إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب اقرأ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب اقرأ


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كتاب

    اقرأ
    تأليف

    العبد الحقير/ الأرقم علي السماني

    رمضان1428هـ 2007



    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    البداية


    بسم الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير.
    والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة بنور رب العالمين، محمد رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم، اللهم صل وسلم وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت وباركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
    أما بعد ....
    قال تعالي الله الملك الحق:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا(1)قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا(2﴾الكهف..

    فالحمد للَّه الذي أَنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، فأخرجنا به من ظلمات الجهل والوهم، إلي نور العلم والفهم.
    فهو كلام رب العالمين، وحبله المتين، ونور مشكاة المهتدين، وزاد السالكين، ففيه علم الأولين والآخرين، من عمل به فقد فاز، ومن نطق به فقد حاز، ومن تمسك به فقد جاز.
    قال النبي صلي الله عليه وسلم:(أتاني جبريل فقال: يا محمد أمتك مختلفة بعدك، فقلت له: فأين المخرج يا جبريل؟. فقال: في كتاب الله ، به يقصم الله كل جبار، من أعتصم به فقد نجا، ومن تركه فقد هلك، "كررها مرتين" قول فصل، وليس بالهزل، لا تخلقه الألسن، ولا تفني عجائبه، فيه نبأ ما كان قبلكم، وفصل مابينكم، وخبر ماهو كائن بعدكم)مسند أحمد..

    لا يحيط بفوائده من أهل العلم تحديد، ولا يمله أهل التلاوة من كثرة الترديد، إنه المقروء والناطق بإعجاز الرحمن، إنه المعجزة التي تحدي بها الله رب العالمين الإنس والجن أجمعين﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا(88)الإسراء..

    هجر القرآن الكريم

    فاعلم أخي المسلم أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن القرآن فرض، فرضه الله.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القرآن لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(85)القصص..
    فهو الدين وشرع الديان، نزل به الروح الأمين بإذن الله رب العالمين، لنعمل به إلي يوم الدين، فلا دين بدون القرآن، ولا قرآن بدون العمل به، ولا عمل به دون تلاوته، لتدبره فتفهمه فالعمل به. ومن أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة حملاً ثقيلاً وذنباً عظيماً.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا(99)مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا(100)طه..
    كذلك من أعرض ونسي أيات الله فسينساه الله يوم القيامة وله معيشة ضنكا.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا(125)قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى(126 ﴾طه..

    قال ابن عباس: ضمن الله تعالي لمن قرأ القرآن، وعمل بما فيه، ألا يضل في الدنيا، ولا يشقي في الأخرة وتلا الأية :﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ أي معيشة قاسية شديدة.
    وكذلك من يعرض ويتعام ويتغافل عن القرآن الكريم، سلط الله عليه شيطاناً فلا ينفك عن الوسوسة له والأغواء.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36)الزخرف... فهو ملازم ومصاحب له لا يفارقه﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا(38)النساء..

    ويوم تشقق السماء وتنفطر عن الغمام، الذي يسود الجوء ويظلمه، ويغم القلوب مرآه، لكثرته وشدة ظلمته, وتتنزل الملائكة فتحيط بالخلائق في يوم الحشر، يشكو الرسول صلي الله عليه وسلم إلي الله عزوجل كل من هجر القرآن الكريم، سواءً آمن به ولكن لم يعمل به، أم لم يؤمن به.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا(30)الفرقان..

    أشكال هجر القرآن الكريم

    لقد نزل القرآن الكريم علي قلب محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم، منجماً شيئاً فشيئاً، آية تلو آية، وسورة تلو سورة، في مدة ثلاث وعشرون سنة.
    وكان الرسول صلي الله عليه وسلم، يملي علي أصحابه الكتبة رضوان الله عليهم أجمعين، ماينزل من القرآن الكريم، وكانوا يجمعونه في جريد النخل، والحجارة الدقيقة الرقيقة، وفي الرقاع من جلد أو رق أو نحوه، وفي عظام الأكتاف من الشاة والبعير، والأضلاع.
    وكذلك كان يجمع القرآن الكريم، في صدور الحفظة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

