إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم // مفهرس

    محنة فلسطين (1)

    بيت المقدس.. ذلك المكان الذي وصفه رب السماوات والأرض بالبركة والطهارة والقدسية، فهو مهبط الوحي من رب العالمين، ومبعث الأنبياء والمرسلين، وأولى القبلتين، ومسرى حبيبنا محمد الصادق الأمين، فما له الآن يئن تحت وطأة الأرجاس الأنجاس! وتتحكم فيه شرذمة فاقت في الشر كل الناس! أما له من يعرف قدره؟! أما له من يحميه ويطهره من ذلك النجس والخبث؟! بلى، سيأتي رجال يعرفون قدره، ويطلبون الموت مظانه .

    سؤال سليمان عليه السلام ربه عز وجل إصابة الحكم والملك


    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد: فقد جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" لما فرغ سليمان بن داود عليهما السلام من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثًا: حكمًا يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحداً لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة ".
    الحديث رواه الإمام أحمد في المسند، ورواه ابن ماجة في سننه في كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في الصلاة في بيت المقدس، وصححه الألباني في التعليق الرغيب، وأيضاً في صحيح ابن ماجة برقم (1156). قوله عليه السلام " لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثًا: -الأولى- حكمًا يصادف حكمه " أي: حكمًا يوافق حكم الله تبارك وتعالى، والمراد: أن يوفقه الله تبارك وتعالى للصواب في الاجتهاد وفي فصل الخصومات بين الناس، كما بان ذلك في القصة المذكورة في سورة الأنبياء في قوله تبارك وتعالى " فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ " الأنبياء:79. وقوله " مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي " ص: ٣٥، أي: أن الأمر الثاني الذي طلبه سليمان عليه السلام لما فرغ من بناء بيت المقدس هو ما حكاه الله عز وجل في قوله " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ " ص:35، أي: لا يكون لأحد من بعدي، والمقصود من هذا: أن يكون ملكًا عظيمًا، فهو طلب هذا الملك لا لعظمه وكبر شأنه، وإنما معجزة له؛ حتى يكون سببًا للإيمان والهداية، وأراد أن تكون معجزته مما يناسب حاله عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فهو أراد أن يهبه الله هذا الملك العظيم، حتى يكون معجزة له، ودلالة على نبوته عليه السلام. هذا هو التفسير الصحيح لهذا الدعاء الذي دعاه سليمان عليه السلام " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ " ص:35، لا كما يذهب أذناب اليهود والجهال من بعض الناس من وصف نبي الله سليمان عليه السلام بما لا يليق من الصفات، بناءاً على تفسير منحرف لهذا الدعاء ..... .

    فضل المسجد الأقصى

    وقوله " وألا يأتي هذا المسجد "، أي :لا يدخل المسجد الأقصى بيت المقدس " أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أما اثنتان فقد أعطيهما " أي : أعطي الأولى والثانية، فوهبه الله الفهم، ووفقه للصواب في اجتهاداته، فوافق حكمه حكم الله تبارك وتعالى، وآتاه ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، كما فسر ذلك في عدة مواضع من القرآن، ثم تمنى النبي صلى الله عليه وسلم فقال " وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة " وفي هذا فضيلة عظيمة للمسجد الأقصى، الذي أنزل الله تبارك وتعالى فيه قوله عز وجل " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " الإسراء:1. فالمسجد الأقصى وبيت المقدس يحتلان مكان القلب من كل مسلم؛ لأنه موضع شرفه الله تبارك وتعالى، وهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وهو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول بعض الشعراء:
    مررت بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى وفي المحراب مروان
    تمثل المسجد المحزون واختلفت على المنابر أحرار وعبدان
    فلا الأذان أذان في منابره من حيث يتلى ولا الآذان آذان

    فالمسجد الأقصى الآن دمعه في عين كل مسلم، وطعنة في قلب كل مؤمن، ومصيبة يعيشها الآن كل المسلمين: العرب والهنود والأتراك والأفغان وكل مسلم مخلص لهذا الدين على وجه الأرض. وقد أم فيه الأنبياء -عليهم السلام خاتمُهم وسيدُهم محمد صلى الله عليه وسلم، وفتحه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحرره صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، هذا المسجد سلب منا، وقطع من فؤادنا يوم ضعفت في قلوبنا (لا إله إلا الله)، يقول الشاعر:
    أيا عمر الفاروق هل لك عودة
    فإن جيوش الروم تَنْهى وتأمر
    رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم
    وجيشك في حطين صلوا وكبروا
    نساء فلسطين تكحلن بالأسى
    وفي بيت لحم قاصرات وقصر
    وليمون يافا يابس في أصوله
    وهل شجر في قبضة الظلم يثمر
    هذا المسجد الشريف ورد ذكره في الكتاب والسنة، وشرفه الله تبارك وتعالى ووصفه بأعظم الصفات .... .


    مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين

    وقد انتقلت هذه الأرض المقدسة والمسجد الأقصى إلى إرث الأمة الإسلامية، فهذه الأمة المصطفاة هي التي ورثت الاصطفاء والاجتباء بعد بني إسرائيل، فبنو إسرائيل جحدوا نعمة الله عليهم وقد كانوا خير الأمم في زمانهم، فلما كفروا وعتوا وعلوا عن أمر الله تبارك وتعالى أبدل الله عز وجل خيرًا منهم، وصارت هذه الأمة المحمدية خير أمة أخرجت للناس مطلقًا، فورثت هذه الأمة الاصطفاء والاجتباء بعد بني إسرائيل .
    وقد احتل المسجد الأقصى واحتلت بيت المقدس مكانًا متميزًا ومكانة رفيعة في قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم. فالقدس والأقصى يسكنان مكان القلب من كل مسلم ..... .

    رفع الشرع لمكانة المسجد الأقصى وبيت المقدس


    أضفى الإسلام على المسجد الأقصى وبيت المقدس مزيدًا من القدسية والشرف، حتى إن القرآن الكريم جاء فيه وصف أرض بيت المقدس بصفات البركة والطهر والقدسية، يقول تبارك وتعالى حاكيًا عن موسى عليه السلام " يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ " المائدة:21، فوصفها بالقداسة والطهارة، وقال عز وجل " وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا " الأعراف:137، فوصفها أيضاً بالبركة، وقال أيضًا " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه " الإسراء:1، وقال عز وجل أيضًا في شأنه "وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ "الأنبياء:71، وقال عز وجل " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ " الأنبياء:81، وقال عز وجل أيضًا" فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ "القصص:30، وقال تبارك وتعالى " وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ، وهي الشام، قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ " سبأ:18. وقد أشارت آيات القرآن أيضًا إلى قدسية هذه الأرض حينما أقسم الله عز وجل بها في سورة التين " وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ " التين 1: 3، وقال عز وجل في شأن عيسى عليه السلام وأمه " وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ " المؤمنون:50. قال قتادة و كعب و السدي : إن هذه إشارة إلى بيت المقدس. وقال تبارك وتعالى " وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ " ق:41، ورد في التفسير أن المنادي هو: إسرافيل ينادي من صخرة بيت المقدس. وفي قوله تبارك وتعالى " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ " النور:36، قال عكرمة : إنها المساجد الأربعة: المسجد الحرام، ومسجد قباء، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس. وفي تفسير قوله تبارك وتعالى " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا " البقرة:114 قال كثير من المفسرين: هو مسجد بيت المقدس. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وقد دل الكتاب والسنة وما روي عن الأنبياء المتقدمين مع ما علم بالحس والعقل: أن الخلق والأمر ابتدأ من مكة أم القرى، فهي أم الخلق، وفيها ابتدأت الرسالة المحمدية التي طبق نورها الأرض، وجعلها الله قياماً للناس، إليها يصلون ويحجون، ويقوم بها ما شاء الله من مصالح دينهم ودنياهم. فكان الإسلام في الزمان الأول ظهوره بالحجاز أعظم، ودلت الدلائل المذكورة على أن ملك النبوة سيكون في الشام، والحشر إليها، فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق والأمر، وهناك يحشر الخلق، قال عز وجل " هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ " الحشر:2، والمقصود بها : الشام . فيحشر الخلق إلى الشام، والإسلام في آخر الزمان يكون أظهر بالشام كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أن مكة أفضل من بيت المقدس فأول الأمة خير من آخرها، كما أنه في آخر الزمان يعود الأمر إلى الشام، كما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في ليلة الإسراء إقرارًا مبينًا بأن الإسلام هو الرسالة الخاتمة، والوحي الأخير إلى البشر، وكان تمامها على يد محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن وطأ لها العباد الصالحون من رسل الله الأولين. وكان في الإسراء أيضًا دلالة على أن آخر صبغة للمسجد الأقصى في شرع الله هي الصبغة الإسلامية، فاستقر نسب المسجد الأقصى إلى الالتصاق بالأمة التي أم رسولها سائر الأنبياء. ولا شك أن في اقتران الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى بالمسجد الأقصى دليلاً باهرًا على مدى ما لهذا البيت من مكانة عند الله تعالى، ودليل كذلك على صحة القول: بأن المسجد الأقصى في المركز الذي لا يصعد إلى السماء إلا منه، ولهذا فإن الناس يحشرون هناك، وينصرفون من تلك الأرض إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وقد ردت أيضًا أحاديث كثيرة بجانب هذه الجملة من الآيات في فضل وشرف بيت المقدس والمسجد الأقصى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى "رواه البخاري و مسلم . وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أُتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم دخلت المسجد -يعني: مكان المسجد- فصليت فيه ركعتين، ثم عرج بي إلى السماء "رواه مسلم . وعن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الدجال، فذكر الحديث وفيه: قال عليه الصلاة السلام " وعلامته -أي: الدجال-: يمكث في الأرض أربعين صباحاً، يبلغ سلطانه كل منهل، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة، ومسجدي -مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم- والمسجد الأقصى، والطور "رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر : رجاله ثقات. وفي الحديث الذي ذكرناه عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثًا: حكمًا يصادف حكمه، وملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه -يعني: مخلصاً لله- إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال صلى الله عليه وسلم: أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة " رواه الإمام أحمد في مسنده، ورواه أيضًا ابن ماجة في سننه. وعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت " قلت: يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس؟ قال: أرض المحشر والمنشر- يعني: الأرض التي يكون فيها الحشر والنشور- ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه، قال: أهدي له زيتًا يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه "رواه الإمام أحمد و أبو داود وابن ماجة، وقال في (مصباح الزجاجة) وإسناد طريق ابن ماجة صحيح، ورجاله ثقات، وهو أصح من طريق أبي داود . وعن ذي الأصابع رضي الله عنه قال " قلت: يا رسول الله! إن ابتلينا بعدك بالبقاء-طول العيش- فأين تأمرنا؟ قال عليه الصلاة والسلام: عليك ببيت المقدس؛ فلعله ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون "رواه الإمام أحمد و الطبراني في الكبير، وفيه ضعف. وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يا أبا ذر ! كيف تصنع إن أخرجت من المدينة؟ قال: قلت إلى السعة والدعة، أنطلق حتى أكون حمامة من حمام مكة، قال: كيف تصنع إن أخرجت من مكة، قال: قلت: إلى السعة والدعة، إلى الشام والأرض المقدسة، قال : وكيف تصنع إن أخرجت من الشام، قال: قلت: إذاً والذي بعثك بالحق! أضع سيفي على عاتقي "رواه الإمام أحمد و الطبراني ورجاله رجال الصحيح، إلا أن أبا السليل ضريب بن نقير لم يدرك أبا ذر . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم من خذلهم، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة "رواه أبو يعلى ، وقال الهيثمي : رجاله ثقات. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بينما أنا نائم، إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري، فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام "رواه الإمام أحمد و البزار وقال ابن حجر : سنده صحيح. وعن أبي حوالة الأزدي رضي الله عنه قال : وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأسي أو على هامتي ثم قال " يـابن حوالة ! إذا رأيت الخلافة قد نزلت بالأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك "رواه الإمام أحمد .

