إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يوميــاتي مــع الســرطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوميــاتي مــع الســرطان



    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته





    أخواتي صدق من قال "الصحة تاج علي رؤوس الأصحاء"



    والله لا نشعر بقيمة النعمة إلا إذا سلبت منا



    و لا يشعر بالمرضى إلا من ذاق مرارة المرض



    ولا يشعر بقيمة الصحة إلا من حرم منها



    والله أخواتي إن الصحة نعمة قد لا تعدلها نعمة أخري بعد نعمة الإسلام



    الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به وفضلني علي كثيرا من عباده تفضيلا



    هل تردد هذا الدعاء دوما عند رؤيتك شخص مبتلي ؟؟؟



    انه هدي النبي صلي الله عليه وسلم



    ولكن ماذا يكون شعورك إن كان المبتلي ..........زوجك .........أو احد أطفالك ..............وربما أمك .............أو أبوك ...............أو احد إخوتك .



    ماذا يكون الحال عندها



    في بعض الأحيان يكون المصاب في غيرك ولكن.............................تكوني أنت المصابة!!!!!!!!!!!!!



    اللهم اغفر ورحم وأنت خير الراحمين



    اللهم إني أسالك الصبر والسلوان



    اللهم اجعلنا من الصابرين ولا تجعلنا من القانتين



    اللهم هون يا رب



    اللهم اميييييييييييييييييييييييييييييييين



    أخواتي انها تجربة مع المرض تتكرر كثيرا وقد تكون في كل عائلة وبيت نسأل الله العافية لجميع المسلمين



    لقد خطت صاحبة التجربة مواجهتها المريرة مع المرض



    قد تتساءلون من هي ؟؟؟؟؟؟



    إنها



    أختي شقيقتي وصديقتي وأمي

    إنها من شاركتني غرفتي وحياتي و أحلامي


    ولا أجد أصدق من كلماتها التي خطتها أناملها بمدونتها الخاصة علي الانترنت لعلها تكون



    أنيس لمن هو في حالها و



    موعظة للأصحاء ليشكروا الله علي نعمه الصحة و



    نذير و تذكرة للغافلين

    قبل أن أنقل لكم كلامها أحب أن تروا مسكن أختي وشقيقتي الجديد



    أخواتي لا تنسوها من صالح دعائكم بظاهر الغيب




    وألان أدعكم مع كلماتها.


























    التعديل الأخير تم بواسطة حوراء الجنان; الساعة 22-05-2014, 08:07 PM. سبب آخر: وضع الحلقات بالترتيب



  • #2
    رد: يومياتي مع السرطان

    (1)
    تخيل

    هل تخيلت نفسك يوما مصابا بمرض خطير؟! هل جربت أن تستيقظ يوما فتجد نفسك مصابا بالسرطان؟! لا تظن أن ذلك احتمالا بعيد المنال، فمنذ عام بالتحديد وفي مثل هذه الأيام اكتشفت أنني مصابة بالسرطان.

    لازلت أذكر تلك اللحظة كأنها الآن، لم استطع منع عبراتي من الإنطلاق خارج عيني، لم أكن أعرف لماذا أبكي، هل أنعي نفسي؟ أم شبابي المأسوف عليه؟ أم أبكي على أطفالي الذين لايتعدى أكبرهم الثانية عشرة؟! كيف لا وقد اقترن السرطان عندنا برحلة عذاب طويلة عادة ما تنتهي بالموت.
    سيطرت علي في الأيام التي تلت هذا الخبر الصعب حالة من اليأس، ولكن بحكم طبيعتي العملية بدأت ارتب الأمور من حولي لتسير وكأنني غير موجودة، فكانت الخطوة الأولى إحضار أمي لتتحمل مسئولية الأطفال، وليعتادوا على وجودها، وبدأت بالفعل أنسحب من حياتهم، وأترك الزمام لأمي كمن يسلم الراية استعدادا للرحيل.


    رغم صعوبة الموقف أورثني هذا الأمر احساسا كبيرا بالراحة، قد لا أكذب ولا أبالغ ان قلت أنني بدأت أشعر أن في الموت بهذه الطريقة نعمة، فلدي فرصة لأرتب الأمور وأتابع ما سيكون علية الحال بعد رحيلي، لقد بدأت اشعر وقتها بصعوبة موت الفجأة، إنه بالفعل قاس على الجميع، فالميت لا يجد فرصة ليتوب ويسترجع ويصلح ما بينه وبين ربه، والأهل يجدون عزيزا عليهم مات دون أن يتخيلوا للحظة أنه سيرحل.
    وهكذا أعددت الأمور وبدأت رحلتي الطويلة مع العلاج الذي استمر عام كامل ....

    التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 13-06-2011, 03:49 PM. سبب آخر: خطاء املائي


    تعليق


    • #3
      رد: يومياتي مع السرطان

      (2)
      عاهدت نفسي

      قد تتعاقب على الإنسان مواقف وأحداث يشعر وقتها أن الأمور تنتقل من سيء إلى أسوأ ولكن بعد أن تمر هذه الأحداث يكتشف أن هذا التتابع كان من رحمة الله به، وهذا ما لمسته خلال الفترة الأولى من اكتشافي للمرض.

