إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حدود الله بين القربان والتعدي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حدود الله بين القربان والتعدي




    حدود الله بين القربان والتعدي



    (حدود الله) مصطلح إسلامي خالص، ورد ذكره في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وورد أيضاً في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، وهو في المحصلة يفيد أحد أمرين: إما المحارم التي حرمها الله على عباده، كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (الأعراف:33)؛ وإما الأحكام الشرعية التي شرعها الله لعباده، كقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (البقرة:43).

    وقد وردت في القرآن الكريم آيتان كريمتان ذُكِرَ فيهما مصطلح {حُدُودُ اللَّهِ}، وجاء التعبير في كل موضع مغايراً بعض الشيء للموضع الآخر.

    أما الآية الأولى فهي قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} (البقرة:187). فجاء الموقف من {حُدُودُ اللَّهِبحسب هذه الآية معبَّراً عنه بالفعل {تَقْرَبُوهَا}.

    وأما الآية الثانية فهي قوله سبحانه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} (البقرة:229). وقد جاء الموقف من {حُدُودَ اللَّهِ}، بحسب هذه الآية معبَّراً عنه بالفعل {تَعْتَدُوهَا}. فهل ثمة فرق بين التعبيرين، أم هما شيء واحد؟ هذا ما نسعى للوقوف عليه في أثناء هذه السطور.



    لا شك أن النهي عن القربان والتعدي على {حُدُودَ اللَّهِ} هو في المحصلة طلب للمكلف بألا يفعل ما هو خلاف مقصود الشرع فيما أمر به أو نهى عنه. فالفعلان يشتركان في معنى واحد هو حظر مخالفة ما جاء به الشرع. بيد أنهما يختلفان في أمر غير خاف على المتأمل وهو أن النهي عن القربان أبلغ من النهي عن التعدي؛ لأن النهي عن القربان يفيد أن ثمة حاجزاً وفاصلاً بين المكلف وبين الفعل المنهي عنه. أما النهي عن التعدي، فلا يفيد هذا المعنى، بل غاية ما يفيده النهي عن فعل شيء معين، بغض النظر عن المسافة التي تفصل بين المكلف والفعل المنهي عنه. وهذا يتضح أكثر بعد تحليل اللفظين المذكورين في الآيتين الكريمتين.




    تضمنت الآية الأولى نهياً عن مباشرة النساء في أثناء الصيام، وفي أثناء الاعتكاف في المساجد، وغلَّظ سبحانه الوعيد بالنهي عن مقاربة ذلك، وشدد بالابتعاد عنه، وحذَّر من مقدماته ودواعيه؛ لئلا يقع المكلف في الحرام من حيث لا يشعر، فاقتضى ذلك المبالغة في النهي عن اقتراف تلك المنهيات، وعبَّر عن ذلك بقوله: {فَلَا تَقْرَبُوهَا}؛ إذ ما كان منهياً عن فعله كان النهي عن قربانه أبلغ.




    وقد تحدثت الآية الثانية عن أحكام الطلاق، وجواز قيام المرأة بافتداء نفسها بمهرها، ومخالعة زوجها، وذكر أحكام العدة، والإيلاء، والحيض، وجاء النهي عن مجاوزة الحدِّ برفض ذلك أو مخالفته، وعبَّر سبحانه على ذلك بقوله: {فَلَا تَعْتَدُوهَا}، فالآية هنا جاءت بياناً لأحكام معينة ومحددة، فكان من المناسب النهي عن التلبس في تلك المنهيات بلفظ (التعدي)، الذي هو مجاوزة الحد الذي حده الله فيها.

    وقد عبَّر بعض أهل العلم عن الفرق بين اللفظين فقال: "الحدود في الأولى هي عبارة عن نفس المحرمات في الصيام والاعتكاف من الأكل والشرب والوطء والمباشرة، فناسب {فلا تقربوها}. والحدود في الآية الثانية أوامرُ في أحكام الحل والحرمة في نكاح المشركات، وأحكام الطلاق والعدة والإيلاء، وحصر الطلاق في الثلاث والخلع، فناسب {فَلَا تَعْتَدُوهَا}، أي: لا تتعدوا أحكام الله تعالى إلى غيرها مما لم يشرعه لكم، فَقِفُوا عندها؛ ولذلك قال بعده: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (البقرة:230)".

    وعلى وَفْق الآية الأولى جاء قوله صلى الله عليه وسلم: (الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهة؛ فمن ترك ما شُبِّه عليه من الإثم، كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان، والمعاصي حمى الله من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه) متفق عليه.

    وعلى غرار الآية الثانية جاء قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ } (النساء:14)، فقد جاءت هذه الآية بعد آيات سبقتها تبين أحكام المواريث، وتعدد الزوجات، وأموال اليتامى، فناسب أن يذكر عقيب هذا كله التعدي، الذي هو مجاوزة ما شرعه الله من هذه الأحكام إلى ما لم يشرعه.

    وقد جاء قوله عز من قائل: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} (النساء:13)، عقيب قوله سبحانه: {وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ} (النساء:12).


    والمتحصل، أن قول سبحانه: {فَلَا تَقْرَبُوهَا}، نهي عن مقاربة ما حرام وممنوع، وأن قوله تعالى: {فَلَا تَعْتَدُوهَا}، نهي عن التعدي لما هو حلال ومشروع.

    على أن المتأمل في كلا اللفظين {فَلَا تَقْرَبُوهَا}، و{فَلَا تَعْتَدُوهَا}، يجد أن كل لفظ جاء بما يناسب السياق الذي ورد فيه؛ ليدل على معنى يناسب ذلك السياق.

    ولا يضر أن نقول بعد الذي تقدم: إن عدداً من المفسرين لم يتعرضوا لذكر الفرق بين اللفظين في الآيتين الكريمتين، ما يُفهم من مسلكهم هذا أنهما بمعنى واحد. وليس في ذلك حرج لمن أراد الوقوف عند ظاهر اللفظين، أما من أراد الوقوف على ما وراء هذا الظاهر، ففيما ذكرناه ما يفي بالمقصود فيما نحسب.


    إسلام ويب


    التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 12-08-2013, 07:23 PM. سبب آخر: تشكيل الآيات
    المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
    اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

  • #2
    رد: حدود الله بين القربان والتعدي

    جزاكم الله خيرًا ... ونفع الله بكم ،،،

    تعليق


    • #3
      رد: حدود الله بين القربان والتعدي

      جزاكم الله خيرا

      وجعلة في موازين حسناتكم

      اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان

      تعليق


      • #4
        رد: حدود الله بين القربان والتعدي

        وجزاكم مثله
        المسبحه الإلكترونيه رائعه جدا[/SIZE]
        اللهم اغفر لأبي وارحمه ونور قبره واجمعنى بيه في جنة الفردوس الأعلي من غير حساب ولا سابقة عذاب

        تعليق


        • #5
          رد: حدود الله بين القربان والتعدي

          جزاكم الله خيراً
          .

          تعليق


          • #6
            رد: حدود الله بين القربان والتعدي

            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا ونفع الله بكم


            تعليق

            يعمل...
            X