إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

    سلسلة
    (الايجابية في حياة المسلم)
    محمد مات خلف رجال


    ( القاعدة الأولى )
    خدمة الدين من ضروريات الدين

    الوقفة الأولى
    خدمة الدين …نعم !

    إنها خدمة يَشْرُفُ بها العبد
    وليست مَهْنَةً قَسْرية يُهان بها ،
    أو منصبا تشريفيا يخيّر بين القبول به أو الإعراض عنه ،
    وليست تبرعا ولا فرض كفاية ولا مجرد أداء واجب ،
    وإنما خدمة الدين ركن من أركانه وضروريٌّ من ضرورياته وأساس من أسسه .

    ولقد كان هذا المعنى مستقرا عند السلف الصالح
    استقرارَ المعتقَد في القلوب ،

    ولم يحتاجوا أن يستدلوا له
    أو أن يقرِّروه لأنفسهم بشتى وجوه الاستدلال ،

    بل كان يكفي أن يُسْلِمَ الواحد منهم
    أو يستقرَّ الإسلام في قلبه
    ليعتبرَ نفسه بعد ذلك مَنْذورَةً لهذا الدين ،
    ويجنِّدَها في خدمته ،
    ويَصرِفَ مجهوداتِها في نصرته
    والذَّوْدِ عن حَوْزَتِه .

    …إن هذا الدين إذا تأمّله المتأمِّل
    عَلم أنه صِيْغَ ليكون المتمسّكُ به داعيةً إليه ،
    ودَلاّلاً عليه .
    ومع مَزِيد تأمّل يرى المرء
    أن مَن أراد أن يكون مسلما دون تَبِعات ومسئوليات تجاه إسلامه
    فإنه رَامَ ضرْبا من التديّن شبيهاً بتدين الرهبان في الكهوف والصوامع والبِيَعِ ،

    وقد تقرر أنه لا رهبانية في الإسلام .

    …إن من أوائل الأوامر الربانية التي نزلت في القرآن :
    الأمر بالنِّذارة وتبليغ الوحي للخليقة ،

    يقول تعالى :
    (
    يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ) .

    ثم توالى بعد ذلك ما يمكن أن نسمّيَه فقهَ الدعوة ،
    حيث تضمّن التنزيل أوامرَ عُنيتْ بالشأْن الدعوي

    مثل قوله تعالى :
    (
    فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ )

    وقوله تعالى :
    (
    قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )

    وقوله :
    (
    ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ ) ،

    وهي آيات ترسم صورة المسلم الداعية الذي يتبع نهج نبيه صلى الله عليه وسلم .

    …بل إن النبي صلى الله عليه وسلم
    كان من أوائل اهتماماته
    صِيَاغَةُ الشَّخصية الدعوية
    التي تحمل هَمَّ الدين
    وتبذُل له .

    وكان أول من دعاه النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام
    هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ،

    فلم يكن ذلك الصديق عَالَةً على الدعوة وعِبْئَاً عليها ،
    بل تحرك من أول يوم ينشر هذا الدين
    حتى دخل بجهوده الدعوية في أول الأمر
    ستة من سادات قريش الشبان ،

    إضافةً إلى سعايته في فِكاك العبيد الذين أسلموا
    من أَسْر الرِّق .

    …وإنّ تحرك صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
    بعد وفاته في أقطار الأرض

    لَدَليلٌ على
    أن الشخصية التي صاغها النبي صلى الله عليه وسلم
    ورباهم عليها
    هي الشخصية المتحركة للدين
    التي لا تعرف
    السكون
    ولا الكمون .

    قلت:
    ولولا أن الله سخرهم لدعوة أجدادنا لما كنا مسلمين
    فاللهَ نُشهد أنَّا نحب الصحابة
    رضي الله عنهم

    هذا ما تيسر من فضل الله
    ومع وقفة أخري
    وتفسير قوله تعالى :
    {
    يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ }

    تقبلوا تحياتي ودعواتي
    محبكم في الله
    (أبو أنس)


    [/CENTER]
    التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:02 PM.

    تعليق


    • #17
      رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      سلسلة
      (الايجابية في حياة المسلم)
      محمد مات خلف رجال
      تابع
      ( القاعدة الأولى )
      خدمة الدين من ضروريات الدين
      الوقفة الثانية …
      وقفة مع قوله تعالى :
      {
      يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ }

      يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
      " فواجب على الأمة أن يبلغوا ما أُنزل إليه
      ( أي النبي صلى الله عليه وسلم ) ،
      ويُنْذِروا كما أَنْذَرَ ،

      قال الله تعالى :
      {
      فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ،

      والجنُّ لما سمعوا القرآن :
      {
      وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } .

      ويقول ابن القيم رحمه الله :
      "وتبليغ سنته صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أفضلُ من تبليغ السهام إلى نحور العدو ، لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس ، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم ، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه .

      ويقول الغزالي رحمه الله :
      " اعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خاليا في هذا الزمان عن مُنْكر ، من حيث التَّقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم وحمْلهم على المعروف ، فأكثر الناس جاهلون بالشرع في شروط الصلاة في البلاد ،
      فكيف في القرى والبوادي ومنهم الأعرابُ والأكْراد والتُّرْكُمانِية ، وسائرُ أصناف الخلْق ،
      وواجبٌ أن يكون في كل مسجدٍ ومَحَلَّةٍ من البلد فقيهٌ يعلّم الناس دينَهم وكذا في كل قرية ،
      وواجب على كل فقيه - فرغ من فرض عينه لفرض الكفاية - أن يخرج إلى ما يجاور بلده من أهل السواد ومن العرب والأكراد وغيرهم ، ويعلِّمَهم دينهم وفرائض شرعهم . أهـ

      قلت)أبو أنس) :
      " لله درك يا غزالي ، فما أشبه ليلنا ببارحتكم ، فزمن انتشر فيه الجهل بين الناس وزهد جلُّهم في طلب العلم الضروري (أقصد فروض الأعيان) وجب فيه على أهل العلم أن يعرضوا أنفسهم على الناس"
      والله أعلم

      وعن جعفر بن سليمان قال :
      سمعت مالك بن دينار يقول : لو استطعت ألا أنامَ لَمْ أَنَمْ مَخافةَ أن يَنزِلَ العذابُ وأنا نائم ، ولو وجدت أعوانا لفرَّقْتُهم ينادون في سائر الدنيا : يا أيها الناس :
      النارَ النارَ .

      وقال إبراهيم بن أَشْعَث :
      كنا إذا خرجنا مع الفُضيل ( بن عِياض ) في جنازة لا يزال يَعِظُ ويذكّر ويبكي حتى لَكَأَنّه يودّع أصحابه ذاهبٌ إلى الآخرة حتى يبلغَ المقابر ، فيجلس فكأنه بين الموتى ، جلس من الحزن والبكاء
      حتى يقوم وَلَكَأَنّه رجع من الآخرة يُخْبِرُ عنها .

      وعن شجاع بن الوليد قال :
      " كنت أخرج مع سفيان الثوري ، فما يكاد لسانُه يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهبا وراجعا .

      والإمام الزهري
      لم يَكْتَفِ بتربية الأجيال وتخريج أئمة الحديث ، بل كان ينزل إلى الأعراب يعلّمهم .

      وكان الفقيه الواعظ أحمد الغزالي
      - شقيق أبي حامد الغزالي رحمهما الله -
      "كان يدخل القرى والضِّياع ويعظ لأهل البوادي تقربا إلى الله .

      يقول الراشد حفظه الله :
      ولا ينبغي للداعية أن يَبْتَئِس إن لم يجد فَضْلَ وقت لقيام الليل يوميا ، والإكثار من ختْمات القرآن ،
      فإن ما هو فيه من الدعوة وتعليم الناس وتربية الشباب خيرٌ وأجْزَلُ أجرا ،
      وقدوته في ذلك ورائده أئمة الدعاة من السلف الصالح الذين كانوا يسيحون لنشر الدعوة وتبليغها ،
      ويبادئون الناس بالكلام ،
      ويحتكون بهم احتكاكا هادفا ،
      ولا ينتظرون مجيء الناس لهم ليسألوهم ..


      ثم ذكر قصة الأعرابي الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم وسأله قائلا : يا محمد أتانا رسولُك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أَرسلَك ؟

      قال الراشد :
      " أتاهم رسولُ رسولِ الله داعيا ،
      وكذلك الناس تُؤْتَى ،
      ومن انتظر أن يأتيه الناس فليس بداعية ،
      ولو فصّلت كلمة الأعرابي لتبين لك
      كيف فارق ذلك الصحابي الداعية المدينةَ لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لقومِ هذا ،
      وكيف فَارَقَ أهلَه وبيتَه وأولادَه ،
      وكيف اجْتازَ المَفَاوِزَ وصحْراءَ مِن بعدِ صحْراء ،
      وكيف تعرّض للمخاطر والحر أو البرد ، ليبلّغ دعوة الإسلام .

      وهذا شأن الدعوة التي تريد أن تصل إلى أهدافها ،
      لابد من تَحرّك ومُبادَأَة وغُدُوٍّ ورَوَاحٍ وتَكَلُّمٍ وزَعْمٍ ، ليس القعودُ والتمني من الطرق الموصلة ،
      فافْقَهْ سيرةَ سلفك وقلّدْهم تَصِلْ ،
      وإلا فَرَاوِحْ مكانَك فإنك لن تَبْرَحَه .. ) أهـ


      قلت :
      والله كلمات تكتب بماء الذهب بل بماء العيون

      هذا ما تيسر من فضل الله
      ومع وقفة أخري
      تقبلوا تحياتي ودعواتي
      محبكم في الله
      (أبو أنس)
      عفا الله عنه وعنكم
      التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:09 PM.

      تعليق


      • #18
        رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

        بارك الله فيكم ونفع بكم

        متابعين بإذن المولى....


        تعليق


        • #19
          رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          حياكم الله أختنا الفاضلة
          (أم ياسمين)
          وتقبل الله منا ومنكم

          قال الراشد:
          وهذا شأن الدعوة التي تريد أن تصل إلى أهدافها ،
          لابد من تَحرّك ومُبادَأَة وغُدُوٍّ ورَوَاحٍ وتَكَلُّمٍ وزَعْمٍ ، ليس القعودُ والتمني من الطرق الموصلة ،
          فافْقَهْ سيرةَ سلفك وقلّدْهم تَصِلْ ،
          وإلا فَرَاوِحْ مكانَك فإنك لن تَبْرَحَه .. )
          التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:11 PM.

