات وبالمسلسلات وبالأفلام التي وإن لم تكن هابطة أو خالعة أو عارية – كما يقولون - فلا تعدوا عن كونها مبعدةً للناس عن صومهم وقيامهم وعباداتهم!!
          إنها مسلسلات جعلت هدفها الاستهزاء بسنة سيد المرسلين والسخرية بعبادالله الصالحين ومحاربة ثوابت الدين فمرةً يغمزون اللحية والغيرة وتارة يحتجون على المحرم للمرأة الخ.. ناهيك عن تصويرهم للمستقيم على دينه المتمسك بسنة نبيه بصورة الأبلة والموسوس والمتناقض !! أما ظهور الفاتنات من النساء فحدث ولا حرج..
          يسبون دين الله في شهر صومهم
          فعن دينهم صاموا وبالكفر أفطروا
          وبعض المفتونين يدير الريموت على أجساد العرايا ففي الليلة الواحدة يدور الواحد منهم على العالم شرقاً وغرباً يفسد صيامه بالنظر الحرام وباللهو الحرام وبالفعل الحرام.
          إنني أقول لمن ابتلوا بهذه القنوات أو المجلات أو بتضيع أوقاتهم فيما لا يفيد ولا ينفع لماذا لا نفكر أن نبدل السيئة بالحسنة، لماذا لا نغتسل بماء التوبة النصوح من حمأة الخطايا، لماذا لا نجعل هذا الشهر الكريم بداية لأن نهجر هذه القاذورات سيما ونفوسنا مهيئةٌ للخيرات.
          لعلها أيها الأحبة في الله أن تكون بداية النهاية- إن شاء الله - لكل شيء يبعد عن الله ويسخطه، ولعلها أن تكون بداية الانطلاقة الحقيقية في المسارعة إلى الخيرات وإرضاء رب الأرض والسماوات.
          الخطبة الثانية
          رمضان شهر التوبة فأي رمضان يكون رمضانك: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: " آمين، آمين، آمين " فقيلُ: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين!! فقال صلى الله عليه وسلم: "إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهرَ رمضان فلم يُغفر له فدخل النار فأبعده الله قل: آمين، قلت: آمين " أخرجه ابنُ خزيمة وابنُ حبان انظر صحيح الترغيب والترهيب (2/625).
          فالوحَى الوحَى قبل أن لا توبة تُنال، ولا عثرةَ تُقال، ولا يُفدى أحد بمال، فحُثوا حزم جزمكم، وشدوا لبَد عزمكم، وأروا الله خيراً من أنفسكم، فبالجد فاز من فاز، وبالعزم جاز من جاز، واعلموا أن من دام كسله خابَ أمله، وتحقَّق فشله..
          يا عبد الله، هذا أوان الجد إن كنت مجداً، هذا زمان التعبّد إن كنت مستعداً، هذا نسيم القبول هبّ، هذا سيل الخير صبّ،هذا الشيطان كبّ، هذا باب الخير مفتوح لمن أحب، هذا زمان الإياب، هذا مغتسلٌ بارد وشراب، رحمة من الكريم الوهاب، فأسرعوا بالمتاب، قبل إغلاق الباب.
          فبادر الفرصة، وحاذر الفوتة، ولا تكن ممن أبى، وخرج رمضان ولم ينل فيه الغفران والمنى...
          هاهو موسم التوبة والإنابة، فباب التوبة مفتوح، وعطاء ربك ممنوح، فمتى يتوب من أسرف في الخطايا وأكثرَ من المعاصي إن لم يتب في شهر رمضان؟! ومتى يعود إن لم يعد في شهر الرحمة والغفران؟! فبادر بالعودة إلى الله، واطرق بابَه، وأكثر من استغفاره، واغتنم زمنَ الأرباح، فأيام المواسم معدودة، وأوقات الفضائل مشهودة، وفي رمضان كنوز غالية، فلا تضيِّعها باللهو واللعب وما لا فائدة فيه، فإنكم لا تدرون متى ترجعون إلى الله، وهل تدركون رمضان الآخر أو لا تدركونه؟ وإن اللبيب العاقل من نظر في حاله، وفكَّر في عيوبه، وأصلح نفسه قبل أن يفجأه الموت، فينقطع عمله، وينتقل إلى دار البرزخ ثم إلى دار الحساب.
          جعل الله صيامنا صياما حقيقيا مقبولاً وجعله إيمانا واحتسابا إيمانا بما عنده، واحتسابا لثوابه، كما أسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم وسائر المسلمين ممن صام الشهر، واستكمل الأجر، وفاز بليلة القدر، كما أسأله أن يجعلنا ممن يصومونه ويقومونه إيماناً واحتساباً. اللهم اكتب صيامنا في عداد الصائمين وقيامنا في عداد القائمين.




          وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

          إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

          تاتا خطي العتبة ..!!

          تعليق


          • #6
            رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

            فضائل رمضان

            ( صيامه وأحكامه- صلاة التراويح- ليلة القدر- الاعتكاف- لماذا فرض الصوم- سهرات رمضان)

