هل رأيتم ذلك العقدالجميل الذي تزينت به عروس في ليلة زفافها أو امرأة بين صويحباتها، أو فتاة تزهوبين أترابها، إن تلك السلاسل الذهبية قيود مرنة جميلة، أحاطت برقاب تلك النسوةفزادتهن جمالاً وبهاءً، يحظين بسببها بإعجاب الجميع ويفخرن بها بين صويحباتهن، مارأيكم لو زعم زاعم، أنه لا بد من تقطيع تلك السلاسل ورميها بحجة أنها نوع من القيودالتي تعوق الحرية التامة، متجاهلاً كل ما فيها من زينة وجمال وقيمة غالية لذلكالمعدن النفيس الذي صنعت منه تلك العقود ؟
لاشك أننا سنجب من هذا المنطق فيالتفكير، وسنصف قائله بقلة الفهم وعدم إدراك الأمور.
إن هذا المثال الذيذكرته لك - عزيزي القارئ - ينطبق على دعاة تحرير المرأة في بلاد الإسلام الذينيصفون ما خصها الله به من الشريعة والعفاف بالقيود والأغلال، فحجاب المرأة عندهمليس فيه إلا مجرد الضيق وكتمان الأنفاس، وقوامة الرجل على المرأة ليس فيها إلاالتسلط ومصادرة الرأي وفرض الشخصية، والتعدد ليس فيه إلا القهر والحرمان والظلموالطغيان ...وهكذا في كل أمر حصرت صدورهم عن قبوله والتسليم به.
إن هذاالمنطق يصدق عليه مسمى (أعور البصيرة) إن صح التعبير، والعجيب أن هؤلاء المتمردينعلى قيود الشريعة يذعنون لقيود البشر وأغلالهم، التي تدعو إليها سلامة المجتمع وصحةالحياة .
فالتطعيم مثلاً والحجر الصحي أمران مقبولان لدى جميع العقلاء لمافيهما من منافع وفوائد كثيرة تطغى على ما يشتملان عليه من نوع إيذاء جسدي ونسبةتقييد للحرية، فُيغتفر قليل المفاسد في كثير المصالح.
ولا شك أن فيروسالتبرج وداء الانفلات من القيم والدين أشد فتكاً وأعظم ضرراً من فيروسات الأمراضالجسدية، بل إنها أساس الأمراض العصرية الفتاكة، وها هي المجتمعات المتحررة تئن منوطأة مرض الإيدز الذي يحق لنا أن نسميه (مرض الحرية).
إن الشرع المطهر قدزان المرأة بعقد جميل لا يكمل حُسنه وجماله إلا باجتماع حباته ولآلئه . فالحجابأحدها، وعدم الخلوة بأجنبي ثانيها، وعدم السفر بلا محرم ثالثها ... وهكذا تتسقالجواهر في نظام فريد، لا يزين المرأة فحسب بل يكفل لها سعادتها وسعادة المجتمعبها.
أما ما يدعيه هذا الأعور من الحرية فإنه إلى الفوضى والانفلات أقرب. فليس من مفهوم الحرية أن نتملص من قيود العقل والأخلاق الكريمة فإن الفطرة السليمةتأبى رق الشهوات الذي يدعو إليه هؤلاء، ورحم الله هند بنت عتبة (رضي الله عنها) حينبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يزنينفقالت : "أو تزني الحرّة؟" هذا مع كونها حديثة عهد بالإسلام، حيث جعلت الحريةأساساً للفضائل والبعد عن الرذائل، وتعجبت رضي الله عنها من حرة أعتقها الله من رقالجسد لتقع في رق الشهوة، فما حالها لو رأت من يسمى الزنا حرية، ومن يمارس الشذوذباسم الحرية، ومن ينحط إلى أدنى دركات الحيوانية باسم الحرية أيضاً .
ففيإحدى المدن الكندية خرج ما يقارب الخمسة آلاف امرأة عاريات الصدور في مظاهرة نسائيةللمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الحرية، حيث يسمح القانون للرجل بأن يمشيبالبنطال فقط بينما يمنع المرأة من ذلك، وقد نجحت هؤلاء النسوة فيما أردن تحت شعارالمساواة في الحرية، وقد سمعت بنفسي أحد القسيسين هناك وهو يندب حال مجتمعاتهمالدينية والأخلاقية ويصف هذا التفلّت الاجتماعي بقوله (إنها لعنة الحرية) .
فما رأيكم في ذلك العقد الذهبي الذي هو أوامر الشرع والفضيلة؟
أليسجميلاً إلا في عين ذلك الأعور…؟!؟!
أسأل الله الإخلاص فى هذا العمل وأن ينفع به
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
تعليق