إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محاضرة حوادث من التاريخ:للشيخ محمد المنجد // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محاضرة حوادث من التاريخ:للشيخ محمد المنجد // مفهرس

    محاضرة حوادث من التاريخ:للشيخ محمد المنجد
    أريد -أيها الأخوة- أن أستعرض معكم بعض الأحداث التي مرت بالأمة الإسلامية، ونرى فيها ماذا حدث في واقع المسلمين، وهل كانت هناك أحداث ضخام! وما مدى ضخامتها! وكيف تصرف المسلمون تجاهها! لأنني على يقين تام بأن دراسة التاريخ الإسلامي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لنا نحن الآن؛ لأننا نعيش في هذا القرن الخامس عشر الهجري، لأن كثيراً من الأحداث تتشابه، نعم. قد لا تتشابه بالأرقام والمواقع وأسماء الناس، لكن تتشابه في الظروف والأحوال والمواقف التي عبر بها الناس تجاه الفتنة والمحنة وهكذا لنَصل من خلال هذه الأحداث إلى عبرة ونعرف من خلالها: أولاً: نحن الآن نعيش في أحداث ضخمة لا شك، هل مرت بالمسلمين أحداث ضخمة؛ وربما تكون أضخم مما تمر بنا الآن؟ ثانياً: ما هو موقف المسلمين تجاه هذه الاحداث؟
    التتار واكتساحهم لبلاد المسلمين:
    ويمكن أن نعلم من الأحداث ما هي الأخطاء التي وقع فيها المسلمون، والتي يجب علينا أن نتجنبها الآن! عندما نقول: نتضرع إلى الله، كيف كانت إذا نزلت المصيبة بالمسلمين، وماذا كانوا يعملون؟ في فترة من تاريخ المسلمين، تقريباً من سنة 616 هـ إلى سنة 665هـ وما بعدها بقليل، هذه الفترة من التاريخ الإسلامي حفلت بأحداث رهيبة وعاصفة، كان فيها ثلاث أحداث مهمة: اكتساح التتار لبلاد المسلمين في الجهة الشرقية والوسطى، واكتساح النصارى لـمصر ، وشمال بلاد الشام ، وفلسطين ، وحدوث النار العظيمة التي خرجت بجانب المدينة المنورة ، هذه حدثت في وقتٍ واحد، أي: في فترة متقاربة جداً، وكان الوضع الإسلامي في ذلك الوقت في محنة عصيبة جداً من عدوان خارجي، ومن مصائب داخلية، ومن أنواع الغلاء والتفرق والتمزق والطوفانات التي حصلت، والخراب الذي وقع في بلدان المسلمين، فكانت فترة عصيبة جداً، نحن نريد أن نلقي الضوء على هذه الفترة من خلال ما سنقرؤه من بعض أحداث التاريخ التي حدثت في تلك الآونة. قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية : ثم دخلت سنة: (616هـ) وفيها عبرت التتار نهر جيحون بصحبة ملكهم جنكيز خان من بلادهم -أنا أختصر الكلام اختصاراً- فقصد التتار بخارى، وبها عشرون ألف مقاتل، فحاصرها جنكيز خان ثلاثة أيام، فطلب منها أهله الأمان فأمنهم، ودخلها فأحسن السيرة فيهم مكراً وخديعة، وامتنعت عليه القلعة فحاصرها واستعمل أهل البلد في دفن خندقها، وكان التتار يأتون بالمنابر والربعات فيطرحونها في الخندق، ففتحوها قسراً في عشرة أيام، فقتل من كان بها ثم عاد إلى البلد، فأخذ أموال تجارها، وأحلها لجنده، فقتلوا من أهلها خلقاً لا يعلمهم إلا الله عز وجل، وأسروا الذرية والنساء وفعلوا معهن الفواحش بحضرة أهلهن، فمن الناس من قاتل دون حريمه حتى قتل، ومنهم من أسر فعذب بأنواع العذاب، وكثر البكاء والضجيج في البلد من النساء والأطفال والرجال، ثم ألقت التتار النار في دور بخارى ومدارسها ومساجدها فاحترقت، حتى صارت بلاقع خاوية على عروشها، ثم كروا راجعين عنها قاصدين سمرقند ، ثم من الجهة الشرقية دخل الفرنج فاحتلوا مدينة دمياط وغدروا بأهلها وقتلوا رجالها وسبوا نساءها، فضج الناس وابتهلوا إلى الله. في فلسطين في المسجد الأقصى حصل اكتساحٌ أيضاً، خاف الناس من الفرنج أن يهجموا عليهم ليلاً أو