إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.




    تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورةُ الأنعام ] ~


    ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ... ﴾ 2. يَعني: أباهم آدم،
    الذي هو أصلُهم ومِنه خَرَجُوا، فانتشَرُوا في المشارق والمغارب.
    "تفسيرُ ابن كثير"

    ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ 3.
    فإذا استترتَ بأفعالِكَ ومَعاصيكَ عن أعيُن الناسِ، فإنَّ اللهَ يراكَ،
    وإنْ أبدَيْتَ مِن ذنبٍ أو أسررتَ، فإنَّ الله يَعلَمُه ويطَّلِعُ عليه.
    فإذا عَلِمتَ ذلك، فلماذا تُصِرُّ على الذنب؟!
    ولماذا لا تُسرِعُ بالتَّوبةِ والمَوتُ مِنكَ قريبٌ؟!



    ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ 12.
    فكُلُّ ما في هذا الكونِ ملكٌ للهِ رَبِّ العالَمين.
    هو سُبحانه مالِكُ الكَونِ ومُدبِّرُه ومُصَرِّفُه.
    فإذا كُنتَ تعيشُ في ملكِ اللهِ، تمشي على أرضِهِ، وتستظِلُّ بسمائِهِ،
    وتأكُلُ مِن رِزْقِهِ، ولا تفعلُ شيئًا إلَّا يَعلَمُه، فلماذا تستكبِر؟!
    ولماذا تُسارِعُ إلى الذنوبِ ومنها تستكثِر؟! ولِمَ لا تتوبُ وتستغفِر؟!

    ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ﴾ 14. فاللهُ سُبحانه هو الوَلِّيُّ والنَّصيرُ.
    ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
    وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ المائدة/55.



    ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ 15.
    فإنَّ المعصيةَ في الشِّركِ تُوجِبُ الخُلُودَ في النار، وسَخَطَ الجبَّار.
    وذلك اليَوم هو اليَوم الذي يُخافُ عَذابُه، ويُحذَرُ عِقابُه؛
    لأنَّه مَن صُرِفَ عنه العَذابُ يَومئذٍ فهو المرحوم،
    ومَن نَجَا فيه فهو الفائِزُ حقًّا،
    كما أنَّ مَن لم يَنجُ منه فهو الهالِكُ الشَّقِيُّ.
    " تفسيرُ السَّعديّ"



    ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ
    فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 17. وإن يُصِبكَ اللهُ تعالى- أيها الإنسانُ- بشيءٍ
    يَضُرُّكَ كالفَقر والمرض فلا كاشِفَ له إلَّا هو، وإن يُصِبكَ بخَيرٍ كالغِنَى والصِّحَّةِ
    فلا رَادَّ لفَضلِهِ ولا مانِعَ لقَضائِهِ، فهو- جَلَّ وعلا- القادِرُ على كُلِّ شيءٍ.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"

    فإذا كان اللهُ تعالى هو الذي يَكشِفُ الضُّرَّ، فلِمَ يتوجَّهُ البَعضُ إلى غيره
    مِنَ البَشَرِ مِمَّن لا حَوْلَ له ولا قُوَّة؟! ولِمَاذا يَجعلُ اعتمادَه على الأسبابِ،
    وينسى أنَّ اللهَ تعالى هو مُسَبِّبُ الأسباب؟! ولماذا لا يتوجَّه إلى اللهِ تعالى
    بالدُّعاءِ والاستغاثةِ وطَلَبِ الفَرَج؟! لا بأسَ أن نأخُذَ بالأسباب،
    وأن نطلُبَ العَونَ مِمَّن يملكه مِن البَشَر، لكنْ لا ننسى أنَّ اللهَ تعالى
    هو الذي خَلَقَنا ويُدَبِّرُ أمورَنا، ويَعلَمُ ما يُصلِحُنا.
    فلنتوكَّل عليه سُبحانه مع أخذِنا بالأسباب،
    ولنستعِن به على كَشفِ الضُّرِّ ورَفعِ البَلاءِ.



    ﴿ ... قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ... ﴾ 19. فكَذَبَ مَن ادَّعَى أنَّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة،
    وكَذَبَ مَن جَعَلَ للهِ شُركاءَ في مُلْكِهِ وأُلُوهِيَّتِهِ. فاللهُ واحِدٌ لا شَريكَ له،
    ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ الإخلاص/3-4.

    ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا
    وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 27. هذا حال المُشركين يومَ القِيامة.
    يتمنّون العَودةَ للدُّنيا؛ ليُصدِّقوا بآياتِ اللهِ ويَعملوا بها، ويكونوا مِن المُؤمنين.
    لكنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ. قد كانت أمامكم الفُرصةُ في الدُّنيا، فلم تغتنموها،
    وكذَّبتم واستكبرتم. وعندما رأيتم العَذابَ، وعاينتم الهَلاكَ،
    تُريدُونَ الرُّجُوعَ وتندمونَ على ما قُلتُم؟!



    ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ
    وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ 28. بل ظَهَر لهم يَومَ القِيامةِ ما كانوا يَعلمُونَه مِن أنفُسِهم
    مِن صِدْقِ ما جاءت به الرُّسُلُ في الدُّنيا، وإن كانوا يُظهِرُونَ لأتباعِهِ خِلافَه.
    ولو فُرِضَ أن أُعِيدُوا إلى الدُّنيا فأُمهِلُوا، لَرَجَعُوا إلى العِنادِ بالكُفر والتَّكذيبِ.
    وإنَّهم لَكَاذِبُونَ في قَولِهم: لو رُدِدْنَا إلى الدُّنيا لم نُكَذِّب بآياتِ رَبِّنا،
    وكُنَّا مِن المُؤمنين.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
    أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ 32. هذه حقيقةُ الدُّنيا وحقيقةُ الآخِرة.
    أمَّا حقيقةُ الدُّنيا فإنَّها لَعِبٌ ولَهْوٌ، لَعِبٌ في الأبدان ولَهْوٌ في القُلُوب،
    فالقُلُوبُ لها والِهَةٌ، والنُّفُوسُ لها عاشِقَةٌ، والهُمُومُ فيها مُتعلِّقةٌ،
    والاشتغالُ بها كلَعِبِ الصِّبيان.

    وأما الآخِرةُ، فإنَّها خَيْرٌ في ذاتِها وصِفاتِها، وبقائِها ودَوامِها،
    وفيها ما تشتهيه الأنفُسُ، وتَلَذُّ الأعيُنُ، مِن نعيم القُلُوبِ والأرواح،
    وكثرة السُّرور والأفراح، ولكنَّها ليست لِكُلِّ أحدٍ،
    وإنَّما هِيَ للمُتَّقِين الذين يَفعلُونَ أوامِرَ الله، ويتركون نَواهِيَه وزَواجِرَه.
    أفلا يكونُ لكم عُقُولٌ بها تُدركون أيَّ الدَّارَيْن أحَقُّ بالإيثار؟!
    " تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يسير"



    ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ 36.
    إنَّما يُجِيبُكَ-أيُّها الرَّسُولُ- إلى ما دَعَوْتَ إليه مِنَ الهُدَى الذين يَسمعُونَ
    الكلامَ سَماعَ قَبُولٍ. أمَّا الكُفَّارُ فهم في عِدادِ الموتى؛ لأنَّ الحَياةَ الحقيقيَّةَ
    إنَّما تكونُ بالإسلام. والموتى يُخرِجُهُم اللهُ مِن قُبُورِهم أحياءً،
    ثُمَّ يَعُودُونَ إليه يَومَ القِيامةِ ليُوفوا حِسابَهم وجَزاءَهم.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"

    ﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
    وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ 48. أي: مُبَشِّرينَ عِبادَ اللهِ المُؤمنين بالخَيراتِ،
    ومُنذِرين مَن كَفَر باللهِ النِّقمَاتِ والعُقُوباتِ. فمَن آمَنَ قلبُه بما جاءوا به
    وأصلح عَمَلَهُ باتِّباعِهِ إيَّاهم، فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ في ما يَستقبِلُونَه،
    وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتَهم وتركوه وراءَ ظُهُورِهم مِن أمر الدُّنيا وصَنِيعِها،
    اللهُ وَلِيُّهم فيما خَلفوه، وحافِظُهم فيما تركوه.
    "تفسيرُ ابن كثير بتَصَرُّفٍ يسير "



    ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ
    قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ 56. قُل- أيُّها الرَّسُولُ- لهؤلاء
    المُشركين الذين يَدْعُونَ مع الله آلِهةً أُخرى: إنَّ الله- عَزَّ وجَلَّ- نهاني
    أن أعبُدَ الأوثانَ التي تَعبُدُونَها مِن دُونِهِ، والتي لا تَملِكُ نَفعًا ولا ضَرًّا،
    ولا مَوتًا ولا حياةً ولا نُشُورًا، فإنَّ هذا باطِلٌ، وليس لكم فيه حُجَّةٌ بل ولا شُبْهَةٌ،
    ولا اتِّباعُ الهَوَى الذي اتِّباعُهُ أعظَمُ الضَّلال. وقل لهم: لا أتَّبِعُ أهواءَكم،
    قد ضَلَلتُ عن الصِّراطِ المُستقيمِ إنْ اتَّبعتُ أهواءَكم، وما أنا مِنَ المُهتدِين.
    وأمَّا ما أنا عليه- مِن توحيدِ اللهِ وإخلاص العَمَلِ له- فإنَّه هو الحَقُّ
    الذي تقومُ عليه البَراهِينُ والأدِلَّةُ القاطِعَةُ.
    وأنا على يقينٍ مُبينٍ بصِحَّتِهِ، وبُطلان ما عداه.
    "تفسير السَّعدِيّ والتَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ... ﴾ 59.
    قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (( مَفاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعلَمُها إلَّا اللهُ:
    لا يَعلَمُ ما في غَدٍ إلَّا اللهُ، ولا يَعلَمُ ما تغيضُ الأرحامُ إلَّا اللهُ،
    ولا يَعلمُ متى يأتي المَطرُ أحدٌ إلَّا اللهُ، ولا تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ،
    ولا يَعلَمُ متى تقومُ الساعةُ إلَّا اللهُ )) رواه البُخاريُّ.
    فاللهُ سُبحانه وتعالى وَحدَه الذي يَعلَمُ الغَيبَ، وكَذَب مَن ادَّعَى غيرَ ذلك،
    وكَذَبَ مَن جَعَلَ البَشَرَ يَعلمون الغَيبَ وجعلوا لهم مِن الصِّفاتِ ما للهِ سُبحانه.



    ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا
    فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ 68. المُرادُ بالخَوضِ في آياتِ اللهِ: التَّكَلُّمُ بما يُخالِفُ الحَقَّ،
    مِن تحسين المقالاتِ الباطلة، والدَّعوة إليها، ومَدح أهلِها، والإعراض عن الحَقِّ،
    والقَدْح فيه وفي أهله، فأمَرَ اللهُ رَسُولَه أصلاً وأُمَّتَه تَبَعًا، إذا رأوا مَن يَخُوضُ
    بآياتِ الله بشيءٍ مِمَّا ذُكِرَ، بالإعراض عنهم، وعَدَمِ حُضُور مَجالِس الخائِضين
    بالباطل، والاستمرار على ذلك، حتى يكونَ البَحثُ والخَوضُ في كلامٍ غيره،
    فإذا كان في كلامٍ غيره، زال النَّهيُ المذكور.

    فإنْ كان مَصلحةً كان مأمورًا به، وإنْ كان غيرَ ذلك، كان غَير مُفيدٍ ولا مأمورٍ به.
    وفي ذَمِّ الخَوضِ بالباطل، حَثَّ على البَحثِ، والنَّظَرِ، والمُناظَرةِ بالحَقِّ.

    ثُمَّ قال:

    ﴿ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ ﴾ أي: بأنْ جَلَستَ معهم، على وَجه النِّسيان والغَفلةِ،
    ﴿ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ يَشمَلُ الخائِضين بالباطل،
    وكُلَّ مُتكلِّمٍ بمُحَرَّمٍ، أو فاعِلٍ لمُحَرَّمٍ، فإنَّه يَحرُمُ الجُلُوسُ والحُضُورُ عند حُضُور
    المُنكَر الذي لا يُقدَرُ على إزالته.

