إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آفات على الطريق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آفات على الطريق

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الـمقـدمـة :
    أخى السائر الى الله , الطريق الى الله كالطريق الحسية تماما .. تجد فيها انفاقا مظلمة ومنحنيات خطيرة ومطبات مرهقة وكبارى علوية .. كما تجد احيانا على جنبتى الطريق حدائق فاتنة وسبلا متفرعة .. ومن لم ينتبه لمثل هذا ولم يقده للخروج منها خبير بصير ضل ولابد فى الطريق او انقطع . اخى الكربم , ان معرفة افات الطريق من المهمات التى تنبغى للسائر .
    قال ابن القيم – رحمه الله تعالى :
    " ولا يتم المقصود الا بالهداية الى الطريق , والهداية فيها , و اوقات السير من غيره , وزاد المسير , وافات الطريق , ولهذا قال ابن عباس فى قوله – تعالى - : " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا " ( المائدة : 48 ) – قال : سبيلا وسنة . وهذا التفسير يحتاج الى تفسير , فالسبيل : الطريق , وهى المنهاج . والسنة : الشرعة , وهى تفاصيل الطريق , وحزوناته , وكيفية المسير فيه , واوقات المسير , وعلى هذا , فقوله : " سبيلا وسنة " يكون السبيل : المنهاج , والسنة : والشرعة , فالمقدم فى الاية للمؤخر فى التفسير , وفى لفظ اخر : سنة وسبيلا , فيكون المقدم للمقدم , والمؤخر للمؤخر " .
    فجعل من الهداية فى الطريق التخلص من افات الطريق وحزوناته . .
    ومعرفة تفاصيل تلك الحزونات ..
    فانتبه معى لاخطر هذه الافات - عافانا الله واياك منها - .
    الكلم الطيب
    تابعونا


    الافة الاولى

    الافة الثانية


    الافة الثالثة

    الافة الرابعة


    استراحة المسافر.... المقدمة





    موضوع مميز
    ترويحه على الطريق

    التعديل الأخير تم بواسطة محبة لقاء الله; الساعة 09-11-2012, 07:44 PM.


    {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}


  • #2
    رد: آفات على الطريق

    الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الآفة الاولـى :

    الـخـوف من وحـشـة الـتـفـرد :
    قال بعض السلف : عليك بطريق الهدى ولا يضرنك قلة السالكين , واياك وطرق الضلالة ولا يغرنك كثرة الهالكين . ومن سنن الله الربانية الكونية ان اهل الحق دائما قلة .. هذا اصل ينبغى الا يفوتك , قال الله تعالى :
    " إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ " ( ص: 24 ) .
    وقال سبحانه وتعالى : " وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " ( سبا : 13 ) .
    وعلى العكس : تجد وصف الكثرة دوما مع اهل الباطل , قال الله تعالى "وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ " ( الاعراف : 102 ) , وقال سبحانه " وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " ( يوسف : 103 ) وقال سبحانه وتعالى " وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ " ( الانعام : 116 ) وقال سبحانه وتعالى " وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ " ( المائدة : 49 ) . فاذا تبين لك ذلك فاياك ان تستوحش من قلة السائرين معك على الطريق , فان اكثر السائرين نكصوا على اعقابهم حسن رأوا الجمهرة الغالبة على عكس طريق السير او على جنبات هذا الصراط .
    فاثبت ولا تحزن .


    {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

    تعليق


    • #3
      رد: آفات على الطريق

      الآفـة الـثانيـة :

      فـضـول الـكـلام والـخلطـة :
      وهذه اخطر تلك الافات .. فضول الكلام والخلطة اكثر من الحاجة .. ان يصير لقاء الناس شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود , وقد قيل : اذا رايت نفسك تأنس بالخلق وتستوحش من الخلوة , فاعلم انك لا تصلح لله .. وان من علامات الافلاس الاستئناس بالناس .
      وللعزلة – ايها الاخ الكريم – مزايا , فان الاجتماع بالناس لا يخلو من افات اهونها ان تتزين للخلق وقد ذكر عن بعض اهل الحديث انه قال : لان القى الشيطان احب ألىّ من ان القى حذيفة المرعشى اخشى ان اتزين له فأسقط من عين الله .