    قال تعالي الله الملك الحق:﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ(9)العنكبوت..
    أما نحن اليوم، وعلي ما منّ به الله عزوجل علينا من مُعينات، وتوفر القرآن الكريم بشتي الأشكال، نهجره"سبحان الله رب العالمين".
    قال الإمام الغزالي:
    يطلق هجر القرآن الكريم، علي عدم سماعه، وترك تلاوته، هذا من هجرانه.
    وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وإمتثال أوامره وإجتناب زواجره من هجرانه.
    والعدول عنه إلي غيره من شعر، أو قول، أو غناء، أو لهو، أو كلام، أو طريقة مأخوذة من غيره، من هجرانه.
    أنتهي قوله رحمه الله، ونجد لهذا القول بينّة في كتاب الله عزوجل.
    قال تعالي الله الملك الحق:
    • لسماعه﴿وَإِذَا قُرِئَ القرآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(204)الأعراف..

    • لتلاوته﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(91)وَأَنْ أَتْلُوَ القرآن(92)النمل..

    • لتدبره وتفهمه﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(24)محمد..

    • للعمل به وأمتثال أوامره وأجتناب زواجره ونواهيه﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(155)الأنعام..

    • لعدم العدول عنه إلي غيره من شعر أو قول﴿وَمَاعَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ(69)يس..

    • أو غناء أو لهو﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ(6)وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(7)لقمان..

    • أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(3)الأعراف..

    أخي المسلم: حتماً إذا قرأت القرآن الكريم وكان لك ورداً ثابتاً، تردده بإنتظام، فحتماً ستسقط عنك بقية أشكال هجره، من تدبره وتفهمه ﻭعلمه، إلي العمل به وإمتثال أوامره وإجتناب زواجره ونواهيه، لأن التلاوة ستقودك إلي فتح باقي الأبواب المغلقة.

    هجر تلاوة القرآن الكريم

    إن جوهر حديثنا في هذا المقام، يدور حول تلاوة القرآن الكريم.
    القرآن: مصدر مرادف للقراءة ومنه قوله تعالي الله الملك الحق:﴿إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَه(17)فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ(18)القيامة..
    ثم نقل من هذا المعني المصدري، وجعل أسماً لكلام الله المعجز، من باب إطلاق المصدر علي مفعوله.
    كما أن أول كلمة نزلت من القرآن الكريم، وأول كلمة نطق بها سيد المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم وحياً هي :﴿اقرأ﴾.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1)العلق..

    هذا أول خطاب إلهي، وجه إلي النبي محمد صلي الله عليه وسلم، وفيه دعوة إلي قراءة القرآن الكريم.
    أي اقرأ يامحمد القرآن، مبتدئاً ومستعيناً بأسم ربك الذي خلق جميع المخلوقات وأوجد جميع العوالم .
    أي أن أول أمر أُمر به النبي محمد صلي الله عليه وسلم وهو أُمي، قراءة القرآن الكريم ، هذا وقبل أن يكتمل نزول القرآن الكريم" سبحان الله"وكأنه شرط مبطن.
    ثم كرر الأمر بقراءة القرآن الكريم، مرة أخري وفي نفس السورة وذلك في الآية التي تلت الآية التي تلت الأمر الأول أتي الأمر الثاني﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3)العلق..
    أي هكذا أُمر النبي محمد صلي الله عليه وسلم بقراءة القرآن الكريم، وقبل أن يكتمل نزوله وتتنزل الأحكام، لأن قراءة القرآن الكريم، هي التي ستقودنا للعمل به، فكيف نعمل به، ونحن لا نقرأوه ونتدبره؛ كيف نعلمه من أين تأتينا البينات أصلا ونحن نهجره؟!.
    لذلك كانت الحكمة من نزول القرآن الكريم، منجماً شيئاً فشيئاً ، لكي يقرأه الرسول صلي الله عليه وسلم علي الناس علي تؤدة ومهل، وليكون حفظه أسهل، والوقوف علي دقائقه أيسر، وعلي حسب الأحوال والمصالح.
    فتلاوة القرآن الكريم حق تلاوته، من خشوع وخضوع وتدبر وفهم، هي التي ستقودنا للإيمان به فمن(علم عمل)وقد بيّن الله عزوجل هذا المعني في سورة البقرة، في قوله تعالي الله الملك الحق:﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(121)..
    أيضاً نجد هذا المعني بيّن في دعوة سيدنا إبراهيم وإسماعيل"عليهما السلام"، عندما دعا الله عزوجل عقب الأنتهاء من بناء الكعبة البيت العتيق.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(129)البقرة..
    فكانت دعوتهما عليهما السلام، أن يبعث الله رسولا إلينا، يتلو علينا آيات القرآن الكريم، ثم يعلمنا القرآن، ثم يعلمنا السنة، فتزكوا نفوسنا وتطهر، من رجس الشرك، ومن أمراض النفوس، فتكون علي الصفاء الذي يؤهلها لمعرفة الله، فاستجاب سبحانه وتعالي دعوتهما.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ(151)البقرة..
    ولكن عندما إستجاب سبحانه وتعالي دعوتهما، ذكر التلاوة أولاً كما دعا عليهما السلام، ولكن قدم التزكية فجعلها عقب التلاوة، ثم تلاها تعليم القرآن، ثم تعليم السنة، وزاد ذو الفضل العظيم﴿وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾..
    قدم سبحانه وتعالي التزكية فجعلها عقب التلاوة، لأن النفس تتطهر من أدناسها، وأرجاسها، وأنجاسها، بتلاوة القرآن الكريم، فتصفو النفس من أكدارها بكلام ربها، فتنقاد طائعة للعمل بأوامره وإجتناب زواجره ونواهيه