            إذا كانت حكمة الله تعالى اقتضت أن يفاضل بين الأمكنة، فجعل المسجد الحرام خير بقعة على وجه الأرض، وجعل الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه، فان حكمته تعالى اقتضت أن يفاضل بين الأزمنة فجعل شهر رمضان مفضلا على سائر الشهور والأزمان.
            ففي هذا الشهر أنزل الله تعالى القرآن الكريم، وفرض صيامه وجعله سبيلا إلى مغفرته ورضوانه، وخصه بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وجعله شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وكما جاء في حديث سلمان الفارسي، أنه شهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجرهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء. وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.
            وقد ورد في فضائل رمضان أحاديث كثيرة منها:-
            1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فانه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
            والصوم جنة (بضم الجيم أي وقاية) وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فان سابه - بتشديد الباء - أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم) منفق عليه.
            2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) متفق عليه.
            3- وروى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من صام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما بقدم من ذنبه).
            4- وروى أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيشفعان).
            5- وروى أحمد وأصحاب السنن، أنه صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين).
            وكان عبد الله بن عمر يقول عند فطره (اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي ذنوبي).
            7- وروى الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم، كان إذا أفطر، قال: (بسم الله اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت).
            (جزاء من أفطر يوما من رمضان من غير عذر):
            روى البزار أن رجلا قال يا رسول الله: إني هلكت، أفطرت في شهر رمضان متعمدًا، قال: اعتق رقبة. قال: لا أجد. قال: صم شهرين متتابعين. قال: لا أقدر. قال أطعم ستين مسكينًا. وهذه هي كفارة المفطر عمدًا.
            (من مبطلات الصوم):
            القيء إذا تعمده، والاستمناء، وابتلاع ما بين الأسنان من الطعام، وابتلاع ماء المضمضه خطأ، وتناول الحقن المغذية كالفيتامينات والجلوكوز وما شابه ذلك، ومن داعب زوجته حتى أمذى، كل ذلك يوجب القضاء بلا كفارة.
            ما لا يبطل الصوم:
            الاستحمام ولو للتبرد، والمضمضة من غير مبالغة، والسواك الرطب، والكحل، والأدهان، وإذا أصبح جنبًا في صيام فلا شيء عليه إلا الغسل، والاحتلام وهو صائم، وإن جامع ناسيًا فلا شيء عليه، وان أكل أو شرب ناسيًا، فإنما أطعمه الله وسقاه.
            ما يحبط عمل الصائم:
            الغيبة والنميمة، والصخب ولغو الكلام والانشغال بالألاعيب المحرمة كاللعب بالنرد، والكذب. وروى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
            وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الصيام جنة ما لم يخرقها. قيل وبم يخرقها؟ قال: بكذب أو غيبة).
            وروى ابن خزيمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليس الصيام من الأكل والشرب. إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم، إني صائم).
            وروى ابن خزيمة أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال) رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش).
            السحور والفطور:
            يسن بأخير السحور وتعجيل الفطور، فتأخير السحور للإعانة على عمل النهار، وللتمكن من صلاة الفجر، فلا ينبغي أن يصوم الناس ويفرطوا في صلواتهم أو أن يتركوا الجماعة.
            كما أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال(تسحروا فإن السحور بركة) رواه البخاري.
            وروى مسلم عن عمرو قال (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر).
            وروى أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال (السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين).
            وفي تعجيل الفطر:
            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر) متفق عليه.
            وروى ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر النجوم بفطرها).
            وروى أحمد وغيره في الحديث القدسي عن الله عز وجل قال (إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرًا).
            ويستحب أن يكون الفطر على تمر:
            فقد أخرج أبو داود وغيره مرفوعًا (اذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد فالماء فانه طهور).
            وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات. فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء ثم يتعشى بعد الصلاة.
            (ما يستحب للصائم):
            الانشعال بقراءة القرآن الكريم، والإكثار من الصدقة، وقيام الليل ولو بصلاة التراويح.
            روى البخاري وغيره عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة).
            وفي حديث لابن عباس: أن جبريل كان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ليلة من رمضان ليدارسه القرآن.
            (صلاة التراويح):
            صرة التراويح بعجلة، لا خير فيها، لأن الله لا يقبل الصلاة السيئة وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال (أتدرون من أسوأ الناس سرقة؟ قالوا لا يا رسول الله. قال الذي يسرق من صلاته قالوا وكيف يسرق المرء من صلاته يا رسول الله؟ قال: (لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها).
            فالسرعة في الصلاة أيا كانت فرضًا أو نفلًا تجعل الصلاة باطلة، وعمل محرم، وسنة سيئة، على أئمة السوء وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. وخير للمصلين ألا يصلوها لأنها تلف (بضم تاء المضارعة) كما يلف الثوب الخلق (بكسر اللام أي الثوب البالي) ويضرب بها وجه من صلاها وتقول له الصلاة (ضيعك الله كما ضيعتني).
            وفي الأثر عن حذيفة رضي الله عنه: أنه رأى رجلًا يسئ في صلاته فقال لو مات على هذه الحال مات على غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم (لأن صلاته باطلة).
            فأوصيك يا أخي المسلم أن تصلي التراويح صلاة صحيحة ولو تؤديها في بيتك تامة الأركان وليس العبرة بالكثرة. فالمهم تحسين الصلاة ولو كانت قليلة وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
            روى الموطأ أن عمر رضي الله عنه جمع الناس على صلاة التراويح وأمر أبي بن كعب رضي الله عنه أن يصلي بالناس إحدى عشرة ركعة. وكان القارئ يقرأ بالمئين (أي مئات الآيات) حتى كنا نعتمد على العصا من طول القيام. وكنا ننصرف قبل بزوغ الفجر.
            ليلة القدر:
            من فضائل رمضان أن جعل الله فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وقد أخفاها الله على عباده ليجتهدوا في الحصول عليها، غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (التمسوها في العشر الأواخر في الوتر منه). ويروي الإمام أحمد أن أبا بكرة رضي الله عنه قال أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه كان يصلي في العشرين من رمضان كصلاته في سائر السنة، فإذا دخل العشر الأواخر اجتهد.
            وأخرج الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر. وأخرج أيضًا عن عائشة قالت (يا نبي الله: إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).
            وفي الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه أحمد.
            ومن الخرافات التي أحدثها أهل البدع أن ليلة القدر يراها بعض الناس على هيئة نافذة مفتوحة في السماء. فهذا جهل وضلال.
            كما أن الجزم والتأكيد بأنها ليلة السابع والعشرين ضرب من الظنون وقد ثبت أن الله ينقلها من عام إلى عام في الوتر من العشر الأواخر من رمضان. فتارة تكون ليلة الحادي والعشرين وتارة غيرها من الليالي الفردية حتى التاسعة والعشرين.
            وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ النبي صحابته أنها حدثت في الليلة الماضية، وكانت ليلة السابع والعشرين. ثم اختلف حدوثها في السنوات الأخرى.
            لذا يجب العلم بأنها غير مخصصة بليلة معينة، والاحتفال بها ليلة السابع والعشرين بدعة ليس لها أصل.
            والمطلوب إحياء الليالي العشر كلها بقراءة القرآن وقيام الليل والدعاء إلى الله بالنجاة من النار.
            أما الاحتفال بها بذكر فضائلها وإلقاء التواشيح الدينية من شيخ مطرب، في مسجد مشهور، فذلك أمر ليس من العبادة في شيء ويجب بيان الحق من الباطل حتى يعلم الناس حقيقة دينهم.
            الاعتكاف:
            هو المكث في المسجد للعبادة وهو قسمان: نذر وسُنة.
            فمن نذر أن يعتكف وجب عليه الاعتكاف مع الصيام.
            والسنة: وأهمه الاعتكاف في رمضان. ويجوز في غير رمضان. ولا يصح الاعتكاف في المنزل. ويجوز للنساء أن يعتكفن إذا كان المسجد مهيئًا لفصل الرجال عن النساء. بشرط الحصول على إذن من الزوج. ويباح الخروج من المسجد لحاجة: كالغسل من الاحتلام، وقضاء الحاجة، أو الخوف على نفسه أو متاعه لو بقى في المسجد بشرط أن يخرج لمسجد آخر ليؤدي فيه اعتكافه أن كان نذرا، وإلا فالمتطوع أمير نفسه.
            كما يجوز الخروج بقدر شراء طعامه أو شرابه أو لحاجة ضرورية جدًا.
            ويستحب للمعتكف أن يشغل نفسه بالعبادة وقراءة القرآن وطلب العلم النافع ويبطل الاعتكاف بالتوجه إلى المنزل للطعام أو المداعبة مع النساء ويفسد الاعتكاف إذا فسد الصوم بأكل أو شرب عمدًا، ويجب ترك الغيبة وفضول الكلام، والتسلية، بما يلهي عن ذكر الله كقراءة الروايات الخليعة والمثيرة، وما شاكل ذلك.
            ويجوز استماع الأخبار والأحاديث الدينية المذاعة، وقراءة كل ما هو نافع مباح.
            وابتداء الاعتكاف من صلاة الفجر. فقد روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه. وأنه أمر بخباء فضرب له.
            وروى أبو داود عن عائشة قالت (السنة على المعتكف ألا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج إلا لحاجة لابد منها، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع) أي تؤدي فيه الجمعة.
            وروى البخاري ومسلم أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. قال: فأوف بنذرك.
            وأخرج أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فسافر سنة فلم يعتكف. فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يومًا.
            لماذا فرض الصوم؟
            1) تعويد الجوارح الكف عن الوقوع في الآثام، فليس الصيام عن الشهوات والملذات ولكنه صيام الجوارح عن المحرمات. كالكذب والغيبة وأكل الحرام، والاعتداء باليد واللسان وغير ذلك من الأمور ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.
            2) تربية النفس على الخشية من الله، فالصوم سر بين العبد وربه، ولذا كان الصوم مرشدا لمكارم الأخلاق، ومهذبًا للنفوس من أن تتزلق إلى المعاصي.
            3) تعويد الصبر على المكروه لصبر الصائم على ترك الطعام والشراب.
            4) تعويد الشفقة والرأفة بالمحتاجين والمعوزين، لأنه يعرف الأغنياء مقدار ألم الجوع فيعطفون على الفقراء.
            5) تعويد تناول الطعام في أوقات معينة.
            6) تقوية المعدة لاستراحتها من دخول الطعام والشراب فيها طول النهار مدة شهر كامل.
            7) التقرب إلى الله بالطاعات وخاصة قيام الليل بقراءة القرآن.
            ولكن للأسف أصبحنا في زمن هان على الناس أمر دينهم، يغتنمون رمضان ليعيشوا في لهو ولعب، وترف وبذخ، ومنهم من يصوم ولا يصلي فلا يقبل له صيام، لأنه برك الصلاة كفر وهدم لعماد الدين والفتاوى معتمدة إلى آراء العلماء، والحجة لله ورسوله.
            ناهيك بالسهرات الماجنة في رمضان فبعد الإفطار تنشغل وسائل الإعلام في صد الناس عن العبادة، وتنصب شركًا بفتح الراء - للوقوع فيه، كالرقص الخليع، والأحاجي (الفوازير) والتمثيل الساقط، والغناء الرخيص. وشجعهم على ذلك عرض المسلسلات الساقطة وقت الصلاة. وقد جندت وسائل الإعلام أجمل النساء، وأكثرهن عريًا وخلاعة، للرقص والغناء، وأي رقص يكون؟ رقص بين فتيان وشبان بصورة تتنافى مع الأخلاق وينبو عنها الذوق والدين. وذلك كله بحجة إحياء رمضان.
            ثم المصيبة الكبرى أن يخلع على الراقصة الممثلة ألقاب البطولة وصنع المعجزات ولقد كانت المعجزات التي هي أمور خارقة للعادة، من فعل الله تعالى، يؤيد بها رسله الكرام، فأصبحت في مقدور الممثلين والراقصات.
            ومما يؤسف له حقًا أن ذوي الأمر يعدون لهذا الشهر من قبل رمضان بشهور طويلة، كما يعدون المسلسلات على مدار ليالي الشهر، باسم الفن وتشجيعه، كما ترصد له الجوائز السخية.
            وكل ذلك يصد عن الصلاة وعن طاعة الله؟ فهل أنتم منتهون؟ أين العلماء الذين ينكرون هذا المنكر؟ ولماذا سكتوا. والله يتوعدهم بقوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾ [البقرة: 159].
            ثم يجب تصحيح المفاهيم عند المذيعين بالكف عن الثناء على الرقص والغناء الرخيص فهم يطلقون ألسنتهم بالمديح لكل شر يغضب الله تعالى ولا يقيمون للشهر الكريم حرمة ولا وزنًا.
            ولو سارت الحكومة على شريعة الله، لضربت على أيدي هؤلاء بدلًا من تشجيعهم ومنحهم الجوائز التقديرية التي لا تخدم دينًا ولا وطنًا ولضربت على أيدي من يجهر بالفطر في رمضان أولئك الذين خسروا دينهم، فخسروا الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
            وفقنا الله إلى رضوانه، والعمل على رفع الأمة بالعمل النافع والله المتسعان.
            المصدر: مجلة التوحيد، عدد 1402 رمضان هـ.



            وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

            إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

            تاتا خطي العتبة ..!!

            تعليق


            • #7
              رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

              فضل رمضان


              صحيح البخاري: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الصيام جُنة، فلا يرفُث ولا يَجهَل، وإن امرؤ قاتَله أو شاتَمه، فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده، لخُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله تعالى من ريح المِسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي؛ الصيام لي وأنا أَجزي به، والحسنة بعشر أمثالها)).
              صحيح البخاري: عن سهل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن في الجنة بابًا يُقال له: الرَّيَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا، أُغلِق، فلم يدخل منه أحد)).
              وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا جاء رمضان، فُتِحت أبواب الجنة)).
              صحيح البخاري: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخل شهر رمضان، فُتِحت أبواب السماء، وغُلِّقت أبواب جهنَّم، وسُلسِلت الشياطين)).
              وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه)).
              البخاري: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجودَ الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل - عليه السلام - يلقاه كلَّ ليلة في رمضان حتى يَنسلخ، يعرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن، فإذا لقِيه جبريل - عليه السلام - كان أجود بالخير من الريح المُرسلة.
              صحيح البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لم يدَع قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه)).
              وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله: كل عمل بن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفُث ولا يَصخَب، فإن سابَّه أحد أو قاتَله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المِسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرِح، وإذا لقِي ربَّه فرِح بصومه)).







              وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

              إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

              تاتا خطي العتبة ..!!