      {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

      تعليق


      • #4
        رد: آفات على الطريق

        الآفـة الـثـالـثـة :
        الـنـفـق الـمـظـلـم :
        قد يصادف السائر فى طريقه نفقا مظلما لا يستطيع أن يميز فيه طريقه من الطرق الاخرى ما لم تكن أضواء اليقين كاشفة , ومسالك الطريق معروفة كيلا يضيع السائر مساره , أو يتناثر أشلاء تحت وقع الكارثة أو يسرف فى التفاؤل عندما يبصر نورا فى اخر النفق قد يكون وهم سراب .
        ان مثل هذا النفق كفتن الخلاف بين المسلمين , اذ بينما يسير السائر فى ركبه الميمون والطريق سالكة وهو ينتظر الوصول الى المحطة التالية فجأة يظلم الطريق تماما كالذى يدخل النفق يفاجأ بالظلام الدامس بعد النور المبهر . اصطدم بعض المسلمين فيما بينهم وبغى بعضهم على بعض فالتفت الظلمات , وانطفأت الانوار , ويضطر السائر المسكين الى ركوب الظلمة ودخول النفق فاذا لم تكن البصائر على يقين والابصار على وضوح , فالكارثة ستقع لا محالة , ويكون التّيه الذى لا يدرى فيه ما المخرج .
        ولذا فالانوار الكاشفة فى هذا النفق تتمثل فى الاستمساك بوضوح المنهج : الكتاب والسنة بفهم سلف الامة , قال الله تعالى : "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " ( التوبة : 100 ) .
        لابد أن تنتبه الى " وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ " , فالاحسان : الرؤية , ليس مجرد الاتباع وانما احسان الاتباع .. والاحسان ان ترى , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه " [متفق عليه] .. هذا اول مخرج من النفق .
        أما النور الثانى للمخرج من هذا النفق المظلم فهو الا تشغل نفسك بالمناقشات والجدال والردود وانما " بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ " ( القيامة : 14 ) .
        اعرف طريقك وامض , فان كان ولابد فألق النصيحة وانطلق .. فأخسر الناس صفقة من انشغل بالناس عن نفسه وأخسر منه صفقة من انشغل بنفسه عن الله .. فاعرف كواشف الانفاق لتخرج من هذا الظلام بسلام .


        {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

        تعليق


        • #5
          رد: آفات على الطريق

          و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
          رائع جدا
          جزاك الله خيرا اختي و نفع الله بك

          اللهم اجعلنا من أهل القران

          تعليق


          • #6
            رد: آفات على الطريق

            استغفر الله

            تعليق


            • #7
              رد: آفات على الطريق

              الآفـة الـرابـعـة :
              جـسـر عـلـى الـطـريـق :

              وفى الطريق – أيها السائر الحبيب – جسر لابد من تجاوزه وعبوره اذ إن هذا شأن السالكين الى الله – تعالى –
              فى كل زمان ومكان بل وانه من شأن الانبياء والمرسلين , ذالكم الجسر هو الابتلاء والمحن التى تصيب السائر .

              فلابد فى هذا الطريق أن يصقله الابتلاء وأن تظهر معدنه المحنة , قال لله – تعالى – " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " ( العنكبوت : 2- 3 ) .. وكان اول تبشير
              الرسول صلى الله عليه وسلم بالنبوة انذاره بالاخراج .. قال ورقة : ما أتى رجل بمثل ما أوتيت به الا عودى .. وقال الراهب للغلام : أنت اليوم أفضل منى وانك ستبتلى .. وقيل للشافعى : أحب اليك أن يمكن
              الرجل أو يبتلى , قال لا يمكّن حتى يبتلى .

              فالجسر الى التمكين فى هذا الطريق هو الابتلاء .. ولابد من الصبر فيه الاحتساب والرضا عن الله تعالى وبه , فانه جسر الوصول .. وقد حفت الجنة بالمكاره ..
              يقول ابن القيم :

              " وان تأملت حكمته – سبحانه وتعالى – فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به الى أجلّ الغايات واكمل النهايات التى لم يكونوا يعبرون اليها الا على جسر من الابتلاء والامتحان , وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذى لا سبيل الى عبورهم الى الجنة الا عليه
              , وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المحنة فى حقهم والكرامة , فصورته صورة ابتلاء وامتحان , وباطنه فيه الرحمة والنعمة , فكم لله من نعمة جسيمة
              ومنة عظيمة تجنى من قطوف الابتلاء والامتحان ".

              وللمحن فى هذا الطريق خصائص ومميزات , فكما أن المسلم يجب ألا ينفك عن عبادة ما ..
              " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " ( الانعام : 162 ) فلابد أن يكون
              شعوره بالابتلاء هكذا : أنه فى عبادة يدوم معه فى كل حركاته وسكناته حتى يستصحب نية العبد على البلاء واحتساب الاجر عند السميع البصير
              " الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ "
              ( الشعراء : 218 – 219 ) .

