إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

.•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: ❤أمور تعين على التوبة❤

    أجزل المولى تبارك وتعالى عطائكم ونفع بكم
    لدي ملاحضة بسيطة وهي اني قد قرأت لكم خمسة مواضيع في القسم وتتكلم كلها عن التوبة فلما لايتم دمج هذه المواضيع بموضوع واحد رئيسي لسهولة الوصول والتفاعل في المشاركة أو عمل سلسلة لهذا الموضوع وتكون محدثة إن شئتم كل فتره .
    واعتذر على الإطاله واسأل الله تعالى أن ينفع بكم
    "إذا وجدت الأيام تمر عليك ، و ليس لكتاب الله حظ من أيامك و ساعات ليلك و نهارك ، فابك على نفسك ، و اسأل الله العافية، و انطرح بين يدي الله منيبا مستغفرا ، فما ذلك إلا لذنب بينك و بين الله ، فوالله ما حرم عبد الطاعة إلا دل ذلك على بعده من الله عز وجل"

    تعليق


    • #17
      رد: ❤أمور تعين على التوبة❤

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا
      اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا وتوفنا وأنت راضٍ عنـا
      ضل الطريق من ترك الطريق . عودة من جديد

      يامن خذلتنا وخذلت إخوانك .. في وقت احتاجوا فيه نصرتك وعونك لهم .. ولكنك تركتهم ولم تلتفت لهم .!
      ابشر بالخذلان .

      حزب العار

      تعليق


      • #18
        رد: ❤أمور تعين على التوبة❤

        المشاركة الأصلية بواسطة عبدالعزيز المالكي مشاهدة المشاركة
        أجزل المولى تبارك وتعالى عطائكم ونفع بكم
        لدي ملاحضة بسيطة وهي اني قد قرأت لكم خمسة مواضيع في القسم وتتكلم كلها عن التوبة فلما لايتم دمج هذه المواضيع بموضوع واحد رئيسي لسهولة الوصول والتفاعل في المشاركة أو عمل سلسلة لهذا الموضوع وتكون محدثة إن شئتم كل فتره .
        واعتذر على الإطاله واسأل الله تعالى أن ينفع بكم
        جزاكم الله خيرا
        يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
        احبكم في الله
        لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
        الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


        تعليق


        • #19
          رد: ❤أمور تعين على التوبة❤

          المشاركة الأصلية بواسطة mega byte مشاهدة المشاركة
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا
          اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا وتوفنا وأنت راضٍ عنـا
          جزاكم الله خيرا
          يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
          احبكم في الله
          لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
          الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


          تعليق


          • #20
            .•●❤فتح باب التوبة لمرتكبي الكبائر❤•●•





            فتح باب التوبة لمرتكبي الكبائر
            الكاتب : مصطفى العدوي


            وفتح الله -عز وجل- باب التوبة والإنابة إليه والاستغفار بعد كل كبيرة من الكبائر حتى لا يقنط أحدٌ من رحمة الله -عز وجل- فها هي كبار الذنوب وعِظام الجرائم -الشرك والقتل والزنا- يفتح اللهُ الباب أمام مرتكبيها كي يتوبوا منها قبل موتهم.

            قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً} [الفرقان: 68-71].

            وها هم أصحاب الأخدود:
            الذين كفروا وظلموا حرَّقوا المؤمنين والمؤمنات، وقذفوهم في النار، وما كان للمؤمنين والمؤمنات من ذنبٍ إلا أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد، هؤلاء أصحاب الأخدود الذين فرَّقوا بيم الوالدة وولدها، وقذفوا ولدها أمام عينيها في النار، وجلسوا على حافة الأخدود يتلذذون بمشاهدة أهل الإيمان وهم يُقذفون في النيران ويستمتعون بذلك، هؤلاء أصحاب الأخدود الذين اجتهدوا غاية الاجتهاد لصرف الناس عن دينهم، مع كل هذه الجرائم التي صدرت منهم يفتح الله لهم باب التوبة كي يتوبوا، قال -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج: 10].

            فقوله سبحانه وتعالى {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} يُفيد أنهم لو تابوا قَبِل الله توبتهم، فسبحانك يا ربنا ما أحلمك وما أرحمك!!

            وها هم قطاع الطرق:
            تفتح أمامهم أبواب التوبة كي يتوبوا ويرجعوا عن غيهم وفسادهم، ويقطعوا عن الناس شرهم.

            قال الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 33-34].

            وها هم الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات:
            تفتح أمامهم أبواب التوبة والإنابة إلى بارئهم ومولاهم كي يتوبوا ويُقبلوا على عمل الصالحات وإقامة الصلاة وترك الشهوات.

            قال -سبحانه وتعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} [مريم: 59-60].

            وهؤلاء الذين يرتكبون الكبائر البشعة من قذف المحصنات الغافلات المؤمنات بالزنا والفاحشة: تُفتح أمامهم (1) أبواب التوبة من هذا الذنب الكبير، فيقول سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور: 4-5].

            وها هو رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا: ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فَدُّل على راهب فأتاه، ولكن للأسف راهب قليل العلم والفقه، أخبره أن لا توبة له فقتله فأتمَّ به المائة، ثم سأل عن اعلم أهل الأرض فَدُّل على عالم فأتاه فأخبره أن له توبة، فكان مآله بعد ذلك إلى رحمة الله -عز وجل- وتلقَّته ملائكة الرحمة على ما ورد في (الصحيحين) (1) من حديث سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ ‏.‏ فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ‏.‏ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ ‏.‏ وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ‏.‏ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ ‏.‏ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ» قَالَ قَتَادَةُ: "فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ" [رواه مسلم]‏.‏

            وكذلك هؤلاء القوم الذين لا يعقلون:
            الذين نادوا الرسول صلى الله عليه وسلم من وراءِ الحجرات، لم يراعوا الأدب في ذلك، هؤلاء أيضا فتح الله لهم باب التوبة والمغفرة لِما صدر منهم إن هم تأدبوا، قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 4-5].

            فسبحانك ربنا ما أحلمك وما أرحمك!! إذ ناديت العباد فقلت وقولك الحق: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 110].

            سبحانك، ما أوسع رحمتك وأعظم حلمك إذ قلت: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} [النساء: 64].

            ما أحلمك وما أرحمك وما أعظم عفوك وأجمل كرمك إذ قلت: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27].

            وما أعدلك في كل ما قضيت به وحكمت!!!

            فلك الحمد آناء الليل وأطراف النهار.
            __________________________________________________ ________

            (1) وقد أشترط لذلك كثير من أهل العلم أن يُكذَّب هذا القاذف نفسه، ويظهر براءة المؤمنة أو المؤمن المقذوف من التهمة التي وماها بها، وسيأتي لذلك مزيد إن شاء الله.


            من كتاب (الاستغفار) للشيخ مصطفى العدوي.
            يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
            احبكم في الله
            لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
            الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


            تعليق


            • #21
              التوبة..... التوبة قبل يوم الامتحان





              التوبة..... التوبة قبل يوم الامتحان
              الكاتب : مصطفى دياب



              الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

              قال عطاء السلمي -وهو في مرض موته-: "الموت في عنقي، والقبر بين يدي، والقيامة موقفي، وجسر جهنم طريقي، ولا أدري ما يفعل بي؟، ثم بكى حتى غشي عليه".

              وقال محمد بن واسع ـ وهو في مرض موته ـ: "يا إخوتاه تدرون أين يذهب بي؟!.. يذهب بي والله الذي لا إله إلا هو إلى النار أو يعفو عني".

              بكى الحسن عند موته بكاء شديداً فقيل له: "يا أبا سعيد ما يبكيك؟"، فقال: "خوفاً من أن يطرحني في النار ولا يبالي".

              أخي: تفكر في الذين رحلوا!! أين نزلوا..؟ وماذا سألوا..؟ فما الذي غرك بربك... حتى نسيت لقاءه؟ وما الذي أنساك القبر وظلماءه؟

              امنع جفونك أن تذوق مناما *** وذر الدموع على الخدود سجاما

              واعلم بأنك ميـت ومـحاسـب *** يــــا من على سخط الجليـل أقاما


              حضر أبا سليمان الداراني الموت، فقال له أصحابه: "أبشر فإنك تقدم على رب غفور رحيم"، فقال لهم: "ألا تقولون تقدم على رب يحاسبك بالصغير ويعاقبك بالكبير".

              قبل إعلان النتيجة:

              لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة بكى فقيل له: "ما يبكيك؟"، فقال: "أبكي لتفريطي في الأيام الخالية وقلة عملي للجنة العالية وما ينحيني من النار الحامية".

              ولما حضر أبا عطية الموت جزع، فقالوا له: "أتجزع من الموت؟" فقال: "وما لي لا أجزع، وإنما هي ساعة فلا أدري أين يسلك بي".

              ولما حضرت الفضيل بن عياض الوفاة غُشي عليه ثم أفاق وقال: "يا بعد سفري وقلة زادي".

              ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة بكى، فقيل له في ذلك فقال: "إني أنتظر رسولاً يأتيني من ربي لا أدري هل يبشرني بالجنة أو بالنار".

              لا تقل إنـي وإنـي *** لا يمنيـك الشـباب

              أو تقل مالي كثير *** فالـمنايا لا تهـاب


              وتأمل في كثير ممن أقبلوا على امتحانات الدنيا في المدارس والجامعات، كيف يتأهبون لذلك بالسهر والمطالعة والدرس والمراجعة والسؤال والاستفسار حتى يحصلوا على النجاح ولا تخيب لهم الآمال.

              وكذلك حال المتقين لا يغمض لهم جفن ولا يرقد لهم بال ولا تهدأ لهم نفس حتى يجاوزوا عقبات الحياة ويفلحوا في نيل رضى رب السموات، ولا بد للفلاح في ذلك الامتحان من العمل الصالح والصبر على الطاعة، والخوف والورع، والرجاء والرغبة والرهبة، وتجديد التوبة {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

              انتبه أيها الشاب:

              وتفكر في مصيرك ومآلك، وراقب الله في أقوالك وأفعالك، وبادر بتوبة تمحو بها ما مضى من سيئات، فإن ربك يقبل توبة التائبين ويعفو عن المسيئين، قال الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8].

              وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

              يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
              احبكم في الله
              لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
              الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


              تعليق


              • #22
                التوبة من الكسب الحرام


                التوبة من الكسب الحرام

                الكاتب : عصام حسينين
                الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

                فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة:172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» [رواه مسلم].

                في هذا الحديث الشريف كثير من الفوائد، منها:

                - أن من أسماء الله -تعالى- الحسنى: "الطيب": ومعناه: الطاهر، أي: المنزه عن النقائص والمعايب كاسمه -تعالى- "القدوس"، أي: المطهر عن النقائص، فأمره -تعالى- كله وأفعاله طيبة منزهة عن النقص والعيب والعبث.

                طريقة التعبد لله -تعالى- بهذا الاسم:

                أولاً: تحقيق هذا الاعتقاد في أفعال الله وأقواله وقضائه وقدره أنها طيبة، ومنزهة عن النقص والعيب والعبث.

                ثانيًا: الثناء على الله -تعالى- بذلك.

                ثالثًا: أن تكون أقوال العبد وأفعاله طيبة، وأن يسعى لاكتساب الطيب من المكاسب، ويتقرب منها لله -تعالى- بأنواع الصدقات.