    بداية الفتوحات في بلاد الشام وفلسطين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

    التعظيم والتكريم في القرآن والسنة للمسجد الأقصى ولبيت المقدس جعل لهما هذه المساحة العظيمة في صفحات التاريخ الإسلامي وفي قلوب المسلمين منذ عهد النبوة إلى يومنا هذا. فالمسجد الأقصى هو المكان الذي عرج منه النبي صلى الله عليه وسلم ليرى من آيات ربه الكبرى، فكان ذلك تشريفًا للنبي صلى الله عليه وسلم أن عرج به إلى ذلك المقام العظيم من هذا المكان العظيم؛ ليرقى إلى ملأ عظيم، في ليلة عظيمة. ولو لم يحدث في زمن النبوة ما يشرف ذلك المكان إلا ذلك الحدث لكفاه تشريفًا وتعظيمًا، لكن الواقع أن بيت المقدس كان له نصيب آخر من أحداث عهد النبوة؛ إذ توجه إليه اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم عملاً بعد أن ندب إلى تكريمه وتعظيمه من ناحية المعنى، فقد تلفتت أنظاره إلى بيت المقدس في الشام ليطهرها من أوضار الشرك الصليبي كما طهر مكة من أوضار الشرك العربي، ولتبدأ بذلك الخطوة الأولى نحو الهدف الكبير، هدف تحرير الأرض المقدسة وتكسير الآثار التي حلت بها. لذلك ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، وتوجه النظر إلى بيت المقدس، كما توجه النظر إلى الشام وإلى آفاق الأرض، وندب الناس إلى الخروج إلى الشام، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم رسالة إلى هرقل عظيم الروم يدعوه إلى الإسلام، كما بعث إلى شرحبيل بن عمرو الغساني عظيم بصرى رسولاً يدعوه إلى الإسلام، فاعتدى على المبعوث وقتله، فأعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف مقاتل للخروج إلى مؤتة، وفي تلك الغزوة قتل زيد بن حارثة و جعفر بن أبي طالب و عبد الله بن رواحة رضي الله عنهم، وتلقى سيف الله المسلول الراية بعد مقتل الثلاثة ففتح الله عليه، فانسحب الانسحاب الآمن المعروف. ثم بدأت الروم تحشد الجيوش للإغارة على دولة الإسلام؛ ولتبقي يدها على بيت المقدس، ولتظل الروم ممسكة بزعامة العالم النصراني من هناك، فأعدوا الجيوش لضربة مركزة، فتنامت إلى أسماع المسلمين أنباء ذلك الإعداد، فاستنفر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين لملاقاة ذلك العدو المستكبر، وكان ذلك في السنة التاسعة للهجرة، فاكتنف إعداد الجيش الذي أنشئ لقتال الروم في الشام ظروف عصيبة، حتى سمي جيش العسرة، والآيات التي نزلت في القرآن الكريم المتعلقة بغزوة العسرة هي أطول ما نزل في القتال بين أهل الإسلام وغيرهم من ملل الكفر، وذلك واضح لمن تأمل سورة التوبة.
    خرج عليه الصلاة والسلام في ثلاثين ألفًا من المقاتلين، خرج بهم عليه الصلاة والسلام في تعبئة لم تسبق من قبل الجيش الإسلامي، فلما بلغ الجيش الإسلامي تبوك لم يجد للروم أثرًا يدل على أنهم مستعدون لخوض الحرب، فقد رعبوا من الالتقاء بالجيش الإسلامي، وجاء ختام الغزوة طمأنينة وعزة للمسلمين، فأقفل بهم النبي صلى الله عليه وسلم عائدًا إلى المدينة . وبعدما رجع عليه الصلاة والسلام من حجة الوداع إلى المدينة أمر المسلمين بالتهيؤ لغزو معاقل الروم في أرض الشام، واختار لإمرة هذا الغزو أسامة بن زيد رضي الله عنهما، وكان ذلك في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم، وخرج الجيش الإسلامي بقيادة أسامة الذي لم يتجاوز عمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، وعسكر في الجرف حينما سمع باشتداد المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصعدت روحه إلى بارئها جل وعلا، فأقام الجيش هناك، ينتظر ما الله قاضٍ في هذا الأمر .... .


    الفتوحات في الشام وفلسطين في عهد أبي بكر رضي الله عنه

    أنفذ أبو بكر رضي الله عنه بعث أسامة، وكان بعض الناس قد نصحه أن يستفيد من هذا الجيش في قتال المرتدين، لكنه أبى وأنفذ بعث أسامة، وتحقق من إنفاذه توجه نظره إلى توجيه جيش إسلامي كبير إلى الشام، ليس لقتال الروم فقط، بل لفتحها وإدخالها إلى حظيرة الإسلام، وتم إعداد جيش من إثني عشر ألف مقاتل بإمرة خالد بن الوليد بعد أن انتهى دوره من قتال المرتدين، وحضر لقتال الروم جمع مبارك من أفذاذ قادة المسلمين من الصحابة، وتمخضت ملامح النصر عن فتح عدة مدن بفلسطين، وكان فتحها تمهيدًا وتذليلاً للطريق إلى مدينة القدس بعد عهد أبي بكر رضي الله عنه.

    فتح عمر رضي الله عنه لبيت المقدس

    في عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه استأنف الإعداد لفتح بيت المقدس، فوجه أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى المدينة المقدسة في خمسة آلاف فارس، ثم أتبعهم بخمسة آلاف تحت قيادة يزيد بن أبي سفيان ، ثم بخمسة آلاف تحت قيادة شرحبيل بن حسنة ، فاجتمعوا جميعًا، وضربوا الحصار حول المدينة المقدسة حوالى أربعة أشهر، حتى طلب أهلها الصلح على أن يتولى عمر بنفسه تسلم المدينة، فاستجاب عمر رضي الله عنه، وخرج بنفسه إلى إيلياء، فوصل إليها في شهر رجب من السنة السادسة عشرة للهجرة في شهر الإسراء والمعراج؛ ليحرر مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفك عنه الأغلال، ودخل المدينة عن طريق جبل المكبر، الذي سمي بجبل عمر ؛ لأن عمر رضي الله عنه دخل منه. ولما أشرف على المدينة المقدسة من فوقه كبر عمر رضي الله عنه، وكبر المسلمون معه، ومن ثم سمي جبل المكبر، وبعد أن دخلها ووصل إلى أرض المسجد الأقصى أزال عنها ما وضعه النصارى من أقذار، وبنى مسجدًا أمام الصخرة، وجعل الصخرة في مؤخرته. والناس إذا ذكر عندهم المسجد الأقصى يتبادر إلى ذهنهم هذه القبة المبنية فوق الصخرة، والتي يجعلون بناءها من عجائب الدنيا، وهذه القبة هي جزء من أرض المسجد الأقصى، أما المسجد الأقصى فهو كل المساحة التي حول قبة الصخرة، وأرض المسجد الحقيقي هو الموجود في الجهة الغربية من قبة الصخرة، فالمسجد الأقصى كبناء وكمسجد ليس هو قبة الصخرة، وإن كان في الأصل أن قبة الصخرة جزء من هذه الساحة التي هي والأرض المحيطة بها كلها تشكل كلمة المسجد الأقصى ..... .
    اهتمام خلفاء بني أمية بالمسجد الأقصى وبيت المقدس

    عندما استقر الأمر لأمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أخذ البيعة من الناس في مدينة القدس، ثم اختار دمشق عاصمة للخلافة. وفي عهد عبد الملك بن مروان أخذ لنفسه البيعة في بيت المقدس، وتولى أعمار المدينة المقدسة حتى غدت في عهده وعهد ابنه الوليد بن عبد الملك من أعظم المراكز الحضارية في الدولة الإسلامية، وتولى عبد الملك تشييد المسجد الأقصى في بناء جديد، وكذلك هو الذي تولى تشييد مسجد قبة الصخرة، وأوقف خراج مصر لسبع سنين في تشييدهما، فكان الخراج الذي يجمع من مصر لمدة سبع سنين وقفًا على تشييد المسجد الأقصى وقبة الصخرة، حتى صارا على شكلهما القائم اليوم. أما الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز فإنه لما تولى الحكم طلب من جميع ولاته أن يزوروا المسجد الأقصى، ويقسموا يمين الطاعة والعدل بين الناس فيه. وفي عهد العباسيين زاد اهتمامهم بالقدس لاسيما في عهد أبي جعفر المنصور ، وكذلك في العهود التي تلت ذلك ..... .

    بداية سقوط القدس في أيدي الصليبيين

    استطاع السلجوقيون أن يستولوا على المدينة المقدسة من قبضة الفاطميين الذين كانوا يعتبرون أعداءً تقليديين لهم، فاحتلوا المدينة عام (465هـ) الموافق عام (1071م)، لكن الفاطميين استعادوها منهم، ولم يلبث الصليبييون أن انتزعوا القدس من أيدي أوليائهم الفاطميين الذين كانوا من الأسباب الرئيسية في النكبة الصليبية التي حلت ببيت المقدس. انتهزت الزعامة الباباوية نداءً وجهه البطريرك كنعان الثاني بطريرك القدس وبطرس الناسك ، وتوجه هذا المدعوم من البابا إلى مجمع للنصارى سنة (1095م)، ودعا إلى شن حروب ضد المسلمين لإخراجهم من بيت المقدس؛ فاستجاب ملوك وأمراء الإقطاع في أوروبا الوسطى والغربية؛ لأن في تلبيتهم لهذا النداء فرصة لتحقيق حلمهم القديم في إقامة إمبراطورية جديدة في الشرق على غرار الإمبراطورية الرومانية التي قصم المسلمون ظهرها. وتقدم النصارى ملبين نداء البابا وهم يدقون نواقيس الحرب، ووقعت القدس في يد النصارى بعد أربعين يومًا من الحصار، وذلك بعد انخذال الشيعة في الدفاع عنها، وهروب قائدهم المدعو افتخار الدولة وحرسه، وسقطت المدينة المقدسة في أيدي عباد الصليب في نهار يوم الجمعة في الثالث والعشرين من شعبان سنة (492هـ) في عهد الخليفة المستعلي بالله الفاطمي لا أعلاه الله، و المستظهر بالله الفاطمي لا أظهره الله؛ ولم يكن لدى الفاطميين إلا أسماء وألقاب فقط، كـالعاضد لدين الله، والمعز لدين الله، والحاكم بأمر الله، وهكذا. وتهيأت الفرصة لعباد الصليب لأول مرة بعد أن أضاءت الدنيا بنور الإسلام أن يسددوا للمسلمين طعنة في الصميم، ودخل الصليبيون المدينة منطلقين في هوس وجنون يزرعون الرعب والدمار والخراب، منتشين بما أصابوا من نصر رخيص على يد حاكم أرعن، ولم يسلم من بطشهم رجل ولا امرأة ولا شيخ ولا طفل، فقتلوا الجميع دون تمييز، وأراقوا الدماء دون تورع، وشاهوا وجوه الناس وأساءوا إليهم، فلم يسلم من ظلمهم خد أيمن ولا أيسر، واستمرت المذبحة الرهيبة طوال يوم الدخول وليلته، واقتحموا المسجد الأقصى صباح اليوم التالي، وأجهزوا على من احتموا فيه، واصطبغت ساحات المسجد بدماء العباد والزهاد والركع السجود، وتوجه قائد الحملة الصليبية ريموند في الضحى لدخول ساحة المسجد ملتمسًا طريقًا بين الجثث والدماء التي بلغت ركبته .... !!

    استعادة صلاح الدين الأيوبي رحمه الله للقدس

    ظل الصليبيون في بيت المقدس يشيعون فيه الإفساد مدة إحدى وتسعين سنة، إلى أن أذن الله بالنصر للسلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فالحقيقة أن هذا الأمر مما يلفت النظر، فالقدس صارت لسنوات كثيرة في يد الصليبيين أطول مما صارت الآن في يد اليهود لعنهم الله. فالسنوات في عمر الدعوات هي ثوانٍ ولحظات في الحقيقة، فمهما طال الأمد فلابد أن تعلو كلمة الله تبارك وتعالى، وقد جاءنا الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام سيظهر في الشام، وأن خلافة داود في بيت المقدس؛ حتى لا يصيب المسلمين اليأس، فمهما طال العهد بهؤلاء اليهود فإن من سبقوهم مكثوا في القدس أكثر مما مكثوا، وعلوا في الأرض أكثر مما علوا. أذن الله بالنصر للسلطان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، فقد توجه نهار الأحد الخامس عشر من رجب فنزل بجيشه غربي بيت المقدس، ثم انتقل إلى الجانب الشمالي، وخيم هناك، وضيق على الإفرنج المسالك، ونصب المجانيق، وضرب على المدينة حصاراً انتهى بتسليم الصليبيين إياها يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، فاتفق الفتح في اليوم الذي كان فيه حادثة الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما يرطب قلوبنا ويحيي الأمل في نفوسنا أن نطالع ما حدث في ذلك اليوم العظيم، كما حكاه الإمام ابن كثير رحمه الله تبارك وتعالى، وقد صحح الحافظ ابن كثير أن صلاة الجمعة أقيمت في الجمعة المقبلة، وليس في أول جمعة؛ لأنهم لم يتمكنوا من إقامتها يومئذ لضيق الوقت، وإنما أقيمت في الجمعة المقبلة، وكان الخطيب محيي الدين بن محمد بن علي القرشي بن الزكي . يقول ابن كثير : لكن المسلمين نظفوا المسجد الأقصى مما كان فيه من الصلبان والرهبان والخنازير، وخربت دور الداوية، وكانوا قد بنوها غربي المحراب الكبير، واتخذوا المحراب مشتًا لعنهم الله، فنظف من ذلك كله، وأعيد إلى ما كان عليه في الأيام الإسلامية، وغسلت الصخرة بالماء الطاهر، وأعيد غسلها بماء الورد والمسك الفاخر، وأبرزت للناظرين، وقد كانت مستورة مخبوءة عن الزائرين، وأنزل الصليب عن قبتها، وعادت إلى حرمتها. وقد كان الفرنج قلعوا منها قطعاً فباعوها من أهل البحور الجوانية بزنتها ذهبًا، فتعذر استعادة ما قطع منها، ثم قبض -أي: السلطان صلاح الدين - من الفرنج ما كانوا بذلوه عن أنفسهم من الأموال، وأطلق السلطان خلقًا منهم من بنات الملوك بمن معهن من النساء والصبيان والرجال، ووقعت المسامحة في كثير منهم، وشفع في أناس كثير منهم فعفا عنهم، وفرق السلطان جميع ما قبض منهم من الذهب في العسكر، ولم يأخذ منه شيئًا مما يقتنى ويدخر؛ فقد كان رحمه الله حليمًا كريمًا مقدامًا شجاعًا رحيمًا ... .
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 10-01-2012, 10:35 PM. سبب آخر: تنسيق الموضوع
    عذراً رسول الله