      أيام قليلة مرت بين معرفتي بمرضي ومعرفتي بقرار انهاء خدماتي، لتبدأ بعدها رحلة طويلة بين مكتب العمل والمحكمة من أجل تحويل الإقامة والحصول على مستحقاتي المالية، ورغم ماكنت أشعر به وقتها من أن الدنيا كلها قد تجمعت على كاهلي إلا أنني اليوم أدركت قيمة ذلك، لقد ادخلتني تلك الأحداث في دوامة الحياة، ولم تجعل أيامي خالية إلا من مرضي ومن التحسر على مافاتني، ولم تسلمني للشعور بأن دنياي تدير لي ظهرها.
      وهكذا بدأت رحلتي مع العلاج الكيماوي ورأسي مليء بالأحداث والمهام والأمور التي يجب علي أن أقوم بها، لقد أجبرتن هذه الأحداث على أن أقاوم ألامي، والضعف الذي يسري في نفسي وجسدي، إن هذه مسئوليتي وعلي مواجهتها.
      أحيانا كنت أشفق على نفسي من كل تلك الأحداث ومن أنني لاأجد الوقت الكافي لأستسلم لمرضي وأعطي لنفسي حقها في أن تتألم وتستكين لضعف المرض الحتمي، ولكنني سرعان ما كنت أواسيها وأداوي ضعفها قائلة: إن كان هذا آخر عهدنا يانفسي بالدنيا فلنتركها ترك الأقوياء، ولنودعها وداع القادرين لاوداع المهزومين المقهورين، وإلا فكيف ستقفين أمام ربك وقد يأست من رحمته، وشككت في قدرته وفي أن الشفاء والمرض بيده، فلنعش حتى الحظة الأخيرة لنا وكأننا سنعيش أبدا ولتحمدي ربك على أنه قد ذكرك أنك قد تموتين الساعة فلتستعدي ولا تتركي لساعة الرحيل أن تأتيك بغته.

      ومرت أيام العلاج وأنا على ذلك وقد عاهدت ربي وتصالحت مع نفسي أن نعيش دنيانا راضين بما قدره الله لنا فيها حتى آخر لحظه، وأحييت ليلي بالدعاء والتضرع إلى ربي موقنة بإجابته دعائي وبقرب فرجه وقد كان....

      التعديل الأخير تم بواسطة غفرانك ربي; الساعة 01-06-2011, 04:13 AM.


      تعليق


      • #4
        رد: يومياتي مع السرطان

        (3)
        وما أدراك ما الكيماوي

        ارتبطت كلمة الكيماوي لدى الناس يالحرب، فهي تذكرهم بالسلاح الكيماوي والكمامات، وعلي الكيماوي، ولكنها الكلمة بالنسبة لي ولغيري من مرضى السرطان تعني الكثير، إنها أنهار من المواد تجلسين مستسلمة لساعات تاركة إياها تتدفق داخل أوردتك، تسير معها لمختلف أنحاء جسدك مدمر تلك الخلايا العنيدة المتمردة المتسرطنه.

        وعليك أن تتعايشي مع هذه الحرب وتتقبلين الضحايا التي تسقط خلالها من خلايا سليمة مسكينه ومن كريات دم حمراء تموت مسببة لك الأنيميا ومن خلايا بيضاء يتراجع عددها مسببة لك نقص المناعة، ومن الآثار الأخرى من سقوط الشعر وشحوب الوجه ، وأنت تدعو الله أن يتنيهي هذه الحرب على خير وتخرج منها منتصرا.
        لقد كانت أصعب فحوصات أجريتها تلك التي تلت بداية العلاج الكيماوي وتحيدا بعد الجرعة الثالثة لأعرف هل إستجاب جسدي للعلاج أم أن علي أن أتقبل البقاء أسيرة هذا المرض حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
        لقد كانت اللحظات التي قضيتها وعيناي معلقتان بشفتي طبيبي المعالج وهو يقرأ التقارير من أطول لحظات حياتي، تزاحمت في رأسي أفكار عديده، وتصارعت في داخلي مشاعر شتى وبدأت أواسي نفسي وأهيئها للأسوأ حتى لاتكون الصدمة شديدة، لقد تعاهدنا يانفسي أن نقاوم حتى النهاية، ولانفقد ثقتنا في الله، ونرضى بالقضاء خيره وشره وأن نستعد لمواجهة الأسوأ، ربي أعني على تحمل الآلام، ولا تجعلني من القانطين، ولاتحملني ما لا طاقة لي به.
        لقد كان أكثر ما يخيفني أن يكون القادم أكثر مما أتحمله، قأقنت من رحمة ربي أن تفلت نفسي من زمامها، وأجدني أسقط في الهاوية فأفقد دنياي وآخرتي، ربي لاتجعلني كذلك ، وبي ألهمني الصبر والرضا، ربي إجعلني على بلائك من الصابيرن ولنعمتك من الشاكرين.

        ونطق الطبيب وتهللت أساريره، وانتعش بداخلي الأمل من جديد في أن الشفاء في الطريق، وأن رحلة الصبر قد تكللت إن شاء الله بالنجاح، وبدأت من وقتها احتمالات الحل الجراحي تطل برأسها، ولكن يبقى علي أن أكمل حربي الكيميائية حتى النهاية وأتعايش مع مصاعبها وأداوي جرحاها وأعين جسدي العليل على المواصلة والمحافظة على تماسكه حتى النهاية....

        التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 13-06-2011, 03:53 PM. سبب آخر: خطاء املائي


        تعليق


        • #5
          رد: يومياتي مع السرطان

          (4)
          أي المراحل أصعب؟

          كثيرا ما شردت بذهني وأخذت أفكر الآن في مراحل المرض والعلاج الذي مررت به وأتساءل ، ترى أي تلك المراحل كانت الأصعب؟

          لو كنت فكرت في إجابة هذا السؤال من قبل لما استطعت أن أجيب عنه، فلم أكن قد جربت جميع المراحل وعشتها، ولكني الآن وقد انتهيت اصبحت قادرة على الرؤية الكاملة بوضوح وقد يتعجب من يقرأ كلماتي إذا قلت له إنها مرحلة ما قبل العلاج أو فلنسميها مرحلة التشخيص إنها مرحلة الحيرة والتخبط والأمل المكذوب والإحباطات التي لا تنتهي