    هذا النَّهيُ والتَّحريمُ لِمَن جَلَسَ معهم، ولم يَستعمِل تقوى الله؛
    بأنْ كان يُشاركُهم في القَول والعَمَل المُحَرَّم، أو يَسكُتُ عنهم، وعن الإنكار،
    فإنْ استعمَلَ تقوى الله تعالى؛ بأنْ كان يأمُرُهم بالخَير، وينهاهم عن الشَّرِّ
    والكلام الذي يَصدُرُ منهم، فيترتَّبُ على ذلك زَوالُ الشَّرِّ أو تخفيفُه،
    فهذا ليس عليه حَرَجٌ ولا إثمٌ.
    ولهذا قال: ﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ

    مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 69؛ أي: ولكنْ ليُذَكِّرَهم، ويَعِظَهم،
    لَعَلَّهم يتَّقُونَ اللهَ تعالى.

    وفي هذا دليلٌ على أنَّه ينبغي أن يَستعمِلَ المُذَكِّرُ مِن الكلام ما يكونُ أقربَ
    إلى حُصُول مَقصودِ التَّقوَى. وفيه دليلٌ على أنَّه إذا كان التَّذكِيرُ والوَعظُ
    مِمَّا يَزيدُ الموعُوظَ شَرًّا إلى شَرِّه، إلى أنَّ تَركَه هو الواجِب؛
    لأنَّه إذا ناقَضَ المقصودَ، كان تَركُه مَقصودًا.
    "تفسيرُ السَّعدِيّ"



    ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ 82.
    الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، وعَمِلُوا بشَرعِهِ، ولم يَخلِطُوا إيمانَهم بشِركٍ،
    أولئك لهم الطُّمأنينةُ والسَّلامةُ، وهم المُوَفَّقُونَ إلى طريق الحَقِّ.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ
    حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ 92.
    وهذا القُرآنُ كِتابٌ أنزلناه إليكَ- أيُّها الرسولُ- عَظِيمُ النَّفع،
    مُصَدِّقٌ لِمَا تَقَدَّمَه مِنَ الكُتُبِ السَّماويَّةِ، أنزلناه لِنُخَوِّفَ به مِن عَذابِ الله
    وبأسِهِ أهل "مَكَّة" ومَن حولَها مِن أهل أقطار الأرض كُلِّها.
    والذين يُصدِّقُونَ بالحَياةِ الآخِرة، يُصدِّقُونَ بأنَّ القُرآنَ كلامُ الله،
    ويُحافِظُونَ على إقام الصلاةِ في أوقاتِها.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
    وَكِيلٌ ﴾ 102. فاللهُ سُبحانه هو المَألوه المَعبودُ، الذي يَستحِقُّ نهايةَ الذُّلِّ،
    ونهايةَ الحُبِّ، الرَّبُّ الذي رَبَّى جَميعَ الخَلْقِ بالنِّعَم، وصَرَفَ عنهم صُنُوفَ النِّقَمِ.
    فإذا استقرَّ وثَبَتَ أنَّه الله الذي لا إله إلَّا هو، فاصرِفُوا له جَميعَ أنواع العِبادة،
    وأخلِصُوها لله، واقصِدُوا بها وَجهَه. فإنَّ هذا هو المقصود مِن الخَلْقِ،
    الذي خُلِقُوا لأجله



    ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات/56.


    وجَميعُ الأشياءِ تحت وكالة الله وتدبيره، خَلْقًا، وتدبيرًا، وتصريفًا.
    ووكالتُه تعالى على الأشياءِ ليست مِن جِنْسِ وكالة الخَلْق،
    فإنَّ وكالتهم وكالة نِيَابةٍ، والوكيلُ فيها تابِعٌ لمُوكله.

    وأمَّا الباري- تبارك وتعالى- فوكالتُه مِن نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، مُتضمِّنةً لكَمال العِلْم،
    وحُسْنِ التَّدبير والإحسان فيه، والعَدل. فلا يُمكِنُ لأحدٍ أن يَستدرِكَ على الله،
    ولا يَرَى في خَلْقِهِ خَلَلاً ولا فُطورًا، ولا في تَدبيره نَقصًا وعَيبًا.
    ومِن وكالته: أنَّه- تعالى- توكَّل ببيان دِينِهِ، وحِفْظِهِ عن المُزيلاتِ والمُغَيِّراتِ،
    وأنَّه تَوَلَّى حِفظَ المُؤمنين وعِصمَتَهم عَمَّا يُزيلُ إيمانَهم ودِينَهم.
    "تفسيرُ السَّعدِيّ بتصَرُّفٍ"



    ﴿ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ 106.
    اتَّبِع- أيُّها الرسولُ- ما أوحيناه إليك مِن الأوامِر والنَّواهي،
    التي أعظمُها توحِيدُ اللهِ سُبحانه والدَّعوةُ إليه, ولا تُبالِ بعِنَادِ المُشركين,
    وادِّعائِهم الباطِل.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ
    زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ... ﴾ 108. يَنهَى اللهُ المُؤمنين عن أمرٍ كان جائِزًا،
    بل مَشروعًا في الأصل، وهو سَبّ آلهةِ المُشركين، التي اتُّخِذَت أوثانًا وآلِهَةً
    مع الله، التي يُتَقَرَّبُ إلى الله بإهانتِها وسَبِّها. ولكنْ لَمَّا كان هذا السَّبُّ طريقًا
    إلى سَبِّ المشركين لِرَبِّ العالَمين- الذي يَجِبُ تنزيهُ جَنابِهِ العظيم عن كُلِّ
    عَيْبٍ وآفةٍ وسَبٍّ وقَدْحٍ- نَهَى اللهُ عن سَبِّ آلهةِ المُشركين؛
    لأنَّهم يَحمُونَ لِدِينهِم، ويتعصَّبُونَ له. لأنَّ كُلَّ أُمَّةٍ زَيَّنَ اللهُ لهم عَمَلَهم،
    فرأَوْه حَسَنًا، وذَبُّوا عنه، ودافَعُوا بكُلِّ طريق، حتى إنَّهم لَيَسُبُّونَ اللهَ رَبَّ العالَمِين،
    الذي رَسَخَت عَظَمَتُه في قُلُوبِ الأبرار والفُجَّار، إذا سَبَّ المُسلِمُونَ آلِهَتَهُم.
    "تفسيرُ السَّعدِيّ"



    ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
    وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ 116. يُحذِّرُ اللهُ تعالى نَبِيَّه مُحمدًا- صلَّى الله عليه
    وسلَّم- مِن طاعةِ أكثر الناس؛ فإنَّ أكثرَهم قد انحرفوا في أديانِهم، وأعمالِهم،
    وعُلُومِهم. فأديانُهم فاسِدة، وأعمالُهم تَبَعٌ لأهوائِهم، وعُلُومُهم ليس فيها تحقيقٌ
    ولا إيصالٌ لسَواءِ الطريق. بل غايتُهم أنَّهم يتَّبِعون الظَّنَّ الذي لا يُغنِي مِن الحَقِّ
    شيئًا، ويتخرَّصون في القول على الله ما لا يعلمون. ومَن كان بهذه المثابةِ،
    فحَرِيٌّ أن يُحذِّرَ اللهُ منه عِبادَه، ويَصِفَ لهم أحوالَهم؛ لأنَّ هذا- وإنْ كان
    خِطابًا للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم- فإنَّ أُمَّتَه أُسوةٌ له في سائِر الأحكام،
    التي ليست من خصائصه.
    "تفسيرُ السَّعديّ بتصَرُّفٍ يسير"



    ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ 118.
    يأمُرُ تعالى عِبادَه المؤمنين، بمُقتَضَى الإيمان، وأنَّهم إن كانوا مُؤمنين،
    فليَأكلوا مِمَّا ذُكِرَ اسمُ الله عليه مِن بَهيمةِ الأنعام، وغيرها مِن الحيواناتِ المُحَلَّلَة،
    ويعتقدوا حِلَّها، ولا يَفعلوا كما يَفعلُ أهلُ الجاهليَّةِ مِن تحريم كثيرٍ مِن الحَلال،
    ابتداعًا مِن عند أنفُسِهم، وإضلالاً مِن شياطينهم. فذَكَرَ اللهُ أنَّ علامةَ المُؤمِن
    مُخالفة أهل الجاهليَّةِ في هذه العادة الذميمةِ المُتضمِّنة لتغيير شَرع الله.
    "تفسيرُ السَّعديّ"



    ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا
    يَقْتَرِفُونَ ﴾ 120. نَهَى اللهُ عِبَادَه عن اقترافِ المعاصي الظاهِرة والباطِنة،
    أي: السِّرّ والعلانية، المُتعلِّقة بالبَدَن والجَوارِح، والمُتعلِّقة بالقلب.
    ولا يَتِمُّ للعَبدِ تركُ المعاصي الظاهِرة والباطِنة إلَّا بعد مَعرفتها، والبَحث عنها،
    فيكونُ البَحثُ عنها ومَعرفتُها والعلمُ بذلك واجِبًا مُتعيِّنًا على المُكَلَّف.
    والذين يَكسِبُونَ الإثمَ الظاهِر والباطِن، سيُجزَون على حَسب كَسْبِهم،
    وعلى قَدْرِ ذُنُوبِهم، قلَّت أو كَثُرَت. وهذا الجَزاءُ يكونُ في الآخِرةِ،
    وقد يكونُ في الدُّنيا، يُعاقَبُ العَبدُ، فيُخَفَّف عنه بذلك مِن سيئاتِه.
    "تفسيرُ السَّعديّ بتصَرُّفٍ"



    ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ
    إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ 121.
    ولا تأكُلُوا- أيُّها المسلمون- مِن الذبائِح التي لم يُذكَر اسمُ الله عليها عند الذَّبح،
    كالميتة وما ذُبِحَ للأوثان والجِنِّ، وغير ذلك. وإنَّ الأكلَ مِن تلك الذبائِح لَخُرُوجٌ
    عن طاعةِ الله تعالى. وإنَّ مَرَدَةَ الجِنِّ لَيُلْقُونَ إلى أوليائِهم مِن شياطين الإنس
    بالشُّبُهاتِ حَوْلَ تحريم أكل الميتة، فيأمرونَهم أن يقولوا للمُسلِمين في جِدالِهم
    معهم: إنَّكم بعَدَمِ أكْلِكُم الميتة لا تأكلون ما قَتَلَه الله، بينما تأكلون مِمَّا تذبحونه.
    وإنْ أطعتُموهم- أيُّها المسلمون في تحليل الميتة- فأنتم وهم في الشِّركِ سَواء.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ
    صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ
    لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ 125. فمَن يَشأ اللهُ أن يُوَفِّقَه لقَبُول الحَقِّ يَشْرَح صَدرَه للتَّوحِيدِ
    والإيمان، ومَن يَشأ أن يُضِلَّه يَجْعَل صَدرَه في حالٍ شديدةٍ مِن الانقباض عن
    قَبول الهُدَى، كحَال مَن يَصعد في طبقات الجَوِّ العُليا، فيُصابُ بضِيقٍ شديدٍ
    في التَّنَفُّسِ. وكما يَجعَلُ اللهُ صُدُورَ الكافرين شديدةَ الضِّيق والانقباض،
    كذلك يَجعَلُ العَذابَ على الذين لا يُؤمنون به.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ 134.
    إنَّ الذي يُوعِدُكم به رَبُّكم- أيُّها المشركون- مِن العِقاب على كُفرِكم واقِعٌ بكم،
    ولن تُعجِزُوا رَبَّكم هَربًا، فهو قادِرٌ على إعادتِكم، وإنْ صِرتُم تُرابًا وعِظَامًا.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
    ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 153. ومِمَّا وَصَّاكم اللهُ به أنَّ هذا الإسلامَ
    هو طَريقُ اللهِ تعالى المُستقيم، فاسلُكوه، ولا تسلُكوا سُبَلَ الضَّلال، فتُفَرِّقكُم،
    وتُبعِدكم عن سبيل اللهِ المُستقيم. ذلكم التَّوَجُّه نحو الطريق المستقيم
    هو الذي وَصَّاكم اللهُ به؛ لِتَتَّقُوا عَذابَه بفِعل أوامِره, واجتنابِ نَواهِيه.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ 155.
    وهذا القُرآنُ كتابٌ أنزلناه على نَبِيِّنا مُحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم, خَيرُه كثيرٌ،
    فاتَّبِعوه فيما يأمُرُ به ويَنهَى عنه، واتَّقُوا اللهَ أن تُخالِفُوا له أمرًا؛
    رجاءَ أن تُرحَمُوا، فتنجوا مِن عذابه، وتظفروا بثوابه.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"



    ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ
    ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ 159. يتوعَّدُ اللهُ تعالى الذين شَتَّتُوا دِينَهم
    وتفرقوا فيه، وكلٌّ أَخَذَ لِنَفْسِهِ نصيبًا مِن الأسماءِ التي لا تُفيدُ الإنسانَ
    في دِينه شيئًا، كاليهوديَّةِ والنَّصرانيَّةِ والمجوسيَّةِ، أو لا يَكمُلُ بها إيمانه،
    بأن يأخُذَ مِن الشَّريعةِ شيئًا ويَجعلُه دِينَه، ويَدَعَ مِثلَه أو ما هو أولى منه،
    كما هو حال أهل البِدَعِ والضَّلال والمُفَرِّقِين للأُمَّةِ.