نهاراً، وتركوا أموالهم وأثاثهم، وتمزقوا في البلاد كل ممزق؛ حتى قيل أنه يبيع القنطار الزيت بعشرة دراهم، والرطل النحاس بنصف درهم. سبحان الله! التاريخ أيها الأخوة فعلاً يتشابه، الآن مرت في الأحداث أن رجلاً باع سيارته من هؤلاء الهاربين من جحيم العذاب والظلم بدنانير زهيدة، وبيع الرطل من النحاس بنصف درهم- وضج الناس وابتهلوا إلى الله في المسجد الأقصى. ثم دخلت سنة (617هـ) وفي هذه السنة عم البلاء وعظم العزاء بـجنكيز خان ، ووصل إلى بلاد العراق وما حولها حتى انتهى إلى إربل وأعمالها، فملكوها في سنةٍ واحدة، وقتلوا في هذه السنة من طوائف المسلمين ما لا يحد ولا يوصف، وبالجملة فلم يدخلوا بلداً إلا قتلوا جميع من فيه من المقاتلة والرجال، وكثيراً من النساء والأطفال، وأتلفوا ما فيه بالنهب إن احتاجوا إليه، وبالحريق إن لم يحتاجوا إليه، حتى أنهم كانوا يجمعون الحرير الكثير الذي يعجزون عن حمله فيطلقون فيه النار وهم ينظرون إليه، ويخربون المنازل، وما عجزوا عن تخريبه يحرقوه، وأكثر ما يحرقون المساجد والجوامع، وكانوا يأخذون الأسارى من المسلمين، فيقاتلون بهم، ويحاصرون بهم، وإن لم ينصاعوا في القتال، إذا المسلم ما دل على الطريق قتلوه، وذكر ابن الأثير رحمه الله عن هذه الحادثة فقال: فلو قال قائلٌ إن العالم منذُ خلق الله آدم وإلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقاً. فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا يدانيها، ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعل بختنصر ببني إسرائيل من القتل والتخريب في بيت المقدس ، لكن هذا كان في مكان معين، أما التتار فقد اجتاحوا أماكن عديدة، في سنة واحدة ملكوا من الأملاك ما لم يملك أحد مثلهم في نفس المدة مطلقاً. وتأمل كيف يسلط الكفار على المسلمين، بنو إسرائيل كانوا مسلمين أهل كتاب مع موسى، فلما ابتعدوا عن الدين وانحرفوا سلط الله عليهم الكفار، بختنصر كافر فقتلهم وشردهم، والمسلمين الآن في هذا القرن الذي نتكلم عنه الآن كانوا مسلمين، لكن انحرفوا وفشت فيهم من أنواع المنكرات والفواحش أشياء كثيرة -وهذه موجودة في الكتب- فسلط الله عليهم التتار مع أن التتار كفار، لكن الله عز وجل إذا ابتعد عنه من يعرفه سلط عليه من لا يعرفه. قال ابن الأثير : ولعل الخلائق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج. وهؤلاء لم يبكوا على أحد، بل قتلوا الرجال والنساء والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون! ولا حول ولا قوة بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطار شررها، وعم ضررها، وسارت في البلاد كالسحاب إذا استدبرته الريح! فإن قوماً خرجوا من أطراف الصين -هؤلاء التتار- فقصدوا بلاد تركستان ، ثم ما وراء بلاد النهر مثل: سمرقند و بخارى ، فيملكونها ويفعلون بأهلها ما نذكره ثم تعبر طائفةٌٍ منهم -ليس كلهم- إلى خراسان فيفرغون منها ملكاً وتخريباً وقتلاً ونهباً، ثم يجاوزونها إلى الري وهمذان و بلاد الجبل وما فيها من حد العراق ، ثم يقصدون بلاد أذربيجان ، ويخربونها ويقتلون أكثر أهلها ولم ينجُ منهم إلا الشريد النادر -هذا كله في أقل من سنة- ثم قصدوا قزوين فنهبوها وقتلوا من أهلها نحو أربعين ألفاً. ثم ذهبوا إلى موقان فقاتلهم الكرج في عشرة آلاف فلم يقفوا بين أيديهم طرفة عين، فانهزم الكرج، وتالله لا أشك أن من يجئ بعدنا -هذا ابن الأثير - إذا بَعُد العهد ويرى هذه الحادثة مسطورة ينكرها ويستبعدها، وتترسوا بالأسارى من المسلمين في بلد جاءوا وعلى المسلمين امرأة فيقول ابن