إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء الثاني عشر: سورة الأعلى 2 | الدكتور أحمد عبد المنعم | برنامج آيات تتلى |

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء الثاني عشر: سورة الأعلى 2 | الدكتور أحمد عبد المنعم | برنامج آيات تتلى |





    اللقاء الثاني عشر: سورة الأعلى 2 | الدكتور أحمد عبد المنعم | برنامج آيات تتلى |



    رابط المشاهدة على اليوتيوب:


    رابط تحميل اللقاء من على الموقع:
    http://way2allah.com/khotab-item-143819.htm

    رابط تحميل اللقاء بالجودة العالية HD:
    http://way2allah.com/khotab-mirror-143819-232336.htm

    رابط تحميل اللقاء صوتي MP3:


    http://way2allah.com/khotab-mirror-143819-232337.htm


    رابط تفريغ اللقاء Pdf:

    http://way2allah.com/khotab-pdf-143819.htm


    رابط تفريغ اللقاء Word:
    https://archive.org/download/12Surat...rat-23la-2.doc


    موضوع خاص لاستقبال أسئلتكم وتفاعلكم مع برنامج: آيـ تتلى ــات
    التعديل الأخير تم بواسطة كريمه بركات; الساعة 12-06-2018, 11:57 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2
    تفريغ الحلقة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله-صلَّى الله عليه وسلم-، أهلًا بكم في الحلقة الثانية من وقفات مع سورة الأعلى، وده يعتبر الحلقة الأخيرة من دوري معكم في

    " برنامج آيات تتلى"
    ، كنّا بفضل الله –عز وجل- السورة الأولى كانت سورة الملك، كانت في أربع حلقات، وكانت سورة الأعلى في حلقتين، الحلقة الأولى استمعتم إليها بفضل الله –سبحانه وتعالى- وهذه هي الحلقة الثانية والأخيرة من وقفات مع سورة الأعلى، أسأل الله –عز وجل- أن يرزقنا فهم كتابه والعمل به وأن يجعلنا جميعًا وإياكم من أهل القرآن.
    ~~~~

    حكمة الله من إمهال المشركين في الدنيا
    توقفنا عند قوله –سبحانه وتعالى- بعدما شرحنا المقدمة وعلاقة سورة الأعلى بسورة الطارق وسورة البروج، وكيف أن المؤمن ينبغي أن يُنَزِّه الله –سبحانه وتعالى- عن كل نقص، وأن لا يسيء الظّن أبدًا بالله مهما حدث، مهما رأى المؤمنين يُعذَّبون ويُحرَّقون، مهما رأى كيد أهل الباطل، لابد أن يُنَزِّه اسم الله الأعلى عن كل نقص، وأن كل هذه الأفعال له حكمة فهو الذي خَلَق و قادر على أن يحيي ويميت -سبحانه وتعالى-، قادر على أن يميت كل المشركين وكل الكفار ولكن يتركهم الله –سبحانه وتعالى- ابتلاءً " محمد:4.

    غذاء البَدَن يتحلل ويَفْنى كما يَفْنى الجسد
    "الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى" الأعلى: 2، أفعاله كلها حكمة، " وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى" الأعلى: 3، –سبحانه وتعالى-، ثم خَلَق ورزق " وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى" الأعلى: 4، تكلمنا في الحلقة الماضية، أن الرزق نوعان: رزق حسي مادي للبدن وهو المرعى وهذا يشترك فيه الإنسان والحيوان، لكن هناك رزق للروح الإنسان خلقه الله -سبحانه وتعالى- من قبضة من الأرض ونفخة من روح الله –سبحانه وتعالى-، فكانت قبضة الأرض هي جسد الإنسان لمَّا صوَّر الله –عز وجل- آدم وتركه ما شاء الله أن يتركه جعل إبليس يَطِيفُ به والحديث في صحيح مسلم، الإنسان ظل فترة من طين وصلصال كالفَخّار ثم نفخ الله –عز وجل- فيه من روحه، هذا الطين هذا التراب هذا الصلصال الفَخّار يحتاج إلى غذاء، غذاؤه من الطين أيضًا فغذاؤه المرعى، وكما أن بَدَن الإنسان يتحلل وينزل إلى التراب مرة أخرى ويتحلل في التراب، كذلك الغذاء أيضًا يصبح "غُثَاءً أَحْوَى" الأعلى: 5، غذاء البَدَن أيضًا يتحلل وييبس ويُصبح "غُثَاءً أَحْوَى".