    فهذه هي فطرتها التي فطرها الله عليها، ولكن الشيطان الرجيم عدو مبين، يزيغها عن الصراط المستقيم، فكانت تلاوة القرآن الكريم كالرقية علي المريض، ترياقاً.
    فلذلك كان مشركو قريش يتهيبون من سماع القرآن الكريم، وكانوا إذا طافوا بالبيت العتيق، والرسول صلي الله عليه وسلم يتلو آيات من القرآن الكريم، يضعون قطناً في أذانهم كي لايسمعوا القرآن الكريم.

    وكانوا ينهون كل من أم البيت العتيق من الأعراب، عن سماع القرآن الكريم، وما كانت حجتهم إلا أن هذا القرآن سحر، وإن سمعتموه صبأتم أي أسلمتم، فيفرق بينكم وبين آلهتكم﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا القرآن وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ(26)فصلت..
    لذلك كانت التلاوة أولا.
    ولقد قدم سبحانه وتعالي في كتابه الحكيم، ذكر تلاوة القرآن الكريم علي الصلاة، لأنه لا صلاة بدون قراءة القرآن فيها، فالقراءة هي أحد أجزاء الصلاة.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور(29)لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(30)فاطر..

    وكانت التلاوة أولاً، لأن هذا القرآن ليس فقط أحكام، فالأحكام في القرآن الكريم هي ربع الجزء، وثلاث أرباع الجزء هي:هدي وبشري وقصص ومواعظ وعبر وأمثال وطمأنينة وأسرار..إلخ.
    وهو قصص ولكن ليس تاريخاً، بل قانوناً وسنن تجري علي الأمم إلي قيام الساعة.
    لذلك كانت اقرأ أولا ً.

