من خصائص القرآن ؛ أنه لا يلامس شغاف الجنان ، و لا يحدث تأثيرا في
الوجدان ، إلا إذا كان وعاء القلب مشحونا بذرات الإيمان ، و لهذا كان الصحابة
رضي الله عنهم يتعلمون الإيمان قبل القرآن ، فكانوا كلما غاصوا في أعماقه ، و
سبروا أغواره ؛ اقتطفوا من ثماره العجيبة التي تعالج النفس التعيسة ، بيد أن
مرضى القلوب الذين لا يستحضرون هذا الإيمان عن طريق المجاهدة ، سيظلون
محرومين من ريح جنانه ، و لذات ثماره ، مهما استغرقوا في مدارسته ، و
اعتكفوا على استخراج علومه و أحكامه ، حتى يعيشوا في أجوائه ، و يتفاعلوا
بأحكامه .. عندها ، و عندها فقط يفتح لهم أسراره ، و إن شئت أن تتأكد من ذلك
فافتح بصيرتك لقول عالم الأسرار :
{ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿١٢٤﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿١٢٥﴾ }
[ التوبة ]
فلاحظ كيف أن هاتين الآيتين أحدثتا تأثيرا عكسيا في القلوب المريضة بدلا
من أن تحدث في حقهم زيادة إيمان كما هو الشأن في حق المؤمنين !!!
في أمان الله
تعليق