إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سورة الجن.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سورة الجن.





    فى سورة الجن إشارات إلى طبيعة العقيدة عند النصارى، وكيف جعلوا المسيح ابنا لله وإلها معه! لقد انتشرت هذه القالة فى أقطار الأرض، وولدت عليها أجيال، حتى جاء القرآن فنفاها بشدة مؤكدا أن الله واحد ليس له أولاد..! وكانت العقيدة النصرانية قد بلغت الجن فاعتنقوها، ثم عرفوا فى تطوافهم بالأرض ما يناقضها "
    قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا " . وشرع الجن يفصلون ما تابوا عنه وعرفوا خطأه. إنه ما يسوغ أن تكون لله صاحبة ولا أن ينسل منها ابنا "وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا " . وذكروا أن الذى بلغهم ذلك موغل فى الوهم " وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا " . ثم اعتذروا عن غفلتهم فى قبول هذه الشائعة بأنهم ما تصوروا أن يكذب أحد على الله " وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا " ! ولكن رجالا من الإنس استمعوا إلى هذا اللغو ونشروه فى الأرض وضللوا به جماهير غفيرة "وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً " . وقد حسب الجميع أن أبواب السماء غلقت فلن ينزل ملك يوحى، ولن يحمل بشر رسالة أخرى تعود بالإيمان إلى أصله الصحيح، وتؤكد ما بلغه المرسلون الأولون من وحدانية الله وسيطرته المطلقة على الملكوت كله. لكن الله بعث نبيه الخاتم من العرب فطوفت رسالته بالمشارق والمغارب، معلنة أن الله لا ولد له ولا والد. إن هذه الرسالة كانت مفاجأة للمخطئين " وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا " . والواقع أن الخطأ إذا سلحته الدولة بعنفوانها، وأقامت له أبراجا تدرسه وتحميه، ترك ظلاله فى النفوس واستقرت أوضاعه قرونا. وقد نشر الاستعمار الرومانى عقيدة التثليث، واستطاع بالرغبة والرهبة أن يوطئ لها الأكناف. ولولا أن محمدا درع الحق الذى بعث به وفداه بالنفس والمال. لجعله الرومان فى خبر كان.
    ص _483
    ومن أين كان يعلم الجن أن الله واحد لا ولد له ولا والد. لولا الدعاة الذين حملوا الكتاب هنا وهناك، وقرعوا به الآذان؟ لقد شعرت الجن أن تغيرا ما يحدث فى الكون، وأن الوحى النازل يحيط به حرس شديد حتى لا ينقص منه شىء "
    وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا " . والغريب أن الحراسة التى صاحبت نزول القرآن من السماء لم تتركه وهو يسير فى الأرض، فتحولت حفظا صانه حرفا حرفا ونغمة نغمة. وقد آمن الجن بالإسلام عن تصديق واقتناع " وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا " . ويظهر أن أعدادا من الجن رفضت الانقياد للحق وعالنت بتمردها عليه! وليس فى ذلك ما يدهش، أليس ذلك صنيع بنى آدم ؟ " وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ". وقد سألنى أحد الناس: أتعرف أحدا من الجن؟ فعرفت غرضه، وقلت: ما رأيت منهم أحدا. فقال: كيف تصدق بما لم تره؟ فقلت: ليس كل موجود يرى. إن الجراثيم لضالتها لا ترى، والكواكب لبعدها لا ترى، والقرآن يقرر ذلك عن الجن عندما يقول " إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ " . ويستحيل أن الكون الذى تقاس أبعاده بالسنين الضوئية لا يكون به إلا البشر. وقد قلت فى كتاب لى: إن الذى يبنى قصرا من ألف طابق، لا يسكن الطابق الأرضى وحده ويدع الباقى تصفر فيه الرياح، فلم خلقه؟ إننى أومن بالله الذى خلق الإنس والجن والملائكة " وما يعلم جنود ربك إلا هو". وتقرر السورة هنا حقيقة جديرة بالتأمل. إن معرفة الله لا تكفى، لابد من أداء حقوقه على السراء والضراء. إن بعض الناس ينتمون إلى الله ويتمتعون بنعمته، ولكنهم يشغلون بها عنه ويحيون لأنفسهم وحدها. وقد رأيت جماهير من هذا الصنف. بل إن انتشار الكفر فى الأرض يعود لمسالك أقوام
    ص _484
    عليهم الوحى، فلم يتجردوا له ويقوموا بحقه! فى هؤلاء يقول الله "
    وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا" .. ومن الإعراض المذموم أن تنشغل بما آتاك الله عما يجب عليك نحوه. وخواتيم هذه السورة تشهد لصاحب الرسالة بالبلاغ والتجرد " قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا *قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا *قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا " . فى الدنيا الآن نفر من رجال الدين يزعمون أنهم يملكون المغفرة للمخطئين، وأن مفاتيح دار الخلد بأيديهم!! وهذه المزاعم هى الثمرة الوحيدة للجهل بالله وسوء العلاقة معه، أما محمد خاتم النبيين فله شأن آخر " قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا * عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا " . إنه عبد لله الواحد، يجاهد الشرك والخرافة وينطلق بعقيدة التوحيد ليملأ بها أرجاء العالم، وقد قسم أتباعه الليل والنهار فلا تمر برهة على خطوط الطول والعرض إلا وصائح فى الشرق والغرب يهتف: الله أكبر الله أكبر... لا إله إلا الله.
    ص _485
    مأخوذ من كتاب نحْوَ تفسير مَوْضوعيّ.
    الشيخ محمد الغزالي.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 02-04-2013, 11:29 PM. سبب آخر: تشكيل الآيات


  • #2
    رد: سورة الجن.

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله خيراً ونفع بك
    جعل الله هذا العمل فى ميزان حسناتك
    رحمك الله يا أمي
    ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
    وظني بكـَ لايخيبُ

    تعليق


    • #3
      رد: سورة الجن.

      أشكرك أخي الكريم ابراهيم السلفى على مرورك الراقي والرائع.

      تعليق

      يعمل...
      X