          تعليق


          • #20
            رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

            جزاك الله خيرا اخى الحبيب


            جعلنا الله واياكم من الذاكرين له كثيرا
            اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

            تعليق


            • #21
              رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              سلسلة
              (الايجابية في حياة المسلم)
              محمد مات خلف رجال
              تابع
              ( القاعدة الأولى )
              خدمة الدين من ضروريات الدين
              الوقفة الثالثة…

              نقول وبالله التوفيق:
              …إن التحرك للدين وبذل المجهود في الدعوة إلى الله والتمكين لشرع الله وإعلاء كلمته في الأرض يجب أن يكون عنصرا أصيلا في النسيج الإيماني لكل مسلم ، فلا يَفْتَأُ يحاسب نفسه في كل زمان :
              ماذا قدم لدين الله ؟ يَتَقَلَّبُ في مَضْجَعِه قَلِقَا ، لا يَهْنَأُ بِنَوْمَة ،
              ولا يطِيبُ له وَسَن ، ترتاده أخبار المسلمين فيَهْتَمُّ ويَغْتَمُّ ، يفكّر في سبل إيصال الحق إلى الخلق فيخافُ أن يقصّر ، يقلق من تنامي الكفر والفسق ، يَجْزَعُ من قلة الناصرين لدين الله ، إنه لا يفكر في جاره فقط أو صديقه كيف يدعوه ، إنه يفكر في سكّان الكرة الأرضية كيف يُدخلهم في دين الله أفواجا . يالها من همة لو وجدت لها فؤادا . وأحسب أن مثل هذه النفس لو تَلِفت هَمّا على حال الدين لما كان ذلك كثيرا جَلَلاً .

              …ومن أعظم مَن نرفعهم قدوة ومثالا في التحرك للدين جماعة التبليغ العالمية ، التي ما فتئت تضرب لنا أروع الأمثلة في الحركة والتضحية وبذل الغالي والرخيص في خدمة الدين (مع التحفظ عليهم في بعض الأمور) .

              …يقول الشيخ محمد بن إسماعيل في كتابه علو الهمة :
              ( بالرغم من التحفظات على فِكر ومنهج جماعة التبليغ)
              إلا أننا نُقِرُّ بأنها أوْفرُ الجماعات حظا من علو الهمة في الحركة الواسعة الدَّءوب ، ولهم في ذلك إنجازات رائعة أثمرت إسلامَ كثير من المشركين وهداية كثير من الفاسقين ، وتبليغ دين الله في آفاق المعمورة .

              …حكى من شَهِدَ مجلسا لهم قال : جلسنا يوما في المسجد للتعارف ، فقام شيخٌ وَقور يعرِّف نفسه ، وقد جاوز السبعين من عمره : اسمي الحاج وحيد الدين ، أعمل في التجارة ، وعمري الآن تسع سنوات ، فاستغربْنا ، وقلنا في دَهْشَة : تسع سنوات ؟!
              قال : نعم ، لأنني أعتبر عمري ضائعا ..
              وكان هذا الرجل إذا وَعَظ قال : لا تضيّعوا أعماركم مثلي ، واشتغلوا بالدعوة إلى الله تعالى .
              …وقد حدث أن سألنا أميرَهم : لماذا تذهبون إلى المقاهي لدعوة الناس؟
              . قال : أرأيتم إن كان عندكم مريض ماذا تفعلون له ؟
              قلنا : إن كان مرضُه ثقيلا نُحضر له الطبيب في المنزل ، وأما إذا كان مرضه خفيفا فإنه يذهب بنفسه إلى الطبيب .
              قال : فكذلك الذين لم يعرفوا طريق المسجد ، مرضهم الإيماني ثقيل ، فنحن نذهب إليهم .

              …وسمعت بعض مشايخهم يروي موقفا تعرض له ، إذْ خرج للدعوة في حانة خمر في مدينة أوروبية ، واسْتَهْدَفَ رجلا مسلما كان يُجالس امرأة وهو يشرب الخمر ، فوعظه ونصحه وذكّره بالله ، حتى لان قلبه ودمعت عيناه ، فأخذ بذراعه ليقوده إلى المسجد ، وأخذت المرأة بذراعه الآخر تنازعه فيه ، وكانت الغَلَبَةُ له بعد تَجَاذُب شديد من الطرفين ، وأتى به إلى المسجد وعلّمه كيف يتطهر ويصلي ثم تاب وحَسُنَت توبته .

              …وهم يجتهدون في ابتكار الحِيَل الخيرية لجذْب الناس إلى الدين ، كذلك التبليغي الذي أراد دعوة طبيب مشهور ، فدفع قيمة الفَحْص ، ولما جاءت نوبته دخل عليه ، فتهيأ الطبيب لفحصه ، فإذا به يخبره أنه ليس بمريض ، وإنما رَغِب أن يذكّره الله ، وينصحه في الدين ،
              وراح يفعل ذلك ، حتى رقّ قلب الطبيب ، وتأثر بموعظته ،
              وأراد أن يرد عليه قيمة الكشف ، فأبى قائلا : هذه قيمة ما استغرقته من وقتك .

