Tweet
تفريغ خطبة فضيلة الشيخ محمد حسان ((المال والسلطة ..سعادة ..أم ..شقاء ..؟؟!!)) // مفهرس
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71} }الأحزاب
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار
أما بعد ...
حياكم الله جميعًا أيها الأباء الفضلاء وأيها الأخوة الأحباب الأعزاء وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم جميعًا من الجنة منزلًا وأُشهد الله أنى منذ أمد بعيد فى شوق إلى لقاءكم ياأبناء الشرقية ياأبناء مركز أبو كبير ، شكر الله لكم وجزاكم الله خيرًا على هذا التنظيم البديع الذى أحمد الله سبحانه وتعالى أن رأيت من أبناءنا من أبناء العمل الإسلامى من يرتقى إلى هذه المكانة والمرتبة فجزاكم الله خيرًا وأسأل الله لكم مزيدًا من السداد والتوفيق
أحبتى فى الله
المال والسلطة
سعادة ..أم ..شقاء ؟؟!!
هذا هو عنواننا مع حضراتكم فى هذا اللقاء المبارك .
أننى أكرر القول دائمًا لا ينبغى أن يكون العلماء والدعاة بطرحهم الدعوى فى جانب وأن تكون الأمة بأزماتها ومشكلاتها فى جانب آخر لكن أسمحوا لى أن أبدأ من هنا
إنه الله
إن ما يجرى الآن على أرض مصر إنما هو تدبير الملك الحق لا يستطيع أحد مهما جنح به الخيال أن يتخيل فضل الكبير المتعال على أهل هذا البلد الأبى الكريم .
نعم إنها إرادة الله ليست إرادة الشباب وليست إرادة الشعب وليست إرادة الشباب وليست إرادة العلماء وإنما هى إرادة ملك الأرض والسماء الذى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن الذى لا يقع شىء فى كونه إلا بأمره وتحت سمعه وبصره .
والله لو أجتمع شباب مصر عن بكرة أبيهم بل لو أجتمع شباب الأمة عن بكرة أبيهم ليحققوا ما أراد الله جل وعلا تحقيقه فى مصر ما استطاعوا إنما هى إرادة الله وحده{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران26
كل يوم هو فى شأن يرفع أقوام ويخفض آخرين ،يُطلق أقوامًا ويحبس ويسجن آخرين ، وينصر مظلومًا ويذل طالمًا،ويقيل عثرة ويستر عورة ويُقيم دولة ويُزيل دولة ويقيل حاكم ويأتى بحاكم ويدبر الأمر كله وفق المقادير التى قدّرها قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة فلا يتقدم ولا يتأخر قدر قدّره الله
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً{30} يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً{31} }الإنسان
نعم أيها الأحبة الكرام
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }الأنعام59
كل شىء فى الكون بقدره ولا يقع شىء فى كونه إلا تحت سمعه وبصره {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }فاطر11
قال أعرف الخلق به صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى " إن الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أنتهى إليه بصره من خلقه "
يأتى حبر من أحبار اليهود إلى سيدنا رسول الله كما فى الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود ويقول يامحمد يامحمد _صلى الله عليه وسلم _ إنّا نجد مكتوبًا عندنا فى التوراة أن الله تعالى يجعل السماوات على أصبع والأرضين على أصبع والماء والثرى على أصبع والشجر على أصبع وسائر الخلائق على أصبع ثم يهزهن ويقول أنا الملك فضحك النبى حتى بدت نواجذه تصديقًا منه لقول الحبر اليهودى وقرأ قول الرب العلى
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }الزمر67
والله الذى لا إله غيره لا يقع شىء فى بلدنا ولا فى كونه إلا بإرادته فالإرادة نوعان (إرادة كونية قدرية ، وإرادة دينية شرعية )
الإرادة الكونية القدرية ومعناها أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فلا تتوهم لحظة أن شىء ما يقع فى كونه إلا بقدره وإلا تحت سمعه وبصره فاشكروا الله على نعمه واعلموا أن الفضل بيده فالأمر أمره والفضل فضله والملك ملكه والحكم حكمه والتدبير تدبيره والتصريف تصريفه {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ }الأنعام17
بعد ذلك أقول أيها الأحبة الدنيا كلها بوتقة إختبار ودار إبتلاء ما خلقنا الله فيها إلا ليبتلينا
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }الحديد20
قال تعالى
{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{1} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ{2} }الملك
ليبلوكم أى ليختبركم أى ليمتحنكم
وقال جل وعلا
وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
فالشر فتنة والخير فتنةوأنت مبتلى بالخير والشر
أنت مبتلى بالخير هل ستحمد الله عليه؟؟ هل ستشكر الله على نعمه هل ستوظف النعم فى طاعة المُنعم؟؟ هل ستحسن إلى خلقه وعبادة أم أنك ستوظف هذهالنعم توظيفًا لا يُرضيه توظيفًا تنال به سخطه ولا حول ولا قوة إلا به
هل ستنتبه إلى التضيق لتوسعه لتعلم أنك بالضيق مُختبر وأنك فى السعة أيضًا مبتلى ومختبر
وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
فالدنيا كلها بوتقة إبتلاء والفطناءالعقلاء هم الذين يعلمون حقيقة الدار ويعلمون أنها ليست دار إقامة وقرار إنما هى زوال فالدنيا دار ممر والآخرة دار مقر ولا تفضحوا أستاركم عند من يعلم أسراركم فمهما عظمت دنياكم فهى حقيرة ومهما طالت دنياكم فهى قصيرة لأن الدنيا مهما طالت ومهما عظمت فهى إلى زوال وإلى فناء ولأن الليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر ولأن العمر مهما طال فلابد من دخول القبر .