    وأمَرَ رسولَه- صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يتبرَّأ مِمَّن فَرَّقُوا دِينَهم فقال:
    لَستَ مِنهم وليسوا مِنكَ؛ لأنَّهم خالَفُوكَ وعانَدُوكَ. إنَّما حُكمُهم إلى الله تعالى،
    ثُمَّ يُخبِرُهم بأعمالِهم، فيُجازِي مَن تاب منهم وأحسَنَ بإحسانِهِ،
    ويُعاقِبُ المُسيءَ بإساءَتِهِ.

    ودَلَّت الآيةُ الكريمةُ على أنَّ الدِّينَ يأمُرُ بالاجتماع والائتلافِ،
    وينهى عن التَّفَرُّق والاختلافِ في أهل الدِّين، وفي سائِر مَسائِله الأصوليَّةِ
    والفُروعيَّةِ.
    "تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ بتصَرُّفٍ"



    ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا
    وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ 161. يأمُرُ تعالى نبيَّه- صلَّى الله عليه وسلَّم-
    أن يقولَ ويُعلِنَ بما هو عليه مِن الهِدايةِ إلى الصِّراطِ المستقيم:
    الدِّين المُعتدِل المُتضمِّن للعَقائِدِ النَّافِعةِ، والأعمال الصَّالِحةِ، والأمر بكُلِّ حَسَنٍ،
    والنَّهي عن كُلِّ قَبيحٍ، الذي عليه الأنبياءُ والمُرسَلُونَ، خُصوصًا إمامُ الحُنَفَاءِ،
    ووالِدُ مَن بُعِثَ مِن بعد مَوتِهِ مِن الأنبياءِ، خليلُ الرَّحْمَن إبراهيمُ عليه الصَّلاةُ
    والسَّلامُ، وهو الدِّينُ الحَنيفُ المائِلُ عن كُلِّ دِينٍ غير مُستقيم،
    مِن أديان أهل الانحرافِ، كاليَهودِ والنَّصارَى والمُشركين.
    "تفسيرُ السَّعديّ"



    ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ
    وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ 162. قل- أيُّها الرسولُ- لهؤلاء
    المُشركين: إنَّ صلاتي وذَبْحِي للهِ وَحدَه، لا للأصنام، ولا للأمواتِ، ولا للجِنِّ،
    ولا لغَير ذلك مِمَّا تذبحونه لغير الله، وعلى غير اسمِهِ كما تفعلون،
    وحياتي ومَوتي للهِ تعالى رَبِّ العالَمِين، لا شَرِيكَ له في أُلُوهِيَّتِهِ
    ولا في رُبُوبِيَّتِهِ ولا في صِفاتِهِ وأسمائِهِ. وبذلك التَّوحِيدِ الخَالِصِ أمرني رَبِّي
    جَلَّ وعَلا، وأنا أوَّلُ مَن أقَرَّ وانقاد للهِ مِن هذه الأُمَّةِ.
    "التَّفسيرُ المُيَسَّر"


    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 15-04-2014, 12:03 AM. سبب آخر: تنسيق يسيير للفائدة

  • #2
    رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.


    تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورةُ المائِـدة ] ~

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ 1. هذا أمرٌ من الله تعالى لعِباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمانُ بالوفاء بالعُقُود؛ أيْ: بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها.
    وهذا شامِلٌ للعُقُودِ التي بين العَبدِ وبين رَبِّهِ؛ مِن التزام عُبُودِيَّتِه، والقيامِ بها أتَمَّ قِيام، وعدم الانتقاص من حُقُوقها شيئًا، والتي بينه وبين الرسول؛ بطاعته واتِّباعه، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب؛ ببِرِّهِم وصِلَتِهم، وعدم قطيعتهم، والتي بينه وبين أصحابه؛ مِن القيام بحُقُوق الصُّحبةِ في الغِنَى والفَقر، واليُسْر والعُسْر، والتي بينه وبين الخَلْق؛ مِن عُقُودِ المُعاملاتِ، كالبَيع والإجارة، ونحوهما، وعقود التبرُّعاتِ، كالهِبة ونحوها، بل والقيام بحُقُوق المسلمين التي عَقَدَها اللهُ بينهم في قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ الحجرات/10، بالتَّناصُر على الحَقِّ، والتَّعاون عليه، والتَّآلُفِ بين المسلمين وعدم التَّقاطُع.

    فهذا الأمرُ شامِلٌ لأصول الدِّين وفُرُوعِهِ، فكُلُّها داخِلَةٌ في العُقُودِ التي أمر اللهُ بالقيام بها.
    "تفسيرُ السَّعديِّ"



    ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ 2. أيْ: ليُعِن بَعضُكم بَعضًا على البِرِّ؛ وهو اسمٌ جامِعٌ لِكُلِّ ما يُحِبُّه اللهُ ويَرضاه، من الأعمال الظاهِرة والباطِنة، من حُقُوق اللهِ وحُقُوق الآدميِّين.
    والتَّقوى في هذا المَوضِع: اسمٌ جامِعٌ لتَركِ كُلِّ ما يكرهه اللهُ ورسولُه، من الأعمال الظاهِرة والباطِنة. وكلُّ خصلةٍ من خِصال الخير المأمور بفِعلِها، أو خصلةٍ من خِصال الشَّرِّ المأمور بتركها، فإنَّ العَبدَ مأمورٌ بفِعلها بنَفْسِهِ، وبمُعاونةِ غيره من إخوانِهِ المؤمنين عليها، بكُلِّ قَوْلٍ يَبعَثُ عليها ويُنَشِّطُ لها، وبكُلِّ فِعلٍ كذلك.

    ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ ﴾ ؛ وهو التَّجَرؤ على المعاصي التي يأثَمُ صاحِبُها، ويحرج. ﴿وَالْعُدْوَانِ﴾؛ وهو التَّعَدِّي على الخَلْق في دِمائِهم وأموالِهم وأعراضِهم. فكُلُّ مَعصيةٍ وظُلمٍ يَجِبُ على العَبدِ كَفّ نَفْسِهِ عنه، ثُمَّ إعانة غيره على تركِهِ.
    "تفسيرُ السَّعديِّ"



    ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... ﴾ 3. اليومُ المُشارُ إليه يوم عرفة..... ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ بتمام النَّصر، وتكميل الشَّرائِع الظاهِرة والباطِنة، الأصول والفُروع، ولهذا كان الكتابُ والسُّنَّة كافِيَيْن كُلَّ الكِفايةِ في أحكام الدِّين، أصوله وفُرُوعِهِ.
    فكُلُّ مُتكَلِّفٍ يَزعُمُ أنَّه لا بُدَّ للناس في مَعرفةِ عقائِدِهم وأحكامِهم إلى علومٍ غير عِلم الكتاب والسُّنَّةِ- من علم الكلام وغيره- فهو جاهِلٌ، مُبطِلٌ في دَعواه، قد زَعَمَ أنَّ الدِّينَ لا يَكمُلُ إلَّا بما قاله ودَعَا إليه، وهذا من أعظم الظُّلم والتَّجهيل للهِ ولرسولهِ.

    ﴿ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ الظاهِرة والباطِنة، ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾؛ أيْ: اخترتُه واصطفيتُه لكم دِينًا، كما ارتضيتكم له، فقُومُوا به شُكرًا لِرَبِّكم، واحمدوا الذي مَنَّ عليكم بأفضل الأديان وأشرفِها وأكملِها.
    "تفسيرُ السَّعديِّ"

    قال رجلٌ منَ اليهودِ لعمرَ: يا أميرَ المؤمنِينَ، لو أنَّ عليْنا نزلتْ هذه الآيةُ : ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ ، لاتَّخذْنا ذلكَ اليومَ عِيدًا، فقال عمرُ: إنِّي لأعلَمُ أيَّ يَومٍ نَزَلَتْ هذهِ الآيةُ، نزلتْ يومَ عرفةَ، في يومِ جُمُعةٍ.. رواه البُخاريُّ ومُسلِم.



    ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ 9، وَمَن أصدقُ من الله قيلاً، ويا له من وعدٍ ! أن يَعِدَ اللهُ- سُبحانه وتعالى- المُؤمنين به وبكتابه وبرُسله وباليوم الآخِر وبالقَدَر خيره وشَرِّه، والذين يعملون الصالحاتِ- مِن واجباتٍ ومُستحبَّاتٍ- بالمغفرةِ لذنوبهم، وبالأجر العظيم؛ الذي لا يَعلمُ عِظَمه إلَّا اللهُ تعالى.



    ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ 17. هكذا قالت النَّصارى، فكَفروا بقولهم هذا. تعالى اللهُ عَمَّا يقولون عُلُوًّا كبيرًا.



    ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ 33. هذا حَدّ الحِرابَة. فهؤلاء الذين يُحاربون اللهَ ورَسولَه، ويُبدون العَدواةَ لهما، ويُفسدون في الأرض، ويبغونَ على الناس، ويُخيفونهم، ويقطعون عليهم طُرَقَهم، ويقتلونهم، جزاؤهم وضَّحته الآيةُ الكريمةُ. وهذا الجَزاءُ يَدُلُّ على عَظيم جُرمِهم، وسُوءِ فِعلهم. وكم نرى من القتل والإفسادِ في الأرضِ مِمَّن يدَّعون انتماءَهم للإسلام! وكم نرى مِن الناس مَن يُحاربون دِينَ اللهِ تحت مُسَمَّياتٍ وشعاراتٍ وادِّعاءاتٍ باطِلَةٍ! ولو طُبِّقَ حَدُّ الحِرابَةِ على هؤلاء، لارتدَعَ المُفسِد، ولَصَلحَ المُجتمع، لكنَّ القوانينَ الوَضْعِيَّة حلَّت مَحَلَّ الأحكام الشَّرعِيَّة، ففسَدَ كثيرٌ من الناس وأفسدُوا.



    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ 35. هذا أمرٌ مِن الله لعِبادِه المؤمنين، بما يقتضيه الإيمانُ مِن تقوى الله والحَذر من سَخَطِهِ وغَضَبِهِ، وذلك بأن يَجتَهِدَ العَبدُ، ويَبذُل غايةَ ما يُمكنه من المقدور في اجتناب ما يَسخَطُه اللهُ، من معاصي القلب واللسان والجوارح، الظاهرة والباطنة.

    ويَستعينُ باللهِ على تركها؛ ليَنجُوَ بذلك من سَخَطِ الله وعذابه. ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ أيْ: القُربَ منه، والحَظوةَ لديه، والحُبَّ له؛ وذلك بأداءِ فرائِضِهِ القلبيَّة، كالحُبِّ له وفيه، والخَوفِ، والرَّجاءِ، والإنابةِ، والتَّوكُّلِ، والبَدَنِيَّة: كالزَّكاةِ والحَجِّ، والمُركَّبَة من ذلك، كالصَّلاةِ ونحوها من أنواع القِراءةِ والذِّكر، ومن أنواع الإحسان إلى الخَلْق بالمال والعِلم والجَاه، والبَدن، والنُّصح لعباد الله. فكُلُّ هذه الأعمال تُقَرِّبُ إلى الله. ولا يَزالُ العَبدُ يتقرَّب بها إلى الله حتى يُحِبَّه الله، فإذا أحبَّه كان سَمْعَه الذي يَسمَعُ به، وبَصَرَه الذي يُبصِرُ به، ويَدَه التي يَبطِشُ بها، ورِجْلَه التي يمشي [بها] ، ويَستجِيبُ اللهُ له الدُّعاءَ.