              وهذا الجسر خطير .. جسر الابتلاء .. فان كثيرا من السالكين ضعفت قوته عن عبوره فرجع القهقرى
              وترك الطريق .

              ثم يطالعك جسر اخر على الطريق .. وهو النفس
              – نعوذ بالله تعالى – من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .

              يقول ابن القيم فى المدارج:
              " فالنفس جبل عظيم شاق فى طريق السير الى الله – عز وجل – وكل سائر لا طريق له الا على ذلك الجبل
              , فلابد أن ينتهى اليه , ولكن منهم من هو شاق عليه , ومنهم من هو سهل عليه , وانه ليسير على
              من يسره الله عليه .

              وفى ذلك الجبل أودية وشعوب وعقبات ووهود
              وشوك وعوسج وعلّيق وشبرق , ولصوص يقتطعون الطريق على السائرين ولا سيما اهل الليل المدلجين , فاذا لم يكن معهم عدد الايمان ومصابيح اليقين تتقد بزيت الاخبات والا تعلقت بهم تلك الموانع , وتشبثت
              بهم تلك القواطع وحالت بينهم وبين السير .

              فان أكثر السائرين فيه رجعوا على اعقابهم لما
              عجزوا عن قطعه واقتحام عقباته , والشيطان
              على قلة ذلك الجبل يحذر الناس من صعوده وارتفاعه ويخوفهم منه . فيتفق مشقة الصعود وقعود
              ذلك المخوف على قلته وضعف عزيمة السائر
              ونيته فيتولد من ذلك : الانقطاع والرجوع والمعصوم
              من عصمه الله . وكلما رقى السائر فى ذلك الجبل
              اشتد به صياح القاطع وتحذيره وتخويفه , فاذا
              قطعه وبلغ قلته انقلبت تلك المخاوف كلهن أمانا , وحينئذ يسهل السير , وتزول عنه عوارض الطريق
              ومشقة عقباتها ويرى طريقا واسعا آمنا يفضى به الى المنازل والمناهل , وعليه الاعلام وفيه الاقامات ,
              قد أعدت لركب الرحمن .

              فبين العبد وبين السعادة والفلاح : قوة عزيمة وصبر
              ساعة وشجاعة نفس وثبات قلب , والفضل بيد الله
              يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " .

              فالنفس أمارة بالسوء , داعية الى المهالك طامحة الى الشهوات ولذا فهى أيضا جسر لابد من عبوره .. أتى رجل الى أبى على الدقاق فقال : قطعت اليك مسافة , فقال : ليس هذا الامر بقطع المسافات , فارق نفسك بخطوة تصل الى المطلوب , فلابد من عبور جسر النفس , شهواتها , ملذاتها , أهوائها , آمالها .. لابد أن تعبر مرحلة " نفسى وما تشتهى " لتصل عبر جسر نفسك الى ما يرضى ربك .
              ويزيدك بصيرة فى الامر قول ابن القيم – رحمه الله – فى طريق الهجرتين :
              " وكلما سكنت نفسه من كلال السير ومواصلة الشد والرحيل , وعدها قرب التلاقى وبرد العيش عند
              الوصول , فيحدث لها ذلك نشاطا وفرحا وهمة فهو
              يقول : يا نفس أبشرى فقد قرب المنزل ودنا التلاقى
              فلا تنقطعى فى الطريق دون الوصول فيحال بينك
              وبين منازل الاحبة , فان صبرت وواصلت السير
              وصلت حميدة مسرورة جزلة وتلقتك الاحبة بأنواع التحف والكرامات , وليس بينك وبين ذلك الا صبر ساعة , فان الدنيا كلها لساعة من ساعات الاخرة وعمرك درجة من درج تلك الساعة , فالله الله لا تنقطعى فى المفازة ,
              فهو – والله – الهلاك والعطب لو كنت تعلمين .

              فإن استصعبت عليه فليذكرها ما أمامها من أحبابها ,
              وما لديهم من الاكرام والانعام , وما خلفها
              من أعدائها وما لديهم من الاهانة والعذاب
              وأنواع البلاء , فان رجعت فإلى أعدائها رجوعها ,
              وان تقدمت فإلى أحبابها مصيرها , وان وقفت فى
              طريقها أدركها أعداؤها
              . فانهم وراءها فى الطلب .
              ولابد لها من قسم من هذه الاقسام الثلاثة
              فلتختر أيها شاءت وليجعل حديث الاحبة وشأنهم
              حاديها وسائقها . ونور معرفتهم وارشادهم هاديا
              ودليلها , وصدق ودادهم وحبهم غذاءها وشرابها ودواءها , ولا يوحشه انفراده فى طريق سفره
              ولا يغتر بكثرة المنقطعين , فألم انقطاعه وبعاده واصل
              اليه دونهم وحظه من القرب والكرامة مختص به دونهم
              فما معنى الاشتغال بهم والانقطاع معهم ؟ وليعلم
              أن هذه الوحشة لا تدوم بل هى من عوارض الطريق , فسوف تبدو له الخيام , وسوف يخرج اليه المتلقون
              يهنئونه بالسلامة والوصول اليهم , فيا قرة عينه
              اذ ذاك , ويا فرحته اذ يقول "يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ " ( يس : 26- 27 ) .