                - أنه لا يرفع إلى الله -تعالى- إلا الطيب: كما قال -عز وجل-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10]، وفي هذا حث على إحسان العمل.

                - وجوب طلب الحلال؛ لأمره -تعالى- بذلك: {كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ}، ووجوب اجتناب المكاسب المحرمة؛ لأن الله -تعالى- لا يقبل إلا طيبًا، ولا يقبل دعاء من هذا وصفه كما في هذا الحديث.

                - وجوب شكر النعم باللسان والقلب والجوارح، أما شكر اللسان فيكون بالحمد والثناء على الله بالجميل، والاعتراف بذلك، والتحدث بها، وأن يُرى أثرها على العبد، وأما شكر القلب فيكون بالاعتراف باطنًا أنها من الله -تعالى-، وأما شكر الجوارح فباستخدام النعمة في طاعة الله -تعالى-.

                - وفيه: أن العمل لا يزكو إلا بأكل الحلال، وأن أكل الحرام يُفسد العمل، ويمنع قبوله.

                - وفيه: أن إطابة المطعم سبب لإجابة الدعاء، كما يروى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لسعد -رضي الله عنه-: «يَا سَعْدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ؛ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةَ» [رواه الطبراني، وضعفه الألباني].

                - وأن خبث المطعم -عياذًا بالله- سبب لرد الدعاء: "فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!".

                - وفيه: أن الصدقة بالمال الحرام غير مقبولة: كما في [صحيح مسلم] عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ»، ويروى عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لاَ يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ، فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَلاَ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلاَ يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لاَ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لاَ يَمْحُو الْخَبِيثَ» [رواه الإمام أحمد والحاكم والبيهقي، وضعفه الألباني، وقال ابن عبد البر في التمهيد: "حسن الألفاظ ضعيف الإسناد].

                وفيه: بيان أسباب إجابة الدعاء وآدابه:

                أولاً: إطالة السفر، والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء كما في الحديث: «ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» [رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الألباني]؛ لأنه إذا طال السفر حصل انكسار في النفس بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق، والانكسار من أعظم أسباب الإجابة.

                ثانيًا: حصول التبذل في اللباس والهيئة بالشعث والإغبار، كما في الحديث: «كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِى طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ» [رواه الترمذي، وصححه الألباني]، ولما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- للاستسقاء خرج متبذلاً متواضعًا متضرعًا.

                ثالثًا: مد يديه إلى السماء، كما في الحديث: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك كما في "يوم بدر" وفي الاستسقاء وغيره، بل رفع يديه -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء متواتر عنه.

                رابعًا: الإلحاح على الله -عز وجل- بتكرير: "يا رب": وهذا من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء كما في القرآن والسنة.

                وفيه -أيضًا- بيان أسباب منع إجابة الدعاء:

                أولاُ: التوسع في الحرام أكلاً وشربًا ولُبسًا وتغذية، وقد يكون ارتكاب المحرمات الفعلية مانعًا من الإجابة -أيضًا-، وكذلك ترك الواجبات.

                الثلاثة الذين أُطبقت عليهم الصخرة في الغار توسلوا إلى الله -تعالى- بصالح أعمالهم فاستجاب لهم، فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون، قال وهب بن منبه: "مثل الذي يدعو بغير عمل مثل الذي يرمي بغير وتر".

                قال عمر -رضي الله عنه-: "بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح".

                وقال محمد بن واسع: "يكفي من الدعاء مع الورع اليسير".

                وقيل لسفيان: "لو دعوت الله؟
                فقال: إن ترك الذنوب هو الدعاء".

                وقال بعض السلف: "لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي".

                وفي هذا المعنى قال بعض الشعراء:

                نحـن ندعو الإله في كل كرب *** ثم ننساه عند كشف الكروب

                كيــف نرجــو إجابة لدعـــاء *** قد سددنا طريـقها بالـذنــوب


                ماذا يفعل من كسب مالاً حرامًا؟!

                يلزمه التوبة النصوح التي لا رجوع للذنب بعدها مرة أخرى، وشروطها:

                1- الإخلاص لله -تعالى- فيها، أي: يتوب خوفًا من الله -تعالى- كما في الحديث: «إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ» [رواه مسلم]، أي: من أجلي.

                2- الندم على ما فعل، كما في الحديث: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» [رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني].

                3- الإقلاع عن الذنب فورًا.

                4- العزم على عدم العودة إليه مرة أخرى.

                5- لا بد من رد الحقوق لأصحابها أو استحلالهم.
                يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                احبكم في الله
                لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                تعليق


                • #23
                  هل استغفرت اليوم من ذنوبك؟

                  ღ .•●❤ ღبسم الله الرحمن الرحيمღ ❤ ●•. ღ
                  .-~```-.-~```~-.|السلام عليكم ورحمة الله وبركاته|.-~````~-.-~```~-.

                  هل استغفرت اليوم من ذنوبك؟

                  للكاتب : مصطفى دياب




                  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

                  من سنن الله الكونية في خلقه اقتراف المعاصي، سواء علم العبد بتلك المعصية أم جهلها، ولذا شرع الله لعباده -امتناناً منه وتفضلاً- الاستغفار والتوبة.


                  قال تعالى-: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء: 110].

                  وقال -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» [حسنه الألباني]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» [رواه البخاري].

                  قال علي رضي الله عنه-: "عجبت لمن يهلك ومعه النجاة"، قيل: "وما هي؟"، قال: "الاستغفار".

                  وقال تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].

                  وقال -صلى الله عليه وسلم-: «سيد الاستغفار أن تقول: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة» [رواه البخاري].

                  وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: "سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه"» [رواه مسلم].

                  أخي الحبيب، إذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يكثر من الاستغفار، فنحن العصاة المذنبون أولى ثم أولى، والله المستعان.

                  ومن آثار الذنوب والمعاصي:

                  ظلمة القلب، وحرمان العلم، وضيق الرزق، وقصر العمر، ومحق البركة، واستجلاب غضب الرب، ونزول الكوارث والزلازل والبراكين، ومفارقة حزب الرحمن، ومصادقة حزب الشيطان، وضياع اسم الإيمان، والاتصاف بالفسوق والعصيان.

                  ولعل من أخطرها أن أثر المعصية لا يقف عند نفسك فحسب، بل يتعدى ليكون آفة تفت في عضد الصف المسلم، وكم من مرة أوتيت الجماعة المسلمة من ذنوب ومعاصي أبنائها!، فكان خطر المعصية أشد من خطر العدو وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يرد عاق والديه من صفوف الجهاد خوفاً من أثر معصيته، وكان يقول:

                  "إنكم لا تنصرون عليهم بعدد ولا عدة، ولكن تنصرون بتقوى الله، فإن كنتم في المعصية سوء هزموكم بعددهم وعدتهم."، فاحذر أن تكون سبباً في هزيمة المسلمين.

                  وإليك أخي الحبيب خطاب ابن عباس -رضي الله عنهما- لأصحاب الذنوب:

                  "يا صاحب الذنب، لا تأمن عاقبة ذنبك، واعلم أن ما يتبع الذنب أعظم من الذنب نفسه، فإن عدم استحيائك ممن على يمينك وعلى شمالك، وأنت تقترف الذنب -ترتكب الذنب- أعظم من الذنب، وإن ضحكك عند الذنب وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب، وإن فرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب، وإن حزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب، وإن خوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت ترتكب الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب".

                  أخي الحبيب، التوبة التوبة.... قبل أن تأتي النوبة.

                  الإنابة الإنابة..... قبل غلق باب الإجابة.

                  بشرى لأصحاب الهموم:

                  قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴿٤﴾ ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّـهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 2-3]، فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، ورزقه الله من حيث لا يحتسب.

                  وقال -صلى الله عليه وسلم-: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا» [رواه ابن ماجة وصححه الألباني].

                  قال الشاعر:

                  أنا إن بكيت فلا ألام على البكاء *** فلطالما استغرقت في العصيان

                  يا رب إن لـم تـرض إلا ذا تقـى *** من للمسيء المذنب الحيران؟




                  قال بعض العلماء: "العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الحمد والاستغفار".

                  وقال ابن القيم -رحمه الله-: "ليس أنفع لأهل البلاء من الصبر والدعاء، وليس أنفع لأهل العافية من الشكر والثناء".

                  فالذنب يحتاج إلى الاستغفار، لأن الاستغفار تكفير الذنوب، والنعمة تحتاج إلى شكر، لأن بالشكر تدوم النعم.

                  إلهـي لسـت للفـردوس أهـلاً *** ولا أقوى على نار الجحيم


                  فهب لي توبة واغفر ذنوبي *** فإنـك غـافر الـذنـب العظيم


                  ومن صيغ الاستغفار:

                  أستغفر الله، رب اغفر لي، وتب عليّ.

                  أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

                  اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أوله وآخره، سره وعلانيته.

                  رب اغفر لي ذنبي، وإسرافي في أمري وتجاوز عني.


                  ومن مزايا الاستغفار أنه:

                  شعار الموحدين الصادقين المخلصين.

                  سعادة المؤمن وبه تسمو النفوس وتزكو القلوب.

                  دعاء الأنبياء والمرسلين وبه ترفع الدرجات، وتحط السيئات.

                  يرضي الرب، ويغضب الشيطان
                  .

                  في امان الله وحفظه

                  التعديل الأخير تم بواسطة sar; الساعة 08-03-2012, 01:18 AM.
                  يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                  احبكم في الله
                  لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                  الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                  تعليق


                  • #24
                    رد: .•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•

                    شروط التوبة
                    الوصف: قال تعالى : (( وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) النور - 31

                    شروط التوبة:

                    1- الإقلاع عن الذنب
                    2- الندم على ما فات
                    3- العزم على عدم العودة الى الذنب
                    4- إرجاع الحقوق إلى اهلها من مال أو غيره
                    الملفات المرفقة
                    يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                    احبكم في الله
                    لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                    الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                    تعليق


                    • #25
                      رد: .•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•


                      طريقة التوبة من المعاصي
                      كتبها عبد العزيز بن باز

                      من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم . . . . . . . . . . أعاذه الله من وساوس الشيطان ووفقه لما فيه صلاح أمر دينه ودنياه . سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

                      وبعد : وصلني كتابك المتضمن بيان أشياء وقعت منك وأشكل عليك أمرها وخفت من عاقبتها ، وقد سبق أن أجبناك في 12 / 7 / 1390 هـ بطلب حضورك فلم يتيسر ذلك ونحن الآن نجيبك إن شاء الله على ما في خطابك :
                      سؤال : ذكرت أنك تصلي في بعض الأوقات وتدع الصلاة في أوقات أخرى ويحصل منك العزم على التوبة في بعض الأوقات ثم ترجع عن ذلك ، وربما أفضى بك ذلك التساهل إلى ترك بقية الأركان ، وقد عزمت على التوبة الصادقة والإقلاع التام فهل تقبل توبتك أم تكون من الذين قال الله فيهم : "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ"[1] الآية ،

                      وهل يشترط في التوبة النطق بالشهادتين بمسمع عالم ؟
                      وهل لا بد من الغسل وصلاة ركعتين إلى آخره ؟



                      جواب : قد بين الله في كتابه العظيم أنه سبحانه يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم وكثرت ، كما قال تعالى : "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[2] أجمع العلماء أن هذه الآية في التائبين ، وقد أخبر فيها سبحانه أنه يغفر الذنوب جميعا لهم إذا صدقوا في التوبة إليه بالندم والإقلاع عن الذنوب والعزم على أن لا يعودوا فيها ، فهذه هي التوبة.

