إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حجة الوداع وتأصيل مخالفة المشركين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حجة الوداع وتأصيل مخالفة المشركين

    حجة الوداع وتأصيل مخالفة المشركين </B>


    غلاف مجلة الجندى المسلم العدد 126يفضل الزمان بما فيه من شعائر، ويفضل المكان بما يحويه من مشاعر، ويتفاضل البشر بتعظيم الحرمات، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، فكيف إذا اجتمعت فضيلة الزمان والمكان والأشخاص والأعمال؛ كما وقع في أفضل حجة على الإطلاق، في أيام من أيام الله تعالى، وفي أقدس البقاع عنده، يؤم الناس فيها خاتم الرسل، وأفضل البشر صلى الله عليه وسلم، في جموع غفيرة من خيرة هذه الأمة، قد رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
    لقد كانت حجة الوداع حدثاً مهماً في تاريخ الإسلام، خطب فيها صلى الله عليه وسلم ، وذكر أصول الإسلام، وأوصى الناس، وبلغهم وأنذرهم، وأشهدهم على بلاغه فشهدوا، فكان ذلك توديعاً منه لأمته؛ إذ ما لبث بعد حجته إلا ثلاثة أشهر أو أقل فلحق بالرفيق الأعلى(1)، فعلم الناس أنه في حجه كان يودعهم.
    ورغم أن حجته صلى الله عليه وسلم كانت أياماً معدودة فإنها حوت من البلاغ والدعوة، والعلم والتربية، وتقرير العقيدة، والتأكيد على أصول الإسلام العظيمة فصولا كثيرة، ألفت فيها كتب، وأفردت لها أبواب0
    ومن أبرز المظاهر والشعائر في حجته صلى الله عليه وسلم تعمد مخالفة المشركين في هديهم وعبادتهم وحجهم، ووقع ذلك منه عليه الصلاة والسلام فعلا في مواطن عدة؛ وصدع به قولاً في خطبة عرفة فقال صلى الله عليه وسلم :( ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة 000 وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ) رواه مسلم(2) وفي رواية لأحمد:( وإن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة )(3).
    ثم قام صلى الله عليه وسلم بإبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من شعائر، وقصد مخالفتهم في كثير من المناسك، ومن ذلك ما يلي:
    أولا: أنه صلى الله عليه وسلم أبطل التلبية الشركية التي كانت شعار أهل الجاهلية؛

    وأبدلها بالتوحيد الخالص لله تعالى؛ كما روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:( كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويلكم قدٍ، قدٍ، فيقولون: إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت )(4) ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم :( ويلكم قدٍ، قدٍ ) أي: يكفيكم هذا عن باقي تلبيتكم.
    فأبطل تلبيتهم تلك بالتلبية الشرعية المعروفة، التي جاءت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا يقول:( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لا يزيد على هؤلاء الكلمات )(5)
    ثانيا: أعاد صلى الله عليه وسلم الحج على أصوله

    التي أذن بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام؛ كما روى عمرو بن عبد الله بن صفوان عن يزيد بن شيبان قال:( أتانا ابن مربع الأنصاري ونحن بعرفة في مكان يباعده عمرو عن الإمام فقال: أما إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، يقول لكم: قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم )(6).
    وذكر صلى الله عليه وسلم تتابع الأنبياء عليهم السلام لإحياء الشعائر العظيمة في المشاعر المقدسة فذكر موسى وعيسى ويونس؛ كما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بوادي الأزرق - ويبعد عن مكة ميلين - فقال: أي واد هذا؟ فقالوا: هذا وادي الأزرق، قال: كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطا من الثنية وله جؤار إلى الله بالتلبية، ثم أتى على ثنية هَرْشَى فقال: أي ثنية هذه؟ قالوا: ثنية هرشى، قال: كأني أنظر إلى يونس بن متى عليه السلام على ناقة حمراء جعدة عليه جبة من صوف خطام ناقته خَلْبَة وهو يلبي )(7). وقوله: ( جعدة ) أي: مكتنزة اللحم، وقوله: خلبة، أي: خطامها من حبل شعر ويكون من ليف النخل(8).
    وفي حج عيسى عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو ليثنينهما)(9).
    ثالثا: في العمرة كان المشركون يُحَرَّمون العمرة في أشهر الحج، والنبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع مرات