    ثُمَّ خَصَّ تبارك وتعالى مِن العِبادات المُقرِّبَةِ إليه: الجِهادَ في سبيله؛ وهو بَذلُ الجُهْدِ في قِتال الكافرين بالمال، والنَّفْسِ، والرأي، والِّلسان، والسَّعي في نَصر دِين اللهِ بكُلِّ ما يَقدِرُ عليه العَبدُ؛ لأنَّ هذا النَّوعَ مِن أجَلِّ الطاعاتِ وأفضل القُرُباتِ، ولأنَّ مَن قام به، فهو على القِيامِ بغَيره أحرَى وأولى. ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ إذا اتَّقيتُم اللهَ بترك المعاصي، وابتغيتُم الوسيلةَ إلى الله، بفِعل الطاعاتِ، وجاهدتُم في سبيله ابتغاءَ مَرضاتِهِ.
    والفلاحُ هو الفوزُ والظَّفَرُ بكُلِّ مَطلوبٍ مَرغوبٍ، والنجاةُ مِن كُلِّ مَرهوبٍ، فحقيقتُه السَّعادة الأبديَّة والنَّعيم المُقيم.
    "تفسيرُ السَّعديِّ"



    ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ 36. وهل هُناكَ ذنبٌ أعظم مِن الكُفر؟! فيَا مَن كَفرتَ باللهِ، ويَا مَن كَذَّبتَ بآياتِ الله، تدارك نَفْسَكَ قبل أن تندم، فيوم القيامةِ لن ينفعكَ شيءٌ، ولن تستطيعَ أن تفتدِيَ بشيءٍ مِن عذابِ الله.



    ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ 38. لو طُبِّق هذا الحَدُّ على السَّارق ما سَرَقَ أحد، ولاستقامَ الناسُ، وصلحَ المُجتمع. قال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تُقطَعُ يَدُ السَّارقِ في رُبُعِ دِينارٍ)) رواه البُخاريُّ ومُسلِم، وقال: ((لا يَزني الزَّانِي حِينَ يَزني وهو مُؤمنٌ، ولا يَسرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسرِقُ وهو مُؤمنٌ)) رواه البُخاريُّ ومُسلِم. وقال أيضًا: ((لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ، يَسرِقُ البَيضةَ فتُقطَعُ يَدُه، ويَسرِقُ الحَبلَ فتُقطَعُ يَدُه)) رواه البُخاريُّ ومُسلِم.



    ثلاثُ آياتٍ في سُورة المائِدة فيها وَعيدٌ لِمَن لم يَحكُم بما أنزلَ اللهُ تعالى مِن الحَقِّ المُبين، وحكَمَ بالباطِل؛ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ 44، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ 45، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ 47.



    ﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ 48. أي: فاحكُم يا مُحمد بين الناس- عَرَبِهم وعَجَمِهم، أُميهم وكتابيِّهم- بالحُكم الشَّرعيِّ الذي أنزله اللهُ إليكَ في هذا الكتاب العظيم (القُرآن الكريم)، ولا تَتَّبِع آراءَهم التي اصطلحوا عليها، وتركوا بسببها ما أنزل اللهُ على رسوله؛ ولا تنصرِف عن الحَقِّ الذي أمركَ اللهُ بِهِ إلى أهواءِ هؤلاءِ مِن الجَهَلَةِ الأشقياءِ.
    "تفسيرُ ابن كثيرٍ بتصرُّفٍ يسير"

    وإذا كان النبيُّ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قد أُمِرَ أن يَحكُمَ بشَرعِ الله، فنحنُ مأمورن بذلك مِن بَعدِه، فعلينا أن نحُكمُ به لا بأهوائِنا ولا مُجاملَةً لِمَن حولَنا ومَرضاةً لهم.



    ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ 48. أيْ: بادِرُوا إليها وأكمِلوها، فإنَّ الخَيراتِ الشَّامِلَة لِكُلِّ فَرضٍ ومُستَحَبٍّ، مِن حُقُوق اللهِ وحُقُوق عِباده، لا يَصِيرُ فاعِلُها سابِقًا لغَيره مُستوليًا على الأمر، إلَّا بأمرين: المُبادَرَة إليها، وانتهاز الفُرصةِ حين يَجِيءُ وقتُها ويَعرِضُ عارِضُها، والاجتهاد في أدائِها كامِلَةً على الوجه المأمور به.
    ويُستَدَلُّ بهذه الآيةِ على المُبادرة لأداءِ الصلاةِ وغيرها في أوَّل وقتِها، وعلى أنَّه ينبغي أن لا يقتصرَ العَبدُ على مُجَرَّدِ ما يُجزِئُ في الصلاةِ وغيرها من العِباداتِ من الأمور الواجبة، بل ينبغي أن يأتِيَ بالمُستَحَبَّاتِ التي يقدرُ عليها؛ لِتَتَمَّ وتَكمُلَ، ويَحصُلَ بها السَّبْقُ.

    "تفسيرُ السَّعديِّ"

    فسارِع ، وليَكُن لَكَ مِن الخيرِ نصيبٌ. سارِع قبل انقضاءِ أجَلِكَ وانقطاعِ عَملِكَ. سابِق إلى الخيراتِ، واعمَل للآخِرةِ لِتَفُز بالجَنَّاتِ.



    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ 51. نَهَى اللهُ تعالى عن مُوالاةِ اليهودِ والنَّصَارى، ومُوالاتُهم تكونُ بمَحَبَّتِهم، ومُصاحبتِهم، وتهنئتِهم بأعيادِهم. وهم أعداءٌ للمُسلِمين، يَسعون لإضلالِهم، ويكونون يدًا واحِدةً على مَن سِواهم.



    ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ 72. فأخبرَ اللهُ تعالى بكُفر النَّصارَى الذين ادَّعَوْا أنَّ المَسيحَ عيسى- عليه السَّلامُ- ابنُ الله، ومع ذلك نَجِدُ كثيرًا من المُسلِمين اليومَ ينسبونَهم للمَسيحِ بقولِهم (المَسِيحِيِّين)؛ إمَّا جَهلاً منهم أو مًوالاةً لهم. ﴿وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾ ، فكَذَّبَ ادِّعاءَاتِهم، وأثبَتَ لنَفسِهِ العُبوديَّةَ التَّامَّةَ للهِ تعالى، وأثبتَ لِرَبِّهِ سُبحانه الرُّبُوبِيَّةَ الشَّامِلَةَ لجميع الخَلْقِ.



    ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ﴾ 73. فكَفَّر اللهُ تعالى النَّصارَى الذين ادَّعَوْا أنَّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة: الله، وعيسى، ومريم. تعالى اللهُ عَمَّا يقولون عُلُوًّا كبيرًا. ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ ، فليس لهذا الكونِ سِوَى إلَهٌ واحِدٌ، مُتَّصِفٌ بصِفاتِ الكمال، مُنَزَّهٌ عن كُلِّ نَقص؛ هو اللهُ عَزَّ وجلَّ.



    ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ 75. فهو ليس ابن الله، وليس ثالِث ثلاثة، وإنَّما هو بَشَرٌ، ورَسُولٌ إلى قومه.

    ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ 89.
    كثيرٌ من النَّاسِ يَظُنُّونَ أنَّ كَفَّارةَ اليمين هِيَ صيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ، فيُكفِّرونَ عن أيمانِهم بها، وإذا طُلِبَ مِن أحدِهم أن يُقسِمَ على شيءٍ أو أن يتراجَعَ عن يَمينه، رَفَضَ وقال: لا أستطيعُ أنَّ أصومَ ثلاثةَ أيَّامٍ. والصَّحيحُ أنَّ كَفَّارة اليمين هِيَ: إطعامُ عشرة مساكين (مِن أوسطِ ما يَطعَمُ المَرءُ أو يُطعِمُ أهلَه)، أو كِسوة عشرة مساكين، أو عِتقُ رقبةٍ مُؤمنةٍ، فمَن لم يَجِد واحِدًا من هذه الثلاثة، فليَصُم ثلاثة أيَّامٍ.



    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ 105. أيْ: اجتهدوا في إصلاحِها وكمالِها وإلزامها سلوك الصِّراطِ المُستقيم، فإنَّكم إذا صلحتُم لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ عن الصِّراطِ المُستقيم، ولم يَهتدِ إلى الدِّين القَويم، وإنَّما يَضُرُّ نَفْسَه.
    ولا يَدُلُّ هذا على أنَّ الأمرَ بالمعروف والنَّهيَ عن المُنكر لا يَضُرُّ العَبدَ تركُهما وإهمالُهما، فإنَّه لا يَتِمُّ هُداه إلَّا بالإتيان بما يَجِبُ عليه مِن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر.
    نعم، إذا كان عاجِزًا عن إنكار المُنكر بيده ولِسانِهِ وأنكره بقلبه، فإنَّه لا يَضُرُّه ضلالُ غَيره.
    "تفسيرُ السَّعديِّ"

    عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أنَّهُ قالَ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّكُم تَقرؤونَ هذِهِ الآيةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾، وإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ- صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- يَقولُ: ((إنَّ النَّاسَ إذا رأوا ظالمًا، فلم يأخُذوا على يَديهِ، أوشَكَ أن يعُمَّهُمُ اللَّهُ بعِقابٍ منهُ)) رواه الترمذيُّ وصَحَّحه الألبانيُّ.



    ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ 109. وهذا يَدُلُّ على أنَّ الرُّسُلَ لا يعلمونَ الغَيبَ، وهم المعصومون، فكيف بغيرهم مِن البَشَر؟! وكيف يَدَّعي البَعضُ أنَّ أمثالَهم مِن البَشرِ يَعلمون الغيبَ، ويتحكَّمونَ في الكون، مِن الرَّفضةِ وغيرهم مِن الفِرَقِ الضَّالَّة؟!



    ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ 116-117.

    وهذا توبيخٌ للنَّصارَى الذين قالوا: إنَّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة، فيقولُ اللهُ هذا الكلامَ لعيسى. فيتبرأ عيسى ويقول: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ عن هذا الكلام القبيح، وعمّا لا يليق بك. ما ينبغي لي، ولا يليقُ أن أقولَ شيئًا ليس مِن أوصافي ولا مِن حُقُوقي، فإنَّه ليس أحدٌ مِن المخلوقين، لا الملائكةُ المُقَرَّبُونَ ولا الأنبياءُ المُرسَلُون ولا غيرُهم، لَه حَقٌّ ولا استحقاقٌ لمقام الإلَهِيَّةِ، وإنَّما الجَميعُ عِبادٌ، مُدَبَّرُونَ، وخَلْقٌ مُسَخَّرُونَ، وفُقَراء عاجِزُونَ.

    ﴿إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾، فأنتَ أعلَمُ بما صَدَرَ مِنِّي، و ﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ﴾، وهذا مِن كمال أدَبِ المسيح- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- في خِطابِهِ لِرَبِّه، فلم يَقُل عليه السَّلام: (لم أقُل شيئًا مِن ذلك)، وإنَّما أخبر بكلامٍ ينفي عن نَفْسِهِ أن يقولَ كُلَّ مَقالةٍ تُنافِي مَنصبَه الشَّريف، وأنَّ هذا مِن الأمور المُحالَةِ، ونَزَّه رَبَّه عن ذلك أتَمَّ تَنزِيهِ، ورَدَّ العِلْمَ إلى عالِمِ الغَيبِ والشَّهادةِ.

    ثُمَّ صَرَّح بذِكر ما أَمَرَ بِهِ بني إسرائيل، فقال: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ﴾، فأنا عَبْدٌ مُتَّبِعٌ لأمركَ، لا مُتَجَرِّئٌ على عَظَمَتِكَ. ما أمرتُهم إلَّا بعِبادةِ الله وَحدَه وإخلاص الدِّين له، المُتَضَمِّن للنَّهي عن اتِّخاذِي وأُمِّي إلَهَيْن مِن دُون الله، وبَيان أنِّي عَبْدٌ مَربُوبٌ، فكما أنَّه رَبُّكم فهو رَبِّي.
    ﴿ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ﴾ ، أشهَدُ على مَن قام بهذا الأمر، مِمَّن لم يَقُم بِهِ. فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ المُطَّلع على سرائِرهم وضَمائِرهم. ﴿وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ عِلْمًا وسَمْعًا وبَصَرًا، فعِلْمُكَ قد أحاط بالمعلوماتِ، وسَمْعُكَ بالمَسْمُوعَاتِ، وبَصَرُكَ بالمُبْصَراتِ، فأنتَ الذي تُجازي عِبادَكَ بما تعلمُه فيهم مِن خَيرٍ وشَرٍّ.
    "تفسيرُ السَّعديِّ بتصرُّفٍ يسير"


    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 15-04-2014, 12:18 AM.