                      ونهاهم سبحانه عن القنوط من رحمته وهو اليأس مهما عظمت الذنوب وكثرت ، فرحمة الله أوسع وعفوه أعظم ، قال تعالى : "وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ"[3] وقال في حق النصارى" أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"[4] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها)) والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

                      فالواجب عليك الإقلاع عن جميع الذنوب والحذر منها والعزم على عدم العودة فيها مع الندم على ما سلف منها إخلاصا لله وتعظيما له وحذرا من عقابه ، مع إحسان الظن به سبحانه ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني)) وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر : ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله)) فاتق الله يا حمد ، وأحسن ظنك بربك وتب إليه توبة صادقة إرضاء له سبحانه وإرغاما للشيطان وأبشر بأنه سبحانه سيتوب عليك ويكفر سيئاتك الماضية إذا صدقت في التوبة ، وهو سبحانه الصادق في وعده الرحيم بعباده.

                      أما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك بشرط ، وإنما التوبة تكون بالإقرار بما جحدته ، وبعملك ما تركت ، فإذا كان الكفر بترك الصلاة فإن التوبة تكون بفعل الصلاة مستقبلا والندم على ما سلف والعزيمة على عدم العودة وليس عليك قضاء ما تركته من الصلوات ؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها . أما إن كنت تركت الشهادتين أو شككت فيهما فإن التوبة من ذلك تكون بالإتيان بهما ولو وحدك فتقول : ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) عن إيمان وصدق بأن الله معبودك الحق لا شريك له وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله إلى جميع الثقلين من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار.

                      أما الغسل فهو مشروع وقد أوجبه بعض العلماء على من أسلم بعد كفره الأصلي أو الردة ، فينبغي لك أن تغتسل وذلك بصب الماء على جميع بدنك بنية الدخول في الإسلام والتوبة مما سلف من الكفر.

                      أما صلاة ركعتين بعد الغسل فلا تجب ، ولكن يستحب لكل مسلم إذا تطهر الطهارة الشرعية أن يصلي ركعتين لأحاديث وردت في ذلك ، وتسمى سنة الوضوء.
                      وأما قوله سبحانه :" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا"[5] فليس معناها أن من زاد كفره أو تكرر لا يتوب الله عليه ، وإنما معناها عند أهل العلم استمراره على الكفر حتى يموت ، كما قال الله سبحانه في الآية الأخرى في سورة البقرة : "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ"[6] وقال تعالى في سورة آل عمران : "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ"[7] وقال أيضا في سورة البقرة : "وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"[8] فقد أوضح الله سبحانه في هذه الآيات الثلاث أن حصول العذاب واللعنة وعدم القبول وحبوط الأعمال كل ذلك مقيد بالموت على الكفر ، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الكافر مهما تنوع كفره ومهما تكررت ردته فإنه مقبول التوبة عند الله إذا تاب توبة نصوحا ، وهي المشتملة على الإقلاع عن الكفر والعزيمة على عدم العودة فيه والندم على ما مضى ، وإنما اختلفوا في حكم من تكررت ردته في حكم الشرع في الدنيا هل يقبل منه ويسلم من القتل أم لا تقبل منه ويقتل هذا محل الخلاف.

                      أما فيما بينه وبين الله سبحانه فليس في قبولها خلاف إذا كانت توبته نصوحا كما تقدم . وأرجو أن يكون فيما ذكرناه مقنع لكم وكفاية ، والواجب عليكم البدار بالتوبة الصادقة والضراعة إلى الله سبحانه والإلحاح في الدعاء أن يتقبل منكم وأن يثبتكم على الحق ويعيذكم من نزعات الشيطان ووساوسه ، فإنه العدو اللدود الذي يريد إهلاكك وإهلاك غيرك كما قال الله سبحانه :" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير " [9] فبادر إلى إرغامه بالتوبة الصادقة وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة والنجاة من النار وقبول التوبة إذا صدقت في ذلك.

                      وأوصيك بالإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتحميده وكثرة الاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أفضل ذلك أن تكثر من كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) ، ومن الكلمات الآتية : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ، أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.

                      كما نوصيك أيضا بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم والتدبر لآياته ، فإن فيه الهداية لكل خير والتحذير من كل شر ونوصيك أيضا بمطالعة ما تيسر من كتب الحديث المعروفة مثل : ( رياض الصالحين ) و ( بلوغ المرام ) فإن فيها ما ينفعك ويعينك على الخير إن شاء الله .

                      أما صوم النافلة كالاثنين والخميس ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر فهو قربة وطاعة وفيه أجر عظيم ، وتكفير للسيئات ، ولكن إذا كانت أمك لا ترضى بذلك فلا تكدرها فإن الوالدة حقها عظيم وبرها من أهم الواجبات ، ولعلها تخاف عليك من الكسل إذا صمت ، وعدم القيام بالواجب في طلب الرزق والقيام بحاجات البيت ، ومعلوم أن طلب الرزق الحلال لإعاشة العيال وأهل البيت من أفضل القربات بل من أهم الواجبات ، وهو أفضل من التفرغ لصوم التطوع وصلاة التطوع ، وبكل حال فالذي أنصحك به هو أن تسمع لقولها وتطيعها في مثل هذا ، وإذا رأيت مجالا في المستقبل لطلبها الإذن فاستأذنها في الصوم ، إذا كان الصوم لا يعطلك ولا يضعفك عن المهمات المذكورة آنفا.

                      والله المسئول أن يمنحك الفقه في الدين ويهديك صراطه المستقيم ويمن علينا وعليك بالتوبة النصوح ، ويعيذنا وإياك وسائر المسلمين من نزغات الشيطان وشر النفس وسيئات العمل إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .


                      [1] - سورة النساء الآية 137.

                      [2] - سورة الزمر الآية 53.
                      [3] - سورة الشورى الآية 25.
                      [4] - سورة المائدة الآية 74.
                      [5] - سورة النساء الآية 137.
                      [6] - سورة البقرة الآيتان 161 – 162.
                      [7] - سورة آل عمران الآية 91.
                      [8] - سورة البقرة الآية 217.
                      [9] - سورة فاطر الآية 6.


                      في امان الله وحفظه
                      يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                      احبكم في الله
                      لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                      الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                      تعليق


                      • #26
                        رد: .•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•



                        التوبة سبيل النجاة

                        نبذة :
                        وبعد هذا.. أخي.. أختي.. هل من مشمِّر؟! هل من مشمر للتوبة؟!

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        قال لي صاحب: ذات يوم قلَّبتُ أوراق التقويم الهجري.. فإذا بتلك المفاجأة العظيمة.. نعم.. والله إنها لعظيمة..

                        عامٌ كاملٌ من عمري مضى، وما أعلم أنه انقضى.. إلا في ضياع وانحراف.. فاعتلجني شعورٌ قلبيٌ هزني.. كأنه صاعقةٌ عظيمة.. ارتجفت أعضائي، واهتز كياني حينما علمتُ أن عاماً كاملاً مضى من عمري ما تزودتُ فيه لقبري..


                        اعتصر القلب حسرةً.. وما تمالكت نفسي إلا ودمعةٌ حَرَّى تنحدر من على خدي.. حزناً على التفريط..
                        {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } [المؤمنون:115].

                        يا من غدا في الغيِّ والتيه *** وغَــرَّه طــولُ تـمـاديـــهِ
                        أمـلــى لـك الله فبـــارزتَـــهُ *** ولم تخف غبَّ معاصيهِ


                        *أخي الكريم.. أختي الكريمة..
                        اعلموا أن اللذة المحرمة ممزوجةٌ بالقبح حال تناولها، مثمرةٌ للألم بعد انقضائها.. وأن للحسنة ضياء في الوجه، ونواً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق..

                        إذا علم هذا، فليعلم أن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب والقبر، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضاً في قلوب الخلق.. فاحذر أيها العاصي.. أن تلعنك قلوبُ المؤمنين..

                        * أخي الكريم.. أختي الكريمة..
                        قوافل التائبين تسير.. وجموعُ المنيبين تُقبل، وبابُ التوبة مفتوح..
                        ودعوة تتلى.. {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31].. دموع التائبين صادقة.. وقلوبهم منخلعة.. يخافون يوماً تتقلبُ فيه القلوبُ والأبصارُ..
                        قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اجلسوا إلى التوابين، فإنهم أرقُ أفئدةً..

                        * أخي الكريم.. أختي الكريمة..
                        لقد كان الفضيل بن عياض قاطعاً للطريق.. وكان يتعشقُ جاريةً..، فبينما هو ذات ليلة يتسورُ عليها الجدار، إذ سمع قارئاً يقرأ قول الله جلَّ وعزَّ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد:16].. فأطرق ملياً.. ثم تذكر غدراته، وذنوبه، تذكر إسرافه..، فما كان منه إلا أن ذرف دموعَ التوبةِ، من عينٍ ملؤها اليقينُ برحمة الله، فتاب وأقلع عما كان عليه حتى أصبح من أهل الخير والصلاح في زمنه.

                        واتــق الله فتقـوى الله مــا *** جاورت قلبَ امرئٍ إلا وصلْ
                        ليسَ من يقطعُ طرقاً بطلاً *** إنمـا مـن يتـق اللهَ البـطـلْ


                        وبعد هذا.. أخي.. أختي..
                        هل من مشمِّر؟! هل من مشمر للتوبة؟!
                        شمر عسى أن ينفعَ التشميرُ *** وانظر بفكرك ما إليه تصيرُ
                        نعم.. هناك المشمرون.. ولكن إلى أين؟!
                        مسارعةٌ للخطى، وتقويةٌ للعزائم، وحثٌ للنفوس.. إنها خطوات في الطريق.. إلى هناك.
                        حيث الموقف العظيم، ثم برحمة الله إلى روح وريحان ورب غير غضبان.

                        نستدرك بالتشمير إلى الخير تقصيرنا، ونعوض بالسير القويم تكاسلنا، وتأخرنا.. فهل من مشمر؟!

                        كل يوم في طريق، وكل حين في سبيل، خطوات متسارعة، وقفزاتٌ متتابعة، نسُدُّ الفُرَج، ونُغلق الثُلَم، نحصن ديارنا، ديار التوحيد،
                        فهل من مشمر؟!

                        نداءٌ لمن تأخر عن الرَّكب، ولا يزال يرى القافلة تسير إلى الخير، هل من مشمر قبل الندام والبكاء؟!

                        الله عز وجل يقول:
                        {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً} [النور:31] فهل من مشمر؟! ويقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:53] فهل من مشمر؟!

                        شمر مادام البابُ مفتوحاً.. وعجل.. فَرُبَّ متمهل فاتتهُ حاجتهُ.


                        أخي.. أختي..
                        إن أمامكم أفقاً وسيعاً، أفقاً جميلاً، نعم.. إنه أفق رحمة الله.. أفق التوبة، إن التائب حبيبُ الله.. يقول جل وعز:
                        {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة:222] فهل من مشمر؟!

