إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللؤلؤة البيضاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللؤلؤة البيضاء

    اللؤلؤة البيضاء




    بسم الله الرحمن الرحيم، الوَدود اللطيف الخبير، الذي بعَث في النفوس حبًّا لمن أحسَن إليها وصنَع المعروف لها، والصلاة والسلام على نبيِّنا وحبيبنا محمد بن عبدالله، النبي المختار المصطفى، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.


    لا شك أن الكل يعشقها ويتمنَّاها لنفسه، ولا ريب أنها تبعث التفاؤل والحبَّ، والراحة والطمأنينة، كيف لا وهي الشمعة الوَضَّاءة التي تنير ما حولها، والنجمة اللامعة في سماء الكون؟! إنها تموت لأجل أن يَعيشوا، إنها الأم الحَنون التي وصَّى الله في كتابه ببِرِّها والإحسان إليها، وقرَن عبادته بالإحسان إليها؛ حيث قال: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فمِن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه حيث قال: جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: مَن أحقُّ الناس بحُسن صحابتي؟ قال: ((أمك))، قال: ثم مَن؟ قال: ((ثم أمك))، قال: ثم مَن؟ قال: ((ثم أمك))، قال: ثم مَن؟ قال: ((ثم أبوك)).


    وقال الإمام الشافعي:




    واخضَع لأمكَ وارضِها


    فعقوقُها إحدى الكُبر


    مِن منطلق الشريعة الإسلامية وتعاليمها السامية، وكذلك من باب الإحسان إلى من أحسن، واعترافًا بالفضل؛ فإن للأم حقوقًا جمة، لم ولن يستطيع أحدٌ أن يردَّ لها ولو الشيء القليل؛ فقد بذلَت الكمَّ الهائل من التضحيات والأمور التي يَعجز عنها بنو البشر، وقد آثرَت على نفسها في المأكل والمشرب والحياة؛ من أجل أولادها.

    هي مَن حملَت، وولدَت، وعانت عند الولادة أشد العناء لكي يَخرج جنينُها سليمًا معافًى إلى هذه الدنيا، وهي التي اعتنَت وربَّت حتى كَبِرَ أولادها واشتدَّ عظمهم، وأصبحوا رجالاً ونساءً قادرين على أمور الحياة، ومع ذلك فلا تزال وستظل تَعتني بهم وتُلاطفهم كأنهم صغار؛ أليست التي قدَّمَت كل ذلك وأكثر لها حقوقٌ على أولادها؟!

    إن من حقوقها: أنك إذا أتيتَ تُخاطبها بأمرٍ ما، أو أرادت هي أن تتحدث معك؛ فإن عليك أن تخفت صوتك أمامها، وتنظر إلى موضع قدميها؛ فثَمَّ جنَّة تعشقها الأرواح، وتتعلق بها الأنفس؛ فعَليك بالانكِباب على قدميها.
    ومن حقوقها: أن تقدِّم طلبها وأمرها على كل طلب وأمر، وأن تنفذه فورًا دون تأنٍّ أو تكاسُل أو تأخير.

    ومن حقوقها: ألا تقول لها: أفٍّ، وهي أقصر كلمة، والكثير قد يتهاون بها، ولكن الله حذَّر مِن قولها لعِظَمِها، وغيرها كثير لا نستطيع أن نحصره في كلمات وجمل قصيرة.
    من الناس من يقول إني أُريد أن أَزيد من برِّي بوالدتي، فأقول له: ذلك أمرٌ ميسَّرٌ جدًّا، لا يتطلب منك جهدًا، فمثلاً:

    1) انسب كل نجاح تحققه لتربيتها وفضلها بعد الله.

    2) اجعلها أولَ مَن تعرف الأخبار السَّارَّة.

    3) لاطِفْها وخاطبها بكلمات عاطفية جميلة.

    4) اجعلها آخِرَ مَن تودع عند سفرك، وأولَ مَن تأتي إليها عند قُدومك.
    وفي الختام: هذه الأم العظيمة الشامخة لن نوفِّيها حقَّها مهما عملنا، ولكننا نسعى جاهدين لنقدِّم لها الكثير لنبر بها؛ ففضائلُها ليست بالأمر البسيط الذي يُوفَّى، فهنيئًا ثم هنيئًا لمن اغتنَم فرصة البِرِّ بها قبل فَقدِها.

    أفديكِ أمَّاهُ يا نبضَ الهوى بدَمي = إن كُنتِ لؤلؤةً فالقلبُ محَّارُ



يعمل...
X