    هجوتَ محمداً فأجبتُ عنه .. وعند اللهِ فى ذلك الجـزاءُ

    هجوتَ محمداً برّاً تقيـاً .. رسولَ اللهِ شيمته الوفـاء

    فإن أبى ووالده وعِرضى .. لعرضِ محمدٍ منكم وِقـاءُ


  • #2
    رد: محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم

    أول جمعة أقيمت في المسجد الأقصى بعد استعادة القدس وذكر خطيبها
    يقول الحافظ ابن كثير حاكياً ما حدث في أول جمعة أقيمت ببيت المقدس بعد فتحه: لما تطهر بيت المقدس مما كان فيهم من الصلبان والنواقيس والرهبان والقساقس، ودخله أهل الإيمان، ونودي بالأذان، وقرئ القرآن، ووحد الرحمن، كان أول جمعة أقيمت في اليوم الرابع من شعبان بعد يوم الفتح بثمانٍ، فنصب المنبر إلى جانب المحراب، وبسطت البسط، وعلقت القناديل، وتلي التنزيل، وجاء الحق، وبطلت الأباطيل، وصفت السجادات، وكثرت السجدات، وتنوعت العبادات، وارتفعت الدعوات، ونزلت البركات، وانجلت الكربات، وأقيمت الصلوات، وأذن المؤذنون، وخرس القسيسون، وزال البوس، وطابت النفوس، وأقبلت السعود، وأدبرت النحوس، وعبد " الله الأحد الصمد الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ" الإخلاص:3-4 ، وكبره الراكع والساجد، والقائم والقاعد، وامتلأ الجامع، وسالت لرقة القلوب المدامع، ولما أذن المؤذنون للصلاة قبل الزوال، كادت القلوب تطير من الفرح في ذلك الحال! ولم يكن عين خطيب، فبرز من السلطان المرسوم الصلاحي وهو في قبة الصخرة: أن يكون القاضي محيي الدين بن الزكي اليوم خطيباً، فلبس الخلعة السوداء، وخطب للناس خطبة سنية فصيحة بليغة، ذكر فيها شرف بيت المقدس، وما ورد فيه من الفضائل والترغيبات، وما فيه من الدلائل والأمارات. وقد أورد الشيخ أبو شامة الخطبة في الروضتين بطولهما، وكان الخطيب الإمام ابن الزكي رحمه الله أول ما صعد المنبر بدأ الخطبة بقوله:" فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " الأنعام:45 ، ثم أورد تحميدات القرآن كلها -أي: كل الآيات التي فيها حمد لله تبارك وتعالى من القرآن- ثم قال: الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومزيد النعم بشكره، ومستدرج الكافرين بمكره، والذي قدر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاض على العباد من طله وهطله، الذي أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانع، والظاهر على خليقته فلا ينازع، والآمر بما يشاء فلا يراجع، والحاكم بما يريد فلا يدافع، أحمده على إظفاره وإظهاره، وإعزازه لأوليائه، ونصرة أنصاره، ومطهر بيت المقدس من أدناس الشرك وأوضاره، حمد من استشعر الحمد باطن سره وظاهر أجهاره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهر بالتوحيد قلبه، وأرضى به ربه. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، رافع الشكر، وداحض الشرك، ورافض الإفك، الذي أسري به من المسجد الحرام إلى هذا المسجد الأقصى، وعرج به منه إلى السماوات العلى، إلى سدرة المنتهى، "عندها جنة المأوى" ، "ما زاغ البصر وما طغى" ، صلى الله عليه وعلى خليفته الصديق السابق إلى الإيمان، وعلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، أول من رفع عن هذا البيت شعار الصلبان، وعلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان ذي النورين جامع القرآن، وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مزلزل الشرك ومكسر الأصنام، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان. واستمر رحمه الله في ذكر فضائل بيت المقدس، ثم ذكر تمام الخطبتين، ثم دعا للخليفة الناصر العباسي ، ثم دعا للسلطان الناصر صلاح الدين ، وبعد الصلاة جلس الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن نجى المصري على كرسي الوعظ بإذن السلطان، فوعظ الناس، واستمر القاضي ابن الزكي يخطب الناس في أيام الجمع أربع جمعات. ثم قرر السلطان للقدس خطيباً مستقراً، وأرسل إلى حلب فاستحضر المنبر الذي كان الملك العادل نور الدين الشهيد قد أعده لبيت المقدس -وقد أحرق في حادثة إحراق المسجد الأقصى قبل عدة سنوات- وقد كان يؤمل أن يكون فتحه على يديه، وكان قد أعد هذا المنبر حتى يصلي فيه، لكن لم يكتب له ذلك، وقتل شهيداً رحمه الله، أي: أن الملك نور الدين كان يؤمل أن يكون فتحه على يديه، فما كان إلا على يدي بعض أتباعه بعد وفاته، وهو صلاح الدين رحمه الله ...
    قيام دولة اليهود على أساس ديني
    نحتاج أيضاً قبل الخوض في هذه القضية إلى المرور العابر على الصدام بين المسلمين واليهود فيما يتعلق بفلسطين، فإن المتأمل في مسيرة الصراع بين المسلمين واليهود لعنهم الله تصدمه حقائق كبيرة يراد تكذيبها، ومعالم خطيرة يراد تحقيرها، من هذه الحقائق المهمة والخطيرة جداً: أن الكيان اليهودي جعل الدين ركيزته التي تنطلق منها سياسته؛ فالدولة اليهودية قائمة على أساس ديني محض، لا تشوبه أية شائبة أخرى، وسياساتهم تقوم على دينهم وعلى عقيدتهم، فظل هذا الكيان ينتقل من خلال الصراع مع المسلمين من إنجاز إلى إنجاز، ومن قوة وانتشار إلى مزيد من القوة والانتشار، في الوقت الذي ظلت فيه الكيانات العلمانية التي تصدرت للمعركة تتخبط في سيرها متنقلة من فشل إلى فشل، ومن تنازل وخسارة إلى مزيد من التنازل والخسارة. واليهود رفعوا منذ بدأ القتال مع المسلمين راية واحدة هي راية التوراة، فإن اليهود حينما غادرت قوات الجيش المصري المرابطة في جنوب فلسطين دخلوا مكانهم، ووصلت إحدى كتائبهم إلى حدود سيناء سنة (1948م) فنزل الضباط والجنود اليهود من سياراتهم وقبلوا التربة، باعتبار أن سيناء في نظرهم أرضهم المقدسة. وحينما وقع العدوان الثلاثي على مصر في 29 أكتوبر سنة (1956م)، ووصلت القوات اليهودية إلى حدود سيناء كان في طليعة القوات الزاحفة سيارة جيب تتقدم جميع القوات الزاحفة، وكانت تحمل كتاباً ضخماً هو التوراة، ومن خلفه وقف حاخام يخطب في الجنود ويقول: يا أبناء إسرائيل! إنكم تدخلون الآن الأرض المقدسة؛ حيث تسلم موسى الشريعة، فهيا لتطهيرها من الأعداء. يعني: من المصريين، فالمنطلق الذي ينطلق منه أعداء الله منطلق ديني، وليس بمنطلق اقتصادي ولا سياسي ولا أي شيء آخر، فكل مواقفهم تنطلق من هذه الركيزة التي لا يتخلون عنها. ففلسطين في زعمهم هي أرض الميعاد، وقد أسموا دولتهم باسم نبي الله يعقوب عليه السلام: إسرائيل، وجعلوا دستور دولتهم التوراة، فالدستور الذي يحكم إسرائيل هو التوراة، فهي دولة دينية، ورفضوا أن يحددوا لهذه الدولة حدوداً رسمية، إلا بعد أن ينتهوا من ضم الحدود التي ترسمها التوراة!! ومعلوم أنهم ينقشون على جدار الكنيست العبارة المعروفة: "أرضك الكبرى -يا إسرائيل- من النيل إلى الفرات" ، وهذا المعنى نفسه يعبر عنه العلم اليهودي الذي يرفرف الآن في بعض العواصم التي من المفروض أن تكون إسلامية. فالعلم اليهودي عبارة عن أرضية فيها خطان أزرقان، وفي الوسط نجمة داود السداسية، والخطان الأزرقان هما رمزان للنهرين، فأحدهما يشير إلى النيل، والآخر يشير إلى الفرات، وما بينهما نجمة داود تشير إلى أن منطقة السيادة اليهودية بين النيل وبين الفرات. والآن بدءوا ينادون بضم يثرب، أي: ضم المدينة المنورة، ويزعمون أن لهم حقاً في المدينة المنورة، كما سنبين. والمقصود: أنهم رفضوا أن يحددوا حدوداً رسمية لدولتهم، إلا بعد أن ينتهوا من ضم الحدود التي ترسمها التوراة، وخاضوا معاركهم التي كان يقودهم فيها الأحبار والحاخامات، وجعلوا لدولتهم بكل توجهاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية شعاراً واحداً يتوسط العلم الإسرائيلي هو نجمة داود التي ترمز إلى قبلة هذا المجتمع العقائدي وهذه الدولة التي يريدون إعادتها بعد غياب ألفي عام. وهذه القبلة هي هيكل سليمان الثالث، ويسمونه ثالثاً؛ لأنه هدم من قبل مرتين، والآن يخططون لإعادة بنائه بعد هدم المسجد الأقصى. فهذه القبلة هي هيكل سليمان الثالث، ذلك المعبد الذي يريدون أن يبنوه مكان المسجد الأقصى والصخرة؛ ليبرزوا بذلك معالم الدولة الدينية اليهودية العالمية ذات الاسم الديني والدستور الديني والحدود الدينية والشعار الديني؛ لتكتمل بذلك صورة الدولة اليهودية العالمية، على أنقاض دولة الخلافة الإسلامية. ......
    الإسلام لم يواجه اليهود في فلسطين بعد
    قد مر على قيام الدولة اليهودية إلى الآن ما يزيد على أربعين عاماً، وقد أثبتت كل الشواهد خلالها الفشل الذريع والهزائم المنكرة والتراجع المذهل للاتجاه العلماني بأثوابه المتعددة، كالقوميين الاشتراكيين والتقدميين البعثيين، إلى آخر قائمة هؤلاء الملحدين. فالذي هزم وتراجع أمام اليهود ليس هو الإسلام؛ لأن الإسلام لم يدخل في مواجهة حقيقية مع اليهود حتى الآن، ولابد أنه سيأتي اليوم الذي يرى اليهود أتباع محمد صلى الله عليه وسلم الذين قالوا في حقهم يوم 5 يونيو سنة 1967م يوم أن خرجوا إلى المسجد الأقصى يهتفون ويقولون -لعنهم الله-: محمد مات، خلف بنات! هذا هو ما كان ينطق به اليهود، فهم لم يروا أتباع محمد عليه الصلاة والسلام، وهم يعلمون تماماً أن الإسلام إذا واجه اليهود فلن يذوقوا إلا الأمرين على يد أتباع محمد صلى الله عليه وسلم الذين هم الرجال كل الرجال. وهؤلاء الأتباع قد جاء وصفهم في القرآن وفي السنة، وهم فقط الذين سيؤدبون اليهود، جاء وصفهم في القرآن في قوله تبارك وتعالى:" بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ "الإسراء:5، فهم يجمعون بين العبودية لله، وبين البأس الشديد، وجاء وصفهم أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الشجر والحجر، فيقول الشجر والحجر -ينطق الشجر والحجر-: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي ورائي تعال فاقتله، إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود) فيقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! ولا يقول: يا علماني! يا اشتراكي! يا ديمقراطي! يا بعثي! يا قومي! فالذين سيؤدبون اليهود هم الذين يقولون: لا إله إلا الله، ويعيشون بلا إله إلا الله، ومن أجل لا إله إلا الله، وأما من كان بخلاف هذا فسيفشل، وسيندحر، ولن يبقى له أي شيء، حتى لو كان هؤلاء العلمانيون من الفلسطينيين الخائنين الذين باعوا فلسطين، وركعوا أمام أعداء الله، فساموهم أذل الذل والهوان، ومع ذلك لم يرضوا عنهم أيضاً، بل أسخطهم الله عليهم؛ لأنهم أرادوا إرضاءهم بسخط الله تبارك وتعالى. فهؤلاء هم الذين هزموا أمام اليهود، وهذا يعرفه اليهود تماماً، ويوجد فيهم أناس لاسيما من بعض الأحزاب الدينية يقولون: نحن نؤمن أنه لن يكون هناك سلام إطلاقاً مع المسلمين، أو مع العرب. فهم يؤمنون من خلال نصوص كتبهم التي يقدسونها: أنه لابد من قتال واقع في معركة فاصلة بين اليهود وبين المسلمين. فالذي هزم ليس هو الإسلام، وإنما هي العلمانية، والذي ألقى السلاح وطلب الاستسلام ليس هو الإسلام، بل هي العلمانية، ولا يتصور أن شاباً من شباب المسلمين الصادقين المخلصين لله تبارك وتعالى إلا وهو يترقب اليوم الذي يفتح فيه باب الجهاد في فلسطين. وما من شك أنه لو فتح باب الجهاد في فلسطين فلن يبقى مسلم مخلص لله تبارك وتعالى إلا وهو يرغب في إحدى الحسنين: إما النصر، وإما الشهادة، وليس هناك شيء وسط بعد ذلك. فالإسلام لم ينهزم أبداً أمام اليهود في هذا الصدام؛ لأن الإسلام لم يمكن حتى الآن للتصدي لتلك المعركة العقائدية، وإنما هي معركة عقائدية تدار من جانب واحد فقط، فأصحاب العقيدة في هذه الحرب هم اليهود، فاليهود أصحاب عقيدة، لكنها عقيدة فاسدة، وهم الآن يتحركون من خلال عقيدتهم، فهل الذين يواجهون اليهود يتصرفون من خلال العقيدة، ومن خلال:" قُلْ هَلْ تَربَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ " التوبة:52 ؟! الجواب: كلا! فلذلك من الظلم أن ينسب للإسلام الانهزام أمام اليهود لعنهم الله تعالى. ......