          اليوم يقول لك الطبيب الحالة غير واضحة وغدا يكرر لانزال بحاجة لمزيد من الفحوصات، وفي اليوم الثالث يكرر قد يكون المرض قد انتشر في أماكن أخرى لابد لنا أن نعرف هل هو ثانوي أم أولي، وثالثا... ورابعا.. وخامسا دون أن ينتبه هذا الطبيب وهو يناقش ويفكر ويقرر أن الإنسان الذي يجلس أمامه ليس مجرد حالة كما يتعامل معها بل انسان ينبض قلبه ويعمل عقله ويداعبه الأمل ويخرج له الإحباط لسانه وتمزقه الحيرة بمخالبها التي لا ترحم.
          لم أكره في حياتي معرفتي للغة الإنجليزية كما كرهتها هذه الأيام، فحين يحاول الطبيب أن يتحدث مع زميل له ظنا منه أنني لاأفهم ما سيقوله يفاجأ بتدخلي في الحوار ورغبتي في معرفة المزيد، هذا المزيد الذي يعتقد الطبيب أنه لايجب أن أعرف عنه شيئا الآن.
          تذكرت وقتها دعاء الإمام الشافعي رحمه الله حين قال" اللهم ارزقني ايمان العوام"
          لقد كنت أحتاج في تلك الأوقات لعلم ومعرفة العوام الذي يسلم القيادة لصاحبها ولا يشغل عقله في التفكير والمعرفة، لقد كانت تلك المعلومات التي أحصل عليها من هنا وهناك والجمل التي تصلني من حوارت الأطباء وفنيي الفحوصات سببا في المزيد من الحيرة فلا أحد حتى الآن يستطيع أن يعرف

          حقا لم أعش في حياتي اصعب من هذا التخبط، فحين تعرف أبعاد المشكلة وتبدأ في التعامل معها تهون الأمور وتشعر أنك تسير على الدرب مهما كان صعبا ولكنك تتقدم أو حتى تقف ولكن في الإتجاه الصحيح أما هذه الحير وهذا التخبط وتلك التأرجحات مابين اليأس والأمل والإحباط كانت في نظري وان كانت لحظات الصعوبة كانت ترافقني في كل المراحل ولكن تظل تلك الأيام هي الأصعب على الإطلاق الأصعب دائما .....

          التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 13-06-2011, 03:55 PM.


          تعليق


          • #6
            رد: يومياتي مع السرطان

            (5)
            رنات الرحمات

            ما أجمل أن يعيد الإنسان اكتشاف الناس من حوله من جديد، ويعيد مد الجسور التي قطعها الزمن بالتقادم تارة وبالدوران في دوامة الحياة اليومية تارة أخرى.

            لقد كان المرض وقفة رغم قسوتها إلا أنها أعادتني إلى نفسي التي هجرتها منذ سنين، وأعادت إلى اذني لحن أصوات كدت أنساها، أصوات جمعتني بهم ضحكات الطفولة وذكريات الشباب، وساعات السمر في ليالي الشتاء وأمسيات الصيف، جمعات العائلة ولمة شمل بنات العم والخال والعمات والخالات،درسنا معا،كبرنا معا، ثم تفرق كل منا في طريقه،وهاهو خبر مرضي يجمعهم حولي من جديد، انهالت اتصالاتهم علي من كل جانب، تساندني وتشد من أزري.
            يا قلبي العليل لست وحيدا، هاهي قلوب أخرى تدعوا لك بظهر الغيب، حتى من كانوا أصغر منا سنا، ولا أجد لهم في الذاكرة إلا صور لأطفال صغار نحنو عليهم ونلاطفهم ونحملهم بين ذراعينا قد أصبحوا اليوم شبابا وفتيات، وهاهم يتصلون بي كانت أسماؤهم قد انزوت في ركن الذاكرة وعلاها غبار الزمن وهاهي عادت براقة من جديد، ياه..ما أجمل أن يشعر الإنسان بكل هذا الحب والمساندة.

            خالي العزيز الذي لم أره منذ 13 عاما يتصل بي نستعيد معا ذكريات مضت ما أجملها، كم كنت افتقد تلك المشاعر الحميمة والقلوب العزيزة على قلبي وهاهي محنة المرض تعيدهم لي من جديد، شعرت برغبة قوية في تجاوز محنة المرض والقفز فوق أيام المرض لأرى تلك الوجوه من جديد....
            التعديل الأخير تم بواسطة غفرانك ربي; الساعة 01-06-2011, 04:18 AM.


            تعليق


            • #7
              رد: يومياتي مع السرطان

              (6)
              مريم وأنا

              حين حطت أقدام مريم على أرض الكويت منذ سنوات لم تكن سوى خادمة بين العديد من الخدم الذين يحضرون ويغادرون أرض الكويت في كل يوم، ولم تكن مخدومتها تعلم ان تلك الخادمة التي دخلت منزلها والتي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ستكون لها معها تجربة لا تنسى، فمريم الفلبينية رغم أن حياتها لم تختلف كثيرا عن مثيلاتها، إلا ان موتهاكان عبرة ودرس، لقد منحتنا بموتها القدوة في التمسك بالحياة،فمنذ أن علمت مريم بحقية آلامها التي بدأت تزيد فجأة لتكشف عن وجهها الخبيث الذي وصل مرحلة متأخرة، وحتى لفظت أنفاسها الأخيرة لم ترض باليأس ولم تترك الأمل حتى أنها غيرت حياتها من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وقررت أن تعتنق الإسلام قبل وفاتها ب11 يوما، وكانت تصطحب معها الكتيبات والأشرطة إلى غرفة العناية المركزة، لم تمنعها آلامها واقترابها من الموت ورئتيها العليلتين وأنفاسها التي بالكاد تخرج من صدرها مختلطة بسعالها الدموي أن تودع الحياة قبل أن يحين موعدها وتخسر الأيام الثمينة المتبقية منحياتها، فأثابها الله بذلك هداية لم يمنحها لكثيرين ممن ولدوا على الإسلام وشجاعة في اخاذ القرار، جعلت الشهادة آخر ما تنطق به وتدفن على الإسلام.

