من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته: "نصرته"
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
وهو واجب على جميع المسلمين: ذكورًا وإناثًا، علماء وولاة أمر وعوامًا، قولاً وفعلاً، كل بحسب قدرته واستطاعته، أدناها بالقلب،
ثم باللسان، ثم باليد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
-(من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
وأي منكر أعظم من العدوان على مقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟!
فهو فرض على الكفاية، إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الآخرين، مع وجوب إنكار القلب في كل حال، سواء تعيّن الذبّ والنصرة أو لم يتعيّن على آحاد المؤمنين؛ لأن الإنكار القلبي علامة الإيمان.
والدليل على وجوب نصرته، قوله تعالى:
- {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. فعلّق الفلاح بالنصرة؛ فمن لم ينصره فليس من المفلحين.
- {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ..}؛ فنصرة المؤمنين واجبة، والنبي أوجب.
- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }. ونصرة النبي من نصرة الله تعالى.
- وقوله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا)، فهذا في حق المؤمنين، وفي حق النبي أعظم.
ووقت النصرة: وجود الظلم والعدوان على مقام النبي، صلى الله عليه وسلم، في ذاته، أو أخلاقه، أو دينه.
فمتى وجِد هذا النوع من الظلم والعدوان: وجب على المؤمنين الذبّ عنه، صلى الله عليه وسلم. ولا يحل لهم أن يسكتوا أو يخضعوا ويرضوا..!!
فإن فعلوا ذلك؛ دلّ على خلل في إيمانهم، وضعف في ولائهم لله ورسوله، صلى الله عليه وسلم؛ فلا يرضى بالطعن في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
إلا منافق أو كافر،
أما المؤمن فيغضب ويتمعّر وجهه لأدنى من ذلك،لأذى يلقاه عوام المسلمين؛ لما بينه وبينهم من أخوة الإيمان؛ فأي عدوان على رأس المؤمنين وقائدهم
ومقدمهم فهو عليه أشد وأنكى.
بل حاله كحال "خبيب بن عدي" لمّا أخرجه أهل مكة من الحرم ليقتلوه، فقال له أبو سفيان: " أنشدك الله يا خبيب! أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك يضرب عنقه، وأنك في أهلك"؟.
فقال خبيب: "والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة، وإني جالس في أهلي". فقال أبو سفيان: "ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمدٍ محمدًا".
تعليق