((عيدَهم دليلُ عُقوقِهم))
إن الناظر لأحوال الأسرة في المجتمعات الغربية يجدها أسرة :
مفككة... مبتورة... مقطوعة... فلا ترابط بين أفرادها ولا تراحم ولا تواصل ولا مودة ولا محبة
حتى وصلت القطيعة إلى الأم وأبنائها والأب وأولاده والإخوة بعضهم مع بعض وكذا الأقارب والجيران...إلخ
فكلها علاقات مقطوعة، مبتورة إلا نادرًا.
وقد جرت العادة في الغالب لدى الغرب أن تُلقى الأم -عند الكبر- ويقذف بها في
ملاجئ العجزة أو دور المسنين أو تهجر في زاوية من زوايا بيتها المظلم...!!!
ولا يذكرها أولادها أو بناتها إلا حين إبلاغهم بموتها
فيذهبون إلى قبرها يضعون عليه بعض الأزهار والورود... ثم يعودون من حيث أتوا..
ونحن والحمد لله أمة مسلمة لا نأخذ عن أهل الكفر لا عادات ولا تقاليد
ولا أعياد وإحتفالهم هذا بالأم والله ما هو إلا دليل عقوق لها..
أي أنه عيدٌ في ظاهره فيه الرحمة.. وباطنه من قبله العذاب..
مسكينة هذه الأم عندهم وهي تتلقى الهدايا والورود وهي تعرف
وتدرك في قلبها بأنها لحظات وتنتهي وسوف تتجرع آلام الهجران والعقوق طوال باقي أيام السنة..
وأنظروا يا رعاكم الله إلى الإسلام وحاله مع صحبة الأم لم يقل الإسلام
صاحب أمك يوم 21 مارس أو غيره بل قال بأن الصحبة للأم دائمة :
فقد أوصى الله بالوالدين وربط العبادة بالبر لهما .. قال تعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} الإسراء:23-24
وأقرؤا هذا الحديث المشهور :
فقد روى الشيخان عن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه أنه قال:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟
قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ». متفق عليه.
والصحبة هنا معناها البر والملازمة والطاعة ليس يوم أو يومين في السنة
بل طوال حياتها وبعد مماتها..
نعم نحن المسلمون نحتفل بأمهاتنا طوال حياتها وحتى بعد مماتها..
وأصل هذا العيد فاسد ولا محل له في الإسلام :
قال النبي صلى الله عليه وسلم
« إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثتها »
رواه مسلم والنسائي
وقال صلى الله عليه وسلم « من أحدث في ديننا ما ليس فيه فهو رد »
أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة.
السؤال :
ما حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم؟
الإجابة :
إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدعٍ حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف
الصالح وربما يكون منشؤوها من غير المسلمين أيضاً، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله
سبحانه وتعالى.والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام وهي عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الأسبوع
"يوم الجمعة" وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة وكل أعيادٍ أحدثت سوى ذلك فإنها
مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أي مردود عليه غير مقبول عند الله
وفي لفظ: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم لا يجوز
فيه إحداث شيء من شعائر العيد كإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك
والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حدَّه الله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده
فلا يزيد فيه ولا ينقص منه.
والذي ينبغي للمسلم أيضاً أن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى
شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعاً لا تابعاً وحتى يكون أسوة لا متأسياً لأن شريعة الله والحمد لله
كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ
دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
والأم أحق من أن يحتفي بها يوماً واحداً في السنة بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها
وأن يعتنوا بها، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين
تعليق