الأثير بين قوسين (ولن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة) حديث صحيح ، ففتحوا البلد بعد أيام وقتلوا أهله، ثم أنهم كانوا يقتلون في المسلمين لدرجة أن أحدهم يدخل إلى دربٍ من البلد وبه مائة رجل من المسلمين فلا يستطيع واحدٌ منهم أن يتقدم إليه، وما زال يقتلهم واحداً بعد واحد حتى قتل الجميع، ولم يرفع منهم أحد يده إليه، ونهب ذلك الدرب وحده، ودخلت امرأةٌ منهم في زي رجلٍ متنكرة، فقتلت كل من في ذلك البيت وحدها، ثم استشعر أسيرٌ معها أنها امرأة فقتلها. ثم ذهبوا إلى أذربيجان ففتحوا أردبيل ثم تبريز فقتلوا من أهلها خلقاً كثيراً وحرقوها، وكانوا يفجرون بالنساء ثم يقتلونهنّ ويشقون بطونهنّ عن الأجنة، ثم فتحوا بلداناً كثيرة يقتلون ويسبون ويأسرون، ويجعلون الأسرى تروساً يتقون بهم الرمي، ثم يرجعون إلى ملكهم جنكيز خان . وكذلك فإن هؤلاء قد تكامل شرهم حتى وصلوا إلى بغداد في سنة (665هـ) وفي بغداد لعب ابن العلقمي الخائن و نصير الدين الطوسي الدور الخياني في الاستيلاء على بغداد ، ودخل التتار بغداد وقتلوا جميع من قدروا عليه، هذا بعد أن قتل خليفة المسلمين، فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل كثيرٌ من الناس في الآبار وأماكن الحشوش والوسخ وكمنوا أياماً لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب، فيفتحها التتار إما بالكسر أو بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجرى الميازيب من الدماء في الأزقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب، ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوفٍ وجوع، وقد اختلف الناس في كمية من قتل بـبغداد من المسلمين في هذه الوقعة، فقيل: ثمانمائة ألف، وقيل: ألف ألف وثمانمائة ألف أي: مليون وثمانمائة ألف شخص، وقيل: بلغت القتلى ألفي ألف، أي: مليونين، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وأعمل السيف في أهل بغداد أربعين يوماً، وكان الرجل يُستدعى من دار الخلافة من بني العباس الخلفاء فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى المقبرة فيذبح كما تذبح الشاة، ويأسرون من يختارون من بناته وجواريه، ولما انقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها والقتلى في الطرقات كأنها التلول، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء
    فحصل بسبب ذلك الوباء الشديد، حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام ، فمات خلقٌ كثير في بلاد الشام من تغير الجو وفساد الريح، واجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون. ولما نودي بـبغداد الأمان وأنهى جيش التتار مهمته خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير كأنهم الموتى إذا نبشوا، وقد أنكر بعضهم بعضاً، فلا يعرف الوالد ولده، ولا الأخ أخاه، وأخذ الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ .
    الغلاء وهلاك الناس من شدة الجوع:
    أما من جهة ما حصل في بعض بلاد المسلمين من الغلاء فإليكم نموذجاً في ما حصل في عام (643هـ) فإنه قد حصلت فتنةٌ ونزل كربٌ في دمشق فعدمت الأموال، وغلت الأسعار؛ حتى بلغ ثمن الغرارة ألف وستمائة، وقنطار الدقيق تسعمائة، والخبز كل أوقيتين إلا ربع بدرهم، ورطل اللحم بسبعة، وبيعت الأملاك بالدقيق -أي: البيوت بيعت بالأكل- وأكلت القطط والكلاب والميتات والجيفات، وتماوت الناس في الطرقات، وعجزوا عن التغسيل والتكفين والإقبار، فكانوا يلقون موتاهم في الآبار حتى أنتنت المدينة وضجر الناس، فإنا لله وإنا