    حكم تلاوة القرآن الكريم

    أن تلاوة القرآن الكريم ليست من باب القربات أو السنن، إن فعلتها زادت حسناتك وعلت درجاتك، وإن لم تفعلها لم تؤثم، كصلاة النافلة أو صيام التطوع.
    إن عدم تلاوة القرآن الكريم و جعله ورداً ثابتاً، آناء الليل أو أطراف النهار، إنما هي معصية وإثم.
    لعدم الإمتثال لأمرالله عزوجل، حيث أمرنا بتلاوة القرآن الكريم، وإذا أمرنا الله بأمر فحكمه فرض،، والفرض تركه معصية، والمعصية إثم.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(91)وَأَنْ أَتْلُوَ القرآن(92)النمل..
    هذا أمر بعبادة الله، بالإسلام، وتلاوة القرآن، هكذا أي بنفس الدرجة، وكأنه لاتستقيم العبادة، والإسلام، ونحن لا نتلوا القرآن.
    أيضا جاء أمرالله بتلاوة القرآن الكريم، في موطن آخر في سورة العنكبوت.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(45)..
    أي اقرأ يامحمد هذا القرآن المجيد، الذي نزل وحياً من رب العزة، وتقرب إليه بتلاوته وترديده، وكذلك قدم سبحانه وتعالي تلاوة القرآن الكريم علي الصلاة.
    ولقد تكرر الأمر بتلاوة القرآن الكريم، وبنفس هذه الصيغة، في موطن آخر في سورة الكهف.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا(27)..
    أخي المسلم: إن هذه الأدلة هي علي سبيل المثال لا الحصر، فيكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، فالقرآن الكريم كله، يدعو إلي تلاوته وإمتثال أوامره.
    فهذه الأدلة من أوامره، فكيف تقول أنك تعمل بالقرآن الكريم، وأنت هاجر لتلاوته؟!.

    حكمة اقرأ

    إن الحكمة من اقرأ وإلزامية تلاوة القرآن الكريم، وجعله ورداً ثابتاً، آناء الليل وأطراف النهار هي لإحراز علمه فمن (علم عمل).
    ولن يتأتي علمه إلا بتلاوته، فالتلاوة مفتاح الفهم، والفهم مفتاح التطبيق، فالتلاوة تفتح باقي الأبواب المغلقة.
    ولقد بيّن الله عزوجل الحكمة من قراءة القرآن الكريم، في الآية التي تلت الأمر الثاني في سورة العلق.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4)عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)..

    فالله رب العالمين علم الإنسان مالم يعلم بواسطة القلم، أي ماكتب بواسطة القلم في الكتب السماوية التي أنزلت وفي هذا القرآن العظيم.
    علم سبحانه وتعالي البشر بواسطة القلم، مالم يكونوا يعلمون من العلوم والمعارف، فنقلهم من ظلمات الجهل والوهم، إلي نور العلم والفهم.
    فكما علم سبحانه وتعالي الإنسان بواسطة الكتابة بالقلم، فإنه قادر علي أن يعلمه بلا واسطة، وإن كان أُمي لا يقرأ، وإن كان أعمي لايري.
    فلو أوكل الله سبحانه وتعالي الإنسان لعقله الذي يتباهي به، لظل عارياً في الأدغال إلي قيام الساعة.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَرُونَ(26)الأعراف..
    وبالرغم من ذلك توجد قبائل عارية في الأدغال إلي يومنا هذا.
    كما ﺃن النص القرآني الكريم ثابت لم يتغير منذ أنزل، وقد تعهد الله عزوجل بحفظه، ولكن المحتوي يتطور إلي ماشاء الله، هنا تكمن معجزة القرآن الكريم.
    فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله، صلي الله عليه وسلم:﴿ما من الأنبياء نبي إلا أعطي مامثله، آمن عليه البشر، وﺇنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة﴾صحيح البخاري..
    قال أبن كثير: وفي هذا الحديث فضيلة عظيمة للقران المجيد علي كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء وعلي كل كتاب أنزل.
    وذلك أن معني الحديث: مامن نبي إلا أعطي أي المعجزات، ما آمن عليه البشر، أي ماكان دليلاً علي تصديقه فيما جاءهم به.
    وإتبعه من إتبعه من البشر، ثم لمّا مات الأنبياء لم تبق لهم معجزة بعدهم، إلا مايحكيه أتباعهم عما شاهدوه في زمانهم.
    وأما الرسول الخاتم للرسالة محمد صلي الله عليه وسلم، فإنما كان معظم ما أتاه الله وحياً منه إليه، منقولاً إلي الناس بالتواتر، ففي كل حين هو كما أُنزل.

    فلهذا قال: فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً وكذلك وقع، فإن أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء، وذلك لإستمرار معجزته "القرآن الكريم" إلي قيام الساعة.
    والإكتشافات العلمية الحديثة أكبر مثال علي ذلك، فكيف تنقضي عجائبه وهو كلام الله رب العالمين، ومن أسماء الله الحسني وصفاته العليا (المجيد ).
    فلا يُمكن أن يُهجر القرآن الكريم، لما فيه من البينات التي تظهر بين الفينة والأخري، وهذه البينات بمثابة الرسل، تضيء لنا الدرب.