    عداء اليهود للإسلام وأهله قديماً وحديثاً
    قال الله تبارك وتعالى: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا " المائدة:82 ، ولم يكن أمراً اتفاقياً أن يكثر القرآن الكريم من الكلام عن صفات هذا الصنف من الناس بهذا الشكل الذي يلفت النظر؛ لأن الكلام عن بني إسرائيل شغل حيزاً كبيراً في التنزيل الحكيم مكيه ومدنيه، فهناك حكم عظيمة، من ذلك: إبراز حقيقة العداء اليهودي المتأصل للإسلام وأهله. واليهود اشتعلت نيران الحقد في صدروهم لما ظهر لهم أن النبي عليه الصلاة والسلام الذي أرسل ليس من بني إسرائيل، وأنه من بني إسماعيل، فتسلسلت بعد ذلك مؤامراتهم ضد الإسلام ونبي الإسلام. وقد قاد النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد بنفسه ضد اليهود، وخاض صراعاً طويلاً معهم إلى أن أجلاهم عن المدينة المنورة، ولم يتوقف الكيد اليهودي عند هذا الحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالأفعى اليهودية قاومت الموت، وأصرت على أن تواصل لدغاتها الضاربة؛ عسى أن تصيب الإسلام في مقتل، وكانت روح رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المستهدفة هذه المرة، ونجح اليهود فيما أرادوا، إذ دبروا مؤامرة لقتل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم قتلة الأنبياء، فقد كانوا سفاحين مجرمين، قتلوا الأنبياء من قبل، قتلوا زكريا عليه السلام، وقتلوا يحيى، وأهدوا رأسه إلى بغي من بغايا بني إسرائيل! فأرادوا أيضاً -كعادتهم- أن يقتلوا سيد وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، إذ دبروا مؤامرة لقتله صلى الله عليه وسلم بالسم؛ لتنضاف بذلك جريمة جديدة في سجل قتلة الأنبياء. فامرأة أحد زعماء اليهود أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مشوية، ودست فيها السم، وكانت تعلم من خلقه عليه الصلاة والسلام أنه يقبل الهدية، فلاك عليه الصلاة والسلام مضغة من الشاة فاستكرهها، فقال: "إن هذه الشاة لتخبرني أنها مسموة"، ثم مات من أكل تلك الشاة أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بشر بن البراء ، وبقي النبي صلى الله عليه وسلم متأثراً بما لاكه منها، حتى إنه قال في مرضه الذي توفي فيه لأخت بشر : "إن هذا لأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك" يعني: أن تأثير هذه الأكلة بقي معه حتى قبض صلى الله عليه وسلم متأثراً به. وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يذكرون في فضائل رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه مات شهيداً بسبب تلك الشاة، قال تبارك وتعالى:" أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ" البقرة:87 ، فأتى بالتكذيب بصيغة الماضي، فقال عز وجل: "فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ"، ثم قال: "وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ" ولم يقل: وفريقاً قتلتم؛ لأنه أراد بذلك وصفهم في المستقبل أيضاً؛ ولأنهم حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم بالسم وبالسحر. فاليهود يقولون: نحن شعب الله المختار، وهم في الحقيقة ورثة إبليس، واليوم يرفع المسلمون في فلسطين في وجوههم شعار: نحن شعب الله المختار، وهذه هي الحقيقة، فإن هذه الأمة إذا تمسكت بكتاب ربها، وسنة نبيها كانت هي الشعب المختار كما قال تبارك وتعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، أما اليهود فهم ورثة إبليس في الإفساد في الأرض: كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا " المائدة:64 . وقد ترك هذا الفساد والإفساد بصمات اليهود في كل صفحات التاريخ، وهذه البصمات شاهدة على حضورهم في كل مجال يمكن فيه الإفساد، فاليهودي كعب بن الأشرف واليهودي ابن أبي الحقيق كانا من أول من حاول قلب الأمور في الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة، فجمعوا بين اليهود من بني قريظة وغيرهم، وبين قريش، وبين القبائل الأخرى في الجزيرة على محاربة المسلمين. وذلك اليهودي عبد الله بن سبأ هو الذي أسس للشيعة دينهم. واليهودي مدحت باشا كان وراء إثارة النعرات القومية، واستخدام المخططات الماسونية في دولة الخلافة العثمانية، مما أدى في النهاية إلى سقوطها على يد اليهودي الأصل مصطفى كمال أتاتورك؛ فإنه كان من يهود "الدونمة" . واليهودي كارل ماركس هو الذي كان وراء الموجة الإلحادية التي أصبحت فيما بعد قوة ودولة، بل أصبحت معسكراً دولياً، وقد بنى هذا المعسكر نفسه على أنقاض بلاد المسلمين وشعوبهم. واليهودي فرويد كان وراء النزعة الحيوانية التي أصبحت فيما بعد منهجاً تتلوث به عقول الناشئة فيما يصنف تعسفاً على أنه علم وتقدم. واليهودي دوركايم كان وراء أفكار هدم الأسرة وتفكيك الروابط المقدسة في المجتمعات. واليهودي جان فول سارتر كان وراء نزعة أدب الانحلال في علاقات الأفراد والجماعات، والذي أتى يوماً إلى مصر مع عشيقته واستقبل استقبال أبطال الفاتحين. واليهودي جورج تسيهر كان وراء حركة الاستشراق التي استشرى فسادها، وعم ظلمها وظلامها. واليهودي صمويل زويمر هو الذي خطط لحركات التبشير في ديار المسلمين، لا لمجرد إدخال المسلمين في النصرانية، بل لإخراجهم من الإسلام، وضرب الإسلام بالنصرانية، والنصرانية بالإسلام. واليهودي ثيودور هرتزل هو الذي وضع البذرة الأولى في محنة العطش التي يسمونها أزمة الشرق الأوسط، عندما خطط ورسم معالم الدولة اليهودية في كتابه المسمى بهذا الاسم، تلك الدولة التي ولدت بعد مماته سفاحاً، فكانت بؤرة للإفساد في الأرض. ولو أردنا أن نفيض في شرح وذكر صفات هؤلاء اليهود لطال الكلام جداً، كما قال الشاعر: قبائحهم لا تنقضي فنعدها وأقبح منها أن يروها فضائلا إذا زين الرحمن أعمالهم لهم فلا القول يهديهم إذا دمت قائلا فقصص خبث اليهود وعدائهم للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً، ومعلومة لمن يراجع سيرته صلى الله عليه وسلم. ......
    مجاراة وموالاة بعض من ينتسبون إلى الإسلام لليهود والنصارى
    العجب ليس من تصرفات اليهود وأعمالهم! لكن العجب حينما نجد مؤامرة تطوير التعليم التي حدثت أخيراً خلسة؛ لتسرق عقائد أبناء المسلمين على حين غفلة من أهلها، فقد ألغوا كتاب التاريخ الإسلامي الذي في المدارس الثانوية وقرروا بدلاً منه كتاب "معالم التاريخ الإسلامي والوسيط" ، الذي هو تاريخ أوروبا في القرون الوسطى. وقد تحدث مؤلف هذا الكتاب -الذي أصبح يدرس لأولادنا- عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غزواته، وبخاصة غزواته ضد يهود خيبر، دون أن يبين السبب الذي من أجله قاتلهم النبي عليه الصلاة والسلام، فأظهر الرسول كأنه ظلم اليهود، ولم يذكر حقيقة الأفعال التي فعلها اليهود وأدت إلى أن يجليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما أشرنا إلى بعض منها. وأيضاً حُذف اسم فلسطين من جميع الخرائط الجغرافية والتاريخية لكتب المواد الاجتماعية، وكذا خريطة سيناء في كتاب "وطني مصر" ، وصفحات أخرى كثيرة. وأيضاً: ولا حول ولا قوة إلا بالله، قطع الله يد الذي عمل هذا التصوير، وقصم رقبته، وضع عدو الله في كتاب "مصر هو الوطن العربي"، صفحة مائة وستين خريطة كتب عليها: يثرب يهودية! وتخيل حال أولادنا حين ينشئون على أن يثرب مدينة يهودية! فهل يحلم اليهود بشيء أكثر من هذا؟! إن هذه هدية إلى أعداء الله، فهذا أمر خطير في كتاب يصدر من وزارة التعليم، وتربي فيه أبناء الأمة على التسليم لليهود بأن لهم حقاً مزعوماً في المدينة. ولو أن الكتاب صدر في فلسطين المسروقة لكان قد يكون له مساغ، لكن كيف يُقبل أن يصدر في بلادنا؟! ومن ذلك أيضاً أن أحد كتب التاريخ عرف الوصايا العشر لليهود على أنها نصوص حضارية، وذكر ذلك في صفحتين! فهل اليهود قتلة الأنبياء هم المدافعون حقاً عن الله تعالى كما يذكر ذلك الكتاب؟! وهل الله يحتاج إلى من يدافع عنه؟! وكيف يورد المؤلف نصوصاً من التوراة المحرفة في صفحتين في حين لم يورد من القرآن الكريم نصاً واحداً؟! فهل التوراة المحرفة أعز على المؤلف من القرآن الكريم؟!! ولماذا كتب صفحتين كاملتين؟! ولمصلحة من؟! إنه لإرضاء بني يهود! أليست أمة الإسلام أولى بالإرضاء، وقبل ذلك رب العالمين؟! وأين علماء الأزهر الذين رضوا لأبنائهم أن يدرسوا صفحتين كاملتين من التوراة المزورة التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجرد أن أمسك عمر بن الخطاب لإحداها ونظر فيها؟! وأيضاً قد سبق الكلام على تفريغ سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام من محتواها! وأيضاً تفريغ سيرة الخلفاء الراشدين من مضمونها التربوي! وكل ذلك إرضاءً لبني صهيون! فحينما تكلم مؤلف كتاب "مصر هو الوطن العربي" على سيرة النبي عليه الصلاة والسلام قال في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: هي مناسبة لإقامة الزينات، وتوزيع الحلوى، وتعطيل المدارس والشركات والمصالح الحكومية! هذه هي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم عند هذا المؤلف وأمثاله! وأما السيرة كمنهج وكطريق حياة فهذا لا يذكرون منه شيئاً، ولا وجود له، والسيرة كعقيدة وعبادة وشريعة ومعاملات وسلوك لا وجود لها في كتب التاريخ. كما تجاهل أيضاً مؤلف الكتاب اسم النبي صلى الله عليه وسلم في عنوان الدرس، وفي فهارس الدرس أيضاً! وأيضاً من هذه الأشياء أنه كان في الصف الرابع من التعليم العام والأزهري موضوع عن حرب العاشر من رمضان مع اليهود، وعنوان الموضوع: شجاعة مصرية، حذف منه العبارة الآتية من التدريبات: العدو المحتل كان اليهود. حذفت! احتلال الأراضي المصرية لا أرضى به. حذفت أيضاً هذه العبارة! وعلى أي الأحوال قد سبق الكلام بالتفصيل في حجم هذه المؤامرة وخطورتها. ......
    مثال للتضليل الذي يمارسه بعض الكتاب من أبناء جلدتنا
    يذكر الدكتور جمال عبد الهادي في كتابه: "أخطاء يجب أن تصحح في التاريخ " أمثلة من التضليل الذي يمارسه بعض الكتاب الذين هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، وكيف أنهم يخدمون أهداف اليهود في هذا: فالدكتور حسن صبري الخولي الذي كان مستشاراً خاصاً للزعيم المهزوم دائماً جمال عبد الناصر سلم في رسالة الدكتوراه التي له حين كان يناقش فيها حق اليهود في فلسطين، فيقول: يقرر الصهيونيون أن فلسطين هي الأرض التي وعدهم الله بها تأسيساً على ما جاء في التوراة: أن الله سبحانه وتعالى قد وعد إبراهيم عليه السلام وذريته من بعده أن يعطيه فلسطين لإنشاء دولة فيها، واستشهد الكاتب بسفر التكوين: "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات" . ثم يعلق الدكتور حسن صبري الخولي ويقول: ونحن نسلم بما جاء في التوراة، على أساس أنه كتاب مقدس من عند الله، ولكننا لا نستطيع أن نجاري اليهود في تفسيرهم التعسفي؛ لأن الوعد الإلهي ليس موجهاً إلى اليهود وحدهم، وإنما وعد لإبراهيم وذريته: إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، يتساوى في ذلك الحق إسحاق جد اليهود وإسماعيل جد العرب. وعلى ذلك فالحق في فلسطين ليس مقصوراً على اليهود، وإنما هو لذرية إبراهيم على الإطلاق، ومن هذه الذرية العرب واليهود!! وهذا الكلام الخبيث لا يحتاج إلى تعليق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين. ......
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 07-01-2012, 04:49 AM. سبب آخر: تنسيق الموضوع
    عذراً رسول الله