    القرآن هو غذاء الروح وهو الغذاء الذي لا ينتهي أبدًا
    لكن الروح لابد لها من غذاء، الروح هي نفخة من روح الله –سبحانه وتعالى- وكذلك غذاؤها من عند الله-سبحانه وتعالى- تكلم الله بالوحي غذاءً لهذه الروح، وسمَّى الله –عز وجل- كتابه روحًا " وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا" الشورى: 52، الروح القرآن غذاء للروح روح الإنسان، فقال الله –سبحانه وتعالى- في سورة الأعلى بعد أن بَيَّن الغذاء الأول وأنه ييبس وأنه يُصبح "غُثَاءً أَحْوَى"، تذروه الرياح "هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ" الكهف: 45 ، قال –سبحانه وتعالى- عن الغذاء الآخر: "سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى" الأعلى: 6، غذاء الوحي، هذا الغذاء الّذي لا ينتهي أبدًا، هذا الغذاء الّذي لا يَخلَق على كثرة الرد، هذا الغذاء الذي مهما عاد الإنسان إلى القرآن وتدبر في معانيه، معانيه لا تَنفَذ أبدًا، "قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ ربي" الكهف: 109، الله –سبحانه وتعالى- قيل من معاني هذه الآيات، معاني كلمات القرآن ومعاني الوحي لا تَنضُب أبدًا ولا تنفذ أبدًا كلمات الله-سبحانه وتعالى-.

    سيظل الناس دائمَا محتاجون لكتاب الله –عز وجل-
    إلى أن تقوم الساعة يظل الناس يحتاجون إلى كتاب الله-سبحانه وتعالى- قبل أن يُرفع من الصدور نسأل الله السلامة والعافية، فقال ربنا –سبحانه وتعالى- للنّبي –صلَّى الله عليه وسلم- يطمئنه عن هذا الغذاء، بعض الآثار ذكرت أن النّبي –صلَّى الله عليه وسلم- كان يتعجل ليحفظ الوحي يخاف على الوحي أن يتَفَلَّت منه كما في سورة القيامة "لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ" القيامة: 16، فكان –صلَّى الله عليه وسلم- يعاني شِدّةً من نزول الوحي ويريد أن يكرر آيات حتى لا يفقد هذه الآيات فقال الله –سبحانه وتعالى- مطمئنًا لنبي –صلَّى الله عليه وسلم- مطمئنًا له على هذا الغذاء الذي يكون له ولأمته "سَنُقْرِؤُكَ"، أي القرآن، "فَلا تَنسَى"، لن تنسى الوحي لن يضيع الوحي، لن يُصبح الوحي "غُثَاءً أَحْوَى"، سيظل الوحي باقيًا في صدرك، ستحتاجه وتحتاجه أمتك من بعدك.

    بعض الآيات نسخها الله –سبحانه وتعالى- لحكمة
    "سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ" الأعلى 7:6، بعض الآيات يريد الله –سبحانه وتعالى- لحكمةٍ منه أن تُنسخ وأن تُرفع قراءتها فيُنسيها الله-سبحانه وتعالى- النبي –صلَّى الله عليه وسلم-. ده قول كثير من أهل العلم، إن معنى "سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ"، أي إلا الآيات التي شاء الله –سبحانه وتعالى- أن تنساها وهي الآيات التي نُسخت، لكن الأصل في القرآن أنّه باقٍ فعموم الوحي الأصل فيه أنه محفوظ لا يُنسخ إلا بدليلٍ أن هذه الآية نُسخت، وهناك آيات رُفعت تلاوتها وأُنسيها النبي-صلَّى الله عليه وسلم-، أنساه الله –سبحانه وتعالى- لأن هذه الآيات كانت لحكمةٍ منه -سبحانه وتعالى- ثمّ رُفعت.