أيا من يدعى الفهم
إلى كم ياأخى الوهم
وتتبع الذنب بالذنب
ويخطىء الخطأ الجمّ
أما بان لك العيب
أما أنذرك الشيب
ومن فى نصحه ريب
أما نادى بك الموت
أما أسمعك الصوت
أما تخشى من الفوت
فتحطات وتهتم
فكم تسير فى السهو
وتختال من الزهو
كأن الموت ما عمّ
كأنى بك تنحط
إلىاللحد وتنغط
وقد أسمعكالرهط
إلى أضيق من سم
هناك الجسم ممدود
ليستأكله الدود
إلى أن ينخر العود
ويمسى العظم قد رمّ
فزود نفسك الخير
ودع ما يعقب الضير
وهيىء مركب السير
وخف من لجّة اليم
بذا أوصيك ياصاح
وقد بُحتك من باح
فطوبى لفتى راح
بأداب محمد يأتم
والله إن من لم يعتبر مما يجرى فى بلدنا فى هذه الأيام لا أظن أنه سيعتبر ، لا أظن أن من لم يعتبر الآن أنه سيعتبر إلا إا شاء ربى شيئًا .
إن لم تأخذالعظة الآن فمتى ؟؟!!
إن لم تقف الآن على هذه الأية الجليلة العظيمة فمتى ؟؟!!
العقلاء الفطناء هم الذين يقرأون الآيات ويتدبرون الأيات .
يقرأون الآيات القرآنية ويتدبرون الآيات الكونية وما أعظمها وما أجلّها الآن .
لا ينبغى ىأن تقرأ الأخبار وأن تتابع الأحداث وأن تمصمص شفتيك وأن تهز رأسك وأن تنطلق بعد ذلك فى حياتك المعتادة المنحرفة عن الله وكأن شىء لم يقع وكأن شيئًا لم يكن .
من لم يتعلم الدرس الآن فهو مخذول ومن لم يستلهم العبرة الآن فهو غافل وما اخطر الغفلة وما أشنع الغفلة
قال تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
فالغافلون أضل من الأنعام بشهادة الله جل جلاله .
أسأل الله أن يعصمنا وإياكم من شر الغفلة .
أقرأوا الآيات القرآنية وتدبروا الآيات الكونية وتابعوا الأحداث بأعين باكية وآذان منصتة وقلوب خاشعة وجددوا الأوبة والتوبة إلى الله سبحانه وعلينا جميعًا أن نتخلص من كل صورة من صور الظلم فأنتم قد رأيتم بأعينكم عواقب الظلم الوخيمة فى الدنياقبل الآخرة
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }الشعراء227
أيهاالمظلوم صبرًا لا تهن إن عين الله يقظا لا تنام
نم قرير العين وأهنأ خاطرًا فعدل الله دائم بين الأنام .
وأنت أيها الظالم فقد رأيت وسمعت لا تتصور أن الأيةالتى تراها بعينك وأن الأخبار التى تستمع إليها بأُذنيك ليست لى وليست لك وليست لك بل هى لنا جميعًا ، بل هى لكل عاقل يحمل فى صدره قلب يعى عن الله ويعى عن الصادق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه .
أين الظالمون الآن ؟؟!!!
أين الظالمون ؟؟!!
أين التابعون لهم فى الغى ؟؟!!
بل أين فرعون وهامان ؟؟!!
أين من دوّخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم فى الورى ظلم وطغيان ؟؟!!!
هل الموت ذا عز لعزتهم وهل نجى منه بالسلطان أنسان ؟؟!!
لا والذى خلق الأكوان من عدم الكل يفنى فلا أنس ولا جان .
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ{7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ{8} وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ{9} وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ{10} الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ{11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ{12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ{13} إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ{14}سورة الفجر
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ{1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ{2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ{3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ{4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ{5}سورة الفيل
عاودوا قراءة القرآن من جديد بتدبر لما يقع الآن أمام أعيننا وبين أيدينا .
تصور الكثيرون أن المال والسلطة هما أكسير السعادة وسبيل النجاة فى الدنيا والأخرة
وأنا أتساءل الآن ومن حقى أن أتسأل مع كل إنسان عاقل على أرض مصر بل على وجه الأرض
المال والسلطة
سعادة أم شقاء ؟؟
المال لا أُقلل من شأنه فالمال ظل زائل وعارية مسترجعة وهو مع ذلك نعمة من أجلّ نِعَم الله ووسيلة من زينة الحياة الدنيا
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }الكهف46
المال زينة الحياة وعصب الحياة لكن له غاية وله وظيفة ، العاقل هو الذى يعرف الغاية من المال ويعرف الوظيفة التى من أجلها وُجد المال فهو يُجمع من الحلال ويؤدى فى المال حق الكبير المتعال وهو يعلم يقينًًا أنه إلى زوال إما أن يتركك المال وأن تُحرم أنت من المال وإما أن تترك أنت المال لورثتك .
ورسولنا صلى الله عليه وسلم سأل أصحابه كما فى صحيح البخارى ومسلم ((أيُكم مال وارثه أحب أليه من ماله ؟؟
قالوا يارسول الله ما منّا من أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه .
قال صلى الله عليه وسلم فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر ))
فالمال أيها الأفاضل ، لا ينفع إلا إن جُمع من الحلال ووظّف فى مرضاة الكبير المتعال .
وها أنتم ترون الآن أصحاب المليارات لا أقول أصحاب الملاين بل أصحاب المليارات وأصحاب الجاه والسلطة والسلطان.
قد حُرموا من هذا المال كله ولذا فأنا أُطال الآن وأُخاطبهم الآن
لماذا لا يُردّ هذا المال لإصحابه ؟؟!!
لماذا لا يفيق هؤلاء ويردون هذا المال إلى هذا الشعب الذى يقف طوابير طويلة من أجل الحصول على رغيف خبزأو أنبوبة غاز .
لماذا لا يفيق هؤلاء بعد هذه الأية ويخرج علينا الجميع بمبادرة ويقولون نتوب إلى الله تبارك وتعالى فنحن لا نُغلق باب التوبة فى وجه أحد .
أما الحق فلابد من أخذ الحق ،لابد من القصاص
هذا من شروط التوبة
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة179
أما من شروط التوبة أن يُرد الحق إلى أصحابه ، أن يردوا هذه المليارات الضخمة لهذا الشعب الحروم المسكين الصابر الذى صبر على الأذى والألم والجوع سنوات طويلة .
يُرد الحق إلى أهله وباب التوبة مفتوح بينهم وبين ربنا جل وعلا ممدود لا يُغلق فى أى ساعة من ليل أو نهار .
هذه مبادرة أُخاطبهم بها الآن وأسأل الله عزوجل أن يوصلها إليهم جميعًا وأن يجعل قلوبهم وآذانهم متفتحة لهذه الدعوة فأُشهد الله أنها لله جل وعلا .
أقول توبتكم بينكم وبين ربكم جل وعلا بابها لا يُغلق لكن من شروطها أن يُرد الحق إلى أهله وأن يُرد هذا المال إلى هذا الشعب المصرى الآبى الذكى وأن يأخذ هذا الشعب حقه وأما التوبة فلا يملك واحد منّا أن يُغلق بابها على أى أحد من هؤلاء فباب التوبة لا يُغلق حتى يُغرغر العبد أو حتى تطلع الشمس من مغربها.
نعم أيها الأحبة
المال لا قيمة له إ لم يُجمع من الحلال ويُوظّف فى مرضاة الكبير المتعال .