              حين سمعت قصة اسلام المريضة الفلبينية مريم بعد وفاتها بأيام، وزرفت الدمع وأنا اعيش آلمها من خلال كلمات صفاء الداعية في صندوق إعانة المرضى والتي عاشت معها الأيام الأخيرة لمرضها وحضرت لحظة نطقها بالشهادتين ولقنتها الشهادة قبل وفاتها ان مريم ستكون لها دور في حياتي

              لقد كانت قصة مريم آخر موضوع نشرته بإسمي في الصفحة الدينية بجريدتي، ولكن روحها العالية وقدرتها على التمسك بالحياة حتى اللحظات الأخيرة جعلت منها رفيقتي الدائمة في رحلة مرضي
              لقد ظلت صورة مريم التي نشرتها مع موضوعي وهي تنطق بالشهادتين قبل وفاتها بأيام ماثلة أمام عيني، تشعرني بالخجل كلما ضعفت أو تسلل اليأس إلى قلبي لقد كانت مريم التطبيق الحي لمسلم ينفذ وصية رسول الله صلىالله عليه وسلم بعدم التنازل عن غرس الفسيلة حتى لو قامت الساعة، كنت أتخيلها كيف كانت تأخذ معها الكتيبات و الأشرطة إلى غرفة العناية المركزة لتستمع إليها، لم يمنعها مرضها الذي كان مثل مرضي ولكن في مراحله الأخير، ولم تستسلم لآلمها، بل ظلت تعيش وتفكر وتتخذ القرارات المصيرة بل وتغير حياتها تماما حتى الأيام الأخيرة، فلم تعيش على الإسلام إلا 11 يوماولكنها توفيت على الإسلام وهذا هو الأهم
              لقد سخر الله لي مريم في مماتها لتكون قدوة وداله لي على الخير، وتعلمني أنا من ولدت على الإسلام كيف يكون الأيمان الحق، لقد أحببتها في الله دون أن أراها، كما أحببها كثيرون مثلي ...

              رحمك الله يامريم
              التعديل الأخير تم بواسطة غفرانك ربي; الساعة 01-06-2011, 04:20 AM.


              تعليق


              • #8
                رد: يومياتي مع السرطان

                (10)
                وحان وقت العمل


                "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ"

                يا من قال أنا صابر حي على الصبر والجلد، يا من قال أنا مؤمنا، هيا لأثبات صدق ما تقول، فقد ولى وقت الكلام وحان وقت العمل.
                لقد كان أكثر ما يخيفني وأنا استرسل في خواطري أن أعود للمواجهة مع مرضي الذي ولى من جديد، وقد كان ما كنت أخشاه، وحانت لحظة الصدق الكبير، وما أصعبها من لحظة، فلا أزال بشرا خلقت بالضعف والخوف، واليأس، وكلها أعداء أخشاها في رحلتي لأثبت لنفسي أنني كنت صادقة فيما أقول، أما ربي فهو بي أعلم وعن إثباتاتي أغنى وأعلى.
                أبتهل إليك ربي ألا تجعل صبري يخذلني، وإيماني يتنصل مني ويخرج إلي لسانه قائلا "إظهري على حقيقتك أيتها الكاذبه"
                ايتها النفس الضعيفة سأبذل كل ما أستطيع لأتغلب عليك، أيتها الدموع التي تنهمر سأجعل منك أنهارا تغسل الذنوب لاأمطارا تنبت القنوط، فأعني ربي على ما ابتليتني وارضني بما قسمت لي، واجعل صبري في ميزاني، واجعلني نبراسا للحق داعية له، واجعل لي من صبر مريم وايمانها نصيبا .

                يا أصحاب رنات الرحمة اسألكم الإستنفار في الدعاء بظهر الغيب، وان لم يجمعنا الله على الخير في الدنيا فموعدنا ان شاء الله في الآخرة في مقعد صدق عند مليك مقتدر...آآآمييين
                التعديل الأخير تم بواسطة حاملة الرايه; الساعة 22-07-2011, 10:43 PM.


                تعليق


                • #9
                  رد: يومياتي مع السرطان

                  (7)
                  أمي..الحب الأزلي


                  كم ترددت قبل أن أكتب عنها، أمي ذلك اللسان الذي لم يكل من الدعاء لي بظهر الغيب، ولا من العطاء بلا حدود، ولا من اللهفة والترقب، كم كنت اتمنى لو لم أكن قد صارحتها بمرضي، ولم أكن قد سهلت لها ان تترك حياتها لتمضي الشهور بجواري وأنا مريضة ترعى ابنائي بدلا مني، وتشد من أزري، فقد كنت أشعر بالذنب أنني وأنا من يجب ان أرعاها وأرد لها الجميل وأبرها اكون أننا سبب ألمها وهمها، ولكن هل عن دعاء الأم بديل؟!!

                  كانت أشد اللحظات على نفسي تلك التي أرى فيها خوفك علي، وأرى الألم الذي تحاولين إخفاؤه عني في عينيك، لقد حاولت يا أمي أن أتماسك حتى لا أسبب لك المزيد من الألم، وأحمد ربي أن أعانني على ذلك.

                  لقد كان ولا زال دعائك أمي أكثر ما سعيت إليه وتمنيته، ورحمة أهداها الله لي في محنتي، كما كان وجودك بجواري بلسما يهدئ نفسي، ويشعرني بالطمأنينة على فلذاتي كبدي، فأرجو أن تغفري لي ما سببته وأسببه لك من ألم، وأسأل الله أن يرزقني لعافية لأكون لك عونا وأرعاك وأبرك قدر طاقتي يا حبي الأزلي....
                  التعديل الأخير تم بواسطة حاملة الرايه; الساعة 22-07-2011, 10:41 PM.