إليه راجعون! قال ابن السبط وهو أحد المؤرخين: ومع هذا كانت الخمور دائرة، والفسق ظاهراً، والمكوس -أي: الضرائب- بحالها، وغلت الأسعار في هذه السنة جداً، وهلك الصعاليك -أي: الفقراء- في الطرقات، وكانوا يسألون لقمة ثم صاروا يسألون لبابه، ثم تنازلوا إلى فلس يشترون به نخالة يبلونها ويأكلونها مثل الدجاج. وذكر ابن حجر رحمه الله في حوادث سنة (777) للهجرة قال: وقع في الشام غلاءٌ عظيم، واستمرت الشدة حتى أكلوا الميتات، ووقع أيضاً في حلب حتى بيع المكوك بثلاثمائة إلى أن بلغ الألف؛ حتى أكلوا الميتة والقطط والكلاب، وباع كثيرٌ من المقلين أولادهم، وافتقر خلقٌ كثير، ويقال إن بعضهم أكل بعضاً حتى أكل بعضهم ولده. ثم عقب بعد ذلك الوباء، ففني خلقٌ كثير حتى كان يدفن العشرة والعشرون في قبر بغير غسلٍ ولا صلاةٍ ويقال: إن ذلك دام في بلاد الشام ثلاث سنين.
    خروج النار من جانب المدينة المنورة:
    أما ما حصل بجانب المدينة المنورة من خروج النار فإليكم تفاصيل ذلك في عام (654هـ) وقد أرخ أبو شامة رحمه الله لهذه الحادثة تأريخاً جيداً، فكان مما قاله: حدث في هذه السنة تصديقٌ لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نارٌ من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل بـبصرة). فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كُتب بتيماء على ضوء النار وهي في المدينة الكتب، قال: وكنا في بيوتنا تلك الليالي كأن في دار كل واحدٍ منا سراج، ولما كانت ليلة الأربعاء ثالث جماد الآخرة في سنة (654هـ) ظهر بالمدينة دويٌ عظيم، ثم زلزلةٌ عظيمة رجفت منها الأرض والحيطان، والسقوف والأخشاب والأبواب ساعةً بعد ساعة إلى يوم الجمعة الخامس من الشهر المذكور، ثم ظهرت نارٌ عظيمة في الحرة قريبٌ من قريظة، نُبصرها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا، وهي نارٌ عظيمة أكثر من ثلاث منارات، وقد سالت أوديةٌ بالنار إلى وادي شظى مسيل الماء، والله لقد طلعنا جماعة نُبصرها فإذا الجبال تسير نيراناً، وقد سدت الحرة طريق الحاج العراقي -الحجاج الذين يأتون من جهة العراق ما لهم طريق إلى المدينة - ورجعت تسيل في الشرق كأنها أنموذجٌ عما أخبر الله تعالى في كتابه: إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ [المرسلات:32-33]. وقد أكلت الأرض، وقال: كُتِبَ هذا الكتاب يوم الخامس من رجب سنة (654) والنار في زيادة ما تغيرت، ثم قال: وأما النار فهي جبال نيران حمرٍ، والأم الكبيرة التي سالت النيران منها من عند قريظة، وقد زادت وما عاد الناس يدرون أي شيءٍ يتم بعد ذلك، والله يجعل العاقبة إلى خير، فلا أقدر على وصف النار -هذا واحد يكتب رسالة من المدينة يوجهها لـدمشق يصف فيها ما يرون أمامهم- قال: ولما ظهرت هذه النار وقع في شرقي المدينة نارٌ عظيمة انفجرت من الأرض وسال منها وادٍ من نار حتى حاذى جبل أحد ، ثم وقفت إلى الساعة ولا ندري ماذا نفعل؟ ووقت ما ظهرت دخل أهل المدينة إلى المسجد النبوي مستغفرينَ تائبين إلى ربهم تعالى وهذا دلائل القيامة. ثم قال أيضاً: والله لقد زلزلت مرةً ونحن حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب لها المنبر إلى أن أوجسنا منه، وسمعنا صوتاً للحديد الذي فيه، واضطربت قناديل الحرم الشريف، وتمت الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى، ولها دويٌ مثل دوي الرعد القاصف، ثم طلع يوم الجمعة في طريق الحرة ، وما أبانت لنا إلا ليلة السبت، وأشفقنا منها وخفنا خوفاً عظيماً، يقول: وقمت إلى الأمير فكلمته، وقلتُ له: قد أحاط