وأظن أن الدرس الذى رأيناه وسمعناه أبلغ من كلام البلغاء وأفصح من كلام الفصحاء .
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }القصص76
لا تفرح ياصاحب المال الحرام لا تفرح يامن تُعيث فى الأرض فسادًا أو جمعت المال من الإحتكار والظلم
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
إن قارون كان رمزًا من رموز الفساد التى تتكرر فى كل عصر وفى كل مصر
أقرأوا القرآن وتدبّروا الآيات .
إنّ قارون كان ابن عم موسى عليه الصلاة والسلام على الراجح من إقوال أهل العلم .
كان ابن عم موسى ومع ذلك طغى وبغى وتجاوز الحق واستعلى على قومه بهذا المال وخرج من آن لأخر فى زينته بمنتهى الكبر والفخر والخُيلاء ،يستعلى بماله وجاهه وستوطهومركزه وسلطانه ؛فماذا كانت النتيجة ؟؟؟
"إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ"
وما أشنع الظلم وما أبشع الظلم ولا تستهن بدعوةمظلوم فإن الحق يغار للمظلومين ويرفع دعوتهم فوق الغمام ويقول لها وعزّتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين .
كما فى الحديث الذى رواه الحاكم من حديث ابن عمر بسند صحيح يقول له "وعزتى وجلالى لأنصرنكِ ولو بعد حين "
وقد ذَكرتُ موقفًا أرانى مضطرًا لذكره الآن فى دقيقة لما انتهت دولة البرامكة وسُجن حاكم دولة البرامكة خالد بن برمك ،سُجن مع ولده ،حُبس مع ولده وشاء ربُنا جل جلاله أن يُحبس الحاكم مع ولده فى زنزانة واحدة
لا إله إلا الله
يُحبس مع ولده فى سجن واحد ،فى زنزانة واحدة فبكى ولده فى السجن وأجهش فى البكاء ونظر إلى أبيه وقال ياأبتى من الملك والعز والجاه والسلطان إلى السجن فى زنزانة واحدة ،إلى السجن والقيد فى زنزانة واحدة !!
فنظر إليه والده وقال يابنى إنها دعوة مظلوم سرت إلى الله بليل غفلنا عنها ولم يغفل عنها الله .
دعوة مظلوم فكيف إذا كانت الدعوة لملاين المظلومين والله لا أُبالغ إذا كانت الدعوة لملاين المظلومين المقهورين ، لألاف المُعذّبين ،لآلاف المقهورين المُكّرهين المكبوتين !!
هل تتخيل أن الله لا يغار للمظلومين ؛لا ورب الكعبة ليس أحدأإير على الحق وأهله من الله ، وليس أحد أغير على المستضعفين والمظلومين من الله .
"وعزتى وجلالى لأنصرنكِ ولو بعد حين "
هكذا يُخاطب ربنا جلّ جلاله دعوة المظلوم فوق أى أرض وتحت أى سماء .
بل إنّ الله يُقيم دولة العدل وإن كانت كافرة ولا يقيم دولة الظلم وإن كانت مسلمة .
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }القصص76
ولاحظ أن الكنوز هو مازاد حاجة الإستعمال الشخصى فالكنز مُدّخر.
الكنز هو ماستغنى عنه الإنسان، يكنزه لا يستعملهالإنسان ،يكنزه ، لا يستعمله فى البيع والشراء .
فالكنوز فقط مفاتيحها يعجز العصبة من الرجال الأشداء الأقوياء حمل مفاتيح الكنوز فكيف بالكنوز نفسها وكيف بما زاد على كنوز قارون من قصور ومليارات وعقارات فى الداخل وفى الخارج وأرصدة .
{وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }القصص76
وهل الفرح حرام ؟؟!!
والجواب : الفرح نوعان فرح محرم ،وفح محمود ومشروع .
أما الفرح المُحرّم : هوفرح الكبر والبطر وفرح الإستعلاء والظلم والبطش والطغيان ، فرح الإستعلاء بالنعمة ، فرح التبتر بالنعمة على المُنعم .
أما الفرح المحمود فهو فرح القرب من الله ، فرح الأنس بالله {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }يونس58
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ{76} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{77}
استغل ووظّف بما أنعم الله به عليك فى القرب منه ،فى نيل رضوانه ، فى العمل للآخرة فهى دار الحيوان أى دار الحياة الأبدية القائمة الدائمة .
تعليق