    كلهن في ذي القعدة وهو من أشهر الحج؛ كما أخبر أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم :( اعتمر أربع عمر في ذي القعدة إلا التي اعتمر مع حجته: عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته )(10) وفي فعله هذا أبلغ المخالفة لهم، ولما كانوا عليه من المعتقدات والشعائر.
    ومما يؤكد مخالفة دين المشركين أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجته أمر الناس أن يحولوا نسكهم إلى عمرة، ثم يحرمون بالحج بعد ذلك؛ كما روى ابن عباس رضي الله عنهما فقال:( كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفر ويقولون: إذا برأ الدبر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله أي الحل قال الحل كله )(11)
    وقولهم:( برأ الدبر ) هو ما كان يحصل لظهور الإبل جراء الحمل عليها للحج، وقولهم:( وعفا الأثر ) أي: اندرس أثر الإبل وغيرها في سيرها للحج، وقولهم:( وعفا الوبر ) أي: كثر وبر الإبل الذي حلق أو سقط بالرحال.(12)
    رابعا: لما حاضت عائشة رضي الله عنها في حجة الوداع فجعلت نسكها حجاً،

    وقالت:( يا رسول الله، كل أصحابك يرجع بحج وعمرة غيري ) أمرها بالعمرة بعد حجها، وكان ذلك عظيما في دين المشركين، حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما:( والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون: إذا عفا الوبر، وبرأ الدبر، ودخل صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم ).(13)
    خامسا: في الطواف كانت العرب تطوف

    بالبيت عراة إلا الحُمْس، والحمس قريش وما ولدت، سموا بذلك لما شددوا على أنفسهم، وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحما، ولا يضربون وبرا ولا شعرا، وإذا قدموا مكة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم، وكان الناس غيرهم يطوفون بالبيت عراة إلا أن يعطيهم أحد من قريش ثيابا، فيعطي الرجال الرجال والنساء النساء فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك0
    سادسا: في الوقوف بعرفة كانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة

    وكان الناس كلهم يبلغون عرفات.... فأنزل الله عز وجل فيهم ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) قالت عائشة رضي الله عنها:( كان الناس يفيضون من عرفات وكان الحمس يفيضون من المزدلفة يقولون: لا نفيض إلا من الحرم فلما نزلت ( أفيضوا من حيث أفاض الناس ) رجعوا إلى عرفات).(14)
    وسبب فعلهم هذا: أن الشيطان قد استهواهم فقال لهم: إنكم إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم، فكانوا لا يخرجون من الحرم، ويقولون: نحن أهل الله لا نخرج من الحرم، وكان سائر الناس يقف بعرفة.(15)
    سابعا: خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في النفرة من عرفة، وفي الدفع من مزدلفة؛

    إذ كانوا ينفرون من عرفة قبل الغروب، ويدفعون من مزدلفة بعد الشروق؛ فنفر النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة بعد الغروب، ودفع من مزدلفة قبيل الشروق؛ كما روى المسور ابن مخرمة رضى الله عنه فقال:( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون من هاهنا عند غروب الشمس حين تكون الشمس على رؤوس الجبال مثلَ عمائم الرجال على رؤوسها، فهدينا مخالف لهديهم، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام عند طلوع الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرجال على رؤوسها فهدينا مخالف لهديهم ).(16)
    وروى عمرو بن ميمون رضى الله عنه فقال:( شهدت عمر ? صلى بجمع الصبح ثم وقف فقال: إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون: أشرق ثبير، وإن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس ).(17)
    ثامنا: كان من مبالغته صلى الله عليه وسلم في مخالفة المشركين ومراغمتهم، وإبطال دينهم: أنه كان يقصد الأماكن التي تواصوا فيها على الشرك ومحاربة الدعوة، ويقيم فيها معالم التوحيد،
    منقووووووووووووووول

    سبحان الله الذى لا اله الا هو الحى القيوم واتوب اليه


يعمل...
X