                  تعليق


                  • #10
                    رد: يومياتي مع السرطان

                    (8)
                    الكيماوي وداعا

                    مع اقتراب جرعات الكيماوي من نهايتها كان جسدي المسكين يزداد ضعفا وشحوبا، وان كانت آلامي بدات تتراجع مع اضمحلال الورم شيئا فشيئا، وأوردتي المسكينة بدأت تصرخ ألما ، وكان ألمها يزداد في كل مرة، ولكن النجاح الذي يحققه العلاج جعل الألم يهون، واقتراب النهاية دفعني لأشد نفسي وأزيد من مؤازرتها وتشجيعها، هيا يانفس لم يعد أمامنا الكثير، لقد مر معظم الطريق ولم يعد أمامنا سوى القليل، ان كنت تتألمين فمن من البشر لا يتألم ولكن كل كما قدر له ربه، فهل نحن إلا في اختبار كبير، استمري فقد أبليت حسنا حتى الآن وعليك إكمال المسير،استعيني بالله، تذكري الثواب الكبير الذي ينتظرنا، لا تسمحي للضعف ان يصل إليك، سدي على القنوط كل سبيل، لقد قررنا أن نحيا أقوياء، وأن نسعى ان لم نحقق النجاح في الدنيا أن يكون لنا بإذن الله مكانا في الجنة بين الصابرين المحتسبين، ياله من هدف يستحق العناء فلأجل ذلك فليعمل العاملون وليتنافس المتنافسون، ان أردت التأوه فليكن ذلك بين يدي ربك، اسكبي العبرات عند بابه، انظري هاهو شعاعه الأمل يزداد لمعانا وبريقا يوما بعد يوم حتى كاد يحول حياتنا لنهار مشرق.


                    مع مرور جرعات الكيماوي، كانت الوجوه التي أقابلها قد أصبحت مألوفة لي تجمعنا غرفة العلاج، تتقابل الأسرة، كلمة من هنا، دعاء من هناكمشاركة في الهم نفسه، دفعات من الأمل تتبادلها المريضات، نلتقي على الأمل، ونتفارق على دعوات متبادلة بالصحة والعافية، انهاء إحدانا لجرعاتها فيض أمل تبثه في قلوب الأخريات، ودخول مريضة جديدة يدفعنا لمؤازرتها بأن الطريق سيهون بالصبر والدعاء.



                    ورغم ذلك كم كنت أشعر بالسعادة حين يقرر الطبيب لأي سبب تأجيل موعد جرعتي، فعدم أخذ الجرعة في موعدها يعني بضع أيام بلا آلام معدة أو دوار أو شحوب، ويالها من أيام ثمينة يمكنني أن أمارس فيها حياتي بشكل طبيعي، وأغتنمها في عمل شيء مفيد، قبل أن أدخل في جولة جديدة من الضعف في رحلتي مع الكيماوي.



                    لم استطع ان امنع نفسي من التحسر على الأيام التي أضعتها من حياتي وقت القوة في لاشيء، وعلى الأعمال التي أجلتها وأنا بكامل صحتي. آه..ما أكثر تلك الأوقات التي تضيع من حياتنا، ليتني أستطيع أن أصيح لأنبه الناس بألا يضيعوا ساعة قد لا تأتي من جديد، ولا يأجلو عمل يريدون القيام به فلا يعلم أمر الغد إلا الله وحده....
                    التعديل الأخير تم بواسطة حاملة الرايه; الساعة 22-07-2011, 10:42 PM.


                    تعليق


                    • #11
                      رد: يومياتي مع السرطان

                      (9)
                      10ساعات بعيدا عن العالم


                      10 ساعات فصلتني عن الحياة ثم عدت من جديد.

                      10 ساعات كنت خلالها أقرب إلى حياة سكان القبور منها إلى حياة سكان الأرض.
                      10 ساعات مرت علي كأنها دقائق معدودة وعلى من ينتظرني كأنها سنوات طويلة.
                      أغمضت عيني السابعة صباحا وأنا أردد الشهادة وأسبح ربي عسى أن يكون ذلك آخر عهدي بهذه الدنيا، وفتحتها في الخامسة مساءا وأنا أعاني من آلام عديدة لا أعرف لها مصدرا ولا مكانا محددا، أغمضتهما وأنا برئتين كاملتين لأفتحهما بثلث رئة مفقود، وصدر مشقوق وجرح طوله 40سم.
                      10 ساعات لم أشعر خلالها بشئ لكنها غيرت حياتي تماما فمعها قد عدت من جديد.
                      عدت من جديد..كلمات ثلاث تصف بدقة ما حدث خلال تلك الساعات العشرة التي مرت علي كأنها إغفاءة قليلة، ولكن الفارق مابين الغفوة والإستيقاظ كان كما الفارق بين الحياة والموت.
                      لقد عشت ليلتي قبل العملية وكأنها ليلتي الأخيرة، ليس خوفا، ولا قنوطا، ولا يأسا من رحمة الله بقدر ما كان تسليما وتطبيقا لوصية الرسول الكريم بأن نعمل للآخرة كأننا نموت غدا، وهل هناك موت أكثر من الإستسلام لمشرط الجراح في جراحة كبرى؟! لقد صليت ثم كتبت وصيتي وتركتها في درج غرفتي مستودعة إياها ربي، فلم أشأ ان اسلمها لأي انسان ليسمعني محاضرة عن الأمل وعن ضرورة عدم اليأس وانتظار الأفضل، فهل هناك أمل أكثر من ان تسأل ربك العافية ثم تؤدي أمانتك وتنام قرير العين حتى تحين لحظة بداية الرحلة التي لا يعلم نهايتها إلا الله ساعدني على ذلك المهدئ الذي أوصى لي به الطبيب، وان كنت في وقتها قد شعرت بطمأنينة لم أعهدها من قبل.
                      لقد كان بقائي منفردة في المستشفى ليلة الجراجة أكثر القرارات صوابا، فما أحسن للإنسان في تلك اللحظات من أن يتصالح مع نفسه ويحاورها، ويرتب عليها ويهدئ من روعها، فهو الأخبر بها والأدرى بأحوالها، مستعينا بالله على ذلك سائلا إياه العافية والطمانينة وهو القادر على بثها في كل نفس تطلبها وتصدق في طلبها، وتسعى لها بصدق، أما أن تطلبها عند انسان آخر قد يملك من الضعف أضعاف ما تملك فهذا هو الهراء بعينه.