    فبوجود هذا القرآن العظيم بين أيدينا، فلسنا بحاجة لنبي مجدد، لذلك كان محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم خاتم الأنبياء.
    فأمر تلاوة القرآن الكريم يتعلق بالوحدانية، والألوهية، والربوبية، لآياته البينات للهدي والحق، فتدمغ الباطل فإذا هو زاهق.


    فضائل القرآن الكريم

    إِنَّه لقرآنٌ كريم، فضائله أكثر من أن تعد أوتحصي، فهو كتاب عظيم الشأن، مبارك كثير النفع والفائدة، ومشتمل علي أنواع الفوائد الدينية، والدنيوية، فمن فضائله :
    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : من أراد أن يكلمه ربه، فليقرأ القرآن .
    اي بقراءتنا للقرآن الكريم نصبح في معية الرحمن، فكل كلمة مدونة فيه هي موجهة لمن يقرأه ويعمل به، إذاً فهو خطاب مباشر.
    * * *
    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :إن لله أهلين من الناس، قيل: من هم يارسول الله؟. قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته..سنن ابن ماجه..
    فنرتقي بتلاوة القرآن الكريم من منزلة الطين، إلي ملائكة تمشي علي الأرض، فالملائكة هم أقرب المقربين مكاناً ﻤﻥ الله رب العالمين.
    وعندما أشاد بهم الله رب العالمين ومدحهم، مدحهم بتلاوتهم للقرآن الكريم، فهي كانت من الأعمال العظيمة، التي أستحقت بها الملائكة المدح والثناء ﻤﻥ الله رب العالمين.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً(3)الصافات..
    اي أقسم الله بالملائكة التالين لآيات القرآن الكريم، اي لعظيم الصفة أقسم بها ملك الملوك. فلنستشعر من وحي هذا القسم، أن تلاوة الملائكة للقرآن الكريم، هي من محاسنهم ومناقبهم العلوية، وهي تتقرب إليه جل وعلا بترديد كلامه، وهو لم يفرض عليها، بل فرض علي الثقلان، ولكن بما أنه كلام الرحمن، فالكون كله يردده، لست وحدك يا إنسان.
    * * *
    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :أقرأوا القرآن، فإن الله يأجركم بكل حرف عشر حسنات، لا أقول(ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف..سنن الترمذي..
    * * *
    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : اقرأوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة..صحيح مسلم..
    فإن كان كلام الله شفيعا لأصحابه، فهي بالتالي شفاعة الشفيع الله رب العالمين، وهي أعظم من شفاعة الشافعين من الأنبياء، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
    * * *
    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :مثل البر الذي يقرأ القرآن، كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل البر الذي لا يقرأ القرآن، كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن، كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن، كمثل الحنظله طعمها مر ولاريح لها..رواه البخاري..

    أداب تلاوة القرآن الكريم

    إن للتلاوة آداب، فهذا الكتاب ليس كأي كتاب، فمن الآداب :
    أن يكون قارئ القرآن علي وضوء .
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ(77)فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ(78)لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ(79)الواقعة..
    ﻭأن يقول القارئ في مبتدأ قرأته، أعوذ بالله من الشيطان الرَّجِيمِ.
    قال تعالي الله الملك الحق:﴿فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(98)النحل..

    إن الشيطان الرجيم هو الحائل بين العبد وربه، وهو الحائل بين قراءة القرآن الكريم، وتدبره وتفقهه، فهو عدو مبين لاتراه، يأتي عن يمينك، وعن شمالك، ومن أمامك، ومن خلفك، ويجري من بني أدم مجري الدم.
    ولكي تتخلص منه، لا سبيل لك إلا أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فترجمه الملائكة، فهو مرجوم دائماً.
    فبالإستعاذة يحول الله عزوجل بينك وبين هذا العدو المبين، فلا سبيل للشيطان إليك، فالله عزوجل يري الشيطان، وهو لايري الله، ويراك الشيطان، وأنت لاتراه.