    سيظل هذا الدين محفوظ بحفظ الوحي
    "سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى"، طمأنةٌ من الله –سبحانه وتعالى- لنبيه على هذا الوحي، الذي طمأنه الله عليه في سورة البروج وقال له: "بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ*فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ" البروج 22:21، هذا القرآن محفوظٌ في السماء، ثم في سورة الطارق طمأن الله –عز وجل- النبي –صلَّى الله عليه وسلم- والمؤمنين طمأنهم على الوحي وأنه ينزل من السماء محفوظًا وأن السماء محفوظة، وأن أي شيطان يحاول أن يَستَرِق السمع ويحاول أن يستمع إلى الوحي، تحرقه الشُهُب "النَّجْمُ الثَّاقِبُ" الطارق: 3، ثم طمأنه على استقرار الوحي في صدره، هذه هي رحلة الوحي، القرآن في لوحٍ محفوظ، القرآن ينزل من السماء يبقى في لوحٍ محفوظ في سورة البروج، طمأنة عليه في السماء، ثم رحلة النزول في سورة الطارق، ثم في صدر النبي-صلَّى الله عليه وسلم- في سورة الأعلى، فالسور الثلاثة تحكي رحلة الوحي، وطَمأنة أن هذا الوحي محفوظ، وطالما أن هذا الوحي محفوظ فإذًا الدين سيظل قائمًا وسيظل الدين منتصرًا، لأن هذا الوحي هو الذي يصنع الرجال الّذين يقومون بنُصرة هذا الدين.

    الوحي نزل للعمل
    "سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ ..."، سبحانه وتعالى، يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى" الأعلى 7:6، يعلم ما تتكلم به ويعلم ما بداخلك ويعلم ما بسِرِّك "فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى" طه: 7، كما قال ربنا –سبحانه وتعالى- في سورة أخرى، " إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى" الأعلى: 7 ، طيب هذا الوحي نزل للعمل، لذلك من معاني سورة الغاشية زي إن شاء الله ما سمعتوها مع الشيخ عمرو، التركيز على قضية العمل، " عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ" الغاشية: 3، وإن فيه ناس تعمل خطأ -في سورة الغاشية-، فقال ربنا –سبحانه وتعالى- هذا الوحي لا بد له من عمل، لا بد أن ننشر هذا الوحي، فقال ربنا –سبحانه وتعالى- بعده "سَنُقْرِؤُكَ فَلا تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى".

    ما أعظم أن يُيَسِّرك الله لليسرى
    احنا قلنا الرزق تاني نوعين رزق يُصبح "غُثَاءً أَحْوَى"، وهو الرزق المادي، ثم رزق يبقى في صدر النبي-صلَّى الله عليه وسلم- ويبقى في صدور أهل العلم بل هو آياتٌ بيِّنات كما في سورة العنكبوت : "بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ"العنكبوت: 49،.سيظل القرآن محفوظًا إلى أن يُرفع من الصدور. ثم قال ربنا –سبحانه وتعالى- بعدها "وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى" الأعلى: 8، تخيل حينما تُصبح أنت مُيَسَّر للعمل والطريق الذي تسير فيه مُيَسَّر، يعني تخيل الطريق اللي الناس تظنه شاق، طريق الدعوة أو طريق نُصرة الدين، أو طريق أهل الصلاح الناس تظن في هذا الطريق الصعوبة، وتظن فيه المشقة ويقول الله –سبحانه وتعالى- أن هذا الطريق وأن الجنة التي نريد أن نصل إليها هي اليسرى، هي مُيَسَّرة وأيضًا تُصبح أنت مُيسَّرًا لليسرى، فالفعل كله بتيسير –سبحان الله-.

