لا تحفظ القرآن بل [ اجعل القرآن يحفظك ]
[ جملة سمعتها من فَيِّ الداعية أسماء الرويشد وفقها الله و جزاها خيــــراً ]
معنـاهـا
لا تحفظ آيات القرآن و كلماته و ترددها دون حضور قلبك مع تسميعك
و لا تحفظها عن ظهر غيب دون أن تطبق ما ورد فيها
و لا تحفظها و أنت مذنب عاصي
فتحفظه بعقل غير واعي و جوارح عاصية لاهية
إن الأهم أن تجعل هذا الكتاب يحفظ جوارحك عن المحرمات
فقبل أن تحفظ آياته في صدرك
اجعل آياته تحفظ جوارحك و تكون حجاباً لها عن الوقوع في المحرمات
فمن لم يحفظ منه أجزاء و كان مطيعا مطبقا لما فيه
أفضل و أعظم درجة ممن حفظت كل أجزائه و غفلت عن معانيها و لم تعمل بها
قال تعالى :{ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ( سورة الزخرف : 43 )
إن من أوجب الواجبات على المؤمن و أعظم الحقوق لهذا القرآن
هو العمل بمقتضــاه و تطبيق أوامر الله و تجنب نواهيه الواردة في آياته
لأننا لو علمنا حق العلم الهدف من هذا الكتاب الكريم و هذا الكلام العظيم
لأيقنا أنه ما أنزل إلا لـ نتدبر و نعمل
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )
( سورة ص : 29 )
فالغاية الأساية من القرآن هو العمل بما فيه فهو ليس كتاباً للقراءة و الحفظ في الصدر فقط
مع ما في تلاوته من نور و هداية إلا أن العمل به هي ثمرة نزوله
قال تعالى :
{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
( سورة الأنعام : 155 )
قوله تعالى في الآية نفسها كما ورد في موقع طريق القرآن :
( وَاتَّقُوا ) أي :
احذروا الله في أنفسكم أن تضيِّعوا العمل بما فيه ، و تتعدوا حدوده وتستحلوا محارمه
قال تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ }
( سورة البقرة : 121 )
قال عطاء و مجاهد في معنى الآية : يعملون به حق عمله و في قوله تعالى :
{ حَقَّ تِلاوَتِهِ} مبالغة في صفة اتباعهم ، و لزومهم العمل به
و قوله تعالى :
{ وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ }
( سورة البقرة : 78 )
قيل في تفسيرها : إلا تلاوة فلم يعلموا ما فيه ، ولم يعملوا بما فيه
قال الفضيل : "إنما نزل القرآن ليُعمل به ، فاتخذ الناس تلاوته عملاً "
وفي " صحيح مسلم " أيضاً أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن :
( القرآن حجة لك أو عليك )
أي: إن الانتفاع بالقرآن الكريم إنما يحصل إذا تمت تلاوته والعمل بما فيه
أما إذا لم يكن الأمر كذلك فهو حجة على قارئه يوم القيامة
من هنا نتفق على أن
حفظ القرآن لك أهم من حفظك له
و إنما حفظ القرآن لكِ يكون بتطبيقك أنت لأوامر الله فيه و العمل بمقتضى شرع الله فيه
و العمل بالقرآن ينقسم إلى قسمين :
1- عمل قلبي
2- عمل الجوارح
أما العمل القلبي فيكون : بإخلاص تلاوته وحفظه لله و بالخشية من الله عند التلاوة و تعظيم كلام الله و الخوف من عقابه و رجاء ثوابه
فالقرآن غذاء روحي و دواء قلبي يشفي القلوب و يسمو بالأرواح
و يكفينا في ذلك قول الله تعالى :
{ أَلَا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ } الرعد:28
أما عمل الجوارح
فيشمل الأعمال الظاهرة من الأقوال و الأفعال و تطبيق أوامر الله الفعلية فيه
كإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و التحلي بالصدق و ألا يسمع بأذنيه إلا ما يرضاه الله و لا يقول بلسانه إلا ما يرضاه الله و لا يخطو بقدمه إلا لما يرضاه الله
و لا يبطش بيده إلا لما فيه طاعة لله و يتجنب كل ما نهى الله عنه من الأعمال و الأقوال من الشرك الربا و شرب الخمر و الزنا و الفواحش
و الكذب و الغيبة
و كل تلك الأعمال و الأقوال و الأخلاق ذكرتها على سبيل التمثيل لا الحصر
إن مما يُحزِن القلب
حال بعض أخواتنا حافظات كتاب لله فقد عاصرت كثيرات منهن هداهن الله
قد ختمت المصحف كاملاً و حفظته في صدرها و لكنها لم تحفظ به جوارحها فاستهانت بحدوده و ارتكبت ما وجب عليها تركه
و كثيــرات حالهن كذلك نسأل الله الهداية و السلامة
أخيتي الغاليه\ اخي الغالي حافظ القرآن خصوصًا و قارءه عمومًا
اقرئ القرآن
بـ أذن واعية
و قلب حاضر
و عقل متفتح
و إذا سمعتِ { يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا } فأصغي لخطاب الله فيها
ثم طبق ما أمر الله
و تجنب ما نهى الله عنه
قف عند حدوده
و اعمل بواجباته
و إياكِ أن ترتكب ما نهى الله عنه فيه
حتى تحصل على الحجاب الذي يحفظكِ القرآن به
ثم بعد أن تحقق ذلك الحجاب
ابدئ بحفظ القرآن في صدرك
لتنالي حفظ القرآن لك و حفظك له
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا
و نور صدورنا و جلاء أحزاننا و ذهاب همومنا و غمومنا
اللهم آميـــن
تعليق