                        وصيتي لك
                        هذه بعض لتوجيهات التي أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينفعنا وإياك بها:

                        1- الحرص على صلاح الباطن: لأن صلاح الباطن سبب رئيسي في صلاح الظاهر، فاعمر قلبك أخي بذكر الله، وبطاعته جل وعز، وبالعقيدة السليمة الصالحة على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

                        2- المحافظة علي أوامر الله جل شأنه: بفعلها واجتناب نواهيه سبحانه.

                        3- لنتذكر دائماً وأبداً: "لا خير في لذة من بعدها سقر".

                        4- احذر الكلام الفاحش البذيء: وبالذات الغيبة والنميمة.

                        5- تذكر دائماً:
                        إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
                        ولا تحسبــن الله يغفـل سـاعـة *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب


                        6- أصلح عيوب نفسك: قبل النظر في عيوب الآخرين.

                        7- الحرص على: الاستغفار بالغدو وبالأسحار.

                        8- التوبة إلى الله تعالى: والإنابة إليه في جميع الأحوال.

                        9- احرص: على التواضع لله، فمن تواضع لله رفعه.

                        10- ليكن كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم هما نورك إلى سلوك طريق دار السلام.

                        11- احرص على خدمة الدين بكل ما تستطيع من القدرات التي تمتلكها سواء فكرية أو مالية أو جسدية أو غيرها.

                        12- الإكثار من سماع الأشرطة الإسلامية، والاهتمام بقراءة الكتب الشرعية المفيدة.

                        13- احذر عزيزي وحبيبي في الله كل الحذر من الاستهزاء بأهل الصلاح والخير، ثم احذر من التسلي بأعراضهم في المجالس، بل عليك بالذب عنهم عندما تسمع أيَّ شخصٍ يسبهم أو ينقص من قدرهم.

                        14- أكثر من الدعاء لنفسك بالثبات على دين الله الحق ولإخوانك المسلمين في كل مكان فهم بحاجة إلى ذلك.

                        15- احرص على أن تكون رمز الرجولة في تصرفاتك حتى يشعر أهلك بأن من التزم بهذا الدين إنما أصبح رجلاً، ولا تنس ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عندما رأى شاباً يمشي وهو منكساً رأسه فضربه عمر بالدرة رضي الله عن عمر.

                        16- الله الله ببر الوالدين، والحرص على خدمتهما، وطاعتهما في غير معصية.

                        17- احرص أخي على حضور المحاضرات والدروس العلمية قدر المستطاع.



                        يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                        احبكم في الله
                        لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                        الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                        تعليق


                        • #27
                          رد: .•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•




                          التوبة والإنابة قبل غلق الإجابة

                          الحمد لله غافر الذنب وقابل التوبة شديد العقاب، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:

                          فهذه رسالة لطيفة كتبها الإمام ابن رجب الحنبلي "رحمه الله"، في كتبه
                          (لطائف المعرف لما لمواسم العام من الوظائف)، وفيها الحديث عن التوبة وعدم التسويف وترك داء طول الأمل، والاستعداد للموت وما بعده.

                          جعلها الله نافعة لناشرها وقارئها وسامعها، وصلى الله على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.


                          المعصية؟

                          عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
                          «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» [رواه الترمذي وحسنه الألباني]، دل هذا الحديث على قبول توبة الله عزّ وجلّ لعبده ما دامت روحه في جسده لم تبلغ الحلقوم والتراقي. وقد دل القرآن على مثل ذلك أيضاً، قال الله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17].

                          وعمل السوء إذا أفرد دخل فيه جميع السيئات، صغيرها وكبيرها. والمراد بالجهالة الإقدام على عمل السوء، وإن علم صاحبه أنه سوء، فإن كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من أطاعه فهو عالم، وبيانه من وجهين:


                          أحدهما: أن من كان عالماً بالله تعالى وعظمته وكبريائه وجلاله فإنه يهابه ويخشاه، فلا يقع منه مع استحضار ذلك عصيانه، كما قال بعضهم: "لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى ما عصوه".


                          والثاني: أن من آثر المعصية على الطاعة فإنما حمله على ذلك جهله وظنه أنها تنفعه عاجلاً باستعجال لذتها، وإن كان عنده إيمان فهو يرجو التخلص من سوء عاقبتها بالتوبة في آخر عمره، وهذا جهل محض، فإنه يتعجل الإثم والخزي، ويفوته عز التقوى وثوابها ولذة الطاعة، وقد يتمكن من التوبة بعد ذلك، وقد يعاجله الموت بغتة، فهو كجائع أكل طعاماً مسموماً لدفع جوعه الحاضر، ورجا أن يتخلص متن ضرره بشرب الترياق بعده، وهذا لا يفعله إلا جاهل.


                          المبادرة:

                          روي عن ابن عباس في قوله تعالى:
                          {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} [النساء: 17]، قال: قبل المرض والموت، وهذا إشارة إلى أن أفضل أوقات التوبة، هو أن يبادر الإنسان بالتوبة في صحته قبل نزول المرض به حتى يتمكن حينئذ من العمل الصالح، ولذلك قرن الله تعالى التوبة بالعمل الصالح في مواضع كثيرة من القرآن.

                          وأيضاً فالتوبة في الصحة ورجاء الحياة تشبه الصدقة بالمال في الصحة ورجاء البقاء، والتوبة في المرض عند حضور أمارات الموت تشبه الصدقة بالمال عند الموت. فأين توبة هذا من توبة من يتوب من قريب وهو صحيح قوي قادر على عمل المعاصي، فيتركها خوفاً من الله عزّ وجلّ، ورجاء لثوابه، وإيثار لطاعته على معصيته.


                          فالتائب في صحته بمنزلة من هو راكب على متن جواده وبيده سيف مشهور، فهو يقدر على الكر والفر والقتال، وعلى الهرب من الملك وعصيانه، فإذا جاء على هذه الحال إلى بين يدي الملك ذليلاً له، طالباً لأمانه، صار بذلك من خواص المالك وأحبابه؛ لأنه جاءه طائعاً مختاراً له، راغباً في قربه وخدمته.


                          وأما من هو في أسر الملك، وفي رجله قيد وفي رقبته غل، فإنه إذا طلب الأمان من الملك فإنما يطلبه خوفاً على نفسه من الهلاك، وقد لا يكون محباً للملك، ولا مؤثرًا لرضاه، فهذا مثل من لا يتوب إلا في مرضه عند موته، لكن ملك الملوك، وأكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، لا يعجره هارب، ولا يفوته ذاهب، كما قيل: لا أقدر ممن طلبته في يده، ولا أعجز ممن هو في يد طالبه، ومع هذا فكل من طلب الأمن من عذابه من عباده أمنه على أي حال كان، إذا علم منه الصدق في طلبه.


                          وقوله تعالى:
                          {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 18]. فسوى بين من تاب عند الموت ومن مات من غير توبة. والمراد بالتوبة عند الموت التوبة عند انكشاف الغطاء، ومعاينة المحتضر أمور الآخرة، ومشاهدة الملائكة. فإن الإيمان والتوبة وسائر الأعمال إنما تنفع بالغيب، فإذا كشف الغطاء وصار الغيب شهادة، لم ينفع الإيمان ولا التوبة على تلك الحال.

                          وقد قيل: إنه إنما منع من التوبة حينئذ؛ لأنه إذا انقطعت معرفته وذهل عقله، لم يتصور منه ندم ولا عزم؛ فإن الندم والعزم إنما يصح مع حضور العقل. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: "ما لم يغرغر" يعني إذا لم تبلغ روحه عند خروجها منه إلى حلقه. فشبه ترددها في حلق المحتضر بما يتغرغر به الإنسان من الماء وغيره، ويردده في حلقه. وإلى ذلك الإشارة في القرآن بقوله عزّ وجلّ:
                          {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴿٨٣﴾ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ﴿٨٤﴾ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: 83-85]، وبقوله عزّ وجلّ: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [القيامة: 26].

                          عش ما بدا لك سالماً *** في ظل شاهقة القصور
                          فإذا النفوس تقعقعت *** في ضيق حشرجة الصدور
                          هناك تعلم موقناً *** ما كنت إلا في غرور


                          الاستعداد للموت:

                          واعلم أن الإنسان ما دام يؤمل الحياة فإنه لا يقطع أمله من الدنيا، وقد لا تسمح نفسه بالإقلاع عن لذاتها وشهواتها من المعاصي وغيرها، ويرجيه الشيطان التوبة في آخر عمره، فإذا تيقن الموت، وأيس من الحياة، أفاق من سكرته بشهوات الدنيا، فندم جيبنئذ على تفريطه ندامة يكاد يقتل نفسه، وطلب الرجعة إلى الدنيا ليتوب ويعمل صالحاً، فلا يُجاب إلى شيء من ذلك، تجتمع عليه سكرة الموت مع حسرة الفوت. وقد حذر الله تعالى عباده من ذلك في كتابه، قال تعالى:
                          {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 54- 56]، سُمع بعض المحتضرين عند احتضاره يلطم على وجهه ويقول: {يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} [سورة الزمر: 56]، وقال آخر عند احتضاره: سخرت بي الدنيا حتى ذهبت أيامي، وقال آخر عند موته: لا تغركم الحياة الدنيا كما غرتني.

                          وقال تعالى:
                          {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 99- 100].

                          وقال تبارك وتعالى:
                          {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴿١٠﴾ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 10- 11]. قال الفضيل يقول الله عزّ وجلّ: "ابن آدم، إذا كنت تتقلب في نعمتي وأنت تتقلب في معصيتي فاحذرني لا أصرعك بين معاصي".

                          وقسم: يفني عمره في الغفلة والبطالة، ثم يوفق لعمل صالح فيموت عليه، وهذه حالة من عمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الحنة فيدخلها.


                          الأعمال بالخواتيم، وفي الحديث:
                          «إذا أراد الله بعبد خيراً عسله»، قالوا: "ما عسله؟"، قال: «يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه» [صححه الألباني].

                          عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
                          «إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» [صححه الألباني].

                          وروي أن رجلاً من أشراف أهل البصرة كان منحدراً إليها في سفينة ومعه جارية له، فشرب يوماً، وغنته جاريته بعود لها، وكان معهم في السفينة فقير صالح، فقال له: يا فتى! تحسن مثل هذا؟ قال: أحسن ما هو أحسن منه. وقرأ:
                          {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٧٧﴾ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء: 77- 78]. فرمى الرجل ما بيده من الشراب في الماء، وقال: أشهد أن هذا أحسن مما سمعت، فقل غير هذا؟ قال: نعم فتلا عليه: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29]، فوقعت من قلبه موقعاً، ورمى بالشراب في الماء، وكسر العود، ثم قال: يا فتى! هل هناك فرج؟ قال: نعم، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. فصاح صيحة عظيمة، فنظروا إليه فإذا هو قد مات رحمه الله.

                          وبقي هنا قسم آخر، وهو أشرف الأقسام وأرفعها، وهو من يفني عمره في الطاعة، ثم ينبه على قرب الآجال، ليجدَّ في التزود ويتهيأ للرحيل بعمل يصلح للقاء، ويكون خاتمة للعمل، قال ابن عباس: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم:
                          {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، فأخذ في أشد ما كان اجتهاداً في أمر الآخرة.