              …ومن ذلك أنه لما صَعَّد الإنسان إلى القمر ، قال أحدهم :
              ولو صَعَّد الناس إلى القمر ، وتحول بعض منهم عن الأرض لَنُرْسِلَنَّ وراءهم قافلة تخرج في سبيل الله ، وتَصَّعَّد إلى القمر لتدعوَهم .

              …يقول الأستاذ الراشد حفظه الله :
              حركة التبليغ أجادت غرس الثقة في دعاتها ، وبخطبة واحدة يتعلمونها يجوبون الآفاق ويواجهون المجتمع ، وآخرون يأمرون وإخوانهم بضمّ الرأس ، ويقولون لفتى الصحوة : أنت في خندق ، احْترِسْ وأَتْقِن الاخْتباء !! .

              …وهذا أخ مؤذّن يأسَف ويحزن حزنا شديدا ، إذْ بَلَغَه أن بُرْج
              ( بِجْ بِنْ ) الشهير في لندن قد مال ، وأنه مُهدّد بالانهيار فلما سُئل عن سر أسفه وحزنه قال : ما زِلْتُ أُؤَمِّل أن يُعِزَّ الله المسلمين ويفتحوا بريطانيا ، وأصعدَ على هذا البرج كي أُؤَذِّنَ فوقه .

              …وأعرف ( والكلام مازال للشيخ محمد بن إسماعيل ) : أخا أمريكيا من أصل أسباني ممن أسلم لله ، وحسن إسلامه ، يعيش مع زوجته الأمريكية التي أسلمت أيضا في مدينة ( نيويورك ) وقد انتدب نفسه للدعوة إلى الله ، فيخرج هو وزوجته ويقفان أمام الكنيسة ليلتقط روادَها من الرجال ، ويدعوهم إلى الإسلام ، وكذلك تفعل زوجته مع النساء وذلك كل يوم أحد .

              …وأعرف - والكلام ما زال للشيخ محمد إسماعيل حفظه الله - أخا يعيش في ألمانيا أحسبه - والله حسيبه - مجتهدا في الدعوة إلى الله غاية الاجتهاد ، حتى لا يكادُ يذوق طَعْمَا للراحة ، وقد اسْتَحْوَذَت الدعوة على كل كيانه ، حتى أَرْهَقَ نفسه ، وشُغِل عن بيته وأهله وولده ،
              فرأى إخوانُه أن يُمنح عطلة إجبارية ، وذهبوا به بصحبةَ أسرته إلى مُنْتَجَع ناءٍ لا يعرفه فيه أحد ، ولا يعرف فيه أحدا كي يَهْنَأَ ببعض الراحة ، وواعدوه أن يعودوا لإرجاعه بعد أيام ، ولما رجعوا إليه وجدوه قد أسّسَ جمعية إسلامية في هذا المكان قوامها بعض العمال المغاربة وغيرهم ممن انقطعت صلته بالدين ، ففتش عنهم في مَظَانّ وجودهم ودعاهم إلى طاعة الله وألّف بينهم وأقاموا مسجدا كان فيما بعد منطلقا للدعوة إلى لله في تلك البلدة ..

              ثم ينقل عن الأستاذ الراشد قوله :
              وقد كنت في الأيام الخوالي ألاطف إخواني فأفتّش عن أحذيتهم ، ليس على نظافتها وصَبْغها ورَوْنَقِها كالتفتيش العسكري ، بل على استهلاكها وتقطّعها والغبار الذي عليها ، وأقلّبها فأرى النَّعْل ، فمن كان أسفل حذائه مُتَهَرِّئا تالفا فهو الناجح ، وأقول له : شاهدُك معك ،
              حذاؤك يشهد لك أنك تعمل وتغدو في مصالح الدعوة وتروح ، وتطبق قاعدة : {
              وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ } ، وبكثرة حركتك تلف حذاؤك فأنت المجتاز المرضي عندي .

              قال صباح ( من تلاميذ الأستاذ ) : قد
              - والله - بعد عشرين سنة يأخذني تأنيب الضمير كلما رأيت حذائي لا غبار عليه وأتذكر ذاك التفتيش . ) اهـ

              قلت(أبو أنس):
              " قم أخي وامسح دموعك واجتهد في الدعوة إلى الله قدر طاقتك عسى أن يكون ذلك عذرا أمام الله يوم القيامة ، ونسأل الله ألا يعذب من دل عليه غدا ..."

              هذا ما تيسر وللحديث تتمة إن شاء الله وقدر

              تقبلوا تحيات محبكم في الله
              (أبو أنس)
              عفا الله عنه وعنكم
              آمين
              التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:22 PM.

              تعليق


              • #22
                رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
                يا الله سلسلة في غاية التميز.....جزاكم الله خيرا اخونا الفاضل
                ننتظر التتمة...
                التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:23 PM.


                تعليق


                • #23
                  رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  بارك الله فيكم أختنا الكريمة
                  (أم ياسمين)

                  ونسأل الله القبول منا ومنكم
                  التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:23 PM.