              تعليق


              • #8
                رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

                اقتن من رمضان ما خف حمله وغلا ثمنه

                روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: "كنتُ أصوم الدهرَ، وأقرأ القرآن كلَّ ليلة، قال: فإما ذكرتُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - وإما أَرسل إليَّ فأتيتُه، فقال لي: ((ألَم أُخبَرْ أنك تصومُ الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة؟))، قلت: بلى يا نبيَّ الله، ولم أُردْ بذلك إلا الخير، قال: ((فإن بحسْبك أن تصومَ من كل شهر ثلاثة أيام))، قلت: يا نبي الله، إني أُطيق أفضل من ذلك، قال: ((فإن لزوجِك عليك حقًّا، ولزَوْرِك عليك حقًّا، ولجسدك عليك حقًّا))، قال: ((فصُمْ صومَ داودَ نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان أعبدَ الناس))، قال: قلتُ: يا نبي الله، وما صوم داود؟ قال: ((كان يصوم يومًا، ويُفطر يومًا))، قال: ((واقرأ القرآن في كل شهر))، قال: قلتُ: يا نبي الله، إني أُطيق أفضل من ذلك، قال: ((فاقرأْه في كل عشرين))، قال: قلت: يا نبي الله، إني أُطيق أفضل من ذلك، قال: ((فاقرأْه في كل عشْرٍ))، قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال: ((فاقرأْه في كل سبعٍ، ولا تَزِدْ على ذلك؛ فإن لزوجك عليك حقًّا، ولزَوْرِك عليك حقًّا، ولجسدك عليك حقًّا))، قال: فشددتُ فشُدِّد عليَّ، قال: وقال لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنك لا تدري لعلك يطول بك عمُرٌ))، قال: فصِرتُ إلى الذي قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما كبِرت وددتُ أني كنت قبِلتُ رخصة نبي الله - صلى الله عليه وسلم.
                ها قد انتهى شهر رمضان، ونحسب أن كثيرًا من المسلمين قدموا طاعات وعبادات، فصاموا نهاره، وقاموا ليلَه، وقرؤوا القرآن، وتصدَّقوا وأطعموا واعتمروا، ويُخطئ البعض حين يظن أن من واجب المسلم أن تكونَ حياته كلُّها رمضان، وهذا أمر لا يستقيم؛ فالله - عز وجل - جعل لهذه النفس من الطبائع والصفات والحظوظ ما اللهُ به عليم، فمن طبيعة النفس البشرية أنها تَمَلُّ وتَكِلُّ وتتثاقل، فتريد الفُسحة، وترغب بالتغيير، وتسأم من الرَّتابة، وتحب الراحةَ، وصفات من هذه كثيرة، ولو تأملنا في حال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم - لوجدنا أن حالهم في رمضان مختلفٌ عن غير رمضان، وهو ما يستقيم مع الفطرة الإنسانية؛ فالنبي - عليه الصلاة والسلام - كان أجودَ الناس لكن في رمضان يزداد جودُه وكرمه، ويقوم الليل جماعة، وهو ما لم يكن يفعله في غير رمضان، ويحيي ليله كله في العشر الأواخر، وهذا ما لم يكن يفعله قبل ذلك، كلُّ هذه العبادات ترشدنا أنه ليس المطلوب منك أيها المسلم أن تحوِّلَ العام كله إلى رمضان.
                وهناك ضربٌ آخرُ من الناس على النقيض من هذا الطرح، فيصيبه الفتور والكسل والانقطاع، فلا يقوم الليل، ولا يصوم وِرْدَه من الشهر، ولا يجعل للقرآن نصيبًا من يومه، ونحن بين ذاك الصِّنف وهذا.
                والسؤال المهم: ما هو المطلوب منك بعد رمضان؟
                وإذا أردتَ معرفة الجواب، فإليك ما رواه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: ((أدومُه وإن قلَّ))، وعنها في الصحيحين أيضًا قالت: "كان عملُه دِيمةً"، وعنها أيضًا - كما عند مسلم - قالت: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عمل عملاً أَثبتَه".
                هكذا فهِم الصحابة - رضي الله عنهم - أن المراد أن تداوم على عبادات وإن قلَّت؛ ففي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر قال: كان الرجل في حياة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى رؤيا قصَّها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فتمنيتُ أن أرى رؤيا أقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكنت غلامًا شابًّا عزَبًا، أنام في المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيت في المنام كأن ملَكينِ أخذاني فذهبا بي إلى النارِ، فإذا هي مطويةٌ كطيِّ البئر، وإذا لها قرنانِ كقرني البئر، وإذا فيها أناسٌ قد عرفتُهم، فجعلتُ أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار.. ثلاث مرات، فلقِيهما ملَكٌ آخر فقال لي: لن تُرَاعَ، فقصصتها على حفصةَ، فقصَّتْها حفصةُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((نِعْمَ الرجلُ عبدُالله لو كان يصلي من الليل))، قال سالم: فكان عبدُالله لا ينام من الليل إلا قليلاً؛ فأَدِمْ قيام الليل ولو بركعتين.
                وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلالٍ صلاةَ الغداة: ((يا بلال، حدثني بأرجى عملٍ عملتَه عندك في الإسلام منفعةً؛ فإني سمعت الليلة خَشْفَ نعليك بين يديَّ في الجنة))، قال بلال: ما عملتُ عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعةً من أني لم أتطهر طهورًا تامًّا في ساعة من ليلٍ أو نهارٍ إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي، فكان بلال - رضي الله عنه - لا يترك ركعات بعد الوضوء.
                من هنا نفهم بأن المراد من طاعات رمضان أن تعوِّد نفسك على عبادات - ولو قليلةً - فتستمر عليها، وحينها سينالك الثناءُ من الله ورسوله، أما من الله - سبحانه - فإنه امتدح المواظبين على الصلاة فقال: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 23]؛ فداوِمْ ولا تنقطع، وأما الثناء من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح من حديث ثوبانَ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمنٌ))، وهو يثني على المتواصلين المحافظين على عبادة الوضوء.
                فعليك - أخي المسلم - أن تَخرج من رمضان بما خفَّ حملُه وغلا ثمنُه، فتحمله معك في حقيبة حياتك حتى تلقى الله - عز وجل - وأنت مستمرٌّ عليه؛ فقليلٌ دائمٌ خيرٌ من كثيرٍ منقطع، والله أعلم.





                وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                تاتا خطي العتبة ..!!

                تعليق


                • #9
                  رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

                  من آثار رمضان


                  إن آثار العبد محفوظة لا يضيع منها شيء، أيا كانت هذه الآثار حسنة أم قبيحة، كبيرة أم صغيرة، كثيرة أم قليلة، قاصرة أم متعدية ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 12].
                  إن آثار أهل الإيمان كلها مكتوبة: من تغبير الأرجل في ذروة سنام الإسلام، إلى حث الخطى للمساجد لحضور الجمع والجماعات ﴿ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ﴾ [التوبة: 120] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني سلمة "إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ"، قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ: "يَا بَنِي سَلِِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ" رواه مسلم.
                  ولرمضان آثار على الصائمين القائمين، تنفعهم في دنياهم وفي أخراهم:
                  فمن آثار رمضان على العبد في الدنيا: اعتياده الصيام والقيام والإنفاق، وإطعام الطعام، وبذل الإحسان، فإن حافظ على قدر منه بعد رمضان بقي أثره حتى يُعرف بصلاحه واستقامته فيعلو ذكره، ويوقر سمته، ويملك القلوب حبه، ويبقى في أهل الخير اسمه،.. وهذا لسان الصدق الذي سأله الخليل ربه فقال ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 84]. وهو قدم الصدق الذي بشر به المؤمنون ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ [يونس: 2].
                  وأما آثاره في الآخرة فلا يعدها عاد من كثرتها: فالري بعد العطش، والشبع بعد الجوع، والأمن بعد الخوف، والسعادة بعد الحزن، وزوال الهم والغم إلى غير رجعة. وللصائمين في الجنة باب الريان، لا يدخل منه غيرهم. وللصائم فرحة عند لقاء ربه حين يرى أثر صومه تقدم أمامه، وحين يرى الصوم صار جرما وضع في ميزانه، وحين يرى أعمال رمضان في صحيفته.. وأعظم أثر له دخول العبد فيمن يجزيهم الله تعالى على صومهم، وهو جزاء لا يحد ولا يعد؛ لأن الله تعالى أبهمه، والكريم يعطي على قدر كرمه وغناه، ومن أكرم من الله تعالى وأغنى؟! "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي" رواه الشيخان.
                  فيا من صمتم رمضان.. ويا من حافظتم على التراويح.. ويا من ختمتم القرآن.. ويا من لهجتم بالدعاء.. ويا من استغفرتم بالأسحار.. ويا من مددتم موائد الإفطار.. ويا من تنافستم على بذل الإحسان: اعلموا أنكم قد فعلتم في رمضان ما ينبغي أن يفعله المؤمن، وهُديتم للتي هي أحسن، فلا تتركوا طريق العبادة وقد ذقتم حلاوته، ولا تكفوا أيديكم عن الإحسان وقد عرفتم أثره..
                  أبقوا من عبادتكم وطاعتكم بعد رمضان ما يحفظ ما بذلتم، ويزيد ما أنفقتم، من فعل النوافل بعد إتقان الفرائض.. فصوموا من الشهر أياما، وقوموا من الليل أجزاء، واقرءوا من القرآن أورادا، وابذلوا من الإحسان أنواعا.. حافظوا على الأذكار، وبكروا للجمع والجماعات، ولا تغفلوا عن الذكر فإنه حياة القلوب. والألسن البعيدة عن الذكر قلوب أصحابها ميتة ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
                  يا من كان لكم في رمضان أعمال جليلة، وأودعتموه آثارا طيبة؛ أبقوا هذه الآثار بعد رمضان ببقاء شيء من الأعمال، والديمومة عليها؛ فإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل، وكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا عمل عملا أثبته، وكان عمله ديمة؛ كما أخبر بذلك أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وهن ألصق الناس به، وأعلمهن بعمله.
                  إن آثاركم التي تنتج عن أعمالكم تبقى لكم.. فانظروا أي أثر تركتم، وأي ذكر في الناس لكم أبقيتم.. ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7-8] ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10-12] ﴿ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 121].
                  جعلنا الله تعالى من أهل طاعته، وأعاننا على ما يرضيه، وجنبنا ما يسخطه، وأسبغ علينا نعمه..
                  وأقول قولي هذا وأستغفر الله...