                          وكان من عادته أن يعتكف في كل عام من رمضان عشراً، ويعرض القرآن على جبريل مرة، فاعتكف في ذلك العام عشرين يوماً، وعرض القرآن مرتين، وكان يقول: «ما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي» ثم حج حجة الوداع، وقال للناس:
                          «خذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا» [صححه الألباني]، وطفق يودع الناس، فقالوا: هذه حجة الوداع. ثم رجع إلى المدينة فخطب قبل وصوله، وقال: «أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب» [صححه الألباني]، ثم أمر بالتمسك بكتاب الله، ثم توفي بعد وصوله إلى المدينة بيسير صلى الله عليه وسلم: إذا كان سيد المحسنين يؤمر أن يختم عمره بالزيادة في الإحسان، فكيف يكون حال المسيء؟

                          خذ في جد فقد تولى العمر *** كم ذا التفريط قد تدانى الأمر
                          أقبل فعسى يقبل منه العذر *** كم تبني كم تنقض كم ذا الغدر
                          تأهب للذي لا بد منه *** من الموت الموكل بالعباد
                          أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد
                          تب من خطاياك وابك خشية *** ما أثبت منها عليك في الكتاب
                          أية حال تكون حال فتى *** صار إلى ربه ولم يتب


                          فإن كان تأخير التوبة في حال الشاب قبيح، ففي حال المشيب أقبح وأقبح.


                          فإن نزل المرض بالعبد فتأخيره للتوبة حينئذ أقبح من كل قبيح؛ فإن المرض نذير الموت.


                          وينبغي لمن عاد مريضاً أن يذكره التوبة والاستغفار، فلا أحسن من ختام العمل بالتوبة والاستغفار؛ فإن كان العمل سيئاً كان كفارة له، وإن كان حسناً كان كالطابع عليه.


                          وفي حديث "سيد الاستغفار": من قاله إذا أصبح وإذا أمسى، ثم مات من يومه أو ليلته، كان من أهل الجنة. وليكثر في مرضه من ذكر الله عزّ وجلّ، خصوصاً كلمة التوحيد؛ فإنه من كانت آخر كلامه دخل الجنة. وكان السلف يرون أن من مات عقيب عمل صالح كصيام رمضان، أو عقيب حج أو عمرة أنه يُرجى له أن يدخل الجنة. وكانوا مع اجتهادهم في الصحة في الأعمال الصالحة يجددون التوبة والاستغفار عند الموت، ويختمون أعمالهم بالاستغفار وكلمة التوحيد.


                          يا غافل القلب عن ذكر الموت *** عما قليل ستثوي بين أموات
                          فأذكر محلك من قبل الحلول به *** وتب إلى الله من لهو ولذات
                          إن الحمام له وقت إلى أجل *** فأذكر مصائب أيام وساعات
                          لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها *** قد حان للموت يا ذا اللب أن يأتي


                          التوبة التوبة... قبل أن يصل إليكم من الموت النوبة، فيحصل المفرط على الندم والخيبة.


                          الإنابة الإنابة... قبل غلق الإجابة.


                          الإفاقة الإفاقة؛ فقد قرب وقت الفاقة.


                          ما أحسن قلق التواب... ما أحلى قدوم الغياب! ما أجمل وقوفهم بالباب.


                          من نزل به الشيب فهو بمنزلة الحامل التي تمت شهور حملها، فما تنتظر إلا الولادة، كذلك صاحب الشيب لا ينتظر غير الموت؛ فقبيح منه الإصرار على الذنب.


                          أي شيء تريد مني الذنوب *** شغفت بي فليس عني تغيب
                          ما يضر الذنوب لو أعتقتني *** رحمة بي فقد علاني المشيب


                          أيها العاصي، ما يقطع من صلاحك الطمع، ما نصبنا اليوم شرك المواعظ إلا لتقع.


                          إذا خرجت من المجلس وأنت عازم على التوبة. قالت ملائكة الرحمة: مرحباً وأهلاً، فإن قال لك رفقاؤك في المعصية: هلم إلينا، فقل لهم: كلا، خمر الهوى الذي عهدتموه قد استحال خلا.


                          يا من سود كتابه بالسيئات قد آن لك بالتوبة أن تمحو.


                          يا سكران القلب بالشهوات أما آن لفؤادك أن يصحو؟


                          وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وسلم.









                          يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                          احبكم في الله
                          لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                          الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                          تعليق


                          • #28
                            رد: .•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•



                            الحث على التوبة قبل الموت

                            نبذة :
                            الحث على التوبة قبل الموت... لابن رجب الحنبلي




                            بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

                            مقدِّمة

                            الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيِّد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين:

                            أخي القارئ: هذه الرِّسالة الصَّغيرة الَّتي بين يديك قد اخترناها من كتاب (لطائف المعارف لما لمواسم العام من الوظائف) للإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- وقد اختصرناها وأسميناها "الحثُّ على التَّوبة قبل الموت وختم العمر بها".

                            وهي رسالةٌ مفيدةٌ نافعةٌ استشهد فيها المؤلف -رحمه الله- بالآيات القرآنيَّة والأحاديث النَّبويَّة مكثرًا فيها النُّقول من أقوال السَّلف مسجلًا العبر والعظَّات من قصصهم. وقد ضمَّنها كثيرًا من الأبيات الشِّعريَّة المؤثرة في النَّفس حاثًّا فيها النَّاس بالتَّعجيل بالتَّوبة قبل الموت خاصَّةً في زمن الشَّباب. هذا وقد رأت دار ابن خزيمة أن تعتني بهذه الرِّسالة وتنشرها في رسالةٍ مستقلةٍ؛ لعظم فائدتها ونفعها ونشرها بين المسلمين.
                            نسأل الله العظيم أن ينفع بهذه الرِّسالة كلَّ من قرأها وساعد في نشرها وأن يهدينا ويهديه إلى صراطه المستقيم.

                            المعصية جهلٌ:
                            عن ابن عمر عنِ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، قال: «إنَّ الله يقبلُ توبةَ العبد ما لم يُغرغر» [رواه التِّرمذي 3537 وحسَّنه الألباني]، دلَّ هذا الحديث على قبول توبة الله -عزَّ وجلَّ- لعبده ما دامت روحه في جسده لم تبلغ الحلقوم والتَّراقي. وقد دلَّ القرآن على مثل ذلك أيضًا، قال الله -عزَّ وجلَّ-: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النِّساء: 17]. وعمل السُّوء إذا أفرد دخل فيه جميع السَّيئات، صغيرها وكبيرها، والمراد بالجهالة الإقدام على عمل السُّوء، وإن علم صاحبه أنَّه سوء، فإنَّ كلَّ من عصى الله فهو جاهلٌ، وكلُّ من أطاعه فهو عالمٌ، وبيانه من وجهين:

                            أحدهما: أنَّ من كان عالمًا بالله -تعالى- وعظمته وكبريائه وجلاله فإنَّه يهابه ويخشاه، فلا يقع منه مع استحضار ذلك عصيانه، كما قال بعضهم : "لو تفكر النَّاس في عظمة الله تعالى ما عصوه".

                            والثَّاني: أن من آثر المعصية على الطَّاعة فإنَّما حمله على ذلك جهله وظنَّه أنَّها تنفعه عاجلًا باستعجال لذَّتها، وإن كان عنده إيمانٌ فهو يرجو التَّخلص من سوء عاقبتها بالتَّوبة في آخر عمره، وهذا جهل محضٌ، فإنَّه يتعجل الإثم والخزي، ويفوته عزُّ التَّقوى وثوبها ولذَّة الطَّاعة، وقد يتمكن من التَّوبة بعد ذلك، وقد يعاجله الموت بغتةً، فهو كجائعٍ أكل طعامًا مسمومًا لدفع جوعه الحاضر، ورجا أن يتخلص من ضرره بشرب الدَّرياق بعده. وهذا لا يفعله إلا جاهلٌ.

                            التَّوبة في الصِّحَّة أفضل من التَّوبة في حالة المرض:

                            رُوى عن ابن عباس في قوله -تعالى-: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النِّساء: 17]، قال: قبل المرض والموت، وهذا إشارة إلى أنَّ أفضل أوقات التَّوبة، وهو أن يبادر الإنسان بالتَّوبة في صحَّته قبل نزول المرض به حتَّى يتمكن حينئذ من العمل الصَّالح، ولذلك قرن الله تعالى التَّوبة بالعمل الصَّالح في مواضعَ كثيرةٍ من القرآن.

                            وأيضًا فالتَّوبة في الصِّحَّة ورجاء الحياة تشبه الصَّدقة بالمال في الصِّحَّة ورجاء البقاء، والتَّوبة في المرض عند حضور إمارات الموت تشبه الصَّدقة بالمال عند الموت. فأين توبةُ هذا من توبةِ من يتوب من قريبٍ وهو صحيحٌ قويٌّ قادرٌ على عمل المعاصي، فيتركها خوفًا من الله -عزَّ وجلَّ-، ورجاء لثوابه، وإيثار لطاعته على معصيته؟

                            فالتَّائب في صحَّته بمنزلةِ من هو راكبٌ على متن جواده وبيده سيفٌ مشهورٌ، فهو يقدر على الكرِّ والفرِّ والقتال، وعلى الهرب من الملك وعصيانه، فإذا جاء على هذه الحال إلى بين يدي الملك؛ ذليلًا له، طالبًا لأمانه، صار بذلك من خواص الملك وأحبابه؛ لأنَّه جاءه طائعًا مختارًا له، راغبًا في قربه وخدمته.

                            وأمَّا من هو في أسر الملك، وفي رجله قيدٌ، وفي رقبته غلٌّ، فإنَّه إذا طلب الأمان من الملك فإنَّما طلبه خوفًا على نفسه من الهلاك، وقد لا يكون محبًّا للملك ولا مؤثرًا لرضاه، فهذا مثل من لا يتوب إلا في مرضه عند موته، لكن ملك الملوك، أكرم الأكرمين، وأرحم الرَّاحمين، وكلُّ خلقه أسيرٌ في قبضته، لا يعجزه منهم أحدٌ، لا يعجزه هاربٌ، ولا يفوته ذاهبٌ، كما قيل: لا أقدر ممَّن طلبته في يده، ولا أعجز ممن هو في يد طالبه، ومع هذا فكلُّ من طلب الأمن من عذابه من عباده أمنه على أيِّ حالٍ كان، إذا علم منه الصِّدق في طلبه.

                            وقوله -عزَّ وجلَّ-: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النِّساء: 18] فسوَّى بين من تاب عند الموت ومن مات من غير توبةٍ. والمراد بالتَّوبة عند الموت التَّوبة عند انكشاف الغطاء، ومعاينة المحتضر أمور الآخرة، ومشاهدة الملائكة؛ فإنَّ الإيمان والتَّوبة وسائر الأعمال إنَّما تنفع بالغيب، فإذا كشف الغطاء وصار الغيب شهادةً، لم ينفع الإيمان ولا التَّوبة في تلك الحال.

                            وقد قيل: إنَّه إنَّما منع من التَّوبة حينئذ؛ لأنَّه إذا انقطعت معرفته وذهب عقله، لم يتصور منه ندمٌ ولا عزمٌ؛ فإنَّ النَّدم والعزم إنَّما يصحُّ مع حضور العقل.