    تيسير الطاعات بتوفيق من الله –سبحانه وتعالى-
    أحيانًا الطريق يكون مُيَسَّر الصلاة تكون سهلة، ويستلذ بها بعض المؤمنين، وتكون ثقيلة على بعضهم، فأحيانًا الإنسان يُصَعَّب عليه الأمر السهل، يعني ممكن إنسان مثلًا يتعلم لغات كثيرة ولا يستطيع أن يقرأ الفاتحة، يعني هو عنده القدرة وعنده الذكاء وعنده القوة ثم يجد صعوبة في الدين، هذا لم يُيَسَّر له، لذلك تقول: "رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي" طه 26:25، أنت تطلب من الله –عز وجل- أن يُيِسِّر الأمر لك، هنا يَسَّر الله النبي لما هو مُيَسَّر أصلًا، فقالوا يُيِسِّرك للعمل بالوحي، أو لنشر الوحي للدعوة إلى الله، النبي-صلَّى الله عليه وسلم- يُسِّر له الدعوة إلى الله، نشر هذا الوحي الذي استقر في صدره والذي طمأنه الله –سبحانه وتعالى- على الوحي في صدره حتى لا يُحرِّك لسانه ليَعجَل به.

    كيف نواجه جهد أهل الباطل في هدم الدين؟
    طمأن الله –عز وجل- النبي على الوحي في سورة البروج، وطمأنه على الوحي في سورة الطارق وقال: "إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ" الطارق: 13، ثم في سورة الأعلى يطمئنه على الوحي في صدره –صلَّى الله عليه وسلم-، سيستمر في صدور أهل العلم إلى يوم القيامة، إلى أن تقوم الساعة وقبل الساعة يُرفع القرآن من الصدور ثم طمأنه أنه يُيَسَّر للعمل بهذا الوحي وبنشر هذا الوحي، إذًا كيف نواجه جهد أهل الباطل؟ بحفظ الوحي، وبتَعَلُمه وبنشره وبالعمل به وبالجهاد به، هكذا يُحفظ الدين هكذا يستمر الدين.

    يجب علينا أن نجتهد بتذكير الناس بالله وبالدار الآخرة
    " وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى" الأعلى: 8، فطالما أن الوحي محفوظ وطالما أنت مُيَسَّر فقم بوظيفتك، ووظيفتك هي الدعوة هي التذكير، "فَذَكِّرْ" الأعلى: 9، فإذا علمت، فاء بعض أهل العلم يسموها الفاء الفصيحة، فصَحَت عن مقدر محذوف أي فإذا علمت أن الله هو الأعلى وأنه خلق فسوى، وأنه قدَّر فهدى، وأنه أخرج المرعى، وأنه سيُقرئك فلا تنسى، إذا علمت كل ذلك وأنك مُيَسَّر إذًا اعمل في الدعوة إلى الله، اجتهد "فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ" الشرح: 7 اجتهد بتذكير النّاس بربهم وبالدار الآخرة.

    يختلف أسلوب الدعوة من بيئة لأخرى
    "فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ" الأعلى: 9، العلماء هنا اختلفوا ما معنى "إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ"؟ هل أن الداعية يفكر قبل أن يدعو، هل هذه البيئة سوف تقبل دعوته؟ هل هؤلاء الناس ليسوا من أهل الجحود وأهل الإنكار؟ هل فيه شيء أحيانًا نسميه نوع من التبذير الدعوي تكلمت عنه بالتفصيل في شرح سورة يس، يعني إيه التبذير الدعوي؟ أن تضع الكلمة الطيبة والدعوة عند من لا يستحقها، أُناس لطالما تكلموا أُناس معهم وهم في قمة الإعراض، وهم من أئمة الكفر وهم من أهل العناد، هؤلاء غالبًا لن يؤمنوا غالبًا، لذلك عشان ضبط كلمة غالبًا، بعض أهل العلم قال لا مش معنى الآية كده، مش معنى الآية إنك تتلمَّس هل ستنفع الذكرى ولا لا، فإن اعتقدت أو ظننت أن الذكرى سوف تنفع فقم بها، ده معنى أول.