                  وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                  إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                  تاتا خطي العتبة ..!!

                  تعليق


                  • #10
                    رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

                    إحياء العشر

                    إحياء العشر الأواخر من رمضان

                    ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴾ [الكهف: 1 - 3].
                    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قائمًا بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل الخلق وأحبهم إلى الله، وأصبرهم على الجهاد، واحتمال الأذى في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأكثر الخلق ولعًا بعبادة ربه وإقامتها، حتى قال: «جعلت قرة عيني في الصلاة».
                    صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
                    أما بعد:
                    اعلموا رحمكم الله أن شهر رمضان شهر البركة والغفران، قد آذن بالانصراف، وقد ذهب أكثره، ولم يبق فيه إلا ليالٍ محدودة، وساعات معدودة، فاغتنموا أوقاتكم، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم، وجنة عرضها السماوات والأرض؛ أعدت للمتقين.
                    واعلموا أن عباد الله الصالحين وأنبياءه وخلفاءهم وأتباعهم كانوا يحيون لياليهم وأوقاتهم بالعبادة، وقد قال تبارك وتعالى في وصفهم: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16].
                    وقد قال الصحابي الجليل عبد الله بن أبي رواحة في وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
                    يَبِيتُ يُجَافِى جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ
                    إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
                    وقد أثنى الله على هذه الأمة ووصف أتباعها بالإخلاص، وذلك لكثرة عبادتهم وسجودهم لوجهه الكريم، فقال جل من قائل حكيم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ﴾} [الفتح: 29] .
                    وقيام الليل وكثـرة الصلوات والسجود والركوع سمة المؤمنين المخلصين المطيعين الذين مدحهم الله وأثنى عليهم في التوراة والإنجيل، وقد جاء ربيعة بن مالك الأسلمي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأله عن أمرٍ، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اسأل يا ربيعة؟»، فقال ربيعة: أسألك يا رسول الله مرافقتك في الجنة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أو غير ذلك؟»، يعني: أَوَلَا تسأل عن شيء غيره؟، فقال ربيعة: لا أسألك إلا هذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»، رواه مسلم.
                    فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطلب من إنسان يريد مثل أجر النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، لا يطلب منه إلا أن يزيد في ركوعه وسجوده، وأن يحيي ليله بالعبادة والتهجد؛ مع محافظته على الفروض في أوقاتها، فعند ذلك يصاحبهم في الجنة، ويكون له مثل ثوابهم وأجرهم.
                    واعلموا أن قيام الليل كان فرضًا في أول الإسلام؛ لأن عبادة الليل بعيدة عن الرياء المحبط للأعمال؛ ولأنه أقرب لإجابة الدعاء، كما روى مسلم والبخاري: أن رسول الله ﷺ قال: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؛ حين يبقى من الليل ثلثه، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟»، متفق عليه.
                    فيا أيها المسلمون:
                    شمروا سواعد الجد واستعدوا لهذه العشر المقبلة ختام الشهر، واستنوا بسنة نبيكم عليه أفضل صلاة وأزكى تحية، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان: شد مئزره، وأيقظ أهله، وأحيا ليله»، وصح عنه -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان».
                    فبادروا بالعمل يرحمكم الله ويرضى عنكم، وتداركوا ما أضعتموه في أيامكم السالفة، فإنما الأعمال بالخواتيم، فازرعوا خيرًا لكي تحصدوا جزاءكم كاملًا موفورًا، وتباعدوا عن الشرور والآثام؛ فإنها لا تثمر إلا شرًّا ووبالًا:
                    مَا ينالُ الخَيْرُ بالشَّرِّ ولاَ
                    يَحْصِدُ الزَّارِعُ إلاَّ مَا زَرَعْ
                    فاشغلوا أوقاتكم بالعبادة والقيام ليلًا، والتسبيح والذكر والتلاوة نهارًا، واعلموا أن شهركم لا معوض له، وأن البقاء لله وحده.
                    جعلنا الله وإياكم ممن فازوا بهذا الشهر وقبله من الجميع، أقول قولي هذا، وأستغفر الله الغفور التواب لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.



                    وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                    إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                    تاتا خطي العتبة ..!!

                    تعليق


                    • #11
                      رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

                      الخطبة الثاينة إحياء العشر

                      الخطبة الثانية

                      الحمد لله الحكيم الحميد، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، وأشهد أن لا إله إلا الله العليم الخبير، كما قال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18].
                      نحمده ونشكره على نعمه التي لا تحصى، وآلائه التي لا تنفد، والصلاة والسلام على أشرف الخلق البشير النذير، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى عليّ صلاة واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا»، وقال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
                      أما بعد:
                      فاعلموا وفقكم الله أن شهر العطف والرحمة، شهر المحبة والإحسان والمواساة، شهر الصدقات والبر، شهر التلاوة والذكر والاستغفار، قد همَّ بالسفر، فقد ذهب جُزأه الأكبر، فحاسبوا أنفسكم وادأبوا على التزود من أعمال الخير، وخير الزاد التقوى ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16].
                      واعلموا أن خير الذخائر هو ما يدخره الإنسان ليوم القيامة، يوم لا يسأل حميم حميمًا، ولا الصديق عن صديقه، ولا الوالد عن والده، يوم تضع كل ذات حملٍ حملها من هوله، في ذلك اليوم يفتقر كل إنسان إلى عمله:
                      إذا افتقرتَ إلى الذخائِر لم تَجِدْ
                      ذُخراً يكون كصالح الأعمالِ
                      عباد الله:
                      إن لكم في رسول الله قدوة حسنة، فقد كان -صلى الله عليه وسلم-إذا دخلت هذه العشر شد مئزره، وأيقظ أهله، وأحيا ليله، وقد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة يصلي حتى احتجر الدم في أقدامه، وأُرهقت أعصابه، فقالت له عائشة رضي الله عنها: لماذا يا رسول الله تجهد نفسك وتتعبها، وتقوم الليل كله، وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «أفلا أكون عبدًا شكورًا».
                      فاتقوا الله عباد الله، واستغفروه عن سالف تفريطكم، وتداركوا ما بقي بالإخلاص والعمل.
                      أيها المسلمون:
                      حاسبوا أنفسكم قبل أن يحاسبها غيركم، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد: «إن الشيطان كالذئب يأخذ من الغنم القاسية»، فاجتمعوا على البر وتقوى الله وعبادته.
                      واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، فاستمعوا إليه وتفهموا معانيه، ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف: 204]، واعلموا أن خير السنن سنة نبيكم محمد عليه الصلاة والسلام.
                      ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، واغفر لنا ولوالدينا والمسلمين، اللهم أصلح ولاة المسلمين، اللهم ولِّ علينا خيارنا، واهدهم صراطك المستقيم، وانصرهم وأيدهم بروح منك، اللهم لا تولِّ علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
                      عباد الله:
                      ﴿ نَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 90، 91].
                      فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه وآلائه التي لا تحصى يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تخفون وما تعلنون.


