Tweet
الحق سبحانه وتعالى يقول ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ) "من الآية 3 من سورة يونس"
وتدبير الامر هو ترتيب وجوده ترتيبا يجعل كل شئ موجودا فى مكانه بحكمة والله سبحانه وتعالى له صفة علم وله صفة إرادة وله صفة قدرة وصفة العلم هى التى تضع كل شئ فى مكانه بحكمة وصفة الإدارة هى التى تجعل كل شئ ممكنا – وصفة القدرة هى التى تبرز المارد لله إذن فهناك علم وهناك قدرة تبرز المارد على وفق العلم .
والله سبحانه وتعالى يدبر الأمر وهذا أمر منطقى لماذا ؟
لأنه هو الذى خلق السماوات والأرض واستوت له الأمور بحيث لم يعد هناك خلق جديد إلا ما يبرزه الله جل جلاله لنا بكلمة "كن" وما دام الله سبحانه وتعالى هو خالق السماوات والأرض وخالق الإنسان فلابد أن يدبر للإنسان أمور ماديات حياته وقيم حياته الماديات فى أن يسخر الله سبحانه وتعالى كل ما فى الكون لخدمة الإنسان فالسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والماء والهواء ومافى الأرض من عناصر توجد للإنسان ما يحتاج له فى حياته خلقها الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق الإنسان وهكذا كانت كل أمور ماديات الحياة موجودة قبل أن يخلق الإنسان والإنسان سيد هذا الكون طرأ على كل هذه الأمور أى جاء وكل ماديات الحياة التى تخدمه موجودة فى الكون قبل أن يأتى
ولكن الحق سبحانه وتعالى الذى دبر الأمور المادية لحياة الإنسان لم يكن ليترك قيمة بدون تدبير ولذلك أرسل الرسل ليدل الإنسان على قيمه الروحية فلا تقل لماذا أرسل الله رسولا بشرا؟ ولا لماذا جعل محمدا عليه الصلاة والسلام خاتم المرسلين لأن هذه من ضمن تدبير الأمر والله سبحانه وتعالى هو الذى خلق ولا أحد يستطيع أن يجادل فى ذلك ولا يدعى أنه خلق الكون أو خلق الإنسان.
وحركة الإنسان فى الكون وتنظيم الوجود بين الإنسان والكون كان لابد أن يكون له منهج فالمنهج فى افعل ولا تفعل أمور قال الله سبحانه وتعالى فيها افعل وأمور من المباحات لم يقل الله جل جلاله فيها افعل ولا تفعل وإذنا استعرضت الأحداث فى الكون تجد أن الأمور التى قال الله فيها افعل قليلة؟. والأمور التى قال فيها لا تفعل قليلة والكثير هو الذى تركه الله سبحانه وتعالى للإنسان يفعله أو لا يفعله حسب إرداته ومادام الله سبحانه وتعالى ترك الكثير مباحا فخذ القيم عن الله لماذا ؟
لأنك لو تدبرت فى الكون لوجدت أن الكون المادى المخلوق من الله فى غاية الدقة والنظام فما تأخرت الشمس منذ ملايين السنين عن موعد شروقها ثانية ولا تقدمت ثانية ولا امتنعت أن تعطى ضوءها وحرارتها ونورها للكون وما امتنعت السماء عن أن ترسل الأمطار وما امتنعت الأرض عند أن تتفاعل مع أى حب يغرس فيها لتعطى الثمر والطعام كل شئ داخل فى نطاق القدرة يؤدى وظيفته بإحكام تام لاخلل فيها فإذا نظرت إلى الأشياء التى تدخل فى قدرة الإنسان وإرادته والتى له فيها عمل ولاختيار تجد الفساد من أين جاء الفساد ؟.
من أن اختيارنا تم على غير منهج الله ولو كان إختيارنا وفق منهج الله لاستقامت الأمور لنا كما استقامت قوانين الكون العليا التى ليست لنا فيها إرادة ولا فعل فإذا رأينا فسادا فى الكون فيجب أن نلوم أنفسنا لماذا؟ لأن الأمور الخارجة عن نطاق اختيارنا على غاية ما يكون من الدقة فإذا أردنا أن تمتد هذه الدقة إلى كل أمور الحياة فلنأخذ منهج حياتنا عن قيم الله ومنهجه ولا نفسد الأمر بإذن نختار البدائل على غير مراد الله الشرعى فى كونه ولذلك فإن رأيت عيبا فى الوجود فاعلم أن حدا من حدود الله قد عطل.
كتبه الشيخ الشعراوى رحمه الله
تعليق