              ولا يستوحش مما يجده من كثافة الطبع وذوب النفس وبطء سيرها , فكلما أدمن على السير وواظب عليه غدوا ورواحا وسحرا ، قرب من المنزل وتلطفت تلك الكثافة وذابت تلك الخبائث والادران , فظهرت عليه همة المسافرين وسيماهم , فتبدلت وحشته أنسا وكثافته لطافة ودرنه طهارة " .
              هذا هو جسر النفس .. البلاء الاكبر .. والعائق الاشد .. يشبه الجسر المعلق الذى لا جوانب له يستند عليها السائر .. فهو خطر جدا لابد عند المرور عليه من التركيز والهدوء.. والتيقظ والانتباه لكل حركة يد ونقلة رجل .. والا .. فالسقوط .
              نعم : انه جسر واهن.. من كثرة الذنوب والمعاصى .. ولذا كان على السائر أن يأخذ حذره .. ويتدرب المرة بعد المرة .. ويحاول ويعيد , ثم يحاول ويعيد حتى ينجح فى ترويض نفسه على عبور تلك الجسور .
              وبعد – أيها السائر الحبيب - : فيا سعادة من جاهد تلك الافات .. نعم : انها أشواك , لكنها أشواق يستشعر فيها السائر لذة الألم لله .. واحتساب الاجر من الله .. فدس الشوك وسر الى الله .
              فقد اقتضت سنة الخالق أن العسل لا يحصل عليه الا بلسع النحل .. فما كان للمسافر الى الله أن يحصل على ما يفيده فى طريق وصوله الا بشىء من المكابدة والعسر .
              يقول ابن القيم – عليه رحمة الله - :
              " وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة الا لثمرة مؤجلة , فالنفس موكلة بحب العاجل , وانما خاصة العقل : تلمح العواقب , ومطالعة الغايات , وأجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم , وان من رافق الراحة حصل على المشقة وقت الراحة فى دار الراحة , فان على قدر التعب تكون الراحة " .


