علم القراءات ، جمع قراءة بمعنى وجه مقروء به .
استمداده : من النقول الصحيحة والمتواترة عن علماء القراءات الموصولة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حكم الشارع فيه : الوجوب الكفائي تعلما وتعليما .
مسائله : قواعده الكلية كقولهم : كل ألف منقلبة عن ياء يميلها حمزة والكسائي وخلف ، ويقللها ورش بخلف عنه - وكل راء مفتوحة أو مضمومة وقعت بعد كسرة أصلية أو ياء ساكنة يرققها ورش ، وهكذا .
الأحرف التى نزل بها القرآن
نزل القرأن الكريم على سبعة أحرف , والأحرف ليست فى الكتابة فقط بل فى النطق والمعنى والتشكيل وعلامات الوقف والأيجاز , وكما نعلم جميعا أن لكنات ولهجات العرب الذين أنزل عليهم القرأن كانت لكناتهم مختلفة وقد يختلفوا فى نطق الكلمة الواحدة مثلا كلمة ( الناس) تنطق بفتح الألف فى لهجة معينة وتنطق بكسر الألف فى لهجة أخرى , وقد جمع القرأن على تشكيل واحد الصحابى الجليل وأمير المؤمنين ( عثمان بن عفان ذو النورين وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم )
وهناك سبع قراءات ثابتة وثلاث قراءات مكملة للسبع فيكتمل عقد العشر قراءات , وكل هذه القراءات ونطقها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقلها الصحابة ثم التابعون فالتابعين وهكذا ,فهيا بنا نعرف من هم هؤلاء القراء.
معنى كلمة القراءات العشر
القراءات العشر ! .
القرآن الكريم لا شك أنه نزل بلسان العرب ..
قال الله تعالى : { نَزَلَ بهِ الْرُّوحُ الْأمِيْنُ * عَلَى قَلْبكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * بلِسَانٍ عَرَبيٍّ مَبيْنٌ }
فالقران العظيم كتاب باللسان العربي و باللغة العربية .. والعرب في عصر نزول القرآن الكريم كانوا كما هم الحال الآن من قبائل شتى بينهم اتفاق كبير في كثير من الكلمات .. ولكن هناك بينهم اختلاف ضئيل في بعض الظواهر اللفظية التي تتميز بها كل قبيلة عن الأخرى : لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول " أُنْزِلَ القرآنُ من سبعةِ أبوابٍ ، على سبعةِ أحرفٍ ، كلُّها شافٍ كافٍ"صححه الألباني
.. فكان كل واحد من الصحابة يعلّم من بعده كما تعلّم وهكذا ثم وفي عصر تابع التابعين تقريباً .. ظهر رجال تفرّغوا للقراءة ولنقلها ولضبطها وجلسوا بعد ذلك للتعليم .. فاشتُهرت القراءة التي كانوا يَقرأون ويُقرئون بها الناس .. فصار الواحد يقول لرفيقه : بقراءة من تقرأ ؟ ..
فيقول أخوه بقراءة نافع - مثلاً - .. ويقول الآخر : بقراءة من تقرأ ؟
يقول : أقرأ بقراءة ابن كثير ..
ليس معنى هذا أنّ نافعًا او ابن كثير أو غيرهما من القرّاء ابتدعوا او اخترعوا هذه القراءة من عند أنفسهم .. و إنّما لمّا لزموها لزموا تلك الكيفية المعيّنة المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فصارت تلك الكيفية تُنسب الى ذلك القارىء .. تمامًا كما يقول الواحد إنني شافعي المذهب أو إنني حنبلي المذهب ليس معنى هذا أنّ تلك الأحكام التي على مذهب ابن حنيفة أو الإمام مالك أو غيرهما هي من عند أنفسهم .. وإنما على طرائق لزمها الإمام واستنبط من خلالها الأحكام الشرعية .. فصارت تُنسب إليه وإلا فكل واحد من متبع الأئمة رضي الله تعالى عنهم هو آخذ من الكتاب والسنة ..
كذلك القراء الذين تصدّوا للتعلّم والتعليم فصارت القراءة تُنسب إليهم لأنهم لزموها .. لا لأنهم اخترعوها .. نقلوها نقلاً محضاً وليس لهم فيها أدنى تغيير أو زيادة ولا فتحة ولا ضمة ولا كسرة القرّاء كانوا كثر جدًا لكن القرّاء هم كالفقهاء تمامًا ..
والفقهاء في العصور الأولى كانوا كثر جدًا لكن الأئمة الأربعة تَهَيّأ لهم تلاميذ لزموهم ونقلوا مذاهبهم الفقهية .. فبقيت مذاهبهم وانتشرت واندرست .. و كذلك القرّاء .. و ظهر عشرة من أئمة القراءة سنتعرف عليهم بمشيئة الله تعالى
" هؤلاء العشرة هم الأئمة الذين إذا قيل " القراءات العشر يعني القراءات التي نقلها هؤلاء العشرة " .. قد يسأل سائل : هل هذه القراءات العشر كلها الآن يقرأ بها المسلمون في أسقاع المعمورة ؟ .
الجواب لا .. فأغلب هذه القراءات يعرفها أهل القراءات وعلماءها الذين تلقوها وعددهم كافٍ للتواتر في العالم الإسلامي .. لكن العامّة من المسلمين الملايين المنتشرة من المسلمين في أغلب دول العالم الإسلامي يقرأون بالرواية التي رواها " الإمام حفص عن الإمام عاصم " بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي بلاد المغرب العربي يقرأون بقراءة " الإمام نافع " ..