    تعليق


    • #3
      رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.


      تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورةُ النِّساء ] ~


      ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ﴾ 1، أمرنا اللهُ- تعالى- بتقواه؛
      والتَّقوى: هِيَ الخَوفُ من الجليل، والعَملُ بالتنزيل، والاستعدادُ ليوم الرَّحيل.

      ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ 1، فمهما استترتَ عن أعيُن الناس
      لِتفعَلَ المعاصي، فإنَّ اللهَ رقيبٌ ومُطَّلِعٌ عليكَ، يرى مكانَكَ، ويَعلمُ أفعالَكَ،
      ولا يَخفى عليه شيءٌ من أمركَ، وهذا يَستلزِمُ مِنكَ أن تخشاه وتتَّقِيَه.



      ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا
      وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ 3، فاحذر يا مَن تأكُل مالَ اليتيمِ بغير حَقٍّ،
      وتدَّعي أنَّكَ تحفظُه، أو تُنمِّيه. أترضى بالنارِ لَكَ مُستقرًّا ومأوَى؟!

      ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
      خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ 13، فلَمَ تَحرِم نَفسَكَ هذا الفضلَ
      بمعاصيكَ؟! ولِمَ تزهَدُ في جنَّاتٍ تخلدُ فيها وترى رَبَّكَ سُبحانه؟!
      ولِمَ لا تسعَى لتكونَ من الفائزين في الآخِرة؟! فأطِع اللهَ سُبحانه وأطِع
      رسولَه صلَّى الله عليه وسلَّم؛ بامتثالِ أوامِرهما، واجتنابِ نهيهما،
      تفُز- بإذن الله- بالجِنانِ، وتنجُ من النيران.



      ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ
      عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ 14، فهل تُطيقُ الخُلُودَ في النار؟! وهل تُطيقُ العَذابَ
      المُهين؟! فالزَم حُدُودَ رَبِّكَ سُبحانه ولا تتعدَّاها، واجتنِب معاصيه،
      تفُز- بإذن الله- بالجنَّةِ والنَّعيم.

      ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ
      فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾ 17، فاللهُ- تعالى- يقبلُ توبةَ العَبدِ ما لم يُغرغِر،
      وبابُ التوبةِ مفتوحٌ أخي، فلا تقنَط من رحمةِ اللهِ، ولا تُكبِّلكَ معاصيكَ، وبادِر
      بالتوبةِ قبل حضور الأَجَل، وانقطاعِ العَمل.



      ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا
      عَظِيمًا ﴾ 27، فاللهُ- سُبحانه وتعالى- يُريدُ لنا التوبةَ التي تُطهِّرُنا من
      الذنوب، وتُقرِّبُنا منه سُبحانه، أمَّا الذي يميلون مع شَهَواتِهم وأهوائِهم،
      ويُقدِّمُونها على طاعةِ رَبِّهِم ورِضاه، فإنَّهم يُريدونَ لنا الانحرافَ عن صِراطِ
      اللهِ المُستقيم، ويُريدونَ أن يَصرفونا عن طاعةِ اللهِ تعالى وامتثالِ أوامرِه
      والتزام حُدوده، إلى مَعصيتِهِ واتِّباع الشيطان. ومِن أمثلةِ المُتَّبِعين لشَهَواتِهم:
      بعضُ أصحاب القنوات الفضائيَّة، ومواقع الانترنت الإباحيَّة؛ الذين يَعرضون
      الفواحِشَ ليلَ نهار، ويُريدونَ إغواءَ المُسلمين، وإبعادَهم عن طريق الحَقِّ
      والدِّين. فإذا علِمتَ ذلك أخي، وعلِمتَ أنَّ اللهَ- تعالى- يُريدُ لَكَ التوبةَ
      والهِدايةَ، فَلِمَن تستجيب؟! لِدُعاةِ الهَوَى والضَّلال أم لِرَبِّ الأرضِ والسَّماوات؟!



      ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا
      كَرِيمًا ﴾ 31، فاجتنب الكبائِرَ، تُغفَر لَكَ جميعُ الذنوبِ بإذن الله، وتدخل الجنَّة.

      ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا
      مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ 34. يُخبِرُ تعالى أنَّ الرِّجَال قوَّامون على النِّساءِ؛ بإلزامِهِنَّ
      بحقوق الله تعالى، من المُحافظة على فرائضه، وكفّهنَّ عن المفاسد، والرجالُ
      عليهم أن يُلزموهنَّ بذلك، وقوَّامون عليهنَّ أيضًا بالإنفاق عليهنَّ، والكسوة
      والمسكن. ثُمَّ ذَكَرَ السببَ المُوجِبَ لقيام الرجال على النساء، فقال: ﴿ بِمَا
      فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ ؛ أيْ: بسبب فضل
      الرجال على النساءِ وإفضالهم عليهنَّ، فتفضيلُ الرجال على النساء من وجوهٍ
      مُتعددة: من كون الولايات مُختصة بالرجال، والنُّبوَّة، والرَّسالة، واختصاصهم
      بكثيرٍ من العبادات؛ كالجِهاد والأعياد والجُمَع، وبما خَصَّهم الله به من العقل
      والرزانة والصبر والجَلَدِ الذي ليس للنساء مِثله. وكذلك خَصَّهم بالنفقات على
      الزوجات، بل وكثيرٌ من النفقات يختصُّ بها الرجال ويتميَّزون عن النساء.
      ولَعَلَّ هذا سِرّ قوله: ﴿ وَبِمَا أَنْفَقُوا ﴾ ، وحذف المفعول لِيَدُلَّ على عُموم النَّفَقَة.
      فعُلِمَ من هذا كُلِّه أنَّ الرَّجُلَ كالوالي والسَّيِّدِ لامرأته، وهِيَ عنده عانيةٌ أسيرةٌ
      خادِمةٌ، فوظيفتُه أن يقومَ بما استرعاه اللهُ به.
      "تفسيرُ السَّعديّ"



      ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ 41.
      في الحَديث عن ابن مسعودٍ- رَضِيَ الله عنه- قال: قال لي رسولُ اللهِ
      صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (( اقرأْ عليَّ القرآنَ )) ، قال: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ،
      أقرأُ عليكَ، وعليكَ أُنْزِلَ؟ قال: (( إني أشتهي أن أسمعَه من غيري )).
      فقرأتُ النساءَ، حتى إذا بلغتُ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا
      بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ النساء/41 ، رفعتُ رأسي- أو غمَزَني رجلٌ إلى
      جنبي فرفعتُ رأسي- فرأيتُ دُمُوعَه تسيلُ.. رواه البُخاريُّ ومُسلم.

      ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ 48.
      فالشِّركُ هو الذنبُ الذي لا يُغفَر، أمَّا ما دُونَ ذلك من الذنوبِ صغائِرها
      وكبائِرها، فإنَّ اللهَ- تعالى- يَغفرها بمشيئته.



      ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ 59.
      إذا سَمِعتَ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ ، فأرعِها سَمعَكَ، فإمَّا خيرٌ تُؤمَر به،
      أو شَرٌّ تُنهَى عنه. وهُنا أمرنا اللهُ- تعالى- بطاعته وطاعةِ رسوله صلَّى
      الله عليه وسلَّم؛ بامتثال أمرهما واجتناب نهيهما، وطاعة أُولي الأمر (وهم:
      الولاة على الناس، مِن الأُمَراءِ والحُكَّامِ والمُفتين).
      ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ

      فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ ، سواءٌ أكان التَّنازُعُ في أصول الدِّين أو فروعه،
      فليُرَدّ إلى كتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رسولهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.



      ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
      وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ 69. فأطِع اللهَ
      ورسولَه، والزَم أمرَهما، واجتنِب نهيهما، تفُز بهذا النَّعيم والفضل بإذن
      الله.

      ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ 77، فمهما ملَكَ الإنسانُ
      من مالٍ وولدٍ، ومهما تمتَّعَ في هذه الدُّنيا، فإنَّه زائِلٌ عنها، وراحِلٌ عن مُتَعِها؛
      لأنَّ حياتَه مهما طالت فهِيَ قصيرة، فلا يغرَّنكَ تقلُّبُ الكُفَّار بين مُتَعِ الدُّنيا
      وملذَّاتِها، فإنَّهم راحلون عنها والنارُ مثوىً لهم. فمتاعُ الدُّنيا متاعٌ قليلٌ
      مُنقطِعٌ، أمَّا الآخِرةُ فهِيَ للمُتَّقين.



      ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ 78، فلا تغترّ
      بالدُّنيا ومُتَعِها، ولا تظُنّ أنَّ مالَكَ أو قُصوركَ ستُنقِذُكَ من الموت، بل الموتُ
      آتٍ ولن تُفلِتَ منه ولو تحصَّنتَ بالحُصون العالية، ولو اختبأتَ في الأبراج
      الشَّاهقة الارتفاع.

      ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ 80؛ لأنَّ الرسولَ- صلَّى الله عليه
      وسلَّم- لم يأتِ بشيءٍ من عنده، ولم يتكلَّم بهواه، ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾
      النجم/3، ولكنَّه يتكلَّمُ بوحيٍ من اللهِ سُبحانه وتعالى، ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ
      يُوحَى ﴾ النجم/4.



      ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا
      كَثِيرًا ﴾ 82. يقولُ تعالى آمِرًا عِبادَه بتدبُّر القُرآن، وناهيًا لهم عن الإعراض
      عنه، وعن تفهُّم مَعانيه المُحكَمَة وألفاظِهِ البليغة، ومُخبِرًا لهم أنَّه لا اختلاف
      فيه ولا اضطراب، ولا تضادَّ ولا تعارض؛ لأنَّه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، فهو
      حَقٌّ مِن حَقٍّ. ولو كان مُفتعَلاً مُختلَقًا، كما يقولُه مَن يقولُه مِن جَهلة
      المُشركين والمُنافقين في بواطنهم، لوَجَدُوا فيه اضطرابًا وتضادًّا كثيرًا. أي:
      وهذا سالِمٌ من الاختلاف، فهو مِن عند الله.
      "تفسيرُ ابن كثير - بتصرُّفٍ يسير"



      ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ 86. التَّحِيَّةُ هِيَ:
      الَّلفظُ الصَّادِرُ مِن أحد المُتلاقِيَيْن على وجه الإكرام والدُّعاء، وما يقترن
      بذلك اللفظ من البشاشة ونحوها.
      وأعلى أنواع التحية: ما وَرَدَ به الشَّرعُ، من السلام ابتداء وَرَدًّا.
      فأَمَرَ تعالى المؤمنين أنَّهم إذا حُيُّوا بأيِّ تحيَّةٍ كانت، أن يَردُّوها بأحسن
      منها لَفظًا وبَشاشةً، أو مِثلها في ذلك. ومفهومُ ذلك النَّهْيُ عن عَدَمِ الرَّدِّ
      بالكُلِّيَّة أو رَدُّها بدُونها.
      ويُؤخَذُ من الآيةِ الكريمة: الحَثُّ على ابتداء السَّلام والتحيَّةِ مِن وجهين:
      - أحدهما: أنَّ اللهَ أَمَرَ برَدِّها بأحسن منها أو مِثلها، وذلك يَستلزِمُ أنَّ التحيَّةَ
      مَطلوبةٌ شَرعًا.
      - الثاني: ما يُستفادُ مِن أفعل التفضيل، وهو "أحسن" الدَّال على مُشاركة
      التحيَّةِ ورَدِّها بالحَسَن، كما هو الأصلُ في ذلك.
      ويُستثنَى من عُموم الآيةِ الكريمةِ مَن حَيَّا بحالٍ غير مأمورٍ بها،
      كـ (على مُشتغل بقِراءةٍ، أو استماع خُطبةٍ، أو مُصَلٍّ، ونحو ذلك)،
      فإنَّه لا يطلب إجابة تحيته، وكذلك يُستثنَى من ذلك مَن أَمَرَ الشَّارِعُ بهَجره
      وعَدم تحيته، وهو العاصي غير التائب الذي يَرتدِعُ بالهَجر، فإنَّه يُهجَر
      ولا يُحيَّا، ولا تُرَدُّ تحيَّتُه؛ وذلك لمُعارضة المصلحة الكُبرى.
      ويَدخُلُ في رَدِّ التحيَّةِ كُلُّ تحيَّةٍ اعتادها الناسُ وهِيَ غير مَحظورةٍ شَرعًا،
      فإنَّه مَأمورٌ برَدِّها وبأحسن منها.
      "تفسيرُ السَّعديّ"



      ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
      وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ 93. وكم نرى من القتل العَمد في هذا الزَّمان!
      وهذا الجزاءُ الذي تُوعِّدَ به القاتِلُ المُتعمِّدُ للقتل، لم يُتوعَّد به غيرُه. وهذا مِمَّا
      يَدُلُّ على عِظَمِ هذا الفِعل.

      ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا
      رَحِيمًا ﴾ 110. فاللهُ- سُبحانه وتعالى- غفورٌ رَحيمٌ؛ يقبلُ عَبدَه إذا أذنبَ،
      ثُمَّ رَجَعَ إليه وتاب واستغفر. فمهما كان ذنبكَ صغيرًا أو كبيرًا، فلا تقنَط
      من رحمة اللهِ، واستغفِر رَبَّكَ، وعُد إليه، فإنَّه سيقبلُكَ.



      ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
      خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ 122. فهؤلاء الذين آمَنوا باللهِ سُبحانه وملائكته وكُتبه
      ورُسُله واليوم الآخِر، وعمِلوا الصَّالِحات من واجباتٍ ومُستحبَّاتٍ وغيرها من
      أعمال الخير، سيدخلون الجنَّةَ بإذن الله، ويخلدون فيها.

      ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ
      أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ 144. ينهى تعالى عَبادَه المؤمنين
      عن اتِّخاذِ الكافرين أولياءَ مِن دُون المؤمنين؛ يعني مُصاحبتهم ومُصادقتهم
      ومُناصحتهم وإسرار المَودَّة إليهم، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم.
      ﴿ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ أيْ: حُجَّةً عليكم في
      عُقوبته إيَّاكم.
      "تفسيرُ ابن كثير - بتصرُّفٍ يسير"


      التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 15-04-2014, 12:25 AM.

      تعليق


      • #4
        رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.


        تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورةُ آل عِمران ] ~


        ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ 2. في هذه الآيةِ توحِيدٌ للأُلُوهِيَّةٌ
        وتوحِيدٌ للأسماءِ والصِّفات.

        ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ 5.
        فإنْ استترتَ عن أعيُن الناسِ؛ لِتَعصِيَ رَبَّكَ، فاعلَم أنَّه سُبحانه مُطَّلِعٌ عليكَ،
        ولا يَخفَى عليه شيءٌ من أمركَ. فإنْ كُنتَ تستحيي من الناس أن يَرَوكَ
        على مَعصيةٍ، فاللهُ سُبحانه أحَقُّ مَن يُستَحيَى منه.



        ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ 6. فاللهُ سُبحانه
        هو الذي يَخلُقُ الجنينَ في بَطنِ أُمِّه، ويَعلَمُ نَوعَه ذكرًا كان أم أُنثى،
        وحَسَنًا أم قبيحًا، وشَقِيًّا أم سَعيدًا. وفي الحديث: (( إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خَلْقُهُ
        في بَطنِ أمِّهِ أربعينَ يومًا، ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلَقةً مِثلَ ذلِكَ، ثمَّ يَكونُ مُضْغَةً
        مِثلَ ذلِكَ، ثمَّ يُرسَلُ المَلَكُ فيَنفُخُ فيهِ الرُّوحَ ويُؤمَرُ بأربعٍ كلِماتٍ: بكَتبِ رِزْقِهُ
        وأَجَلِهُ وعَمَلِهُ وشَقِيٌّ أو سَعِيدٌ )) رواه البُخاريُّ ومُسلِم.



        ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
        وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ 10، فمهما جَمَعَ الكافِرُ من مال، ومهما بلَغَ
        عَدَدُ أولادِه، فلن يَنفعُه من ذلك شيءٌ في الآخِرة، ولن يستطيعَ أن يفتدِيَ بهم
        ويُنقِذَ نَفسَه من النار، واللهُ تعالى يقولُ: ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ
        جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ
        يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾ الزمر/47. وليس هُناكَ ظُلْمٌ أعظَم من الكُفْر.



        ﴿ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ 13. فخُذ بالأسباب، وافعَل ما يكونُ سببًا
        في تأييدِ اللهِ لكَ من طاعاتٍ، وانصُر دِينَه باتِّباعِهِ والاستقامةِ عليه والدَّعوةِ
        إليه، يَنصُركَ الله، ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ محمد/7.

        ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ
        مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾ 14.
        فزُيِّنَ للناسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الدُّنيويَّة، وما ذُكِرَ في الآيةِ منها أعظَمُ هذه
        الشّهَواتِ؛ فتَجِدُ الرجلَ يُحِبُّ زوجتَه وأولادَه، وقد يتزوَّجُ بأكثر من امرأةٍ،
        ويُريدُ أن يكونَ عنده عَدَدٌ كبيرٌ من الأبناء، ويَعملُ ويَكدحُ لِيَجمَعَ المالَ.
        وتَجِدُ صاحِبَ الخيلِ يُحِبُّها ويَعملُ على تكثيرها وزيادة عَددها. ولكنْ من الناسِ
        مَن جعلَ هذه الشَّهَواتِ مقصودةً لذاتها، فكانت سببًا في شقائِهم، ومنهم مَن
        جعلوها وسيلةً للطاعةِ يتقرَّبونَ بها إلى رَبِّهم سُبحانه، فكانت سببًا في فلاحِهم.
        وكُلُّ هذه الشَّهَوات متاعٌ زائِلٌ، ﴿ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ، فتمتَّع به كيفما
        شِئتَ، لكنْ لتعلَم أنَّكَ راحِلٌ عنه وتاركُه، أو هو زائِلٌ عنك، إلَّا إذا جعلته مَعبرًا
        للآخِرة، وتقرَّبتَ به إلى رَبِّكَ سُبحانه. ﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ ﴾ ، فاعمَل
        ما ينفعُكَ في آخِرتِكَ، ويُقرِّبُكَ إلى رَبِّكَ؛ لتنالَ ما عنده من أجرٍ وفضل.



        ﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
        وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ﴾ 15. ألَا تعملُ لهذا أخي؟! ألَا تكونُ
        من المُتَّقينَ الفائزينَ بالحُور العِين ورضوان رَبِّ العالَمين؟! ﴿ الَّذِينَ
        يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ 16. فقُل: آمنتُ
        باللهِ، واستقِم على دِينه، تفُز بما عِندَه سُبحانه. ﴿ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ
        وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ 17. فاصبِر على طاعةِ اللهِ
        وافعلها بنَفسٍ مُحِبَّةٍ طائِعةٍ راضيَة، واصدُق في حُبِّكَ له وفي طاعتكَ، وفي
        قولِكَ وفِعلِكَ، وأنفِق ولا تبخَل بمالِك، وأخرِج زكاتَه إنْ بلَغَ النِّصابَ وحالَ
        عليه الحَوْلُ، واستغفِره سُبحانه، خاصَّةً وقتَ السَحَر، فهو مَظِنَّةُ الإجابة.



        ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ 19، فالإسلامُ هو الدِّينُ المقبولُ عند اللهِ،
        والنَّاسِخُ لِكُلِّ ما سبقه من شرائع، وصاحِبًه هو الفائزُ بالجِنان، النَّاجِي من
        النِّيرانِ بإذن الله.

        ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ
        وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 26.
        فكَم من صاحِبِ مُلْكِ ذَهَبَ مُلْكُه، ورُبَّما تملَّكَه غيرُه! وكَم من عَزيزٍ ذَلَّ!
        وكَم من ذليلٍ عَزَّ! وكم من غنِيٍّ افتقر! وكَم من فقيرٍ اغتنَى! فلا يَغُرنَّكَ
        أيُّها الإنسانُ ما أنتَ فيه من مُلْكٍ وجاه، فقد يَزولُ في لَحظةٍ بقُدرة الله.
        ولا تحزَن أيُّها الفقيرُ الكَسير، فاللهُ قادِرٌ على أن يُبدِّلَ حالَكَ ويرزُقكَ
        من حيثُ لا تحتسِب.



        ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 28.
        نَهَى اللهُ تعالى عن مُوالاةِ الكُفَّار؛ وتكونُ مُوالاتُهم بمَحبَّتِهم، ونُصرتِهم،
        والاستعانةُ بهم في الأمور التي لا يُستعانُ فيها إلَّا بالمُسلمين، وكذلك
        بمُشاركتِهم أعيادهم، وتهنئتهم بها. والمُوالاةُ لا تكونُ إلَّا للمُؤمنين.

        ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ 29.
        فاللهُ سُبحانه يَعلَمُ كُلَّ شيءٍ، في السَّماءِ كان أو في الأرض، ويطَّلِعُ عليكَ،
        ويَعلَمُ ما تُسِرُّه وما تُعلِنُه، فطَهِّر قلبَكَ، وأسِرّ الخيرَ دائِمًا، واعمَل به.
        ولا تُفكِّر إلَّا في الخير، وفيما يعودُ عليكَ بالنَّفع.



        ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ
        لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾ 30، ذلك يوم القيامة، يوم الحِساب، فإنْ
        عملتَ الخيرَ في الدُّنيا، فرِحتَ به في الآخرة، وإنْ عملتَ السُّوءَ والشَّرَّ،
        تمنَّيتَ أنْ لو ابتعدَ عنكَ، وتحزن لذلك. فاعمل الخيرَ، فما زِلتَ في دار
        العَمل، وبادِر بالصالحاتِ قبل الممات.

        ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ 30؛ أيْ: يُخَوِّفُكم عِقابَه. فهل تَحَرَّكَ قلبُكَ أخي؟!
        ألَا تخشى عِقابَ اللهِ إنْ عَصيتَ؟! ألَا تتَّقِي وتَحذَر؟! فإنْ كان اللهُ غفورًا رَحيمًا
        لِمَن أطاعه والتزم شرعَه، فإنَّه شَديدُ العِقابِ لِمَن خالَفه وعَصَى أمرَه.



        هل تُحِبُّ اللهَ حقًّا؟ هل تُريدُه سُبحانه أن يُحِبَّكَ؟ كُلُّنا يدَّعي المَحبَّة، لكنْ
        المَحبَّة الحَقَّة في الاتِّباع، ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
        وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ 31. وإنْ أحبَّكَ اللهُ، غَفَرَ ذنبكَ. فهل أنتَ في غِنَىً
        عن حُبِّ اللهِ؟! وهل أنتَ على هُدَىً إنْ لم تَتَّبِع سُنَّةَ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه
        وسلَّم؟!

        قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ﴾ 51.
        فكَذَبَ مَن قالوا إنَّ اللهَ هو المسيحُ بن مريم، وكَذَبَ مَن قالوا إنَّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة.
        تعالى اللهُ عَمَّا يقولُ الظَّالِمون عُلُوًّا كبيرًا.



        ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ
        كَفَرُوا ﴾ 55. فكَذَبَ مَن قالوا إنَّ المسيحَ صُلِبَ.

        ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ 97.
        فالحَجُّ فَرضٌ على كُلِّ مُسلِمٍ بالِغٍ عاقِلٍ مُستطيعٍ ببدنه وماله وراحلته.
        فمَن لم تتوفَّر عنده الاستطاعة، فلا حَرَجَ عليه، ولا يَحزَن لذلك.

        ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ 103. أمرنا اللهُ تعالى بالاعتصام
        بدِينه والتَّمَسُّكِ به، وأمرنا بالاتِّحادِ والاجتماعِ والتآلُف، ونهانا عن التَّفرُّق والاختلاف.
        فلنَستَجِب لأمره سُبحانه، ونجتنب نَهيَه، وإنْ تعدَّدَت آراؤنا، وإنْ اختلفت وِجهاتُ
        نظرنا، طالما أنَّنا نَدِينُ بدِينٍ واحدٍ؛ هو الإسلام، واعتقادنا واحِدٌ.



        ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ 110. ما سَبَبُ هذه الخَيريَّة؟
        ﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ 110.

        ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ 133.
        سارِع أخي بعَمل الصالحات؛ صلاة وصيام، ذِكر وشُكر، صدقة وإنفاق،
        برّ وصِلة وإحسان، حِفظ للجوراح . سارع قبل انقضاءِ الأَجَل.

        ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ
        الصَّابِرِينَ ﴾ 142. هذا استفهامٌ إنكاريٌّ، أيْ: لا تَظُنُّوا، ولا يَخطُر ببالكم أن
        تدخلوا الجنَّة مِن دُون مَشقَّةٍ واحتمال المكاره في سبيل الله وابتغاءِ مَرضاته،
        فإنَّ الجنَّة أعلى المطالب، وأفضلُ ما به يتنافسُ المُتنافِسُون. وكُلَّما عَظُمَ
        المطلوبُ، عَظُمَت وسيلتُه، والعَملُ المُوصِلُ إليه، فلا يُوصَل إلى الراحةِ إلَّا
        بترك الراحة، ولا يُدرَك النَّعِيمُ إلَّا بترك النَّعيم. ولكنْ مكاره الدُّنيا التي تُصِيبُ
        العَبدَ في سبيل الله، عند توطين النَّفْسِ لها، وتمرينها عليها، ومعرفة ما
        تئولُ إليه، تنقلب عند أرباب البصائر مِنَحًا يُسَرُّونَ بها، ولا يُبالونَ بها، وذلك
        فَضلُ الله يُؤتيه مَن يشاء.
        "تفسير السَّعدي"



        ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ 185. فكُلُّنا راحِلٌ عن هذه الدُّنيا. الجِنُّ والإنسُ
        سيموتون، وكذلك الملائكةُ وحَمَلَةُ العَرش، ولن يبقى إلَّا اللهُ الواحِدُ الأحَدُ
        سُبحانه، ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾
        الرحمن/26-27.

        ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ 185. فهِيَ متاعٌ زائِلٌ ولَذَّةٌ فانِيَة.

        قد ينظُرُ المُسلِمُ للكافِر، فيَراه مُتَمَتِّعًا بحياته، غارقًا بين لَذَّاتِه، عِنده من
        المال الكثير، إذا سأل الناسَ شيئًا لم يمنعوه، فيَحزن لذلك وهو الفقيرُ الذي
        لا يَجِدُ ما يكفيه. لكنَّ اللهَ تعالى يقولُ: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي
        الْبِلَادِ ﴾ 196. فلا تغترَ أيُّها المُسلِمُ بحال الكافِر، ولا تَظُنَّنَه بذلك الفائِز،
        فما هو فيه ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ 197. فهو متاعٌ
        دُنيويٌّ فقط. أمَّا الآخِرةُ فهِيَ للمُسلِمين المُتَّقين، وليس للكافِر منها نصيبٌ،
        ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا
        مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ 198.

        ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
        تُفْلِحُونَ ﴾ 200. فاصبِروا على الطَّاعَاتِ والمَصَائِب وعن المَعَاصِي،
        وصابِروا الكُفَّارَ؛ فلا يَكُونُوا أَشَدَّ صَبْرًا مِنْكُم، وأقِيمُوا عَلَى الجِهَاد، واتَّقُوا اللهَ
        فِي جَمِيع أَحْوَالكُمْ، لَعلَّكم تَفُوزُونَ بِالْجَنَّةِ وَتَنْجُونَ مِنْ النَّار.
        "تفسيرُ الجَلالَيْن - بتصرُّفٍ يسير"


        التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 15-04-2014, 12:30 AM.

        تعليق


        • #5
          رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.


          تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورتا الفَاتِحَة والبَقَرَة ] ~

          أولاً: سُـورةُ الفاتِحَـة:

          اشتملت سُورةُ الفاتحةِ على توحيدِ الأُلوهِيَّةِ، وتوحيد الرّبوبيَّةِ،
          وتوحيد الأسماءِ والصِّفاتِ.
          فتوحيدُ الأُلوهيَّة في قولِهِ تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾
          وتوحيدُ الرُّبوبيَّة في قولِهِ تعالى: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
          وتوحيدُ الأسماءِ والصِّفاتِ في قولِهِ تعالى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾


          قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: (( قالَ اللهُ تعالى: قسمتُ الصَّلاةَ
          بيني وبينَ عبدي نِصفينِ، ولعبدي ما سألَ، فإذا قالَ العبدُ: { الْحَمْدُ لِلَّهِ
          رَبِّ الْعَالَمِينَ }، قالَ اللهُ تعالى: حَمِدَني عَبدي. وإذا قالَ: { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }،
          قالَ اللهُ تعالى: أثنى عليَّ عَبدي. وإذا قالَ: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }، قالَ: مَجَّدني
          عَبدي ( وقالَ مرَّةً: فوَّضَ إليَّ عَبدي ). فإذا قالَ: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }،
          قالَ: هذا بيني وبينَ عبدي ولعبدي ما سألَ. فإذا قالَ: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *
          صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }، قالَ: هذا لعبدي
          ولعبدي ما سأل )) رواه مُسلِم.




          ثانيًا: سُورةُ البَقَرَة:

          إنْ أردتَ الهُدَى، ففي كِتاب رَبِّكَ ستجِده، ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ
          هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ 2. مَن هم هؤلاء المُتَّقِون؟ ما صِفاتُهم؟ ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ
          بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ
          إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ 3-4. هؤلاء هم المُهتدون،
          هؤلاء هم المُفلِحون ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ 5.

          إنْ أردتَ التَّقوى، فستُحقِّقُها طاعتُكَ للهِ تعالى وعُبوديتُكَ له، ﴿ يَا أَيُّهَا
          النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 21.

          بُشرَى لَكَ أيُّها المُؤمِن: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ
          لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا
          هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ
          فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ 25. وهذه البُشرَى تتحقَّقُ بأمرين: الأوَّل: أن تُؤمِنَ
          باللهِ تعالى، والثَّاني: أن تعملَ صالِحًا. ما هو العَملُ الصَّالِحُ؟ هو ما
          كان خالِصًا للهِ تعالى، ومُوافِقًا لسُنَّةِ رسولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.


          قال البَعضُ إنَّ الشَّجرةَ التي أكلَ منها آدمُ وحوَّاءُ- عليهما السَّلامُ- هِيَ
          شَجرةُ التُّفَّاح، وقال اللهُ تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾ 35، فلم يُحدِّد
          نوعَ الشَّجرةِ. إذًا، لا تُصدِّق مَن فسَّرَها بغير (شَجَرة)، ولا تُفتِّش عن نوعِها،
          إذْ لو كان مُهِمًّا ونافِعًا لَكَ، لَذّكَره رَبُّكَ سُبحانه. فاكتفِ بقولِهِ سُبحانه:
          (شَجَرة).

          قالوا إنَّ حوَّاء هِيَ التي جعلت آدمَ- عليه السَّلام- يأكُلُ مِن الشَّجرة،
          وقال اللهُ تعالى: ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ﴾ 36.
          فأخبَرَ بأنَّ الشيطانَ هو الذي وَسْوَسَ لهما بالأكل من الشَّجرةِ، وكان سببًا
          في خُروجِهما من الجنَّةِ، ﴿ فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ
          لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ 36.


          قال اللهُ تعالى لبني إسرائيل: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ
          وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ 44. فذَمَّ فِعلَهم، ولم ينهاهم عنه. فادعُ
          إلى اللهِ تعالى وانصَح وأْمُر بالمَعروفِ وانهَ عن المُنكرِ وإنْ كُنتَ مُقصِّرًا.

          ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ
          فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ
          إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ 54. كان قتلُ النَّفْسِ في شريعةِ مُوسى- عليه
          السَّلامُ- دليلَ التَّوبةِ، أمَّا في دِيننا فقد نَهَى اللهُ تعالى عن قتل النَّفْسِ،
          فقال سُبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ النساء/29،

          وقال نبيُّنا مُحمدٌ-
          صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في عُقوبةِ قاتِل نَفْسِهِ: ((مَن تردَّى مِن جَبلٍ فقتل
          نفسَه، فهو في نارِ جهنمَ يتردَّى فيه خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا، ومَن تحسَّى
          سُمًّا فقتل نفسَه، فسُمُّه في يدِه يتحسَّاه في نارِ جهنمَ خالدًا مُخلَّدًا فيها
          أبدًا، ومن قتل نفسَه بحديدةٍ، فحديدتُه في يدِه يَجأُ بها في بطنِه في نارِ
          جهنمَ خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا)) مُتفقٌ عليه.


          ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴾ 67، فسألوا
          عن وَصفِها ولَونِها، فشَدَّدوا، فشَدَّدَ اللهُ عليهم. ولو أنَّهم ذَبَحوا أيَّ بقرةٍ
          لتقبَّلَها اللهُ منهم.

          أتعلَمُ أنَّ هناكَ قُلُوبًا أقسَى من الحِجارة؟! ﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ
          مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ
          مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ 74. فإذا ذُكِّرَ أصحابُ هذه القُلوب لم يتذكَّروا، وإذا
          زُجِروا لم يَنزجِروا، وإذا أسمعتَهم كلامَ رَبِّهم لم يتأثَّروا.


          قال اللهُ تعالى في شأن بني إسرائيل: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ
          وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ 85. وهكذا الحالُ مع بَعضِ مَن ينتسِبون للإسلام؛
          يأخُذُونَ مِن الدِّين ما يُعجِبُهم ويُوافِقُ أهواءَهم، ويتركونَ ما سِواه.
          يقبلُونَ ما تقبلُه عُقُولُهم، ويَرفضونَ غيرَه. يُحِلُّونَ لأنفُسِهم ويُحرِّمونَ
          كيفما يَشاءون.

          ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ
          مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ 105، فالكَافِرُ لا يُحِبُّ لَكَ الخيرَ، وإنْ أحسَنَ
          مُعاملتَكَ وأظهَرَ لَكَ حُبَّه ومَودَّتَه، قال سُبحانه: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ
          الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ
          بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ 109.


          ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 106. فهو سُبحانه القادِرُ
          على إزالةِ هَمِّكَ، وتفريج كَرْبِكَ، وتيسير أمركَ، وإصلاح قلبِكَ وعملِكَ.

          ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ
          عِنْدَ اللَّهِ ﴾ 110. قَدِّم لِنَفسِكَ صلاةً، صِيامًا، صَدقةً، ذِكرًا، شُكرًا،
          كلمةً طيِّبةً. قدِّم لِنَفسِكَ الخيرَ، وستَجِدُه عند رَبِّكَ سُبحانه،
          وسيَأجُركَ عليه.


          ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ
          عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ 112. فأسلِم وَجهَكَ للهِ سُبحانه، فالإسلامُ:
          استسلامٌ للهِ، وخُضُوعٌ له، واستقامةٌ على دِينهِ، والتزامٌ بأوامره،
          واجتنابٌ لنواهيه. فإنْ أسلَمتَ وَجهَكَ للهِ وكُنتَ مُحسِنًا، فلا خَوفٌ
          عليكَ ولا حُزنٌ يُصيبُكَ، وأجركَ عند اللهِ تعالى لا يَضيع.

          ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ 120،
          فهم لا يُحِبُّونَ لَكَ الخيرَ، ولا يُريدُونَ لَكَ السَّعادَة، ولا يَرضون عنكَ
          إلَّا إذا انسلختَ مِن دِينِكَ واتَّبعتَ مِلَّتَهم الباطِلة المُحرَّفَة، قال تعالى:
          ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ﴾ 135.


          ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ 140. اللهُ تعالى مُطَّلِعٌ عليكَ،
          عالِمٌ بِكَ، يَرَى مكانكَ، ويَعلَمُ سِرَّكَ وجَهركَ، ويُحصِي أعمالَكَ. فإنْ
          علِمتَ بذلك، فالزَم طاعتَه سُبحانه ولا تَعصِه.

          ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ
          الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ 143. في الحديثِ: ((يُجاءُ بنُوحٍ يومَ القيامةِ،
          فيُقالُ له: هل بلَّغتَ؟ فيقولُ: نعم يا رَبِّ، فتُسألُ أُمَّتُه: هل بلَّغَكم، فيقولون:
          ما جاءنا من نذيرٍ، فيقولُ: مَن شُهودُك؟ فيقولُ: مُحمدٌ وأُمَّتُه، فيُجاءُ بكم
          فتشهدون، ثُمَّ قرأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً
          وَسَطًا ﴾ - قال: عَدلًا - ﴿ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ
          عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ )) رواه البُخاريُّ.


          ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ 152. في الحديثِ القُدُسيِّ: ((يقولُ اللهُ تعالَى:
          أنا عِندَ ظَنِّ عَبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفسِه ذكرتُه
          في نَفسي، وإنْ ذكَرَنِي في مَلأٍ ذكرتُه في مَلأٍ خَيرٍ منهم)) رواه البُخاريُّ.

          إنْ أصابتكَ مُصيبةٌ في نَفسِكَ أو أهلِكَ أو مالِكَ أو غيره، فاستعِن
          بالصَّبر والصَّلاة. قال اللهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا
          بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ 153.

          ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ
          وَالثَّمَرَاتِ ﴾ 155. قال اللهُ تعالى: ﴿ بِشَيْءٍ ﴾ ، ولم يَقُل (بالخَوْفِ
          والْجُوعِ ...). ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾، فيا لَها مِن بُشرى! مَن هم هؤلاءِ
          الصَّابرون؟ ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
          رَاجِعُونَ ﴾ 156. ما جزاؤهم؟ ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ
          وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ 157.


          ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ 186.
          فلم يَقُل: (فَقُلْ إِنِّي قَرِيبٌ)، فاللهُ- سُبحانه وتعالى- قريبٌ مِنكَ، ولا تحتاجُ
          واسِطةً بينَكَ وبينَه، فادعُه متى أردتَ، وفي أيِّ مكانٍ كُنتَ، واطلُب منه
          حاجتَكَ، وتضرَّع إليه، وانكسِر بين يَديْه، وحِينها سينزِلُ الفَرجُ- بإذنه
          سُبحانه- ويُستجابُ دُعاؤكَ.

          ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ 195. دَعاكَ اللهُ تعالى للإنفاق في سبيلِهِ،
          فلا تبخَل بمالِكَ، وأنفِق في أوْجُهِ الخير، وفي ما يُوصِلُكَ إلى اللهِ تعالى،
          ويُقرِّبُكَ إليه.


          ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ
          لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ 216.
          قد ترغبينَ في الزَّواجِ وهو شَرٌّ
          لَكِ، وقد تكرهينَ الفقرَ وهو خيرٌ لَكِ، وقد تُحِبُّ صُحبةَ شخصٍ يكونُ في
          قُربِكَ منه هلاكُكَ، وقد تُبغِضُ أمرًا ويكونُ فيه صلاحُكَ. فالإنسانُ غالبًا
          لا يَعرِفُ مَصلحَتَه، واللهُ- جلَّ وعلا- يَعلَمُ ما يَصلُحُ لَكَ وما يُصلِحُكَ.
          فلا تحزَن لفَواتِ نِعمةٍ، ولا تغضَب وتحزن لنزول بلاءٍ؛ لأنَّكَ لا تعلم ما
          وراءَه مِن خيرٍ أو شَرٍّ. فاحمد اللهَ- عزَّ وجلَّ- واشكُره على نِعَمِهِ التي
          تُحيطُ بِكَ مِن كُلِّ جانِب، واسأله العَفو والعافيةَ.


          ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ 238. والمُحافظةُ عليها
          تكونُ بأدائِها في وقتِها، بأركانِها وواجباتِها وسُننِها. والصَّلاةُ الوُسْطَى:
          هِيَ صلاةُ العَصر. وفي الحديث: ((مَن صلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجنَّةَ)) رواه
          البُخاريُّ. والبَرْدَان: الفَجر والعَصر.

          ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ 256. كثيرٌ من الناسِ يَفهمُ هذه الآيةَ على
          غير معناها، فيَظُنُّها مُوَجَّهةً للمُسلِمين، وأنَّهم لا يُجبَرونَ على الصَّلاةِ
          والصِّيامِ وغيرهما من العِباداتِ، ولكنْ معناها الصَّحيح هو: عَدَمُ إكراهِ
          غير المُسلِمين على الدَّخُولِ في الإسلام.

          ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ
          سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ 261. أنفِق
          مِن مالِكَ ولا تبخَل به، أنفِق على نَفسِكَ، وعلى أهلِكَ، تصدَّق على الفُقراءِ
          والمُحتاجينَ، وأنفِق في مُختلَفِ أوْجُه الخَير. واعلَم أنَّ اللهَ تعالى سيأجُرُكَ
          على ذلك، وسيُضاعِفُ لَكَ الأجرَ بإذنه سُبحانه.


          ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾ 263. أن تقولَ
          كلمةً طيبةً ووَجهُكَ بَشوشٌ، مع ابتسامةٍ رقيقةٍ في وَجه مُسلِمٍ يَطلُبُ مِنكَ
          شيئًا، خيرٌ مِن أن تتصدَّقَ عليه بصدقةٍ تَمُنُّ بها عليه.

          ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا
          تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ 272. أنفِق مِمَّا رَزَقَكَ
          اللهُ، فما تُنفِقُه- قليلاً كان أو كثيرًا- سيَعودُ عليكَ بالخَيرِ والأجرِ، ما
          دُمتَ ابتغَيْتَ بِهِ وَجهَ اللهِ.

          ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ
          مِنَ الْمَسِّ ﴾ 275. فأكَلَةُ الرِّبا يقومونَ مِن قُبُورهم ليوم نُشورِهم كما يقومُ
          الذي يَصرعه الشيطانُ بالجُنون، فيقومون مِن قُبُورهم حَيَارَى سُكارَى
          مُضطربين، مُتوقِّعينَ لعَظيم النّكال وعُسْر الوَبَال.
          "تفسير السَّعدي بتصرُّف"


          ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ 276. يُذهِبُ اللهُ الرِّبا ويُذهِبُ
          بَركتَه، فيكونُ سببًا لوقوع الآفاتِ فيه، ونَزع البَركةِ عنه، وإنْ أنفَقَ منه
          لم يُؤجَر عليه، بل يكونُ زادًا له إلى النار.
          وينَمِّي الصَّدقاتِ، ويُنزِلُ البركةَ
          في المال الذي أُخرِجَت منه، ويُنمِّي أجرَ صاحبِها؛ وهذا لأنَّ الجَزاءَ مِن جِنْس
          العَمل، فإنَّ المُرابي قد ظَلَمَ الناسَ وأخذ أموالهم على وجهٍ غير شرعيٍّ،
          فجُوزِيَ بذهابِ ماله، والمُحسِنُ إليهم بأنواع الإحسان رَبُّهُ أكرَمُ منه،
          فيُحسِنُ عليه كما أحسن على عِباده.
          "تفسير السَّعدي بتصرُّفٍ يسير"

          ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ
          أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ 277. فآمِن باللهِ
          عَزَّ وجلَّ، وأقِم الصَّلاةَ، وحافِظ عليها بأركانِها وواجباتِها وسُنَنِها، ولا
          تُؤخِّرها عن وقتها، وأدِّ زكاةَ مالِكَ إنْ بلَغَ النِّصابَ وحالَ عليه الحَوْلُ،
          وأخرِج زكاةَ زرُوعِكَ إنْ كُنتَ تملكُ مِن الأصنافِ التي تَجِبُ فيها الزَّكاة،
          واللهُ سُبحانه لن يُضيعَ أجركَ، وسيُجازيكَ على ذلك، ولن تحزَنَ- بإذن
          اللهِ- في الدُّنيا ولا في الآخِرةِ.


          ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ
          مُؤْمِنِينَ ﴾ 278. أمرَكَ اللهُ تعالى بتقواه؛ وهِيَ أن تخافَه، وتعمَلَ بكتابِهِ،
          وتستعِدَّ ليومِ رحيلِكَ عن هذه الدُّنيا. ومِن تقواه أيضًا: أن تترُكَ التَّعامُلَ
          بالرِّبا، فقد نهاكَ سُبحانه عن أكل الرِّبا، والمُؤمِنُ لا يأكُلُ الرِّبا، ويقبَلُ
          الموعِظةَ، وينقادُ لأمر رَبِّهِ سُبحانه. ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ
          وَرَسُولِهِ ﴾ 279. فهل تقدِرُ على حَربِ اللهِ؟! فإنَّ اللهَ تعالى يُمهِلُ للظَّالِمِ
          ولا يُهمِلُه، حتى إذا أخَذَه لم يُفلِته.

          ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ
          لَا يُظْلَمُونَ ﴾ 281. وهذه الآيةُ مِن آخِر ما نزل مِن القُرآن، وفيها الوَعدُ
          على الخَير، والوَعيدُ على فِعل الشَّرِّ، وأنَّ مَن عَلِمَ أنَّه راجِعٌ إلى الله فمُجازيه
          على الصغير والكبير والجَلِيِّ والخَفِيِّ، وأنَّ اللهَ لا يَظلِمُه مِثقالَ ذَرَّةٍ، أوجَبَ له
          الرَّغبةَ والرَّهبةَ.
          "تفسير السَّعدي بتصرُّفٍ يسير"


          ﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ 282. أي: هو عالِمٌ بحقائق الأمور
          ومَصالحها وعَواقبها، فلا يَخفَى عليه شيءٌ مِن الأشياء، بل عِلْمُه
          مُحِيطٌ بجَميع الكائنات.
          "تفسير ابن كثير".

          ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ 286. فاللهُ تعالى لا يُكلِّفُ الإنسانَ
          إلَّا ما تَسَعُه طاقتُه، ولا يَشُقُّ عليه، فأصلُ الأوامِر والنَّواهي لَيست من الأمور
          التي تَشُقُّ على النُّفُوس، بل هِيَ غِذاءٌ للأرواح، ودَواءٌ للأبدان، وحِميةٌ عن
          الضَّرَر، فاللهُ تعالى أمَرَ العِبادَ بما أمَرَهم به رَحمةً وإحسانًا، ومع هذا إذا
          حَصَلَ بَعضُ الأعذار التي هِيَ مَظنَّة المشقَّة، حَصَلَ التَّخفيفُ والتَّسهِيلُ،
          إمَّا بإسقاطِهِ عن المُكَلَّفِ، أو إسقاطِ بَعضِهِ كما في التَّخفيفِ عن المريض
          والمُسافِر وغَيرهم.
          "تفسير السَّعدي بتصرُّفٍ يسير"

          التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 15-04-2014, 12:38 AM.

          تعليق


          • #6
            رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            جزيتم خيراً على هذا المجهود الرائع
            بارك الله فيكم ونفع بكم
            متابع معكم بإذن الله

            رحمك الله يا أمي
            ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
            وظني بكـَ لايخيبُ

            تعليق


            • #7
              رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

              جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الطيب المبارك

              اسال الله ان يحبب القران الى قلوبنا
              اللهم ارزقنا حسن التدبر والفهم

              متابعون معكم ان شاء الله

              تعليق


              • #8
                رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

                المشاركة الأصلية بواسطة ابوالدرداء ابراهيم السلفى مشاهدة المشاركة
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                جزيتم خيراً على هذا المجهود الرائع
                بارك الله فيكم ونفع بكم
                متابع معكم بإذن الله

                بارك الله فيك اخونا على المرور و الرد المميز

                تعليق


                • #9
                  رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

                  المشاركة الأصلية بواسطة حفيدالحسين مشاهدة المشاركة
                  جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الطيب المبارك




                  بارك الله فيكم أخونا على المرور الطيب.


                  اسال الله ان يحبب القران الى قلوبنا
                  اللهم ارزقنا حسن التدبر والفهم

                  متابعون معكم ان شاء الله
                  التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 14-04-2014, 11:48 PM.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    جزاكم الله خيرًا أختنا
                    نقل قيم ورائع، واصلوا وصلكم الله


                    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
                    وتولني فيمن توليت"

                    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

                    تعليق


                    • #11
                      رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

                      بارك الله فيكم أختي على مرورك العطر.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: تأمُّلاتٌ في آياتٍ تااااااابعوني.

                        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                        جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

                        متابعة معكم بأذن الله

                        تعليق

                        يعمل...
                        X