    هجوتَ محمداً فأجبتُ عنه .. وعند اللهِ فى ذلك الجـزاءُ

    هجوتَ محمداً برّاً تقيـاً .. رسولَ اللهِ شيمته الوفـاء

    فإن أبى ووالده وعِرضى .. لعرضِ محمدٍ منكم وِقـاءُ

    تعليق


    • #3
      رد: محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم

      محنة فلسطين [2]
      لقد ضاعت فلسطين والقدس يوم فرط المسلمون في دين الله عز وجل، وما نراه ونسمعه في تلك البقاع المباركة من تمالؤ بعض الطوائف الضالعة مع اليهود، وتركهم هذه القضية عائمة يلعب بها اليهود كيف شاءوا، وسكوت بقية المسلمين خير شاهد على البعد عن دين الله عز وجل، بل نرى فيها الموالاة لأعداء الله وحبهم والتقرب منهم، ونرى إيذاء المسلمين المجاهدين، ونسمع فيها سب الله عز وجل ورسوله ودينه والعياذ بالله!

      الجذور التاريخية لقضية فلسطين
      الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: يذكر الدكتور عبد الله عزام في كتاب له عن الجذور التاريخية لقضية فلسطين، ويشير إشارة إلى أنه قبل أن يصدر وعد بلفور ، الذي هو وعد من بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، يقول: قبل ذلك بأسابيع قليلة صدر وعد مماثل للينين . ولينين هو زعيم الشيوعية، وهو الذي سبق بلفور بمثل هذا الوعد، فحينما عاد لينين من منفاه كان معه مائتان وأربعة وعشرون ثائراً من الثوار، وكان منهم مائة وسبعون من اليهود، وكان تروتسكي اليهودي الذي قضى فترة في حي بروكلين في نيويورك يخطط للثورة، ثم عاد ينتظر لينين ، وقاموا بالثورة، ووجه اليهود بعد الثورة الشيوعية البيان التالي: "أيها اليهود! لقد قربت ساعة انتصارنا التام، ونحن الآن عشية يوم قد تسلمنا قيادة العالم، لقد استولينا على الحكم في روسيا، لقد كان الروس سادتنا، فأصبحوا عبيدنا" وصدر في الأسبوع الأول للثورة الشيوعية في روسيا في أكتوبر سنة (1917م) قبل صدور وعد بلفور بأسابيع قرار ذو شقين بحق اليهود: أولاً: يعتبر عداء اليهود عداء من الجنس الثاني، يعاقب عليه قانونياً. ثانياً: الاعتراف بحق اليهود في إنشاء وطن قومي في فلسطين. وأيضاً كان هناك يهودي اسمه موسى هيس له كتاب اسمه "من روما إلى القدس" ، كان يمثل أول دعوة منظمة لإقامة دولة يهودية في فلسطين، و ماركس يقول: إنما اتخذت هذا العبقري هيس لي مثالاً وقدوة. وقد سبق هيس نابليون الذي أعلن في (20/4/1799م) في الجريدة الرسمية الفرنسية إعلاناً دعا فيه اليهود إلى الالتحاق بجيشه؛ ليدخلوا معه القدس. وقد ذكر أيضاً الدكتور عبد الله عزام قصة صمود السلطان عبد الحميد أمام الإغراءات اليهودية التي أرادوا بها أن يشتروا منه فلسطين، ورفض من أجل ذلك. وذكر أيضاً قصة دخول الجيش الإنجليزي القدس بقيادة آلنبي في (9/11/1917م)، فأول ما دخل القدس ذهب إلى قبر صلاح الدين الأيوبي وركله برجليه، وقال له: يا صلاح الدين ! ها قد عدنا! الآن انتهت الحروب الصليبية! ونفس هذه الكلمة قالها بيجن لما أخذوا قلعة الشقيف أثناء احتلال لبنان منذ سنوات، فأعاد نفس هذه الكلمة، لكن يقولها هذه المرة يهودي هو بيجن السفاح. وأيضاً يقول لورنس الذي قاد الثورة العربية ضد تركيا: إنني جد فخور أنني في المعارك الثلاثين التي خضتها لم يرق الدم الإنجليزي؛ لأن دم إنجليزي واحد أحب إلي من جميع الشعوب التي نحكمها، ولم تكلفنا الثورة العربية سوى عشرة ملايين دينار!!......

      بيان كيف كانت مواجهة العرب لليهود في الأراضي العربية المحتلة
      العرب واجهوا وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين بمظاهرات عظيمة كبيرة العدد، وقالوا: هذا إعلان ممن لا يملك لمن لا يستحق! ويذكرني المسلك العربي دائماً بقصة ذكرها الشيخ الأستاذ مالك بن نبي ، ذكر أنه أتاه رجل فقال له: أريد أن ترشدني إلى كيفية تربية ابني؛ إني رزقت ولداً من مدة، وأريد أن أعرف كيف أربيه، وكيف أوجهه، وكيف أنشئه، فقال له: كم عمر ولدك؟ قال: أربعة شهور، قال: فاتك القطار. فكان الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله بعد ذلك حينما يتذكر هذه الكلمة يقول: ظننت أني أخطأت، وأني كنت مبالغاً في هذه الكلمة، لكنني بعد ذلك تأملتها فوجدت أني مصيب فيها؛ لأن الطفل يربى منذ بداية خروجه لهذه الحياة، فإن هذا الطفل الرضيع حينما يبكي ويصرخ، فتلقمه أمه الثدي حتى يرضع، ففي هذا الوقت يعرف أنه إذا أراد أن يملي إرادة على أمه أنه يصرخ، فتعطيه الرضاعة! قال: فكذلك نفس هذا الصغير الذي يربى بهذه الطريقة حينما يضربه اليهود، يذهب إلى مجلس الأمن ويصرخ ويبكي، وكأن هذا هو الحل، فهذه هي تربية الأمم بهذه الطريقة!! ......

      مآسي من الخيانات التي حصلت في حرب فلسطين عام (1948م)
      وذكر أيضاً الشيخ عبد الله عزام رحمه الله تعالى مآسي من الخيانات التي حصلت في حرب فلسطين في سنة (1948م). من الأشياء العجيبة، فيقول: دخلت الجيوش العربية لتسليم الأراضي لليهود، وكان دور الأسلحة الفاسدة التي أرسلها الملك فاروق جداً مدمرة للنفسية العربية والإسلامية. وكذلك قام الجيش العراقي بالدور الموكل إليه على الوجه الأكمل، وكلماته التي كان يرددها كلما استنجد به الشعب الفلسطيني: (ما كو أوامر) يعني: لا توجد أوامر، هذا ولا زالت ضربات اليهود تسري لهيباً في دماء أبناء فلسطين! أما الجيش الأردني فإن قائده في حرب فلسطين هو جلوب باشا الإنجليزي، فانظر إلى المهزلة، فحدث ولا حرج عن دور قائد الجيش الأردني في فلسطين الجنرال جلوب باشا ، فقد جاء ليستلم مواقع المجاهدين من الإخوان القادمين من مصر، وقد كان القائد الأردني الذي يستلم موقع مار لياس اسمه عبد القادر يسير مع موشى ديان قائد الجيش الصهيوني ليسلمه الخنادق والمراكز الواحدة تلو الأخرى!! وذكر أيضاً من المآسي: أنه دخلت الجيوش العربية بعد جلاء الإنجليز في 15 مايو سنة 1948م يقودها الجنرال الإنجليزي جلوب باشا ، وقد تسلم جلوب الراية التي تركها له الانتداب؛ ليواصل تسليم فلسطين لليهود، وقد عجز الانتداب في مدة ثلاثين عاماً أن يصنع ما صنعه جلوب ، وقد حاول أن يهلك الجيش المصري المحاصر في الفالوجة، فعندما استنصحه قادة الجيش المصري وسألوه: ماذا نعمل في الحصار؟ نصحهم بأن يلقي الجيش المحاصر السلاح، وأن يلبسوا لباس النساء، ويخرجوا من بين اليهود. فأدرك القادة الخدعة ورفضوا، فاستولى اليهود في عدة أشهر على خمسة أضعاف ما استولوا عليه خلال خمسين عاماً. وأيضاً يحكي الدكتور عبد الله عزام عن أبناء قريته -لأنه فلسطيني رحمه الله- قرية مرج بن عامر عما رآه من المهازل في ذلك فيقول: رأيت أبناء قريتنا يعز عليهم أن تسلم أراضيهم بعد أن زرعوا بأيديهم الذرة في مرج بن عامر، فجاء اليهود وقطفوا الذرة، وحصدوا القمح، فنزلت مجموعة من الشبان لحصد القمح الذي زرعوه، فأمسكت بهم العصابات اليهودية، وبقرت بطونهم، وملأتها قمحاً وشعيراً، ثم نصبتهم على أعمدة من حديد؛ ليكونوا نكالاً لكل معتبر!! وكل هذا يثبت أن الإسلام ما واجه اليهود في فلسطين حتى الآن. ويقول أيضاً: رأيت اليهود يصلون بيتنا في ليالٍ كثيرة، ويراهم الناس في دوريات استكشافية، فيراهم توفيق جارنا في حديقة بيته، فيخبر مركز الجيش في مدينة جنين، فيتهم بالخيانة، ويلقى رهن القيود في السجن، يكنس إسطبل خيل الخيالة من الجيش الأردني؛ لأنه بلغ أنه رأى اليهود يأتون إلى البيوت، ويقدم إلى محكمة عسكرية، ولا ينجيه فيها إلا الله، ثم نصيحة أحد ضباط المحكمة بأن يدعي أنه كان يحلم في الليل، فظن الأمر حقيقة!!! ....
      التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 07-01-2012, 04:59 AM. سبب آخر: تنسيق الموضوع
      عذراً رسول الله