إمام أهل المدينة " سواء من الرواية التي رواها عنه الإمام قالون أو من الرواية التي رواها عنه الإمام ورش" ..
وفي السودان وفي حضرموت يقرأون بالرواية التي رواها " الإمام حفص الدوري غير حفص الذي يروي عن عاصم .. الإمام الدوري يروي عن الإمام أبي عمرو البصري
تقسيم مراحل تطور علم القراءات
يمكن تقسيم مراحل تطور علم القراءات إلى خمس مراحل :
المرحلة الأولى : القراءات في زمن النبوة ، وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
- مصدر القراءات هو جبريل عليه السلام.
- المعلم الأول للصحابة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو المرجع لهم فيما اختلفوا فيه من أوجه القراءة.
- قيام بعض الصحابة بمهمة التعليم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما بأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بإقرار منه.
- ظهور طائفة من الصحابة تخصصت بالقراءة ومنهم سبعين قارئا قتلوا في بئر معونة.
المرحلة الثانية : القراءات في زمن الصحابة رضي الله عنهم ، وتبدأ هذه المرحلة من وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحتى نهاية النصف الأول من القرن الهجري الأول تقريبا، وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
- تتلمذ بعض الصحابة والتابعين على أئمة القراءة من الصحابة.
- بدأت تظهر أوجه القراءة المختلفة، وصارت تنقل بالرواية
- تعيين الخليفة عثمان قارئا لكل مصر معه نسخة من المصاحف التي نسخها عثمان ومن معه
المرحلة الثالثة : القراءات في زمن التابعين وتابعي التابعين، وتمتد هذه المرحلة من بداية النصف الثاني من القرن الأول، وحتى بداية عصر التدوين للعلوم الإسلامية وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
- إقبال جماعة من كل مصر على تلقي القرآن من هؤلاء القراء الذين تلقوه بالسند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوافق قراءتهم رسم المصحف العثماني.
- تفرغ قوم للقراءة والأخذ واعتنوا بضبط القراءة حتى صاروا أئمة يقتدى بهم في القراءة، وأجمع أهل بلدهم على تلقي القراءة منهم بالقبول، ولتصديهم للقراءة وملازمتهم لها وإتقانهم نسبت القراءة إليهم وتميز منهم :
* في المدينة : أبو جعفر زيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونافع بن أبي نعيم
* وفي مكة : عبد الله بن كثير وحميد الأعرج ومحمد ابن محيصن
* وفي الكوفة : يحيى بن وثاب وعاصم بن أبي النجود وسليمان الأعمش وحمزة الزيات وعلي الكسائي
* وفي البصرة : عبد الله بن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وأبو عمرو بن العلاء ( وعاصم الجحدري ويعقوب الحضرمي
* وفي الشام: عبد الله بن عامروعطية بن قيس الكلابي ويحيى بن الحارث الذماري .
المرحلة الرابعة: مرحلة التدوين، وقد اختلف في أول من دون القراءات، فقيل هو الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام وقيل أبو حاتم السجستاني وهو رأي ابن الجزري ، وقيل يحيى بن يعمر وفي هذه المرحلة تم تسبيع السبعة والاقتصار عليهم، وأول من قام بذلك الإمام أبو بكر أمحمد بن موسى بن مجاهد
(كان لشهرته العلمية أثر كبير في اشتهار القراءات السبع التي اختارها، ومن بعد عمله انتهت قراءات من سواهم فلم تعرف ، ولم تذكر وصار الذين يُعرفون بالقراءة وتروى قراءاتهم بعد ابن مجاهد سبعة قراء، وسبب اختياره للسبعة رغبته في موافقة عدد المصاحف التي نشرها عثمان في الأمصار ، أو موافقة عدد الأحرف السبعة ، ولهذا تمنى بعض العلماء لو أن ابن مجاهد زاد واحدة أو نقص واحدة حتى لا يختلط الأمر على الأمة فتظن أن القراءات السبع هي الأحرف السبع .
ثم توالي التأليف في القراءات السبع، فألف مكي ابن أبي طالب القيسي كتابيه التبصرة والكشف، وألف أبو عمرو الداني التيسير في القراءات السبع وجامع البيان ونظم الإمام الشاطبي التيسير في حرز الأماني ووجه التهاني(الشاطبية).
ثم جاءت مرحلة إفراد القراءات في مؤلفات خاصة بها ، أو جمع أقل من السبعة أو أكثر من السبعة لدفع ما علق في أذهان الكثيرين من أن القراءات السبعة هي الأحرف السبعة، وتوج ذلك وختم بكتاب ابن الجزري النشر في القراءات العشر ومنظومته طيبة النشر في القراءات العشر.
المرحلة الخامسة : المرحلة المعاصرة وفيها انتشرت الروايات، فرواية حفص عن عاصم تنتشر في معظم الدول الإسلامية لا سيما في المشرق، ورواية قالون في ليبيا تونس وأجزاء من الجزائر، ورواية ورش في الجزائر والمغرب وموريتانيا ومعظم الدول الإفريقية، ورواية الدوري عن أبي عمرو في السودان والصومالوحضرموت في اليمن.
يتبع
تعليق