              {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

              تعليق


              • #8
                رد: آفات على الطريق

                إســـتراحة المسافر
                الـمـقـدمـة :
                وبعد أن قطعنا شوطا فى التعرف على معالم الطريق وعقباته .. وبعد أن تعلمنا كيف يكون العبور على الجسور , آن لنا أن نأخذ قسطا من الراحة .. فالمسافر الى الله تعالى لابد له من الاستجمام ليستعين به على اتمام المسير , واكمال الشوط لتتمالنفرة ويتنشط البدن ويتروح القلب .. فيكون ذلك تقوية للانطلاق فى قطع مرحلة تالية .
                اذا فلابد للمسافر من وقفات على الطريق .. وقفات ترويحية على جنبات الطريق , يستروح فيها الى بعض المباحات من لهو ومزاح وانبساط , وما يتبع ذلك من لين القول والتبسم وانشراح الصدر , وكل ما يؤدى من مباح الى تطييب النفس ومؤانستها فهو سنة مستحبة .
                يقول ابن القيم – عليه رحمة الله – فى " زاد المعاد " :
                " وكانت سيرته صلى الله عليه وسلم مع أزواجه حسن المعاشرة , وحسن الخلق , وكان يسرب الى عائشة بنات الانصار يلعبن معها . وكان اذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه , وكانت اذا شربت من الاناء أخذه فوضع فمه فى موضع فمها وشرب , وكان اذا تعرقت عرقا – وهو العظم الذى عليه لحم – أخذه فوضع فمه موضع فمها , وكان يتكىء فى حجرها ويقرأ القرآن ورأسه فى حجرها , وربما كانت حائضا , وكان يأمرها وهى حائض فتتزر ثم يباشرها , وكان يقبلها وهو صائم , وكان من لطفه وحسن خلقه مع أهله أنه كان يمكنها من اللعب , ويريها الحبشة وهم يلعبون فى مسجده وهى متكئة على منكبيه تنظر , وسابقها فى السفر على الاقدام مرتين , وتدافعا فى خروجهما من المنزل مرة ".
                فقد يحتاج الامر الى ملاعبة الزوجة , او ارضائها بنزهة لا تخلو من ذكر وتأمل فى بديع صنع الله وملاعبة للأولاد لا تخلو من تعبد فى التربية .. وسمر سريع لطيف مع صحبة صالحة .. بذكر جميل الشعر ونوادر الطرائف والحكايات , بعيدا عن الماجريات .
                قال ابو الدرداء رضى الله عنه وروى عن على رضى الله عنه أيضا : " روحوا القلوب ساعة بعد ساعة , فانها تمل كما تمل الابدان " .
                هذه الاستراحة يجرى فيها أيضا شىء من التلطف بالنفس وسياستها , لكى تنقاد بعد ذلك أسهل وأيسر .. فالاستلقاء مثلا مع اعمال الفكر والنظر : نوع من انواع الترويح المأجور عليه ان أحسن المسافر نيته .. قال معاذ بن جبل رضى الله عنه : انى لاحتسب نومتى , كما احتسب قومتى .
                ولكن الشأن فى المزاح فيمن يحسنه ويضعه مواضعه .. فيضبطه بضوابطه الشرعية .. فما رافقه أو نتج عنه استهزاء أو سخرية أو استخفاف أو تهكم أو كذب .. فهو المنهى عنه شرعا .. وما كان عن تعجب أو اعجاب أو ملاحظة وتحبب , أو ادخال للسرور على قلب اخر .. فهو المباح شرعا .
                ولعل القاعدة الجامعة , ما حددها الامام النووى بقوله :
                " المزاح المنهى عنه هو الذى فيه افراط ويداوم عليه , فانه يورث الضحك وقسوة القلب , ويشغل عن ذكر الله – تعالى - , والفكر فى مهمات الدين , ويؤول فى كثير من الاوقات الى الايذاء ويورث الاحقاد , ويسقط المهابة والوقار , فأما ما سلم من هذه الامور فهو المباح الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله , فانه صلى الله عليه وسلم انما كان يفعله فى نادر من الاحوال لمصلحة وتطييب نفس المخاطب ومؤانسته , وهذا لا منع منه قطعا , بل هو سنة مستحبة اذا كان بهذه الصفة .. فاعتمد ما نلقاه عن العلماء وحققناه , فانه مما يعظم الاحتياج اليه , وبالله التوفيق " .
                وانظر ايضا الى الميزان الدقيق .. الذى وضعه سعيد بن العاص حين قال لابنه :
                " اقتصد فى مزاحك , فان الافراط فيه يذهب البهاء ويجرىء عليك السفهاء , وان التقصير فيه يفض عنك المؤانسين ويوحش منك المصاحبين " .
                " وقد سئل ابن عمر – رضى الله عنهما - : هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون ؟ قال نعم , والايمان فى قلوبهم مثل الجبل .
                وقال بلال بن سعد : أدركتهم يشتدون بين الاغراض ويضحك بعضهم الى بعض فاذا كان الليل كانوا رهبانا ".
                وفى استراحة المسافر يمكن أن نجد بعض الالعاب والمسابقات , كما نجد بعض المسامرات : كالحكمة والطرفة والفكاهة والمثل والشعر والقصة .. وغير ذلك .. وهاك طرفا من تلك الترويحات :


                {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

                تعليق


                • #9
                  رد: آفات على الطريق



                  {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

                  تعليق


                  • #10
                    رد: آفات على الطريق

                    الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته



                    تـعـقـيـب :
                    وبعد هذه الاستراحة التى كان لابد للمسافر منها ليدفع عن نفسه السأم والملل والفتور , ويستنهض بها الهمة فى القيام بواجب السير الى الله .. وبعد هذه الترويحات الكثيرة .. آن له التأهب للسير مرة أخرى والاستعداد للانطلاق فى طريق الوصول الى الله حاملا زاده ومتاعه ومتوكلا على الله ومستعينا به وحده فى قطع المراحل التالية متذكرا قول ربه – سبحانه وتعالى – " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت : 69 ) .


                    {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

                    تعليق


                    • #11
                      رد: آفات على الطريق

                      تشرفت بمروك أختنا تائبة وأم يحيى


                      {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

                      تعليق


                      • #12
                        رد: آفات على الطريق

                        جزاكِ الله خيرا أختنا محبة


                        {اللهم إنى أسألك إيماناً لا يرتد ,ونعيماً لا ينفد ,ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنة الخلد}

                        تعليق

                        يعمل...
                        X