إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نحب رسول الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نحب رسول الله

    كيف نحب النبي - صلى الله عليه وسلم ؟
    وللإجابة عليه نقول والله المستعان إن حبه - صلى الله عليه وسلم - يكون بتعظيمه وتوقيره واتباع سنته والدفاع عنها ونصرة دينه الذي جاء به ، وبمعنى آخر أن نحبه كما أحبه أصحابه - رضوان الله عليهم - .

    فمن المعلوم أن المجتمع المكي كان مجتمعـًا كافرًا فجاءه النور المبين - صلى الله عليه وسلم - ، فدعا إلى الله سبحانه ، ولقي
    ما لاقى من الصد والإعراض والأذى ، وأبى أكثر الناس إلا كفورا ، وفتح الله سبحانه بعض القلوب لهذه الدعوة الخالدة ، ولهذا النور المبين ، فدخلت مجموعة بسيطة في دين الله سبحانه ، فكيف كان الحب بينهم ؟

    لقد بدأ هذا الحب بينهم وبين من أخرجهم الله تعالى به من الظلمات إلى النور، بينهم وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - .

    فهذه زوجه خديجة - رضي الله عنها - ومنذ اللحظة الأولى التي أبلغها فيها بنزول الوحي ، هاهي تدفعه- رضي الله عنها - عنه ، وتثبت فؤاده بكلمات تبدو فيها المحبة ، جلية ، إذ تقول : " كلا والله ، ما يخزيك الله أبدًا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلَّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الدهر " .

    ولئن كانت هذه زوجه ، فانظر ما فعل أبو بكر - رضي الله عنه - يوم وقف في قريش خطيبـًا يدعوهم إلى الإسلام ، وما زال المسلمون في المرحلة السرية للدعوة، وعددهم قليل ، فقام إليهم المشركون يضربونهم ضربـًا شديدًا ، وضرب أبو بكر - رضي الله عنه - حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه ، فجاء قومه بنو تيم فأجلوا المشركين عنه وأدخلوه منزله وهم لا يشكون في موته - رضي الله عنه - ، وبقي أبو بكر - رضي الله عنه - في غشية لا يتكلم حتى آخر النهار ، فلما أفاق كان أول ما تكلم به : " ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ " فلامه الناس .
    لاموه على أن يذكر محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا الموقف الذي يفترضون فيه أن يذكر نفسه ، وأن يتحسر على حاله .
    لاموه فما أبه لهم ، وصار يكرر ذلك ، فقالت أمه : " والله ما لي علم بصاحبك محمد " ، فقال : " اذهبي إلى أم جميل فاسأليها عنه " ، وكانت أم جميل امرأة مسلمة ، فلما سألتها أم أبي بكر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت أم جميل حُبًّا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وحرصـًا عليه : " لا أعرف محمدًا ، ولا أبا بكر " ثم قالت : " تريدين أن أخرج معك ؟ " قالت : " نعم " ، فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر - رضي الله عنه - فوجدته صريعـًا ، فصاحت وقالت : " إن قومـًا نالوا هذا منك لأهل فسق ، وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم " فقال لها أبو بكر - رضي الله عنه - : " ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ " فقالت له : هذه أمك تسمع " ، قال - رضي الله عنه - : " فلا عين عليك منها " - أي أنها لن تفشي سرك - فقالت :
    " سالم هو في دار الأرقم " فقال - رضي الله عنه - :
    " والله لا أذوق طعامـًا ولا أشرب شرابـًا أو آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فقالت أمه : فأمهلناه حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجنا به يتكئ عليَّ ، حتى دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرقّ له رقّة شديدة ، وأكب عليه يقبله ، وأكب عليه المسلمون كذلك، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - :
    " بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ما بي من بأس إلا ما نال الناس من وجهي ، وهذه أمي برَّةٌ بولدها فعسى الله أن يستنقذها بك من النار " ، فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاها إلى الإسلام فأسلمت.

    أيُّ حبٍ تكنه يا أبا بكر لصاحبك ؟! أما انشغلت بنفسك وجراحك ووجهك الذي تغيرت معالمه ؟ لو شغلتك آلامك لما لامك أحد من العالمين ، ولكن ماذا تصنع بحب ملك عليك كل جوارحك ؟

    إنه يحب في محمد - صلى الله عليه وسلم - الخُلق الذي طالما امتدحوه به قائلين : هذا الصادق الأمين .


    إنه يحب فيه الخُلق الحسن ، والرأي السديد ، والعشرة الطيبة ، وكل ذلك قد خبره محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وهو اليوم يحب فيه إلى جانب ذلك كله النبي - صلى الله عليه وسلم - .

    أما خبر سعد بن الربيع - رضي الله عنه - فعجيب ، حيث سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((أفي الأحياء سعد أم في الأموات ؟)) فخرج أُبيّ بن كعب - رضي الله عنه - يستطلع الخبر ، فوجده في الرمق الأخير ، فقال سعد : " بل أنا في الأموات ، فأبلِغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عني السلام ، وقل له : إن سعد بن الربيع يقول لك : جزاك الله عنَّا خيرًا ، ما جزى نبيـًا عن أمته " ، ثم قال لأبي : " وأبلغ قومك عني السلام ، وقل لهم : إن سعد بن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وفيكم عين تطرف " ، ثم لم يبرح أن مات ، فجاء أبي بن كعب - رضي الله عنه - النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((رحمه الله ، نصح لله والرسول حيـًا وميتـًا)) .

