Tweet
اخوانى اخواتنا اسعد الله اوقاتكم ودمتم بخير
نكمل مع بعض درس الامس وقد توقفنا عند قول الحق سبحانه وتعالى
{ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ }
[يوسف: 33]
والصَّبْوة هي حديث النفس بالشيء
وهو ما يثبت قدرة يوسف عليه السلام على الفعل وحماه الله من الصبوة
لأن الحق سبحانه قد قال {فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ}
وانظر إلى لقطة النسوة اللاتي تهامسْنَ بالنميمة عن امرأة العزيز وحكايتها مع يوسف
ألم يَقُلْنَ {مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ}
فحين دخل عليهن اتجهت العيون له
وللعيون لغات؛ وللانفعال لغات
وإلا لماذا قال يوسف {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ}
هكذا نعلم أنه قد حدثت مُقدِّمات تدل على أن النسوة نَويْنَ له مثل ما نَوَتْه امرأة العزيز
وظَننَّ أن امرأة العزيز سوف تطرده؛ فيتلقفنه هُنَّ
وهذا دَأب البيوت الفاسدة
وهل هناك أفسد من بيت العزيز نفسه
بعد أن حكم الشاهد أنها هي التي راودتْ يوسف عن نفسه فيدمدم العزيز على الحكاية ويقول
{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ }
وكان هدف العزيز أن يحفظ مكانته من القيل والقال
وحين سأل الشاهد النسوة بماذا أَجبْنَ
يقول الحق سبحانه أن النسوة {قُلْنَ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ}
وقد صرف الله عنه الشيطان الذي يتكفل دائماً بالغُواية
وهو لا يدخل أبداً في معركة مع الله؛ ولكنه يدخل مع خَلْق الله لأن الحق سبحانه يورد على لسانه
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ}
فالشيطان نفسه يُقِرُّ أن مَنْ يستخلصه الله لنفسه من العباد إنما يعجز هو كشيطان عَن غوايته ولا يجرؤ على الاقتراب منه
والشاهد الذي من أهل امرأة العزيز واستدعاه العزيز ليتعرف على الحقيقة قال
{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ}
وبعد كل هذه الأدلة فليس من حَقِّ أحد أن يتساءل
هل هَمَّ يوسف بامرأة العزيز أم لم يَهِمّ؟
وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها
يقول الحق سبحانه {لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}
والبرهان هو الحجة على الحكم
والحق سبحانه هو القائل
{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }
وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه
{رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ}
أي لا بُدَّ أن يبعث الحقُّ رسولاً للناس مُؤيداً بمعجزة تجعلهم يُصدِّقون المنهج الذي يسيرون عليه
كي يعيشوا حياتهم بانسجام إيماني، ولا يعذبهم الله في الآخرة
ويُذيِّل الحق سبحانه الآية بقوله
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ}
والفحشاء هي الزنا والإتيان؛ والسوء هي فكرة الهَمِّ
ويقرر الحق سبحانه أن يوسف عليه السلام من عباده المُخْلصين وفي هذا رد على الشيطان
لأن الشيطان قال إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ
وقوله الحق هنا إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ
يؤكد إقرار الشيطان أنه لن يَقْرب عباد الله المخلصين
وهناك " مُخْلِصِين ". و " مُخْلَصِين "
والمخلِص هو مَنْ جاهد فكسب طاعة الله
اماالمُخْلَص هو مَنْ كسَب فجاهد وأَخلصه الله لنفسه.
وهناك أُناس يَصِلُون بطاعة الله إلى كرامة الله
وهناك أُناس يكرمهم الله فيطيعون الله
ولله المثل الأعلى مُنزَّه عن كل تشبيه
أنت قد يطرق بابك واحد يسألك من فضل الله عليك فتستضيفه وتُكرمه
ومرة أخرى قد تمشي في الشارع وتدعو واحداً لتعطيه من فضل الله عليك
أي أن هناك مَنْ يطلب فتأذن له
وهناك مَنْ تطلبه أنت لتعطيه
والى اللقاء فى درس قادم ان شاء الله
تعليق