                      هكذا سلمت أمري لربي وأغمضت عيني وأنا لا أعرف هل سأفتحهما لأرى تلك الوجوه الحبية من جديد أم أن تلك اللحظات ستكون آخر عهدي بها، وشتان بين ما أغمضت عيناي عليه، وبين ما فتحتهما أمامه، لقد كانت كشافات غرفة العمليات الباردة وقناع الأكسجين يغطي نصف وجهي وأنا أحاول جاهدة أن تكون الشهادتين آخر ما انطق به وحولي عدد لا أذكرة من الأطباء والممرضات كل يقوم بعمل محدد بسرعة ودقة هو آخر عهدي بالدنيا، وحين فتحت عيناي شعرت بفراشي يهتز وهو يتحرك عائدا لغرفتي وحولي عدد غير قليل من الأطباء والممرضات، وأنا أغص بما في حلقي من مخلفات الجراحة والطبيب يطلب منى طرد تلك المخلفات قدر طاقتي، والألم يلف جسمي لا أكاد أعرف من أين يأتي، البرودة تلف أوصالي والممرضات يتسابقن لتدفئتي بالمزيد من الأغطية، ولكني هنا من جديد، ولكني أكثر ضعفا وألما مثل وليد صغير يرقب من حوله أن يصرخ صرخة الحياة، لقد عدت من رحلتي التي مرت في دقائق معدودات كانت ساعات طويلة على من ينتظرني، وعلي أن أتحمل المزيد من الآلام حتى تلتئم جراحي، وأستعيد عافيتي، وان كنت لم أستطيع أن أمنع نفسي من التفكير في إحساس الإنسان بعد الموت، هل سيختلف كثيرا عن إحساسي حين كنت في غرفة العمليات حين انفصلت عن هذا العالم، وعدت إليه من جديد، ربي لك الحمد على الحياة بعد الموت، والنجاة من الهلاك، ربي اتمم نعمتك علي فأنت وحدك القادر على ذلك....
                      التعديل الأخير تم بواسطة حاملة الرايه; الساعة 22-07-2011, 10:43 PM.


                      تعليق


                      • #12
                        رد: يومياتي مع السرطان

                        (11)
                        وجوه تنبض بالحياة

                        إذا ساقتك قدماك قدرا إلى مركز أو مستشفى لعلاج السرطان، فما هو الإحساس الذي سيسيطر عليك؟؟.. هل ستشعر بالشفقة على هؤلاء المرضى وتدعو لهم بالشفاء، وتشكر اله على نعمة العافية؟؟..لا شك أن هذا سيكون جواب الكثيرين منا، بل أن البعض سيسارع بالخروج من هذا المكان الكئيب الذي يبعث الوجود بداخله على الألم بل والخوف أحيانا، خاصة وأن معظمنا يستشعر الموت وهو يحوم حول هذا المكان، وهكذا كنت أشعر انا أيضا في المرات القليلة التي مررت بهذا المكان، فقد تزامنت كلمة سرطان في أذهاننا مع كلمة ألم شديد ومعاناة ثم موت، ولكنني حين دخلتها مريضة أحمل بين يدي تحاليلي وأشعاتي وفحوصاتي وجدت للأمر نظرة جديدة.

                        سيسيطر عليك إحساس غريب وأنت تخطو إلى هناك على قدميك لا تتمزق ألما، وتزداد دهشتك وانت تتفرس في الوجوه التي تنتظر دورها في الدخول للطبيب، انهم أصحاء مثلنا، أو هكذا يبدون، يتحدثون، يتحركون، يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، نساء تقضين الوقت في الثرثرة، ورجال في قراءة الصحف، بل أن بعضهم كان يأخذ جرعة الكيماوي أو جلسة الإشعاع ثم يتجه إلى عمله، ومنهم من كان يتابع عمله ومهامه بالهاتف أثناء تلقي العلاج، وإذا خرجوا للشارع لن يصدق من يراهم أن هذا الإنسان مريض بهذا المرض الخطير، وأنه قد خرج توا من جلسة علاج، هكذا هم يمارسون حياتهم مثلنا تماما، وهكذا تعلمت منهم، وقررت أن أكون.

                        حقا إن المرض خطير، ومضاعفاته أخطر، والشفاء منه لا يكون إلا برحمة الله فهو حقا خبيث لايعرف غدراته ومفاجآته إلا الله، ولكن الإصابة به لا تعني أن الأمر قد انتهى وأن الحياة قد توقفت، فلنا في هذه الحياة أيام سنُسأل عنها، وساعات نحن من سنختار كيف نقضيها، ولا يزال معنا جسد قادر على العطاء والعمل، فالأمل موجود مادام في جنباتنا نفس يتردد، وطالما كان لنا رب سميع مجيب قادر على كل شيء رحيم بعباده يغيث الملهوف ويكشف السوء، ومادام لنا ألسنة تلهج بالدعاء وقلوب محبة تدعو لنا بظهر الغيب....
                        التعديل الأخير تم بواسطة غفرانك ربي; الساعة 01-06-2011, 04:31 AM.


                        تعليق


                        • #13
                          رد: يومياتي مع السرطان

                          (12)
                          رفيقي وملاذي

                          ما أسهل أن يعقد الإنسان النية على فعل شيء ما، ولكن الصعب أن يجاهد لإثبات صدق نيته، والهوان أن يرفع راية الإستسلام خفاقة شاهدة على كذبه فيما اعتقد أنه قد عقد العزم عليه.