    لا تنشغل في دعوتك بالمعرضين عن المُقبلين
    وإنك أنت لا تنشغل بصناديد الكفر، لا تنشغل بهؤلاء عن المُقبلين، كما عاتب الله –سبحانه وتعالى- النبي –صلى الله عليه وسلم- في سورة عبس، وعاتبه في ابن أم مكتوم، أن لا ينشغل بالملأ المعرضين الجاحدين، الرافضين للحق، وينشغل عن المُقبلين، ولكن قال بعض أهل العلم في قول آخر: "فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ"، وهناك محذوف، أي إن نفعت أو لم تنفع، ولكن ذكر الأمر الأقرب لنفس النبي –صلَّى الله عليه وسلم-، الأمر اللي هو مُيسر للنبي –صلَّى الله عليه وسلم- إذًا بعض أهل العلم قال استمر في الدعوة حتى لو أعرضوا، حتى لو جحدوا، حتى لو أنكروا، هذا عليهم هم، "وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ"، وليس عليك، "وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ" يس: 10، لكن الأمر أنت لابد أن تستمر في الدعوة.

    لابد للداعية أن يكون لديه بعض الحِكمة في الدعوة
    فأي كان القولين سواء الإنسان يستمر في الدعوة، فلابد للداعية أن يكون عنده بعض الحِكمة، أن ينظر لو هذا إنسان جاحد معاند، يعني أحيانًا مثلًا في نقاش مع الملحدين، تجد ملحد مثلًا عبارة عن نافورة أسئلة، يعني مكنة توليد أسئلة شبهات، يسألك على شبهة تجاوبه؛ من الإجابة يطلَّع شبهة، فتجاوبه من الإجابة يطلَّع شبهة وهكذا، تحس إننا بنلعب مع بعض، طب ده واحد لا يبحث عن الاهتداء، لذلك في "هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" البقرة: 2، لابد إن يكون في نوع من الخوف بعد ما رأى الآيات في الكون لابد أن يخشى، لابد أن يشعر أن هذا الكون لم يُخلَق عبثًا، لابد أن يبحث.

    لا تضيع وقتك مع المُلحِد المُعرِض
    فأحيانًا فعلًا أجد أن بعض الإخوة بيضيع أوقات مع ملحدين مُعرضين، وكانت بعض التجارب البسيطة، إن ممكن شخص يظل يعبث بالأسئلة، هو يسأل لأجل أن يستريح ضميره، لأجل أن يقول ايه أنا سألت وما حدش عرف يجاوبني وخلاص، لكن هناك أُناس تسأل باحثة عن الحق، لو انت مجاوبتوش يروح لواحد تاني، ويسأل ويبحث، يعني مثلًا أحد الشباب في مرة بكلمه، يقولي أنا مُلحِد، أقول له طب إنت ألحدت ليه؟ قال لي لأن أنا وجدت أخطاء في القرآن، قلت له طب كويس أنت وجدت أخطاء في القرآن متباقش مُلحِد، خلاص تقول القرآن ده الدين ده غلط هبحث عن دين آخر، لكن وجدت أخطاء في القرآن أنكر وجود ربنا؟ طب ما ردك على هذه الآيات في الكون؟ فسكت، قلت له يعني لو أنت ماشي بصورة منطقية يبقى حاجة اسمها ربوبي، يعني تؤمن بوجود الله لكن تظل تبحث عن الدين، لسه مش عارف إيه الدين الحق، فقعد يفكر، يعني هو مش عارف هو ألحَد ليه وبعدين قعدنا نتكلم الأخطاء اللي بيدَّعيها في القرآن.

    من الذي يستفيد من الوحي ومن الهُدى؟
    فأحيانًا إنسان فعلًا بيعبث، وفي أحيانًا إنسان جاد، عنده شبهة مؤرقاه هذا إذا سأل لابد أن يجيبه أهل العلم، فالشاهد زي ما قلنا فيه خلاف في "إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ"، ثم أخبرك ربنا –سبحانه وتعالى- من الذي سيستجيب لك ومن الذي سوف يُعرِض عنك، "سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ" الأعلى: 10، اتكلمنا في كلمة "هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" البقرة: 2، لازم يكون فيه بدايات خوف، خايف أنه يُسأَل بعد الموت، إنه بداخله تساؤلات وهذه من فطرته، بداخله تساؤلات ماذا سيحدث لي بعد الموت؟ هل كل هذه الحياة عَبَث؟ هل كل القِيم والمعاني اللي بداخلي دي جاءت من العشوائية؟ هل كل الدِقة اللي في الكون دي جاءت عَبَث، هذه التساؤلات تظل بداخل الإنسان منهم من يُميتها، ومنهم من يُسكِتها، ومنهم من يبحث عن إجابة لها، فالذي يبحث وهو خائف هذا هو الذي سيستفيد من الوحي.