                      وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                      إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                      تاتا خطي العتبة ..!!

                      تعليق


                      • #12
                        رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

                        ما ينبغي في آخر رمضان


                        الحمد لله الأول فليس قبله شيء والآخر فليس بعده شيء والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء، أحمده سبحانه هو القادر على كل شيء العالم بعاقبة الميت والحي، ولا يعجزه شيء ولا يخفى عليه شيء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الحق، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله المبعوث بين يدي الساعة بالحق بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه السابقين بالخيرات المشهود لهم بالرضوان والجنة في محكم الآيات.
                        أما بعد:
                        فيا أيها الناس اتقوا الله واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، واعتبروا باختلاف الليل والنهار فإنهما مواقيت للأعمال ومقادير للأعمار ومواعيد للآجال، وإنهما يبنيان كل جديد، ويدنيان كل بعيد ويأتينا بكل موعود وهما خزائن للأعمال وعلى المكلفين من جملة الشهود.
                        أيها الناس:
                        بالأمس القريب كنتم تتهيؤون لقدوم رمضان وأنتم اليوم توشكون على وداعه كما ودعتم ما قبله من الزمان ثم تفضون إلى الواحد القهار فتوفى النفوس ما عملت ويحصد الزارعون ما زرعوا إن أحسنوا لأنفسهم وإن أساؤا فبئس ما صنعوا فإنما هي أعمالكم تحصى عليكم ثم توفون إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه فما ظلمه الله.
                        عباد الله:
                        اختموا شهركم ذاكرين لثلاثة أمور؛ الأول: أن تختموه محسنين ما أمكنكم فإن الأعمال بالخواتيم فاختموا الشهر مقبلين على الله تعالى راغبين إليه راجين له خائفين من سوء عواقب تفريطكم وتقصيركم ولا تختموه بالسآمة والملل، والعجز والكسل ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[1].
                        الثاني: أن ليلة القدر قد تكون فيما بقي من الشهر فإنكم لستم على يقين من إدراكها، وحسن قيامها فيما مضى، فلم يأتكم بتعيينها فيما مضى من شهركم وحي يوحى، معصوم من ذلولهم بالخطأ.
                        الثالث: أن الله تعالى يعتق في أخر ليلة من الشهر مثلما أعتق من أوله إلى آخره وليس عندكم يقين بالعتق من النار ثابت بصحيح الأخبار.
                        معشر المسلمين:
                        وإنكم مهما اجتهدتم في شهركم، بحاجة إلى ربكم أن يتقبل عملكم، وأن يتجاوز عن تقصيركم وزللكم، وأن يوفي أجوركم مع ضعف جهدكم واجتهادكم، فاختموا الشهر والعبادة بكثرة الذكر والاستغفار، فإنهما يكملان العمل ويجبران الانكسار، ويجلبان رحمة ومغفرة الرحيم الغفار، واصبروا فإن الله يحب الصابرين، واتقوا فإن الله إنما يتقبل من المتقين، وأحسنوا فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وخافوا الله وتوكلوا عليه، إن كنتم مؤمنين، ولا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ولا تأمنوا مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، ولا تيأسوا من روح الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا تقنطوا من رحمة الله
                        " وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ [الحجر: 56]"

                        [1] (النور: 63).





                        وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                        إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                        تاتا خطي العتبة ..!!