      هجوتَ محمداً فأجبتُ عنه .. وعند اللهِ فى ذلك الجـزاءُ

      هجوتَ محمداً برّاً تقيـاً .. رسولَ اللهِ شيمته الوفـاء

      فإن أبى ووالده وعِرضى .. لعرضِ محمدٍ منكم وِقـاءُ

      تعليق


      • #4
        رد: محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم

        مآسي من مواجهات العرب لليهود عام (1967م)
        أيضاً يحكي عن مآسي عام (1967م) فيقول: كنت أثناء احتلال 1967م في قريتنا، وسقطت الضفة الغربية، وسقط المسجد الأقصى دون أن يقتل حوله عشرة من الجيش الأردني، وسمعت برقية الرئيس عبد الناصر للملك حسين التي التقطتها الإذاعة الإسرائيلية وكانت تعيدها بين الفينة والأخرى أثناء المعركة يقول فيها: أسقطنا ثلثي طائرات العدو، طائراتنا فوق تل أبيب، شد حيلك يا جلالة الملك! التوقيع سلمي!! -وقوله: (سلمي) هذا هو الاسم الرمزي لـعبد الناصر في الشفرة- وقارنت بين موقف اليهود الذين يحركهم الدافع الديني كما تقول ابنة ديان في كتابها (جندي من إسرائيل): إن فرائصنا كانت ترتجف، بسبب أنباء تجمع جيش العدو على الجبهة الجنوبية مصر، فجاء إلينا الحاخام فصلى، وقرأ نصوصاً من التوراة، فانقلب الخوف أمناً. أما الجيش المصري فكانت الإذاعة توجهه يقاتل؛ لأجل الربيع، لأجل الحياة، لأجل عشاق الحياة!! وذلك بدلاً من أن يتلى عليهم قوله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ" التوبة:111 . وكانت أجهزة الإعلام تقول لهم: أم كلثوم معك في المعركة، وعبد الحليم معك في المعركة و شادية معك في المعركة! بدلاً من أن تقول: إن الله معك في المعركة! أما جريدة الجيش السوري فقد كتبت قبل شهر من المعركة بقلم إبراهيم خلاص : إن الله والرأسمالية والإمبريالية وكل القيم التي سادت المجتمع السابق أصبحت دمىً محنطة في متاحف التاريخ!!! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. ......
        واقع المنظمات الفلسطينية العلمانية
        يحكي عبد الله عزام عن واقع المنظمات الفلسطينية وموقفها من الإسلام، ويذكر أنه في الرابع من نيسان سنة (1970م) في الذكرى المأوية لميلاد لينين اتفقت جميع المنظمات الفلسطينية دون استثناء على أن تحتفل ولمدة أسبوع بهذه الذكرى المجيدة المشرفة، واشترك وزير الأوقاف الأردني آنذاك لترتيب الاحتفال والإسهام في إنجاحه!! ويقول الدكتور عبد الله عزام رحمه الله: وأذكر أنني طلبت لمحاكمة عسكرية؛ لأنني انتقدت جيفارا ، فقلت للمثقف الثوري الذي يمثل الادعاء العام: من هو جيفارا ؟ قال: مناضل شريف، فقلت له: ما هو دين منظمة فتح؟ فقال: فتح لا دين لها، فقلت له: أما أنا فديني الإسلام، وجئت لأجاهد في سبيل الله، فأما جيفارا فهو تحت قدمي هاتين. وقال أيضاً الشيخ رحمه الله في سبب ذلك الخذلان: كانت المنظمات اليسارية تسب الله ورسوله عمداً أمامنا ليغيظونا، أي: أمام المسلمين الذين كانوا يقاتلون في سبيل الله، ومن أجل إعلاء كلمة الله، فكانوا يغيظونهم بسب الله ورسوله علناً أمامهم! وقد كانت بجانبنا جبهة ديمقراطية "نايف حواتمة " فكانت كلمة السر في الليل أثناء الحراسة: شتم الله أو النبي أو الدين!! قال: وكنا أحياناً نلتقي في تجمع فنقف لنؤذن -أي: يقف المتدينون منهم ليصلوا ويؤذنوا- فيصطفون مقابلنا، ويقفون في وجوهنا ويقولون وينشدون ويرددون: إن تسل عني فهذه قيمي أنا ماركسي لينني أممي......
        اضطهاد الدعوات الإسلامية في مصر في عهد جمال عبد الناصر
        ذكر عبد الله عزام الاضطهاد للدعوات الإسلامية في مصر، وحكى عن أحمد رائد في كتابه (الغمامة السوداء) وهو يبين انطلاق هؤلاء الذين يواجهون اليهود بالخطب الرنانة، لكن من غير منطلق إسلامي، وأن الإسلام كان غائباً عن هذا القتال، فيقول: فتح علينا السجان ذات يوم باب الزنزانة، فقلنا له: يا فندم! هذا شاب مات هذه الليلة من آثار التعذيب، فرد علينا قائلاً: يا أولاد الكلب! أين سنذهب بوجهنا من الرئيس، لم يمت إلا واحد فقط هذه الليلة!! يقول هكذا وبكل بساطة وتبجح، يقول: إنه يشعر بالخجل من الرئيس عبد الناصر ؛ لأنه لم يمت تلك الليلة إلا واحد!! ......
        موقف بعض الخونة الفلسطينيين لقضية بلادهم
        بعض الفلسطينيين خانوا قضية بلادهم، وانحرفوا عن الإسلام، فيحكي عزام أن اليهود أفرزوا محمود درويش الشاعر الفلسطيني المشهور و سميح القاسم و توفيق زياد والأخيران أفرزهم اليهود في مجلس الكنيست الإسرائيلي، وكان محمود درويش و سميح القاسم يحملان العلم الإسرائيلي في مؤتمر صوفيا الدولي، وقال فهد سكرتير الحزب العراقي الشيوعي: مرحباً بإنشاء دولتين عربية ويهودية في فلسطين! واشترط أن تكون الدولة العربية اشتراكية، والتحالف لابد أن يكون ضد الرجعية الدينية العربية!! ويقول الشاعر محمود درويش: أنا من قرية عزلاء منسية وكل رجالها في الحقل والمعمل يحبون الشيوعية! وكان نشيد الثورة الذي يردده الأطفال الفلسطينيون لهذا الرجل يقول فيه: أنا يا أخي آمنت بالشعب المضيع والمكبل وحملت رشاشي لتحمل بعدها الأديان منجل والمنجل هو: رمز الشيوعية! ......
        انهيار اليهود أمام أطفال فلسطين وخوفهم من الجهاد الأفغاني
        إن الشباب الفلسطيني الآن يردد أغاني اليهود: نحن شعب الله المختار. ومن الأشياء التي تخذل اليهود وتجعلهم ينهارون تماماً أمام الأطفال الذين يحملون هذه الحجارة: أن الأطفال الصغار في فلسطين يقولون لليهودي المدجج بالأسلحة: لو أنت رجل أترك السلاح، وتعال واجهني بلا سلاح، فينهار اليهود من أجل هذه الكلمات!! ولا شك أن اليهود جزعوا جزعاً شديداً من الجهاد الأفغاني، حتى قال شختر مان -وهو يهودي أمريكي- عن الجهاد الأفغاني: ما الذي فعلناه؟! لقد أيقضنا العملاق. وقد تأثر المسلمون في فلسطين بالجهاد الأفغاني، حتى إن الصبية الصغار كانوا ينادون في شوارع فلسطين: أخي يا سياف الروس منك تخاف أخي يا حكمت يار على العداء مثل النار يقول عزام: إن من المجاهدين الأفغان أنفسهم من كان يدعو الله قائلاً: اللهم افتح على أيدينا كابل، ولا تمتنا إلا في بيت المقدس. يقول الدكتور رحمه الله: وإن كنت أنسى فلا أنسى موقف الأخ أحمد شاه -من قواد المجاهدين الأفغان- الذي عقد صفقة سلاح مع تاجر أسباني، وبعد أن تمت الصفقة طلب التاجر الأسباني من أحمد شاه أن يوقع على ورقة يتعهد فيها ألا يستعمل السلاح ضد اليهود، فرفض وألغى الصفقة، فقال التاجر: وهل تريدون استعمالها ضد اليهود؟ قال: لا، ولكنك تريدني أن أوقع على ورقة أتعهد فيها إيقاف حرب شنها رب العزة على اليهود منذ بضعة عشر قرناً! وألغى الصفقة، وعاد التاجر فقال: ما رأيت شعباً أعز منكم رغم فقركم! فهؤلاء هم الذين يواجهون اليهود، وبدل ما كان اليهود يصيحون في الشوارع ويقولون: يا لثارات خيبر، ويقولون أيضاً العبارات التي ذكرناها، الآن يجيب الشباب الفلسطيني في فلسطين: الله أكبر! خيبر خيبر يا يهود دين محمد سوف يعود عليه الصلاة والسلام. ......
        مواقف منظمة التحرير الفلسطينية من إسرائيل والنصارى والرافضة والشيوعيين
        يحكي عزام عن موقف المنظمة الخائبة من هذه القضية فيقول: واعترفت المنظمة بدولة إسرائيل على مرأى من العالم كله، وقال أبو عمار : هل يرضيكم هذا؟ فقالت أمريكا: لا! وأبو عمار قابل راهباً كاثوليكياً فقال له: أسألك أن تعطيني البركات، فرد عليه الراهب: وهكذا الذي فعلته لكم! أي: أنه منحه البركات!! وقابل فيديل كاسترو فقال له: أنت زعيمنا ومرشدنا الأول! وهذه نفس العبارة التي قابل بها الخميني وقال له: أنت زعيمنا ومرشدنا الأول!! فهم يفتخرون بكل شيء إلا الإسلام، ويرفعون كل راية إلا راية الإسلام، ويقولون: سنقيم دولة علمانية، فكيف ينزل النصر على أمثال هؤلاء! بعد أن اعترف أبو عمار بدولة اليهود أمام العالم كله، قال: هل يرضيكم هذا؟ فردت عليه أمريكا وقالت: لا، بل لابد أن تقرأ الكلمات التي نكتبها لك، وكتبت له الكلمات، وأعاد قراءتها على شاشة التلفاز على مرأى ومسمع من الدنيا كلها، ومع هذا كله لا زالت إسرائيل رافضة أن تجتمع بالمنظمة، واعترفت بها حتى الآن أكثر من مائة دولة. ......
        بعض الصور المشرفة للمجاهدين المسلمين
        من الناحية الأخرى نرى الصور المشرفة للمجاهدين المسلمين؛ فحينما طلب ريجن في عهد ولايته بنفسه أن يقابل حكمت يار رفض، فأرسل له رسالة مع ابنته مورين ريجن ، فرفض أن يقابلها، ودعي من الكونجرس، ورفض مقابلة الكونجرس. وقابل يونس خالد ريجن ، فماذا فعل لما قابله؟ لم يركع له، وإنما عرض عليه الإسلام، ورفض خالد مقابلة كوردوفير فيد مندوب الأمم المتحدة أكثر من مرة. وأعلن مجددي أننا لن نقابل روسيا، وعندما طالب فورنتسوف وكيل الخارجية الروسية مقابلة رباني اشترط عليه شروطاً حتى تتم المقابلة: أولاً: أن تكون المقابلة في أرض إسلامية كالسعودية أو باكستان. ثانياً: ألا تتضمن المباحثات شكل الحكومة القادمة؛ حتى لا يضغطوا عليهم. ثالثاً: أن يدخل الوفد الروسي إلى القاعة قبل الوفد الجهادي؛ حتى يقوم الروس للمجاهدين، يعني: يدخل الروس أولاً، وبعد ذلك يدخل المجاهدون، والروس يقفون لهم إذا دخلوا عليهم. رابعاً: ألا يصافح المجاهدون الروس. فقبل الشروط كلها، وطلب فورنتسوف من رباني أثناء المباحثات أن يدخلوا ثلاثة وزراء مسلمين من حكومة نجيب في دولتهم؛ ريثما يتم خروج القوات الروسية؛ حتى يحفظوا ماء وجوههم أمام العالم، فقال المجاهدون: إن الإسلام لا يعطي حق الحياة للشيوعي (من بدل دينه فاقتلوه)، فكيف يعطى حق الحكم للشيوعي؟! وهكذا يختم الشيخ كلامه في هذه القضية. ......
        مؤامرات اليهود لهدم المسجد الأقصى