                            وقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حديث ابن عمر: «ما لم يُغرغر»، يعني إذا لم تبلغ روحه عند خروجها منه إلى حلقه، فشبه ترددها في حلق المحتضر بما يتغرغر به الإنسان من الماء وغيره، ويردده في حلقه. وإلى ذلك الإشارة في القرآن بقوله -عزَّ وجلَّ-: {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: 83-85]، وبقوله -عزَّ وجلَّ-: {كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [القيامة: 26].

                            عشْ ما بدا لك سالمًا*** في ظلِّ شاهقةِ القصور
                            فإذا النُّفوس تقعقعت*** في ضيق حشرجةِ الصُّدور
                            فهناك تعلم موقنًا***ما كنت إلا في غرورٍ


                            الاستعداد للموت:

                            واعلم أنَّ الإنسان ما دام يؤمل الحياة فإنَّه لا يقطع أمله من الدُّنيا، وقد لا تسمح نفسه بالإقلاع عن لذَّاتها وشهواتها من المعاصي وغيرها، ويرجيه الشَّيطان التَّوبة في آخر عمره، فإذا تيقَّنَ الموت، وأيس من الحياة، أفاق من سكرته بشهوات الدُّنيا، فندم حينئذٍ على تفريطه ندامة يكاد يقتل نفسه، وطلب الرَّجعة إلى الدُّنيا؛ ليتوب ويعمل صالحًا، فلا يجاب إلى شيءٍ من ذلك، يجتمع عليه سكرة الموت مع حسرة الفوت. وقد حذَّر الله -تعالى- عباده من ذلك في كتابه؛ قال -تعالى-: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزُّمر: 54-56]. سمع بعض المحتضرين عند احتضاره يلطم على وجهه، ويقول: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}، وقال: آخر عند احتضاره: "سخرت بي الدُّنيا حتى ذهبت أيَّامي". وقال آخر عند موته: "لا تغرَّنَّكم الحياة الدنُّيا كما غرتني".

                            وقال الله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 99-100]، وقال الله -تعالى-: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 10-11].

                            قال الفضيل: "يقول الله -عزَّ وجلَّ-: ابن آدم! اذا كنت تتقلب في نعمتي وأنت تتقلب في معصيتني، فاحذرني لا أصرعُك بين معاصيَّ".

                            غاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة يستدركون فيها ما فاتهم من توبةٍ وعملٍ صالحٍ، وأهل الدُّنيا يفرطون في حياتهم فتذهب أعمارهم في الغفلة ضياعًا، ومنهم من يقطعها بالمعاصي.

                            أقسام النَّاس من التَّوبة:

                            النَّاس من التَّوبة على أقسامٍ:
                            فمنهم: من لا يوفق لتوبةٍ نصوحٍ، بل ييسِّر له عمل السَّيِّئات من أول عمره إلى آخره حتَّى يموت مصرًّا عليها، وهذه حالة الأشقياء. وأقبح من ذلك من يسِّر له في أول عمره عمل الطَّاعات، ثمَّ ختم له بعملٍ سيءٍ حتَّى مات عليه، كما في الحديث الصَّحيح: «فإنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنَّة حتَّى لا يكون بينها وبينه إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النَّار فيدخل النَّار» [أخرجه البخاري 7454 ومسلم 2643].

                            ما أصعب الانتقال من البصر إلى العمى وأصعب منه الضَّلالة بعد الهدى، والمعصية بعد التُّقى، كم من وجوهٍ خاشعةٍ وِقِّعَ على قصصٍ أعمالها: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 3-4]. كم من شارف مركبه ساحل النَّجاة، فلمَّا همَّ أن يرتقي لعب به مَوجُ الهَوَى فغرق، الخلق ُكلُّهم تحت هذا الخطر. قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرَّحمن يقلبها كيف يشاء.
                            قال بعضهم: "ما العجب ممَّن هلك كيف هلك، إنَّما العجب ممَّن نجا كيف نجا".

                            وقسم: يفني عمره في الغفلة والبطالة، ثمَّ يوفق لعملٍ صالحٍ فيموت عليه، وهذه حالة من عمل بعمل أهل النَّار حتَّى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنَّة فيدخلها.

                            الأعمال بالخواتيم، وفي الحديث: «إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عَسَلَه، قيل: وما عسْلُه؟ قال: يفتح له عملًا صالحًا قبل موته، ثمَّ يقبضه عليه» [صحَّحه الألباني 307 في صحيح الجامع].

                            عن أبي سيعد الخدري-رضي الله عنه-، عنِ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إنَّ الشَّيطان قال: و عزَّتك يا ربّ لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرَّبُّ: وعزَّتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» [حسَّنه الألباني 1650 في صحيح الجامع].

                            ورُوي أنَّ رجلًا من أشراف أهل البصرة كان مُنحدرًا إليها في سفينةٍ ومعه جاريةٌ له، فشرب يومًا، وغنَّتهُ جاريتُه بعودٍ لها، وكان معهم في السَّفينة فقيرٌ صالحٌ فقال له: يا فتى! تُحسنُ مثل هذا؟ قال: أُحسنُ ما هو أَحسنُ منه. وقرأ {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النِّساء: 77-78]، فرمى الرَّجل ما بيده من الشَّراب في الماء، وقال: أشهد أن هذا أَحسنُ ممَّا سمعت، فهل غير هذا؟ قال: نعم فتلا عليه: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29]...الآية. فوقعت من قلبه موقعًا، ورمى بالشَّراب في الماء، وكسر العود، ثمَّ قال: يا فتى! هل هناك فرجٌ؟ قال: نعم، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزُّمر: 53].. الآية. فصاح صيحةً عظيمةً، فنظروا إليه فإذا هو قد مات -رحمه الله-.

                            وبقي ها هنا قسمٌ آخرٌ وهو أشرف الأقسام وأرفعها، وهو من يفني عمره في الطَّاعة، ثمَّ ينبَّه على قرب الآجال؛ ليجدَّ في التَّزود ويتهيأ للرَّحيل بعملٍ يصلحُ للقاء، ويكون خاتمة للعمل. قال ابن عباس: "لما نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ...} [النَّصر: 1] إلى آخر السُّورة، نعيت لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- نفسه حين أنزلت فأخذ في أشدِّ ما كان قط اجتهادا في أمر الآخرة".

                            وكان من عادته أن يعتكف في كلِّ عامٍ في رمضان عشرًا، ويعرض القرآن على جبريل مرَّةً، فاعتكف في ذلك العام عشرين يومًا، وعرض القرآن مرَّتين، وكان يقول: "ما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي". ثمَّ حجَّ حجَّة الوداع، وقال للنَّاس: «يا أيُّها النَّاس خُذُوا مناسككم، فإنِّي لا أدري، لعلي لا أحجُّ بعد عامي هذا» [رواه النِّسائي 3062 وصحَّحه الألباني]. وطفق يودع النَّاس، فقالوا: هذه حجَّة الوداع. ثمَّ رجع إلى المدينة فخطب قبل وصوله، وقال: «أيّها النَّاس! فإنَّما أنا بشرٌ يُوشك أن يأتيني رسولُ ربِّي فأجيب» [صحَّحه الألباني 1351 في صحيح الجامع]. ثمَّ أمر بالتَّمسك بكتاب الله، ثمَّ توفي بعد وصوله إلى المدينة بيسيرٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم-.

                            إذا كان سيِّد المحسنين يؤمر أن يختم عمره بالزَّيادة في الإحسان، فكيف يكون حال المسيء؟

                            خُذْ في جِدِّ فقد تولَّى العُمُرُ***كم ذا التَّفريطُ قَد تَدَانَى الأمرُ
                            أَقْبِل فعسى يُقبَل منك العُذْرُ***كم تبني كم تنقُضُ كم ذا الغَدرُ
                            تَأهَّب للَّذي لابُدَّ مِنه***من الموتِ المُوَكَّلِ بالعبادِ
                            أَترضَى أنْ تكُونَ رَفيقَ قومٍ*** لهُم زادٌ وأنتَ بغَيرِ زادٍ
                            تُب من خطَايَاك وابْكِ خشيةً*** ما أثبت منها عليك في الكُتُبِ
                            أيَّةُ حالٍ تكون حالُ فتًى***صار إلى ربِّه ولم يَتُبِ


                            وتأخير التَّوبة في حال الشَّباب قبيحٌ، ففي حال المشيب أقبح وأقبح.

                            الحثُّ على تجديد التَّوبة والإكثار من الاستغفار عند المرض والموت:

                            فإن نزل المرض بالعبد فتأخيره للتَّوبة حينئذٍ أقبح من كلِّ قبيحٍ؛ فإنَّ المرض نذير الموت.
                            وينبغي لمن عاد مريضًا أن يذكِّره التَّوبة والاستغفار، فلا أحسن من ختام العمل بالتَّوبة والاستغفار؛ فإن كان العمل سيئًا كان كفَّارةً له، وإن كان حسنًا كان كالطَّابع عليه.

                            وفي حديث سيِّد الاستغفار: «إذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة، أو: كان من أهل الجنَّة، وإذا قال حين يصبح فمات من يومه مثله» [رواه البخاري 6323]. وليكثر في مرضه من ذكر الله -عزَّ وجلَّ-، خصوصاًا كلمة التَّوحيد؛ فإنَّه من كانت آخر كلامه دخل الجنَّة.

                            وكان السَّلف يرون أن من مات عقيب عملٍ صالحٍ كصيام رمضان، أو عقيب حجٍّ أو عمرةٍ أنَّه يُرجى له أن يدخل الجنَّة. وكانوا مع اجتهادهم في الصِّحَّة في الأعمال الصَّالحة يجددون التَّوبة والاستغفار عند الموت، ويختمون أعمالهم بالاستغفار وكلمة التَّوحيد.

                            يا غَافِلَ القَلبَ عن ذِكْرِ المَنيَّات***عمَّا قليلٍ سَتَثْوي بين أمواتِ
                            فاذكُر مَحَلَّك من قَبلِ الحُلُول به***وتُبْ إلى اللهِ من لهوٍ ولذَّاتٍ
                            إنَّ الحَمامَ له وقتٌ إلى أَجَلٍ***فاذكُر مَصائبَ أيَّامٍ وساعاتٍ
                            لا تطمئنَّ إلى الدُّنيا وزِينتِها*** قد حان للمَوتِ يَا ذَا اللبِّ أَنْ يَأتِي


                            التَّوبة التَّوبة قبل أن يصل إليكم من الموت النَّوبة، فيحصل المفرط على النَّدم والخيبة.

                            الإنابة الإنابة قبل غلق الإجابة. الإفاقة الإفاقة؛ فقد قرب وقت الفاقة ما أحسن قلق التَّواب! ما أحلى قدوم الغياب! ما أجمل وقوفهم بالباب!

                            من نزل به الشَّيب فهو بمنزلة الحامل الَّتي تمت شهور حملها، فما تنتظر إلا الولادة، كذلك صاحب الشَّيب لا ينتظر غير الموت؛ فقبيحٌ منه الإصرار على الذَّنب.