    ثم يسمي الله ويذكره، مستعيناً به جل وعلا طالباً منه وحده العون، فإنه الرب المعبود ذو الفضل والجود والملكوت واسع الرحمة كثير التفضل والإحسان، الذي وسعت رحمته كل شئ، وعم فضله جميع الأنام .
    قال تعالي الله الملك الحق :﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1)العلق..

    إن الله تعالي ذكره، وتقدست أسماؤه، أدب نبيه محمد صلي الله عليه وسلم، بتعليمه ذكر أسمائه الحسني أمام جميع أفعاله، وجعل ذلك لجميع خلقه سنة يستنون بها، ومخالفة للوثنيين الذين يبدأون أعمالهم بأسماء ألهتهم أو طواغيتهم، فيقولون: بإسم اللات أو بإسم العزي أو بإسم الشعب.
    فقول القائل :﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ إذا أفتتح تالياً سورة، ينبئ أن مراده اقرأ بإسم الله، وكذلك سائر الأفعال .
    وأن يكون قارئ القرآن علي هيئة من الأدب والسكون، منكساً رأسه، وأن لايكون كالجالس علي هيئة التكبر.

    وأفضل الأحوال أن يقرأ قائماً في الصلاة، وأن يكون في المسجد فذلك من أفضل الأعمال، فإذا قرأ وكان مضطجعا في الفراش، فله أيضاً فضل ولكنه دون ذلك.
    قال تعالي الله الملك الحق :﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(19)آل عمران..
    فأثني الله عزوجل علي الكل، ولكن قدم القيام، ثم القعود، ثم الذكر مضطجعاً.
    أما كيفية تلاوة القرآان الكريم فقد تم توضيحها في كتاب الله عزوجل وهي الترتيل.
    قال تعالي الله الملك الحق :﴿وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلًا(4)المزمل..
    أي قراءة القرآن الكريم بتثبت وتؤدة وتمهل، مع حضور القلب، مع معرفة معاني الكلمات، ليكون عوناً لك، علي فهم القرآن الكريم.
    فبترتيل القرآن الكريم، يتمكن القارئ من حضور القلب، والتفكر والتأمل في دقائق الآيات ومعانيها، فعند الوصول إلي ذكر أسم الله يستشعر بقلبه عظمة الله جل جلاله، وعند ذكر الوعد والوعيد يحصل الرجاء والخوف، وعند ذكر القصص والأمثال يحصل له الأعتبار، فيستنير القلب بنور معرفة الله.
    والإسراع في التلاوة، يدل علي عدم الوقوف علي المعاني وتدبره، ولقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم، يقطع القراءة حرفاً حرفاً، ويخرج الحروف واضحة.
    وكذلك يجب معرفة أحكام التلاوة، لتجنب اللحن في القراءة، فالقراءة الخاطئة تغير المعني، فلا يحصل المقصود من الترتيل.
    مايكون عليه القارئ أثناء القراءة، إذا مر بآية سجدة، سجد، وكذلك إذا سمع من غيره سجدة، سجد.
    كقوله تعالي الله الملك الحق :﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(20)وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القرآن لَا يَسْجُدُونَ(21)الأنشقاق..

    أقلها أن يسجد بوضع جبهته علي الأرض، أي أن يسجد علي سبعة أعظم وهي: أن يثني أصابع القدمين فتكون إتجاه القبلة، والركبتين، والكفين، والجبهة مع الأنف.
    وأكمله أن يكبر رافعا يديه للتحريمه، ثم يكبر للهوي للسجود، ثم يكبر للأرتفاع، ثم يسلم.
    وأن لا يسجد وهو ممسك بيدٍ المصحف، فيكون بذلك قد سجد علي ستة أعظم، وليس سبعة أعظم،
    ويكون أيضاً قد وضع المصحف علي الأرض، وهذا مما لايليق، فهذا القرآن العظيم هو كلام الله، ومن صفات الله العليا وأسمائه الحسني(القدوس) فيجب تقديس القرآن العظيم .