                  تعليق


                  • #24
                    رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    سلسلة
                    (الايجابية في حياة المسلم)
                    محمد مات خلف رجال

                    تابع
                    ( القاعدة الأولى )
                    خدمة الدين من ضروريات الدين
                    الوقفة الرابعة

                    اعلم أن خيريّة الأمة مبنية على القيام بواجب الإصلاح

                    نقول وبالله التوفيق:
                    …وإذا تأملنا بعض النصوص الشرعية التي عالجت الوضع الاجتماعي المسلم نجد أنها تركز على الإصلاح كجانب أساس في قيام الدين ، وكما أنه لا إِصلاح بدون صلاح فلا صلاح بدون إِصلاح ، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } ويقول صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) رواه مسلم .

                    …فتأمّل - يرعاك الله - كيف أن خيريّة الأمة مبنية على القيام بواجب الإصلاح وأن الدين مشتمل على أُسُسٍ من أهمها النصيحة ، وعلى هذا بايع النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعضُ الصحابة : أن ينصح لكل مسلم.

                    …وقد قرَّرَ علماء الأصول أن الحكمة التي لأجلها شرع الله الأحكام منها ما هو ضروري ومنها ما هو حَاجِيٌّ ومنها ما هو تَحْسِيْنِي4 ، فأما الضروري فهو أصول المصالح التي لا تقوم الحياة إلا بها ، ولو تُصُوِّر زوالها لأدى إلى فَوات حياة الناس ويصبح عيشهم تَهَارُجا وفوضى .

                    …وأصول الضروريات ترجع إلى حفظ خمسة أمور هي : الدين والنفس والعقل والنسب والمال ، وبدون حفظ هذه الأمور يعيش الناس عِيشة البهائم الرتّع ، وتفوت حياتهم الكريمة التي أرادها الله لهم .

                    …وجعل العلماء حفظ الدين من أولى الضروريات التي اهتم بها الشرع،
                    فإن مَدار الأحكام الشرعية على هذا الضروري مثل وجوب لزوم الاعتقاد الصحيح الذي هو أُسُّ الدِّيانة

                    ومرورا بالأركان الخمسة التي عليها يقوم بناء الدين وأركان الإيمان التي بها يصح العمل والإحسان الذي به يقبل العمل ،

                    وكذلك الجهاد الذي هو ذِرْوَةُ سَنَام الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو رُوح الشرع والنصيحة التي هي الدين كما قال صلى الله عليه وسلم .

                    …كل تلك التكاليف الشرعية مقصودها حفظ الدين ،
                    وفي سياق ذلك يُفهم أن أعمال المكلف لابد أن تدور حول هذا الضروري ( حفظ الدين ) ،

                    والذي يتخيل حياةً حافلة بالأعمال الصالحة دون أن يستحضر هذه النية فيخشى عليه أن يكون داخلا في قوله تعالى : {
                    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّـهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا } .

                    …بل إنني أزعم أن من سمات العلمانية الواضحة أنها تريد من المسلم أن يعيش إسلامه كطقوس منزوعةِ المعنى ، بعيدةٍ عن هذا المَقْصِد الذي نحن بصدده ، فيصير الإسلام مجرد فكرة جميلة المبادئ يعيشها المسلم دون التزام بنصرة هذه الفكرة التي يحياها كعاشق حالم ، وإذا بنا نبصر هذه الشخصيات المسلمة الممسوخة التي ليس عندها أدنى استعداد لتقديم أي شيء في سبيل نُصرة قضايا دينها وأمتها .

                    …وليس خافيا أن مجهودات وسائل الإعلام - المعادية للدين - تركّز على جانب خبيث في الفكر الإعلامي يعرف بمصطلح : ( حشد اهتمام الرأي العام ) ،

                    ولو تتبع أيُّ أحد اتجاهات الإعلام ( لا أقول في دول الكفر بل في الدول التي تستظل بمظلة الإسلام ) سيجدها في أقل أحوالها منصبّة في تخدير الشعور الديني ،

                    وإذا زاد الخُبث قليلا فإنهم يعملون على إثارة الغرائز وإغراق النفوس بالشهوات الحيوانية ،

                    وإذا تعاظم الخبث فإنهم يعملون حينئذ على تشويه معالم الدين وقلْب الحقائق ،

                    وهذا لَعَمْري أعظم الأَثَافي .

                    وهذا ما يأتي تفصيله إن شاء الله وقدر من تتمة حديثنا
                    إن شاء الله تعالى

                    وجزاكم الله خيرا

                    التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:33 PM.

                    تعليق


                    • #25
                      رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

                      جزااكم الله خيرا

                      سلسلة موفقة باذن الله

                      وفكرتها مميزة

                      الحمد لله رزقني الله بـ "رقية"
                      اللهم اجعلها قرة عين لي ولوالدها واجعلها من عبادك الصالحين واشفها شفاءا لا يغادر سقما

                      يارب اهد امتك آية واغفر لها وقها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن وثبتها وقوي ايمانها
                      اللهم اشفها شفاءا لا يغادر سقماً

                      اللهم طهر قلوبنا واحسن خاتمتنا وامح ذنوبنا
                      رباااه اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم


                      إلاهي أنت تعلم كيف حالي فهل يا سيدي فرج قريب

                      تعليق


                      • #26
                        رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                        أحسن الله إليكم أختنا الفاضلة
                        (آية)
                        ورزقنا وإياكم حسن القول والعمل به