                            أيُّ شيءٍ تُريدُ منِّي الذُّنوبُ*** شَغَفَتْ بِي فَليسَ عنِّي تَغِيبُ
                            ما يَضرُّ الذُّنوبَ لو أعتقتني*** رحمةً بي فقد عَلاني المشيبُ


                            أيُّها العاصي، ما يقطع من صلاحك الطَّمع، ما نصبنا اليوم شرك المواعظ إلا لتقع. إذا خرجت من المجلس وأنت عازمٌ على التَّوبة، قالت لك ملائكة الرَّحمة: "مرحبًا وأهلًا"، فإن قال لك رفقاؤك في المعصية: "هلمَّ إلينا"، فقل لهُم: "كلَّا خَمرُ الهوى الَّذي عاهدتموه قد استحال خلًا".

                            يا من سوَّد كتابه بالسَّيِّئات قد آن لك بالتَّوبة أن تمحو. يا سكران القلب بالشَّهوات أما آن لك بالتوبة أن تمحو؟ يا سكران القلب بالشَّهوات أما آن لفؤادك أن يصحو؟

                            وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم .





                            يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                            احبكم في الله
                            لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                            الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                            تعليق


                            • #29
                              رد: .•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•


                              خطوات عملية نحو التوبة

                              نبذة :
                              آه من كلمة "أريد أن أتوب ولكن"!! ولكن ماذا؟ إنَّه ضعف الإرادة ووهم السَّعادة.



                              نعم: نقولها ابتداءً، نريدها خطوة عمليه نحو التَّوبة، فكم نسمع عن التوبة النَّصوح وكم ندعي إلي ذلك الباب المفتوح؟ ولكن!! آه من كلمة "أريد أن أتوب ولكن"!! ولكن ماذا؟ إنَّه ضعف الإرادة ووهم السَّعادة. ضعف الإرادة عن طاعة الله -عزَّ وجلَّ- ورسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وعمل الخير والتَّمني والتَّسويف. ووهم السَّعادة بأنَّها إلا تكون إلا في حياة الانفلات والتَّحلُّل من كلِّ قيدٍ وتكليفٍ. أردنا التَّحرُّر من (القيود) وقعدنا -وكم طال بنا القعود- وظننَّا -ويا لسوء ما ظننَّا- في الله الواحد المعبود! عندما نردد وتأكيدًا لتقصيرنا {وَاللَّـهُ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ} [البقرة: 218] ونسينا أو تناسينا وغفلنا أو تغافلنا عن ذلك التَّحذير {وَيُحَذِّرُ‌كُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]، {وَاللَّـهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [آل عمران: 11]، والآن نطير بجناحين: جناحي الرَّجاء والخوف وندع عنا كلمة سوف وسوف!! ولنبادر ولنحاذر، ولنركب سفينة النَّجاة حذر أن تغرق في بحر الظُّلمات ظلمات المعاصي وشؤم السَّيِّئات!! فالتَّوبة التَّوبة والتَّوبة التَّوبة قبل أن يصعب الخلاص ولا ينفع النَّدم فلات حين مندم!!

                              فياربِّ تبنا إليك، واستغفرناك واستودعناك سرنا، فلا تكشف سترنا. اعترفنا بتقصيرنا وندمنا على ما فرطنا في جنبك عندما سمعنا نداءك الخالد ينادينا ويأخذ بأيدينا {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَ‌فُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّ‌حْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ‌ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ‌ الرَّ‌حِيمُ} [الزُّمر: 53] إنَّها الرَّحمة الواسعة الَّتي تسع كلّ معصيةٍ كائنةٍ ما كانت وإنَّها الدَّعوة للتوبة. دعوة العصاة المسرفين الشَّاردين المبعدين في تيه الضَّلال. دعوتهم إلى الأمل والرَّجاء والثقة بعفو الله.

                              {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَ‌بِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُ‌ونَ ﴿54﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُ‌ونَ} [الزُّمر: 54-55].
                              الإنابة والإسلام والعودة إلى أفياء الطَّاعة وظلال الاستسلام. هذا هو كلُّ شيءٍ بلا طقوسٍ ولا مراسمَ ولا حواجزَ ولا وسطاءَ ولا شفعاءَ!

                              هيا قبل فوات الأوان هيا {مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُ‌ونَ} فما هنالك من نصر. هيا فالوقت غير مضمون. ولنكن "عمليين" أكثر فتقوم بالآتي:
                              1- الاستغفار: ونقول "نستغفرك اللهمَّ ونتوب إليك ونبرأ من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوَّتك ونعوذ بك اللهمَّ من همزات الشياطين".

                              2- الإقلاع عن المعصية: ونقول "اللهمَّ إنَّا نشهدك أنَّنا أقلعنا عن الذُّنوب والمعاصي وكلُّ ما يغضبك ويجلب سخطك فتقبلها اللهمَّ منَّا توبةً لا معصية بعدها".

                              3- النَّدم: ونقول "اللهمَّ قد ندمنا على ما كان منَّا وعلى ما فرطنا في جنبك وقصرنا في حقك. وقد قال نبيُّك محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «النَّدم توبة» [رواه ابن ماجه 3448 وصحَّحه الألباني].

                              4- العزيمة على عدم العودة: ونقول "اللهمَّ إنا نشهدك أنَّنا قد عزمنا على عدم العودة إلى طريق الظَّلام واجعلنا اللهمَّ ممَّن اهتدى لنورك وعلى صراطك استقام".

                              5- ردُّ الحق والمظالم لأهلها: ونقول "اللهمَّ ما كان لخلقك من حقوق علينا فأعنَّا على تأديتها وإرجاعها فإن ذلك من تمام توبتنا".

                              وبهذه الخطوات الخمس تكتمل شروط التَّوبة ويتبعها بعد ذلك المحافظة على الفرائض، وإلحاقها بالكثير من النَّوافل حتَّى تقوى النُّفوس على التَّوبة النَّصوح. ثمَّ إتمامها بمصاحبة الصَّالحين وترك بيئة المعصية.

                              بشارة

                              ما أروع تلك الصورة التي رسمها لنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حين قال: «لله أشد فرحًا بتوبة عبده، حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاةٍ. فانفلتت منه. وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة. فاضطجع في ظلها. قد أيس من راحلته. فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده. فأخذ بخطامها. ثمَّ قال من شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك. أخطأ من شدة الفرح» [رواه مسلم 2747].

                              وها هي الملائكة الكرام الأتقياء الأطهار الَّذين شابهتهم في صفات الطُّهر والنَّقاء يفرحون بتوبة العبد إذا تاب ويشاركونه الفرحة حيث قال -تعالى-: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْ‌شَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَ‌بِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُ‌ونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَ‌بَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّ‌حْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ‌ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴿7﴾ رَ‌بَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّ‌يَّاتِهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿8﴾ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ۚ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَ‌حِمْتَهُ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [غافر: 7-9].

                              يالها من فرحة وما أوسع فضل الله عليك، ياربِّ ما أكرمك وأحلمك ستبدل سيِّئاتي إلى حسناتٍ {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورً‌ا رَّ‌حِيمًا} [الفرقان: 70].

                              ربِّ إنِّي خجلت منك ومن نفسي تبت إليك، تبت إليك فتقبلني.






                              يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                              احبكم في الله
                              لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                              الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                              تعليق


                              • #30
                                رد: .•●❤{ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ }ღღღمتجدد ان شاء الله❤•●•



                                رمضان والتوبة

                                نبذة :
                                فضل الله تعالى على عبادة المؤمنين ليس يحصيه العد، ولا يحده الحد بل هو عام شامل مطلق. خلقهم فأحسن خلقهم، وصورهم فأحسن صورهم، ورزقهم وأعطاهم، ثم وفقهم للحسنى فهداهم وفتح لهم باب الرجعة إن ضلوا الطريق أو أزغهم الشيطان


                                بسم الله الرحمن الرحيم

                                الحمد لله، نحمد ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .

                                أمّا بعد :

                                ففضل الله تعالى على عبادة المؤمنين ليس يحصيه العد، ولا يحده الحد بل هو عام شامل مطلق. خلقهم فأحسن خلقهم، وصورهم فأحسن صورهم، ورزقهم وأعطاهم، ثم وفقهم للحسنى فهداهم وفتح لهم باب الرجعة إن ضلوا الطريق أو أزغهم الشيطان. ولا يزال الباب مفتوحاً ما دامت الشمس تطلع من مشرقها، ما لم يغرغر العبد بالموت.

                                والعبد يحتاج التوبة في كل وقت، لأنه يخطئ في كل وقت، وقد يشعر بخطئه وقد لا يشعر، فكان لابد أن يلازم التوبة في ساعاته وأيامه.

                                التوبة عبادة

                                التوبة عبادة وقربة قبل أن تكون استيعاباً ورجعة بل هي من أعظم العبادات وأجلها، إذا بها تنال محبة الله تعالى كما قال سبحانه: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222 ].

                                قال بعض العلماء: "دعوت الله سبحانه وتعالى ثلاثين سنة أن يرزقني توبة نصوحاً، ثم تعجبت من نفسي وقلت: سبحان الله حاجة دعوت الله فيها ثلاثين سنة فما قضيت إلى الآن، فرأيت فيما يرى النائم قائلاً يقول لي: أتعجب من ذلك؟، أتدري ماذا تسأل الله تعالى؟، إنّما تسأله سبحانه أن يحبك، أما سمعت قول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222 ] ". (غذاء الألباب للسفاريني 2 / 590) .

                                تعريف التوبة النصوح

                                التوبة النصوح هي: ترك الذنب، وعدم العودة إليه عرفها بذلك عمر رذي الله عنه (مستدرك الحاكم 2 / 459). وبنحو هذا التعريف عرفها ابن مسعود والحسن ومجاهد والضاحك - رحمهم الله تعالى ورضي عنهم -. (انظر: تفسير الطبري 28 / 107 ومدرج السالكين 1 / 309 والآداب الشرعية لابن مفلح 1 / 86) .

                                من آثار التوبة

                                1 – مغفرة الذنوب: المغفرة تحصل للعبد إذا حقق التوبة كما قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82 ].

                                2 – أنّ الفلاح معلق بالتوبة: كما في قول الله تعالى: {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص: 67] .

                                3 – قلب السيئات إلى حسنات: من أعظم أثر التوبة تبديل السيئات إلى حسنات، فتنقلب سيئات العاصي بعد التوبة النصوح إلى حسنات وتبيض صحائفه بعد أن كانت سوداء كما في قول الله تعالى: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان: 70]، وعن أبي الطويل شطب الممدود رصي الله عنه: «أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت من عمل الذنوب كلها، ولم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها، فهل لذلك من توبة؟ قال صلى الله عليه وسلم: فهل أسلمت؟ قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال صلى الله عليه سلم: تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيرات كلهن. قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم، قال الله أكبر، فما زال يكبر حتى توارى» [صححه الألباني].

                                العلاقة بين التوبة والإسلام

                                التوبة تشمل الإسلام كله، وهي غاية المؤمن في جميع أحواله وأوقاته، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "التوبة هي دين الإسلام، والدين كله داخل في مسمي التوبة. بهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإنما يحب الله من فعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه. فإذا التوبة هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً، ويدخل في مسماها الإسلام والإيمان والإحسان وتتناول جميع المقامات، ولذها كانت غاية كل مؤمن، وبداية الأمر وخاتمته، وهي الغاية التي وجد لأجلها الخلق، والأمر بالتوحيد جزء منها، بل هو جزؤها الأعظم الذي عليه بناؤها. وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها فضلاً عن القيام بها علماً وعملاً وحالاً. ولم يجعل الله تعالى محبته للتوابين إلا وهم خواص الخلق لديه ولولا أن التوبة اسم جامع لشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان، لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده ذلك الفرح العظيم. فجميع ما يتكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيلها وآثارها ". ا هـ [ مدراج السالكين 1 / 306 – 307 ] .