    فالأرض قد تكون طاهرة ولكنها رمز إذلال العبيد، فتعالي الله الملك الحق فهو الملك والسيد، ونحن العبيد.
    قال تعالي الله الملك الحق :﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ(10)فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ(11)فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ(12)مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ(13)عبس..
    وله أن يقول في هذه السجدة، بعد التسبيح: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه، وبصره، بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين.
    وأثناء القراءة إذا مر بآية تسبيح سبح وكبر، وإذا مر بآية دعاء وإستغفار دعا وأستغفر، وإن مر بمرجو سأل وإن مر بمخوف أستعاذ، يفعل ذلك بلسانه أو بقلبه، فيقول سبحان الله، نعوذ بالله، اللهم أرزقنا، اللهم أرحمنا.
    قال حزيفة بن اليمان رضي الله عنه: صليت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأبتداء بسورة البقرة، فكان لايمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا إستعاذ، ولا بآية تنزيه إلا سبح.

    ﺃﻤﺎ مقدار القراءة، وطرق القراء في الإستكثار والإختصار، فمنهم من يختم القرآن الكريم في اليوم والليلة مرة، وبعضهم مرتين، وإنتهي بعضهم إلي ثلاث مرات، ومنهم من يختم في الشهر مرة.
    وأولي مايرجع إليه في التقديرات قول الرسول صلي الله عليه وسلم :من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه..سمسند احمد.. وذلك أن الزيادة عليه تمنعه الترتيل والتدبر.
    كما أمر الرسول صلي الله عليه وسلم، عبدالله بن عمر أن يختم القرآن في كل سبع.
    وكذلك كان جماعة من الصحابة، يختمون القرآن في كل جمعة، كعثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وأبن مسعود، وأبي أبن كعب.

    درجات الختم :
    • الختم في كل ثلاثة أيام مرة، أي قراءة عشرة أجزاء يومياُ.
    • والختم في كل شهر مرة، كل يوم جزء من ثلاثين جزء.
    • وبينهما في الأسبوع مرة.
    • وأخيرا يختم مرة كل عشرة أيام، أي قراءة ثلاث أجزاء يومياً، ويكون بذلك قد ختمه ثلاث مرات في الشهر.
    إذا كان المرء حافظا لكتاب الله، فنقول قراءة القرآن الكريم في المصاحف أفضل، إذ يزيد في العمل، النظر وتأمل المصحف، وحمله، فيزيد الأجر بسببه.
    ولقد خرق سيدنا عثمان بن عفان مصحفين، لكثرة قراءته منهما، فكان كثير من الصحابة يقرأون في المصاحف، ويكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف.
    أما اليوم فنشاهد بعض المسلمين هداهم الله، قد جعلوا المصحف كقطعة مزهرية، توضع علي الرف، حتي ينسج العنكبوت أوهن البيوت، ويعشعش في صفحاته ويتراكم التراب والغبار، بل ويتمزق من طول مدة عدم فتحه وهجرانه، هذا إن وجد مصحف أصلاً.

    القرآن الكريم منهاج حياة

    أخي المسلم إن القرآن الكريم هو منهاج حياة كامل، فالله الذي خلقك أعلم بما يصلحك وبه يستقيم أمرك، فأرشدك سبحانه تعالي إلي جملة من الأخلاق، بها تصل للكمال الأدمي، أي كمال العبودية.
    ستصل إلي درجة الكمال، إذا طبقت ماقرأت من القرآن الكريم في سائر شؤون حياتك، فتكن لك نعمة السير بنور من الله.
    فالقرآن الكريم هو منهاج حياة كامل، لم يدع جانباً من جوانب الحياة إلا وبيّن لنا فحواه ومحتواه، وأرشدنا إلي أماكن الخير، وحذرنا من أماكن الشر.
    وهذا المنهاج ماهو إلا خطة سير، وضعها الباري جل وعلا منذ أربعة عشر قرناً، إلي قيام الساعة.
    فهو سنن ثابتة، إن علمناها وفهمناها وأنزلناها علي أرض الواقع، ستجنبنا الكثير من البدايات، إلي النهايات الفاشلة.
    وماهذا المنهاج إلا لمصلحة النفس البشرية، وليس من باب الأمر و النهي، بل هو نصائح لِمّا يصلحنا، ويسعدنا، في الدنيا و الآخرة.
    فعلي سبيل المثال:
    قال تعالي الله الملك الحق :﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ(121)الأنعام..
    هذا نهي ولكن لِمّا ؟!.
    فبتدبر الآية، وبالبحث والتدقيق، ستكتشف كم أن الله عزوجل الذي خلق كل شيء من العدم، رحيم بعباده وشفيق.
    فبعد البحث المجهري الدقيق، تبيّن أن اللحم الذي لم يُذكرعليه إسم الله عند ذبحه، تتكاثر عليه البكتريا، ويبدأ في التحلل، ويتغير لونه، في غضون أربعة وعشرون ساعة، عكس اللحم الذي ذُكر عليه إسم الله عند ذبحه، فإنه يحتفظ بخصائصه كما هي.
    إذاً فالنهي لم يأتي إلا لمصلحة، وكذلك الأمر في الأمر، فعلي هذا المنوال يتبيّن لك أخي المسلم أن القرآن الكريم هو منهاج حياة كامل، فكان حرياً بنا تطبيق هذا المنهاج، في سائر الحياة.

