فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تعالى جل جلاله أن يبارك فيكى وأن يعافيكى من كل بلاء، وأن يصرف عنكى المعاصى والذنوب وأن يتقبل توبتكى.
ابنتي الكريمة الفاضلة:
إن هناك أنواعاً من المعاصي لا يمكن لأي قوة في الأرض أن تُخلص صاحبها منها إلا بقرار داخلي منه، وعزيمة صادرة منه، فأنت بارك الله فيك مطالبة باتخاذ قرار قوي وشجاع وجريء.
فإن مرثد بن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه، دعته عناقاً وكانت بغياً، فقال لها ويحك إن الإسلام قد حال بيننا، فقالت له فتزوجني، فقال لها: لا حتى أستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصاحت وقالت يا أهل مكة هذا رجل جاء ليسرق أسراكم، فتبعه ثمانية منهم، لكن الله أنجاه، فلما رجع للمدينة، عرض الأمر على النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله الآيات الأولى من سورة النور، ولعلك تلاحظ عظمة أولئك الصحابة الذين أدركوا أن الإسلام ليس مجرد كلام أو بطاقة هوية لكنه انقياد لله واستسلام له وطاعة.
ولا يخفى على أمثالك أن الحياة تكون ضنكاً وشقاءً إذا ابتعد الإنسان عن أنوار هذه الشريعة،
وقد أسعدني سؤالك هذا لأنه يدل على أن لك روحاً طيبة، وضميراً حياً، وهذا يبشر بالخير، فكررى التوبة واجتهىد في أن تجعليها توبة نصوحاً، واعلم أن للسقوط المتكرر أسباباً، ومن هنا فنحن نطالبكى بما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى من بيده الهداية والتوفيق والسداد.
2- ابتعد عن رفقة السوء ومواطن الشر وأماكن التهم.
3-التخلص من كل ما يذكرك بالعصيان من أرقام وأدوات ووسائل.
4- الإكثار من الحسنات الماحية.
5- الإخلاص في التوبة وذلك بأن تتوب لله وليس لأجل أشياء أخرى.
6- الصدق في التوبة وذلك لأن توبة الكذابين هي أن يتوب الإنسان بلسانه ويظل قلبه متعلقاً بالمعصية.
7- عدم اليأس من رحمة الله، وتكرار التوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول واعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له – بل الصادق في توبته يبدل الله سيئاته إلى حسنات.
8- عدم الأمن من مكر الله، وعليك بالخوف من سوء الخاتمة، فإن الموت يهجم على الإنسان فجأة.
9- بذل أسباب النجاح ثم التوكل على الوهاب.
10- البعد عن المعاصي لأنها سبب للخذلان، كما قال ابن مسعود ( كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم).
11- اتق الله في نفسك واعلم أن الله يمهل ولا يهمل.
12- تذكر أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين.
وأكمل التوبة وأعظمها هي التوبة النصوح التي أمر الله بها في قوله تعالى:
تعليق