إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تدبر القرآن.. منزلته، وما ورد في السنة وعن السلف فيه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تدبر القرآن.. منزلته، وما ورد في السنة وعن السلف فيه




    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
    فهذا موضوع قيم في تدبر القرآن ، أنقله إليكم سائلة الله أن ينفعنا به.



    -
    أولا: منزلة التدبر في القرآن الكريم:
    1- قال الله - تعـالى -
    (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ص:29 في هذه الآيـة بين الله - تعالى - أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر لا مجرد التلاوة على عظم أجرها.
    قال الحسن البصري: "والله! ما تـدبُّـره بحفـــظ حـروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآنُ في خُلُق ولا عمل"(1).

    2- قال - تعالى -
    (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ) محمد:24.
    قال ابن كثير: " يقول الله تعالى آمراً عباده بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة:
    (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ) محمد:24 ، فهذا أمر صريح بالتدبر والأمر للوجوب.

    3- قال - تعالى -
    (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ)) [البقرة: 121].
    روى ابن كـثـيـر عـن ابن مسعود قال: "والذي نفسي بيده! إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله"(3).
    وقال الشوكاني: "يتلونه: يعملون بما فيه"(4) ولا يكون العمل به إلا بعد العلم والتدبر.

    4 - قــال - تعالى -
    (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ )) [البقرة: 78].
    قال الـشـوكـانـي: "وقيل: (الأماني: التلاوة) أي: لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون تفهم وتدبر"(5)، وقـال ابـن القـيـم: "ذم الله المحرفين لكتابه والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني"(6).

    5 - قال الله - تعالى -
    (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا )) [الفرقان: 30].
    قال ابن كثير: "وترك تدبره وتفهمه من هجرانه"(7).
    وقال ابن القيم: "هجر القرآن أنواع... الرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه"(.

    ثانياً: ما ورد في السنة في مسألة التدبر:

    1 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رســـــول الله صلى الله عـلـيـه وسلم قال:
    "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلـت عـلـيـهــم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"(9).
    فالسكينة والرحمة والذكر مقابل التلاوة المقرونة بالدراسة والتدبر.

    2 - روى حذيفة - رضي الله عنه -:
    "أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان يقرأ مـتـرســـلاً إذا مـر بـآيـة فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ"(10).
    فهذا تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره بالتسبيح والسؤال والتعوذ.

    3 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها
    ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) [المائدة: 118] (11).
    فهـذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم التدبر على كثرة التلاوة، فيقرأ آية واحدة فقط في ليلة كاملة.

    4 - عـــن ابن مسعود قال: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن"(12).
    فهكذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة القرآن: تلازم العلم والمعنى والعمل؛ فلا علم جديد إلا بعد فهم السابق والعمل به.
    5 - لما راجـــع عبد الله بن عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن لم يأذن له في أقل من ثلاث ليالٍ وقال:
    "لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث"(13).
    فدل على أن فقه القرآن وفهمه هو المقصود بتلاوته لا مجرد التلاوة.

    6 - وفي الموطأ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة يجهر فيها فأسقط آية فقال: يا فلان! هل أسقطت في هذه السورة من شيء؟ قال: لا أدري. ثم سأل آخر واثنين وثلاثة كلهم يقول: لا أدري، حتى قال: ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله فما يدرون ما تلي منه مما ترك؟ هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل فشهدت أبدانهم وغابت قلوبهم؛ ولا يقبل الله من عبد حتى يشهد بقلبه مع بدنه".

    ثالثاً: ما ورد عن السلف في مسألة التدبر:

    1 - روى مالك عــــن نافع عن ابن عمر قال: "تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً"(14).
    وطول المدة ليس عجزاً من عمر ولا انشغالاً عن القرآن؛ فما بقي إلا أنه التدبر.
    2 - عن ابن عباس قـال: "قدم على عمر رجل فجعل عمر يسأل عن الناس فقال: يا أمير المؤمنين! قد قرأ الـقــرآن منهم كذا وكذا، فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قـــــال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! فانطلقت لمنزلي حزيناً فجاءني، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا - يختصموا: كلٌ يقول الـحــــق عندي - ومتى يحتقوا يختصموا، ومتى اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، فـقــال عـمــــر: لله أبوك! لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها(15)"، وقد وقـع ما خشي منه عـمــــر وابن عـبــــاس - رضي الله عنهما - فخرجت الخوارج الذين يقرؤون القرآن؛ لكنه لا يجاوز تراقيهم.