بنا العذاب.. ارجع إلى الله تعالى، فأعتق كل مماليكه، ورد على جماعةٍ أموالهم، ثم هبطنا فهبط معنا، وبتنا ليلة السبت والناس جميعهم والنساء وأولادهم ما بقي أحد لا في النخيل ولا في المدينة إلا في المسجد النبوي، ثم سالت منها نهرٌ من نار -من هذه النار- إلى أن قطعت الوادي؛ والله يا أخي! إن عيشتنا اليوم مكدرة والمدينة قد تاب جميع أهلها، ولا بقي يُسمع فيها ربابٌ ولا دفٌ ولا شُرب -انتهت الآلات الموسيقية، لا يوجد موسيقى في البلد مطلقاً ولا شرب خمور- وتمت النار تسيل إلى أن سدت بعض طرق الحجاج، وخفنا أن يجيئنا -النار هذه- فاجتمع الناس ودخلوا المسجد وتابوا يوم وليلة الجمعة. وأما هذه النار فإن لها حجارة، ولها دوي لا يدعنا ننام ولا نأكل ولا نشرب، ولا أقدر أن أصف لك عظمها ولا ما فيها من الأهوال، وأبصرها أهل ينبع، وقد حضر قاضٍ منهم، وفي نفس اللحظات انعكس على بغداد الأمر فأصاب بغداد غرقٌ عظيم حتى طفح الماء من أعلى أسوار بغداد وغرق كثيرٌ من أهلها، ودخل الماء دار الخلافة وسط البلد وانهدمت دار الوزير. وفي المدينة ضج الناس إلى الله عز وجل، وانتبهوا من مراقدهم، وأخلصوا لله، وأيقنوا بالهلاك والعذاب، وبات الناس تلك الليلة بين مصلٍّ وتالٍ للقرآن، وراكعٍ وساجد وداعٍ إلى الله عز وجل، ومتنصلٍ من ذنوبه، ومستغفرٍ وتائب، ولزمت النار مكانها حتى حدث أن رأى الناس في البصرة أعناق الإبل في ضوء هذه النار. أيها الإخوة: هذه بعض الأحداث التي حدثت في بلاد المسلمين في هذه الحقبة من الزمن، في أحداث جسيمة جداً، نحن الآن نقول: لا ندري ماذا ينتظرنا، نسأل الله حسن العاقبة، نحنُ يجب أن نرجع إلى الله، يجب أن نتوب إلى الله، يجب أن ننخلع من الذنوب، يجب أن نتضرع إلى ربنا، لا ندري ماذا ينتظرنا أيها الأخوة، لا ندري هل نجتمع أو لا نجتمع؟ هل نتمكن من الصلاة في المساجد أو لا؟ فاغتنموا الفرصة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يدفع عنا البلاء كله، والوباء والمحن والفتن، وأن يُسلم بلادنا وبلاد المسلمين، ونحن نرجو الأمن من الله؛ لأننا بالأمن يمكن أن نعبد الله وندعو إلى الله؛ كما أن جميع المسلمين ينبغي أن يهبوا ويعملوا للإسلام في المحنة هذه، ينبغي أن يضاعف الجهد للعمل للإسلام، لأنك لا تدري هل تستطيع أن تدعو في المستقبل أم لا! هل تستطيع أن تتعلم أو لا! الآن ينبغي أن تضاعف طلب العلم والدعوة إلى الله. نسأل الله أن يقينا وإياكم هذه الفتن، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل عاقبتنا وعاقبتكم إلى خير، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.



  • #2
    رد: محاضرة حوادث من التاريخ:للشيخ محمد المنجد

    العاقل من يتعظ من احداث التاريخ
    فاللهم تب عليناوجنب بلادنا الفتن والشدائ
    امين
    جزاكِ الله خيرا
    جهد نسأل الله ان يباركه
    أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

    تعليق


    • #3
      رد: محاضرة حوادث من التاريخ:للشيخ محمد المنجد

      جزاكِ الله خيرا
      جهد نسأل الله ان يباركه


      تعليق


      • #4
        رد: محاضرة حوادث من التاريخ:للشيخ محمد المنجد



        ،،،،،،

        جزاكم الله خير الجزاء

        بارك الله فيكم

        وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه


        اللهم تقبل و اجعل كل حرف نكتبه في هذا المنتدى المبارك حجة لنا لا علينا


        مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية

        تعليق

        يعمل...
        X