    النهاية

    أخي المسلم وبمشيئة الله عزوجل وبعد أن يتم الله عليك نعمته، فيجعل رسالته علي لسانك ترددها ليلاً ونهاراً، فتنير قلبك، ويفقه عقلك، فتعرف ربك، وتتحرك جوارحك لتطبيق أمرالله بحب، عندها ستصبح سائراً بين الناس بنور من الله.
    فالقران الكريم هو رسالة المرسل الله رب العالمين، أرسلها إلينا بواسطة رسوله الكريم محمد الأمين عليه افضل الصلاة والتسليم، فكان لزاماً علينا أن نقرأها ونتدبرها، كي نعي مافيها، فتنير لنا الطريق إلي الله، لا أن نهجرها، فنتخبط في ظلمات الجهل والوهم.
    ولقد جعل الله تعالي القرآن الكريم مهيئَاً ومسهلاً، لمن أراد قراءته، وحفظه، وفهمه، والأتعاظ به، فهو رأس سعادة الدنيا والآخرة.
    قال تعالي الله الملك الحق :(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)القمر
    أي لقد سهلنا القرآن للقراءة والحفظ والتدبر والإتعاظ، لما أشتمل عليه من أنواع المواعظ والعبر، فهل من متعظ بمواعظه، معتبر بقصصه وزواجره؟
    قال الخازن: وفيه الحث علي تعليم القرآن، والأشتغال به، لأنه قد يسره الله تعالي، وسهله علي من يشاء من عباده، بحيث يسهل حفظه للصغير والكبير، والعربي والعجمي.
    قال سعيد بن جبير: يسرناه للحفظ والقراءة، وليس شيء من كتب الله تعالي، يقرأ كله ظاهراً إلا القرآن الكريم.

    نسأل الله الكريم رب العرش العظيم المنان القادر علي مايشاء، أن يخلصنا مما يسخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من قراءة وحفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطراف النهار، علي الوجه الذي يحبه ويرضاه إنه كريم وهاب.
    اللهم أرحمنا بالقرآن وأجعله لنا إماماً ونوراً وهدي ورحمة، اللهم ذكرنا منه مانسينا، وعلمنا منه ماجهلنا، وأرزقنا تلاوته أناء الليل وأطراف النهار، وأجعله حجة لنا، ولا تجعله حجة علينا، برحمتك يا أرحم الراحمين .... آمين يارب العالمين.
    وصلي اللهم وسلم وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما صليت وباركت علي إبراهيم وعلي آل أبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
    الحمد لله رب العالمين...

    علي كل مسلم غيور علي دينه، أن يساهم في طبعه، بأي لغة كانت لغته، فالخط يبقي زماناً بعد كاتبه، وكاتب الخط، تحت الأرض مدفون.

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-07-2014, 01:03 AM. سبب آخر: التنسيق

  • #2
    رد: كتاب اقرأ

    جزاكم الله خيراً

    ___________________________

    اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
    â—ڈâ—ڈâ—ڈâ—ڈâ—ڈ
    أســـــألــكم الدعـــــــــاء
    لأبي بالشفاء العاجل ولعمي وزوجة خالي بالرحمة والمغفرة

    تعليق

    يعمل...
    X