                          لقد أدركت هذا جليا حين ذهبت لأحد المراكز وبداخلي رغبة حقيقية في حفظ كتاب الله كاملا، فقد كانت طبيعة عملي غير المرتبطة بمواعيد معينه خير عون لي على ذلك، وفراغي شبه الدائم ساعات الصباح مشجعا لي على المضي قدما، وهكذا كانت بدايتي في حفظ كتاب الله كوسيلة لشغل ساعات الفراغ الثمينة فيما ينفع، وما أن بدأت حتى بدأت آلام المرض تغزوا جنباتي، واستغرقتني رحلة العلاج، ومع زيادة ألمي ومعاناتي من الآثار الجانبية للعلاج كان تمسكي بالمحافظة على حلقتي يزداد، لقد تحولت حلقتي بالنسبة لي إلى جهاد لإثبات صدق النية، وسخر اله لي أخواتي ووالدتي ليعينوني على الوفاء بما ألزمت به نفسي أمام ربي، فكنت ألزم الفراش أياما بعد جرعة الكيماوي فتتسابق أخواتي في تجميع ما فاتني وتوصيله لي، وما أن تمر الأيام العصيبة وتأتي فترات الهدنة حتى أشمر عن ساعد الجد لأعوض ما فاتني، كثيرا ما كنت أخرج من الحلقة إلى المستشفى، ولكني رفضت التخلي عن هذا الخير الذي تحول مع الوقت إلى التمسك بالأمل والحياة ذاتها، والصرلع من أجل نيل المزيد من الثواب والخير في الوقت المتبقي لي في هذه الدنيا والذي لايعلم إلا الله هل يطول أم سيقصر أكثر مما كنت أتخيل، وعقدت العزم على الإستمرار مادمت قادرة على الحركة، وإلا فكيف يكون صدق النية؟! وان لم يمهلني عمري لأكمل المشوار أكون على الأقل قد برهنت حتى النهاية أنني قد عقدت العزم صدقا وحقا عسى ربي أن يجعله في ميزاني، وكنت أشعر بالنور يضيء جنبات حياتي في كل يوم أضيف إلى رصيد حفظي وجها جديدا، وربعا آخر، اللهم ربي لك الحمد والمنه، لقد كان القرآن الأمل الجديد الذي نبت في نفسي والروح التي دبت فيها، يقل تركيزي بسبب العلاج فأجاهد مع كتاب ربي لتقويته من جديد، يزداد ضعفي فيأبى جسدي الإستسلام فموعد الإختبارات قد اقترب،ومع انتهاء آخر جرعات الكيماوي كنت أستعد للإختبار في الأجزاء السبعة الأولى، وكم كانت سعادتي حين اجتزتها بنجاح، ومع حلول العطلة بدأت أستعد لإجراء العملية الجراحية التي من الله علي أن كانت في العطلة فلم تكن سببا في انقطاعي عن حلقتي.

                          وفي الشهور الأخيرة وبعد ان مرت مرحلة العلاج الأولى، وكنت قد تخيلت أن مشكلتي قد انتهت، كثيرا ما كنت أغمض عيني فأراني وقد ختمت كتب الله وحصلت على السند، وأن أمي بجانبي في تلك اللحظة لأسعد قلبها كما آلمته، واشهدها أنني قد بررتها ووالدي قدر طاقتي، وأنني قد بذلت جهدي لألبسها تاج الوقار، وكنت أزرف الدمع وأنا أتخيل هذا الموقف، ولكن المرض أبى إلا أن يكمل معي الصراع في جولة جديدة لا يعرف نهايتها إلا الله متزامنا مع الوقت الذي أستعد فيه لآداء إختبار في النصف الأول من كتاب الله، فهل سأتمكن من اكمال المشوار وإلباس والديّ تاج الوقار؟!

                          اللهم أشهدك أنني قد عقدت العزم والنية ، ولن أترك ما عزمت عليه حتى اتمه، أو يحدث الله أمرا كان مفعولا، فأعني يا إلهي واجعل القرآن الكريم حجة لي لا حجة علي واجعله شفيعا لي وارزقني الإخلاص في حفظه وعلمني منه ما جهلت، وذكرني منه ما نسيت، وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار....
                          التعديل الأخير تم بواسطة غفرانك ربي; الساعة 01-06-2011, 04:32 AM.


                          تعليق


                          • #14
                            رد: يومياتي مع السرطان

                            ( 13)
                            تأملات خائفة


                            ما أرحم الله بنا حين أخفى عنا موعد موتنا الذي يقتر منا على الدوام، فياله من خوف يسيطر على المرء حين يشعر طوال الوقت أن الموت يطارده، وأن الأجل قد حان، يصبح التفكير في الغد شيء هزلي خيالي.

                            من منا لايعرف ان الموت هو الحقيقة التي نعيش من أجل الوصول إليها ونستعد لها منذ أن صرخنا صرخة الميلاد، لكن الفرق بين أن تعرف هذه الحقيقة وان تعيش فيها هو الفرق بين الأرض والسماء.
                            ان من يستشعر الموت في كل لحظة كمن تتعلق عيناه بعقارب الساعة التي لا تتوقف عن الدوران منتظرا صافرة النهاية، أو خبرا أو حدثا على وشك الحدوث، يصبح استمتاعه بالحياة مسالة وقتية، الضحكة مرة بمرارة السيف المسلط على رقبته، حقا كلنا نعيش بهذا السيف، ولكن شتان بين أن يكون موجودا، وأن تشعر ببرودته على نحرك، وينعكس لمعان نصله على محياك.
                            هكذا أشعر ويشعر كل من واجه الموت بأي وسيلة كانت، ولكن تختلف ردود الأفعال.. كثيرا ما تنخفض حالتي المعنوية إلى الصفر، بل إلى مادونه، أشعر بجدران المنزل تنطبق على صدري، اتمنى لو أن لي صوتا أقوى وأقوى فأصرخ بكل ما أوتيت من قوة، أو أن أملك جناحان لأحلق عاليا هربا من تلك الجدران، ولكن لا مهرب من القدر، علي ان أواجه وأن أعيش اليوم وأنتظر الغد، ولا أكل فلا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون، اللهم لا تجعلني منهم، اللهم لا تجعلني منهم، اللهم لا تجعلني منهم.
                            أحيانا أخرى أشعر وكأنني انظر إلى كل ما يحدث وكأنني في حلم مزعج، أحاول الإستيقاظ فلا أستطيع، هل حقا يحدث لي كل ذلك، هل حقا يجب أن أستعد لما هو أسوأ، أم أن الحلم سينتهي وأعاود الإستيقاظ من جديد؟؟
                            يحل المساء فألجأ إلى فراشي، أطالع الظلمة من حولي فأستشعر ظلمة القبر، أشعر أن غطائي هو الكفن، أحاول أن أتخيل كيف يكون إحساس المرء في تلك الحظة، يقف عقلي عاجزا، ويخفق قلبي خوفا من المجهول، ياله من شعور مهيب أشفق على نفسي منه!