    ومن حب الأنصار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رواه ابن هشام في سيرته من أنه مر - صلى الله عليه وسلم - بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظفر ، فسمع البكاء والنواح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكى ، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : ((لكن حمزة لا بواكي له ! )) فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير - رضي الله عنهما - إلى دار عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن ، ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما سمع بكاءهن على حمزة - رضي الله عنه - خرج - صلى الله عليه وسلم - عليهنَّ وهنَّ على باب المسجد يبكين عليه ، فقال : ((ارجعن يرحمكنَّ الله ، فقد آسيتن - عزيتن وعاونتن - بأنفسكنَّ)) ، وفي رواية أنه قال - صلى الله عليه وسلم - لما سمع بكاءهنَّ : ((رحم الله الأنصار ، فإن المواساة منهم ما علمت لقديمة، مروهنَّ فلينصرفن)) .

    ومما يذكر أيضـًا من هذا الحب الذي لا نهاية له حكاية تلك المرأة من بني دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأُحد ، فلما نُعُوا لها قالت : " فما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ " قالوا : " خيرًا يا أم فلان ، هو بحمد الله كما تحبين " ، قالت : " أرونيه حتى أنظر إليه " ، فأشير لها إليه ، حتى إذا رأته قالت : " كل مصيبة بعدك جلل " - أي صغيرة- .

    مقابلة الحب بالحب

    وبما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودينه الذي جاء به هو مصدر هذا الحب ، فمن البداهة أن نرى حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ، وكيف بادلهم حبـًا بحب ، ومودة بمودة ، وسأسوق في ذلك حادثة كلما ذكرتها أو قرأتها أعظمت المحب والمحبوب .

    كان ذلك عقب غزوة حنين ، حيث حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - في توزيعه للغنائم على أن يتألف بها من دخل في الإسلام من أهل مكة وقبائل العرب ، ولذا فقد كانت معظم الغنائم بينهم ، إن لم تكن كلها ، ولم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها للأنصار نصيبـًا ، فوجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم ، حتى كثرت فيهم القالة ، حتى قال قائلهم : لقي والله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه ، فدخل عليه سعد بن عبادة - رضي الله عنه - من الأنصار ، فقال : " يا رسول الله ، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم ، لما فعلت في هذا الفيء الذي أصبت ، قسّمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء " ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فأين أنتَ من ذلك يا سعد ؟ ، قال : " يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومي " ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة)) فلما اجتمعوا أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : ((يا معشر الأنصار : مقالة بلغتني عنكم ، وجِدَةَ عتاب وجدتموها عليَّ في أنفسكم ؟ ألم آتِكم ضُلالاً فهداكم الله ، وعالة - فقراء - فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟)) قالوا : " بلى ، الله ورسول الله أمن - أكثر نعمة - وأفضل " ، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : ((ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟)) قالوا : " بم نجيبك يا رسول الله ؟ لله ورسوله المنّ والفضل " ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((أما والله لو شئتم لقلتم فلصَدقتم ولصُدِّقتم : أتيتنا مكذبـًا فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريدًا فآويناك ، وعائلاً فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم فيَّ لعاعة - بقلة خضراء ناعمة - من الدنيا تألفت بها قومـًا ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبـًا - طريقـًا بين جبلين - وسلكت الأنصار شعبـًا لسلكت شعب الأنصار ، اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار)) ، فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم - بلوها بالدموع - وقالوا :

    " رضينا برسول الله قسمـًا وحظـًا " .

    ولئن كان هذا مع الأنصار عامة ، فقد كان مع بعض المسلمين ، فقد قال أحد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - :
    " يا رسول الله ، أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة ، وتركت جعيل بن سراقة الضمري " ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أما والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض - ما يملأها حتى يطلع عنها ويسيل - كلهم مثل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس ، ولكني تألَّفتهما ليسلما ، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه)) .

    ألا ما أعظم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - حبيبـًا محبوبـًا ، وما أعظمه محبـًا يضع الأمور في نصابها ، ويعطي كل ذي حقٍ حقه وكل ذي قدرٍ قَدْرَه - صلى الله عليه وسلم - .


    علم صحبه الكرام - رضوان الله عليهم - الحب بحبه لهم فأحبوه ، وكان هذا الحب منهم علامة إيمانهم ، وشعلة عقيدتهم ، وطريقهم لرضوان ربهم .

    وصدق الله العظيم إذ يقول سبحانه : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

    (آل عمران/31) .
    صدق الله العظيم
    التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 09-04-2015, 01:26 AM.

  • #2
    رد: كيف نحب رسول الله

    بارك الله فيكي
    موضوع رائع
    اللهم أجعله أحب إلينا من أنفسنا ومن الدنيا وما فيها


    بشارة خير لكل مشتركي الفيس بوك ..انشر الخير باقل مجهود
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=205417

    تعليق


    • #3
      رد: كيف نحب رسول الله

      جزاك الله خيرا وجعلني وإياك وأهل هذا المنتدى من أتباع سنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم.

      تعليق

      يعمل...
      X