        لليهود مؤامرات لهدم المسجد الأقصى، وقد نشرت جريدة التايمز الأمريكية في عدد قريب هذه الصورة وقالت: حان الوقت لإعادة بناء الهيكل، وذكرت النموذج الجديد الذي حددوه للصورة التي سوف تتم عليها إعادة بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى بعد هدمه! واعتداءات اليهود على المسجد الأقصى كثيرة جداً ومتكررة، وأهمها عملية الحفريات، بزعم أنهم يعملون حفريات من أجل الطرق ومن أجل الكباري، حتى أنهم عملوا نفقاً تحت المسجد الأقصى؛ لكي يجيء واحد منهم ويضع عبوة ناسفة في هذا الكبري، ويقولون: هو مجنون، مثلما قالوا ويقولون على الذين يقتلون الفلسطينيين، وكما قالوا في الذي أحرق المسجد الأقصى، فإنهم قالوا: هو مجنون! فعمليات البحث والحفريات بعد حرب يونيو مستمرة، وقد هدم اليهود حي المغاربة نهائياً؛ حتى تكون الأرض جاهزة لأي عمليات حفر وتنقيب، ووصل عمق الحفريات إلى أربعة عشر متراً. وبعد ذلك استمرت عمليات الهدم في الأحياء الإسلامية مع إجلاء سكانها العرب، وفي هذه المرحلة حدث حريق المسجد الأقصى سنة (1969م)، وأقيمت في تلك الآونة المعاهد والمدارس الدينية والاستراحات والفنادق وغيرها فوق أنقاض الأبنية العربية، وجرت الحفريات على امتداد ثمانين متراً حول السور مارة حول الأبنية الإسلامية هناك. ومن عام (1970م) إلى عام (1972م) بدأ شق الأنفاق تحت أسوار المسجد الأقصى، من جانبيها الجنوبي والغربي؛ حتى نفذت إلى الأرضية الداخلية تحت ساحة المسجد، وشملت هذه المرحلة الاستيلاء على أبنية إسلامية كثيرة منها: المحكمة الشرعية التي تم هدمها. وفي سنة (1973م) اقتربت الحفريات من الجدار الغربي للمسجد الأقصى، وتغلغلت مسافات طويلة تحته، ووصلت أعماق الحفريات وقتها إلى أكثر من ثلاثة عشر متراً. وفي سنة (1974م) توسعت الحفريات تحت الجدار الغربي، وفي سنة (1975-1976م) توسعت الحفريات أيضاً تحت الجدار الغربي، وأزال اليهود أثناءها مقبرة للمسلمين تضم قبري الصحابيين: عبادة بن الصامت و شداد بن أوس رضي الله عنهما. وفي سنة (1977م) وصلت الحفريات إلى تحت مسجد النساء داخل المسجد الأقصى، وهدم ما عليها بعمق تسعة أمتار. وفي سنة (1979م) بدأت حفريات جديدة قرب حائط البراق، وتم شق نفق واسع طويل، وتقرر الاستمرار فيه حتى يخترق المسجد الشريف من غربه إلى شرقه، وقد تم تدعيم هذا النفق بالأسمنت المسلح، وأقيم كنيس يهودي صغير، افتتحه رسمياً رئيس الدولة اليهودية، ورئيس وزرائه، واتخذ معبداً مؤقتاً. وفي سنة (1986م) استشرت الحفريات من كل جانب، وتم إجلاء أعداد كبيرة من السكان من القدس القديمة، وأغلقت السلطات الإسرائيلية مستشفىً فلسطينياً داخل البلدة القديمة، واغتصبت بيوت عربية كثيرة، وسكن شارون في أرض منها، تأكيداً على تهويد القدس. وازداد التوغل بعد ذلك تحت أرضية الساحة وحولها، وتوغل اليهود في هذه الحفريات؛ لتفريغها من التربة. ......
        سبب تركز اعتداءات اليهود على المسجد الأقصى في شهر أغسطس
        بعد أن دخل اليهود القدس مباشرة سنة (1967م) في سبعة وعشرين يونيو، عقد في القدس مؤتمر لحاخامات اليهود في العالم ناقشوا فيه موضوع القدس والهيكل، وطالب الحاضرون بالإسراع في عملية إعادة الهيكل الثالث. وشهر أغسطس تتكررت فيه اعتداءات اليهود؛ لأن شهر أغسطس هو الشهر الذي دمر فيه سيزر الهيكل الثاني، وهذه ذكرى حزينة عندهم، فدائماً في شهر أغسطس يتعمدون أن يفعلوا هذه الأشياء، ففي 15 من أغسطس سنة (1967م) دخل الحاخام الأكبر لإسرائيل ولجيشها شلومو غورين مرتدياً الزي العسكري إلى ساحة المسجد الأقصى يرافقه عشرون من ضباط الجيش، وهرع داخل الساحات ملوحاً برشاش كان معه، ومجرياً القياسات هنا وهناك، ثم اصطف معه ضباط الجيش لتأدية الشعائر اليهودية. وفي 31 من أغسطس سنة (1967م) استولى جيش اليهود على مفتاح باب المغاربة؛ لتيسير الدخول إلى حائط المبكى كلما أرادوا، وكان ذلك برعاية من الحاخام الأكبر لجيش الدفاع الإسرائيلي. وفي 21 من أغسطس سنة (1969م) أقدم شخص استرالي نصراني يدعى دينيس سمايكل على إشعال النار في المسجد الأقصى، وأتت النيران المتصاعدة على أساس المسجد وجدرانه ومنبره العظيم الذي كان الأيوبيون قد أعدوه لإلقاء خطبة الجمعة من فوقه بعد تحرير بيت المقدس من الصليبيين. وأخلي سبيل هذا الدنس المسمى دينيس بعد محاكمة صورية أعلن فيها أنه نفذ ما حدث كمبعوث لله، وبموجب نبوءة في سفر زكريا، ونصت حيثيات الحكم بعدم تحمله للمسئولية الجنائية؛ لأنه مجنون!! وأيضاً حاول بعض اليهود في سنة (1971م) أن يقيموا الشعائر اليهودية في المسجد الأقصى. وفي 30 من يناير سنة (1967م) أقرت المحاكم الإسرائيلية حق اليهود في الصلاة في ساحات المسجد الأقصى في أي وقت يشاءون من النهار، وكان اليهود يقتحمون المسجد ويرددون فيه الأناشيد اليهودية. وجرت محاولة في سنة (1980م) لنسف المسجد الأقصى. وأيضاً في شهر أغسطس سنة (1981م) تجمع ثلاثمائة من جماعة جوش لنيين عند المسجد الأقصى، وكسروا قفل باب الحديد، وأدوا الشعائر اليهودية بشكل استفزازي للمسلمين. وأيضاً في 25 من أغسطس (1981م) أعلنت الهيئات اليهودية الدينية عن اكتشاف نفق يبدأ بحائط البراق، ويؤدي إلى فناء المسجد الأقصى، وأعلنوا أن ذلك له علاقة بالهيكل الثاني، وبدءوا بعمليات حفر هددت جدران المسجد بالانهيار. وفي 2 من مارس سنة (1982م) اقتحم خمسة عشر شخصاً من جماعة أمناء جبل الهيكل أحد الأبواب الخارجية للمسجد الأقصى، وكانوا مزودين بالأسلحة النارية، واعتدوا على حراس المسجد في الداخل، واشتبكوا معهم، وأصيب أحد الحراس، وفي اليوم التالي قام المسلمون بإضراب شامل... إلى آخره. ونفس الشيء تكرر في 11 إبريل سنة (1982م)، حيث اقتحم جندي إسرائيلي المسجد الأقصى برشاشه، وأطلق النار على حارس الباب وأصابه، ثم هرع إلى مسجد الصخرة وهو يطلق النار بغزارة بشكل عشوائي، فأصاب عدداً من المصلين وقتل أحد حراس مسجد الصخرة، وشارك بعض الجنود الإسرائيليين المتمركزين على أسطح المنازل المجاورة في إطلاق الرصاص تجاه مسجد الصخرة، فأخذ المؤذنون يناشدون الأهالي المسلمين عبر مكبرات الصوت بالتوجه فوراً إلى ساحات المسجد للدفاع عنهم، فتدافع المسلمون نحو المسجد، فأطلق الجنود اليهود عليهم النار، فأصابوا ما يقرب من مائة شخص! ولما احتج الشيخ سعد العلمي مفتي القدس عن الحادث، كان جواب بيجن أن قال: على المسجد الإسلامي أن يعلم أن عهد المفتي أمين الحسيني قد مضى إلى غير رجعة! وعلى أي الأحوال الأحداث كلها متكررة ومتشابهة، ولو تأملناها لوجدنا أن أغلبها يقع في شهر أغسطس بسبب هذه الذكرى. ......
        المسلمون هم الذين سيحررون القدس من اليهود
        أخيراً: نختم الكلام بالإشارة إلى أنه لن يعيد فلسطين ولن يحرر القدس من أيدي أعداء الله اليهود إلا المسلمون الذين يتمسكون بدينهم، ويجاهدون في سبيله. وقد التقى بعض أبناء فلسطين بالشيخ محمد أمين الحسني رحمه الله فقالوا له: متى نعود إلى فلسطين؟ فقال للفلسطينيين: عودوا إلى الله تعودوا إلى فلسطين! فسخر السفهاء منهم من جواب المفتي، وراحوا يتساءلون: ما علاقة العودة إلى الله بالعودة إلى فلسطين؟ وهل أخرجنا من ديارنا وأوطاننا إلا الله؟ والعياذ بالله! ودفعهم كرههم لما يدعو إليه الشيخ الحسيني أن انخرط كثير منهم في الأحزاب القومية واليسارية، وبعدما مرت المحنة بكل هذه السنون ثبت فشل هذه الطرق، وصحت هذه الكلمة التي قالها ذلك المفتي رحمه الله: عودوا إلى الله تعودوا إلى فلسطين. ونختم الكلام بموقف لوالدة خالد الحسن أحد قادة منظمة التحرير: كانت تؤكد منذ بداية تأسيس فتح أن فلسطين لن يفتحها إلا المجاهدون المسلمون الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا. وقد ذكر أحد أبنائها القصة التالية: كان زوجها أحد المجاهدين الأشداء في ثورة الشيخ عز الدين القسام ، وكانت زوجته تشاركه في آماله وآلامه، وتؤدي دورها المطلوب في معركة المصير. ففرحت المرأة عندما سمعت أبناءها يتحدثون عن تأسيس فتح، وكانت تذكرهم بجهاد أبيهم، فتطلب منهم أن يرتسموا خطاه. واجتمع قادة فتح يوماً في بيت خالد ، واستمر اجتماعهم طوال الليل، وكانت الأم ترصد حركات المجتمعين وأفعالهم، وكان الأبناء يستغربون من أمهم التصاقها بباب الحجرة التي تضم قادة الفتح، وبعد أن انفض الاجتماع دخلت عليهم وقالت لهم: شتان شتان بين اجتماعكم واجتماعات أبيكم وأصحابه؛ كانوا يقومون الليل صلاة وذكراً، وأنتم ما سمعت منكم إلا العبث والكلام الفارغ، وليست فيكم مواصفات الذين سيحررون فلسطين من العدو المغتصب. فهذه الكلمة مع بساطتها من هذه المرأة التي قد تكون أمية تدل على أنها أدركت هذه الحقيقة، حقيقية أن النصر لا يكون إلا بعد أن نغير أنفسنا كما قال عز وجل: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ " الرعد:11. فليس النصر من واشنطن أو بكين أو موسكو، إنما النصر من الله عز وجل، فلابد من الأخذ بأسباب النصر، قال عز وجل: "كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"المجادلة:21 . ......
        قضية فلسطين قضية عقدية
        فاتتني نقطة أود أن أنبه عليها، وهذه النقطة هي في البحث الذي ذكرناه عن رسالة الدكتوراه لـحسن صبري الخولي ، والذي ذكر فيها: أنه اعتماداً على التوراة التي هي كتاب مقدس -كما يزعم؛ لأنها محرفة- فلليهود حق في فلسطين، لكن العرب يشتركون معهم أيضاً في هذا الحق، باعتبار أن الوعد في التوراة لكل ذرية إبراهيم عليه السلام، سواء كانوا من إسحاق أو من إسماعيل عليهما السلام. وهذا كلام فيه مغالطة خطيرة جداً لابد من الالتفات إليها، فاليهود أنفسهم أحياناً في بعض المحافل الدولية في الأمم المتحدة أو غيرها يأتون بنصوص من القرآن حتى يثبتوا حقهم في فلسطين. ومن أجل ذلك نقول: إن المنطلق الذي ينبغي أن تعالج منه هذه القضية هو منطلق العقيدة، فإن قيل: ما علاقة هذا بالعقيدة؟ فأقول: علاقة هذا بالعقيدة أن اليهود الآن يريدون أن يستعيدوا القدس في زعمهم ويعيدوا بناء هيكل سليمان. فإن قيل: متى بدأ التواجد الإسلامي في مدينة القدس؟ هل بدأ التواجد الإسلامي بفتح عمر بن الخطاب لهذه المدينة؟ فالجواب: كلا! بل التواجد الإسلامي في فلسطين بدأ منذ أن تواجد فيها أنبيا الله الذين كانوا دعاة للإسلام، وأنبياء للإسلام، فمن أولى بسليمان عليه السلام: هل اليهود الذين يزعمون أنهم يعيدون بناء هيكله للمرة الثالثة أم المسلمون؟ فسليمان عليه السلام كان مسلماً، كما قال الله عز وجل عنه: "وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " النمل:44 . فهي قضية أساساً لابد أن تكون من منطلق عقائدي؛ لأننا نؤمن أنه لا حق في الدنيا إلا الإسلام، وأي دين آخر فهو دين باطل أو دين منسوخ. فجيوش المسلمين وجدت في فلسطين منذ عهد داود، ومنذ عهد سيلمان، ومنذ عهد موسى عليه السلام، وهكذا جميع أنبياء الله نحن أولى بهم، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني" ، فانطلاقاً من هذا الاعتقاد يكون اعتقاد تتطور المسلمين في قضية فلسطين: أن المسلمين هم أحق بهذه الأرض؛ لأنها أرض الأنبياء، وأن المسجد الذي هو مقام الآن في بيت المقدس الذي يعبد فيه الله وحده لا شريك له، هو يقوم مقام المعابد التي كان يعبد فيها الله أيضاً على شريعة الأنبياء السابقين، الذين كانوا جميعاً يقولون: لا إله إلا الله، وكانوا يصدق بعضهم بعضاً، فموسى بشر بمحمد عليه الصلاة والسلام، وعيسى بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلابد أن يكون هذا هو المنطلق: أن جميع الأنبياء أخوة، دينهم واحد، وشرائعهم شتى. فلا بد من النظر للقضية من هذا المنطلق، وليس على أنها قضية وثائق تاريخية تثبت حقاً لليهود، ومحال على اليهود أن ينتزعوا من القرآن نصوصاً تثبت لهم حقاً في فلسطين. فالحق في فلسطين للمسلم الذي هو على دين سليمان وعلى دين موسى وعلى دين عيسى وعلى دين محمد عليهم جميعاً صلاة الله وسلامه. ولكن لا ينظر للأمر ولا يقيسه بهذا المقياس إلا أصحاب العقيدة الصحيحة.......
        التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 07-01-2012, 04:36 AM. سبب آخر: تنسيق الموضوع
        عذراً رسول الله