    الشقي هو من يبتعد عن دعوة النبي –صلَّى الله عليه وسلم-
    فقال ربنا –سبحانه وتعالى- "سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ * وَيَتَجَنَّبُهَا ..." الأعلى 12:11، الهاء دي تعود على الذكرى، أي يتجنب الدعوة، يعني في واحد مش عايز يسمع، رافض يتجنب يعني لو عرف إن فيه درس مش عايز يسمع، لو شاف مثلًا مجموعة من الشباب نزلوا يكلموا الناس في الشارع، هو لا يريد أن يسمع، "وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى" الأعلى: 11، الأشقى الأكثر شقاءً والعياذ بالله، هذا الذي يبتعد عن دعوة النبي –صلَّى الله عليه وسلم-. لذلك احنا ذكرنا في سورة المُلك أن هذا الأشقى يقول إيه يوم القيامة؟ "وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ" الملك: 10، ياريتني كنت سمعت، ياريتني كنت سمعت مواعظ، ياريتني كنت قرأت القرآن، لكن هو رفض.

    أشد ألوان العذاب في النار
    "وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى"، هذا الأشقى والعياذ بالله اختار لذة الدنيا على الآخرة، قال ربنا –سبحانه وتعالى-: "الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ" الأعلى: 12، النار الكبرى قيل أن الصغرى نار الدنيا، وقيل الكبرى أي نار الكافرين والعياذ بالله، وفي نار لعصاة المؤمنين، "الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ" الأعلى 13:12، ثم والعياذ بالله بعد أن يصلى النار الكبرى يعيش في حالة بين الموت والحياة، يخرج نَفَسُه، يظن أنه سيموت ويستريح، ثم تعود إليه الحياة، يظن أنه يعيش في حياة طبيعية يكاد أن يموت، "وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ" ابراهيم: 17، بعض أهل العلم قال في هذه الآية في سورة إبراهيم من أشد آيات النار عذابًا، "وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ"، أي أسباب الموت تأتيه من كل أنحاء جسده، يظن أنه سوف يموت وما هو بميت والعياذ بالله، من أشد ألوان العذاب أن يعيش الإنسان بين الحياة والموت، لا هي حياة طبيعية ولا هو موت فيستريح.
    قد أفلح من استجاب لدعوة النبي –صلَّى الله عليه وسلم-
    "ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ" الأعلى: 13، قد أفلح الذي استجاب لهذه الدعوة، الذي استجاب لتذكير النبي –صلَّى الله عليه وسلم-، الذي ارتبط بالرزق المعنوي، برزق الوحي، "قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ" الأعلى: 14، "تَزَكَّىٰ"، الزكاة فيها معنيين، فيها التطهر والنماء، يقول لك زكاة المال أنت تُطهِّر مالك من المال الخبيث وهذا يؤدي إلى نماء المال، وكذلك تزكية النفس تطهر النفس من الصفات الخبيثة وأيضًا تقوم بتنمية النفس بالصفات الطيبة، "قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ"، أعرَض عن الصفات الخبيثة، ثم، "وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ" الأعلى: 15، يبقى الاستجابة للوحي ليست مجرد استجابة سماعية، هذا الذي تزكَّى هو الذي استمع لتذكير النبي –صلَّى الله عليه وسلم-، فبعد ما ذكَّره النبي –صلَّى الله عليه وسلم- انتقل من حالة التذكير إلى حالة التزكية.

