ماذا أقول لأمِّي
سالمٌ يُحِبُّ كثيرًا تلك الْحَلْوَى التي تصنعُها لهم أمُّه بيديها، وبين الحِينِ والآخَرِ يطلب سالم من أمِّه الحبيبة أنْ تُجَهِّزَ لهم نوعاً جديدًا من الحلوى.
وذاتَ مساءٍ اشتاق سالم كعادتِه لتذوُّق الحلوَى المنزليَّة فطلب من أمِّه أنْ تُجَهِّزَ لهم بعضَ الحلوى، وهنا طلبتِ الأمُّ من صغيرِها سالم الذَّهاب للمتجر لشراء بعض البيض لتُعِدَّ لهم بعض الحلوى.
خرج سالم مسرعاً لشراء البيض، وفي الطَّريق قابله جارُه سعيد، سأله سعيد عن وِجْهَتِه فأخبره سالم أنَّه مُتَّجِهٌ للمتجر لشراءِ بعض البيض، وهنا أخبره سعيد أنَّه مُتَّجِهٌ لنفسِ المتجر لشراء بعض حاجياتِ دَارِهِمْ.
سَارَا معاً حتَّى وَصَلا للمتجر واشترى كلٌّ منهما حاجتَه، دَفَعَ كلٌّ منهما حسابَ ما اشتراه لصاحب المتجر ثمَّ سَارَا معا في رحلة العودة، وفِي أثناء سيرِهما لم ينتبِهْ سالم لتلك الحفرةِ الصَّغيرة في الطريق فتعثَّرَتْ قدماه وسقط أرضاً وتكسَّر البيضُ كلُّه.
أخذ سالم ينفض ثيابه وهو يبكي بشِدَّةٍ بينما سعيد يحاول أن يُهَدِّئَهُ دون فائدة، سالم يبكي بحُرْقَةٍ لأنَّه لم ينتبهْ للطَّريق جَيِّدًا فتسبَّب في كسر البيض.. ماذا سيقول لأمِّه التي ائْتَمَنَتْهُ على الذَّهاب لشراء البيض، ستغضب منه كثيرًا ورُبَّما ستُعاقبه، ماذا سيقول لها كي تغفرَ له وتُسَامِحَه.
ارتسمتْ علاماتُ التَّفكير على وجه سعيد قبل أن يقولَ: سأُخبرك بفكرة ٍرائعةٍ لتنجوَ من العقاب.. أخبِرْ أمَّك أنَّ النُّقودَ سقطتْ منك وأنَّك بحثْتَ عنها فلم تَجِدْهَا.
لم يتقبَّلْ سالم تلك الفكرة مطلقاً، هل يكذب لينجوَ من عقابِ أمِّه، وماذا عن عقابِ الله، ولكن سعيد أخذ يُزَيِّن له الفكرة ويُخبره أنَّها كِذْبَةٌ بيضاءُ لا تضرُّ.
افترق الصديقان واتَّجه كلٌّ منهما لدارِه وما أن وصل سالم للدَّار وطرق الباب حتى فتحتْ أمُّه، تأمَّلتْه الأمُّ قليلاً مندهشةً من ثيابه المُتَّسِخة، سألتْه عن البيض.. تردَّد قليلاً.. ماذا سيقول لها.. هل يُنفِّذ خطَّة سعيد ويكذب.. أم يُخبرها بالحقيقة، وفجأةً ارتمَى سالم في حِضن أمِّه ومن بين دموعه المُنهمرة أخذ يُخبرها بكلِّ ما حدث، وهنا احتضنتْه أمُّه بشدَّةٍ وهي تقول في حنانٍ: حمدًا لله أنَّك لم تكذبْ.. وحمدًا لله على سلامتِك يا صغيري.. سأُعطيك نقودًا أخرى لتذهبَ لشراءِ البيض وسأُعِدُّ لكَ الحلوى التي تُحِبُّها.
تعليق