                        قال السادة العلماء:
                        (( تعلموا العلم ،
                        فإن تعلمه لله خشية ،
                        وطلبه عبادة ،
                        ومذاكرته تسبيح ،
                        والبحث عنه جهاد ،
                        وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ،
                        وبذله لأهله قربة ،
                        لأنه معالم الحلال والحرام ،
                        ومنار سبيل أهل الجنة ،
                        وهو الأنيس في الوحشة ،
                        والصاحب في الغربة ،
                        والمحدث في الخلوة ،
                        والدليل على السراء والضراء ،
                        والسلاح على الأعداء ،
                        والزين عند الأخلاء ،
                        يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة وأئمة ،
                        تقتص آثارهم ، ويقتدى بأفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم ،
                        ترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ،
                        يستغفر لهم كل رطب ويابس ، وحيتان البجر وهوامه ،
                        وسباع البر وأنعامه ،
                        لأن العلم حياة القلوب من الجهل ،
                        ومصابيح الأبصار من الظلم .
                        يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار ،
                        والدرجات العلى في الدنيا والآخرة .
                        التفكر فيه بعدل الصيام ،
                        ومدارسته تعدل القيام ، به توصل الأرحام ،
                        وبه يعرف الحلال من الحرام ،
                        هو إمام العمل ، والعمل تابعه ،
                        يلهمه السعداء
                        ويحرمه الإشقياء ))

                        تعليق


                        • #27
                          رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
                          جزاك الله خيرا اخى الحبيب

                          بارك الله لنا فيك اخى


                          *********


                          عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" الصحيحين
                          التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 07-11-2017, 11:38 PM.
                          اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

                          تعليق


                          • #28
                            رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            أحسن الله إليكم أخانا الغالي
                            (العابد لله)
                            ورزقنا وإياكم حسن القول والعمل

                            تعليق


                            • #29
                              رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال

                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                              سلسلة
                              (الايجابية في حياة المسلم)
                              محمد مات خلف رجال
                              تابع
                              (
                              القاعدة الأولى )
                              خدمة الدين من ضروريات الدين
                              الوقفة الخامسة

                              دور الإعلام بين الضحك والبكاء

                              قلنا:

                              ولو تتبع أيُّ أحد اتجاهات الإعلام ( لا أقول في دول الكفر بل في الدول التي تستظل بمظلة الإسلام ) سيجدها في أقل أحوالها منصبّة في تخدير الشعور الديني ،

                              وإذا زاد الخُبث قليلا فإنهم يعملون على إثارة الغرائز وإغراق النفوس بالشهوات الحيوانية ،

                              وإذا تعاظم الخبث فإنهم يعملون حينئذ على تشويه معالم الدين وقلْب الحقائق ،

                              وهذا لَعَمْري أعظم الأَثَافي .

                              وتفسير ذلك بشيء من الإيضاح فيما يحكيه بعض الدعاة :

                              أن البرامج الإعلامية غدت ذات تناقضات من قبيل المضحك المبكي ، فلا غَضَاضَةَ عند القوم أن يكون بعد الحديث الديني فيلم داعر ، ولا ملامة على مقدمة البرامج المتبرجة أن تُجري حديثا تلفزيونيا مع شيخ مُعَمّم ، ثم تستطيع أن تسمع مذهولا عن مسلسلات تسمى دينية يظهر فيها الأئمة عُشّاقا وأصحاب مزاج موسيقي وتذوق عال لجمال النساء والفن !


                              …إن هذه التناقضات المقصودة يراد منها

                              أن يتجرع المسلم دواء يزيل عنه الجانب التطبيقي من تدينه ، فيصبح مسلما مصليا صائما حاجا لكنه لا يجد تعارضا بين ذلك وبين موالاة الكافرين ومصاحبة الفاسقين وأكل الربا وغشيان الفجور والتحاكم لغير شرع الله عز وجل ، وأصبح من العادي أن أسمع من كثير من الشباب يلبس ملابس لاتَنُمُّ عن دين وحياء وبجانبه اصْطَفَّ فريق النساء المترجلات أو الرجال المتخنثين يمسك بسيجارة عفراء أو يمضغ علكا بطريقة أنثوية ثم يقول : الحمد لله أنا لا أعمل شيئا يغضب الله !


                              …إن هذا الجيل قد تعرض لحملة من التشويه الإعلامي تضارع في شراستها حملة محاكم التفتيش في العصور الوسطى لإِثْنَاءِ الناس عن الإسلام إلى النصرانية ، ولكنها تغلّفت في القرن العشرين بميكيافيلية خبيثة ، إذ صار الفجور عَصْرَنَة وتطورا ، والالتزام تحجّرا ورجعيّة ، وصار حجاب المرأة المسلمة تخلفا والسفور تقدما . والأدهى والأمر أن الإعلام قد علم قوة الدين في قلوب الناس وسرعة استجابتهم لنداء الحق إذا سمعوه ، فأطفئوا ذاك النور الباقي ، ولقّحوا عقول الناس بمصلٍ يقي من التدين ، فما أن يتعرض الواحد منهم إلى شعاع بسيط من نور الحق إلا ويبادره هواه بالردود المعلّبة : الدين يُسْر ، وإياك والغلو في الدين ، والتطرف عاقبته كذا وكذا .. هذا عدا من جعل بينه وبين التدين ستارا واقيا بزعم أن التدين يقود إلى السجون والمعتقلات .