        هجوتَ محمداً فأجبتُ عنه .. وعند اللهِ فى ذلك الجـزاءُ

        هجوتَ محمداً برّاً تقيـاً .. رسولَ اللهِ شيمته الوفـاء

        فإن أبى ووالده وعِرضى .. لعرضِ محمدٍ منكم وِقـاءُ

        تعليق


        • #5
          رد: محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم

          خوف اليهود من الجهاد الإسلامي وذكر بعض تصريحاتهم حول ذلك
          يخاف اليهود وأعداء الإسلام عموماً من أي صبغة إسلامية للجهاد ضد اليهود، وتكثر تصريحاتهم جداً في هذا الأمر، تقول صحيفة يدعوت أحرنوت في سنة (1948م): إن على وسائل إعلامنا ألا تنسى حقيقة هامة هي جزء من استراتيجية إسرائيل في حربها مع العرب، وهي أننا نجحنا في إبعاد الإسلام بعيداً عن المعركة إلى الأبد، ويجب منع استيقاظ الروح الإسلامية بأي شكل، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بأصدقائنا لاستعمال العنف والبطش لإخماد أي بادرة ليقظة الروح الإسلامية في المنطقة المحيطة بنا. وهذه المقالة مناسبتها: أن اليهود لما اقتحموا لبنان واحتلوها حصل نوع من الاستبشار الشديد جداً والحفاوة بين نصارى لبنان واليهود الذين خرجوا من فلسطين، فعملت مقابلة تلفزيونية مع سعد حداد ؛ لأنهم أبرزوا معالم الفرح التي عمت قرى النصارى بسبب احتلال اليهود للبنان. وقالوا: إن هذا التصرف الطائش الذي فعله التلفزيون وأظهر على الشاشة فرحة النصارى بقدوم اليهود في لبنان، تسبب في ردة فعل عنيفة بين المسلمين في لبنان وغيرها، وحرك فيهم الروح الإسلامية؛ لأن الروح الإسلامية تنظر من هذا المنظار، وهو أن هذه أرض الله، وهذه أرض أنبياء الله، وهيكل سليمان لماذا يبنى من جديد وقد نسخت شريعة سليمان؟ والدعوة التي كان يدعو بها سليمان وداود وموسى وجميع أنبياء بني إسرائيل هي دعوة محمد عليه الصلاة والسلام، وهي امتداد لها، فهذا هو الحق، ولا ينظر بهذا المنظار إلا صاحب العقيدة، الذي هو واثق أنه إما أن يعيش في سبيل العقيدة وينصرها، وإما أن يموت فتكون له الجنة. فهم يخافون جداً من استيقاظ الروح الإسلامية، ولذلك تستمر الصحيفة وتقول: لقد وقع تلفزيوننا في خطأ كاد ينسف كل خططنا؛ لأنه تسبب في إيقاظ الروح الإسلامية، ونخشى أن تستغل الجماعات الإسلامية هذه الفرصة لتحريك المشاعر ضدنا، وإذا فشلنا في إقناع أصدقائنا بتوجيه ضربة إليها في الوقت المناسب فإن على إسرائيل أن تواجه عدواً حقيقياً لا وهمياً، حرصنا أن يبقى بعيداً عن المعركة. إذاً: حتى اليهود يعرفون تماماً أن العدو الحقيقي الذي سوف يتصدى لهم هم هؤلاء المسلمون الذين يعتقدون أن الواحد منهم إذا قتل يهودياً أو قتله يهودي دخل الجنة، وهكذا يصرح اليهود أيضاً. ويقول أيضاً برجن دروستن، في مقال نشرته "صنداي تيليجراف" في سنة (1978م) يقول: إن أكبر خطر يرتكبه الغربيون هو عدم تفكيرهم بضرورة التدخل العسكري المباشر في المنطقة في حالة عجز الأنظمة الصوتية عن كبح جماح المتطرفين المسلمين؛ لأن خطرهم لا يقارن بأي خطر آخر مهما كان. وجريدة القبس الكويتية نقلت عن وكالات الأنباء أنها قالت: إن ديان قال في خطاب له أمام يهود أمريكا: إن على أمريكا والغرب أخذ العبرة من أحداث إيران التي يمكن أن تهب بشكل مفاجئ في غيرها كتركيا وأفغانستان، وأكد أن عدوه الأول هو الإخوان المسلمون، وأنه في الوقت الذي تشعر فيه إسرائيل أن العرب في فلسطين بدءوا يتمسكون بالاتجاهات الإسلامية المتعصبة فستقذف بهم بعيداً؛ لينظموا لإخوانهم اللاجئين: أي: أنه يهدد الفلسطينيين في فلسطين، أنهم إذا تعاطفوا مع الحركة الإسلامية فسنقذف بهم بعيداً حتى ينظموا إلى طابور اللاجئين في البلاد العربية. وأيضاً قالت صحيفة "كمشلر الفيجلر" التي تصدر في ألمانيا الغربية: على الغرب إذا أراد المحافظة على مصالحه في الشرق الأوسط أن يبدي مرونة في تفهم مقاصد الاتجاهات الإسلامية. وبعدما قتل السادات قال أحد القادة في صحيفة الـ "جروزاليم بوست": إن ظهور حركة اليقظة الإسلامية بهذا الصورة المفاجئة المذهلة قد أظهرت بوضوح أن جميع البعثات الدبلوماسية، وقبل هؤلاء جميعاً وكالات الاستخبارات الأمريكية كانت تغط في سبات عميق. وأيضاً: في مقابلة مع صحيفة "ها آرتس"، في 12 من فبراير سنة (1979م) قال مسئول يهودي: إن الذي يثير قلقنا هو أن مواقف العرب داخل إسرائيل بدأت تتحول من مواقف مبنية على قاعدة قومية إلى مواقف تستند إلى قواعد دينية. فلماذا يستكثرون علينا أن نغار على ديننا وأن نحامي عن ديننا، ودولتهم دولة دينية يهودية مبنية على دين باطل ومنسوخ ومحرف؟! فهم يحرصون تماماً على إبعاد الإسلام؛ لأن هذا هو العدو الحقيقي الذين يعرفون أنه سوف يهزمهم، وسوف يبيدهم. ثم قال المسئول اليهودي: إن خطراً حقيقياً بدأ يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط، وقسماً كبيراً من إفريقيا، هذا الخطر هو خطر انتشار ثورة إسلامية شاملة، يقوم بها متدينون متطرفون. وقال شارون - السفاح المعروف - في ندوة في جامعة تل أبيب سنة (1976م): ما من قوة في العالم تضاهي قوة الإسلام من حيث قدرته على اجتذاب الجماهير، فهو يشكل القاعدة الوحيدة للحركة الوطنية الإسلامية. وقال يوشواح بوراك : إن المساجد هي دائماً منبع دعوة الجماهير العربية إلى التمرد على الوجود اليهودي. وأيضاً: يقول مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض بريجنسكي: إن الولايات المتحدة بحاجة إلى دراسة جديدة حول الحركات الإسلامية المتشددة؛ ليسهل على الإدارة الأمريكية وأصدقائها في المنطقة الإسلامية مراقبتها عن كثب؛ حتى لا تفاجئ باندلاع ثورة إسلامية جديدة في أي مكان في العالم الإسلامي؛ لأن أمريكا حريصة على عدم السماح للإسلام بأن يلعب دوراً مؤثراً في السياسة الدولية. وأيضاً ذكرت صحيفة القبس الكويتية سنة (1979م) أن مجلس الأمن القومي الأمريكي طلب من هيئة المخابرات البريطانية تزويد الإدارة الأمريكية بكل ما يتوافر لديها من معلومات تتعلق بالحركة الإسلامية؛ للاستعانة بها في وضع الخطط الكثيرة للقضاء على خطرهم قبل فوات الأوان. وأوردت وكالة الأنباء الفرنسية في نبأ لها من بيت المقدس في فبراير سنة (1979م) أن السلطات اليهودية قامت باعتقال اثني عشر عالماً من علماء المسلمين -ومعظمهم من الشباب- في بيت المقدس. وجاء في جريدة اسمها "فورتشون" ما يلي: إن صحوة الإسلام الجديدة تزعج الإسرائيليين كثيراً؛ فإسرائيل تعرف تماماً أنه إذا فشلت محادثات السلام مع مصر فإنها سوف تكون هدفاً لحرب الجهاد المقدس التي ستشنها الصحوة الإسلامية المتزايدة. ثم قالت: إنه حتى في الجامعات العبرية في إسرائيل بدأ الطلاب العرب المسلمون يطلقون لحاهم، ويؤدون العبادات الإسلامية، في حين بدأت الفتيات المسلمات في ارتداء الزي الإسلامي الشرعي. فالعدو الحقيقي لم يواجهوه حتى الآن، وهم لا يخافون إلا هذا العدو، فكان لابد من التنبيه إلى أن المنطلق ينبغي أن يكون من العقيدة، أما أن واحداً يسعى وراء اليهود أو أمريكا حتى تعطيه قطعة أرض في قطاع غزة أو في الضفة، فهذا ليس صاحب قضية، بل هذا طالب ملك، وطالب دنيا، وحتى لو أقام دولة فسيقيم دولة علمانية! فهؤلاء أصحاب المنظمات يقولون: سوف نقيم دولة علمانية لا دين لها، وتراهم كما حكينا عنهم لا يعتزون بعقيدة الإسلام، بل ينتمون إلى كل الألوان ماعدا الإسلام. فالقضية ليست قضية فلسطينيين، بل هي قضية مسلمين، فينبغي أن يكون المنطلق من خلال العقيدة، فعقيدتنا أن الإسلام هو دين الله، وهو الحق الوحيد في هذا الوجود، وما عداه فهو باطل، والأرض لله يورثها من يشاء. فأرض فلسطين هي أرض الأنبياء، ونحن أولى بموسى وداود وسليمان وعيسى من اليهود والنصارى الذين يزعمون أنهم يحبونهم. فهناك ارتباط وثيق جداً لقضية فلسطين بقضية العقيدة، واليهود يقولون: إن هيكل سليمان سوف يعاد، فلماذا يعاد؟ ولماذا يُهدم المسجد؟ هل لأننا مسلمون فقط وهم يهود؟! فنحن الآن نريد ألا يعبد في هذا المكان -المسجد الأقصى- إلا إله سليمان وإله داود وإله موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعاً وعلى نبينا الصلاة والسلام. ......
          أهمية جهاد المسلم في سبيل الله عز وجل
          أي جهد يقدمه الإنسان لتمكين الدعوة الإسلامية في أي بقعة من بقاع الأرض فهو يساهم في تقريب وقت التمثيل لهذا الدين، ففي أي موقع يكون الإنسان موجوداً فيه لابد أن يساهم، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق"، فلابد لكل مسلم أن يحدث نفسه: أنه إذا مكن من الجهاد أن يجاهد في سبيل الله تبارك وتعالى، فعلى الأقل يحصل تحديث النفس به، ولكن نحن نثق تماماً أن السلام المزعوم مع اليهود لن يقع، بنص الحديث: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود..."، إلى آخر الحديث المعروف. فعلى الأقل نلم بأحوال إخواننا في فلسطين؛ لأن بعض الناس لا يتأثرون ولا يتحركون لما يقع في فلسطين من المجازر ضد المسلمين المستضعفين هناك من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، فلا البلاد العربية تقوم بواجبها نحوهم أو تستقبلهم أو تؤيهم، ولا هم صابرون على الظلم والعسف الذي يلاقونه من أعداء الله اليهود، فعلى الأقل نكون على علم بهؤلاء، وندعو لهم، والإنسان يحدث نفسه أنه متى ما استطاع أن يشارك في جهادهم فسيفعل، وكل منا يعمل للتمكين للإسلام في أي موقع من الأرض حتى تقوم نواة لدولة إسلامية لتحرير فلسطين وأفغانستان وجميع بقاع العالم الإسلامي. ولذلك يجهد أعداء الإسلام ألا تقوم أي بذرة أو أي نابتة لكيان إسلامي قوي يحمل هم هذه الدعوة. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين. ......
          من تفريغات العلامة /محمد بن اسماعيل المقدم
          التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 07-01-2012, 05:19 AM. سبب آخر: حذف اعلان لموقع آخر+تنسيق الموضوع
          عذراً رسول الله

          هجوتَ محمداً فأجبتُ عنه .. وعند اللهِ فى ذلك الجـزاءُ

          هجوتَ محمداً برّاً تقيـاً .. رسولَ اللهِ شيمته الوفـاء

          فإن أبى ووالده وعِرضى .. لعرضِ محمدٍ منكم وِقـاءُ

          تعليق


          • #6
            رد: محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم

            جزاكم الله خيرا

            تعليق


            • #7
              رد: محنة فلسطين [1]محاضرة مفرغة للعلامة الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم

              ما شاء الله
              بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
              وجعل هذا العمل الطيب في ميزان حسناتكم
              وفقكم الله لما يحب ويرضى

              تعليق

              يعمل...
              X