ان الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم : لم ينشغل عن أن يصرف وقتاً من حياته المباركة لبناته ـ لأن أبناءه ماتوا صغاراً ـ فقد كان نعم الأب يبش لبناته ويفرح بهنّ ويدخل السرور عليهنّ ، فقد حظين منه بالحب الزائد والشفقة العظيمة والرحمة بشتى صورها كيف لا وهو الرحمة المهداة للبشرية .
( كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها فأخذ بيدها وقبّلها وأجلسها مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده وقبّلته وأجلسته في مجلسها ) أبو داود والترمذي والنسائي .
وعن انس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُلاعب زينب بنت أم سلمه وهو يقول: (يا زوينب يا زوينب، مراراً).
ومن صور الترحيب والبشاشة لابنته ما روته عائشة رضي الله عنها قالت : (( كنّ أزواج رسول الله عنده فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي ، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فلما رآها رحب بها وقال: " مرحباً بابنتي " ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ) رواه مسلم .
ومن عطفه ومحبته لبناته زيارتهنّ وتفقد أحوالهنّ وحل مشاكلهنّ والذهاب إليهنّ في بيوتهنّ لمعرفة حوائجهنّ , أتت يوماً فاطمة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى وتسأله خادماً فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها ثم انصرفت فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة ، قال علي رضي الله عنه: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال : " مكانكما " فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال : (ألا أدلكما على ما هو خير من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما ، أو أخذتما مضاجعكما فكبّرا أربعاً وثلاثين ، وسبّحا ثلاثاً وثلاثين ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين ، فهذا خير لكما من خادم ) البخاري
إنك لتدهش من حياة النبي القدوة التي وسعت كل هذه الأمور, فهذا قائد الأمة أتى من مهمة من مهام الأمة بلا شك فأخبرته عائشة بقدوم فلذة كبده فلم يصبر ولم يسوّف بل ذهب مباشرة إلى ابنته ولم يقر له قرار حتى عرف شأنها وأخبرها بما هو أصلح لها!! .
درس عظيم يستفيده الآباء وهم يتعاملون مع أبنائهم , الرحمة والشفقة والعطف والحنان هو واجب الأبوة والأمومة والقائد صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة في هذا المجال .
والرحمة والشفقة والعطف والحنان لا يعني الدلال الزائد , فهذه فاطمة رضي الله عنها فلذة كبد المصطفى يُحبها حباً عظيماً ويدللها و كانت امرأة عظيمة تخدم زوجها وتقوم بأعمال منزلها ولكن آلمها كثرة الشغل في يديها ، فلما طلبت من والدها خادماً ، أرشدها إلى ما هو أصلح ، ولم يكن بخيلاً ــ بأبي هو وأمي ــ ولم يستكثر على ابنته خادماً لكنه يريد لها الخير وما هو أصلح . فيرشدها إلى هذا الدعاء الذي سعدت به ونفعها الله به . وكان أيضاً فائدة للأمة من بعدها هذا النبي الرحيم وهذه المشاعر الفياضة .
وكان صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في الصبر على أقدار الله وعدم الجزع , يموت أولاده جميعاً في حياته عدا فاطمة رضي الله عنها فيصبر صبراً جميلاً, يقول عند موت ابنه إبراهيم : " إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون " .
مـ ن ــقول
تعليق