                        تعليق


                        • #13
                          ثلاث وصايا بعد رمضان

                          أيها المسلمون: مما يناسب ذكره وتدارسه بعد رمضان حديث نافع عظيم، دلنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم على ما ينفعنا في معاملتنا لله تعالى، ومعاملتنا للناس؛ ذلكم هو حديث أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ الناس بِخُلُقٍ حَسَنٍ)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
                          وقريب منه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم: ((مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: تَقْوَى الله وَحُسْنُ الْخُلُقِ)) رواه أحمد وصححه ابن حبان.
                          ومن نظر في هذا الحديث وجد أنه قد احتوى على ثلاث وصايا، وهذه الوصايا الثلاث كان يكثر العمل بها في رمضان؛ لخصوصية الشهر الكريم في قلوب المؤمنين؛ ولأن الصيام يجعل العبد أقرب إلى الطاعات، وأحسن أخلاقا في تعامله مع الناس. وهي وصايا عظيمةٌ جامعة لحقوق الله تعالى وحقوق عباده.
                          وأول هذه الوصايا الوصية بالتقوى ((اتق الله حيثما كنت)) وشهر رمضان هو شهر التقوى؛ لأن الصيام سبب لحصول التقوى كما في قول الله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]. فالذين صاموا رمضان واتقوا الله تعالى فيه حقيق بهم أن يستمروا على التقوى بعد رمضان، وأن يجاهدوا نفوسهم على تحقيقها، والله تعالى أهلٌ لأن يتقى في كل وقت؛ لأنه الملك الخالق الرازق المدبر، فلا يجلب نفع إلا منه، ولا يدفع ضر إلا به ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس: 107] وهو سبحانه الذي ثوابه لا أجزل منه، وعقابه لا أشد منه، مع علمه بخلقه وما يصدر منهم، وقدرته سبحانه عليهم، ومن كان هذا وصفه كان أحق بالتقوى من غيره، وكل تقوى لأحد تقصر دون تقواه عز وجل، فلا يليق بمؤمن أن يتقي ضرر الأقوياء من المخلوقين، ويقصر في تحقيق تقوى الخالق سبحانه وتعالى ﴿وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ﴾ [المدَّثر: 56].
                          ويترقى العبد في سلم التقوى حتى يحافظ على المندوبات مع الواجبات، ويذر المكروهات والمحرمات، ويحذر المتشابهات استبراء لدينه، ومحافظة على تقواه ((فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه)) وقال عُمَر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: ((ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليطِ فيما بَيْنَ ذلك، ولكن تقوى الله تركُ ما حرَّم الله، وأداءُ ما افترضَ الله، فمن رُزِقَ بعد ذلك خيراً فهو خيرٌ إلى خير)).
                          والقرآن والسنة طافحان بالنصوص التي تأمر بالتقوى، وترغب فيها، وتحث عليها، وتبين ثوابها في الآخرة، فحري بمن ذاق حلاوة التقوى في شهر التقوى؛ فكف بصره عن الحرام، وحفظ سمعه من لغو الكلام، وأمسك لسانه عن القيل والقال، واجتهد في الطاعات، وجانب المحرمات أن يستمر على ذلك ويترقى في درجات التقوى حتى ينال منزلة الأولياء؛ إذ تحقيق التقوى يرفع العبد إلى أن يكون لله تعالى ولياً ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ﴾ [يونس: 62-64].
                          وكتب أحد الصالحين يعظ أخاه فقال له: ((أُوصيكَ بتقوى الله الذي هو نَجِيُّكَ في سريرتك ورقيبُك في علانيتك، فاجعلِ الله من بالك على كُلِّ حالك في ليلك ونهارك، وخفِ الله بقدر قُربه منك، وقُدرته عليك، واعلم أنَّك بعينه ليس تَخرُجُ من سلطانه إلى سلطان غيره، ولا من ملكه إلى مُلك غيره، فليعظم منه حَذَرُك، وليكثر منه وَجَلُكَ)).
                          ومع ذلك فإن الإنسان تحركه الشهوة، ويتسلط عليه داعي الهوى، وتؤزه الشياطين إلى التخلي عن التقوى فيقصر في واجب أو يفعل محرما، فيجدر به حينئذ ألا يستسلم، بل يجاهد نفسه وهواه وشهوته وشياطين الإنس والجن، فإن زل وأخطأ فليبادر بمحو خطئه بفعل صائب، وليأت بحسنة تعفو أثر سيئته، وليتقرب بطاعات في مقابل معصيته، وهذه هي الوصية الثانية في الحديث ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) ومع تحرز جمهور المسلمين من الوقوع في المعصية أثناء شهر رمضان؛ تعظيما لحرمة الشهر؛ فإن الواحد منهم إذا استزل فأخطأ فيه رأى أنه أتى أمرا عظيما، وقابل ذلك بالاستغفار والصدقة وكثرة قراءة القرآن وأنواع من البر والإحسان، فليفعل ذلك بعد رمضان؛ فإن عظمة من يعصي لا تتغير بعد رمضان عن رمضان، فهو عز وجل العظيم في كل الأزمان والأحوال.
                          والله تعالى قد علم ضعفنا وعجزنا وعجلتنا ففتح لنا أبواب الحسنات، وشرع لنا الكثير من المكفرات لنبادر بفعلها تكفيرا عن العصيان، ومحوا لآثار السيئات، وفي ثناء الله تعالى على المتقين قال سبحانه ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135] فذكر سبحانه من صفاتهم أنهم إن أخطئوا لم ينسوا الله عز وجل وعظمته فبادروا إلى محو أثر الذنب بالاستغفار وعدم الإصرار على المعصية.
                          وعلى العاصي أن يكثر من الطاعات فإنها تزيل أثر السيئة في القلب؛ فإن التجربة قد دلت على أن العبد إذا أكثر من الطاعات ضعف في قلبه داعي العصيان، وتمكنت منه الرغبة في الله تعالى وفيما أعد من الكرامة لأوليائه المتقين.
                          كما أن إتباع المعصية بطاعة يجعل في صحيفة العبد حسنات تقابل السيئات التي قارفها، وأعمال العباد توزن يوم القيامة، فليحذر أن تكون سيئاته أكثر من حسناته ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114]. قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: ((إذا أسأت سيئة في سريرة فأحسن حسنة في سريرة، وإذا أسأت سيئة في علانية فأحسن حسنة في علانية، لكي تكون هذه بهذه)).
                          وسُئِلَ الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن رجلٍ اكتسب مالاً من شبهةٍ: صلاتُه وتسبيحُهُ يَحُطُّ عنه شيئاً من ذلك؟ فقالَ: إنْ صلَّى وسبَّح يريد به ذَلِكَ، فأرجو، قالَ الله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 102].
                          والإنسان في حياته الدنيا يعامل الخلق كثيرا من قرب منهم كوالديه وأهله وولده، ومن بعد منهم من سائر الناس، فالتوجيه النبوي أن يعاملهم بالحسنى؛ فيحلم عن جاهلهم، ويصبر على مسيئهم ((وخالق الناس بخلق حسن)) فهي قاعدة عامة في حسن الخلق مع الناس أجمعين.
                          وفي رمضان كان الصائم يلجم نفسه عن الغضب، ويحبس لسانه عن الجهل، ويقابل من شاتمه بقوله ((إني صائم))؛ لعلمه أنه في عبادة فلا يريد تخريقها؛ ولذا جاء في الحديث أن الصوم جنة، أي وقاية يحمي العبد من الوقوع في الإثم.
                          فمن تعلم في رمضان كظم الغيظ، وتسكين الغضب، ومقابلة الجهل بالحلم، والإساءة بالإحسان، وكانت السماحة والعفو وحسن الخلق ديدنه فحري به أن يستمر على ذلك بعد رمضان؛ طلبا لرضا الله تعالى، حتى يتصف بحسن الخلق؛ فإنما الحلم بالتحلم. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ((حُسنُ الخلق أنْ تحتملَ ما يكونُ من الناس)).
                          وفي حسن الخلق من الأجر والثواب ما لا يخطر على بال كثير من الناس؛ ففي حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ)) رواه أبو داود، وفي حديث أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من شيء أثقل في الْمِيزَانِ من خُلُقٍ حَسَنٍ)) رواه أحمد.
                          فمن حافظ على هذه الوصايا الثلاث فقد أفلح وفاز، وكسب رضا الله تعالى ومحبته وولايته، ومحبة خلقه.
                          هذه الوصايا هي تقوى الله تعالى حيثما كان العبد، وإتباع السيئة بحسنة، ومعاملة الناس بالأخلاق الحسنة.
                          التعديل الأخير تم بواسطة أبومصعب محمود ابراهيم; الساعة 18-06-2014, 06:37 AM.


                          وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                          إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                          تاتا خطي العتبة ..!!

                          تعليق


                          • #14
                            رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات



                            وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                            إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                            تاتا خطي العتبة ..!!