    3 - عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: "كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخـــر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به. وفي هذا المعنى قال ابن مسعود: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به"(16).

    4 - قال الحـسـن البصري: "إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، وما تدبُّر آياته إلا باتـبـاعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن فما أسـقـطـت منه حرفاً وقد - والله! - أسقطه كله ما يُرى القرآن له في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهـــم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَسٍ! والله! ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الوَرَعــة مـتى كـانـت الـقــراء مـثـل هــذا؟ لا كـثَّــر الله في الناس أمثالهم"(17).

    5 - وقال الحسن أيضاً: "نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويعمل به؛ فاتخذوا تلاوته عملاً (1. أي أن عمل الناس أصبح تلاوة القرآن فقط بلا تدبر ولا عمل به".
    6 - كان شعبة بن الحجاج بن الورد يقول لأصحاب الحديث: "يا قوم! إنكم كلما تقدمتم فـي الـحـديـث تـأخـرتـم في القرآن"(19). وفي هذا تنبيه لمن شغلته دراسة أسانيد الحديث ومسائل الفقه عن القرآن وتدبره، وليس القصد التزهيد في تلك العلوم.
    7 - عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: "لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ (إذا زلزلت) و (القارعة) لا أزيد عليهما أحب إليَّ من أن أهذَّ القرآن ليلتي هذّاً. أو قال: أنثره نثراً"(20).

    8 - قال ابن القيم: "ليس شــيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع الـعـبـد عـلـى معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتتل فـي يـده مـفـاتـيـح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر، وتـشـهــده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصـــل إليه وقواطيع الطريق وآفاته، وتعرفه النفس وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة.

    فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فـيـهــا، وتميز له بين الحق والباطل في كل ما يختلف فيه العالم، وتعطيه فرقاناً ونوراً يفرق به بـيـن الـهــــدى والـضـــلال، وتـعـطـيه قوة في قلبه وحياة واسعة وانشراحاً وبهجة وسروراً فيصير في شأن والناس في شأن آخر؛ فــلا تـزال مـعـانـيـه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتهديــه فـي ظـلـم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها؛ لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل، وتناديه كلما فترت عــزمــاتــه: تقدمَ الركبُ، وفاتك الدليل، فاللحاقَ اللحاقَ، والرحيلَ الرحيلَ.
    فاعتصم بالله واستعن به وقل: "حسبي الله ونعم الوكيل"(21).

    الهوامش:
    (1) تفسير ابن كثير ، 7/64 ، ط : طيبة .
    (2) تفسير ابن كثير ، 3/364 ،ط: طيبة
    (3) تفسير ابن كثير ، 1/403.
    (4) فتح القدير ، 1/135.
    (5) فتح القدير ، 1/104.
    (6) بدائع التفسير ، 1/300.
    (7) تفسير ابن كثير 6/108.
    ( بدائع التفسير 2/292.
    (9) رواه مسلم ، ح/2699.
    (10) رواه مسلم ، ح /772.
    (11) رواه أحمد ، ح /20365.
    (12) رواه الطبري في تفسيره ، 1/80.
    (13) رواه الدارمي والترمذي برقم 2870 ، وصححه ورواه أحمد وأبو داود بلفظ : لم يفقه.
    (14) نزهة الفضلاء ، تهذيب سير أعلام النبلاء ، 1/35/أ.
    (15) نزهة الفضلاء ، تهذيب سير أعلام النبلاء ، 1/279.
    (16) الجامع لأحكام القرآن .
    (17) الزهد 276- تفسير ابن كثير 4/36.
    (1 مدارج السالكين ، 1/485.
    (19) نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء ، 2/582.
    (20) الزهد لابن المبارك ، 97 ، وانظر نضرة النعيم ، 913.
    (21) مدارج السالكين ، ج1
    ، ص 485 ، 486


    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 18-03-2015, 01:09 AM.
    >

  • #2
    رد: تدبر القرآن.. منزلته، وما ورد في السنة وعن السلف فيه

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا ... موضوع قيم جدا بالفعل
    وصدق صحابة رسولنا الكريم
    فقد أصبحنا فى زمن سهل فيه علينا حفظ القرءان
    ولكن ضاعت حدوده وأحكامة
    رب اغفر لنا تقصيرنا وارزقنا تلاوة القرءان على الوجة الذى يرضيك

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرًا
      اللهم ارحم أبى وأمى وأسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة
      اللهم اعتق رقابنا من النار
      يا وهاب هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء

      تعليق

      يعمل...
      X