    الإنسان تشغله الحياة وينسى والداعي إلى الله يذكره
    يعني الواحد بيكون ناسي، عايش في الحياة ناسي أنه هيموت، ناسي أن فيه حساب وبعث وصراط، ونار وجنة، وحوضٌ للنبي –صلَّى الله عليه وسلم-، ينسى هذه الأمور في زحمة الحياة ويأتيه الداعية ويذَكِّره، يسمع درس أو يقرأ القرآن فيتذكر، فحينما يتذكر ينتقل في مراحل الارتقاء، يبقى أول مرحلة التَذَكُّر ثم التزكية، ثم يذكر اسم ربه، يبدأ يمارس أعمال الطاعات، "تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ"، وبعد ما ذكر اسم الله، اشتاق إلى الصلاة، يبقى الإنسان حينما يذكر اسم الله –سبحانه وتعالى- يشتاق إلى الصلاة، هذا هو الذكر الحي، يعني في واحد يقعد يقول: سبحان الله، الحمد لله، وبعد فترة من الذكر يريد أن يقرأ القرآن، يريد أن يعمل الصالحات، هذا هو الذكر الحي، الذكر الفعَّال، "وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ".

    هذه السورة ترتفع بك عن ملذَّات الحياة الدنيا
    طب هذا الارتقاء ما الذي يمنع الناس منه؟ ما الذي يمنع الناس من الارتقاء لمراحل التذكير والتزكية والصلاة؟ "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" الأعلى: 16، أنتم تبتعدون عن التَذَكُّر، تبتعدون عن الوحي، تبتعدون عن الصلاة، بسبب والعياذ بالله إيثار الحياة الدنيا، هذا مرض خطير في البشرية من لدن آدم، لذلك قال الله –سبحانه وتعالى- أن التحذير من هذا المرض في صحف إبراهيم وموسى، "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ" الأعلى 19:16، إذًا هذه السورة، سورة الأعلى، هذه السورة تعتلي بك حتى لها نصيب من اسمها، تريد أن ترتفع بك عن ملذَّات الدنيا، عن الرزق الحسِّي الذي يُصبح "غُثَاءً أَحْوَىٰ" الأعلى:5، عن أن تُؤثٍر الدنيا، هذه السورة ترتفع بك، تقترب أنت، "وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩" الأعلى: 19، تكون قريبًا من الله –سبحانه وتعالى-، هذه السورة ترتفع بك عن ملذَّات الدنيا، عن أن تُؤثِر الحياة الدنيا.

    أكبر مانع لارتقاء الإنسان هو إيثاره للطين
    أكبر مانع من ارتقاء الإنسان هو أنه يُؤثِر الطين، "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا"، والإيثار عند التنافس، يعني يختار يا دي يا دي، "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ" ، خلي ده شعار عندك، أي تعارض بين الدين والدنيا اختار الباقي، اختار الأفضل، فيقول الله –سبحانه وتعالى- "وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَٰذَا ..."، سواء هذا اللي هو التحذير من الدنيا، أو هذا المعاني التي ذُكِرت في السورة، أو هذا التحريض على ذكر الله والصلاة، أيًّا كان، "إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ"، هذه المواعظ جميعًا في "صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ"، على مدار البشرية أن هذه من الأمور التي يحتاجها الإنسان في كل وقتٍ وحين، دي معاني ثابتة لا تختلف من شريعة لشريعة.

    حاجة البشرية أن يتمسكوا بالرزق الباقي وبالوحي
    معاني يحتاجها كل البشرية، يحتاجها كل الناس أن يُقبِلوا على الله –سبحانه تعالى- أن يتمسكوا بهذا الرزق الباقي، أن يتمسكوا بالوحي، أما الرزق الآخر فهو رزق فاني، وأيضًا يفنى مع فناء الجسد، أما هذا الرزق يعلو بالروح لأنه غذاء الروح، يرفع هذه الروح عند الله –سبحانه وتعالى- ويُقال لقاريء القرآن: اقرأ ورتل وارتق ، فالوحي يرفع الإنسان ويعتلي بالإنسان، لذلك هذه السورة أيضًا من معانيها سورة الأعلى، أنها تعتلي بالإنسان.

    خاتمة
    أسأل الله –عز وجل- أن يرزقنا العمل بالقرآن، وأن يرزقنا فهم كتابه والعمل به، والمجاهدة به، وأن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

    تم بحمد الله

    التعديل الأخير تم بواسطة كريمه بركات; الساعة 12-06-2018, 12:09 PM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

      تعليق


      • #4
        جزاكم الله خيرًا

        تعليق

        يعمل...
        X