                            إنها لحظات لا أستطيع لها دفعا، وأفكارا لا أجد منها مهربا، ومخاوف تصر على ملاحقتي، ولكن رحمتك ربي أوسع وأوسع، فأنت ملاذي وملجئي، فوضت أمري إليك فأجرني من ضعف نفسي ومن قلة حيلتي، وارزقني الصبر على البلاء، ربي أستغيث بك من نفسي، فيا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني...
                            التعديل الأخير تم بواسطة غفرانك ربي; الساعة 01-06-2011, 04:35 AM.


                            تعليق


                            • #15
                              رد: يومياتي مع السرطان

                              (14)
                              ولدي والطائر الصغير

                              رغم معرفتي ان من آمن أن القرآن سبب شفاء من عند الله يقينا فإن الله بالفعل يشفيه، والتزامي قراءة القرآن والرقية الشرعية منذ علمت بمرضي، إلاأنني كثيرا ما شعرت بأنني لا أملك هذا اليقين، وتساءلت عن هذا اليقين، و حقيقتة؟ وكيف نصل إليه نحن من عشنا حياة مادية لاتؤمن إلا بالمحسوس والملموس والمقدمات والنتائج، فرغم حرص الكثيرين منا على الرقية إلا أن الأمر بالنسبة لهم لا يتعدى كونه إحياءا للسنة، وإبراء للذمة على مبدأ "ومعذرة إلى ربكم"، ولكن ماذا عن اليقين الذي يأتي معه الشفاء؟، لقد ظننته شيئا غير موجود في عالمنا ومن الصعب الوصول إليه، فأكثرنا حين يرفع يدية بالدعاء يكون في قلبه شيئا من الجمود أو التبلد أو الجفوة، لا أعرف تحديدا كيف أسميها، ولكن هذا ليس الإيمان كما أتخيله، وليس القرب كما اتصوره، ذلك القرب الذي يملأ القلب نورا والفؤاد شوقا وحبا وتسليما، لقد عشت أيامي اجتهد وأسأل ربي هذا الأمر وكنت أظنه غير موجود، حتى في أحلك لحظات محنتي ظلمة كنت أشعر بشيء قاس يحتل فؤادي، ابتهل فلا تدمع عيناي، وان بكت العيون فلا يرتجف القلب، هناك شمعة لا تزال لم تضيء بعد، ولولا أنني شعرت بحلاوة ضوئها في لحظات قليلة كأنها الحلم لظننت أنها غير موجوده وأنني أسعى وراء السراب.
                              وجاءت الحظة التي رأيت اليقين ماثلا أمامي حقا، كان ذلك منذ أيام حين مرضت دجاجة ابني الصغير، وقفت المسكينة في أحد الأركان رافضة الماء والطعام، بالكاد تفتح عينيها، حاول معها بكل السبل دون جدوى فغادر وعقله لا يتوقف عن العمل في البحث عن وسيلة ناجعة لإنقاذ طيره المسكين.
                              بعد لحظات اقترب مني في تردد قائلا: هل يمكنك أن تقرئي عليها ما تقرئيه علينا من قرآن عندما نمرض؟
                              سيطرت على تعبيرات وجهي حتى لايشعر بأنني قد أسخر منه ومن محاولاته التي لا تعرف اليأس، واقترحت عليه ان يقوم هو بالأمر بنفسه، ثم لقنته ما سيقول، غاب لبعض الوقت ثم عاد وقد ملأت السكينة وجهه بعد أن أتم المهمة، وأمضى بقية يومه في الإبتهال إلى الله أن ينقذ طائره الصغير.
                              في صباح اليوم التالي، قمت لصلاة الفجر وأنا متلهفة لأرى ماذا حدث للدجاجة الصغيرة، وكانت المفاجأة لقد عادت لنشاطها المعهود ولشهيتها للطعام والشراب، لا أعرف لماذا شعرت بسعادة لا حدود لها، المشكلة في يقيننا وليس في القرآن، لقد ملك الطفل الصغير اليقين الذي لا تشوبه الشكوك والظنون، ولم تلوث صفحته الذنوب، ملك الفطرة التي تستطيع أن تؤمن يقينا وصدقا، ولهذا جنى ثمرة إيمانه غضة يانعة، هكذا يكون اليقين ومن هنا يأتي الشفاء،ولكن يبقى السؤال كيف السبيل لهذا اليقين؟، وكيف ننقى فطرتنا التي لوثتها أياد مدنية لهثنا وراءها فأكسبتنا الراحة والرفاهية وقسوة القلوب؟
                              ربي برحمتك استغيث، فأنت ملجئي وملاذي فأعني، وخذ بيدي إلى دوحة ايمانك الغناء حيث السكينة والطمأنينة واليقين.....
                              التعديل الأخير تم بواسطة غفرانك ربي; الساعة 01-06-2011, 04:36 AM.


                              تعليق

                              يعمل...
                              X