                              …والأعجب من هذا - إذا لم تتعجب مما مضى - أن كثيرا من الأكاديميات الإسلامية العريقة تمارس ذات الدور الذي تمارسه وسائل الإعلام ، بل إنها قد تفوق بما تبثه في قلوب الشبيبة من احتكار المتخصصين في الشرع للدعوة وضرورة أن يحصل على إذن الدعوة من الجهات التي تُخَوِّلُ للناس أن يدعوا إلى الله ، ناهيك عن الدور التربوي القاصر الذي تقوم به تلك الأكاديميات مع الطلاب الذي يتوقع منهم أن يكونوا دعاة الغد .
                              …وفي بعض المخيمات الصيفية الشبابية التي تقيمها بعض تلك الأكاديميات تحدث المهازل والطوام التي يشيب لها الولدان ، فإذا ما سألت عن القوم وجدت منهم خريجي الشريعة والدعوة ونحوهما .


                              يقول الشيخ (رضا صمدي)…

                              ولقد سمعت بنفسي في الكلية الشرعية التي درست فيها من طلبتها من يسب دين الله ، أما المتخنثين وتاركي الصلاة والمدخنين فحدث عن ذا ولا حرج . أوليس من الغريب أن نرى تلك الألوف من خريجي الكليات الشرعية هي أول من يحارب الدين ويعاديه ، أوليس الغريب أن نرى العمائم هي التي تحارب صحوة الشباب المسلم .


                              …لقد ضبط في بعض البلاد الإسلامية (تعلمونها بالطبع) تنظيما لعبدة الشيطان ، وقد ظهر من التحقيقات أن هذا التنظيم يمارس بالفعل عبادة الشيطان وتقديم القرابين له وفعل المنكرات الشنيعة التي يأمرهم بها شيطانهم .

                              ولم تكن مفاجأة كبيرة أن يفتي بعض المعممين بأن هؤلاء الشباب الطائش لا يقصد -حقيقةً - عبادةَ غيرِ الله ، وأن مثل هؤلاء لا يُقام عليهم حَدُّ الرِّدَّة ، فقد كان معظم التنظيم من الشباب الصغير الذي عانى من الثراء الفاحش والتفكك الأسري ، وتعرض لغسيل مخ من قبل بعض الأفراد في الخارج والداخل .


                              …ولكن الغريب المستهجن ، والذي ليس له تفسير : أن يفتي نفس ذلك المعمم في حق بعض الشباب المسلم المتهور في تغيير المنكر بأنهم من المحاربين الذين يجب أن يُقْتَلوا أو يُصَلَّبوا أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خِلاف .

                              …وهكذا تُخْتَزَلُ الحقائق ، ويطيش الميزان ، ويتبين لكل ذي لُبٍّ أن طريق خدمة الدين مآله تقطيع الرقاب ، وأما عبادة الشياطين فهو أمر يمكن للمجتمع أن يَغُضَّ عنه الطَّرْف .


                              …أَوَلَيْس كل ذلك مما يزهد الناس في خدمة دين ربهم وينأى بهم عن القيام بما يُمليه عليه واجبُ وجودهم في هذه الحياة أصلا . وليس يخفى أن هناك أدوار أخرى خبيثة غرضها التأثير في أخلاق المسلمين ، بزرع الجُبْن والهَلَع والرضا بالضَّيْم ، ونَزْعِ المكارم والمثُل كالشجاعة والنَّجْدة والحَمِيَّة للدين ونحو ذلك ، مما استتبع وجود شخصيات قابلة للمسخ والتشويه .

                              إنه كما قدمت دور الإعلام بين الضحك والبكاء، ويا له من دور تنبه له أخيرا مشايخنا الأفاضل حفظهم الله

                              أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم إنه ولي ذلك ومولاه

                              وللحديث بقية بمشيئة الله تعالى

                              و

                              كيفية بث عقيدة خدمة الدين في قلوب كل المسلمين

                              أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

                              (أبو أنس)

                              عفا الله عنه وعنكم


                              تعليق


                              • #30
                                رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                                سلسلة
                                (الايجابية في حياة المسلم)
                                محمد مات خلف رجال
                                تابع
                                ) القاعدة الأولى)
                                خدمة الدين من ضروريات الدين
                                الوقفة السادسة

                                كيفية بث عقيدة خدمة الدين في قلوب كل المسلمين؟

                                …تبقى الإشكالية التي تحتاج إلى مجهودات ضخمة لعلاجها : وهو كيفية بث هذه العقيدة ( أعني عقيدة خدمة الدين ) في قلوب كل المسلمين فضلا عن الدعاة والغيورين على دين الله تعالى .