                            تعليق


                            • #15
                              رد: أى رمضان رمضانك حسنات ثم حسنات ثم حسنات

                              ماذا بعد رمضان


                              1 مباحات ومحاذير العيد-الثبات بعد رمضان الشيخ سامي السرساوي ( .20/8/2012. )ليلة العيد - قسم المنوعات
                              503
                              2 العبوديه وكيف نثبت على الطاعه بعد رمضان ( 19/8/2012 )فقره مفتوحه - الشيخ هاني حلمي عبد الحميد 609
                              3 ماذا بعد رمضان 4وكيف يقبل عملك ( 22/8/2012 ) - قسم المنوعات 391
                              4 كيف تعرف ان عملك قبل وعوامل الثبات على الطاعه( 22/8/2012 )ماذا بعد رمضان - قسم المنوعات 770
                              5 ماذا بعد رمضان 2( 21/8/2012 ) - قسم المنوعات 349
                              6 ماذا بعد رمضان ( 21/8/2012 ) - قسم المنوعات 314
                              7 ماذا بعد رمضان؟ (19/8/2012) - الشيخ محمد الشربينى 610
                              8 داوموا على ما كنتم عليه (19-8-2012) خطبة العيد بمسجد السلاب - الشيخ عاطف شاهين 744
                              9 مضى رمضان وسيمضى العمر ... (29 رمضان) (17-8-2012) - الدكتور حازم شومان 2896
                              10 الإستقامة بعد رمضان (3-10-2008) - الشيخ ياسر برهامي 643
                              11 أنقضى رمضان فهل بقيت أثاره (5/9/2011) لقاء خاص - الشيخ هاني الحاج 611
                              12 ماذا بعد رمضان (3/9/2011) لقاء خاص - الشيخ شعبان درويش 591
                              13 لقاء خاص بمناسبة عيد الفطر المبارك (2/9/2011) - الشيخ صلاح عبد المعبود 478
                              14 ليلة عيد الفطر المبارك(29/8/2011)أعيادانا - الشيخ شعبان درويش 540
                              15 دروس وعبر من الصيام(28/8/2011)مهرجان نسائم الخير بقطر-مجالس العلماء - الشيخ وجدي غنيم 2601
                              16 ماذا بعد رمضان (التوبة) (2/9/2011) اليوم المفتوح - الشيخ هاني حلمي عبد الحميد 1369
                              17 ماذا بعد رمضان (2/9/2011) لقاء خاص بمناسبة عيد الفطر المبارك - الشيخ أيمن صيدح 1349
                              18 فرحة العيد وماذا بعد رمضان (2/9/2011) - الشيخ طلعت عفيفى 756
                              19 ماذا بعد رمضان (1/9/2011) - الدكتور غريب رمضان 905
                              20 رمضان علمنا - الجزء الثاني (30/8/2011) ماذا بعد رمضان - الدكتور سمير تقي الدين 960
                              21 ماذا بعد رمضان - الجزء الأول (31/8/2011) - الدكتور حازم شومان 5469
                              22 رمضان علمنا - الجزء الأول(30/8/2011) ماذا بعد رمضان - الدكتور سمير تقي الدين 776
                              23 الثبات بعد رمضان - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب 6294
                              24 ماذا لو نطق رمضان مودعا - الشيخ علي قاسم 1466
                              25 كسبنـا صلاة النبـى - الشيخ أيمن صيدح 7045
                              26 مجالس العلماء .. رمضان و الرحيل المر - الشيخ إبراهيم الدويش 1939
                              27 الثبات بعد رمضان - الشيخ مسعد أنور 1581
                              28 مواجهة الشياطين بعد رمضان(16/9/2010) ماذا بعد رمضان - الشيخ صلاح عبد المعبود 965
                              29 ماذا بعد رمضان (13/9/2010) - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي 1304
                              30 ماذا بعد رمضان (13/9/2010) - الشيخ عماد رفعت 1083
                              31 ماذا بعد رمضان (11/9/2010) - الشيخ صلاح عبد المعبود 983
                              32 فرحة ونور (9/9/2010) - الدكتور صلاح هارون 2045
                              33 برنامج عملي للثبات بعد رمضان (13/9/2010) ماذا بعد رمضان؟ - الشيخ مجدي عرفات 991
                              34 برنامج عملي للثبات بعد رمضان (13/9/2010) ماذا بعد رمضان؟ - الشيخ مقدام الحضرى ( رحمه الله ) 1486
                              35 ماذا بعد رمضان؟ .. الشيخ عبد الله كامل (13/9/2010) - الشيخ عبد الله كامل 1477
                              36 فرحة العيد(11/9/2010) - الشيخ عبد الله بركات 1100
                              37 ماذا بعد رمضان (11/9/2010) عيد الفطر المبارك - الشيخ شهاب الدين ياسين 921
                              38 إدخال السرور على قلب المسلم (12/9/2010) ماذا بعد رمضان؟ - الشيخ محمد الشربينى 692
                              39 طاعة العيد(10/9/2010) - الشيخ شعبان درويش 930
                              40 ربانيون لا رمضانيون (10/9/2010) - الشيخ سعد عرفات 1134
                              41 ربانيون لا رمضانيون (10/9/2010) - الشيخ أيمن صيدح 2511
                              42 ماذا بعد رمضان؟ (10/9/2010) - الشيخ الدكتور عبد الله عبد الحميد 997
                              43 هل استفدنا من رمضان ؟؟ - الدكتور محمد علي يوسف 1450
                              44 هل استفدنا من رمضان ؟؟ - الدكتور محمد علي يوسف 1153
                              45 قناة الحافظ فى رمضان 2 (10/8/2010) - الشيخ صلاح عبد المعبود 747
                              46 قناة الحافظ فى رمضان 1 (10/8/2010) - الشيخ صلاح عبد المعبود 907
                              47 من الفائز ومن الخاسر في رمضان - الشيخ محمود المصري 3173
                              48 ربانيون لا رمضانيون - فضيلة الشيخ محمد حسان 3784
                              49 الثبات بعد رمضان - الشيخ أحمد جلال 2126
                              50 خطبه عيد الفطر - الشيخ عبد الحميد كشك 4567
                              51 بعد رمضان ...انطلق انطلق - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب 1935
                              52 ماذا بعد رمضان؟ (23/9/2009) - الشيخ سمير مصطفى 1735
                              53 الله اغلى (11/12/2008) مجلس الرحمة - الشيخ محمد الصاوي 4172
                              54 كيف تقضى العيد بالضوابط الشرعية (اليوم المفتوح ) - الشيخ محمد الصاوي 3745
                              55 الثبات علي الطاعات (3/10/2008) كن ربانيا و لاتكن رمضانيا - الشيخ مجدي عرفات 1462
                              56 الاعمال بالخواتيم ( 2/10/008) كن ربانيا ولا تكن رمضانيا - الشيخ مسعد أنور 2912
                              57 كن ربانيا و لاتكن رمضانيا ( 1/10/2008) - الشيخ سعد عرفات 1441
                              58 كن ربانيا ولا تكن رمضانيا (1/10/2008) - الشيخ جلال الخطيب 1494
                              59 فرحتنا (19/12/2007) ملتقى العيد - الشيخ محمد الصاوي 2513
                              60 ماذا بعد رمضان - الشيخ هاني حلمي عبد الحميد 2967
                              61 أرجوك ... لا تتركني - الشيخ هاني حلمي عبد الحميد 3648
                              62 ماذا بعد رمضان ؟ ( حلقة العيد ) - فضيلة الشيخ محمد حسان 5964
                              63 حلقة العيد بقناة الرحمة - الشيخ محمود المصري 3721
                              64 نصائح عامة للصائمين ( صحتك والصيام ) - الدكتور مجاهد أبو المجد 1669
                              65 رمضان التجارة الرابحة التى لا تبور - فضيلة الشيخ محمد حسان 8211
                              66 بطل بعد رمضان - الدكتور حازم شومان 11538
                              67 ويل للمطففين - الدكتور حازم شومان




                              وكم من ذلة لى فى البرايا وأنت عليّ ذو من وفضل

                              إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى كان منى

                              تاتا خطي العتبة ..!!

                              تعليق

                              يعمل...
                              X