                                قبول التوبة في أي وقت

                                من رحمة الله تعالى أنه يقبل توبة عبده في أي وقت من ليل أو نهار، ويفرح بها أشد الفرح مع أنه تعالى لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها» [ أخرجه مسلم 2758 ] .

                                رأفة النبي صلى الله عليه وسلم بقومه

                                من رأفة النبي صلى الله عليه وسلم بقومه ورحمته لهم: أن اختار لهم المهلة على العذاب، رغم ما لحقه منهم من صدود وأذى شديد، وما ذالك إلا رجاء أن يتوبوا، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع ربك يجعل لنا الصفا ذهباً فإن أصبح ذهباً اتبعناك . فدعا ربه فأتاه جبريل عليه السلام فقال: «إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصف ذهباً فمن كفر منهم عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة، قال: بل باب التوبة والرحمة» [صححه الألباني].

                                ظن خاطئ !!

                                يظن كثير من الناس أن التوبة لا تكون إلا للمسفرين على أنفسهم في العصيان، وأن المحافظ على الفرائض المجتنب للنواهي لا يحتاج إلى التوبة. وهذا غرور وظن سيء، إذ التوبة مطلوبة من العبد ولو كان أعبد الناس وأزهدهم واتقاهم وأروعهم وأعلمهم. وكلما كان العبد أعلم بربه كان أكثر توبة وإنابة واستغفاراً. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلم الخلق بربه، وأتقاهم له، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو مع ذلك أكثر الناس توبة يقول عليه الصلاة والسلام: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» [أخرجه البخاري / 6307 ].

                                وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم يقول: «رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم» [ أخرجه أبو داود / 1516 والترمذي . 3430 وصححه ].

                                لماذا يؤخر الناس التوبة؟ !!

                                أكثر شيء يرد الناس عن التوبة أو يجعلهم يسوفون فيها: طول الأمل في الدنيا، وما يتقلبون فيه من نعيم. وإلا فإن المصائب إذا نزلت بالعبد أسرع للتوبة، وإذا نزل بلاء عام على العباد رأيت كثرة التائبين، فحذار -أيها القراء- أن ينسينا طول الأمل المبادرة إلى التوبة .

                                استقبال رمضان بالتوبة

                                من نعمة الله تعالى على عباده أن كرر لهم مواسم الخيرات، ونوع فيها الطاعات. مواسم تعود عليهم كل عام، حينما يستغرق العبد في اللهو بالولد والمال، وينسى ربه، ويخل بشعائر دينه ويجتره الشيطان إليه، فيمارس أنواعاً من المعاصي في غفلته وسكره، يأتي رمضان فينبهه من غفلته، ويقوده إلى ربه ويدعوه إلى تجديد توبته. فرمضان جدير بأن تجدد التوبة فيه، إذ فيه تكثر الحسنات وتمحى السيئات، وتقلل العثرات وترفع الدرجات، لمن كان أهلاً لذلك، يعرف رمضان حق المعرفة، ويؤدي فيه حق الله بإخلاص واجتهاد.

                                وإذا كان العبد مطلوباً منه أن يتوب في كل وقت وحين، فالتوبة في رمضان تتأكد، لأنه شهر عظيم، تتنزل فيه رحمات رب العالمين، لكنه يحتاج من العباد إلى إقبال على الله تعالى، فأين هم الذين أسرفوا على أنفسهم؟، وقضوا الأيام والليالي في العصيان؟، وقابلوا نعم المولى بالكفران؟، وحاربوا الله في أرضه؟، ونابذوه في ملكه؟، أين هم فليتوبوا وهل منا من يسلم من الخطأ؟، ويبرأ من المعصية؟ !!

                                كلا بل نحن الخطاؤون العاصون، لكن نرجوا أن نكون من التوابين، فـ«خير الخطائين التوابون» كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم [رواه أحمد 3 / 198 وابن ماجه / 4251].

                                إن باب التوبة مفتوح فأين التوابون؟

                                ودين الإسلام ليس فيه واسطة بين العبد وربه، كما هو الحال في دنيات أخرى، يقرر فيها الحبر أو الراهب أن توبة العبد لا تقبل حتى يدفع إليه مالاً !!

                                يحكم بقبول التوبة عندهم عبيد مثلهم لا يملكون ضراً ولا نفعاً، يأكلون أموال الناس بالباطل، ويقودونهم إلى دار السعير.

                                أما التوبة في الإسلام فهي بالمجان، لا يمن عليك راهب أو حبر أن هداك، فالفضل للهادي سبحانه وتعالى. في الإسلام كل عبد يجد ما عمل، ولا يحمل أحد إلا وزره ولا يتحمل العباد خطيئة أبيهم آدم ولا غيره كما هو الحال في ديانات أخرى، لفت انتباه بعض أفرادها قول الله تعالى:
                                {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [ فاطر: 18] فقادت هذه الآية بعضهم في الإسلام؛ لأنه كان ثابتاً في دينهم أنهم مهما عملوا صالحاً فعليهم وزر الخطيئة الأولى، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألغى تلك الخرافات وجاء بالدين الصحيح من عند الله تعالى.

                                لا يأس في الإسلام

                                ليس في الإسلام يأس من رحمة الله تعالى مهما عمل العبد من المعاصي والفجور، بل مهما اقترف من الشرك والكفر؛ فإنه إذا تاب وآمن نال رحمة الله تعالى، فالتوبة تهدم ما قبلها، والإسلام يجب ما قبله.

                                واليأس والقنوط سلاح لإبليس يمضيه في المعاصي حتي يستمر عصيانه، لكن الله تعالى رحيم رؤوف بعباده يناديهم دائماً مهما أسرفوا على أنفسهم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53 ]، واليأس من صفات الكافرين {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].

                                فرح الله تعالى بتوبة عباده

                                من عظيم رحمه الله تعالى بعباده، وتفضيله عليهم أنه يفرح فرحاً شديداً بتوبة أحدهم مع أنهم إن أطاعوه لم ينفعوه شيئاً، وإن عصوه لم يضروه شيئاً. عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف تقولون بفرح رجل انفلتت منه راحلته تجر زمامها بأرض قفر ليس بها طعام ولا شراب وعليها له طعام وشراب، فطلبها حتى شق عليه، ثم مرت بجذل شجرة فتعلق زمامها، فوجدها معلقة به ؟».
                                قلنا: "شديداً يا رسول الله"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما والله، لله أشد فرحاً بتوبة عبده من الرجل براحلته» [أخرجه مسلم / 2746 ] .

                                سبحان الله !! يفرح الله بتوبة عباده وهو غني عنهم وهم فقراء إليه وهو قادر فوقهم وهم عاجزون تحته، يناديهم بالتوبة ويعلق فلاحهم عليها، فهل يأبي ذلك إلا الخاسرون {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

                                ومهما كرر العبد الذنوب، فإن عليه أن يتوب، ويصدق في توبته مع الله تعالى حتى لا يكون كذاباً. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: «أذنب عبد ذنباً قال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً، علم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك» [رواه البخاري / 7507 ومسلم / 2785 ] .

                                قال المنذري: "معناه والله أعلم: أنه ما دام كلما أذنب ذنباً استغفر وتاب منه ولم يعد إليه بدليل قوله ثم أصاب ذنباً آخر فليفعل إذا كان هذا دأبه ما شاء؛ لأنه كلما أذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره؛ لأنه يذنب الذنب فيستغفر منه بلسانه من غير إقلاع ثم يعاوده فإذا هو توبة الكذابين". ا هـ. [الترغيب 4 / 91 ] .

                                كيف نتوب؟ !

                                لا تصح توبة العبد حتى يقلع عن الذنب، ويعزم عزماً صادقاً على أنه لا يعود إليه أبداً. أما إن كان يستغفر بلسانه، وقلبه يتحرك لفعل المعصية، ونفسه تراوده إليها، فتلك توبة من فسد قلبه، ولا تنفعه توبته بلسانه.

                                وعلامة العزم على عدم مقارفة الذنوب: الندم على ما سلف منها يبكي على ذنوبه، ويندم على ما اقترفت يداه. يندم على مسارعته في المعصية، وتقصيره في الطاعة. قال عمر بن ذر: "كل حزن يبلى إلا حزن التائب على ذنوبه". (نزهة العقلاء / 548). وما ذاك إلا لأنه يتخيل قبح ذنوبه، ويتأمل عظمة الله تعالى في خلقه، فيطير قلبه من هول ذلك، ويتساءل: كيف ارتكب القبائح في حق من اتصف بهذه العظمة والجبروت، فيقطعه الندم على ما سلف، ويقوده ذلك إلى المسارعة في الخيرات، واكتساب الحسنات.

                                وهذا أنس بن النضر رضي الله عنه يفوته القتال في بدر مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج للقتال، ولكن القتال حدث بعد ذلك إرادة من الله تعالى، كما قال تعالى: {وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} [الأنفال: 42].

                                وبعض الصحابة كانوا في المدينة لا يعلمون أن ثمة قتال، ومنهم أنس بن النضر، فيظهر عليه التأثير والندم على عدم حضوره بدراً، فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني قتالهم ليرين ما أفعل". [رواه البخاري / 4048 ومسلم / 1903 ].

                                و هكذا قال وسجل ندمه على ما فات؛ فكانت نتيجة هذا الندم: عزم على قتال المشركين بشدة، وتأتي أحد، فتصدق ندمه حيث كانت النتيجة أن وجد في جسمه بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية، وما عرفته أخته إلا ببنانه وذلك بسبب إقدامه وتفانيه في حرب المشركين، وفيه وفي أمثاله نزل قول الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].

                                نعم صدقوا والله في توبتهم وفي ندمهم، لم يتكلموا كثيرا، لكنهم صدقوا مقالهم بأفعالهم. ونحن قد نتكلم ونعزم على التوبة، ويظهر منا ندم ما على الذنوب، لكننا قد نضعف أمام إغراءات الشيطان في هذا الشهر المعظم وربما أعجبنا السهر إلى السحر في مجالس اللهو والغفلة والحرام، ونقول: أننا نتوب، فهل هذه توبة.

                                قال شقيق البلخي: "علامة التوبة: البكاء على ما سلف، والخوف من الوقوع في الذنب، وهجران إخوان السوء، وملازمة الأخيار" (نزهة الفضلاء / 711) .

                                فهل توجد هذه العلامات في توبتنا؟، أم مازلنا لا نخاف من الذنب، ولا نهجر إخوان السوء، بل نهجر الأخيار، ثم نقول بعد ذلك: إننا نتوب!!؛ أي كذب هذا؟، أنكذب على الله تعالى وهو يرانا؟، سبحان الله ما أعظم ذنبنا! وما أقل شكرنا، فنسألك اللّهم أن تعفو عنا، وأن تردنا إليك رداً جميلاً، وأن تصلح ما فسد من قلوبنا إنك سميع مجيب،

                                وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.




                                يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
                                احبكم في الله
                                لا إله إلا الله والحمد الله والله اكبر
                                الحمد الله على جميع نعم الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


                                تعليق

                                يعمل...
                                X