                                …إن مثل هذا الأمر لو حدث فإن الدعوة ستقطع شوطا واسعا في إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ، إذ لا يزال من أهم العوائق التي تحول بين الدين وبين انتشاره في قلوب الناس أنهم يظنون الدعوة مهمةَ ذوي العمائم والِّلحى فقط، وأن الواحد ما دام محافظا على شعائر الدين فإنه غيرُ مسئول بعد ذلك عن أية قضية تُلِمُّ بالمسلمين،
                                وقد قرأنا وجهة النظر هذه بقلم كبار الكتاب والصحفيين يستعلنون بين الناس بأن قضايا مثل قضايا ( فلسطين و العراق والسودان و ... ) لا يجب أن تشغلنا عن مشاكلنا الداخلية ، بينما نجد دولا مثل (فانزويلا - شافيز) تعتني بمثل هذه القضايا وتطرد السفراء و في حين يخرج علينا زعيم عربي وينادي بدولة (إسراطين)، وما خفي كان أعظم.
                                فكيف لا تكون هذه القضايا ذات أثر علينا نحن المسلمين وهم شركاؤنا في الدين.

                                …لقد رأينا البرتغال تدخل أنفها في قضية تيمور الشرقية ( وهو إقليم ذو أكثرية نصرانية في إندونيسيا يطالب بالاستقلال ) لا لشيء إلا أن هذا الإقليم إِرْث استعماري يربطه بالدولة الأم آصرة الديانة الكاثوليكية .
                                …إن الاهتمام بقضية الدين وبقضايا المسلمين لا تزال تشكل في مجتمعاتنا الإسلامية حِسَّا ثانويا يتوارى وراء الاهتمامات التافهة لشرائح المجتمع ،
                                وكم رأينا أمتنا تَحْشِد شبابها عن بَكْرَةِ أبيهم لتنظيم دورة ألعاب أو استقبال مُطرب عالمي أو تنظيم مهرجان سينمائي أو غنائي ، ولكن عندما يُمس جَنَاب الدين فإن الجمل يَسْتَنْوِق ، وترى الهِرَّ يحْكي انتفاشا صَوْلةَ الأسد :

                                فما المعنى بأن نَحْيَا فلا نُحْيِي بنا الدينا
                                وما المعنى بأن نجتَرَّ مجدا ماضيا حينا
                                وحينا نطلق الآهات ترْويحا وتسْكينا

                                …وقد نسي قِطاع كبير من أولئك الذي يهتمون بشعائر الإسلام الظاهرة ( كالصلاة والصيام والحج ) أن من أعظم شعائر الدين الاهتمام بأمر المسلمين ، حتى توعد الله تبارك وتعالى المتقاعسين عن خدمة الدين بالخزي في الحياة الدنيا والآخرة ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴿٣٨﴾ إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

                                …إن خدمة الدين ليست قضية أصحاب العمائم واللحى - كما استقر في وجدان البعض خطأً - بل هي قضية كل مسلم ينتمي للإسلام لِمَحْضِ كونه مسلما ، وتَرْكِيْبَتَه كمسلم لن تستقيم إلا بتبني هذه القضية بحيث تُضحي حياة المسلم ممزوجة بهذا الهَمّ ، إذا سأل عن طعامه وشرابه فلن ينسى أن يسأل نفسه ماذا قدم لدين الله تبارك وتعالى .

                                …وسيبقى المسلمون يعانون ظُلْمَ الغَيْرِ وبَغْيَه ما لم يوجد هذا الحِسُّ في وجدانهم طَبْعَاً ، يُستنفر عند كل مُلِمَّة ، ويتعاظم عند كل دائرة تدور على المسلمين .
                                …( إن الأمر لم يعد مجرد فساد خلقي وفجور وخمور يمكن أن ينحصر وعظ الواعظين إزاءها - كما يقول الراشد - بل صراع سياسي حزبي منظم لإقامة الدولة العلمانية، ولقد أقاموها إلا قليلا، وصراعهم مستمر لإدامتها ، وترسيخها وتربية الأجيال الجديدة على الكفر ، وفي هذا ما يوجب على أصحاب الغَيرة الإسلامية والعقيدة الإيمانية في كل مكان أشياء من التعاونِ والانتظامِ والتخطيطِ ، وتكميلِ النقص التربوي والتوسّع العددي ، في عمليةٍ اسْتِدْراكية ، من خلال ممارسة جهادية سياسية غير متهورة ، تقام بها دولة إسلامية رجالُها دعاةٌ حركيّون .
                                …وكل مسلم مُطالَب بإِبْدَاء أَثَر في هذا الاستدراك ، والمشاركة فيه بنوع من الخير ، حَسَبَ استطاعته ، ولا معنى لحياة امرئ سلبي يرتع في هذه الدنيا أكلا وشربا وتلذُّذا بالنساء والمفكّرون من حوله لا يحاول أن يبدي موقفه منهم ، والسياسيون عن يمينه وشماله بين صالح وطالح يَصْطَرِعون وهو يتفرج .

                                …إن السلبية والانعزالية والتفرج ما هي إلا تعابير مخففة مجازية يأباها الصادقون المحترقون على الأمة بل يعدون ذلك موتا ، فالمرء والسيف ما لم يُبْدِيَا أَثَرَاً : حَيٌّ كَمَيِّتٍ ،
                                مَسْلُوْلٌ كَمَغْمُود .

                                …وبلغ الرافعي مبلغا أقصى ، فرأى وجود السلبي غير مبرَّر ، وأَنْذَرَكَ بوجوب الجلاء ،
                                وأنك :
                                ( إن لم تُزِدْ شيئا على الدنيا كنتَ أنت زائدا على الدنيا ) أهـ

                                فأين الخلل إذن ؟!
                                التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 08-11-2017, 12:01 AM.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X