إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

على فراش الموت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • على فراش الموت

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


    على فراش الموت

    قال تعالى : وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19].
    عند ذلك تغير لونه، وغارت عيناه ومال عنقه وأنفه، وذهب حسنه وجماله، وخرس لسانه، وصار بين أهله وأصدقائه ينظر ولا يفعل، ويسمع ولا ينطق، يقلب بصره فيمن حوله، من أهله وأولاده، وأحبابه وجيرانه، ينظرون ما يقاسيه من كرب وشده، ولكنهم عن إنقاذه عاجزون، وعلى منعه لا يقدرون، (فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ) [الواقعة:83-85].
    ثم لا يزال يعالج سكرات الموت، ويشتد به النزع، وقد تتابع نفسه، واختل نبضه وتعطل سمعه وبصره، حتى إذا جاء الأجل، وفاضت روحه إلى السماء، صار جثة هامدة وجيفة بين أهله وعشيرته، قد استوحشوا من جانبه، وتباعدوا من قربه، ومات اسمه الذي كانوا يعرفون، كما مات شخصه الذي كانوا به يأنسون، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
    أيها المسلمون، إن أكبر واعظ هو الموت، الذي قدره الله على من شاء من مخلوق مهما امتد أجله وطال عمره، إلا وهو نازل به، وخاضع لسلطانه (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [العنكبوت:57].
    ولو جعل الله الخلود لأحد من خلقه لكان ذلك لأنبيائه المطهرين، ورسله المقربين، وكان أولاهم بذلك صفوة أصفيائه كيف لا، وقد نعاه إلى نفسه بقوله: إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ [الزمر:30].
    فالموت حتم لا محيص عنه، ولا مفر منه، يصل إلينا في بطون الأدوية، وعلى رؤوس الجبال، فوق الهواء، وتحت الماء، فلا ينجو منه ملائكة السماء، ولا ملوك الأرض، ولا أحد من أنس أو جن أو حيوان، ولو كانوا في بطون البروج، وغياهب الحصون (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ)[النساء:78].
    إنها اللحظة التي يعرف الإنسان فيها حقارة هذه الدنيا، إنها اللحظة التي يحس الإنسان فيها بالحسرة والألم على كل لحظة فَرَّطَ فيها في جنب الله تعالى، فهو يناديه: رباه، رباه: رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100،99]
    إنها اللحظة الحاسمة والساعة القاصمة التي يدنو فيها ملك الموت لكي ينادي، فيا ليت شعري هل ينادي نداء النعيم أو نداء الجحيم؟
    إن الغربة الحقيقة إنما هي غربة اللحد والكفن، فهل تذكرت انطراحك على الفراش، وإذا بأيدي الأهل تقلبك، فأشتد نزعك وصار الموت يجذبك من كل عرق، ثم أسلمت الروح إلى بارئها، والتفت الساق بالساق، ثم قدموك بعد ذلك ليصلي عليك، ثم أنزلوك في القبر وحيداً فريداً، لا أم تقيم معك، ولا أب يرافقك، ولا أخ يؤنسك.وهناك يُحِسُ المرء بدار غريبة ومنازل رهيبة عجيبة، وفي لحظة واحدة ينتقل العبد من دار الهوان إلى دار النعيم المقيم إن كان ممن تاب وأمن وعمل صالحا، أو ينتقل إلى دار الجحيم والعذاب الأليم إن كان ممن أساء العمل وعصى المولى جل وعلا.فتخيل يا عبد الله نفسك وأنت على فراش الموت تعاني مرارة الموت، وتخيل ممشاك إلى القبر، وتخيل مبيتك فيه وحيداً فريداً في حفرة ضيقة مظلمة مغلقة محكمة، تخيل أول ليلة تبيتها وأول نزلة تنزلها وأول سؤال تسمعه في القبر من ربك ما دينك ماذا تقول في الرجل الذي بعث فيكم، تخيل ذلك وتخيل حالك كيف سيكون حينها،فمثل لنفسك يا مغرور فمثل يا رعاك الله وقد حلت بك السكرات ونزل بك الأنين والغمرات والناس من حولك مجتمعون تسمع كلامهم وتريد أن تكلمهم فلا تستطيع، فخيل لنفسك يا ابن آدم إذا أخذت من فراشك إلى لوح مغتسلك فغسلك المغسل وأنت جثة هامدة لا حركة ولا نفس وألبست الأكفان وأوحش منك الأهل والجيران وبكت عليك الأصحاب والأخوان وصلو عليك صلاة لا ركوع ولا سجود لها وحملوك إلى القبر وأنزلوك فيه وأدخلوك في ذلك اللحد الضيق المظلم ثم هلو عليك التراب وانصرفوا عنك وتركوك وحيداً، لا صديق ولا قريب الكل سينصرف عنك حينها ولا يبقى معك إلا ما قدمت من عمل، فتخيل ذلك وتخيل جلوسك لسؤال وما جوابك لهذا السؤال.
    أحبتي في الله، كل الناس متساوون في الدنيا ظاهريًّا، سواء المؤمن والكافر، والصالح والطالح، فهم يُرزقون ويسيرون ويذهبون ويَجيئون، والله - سبحانه وتعالى - يعطي فيها المؤمن والكافر، والعاصي والمطيع؛ لأنه - سبحانه - يعطيها لمَن يحب ولمن لا يحب، لكن عندما ينزل بهم الموت لا يستوي المؤمن والكافر، ولا المحسن والمسيء، ففي هذه اللحظة، لحظة خروج الرُّوح يظهر الفرقان، ويفترِق الطريقان، ويمتاز الفريقان، فعند خروج رُوح المؤمن يجتمع له الخير كله، ولا ينسى أبدًا هذه اللحظة حتى بعد دخوله الجنة، يقول بعض السلف: "إن العبد المؤمن وهو يتقلَّب في نعيم الجنة لا ينسى طعمَ وحلاوة بِشارة مَلَك الموت له عند خروج الرُّوح، ونقيض ذلك للعاصي والكافر.وصدق الله - عز وجل - حيث قال: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 21].
    التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 13-04-2016, 11:28 AM. سبب آخر: بعض التنسيق
    واشوقاه لبيتك ياالله
    علامات محبة الله لك
    "إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها فى ذريتى"
    #‏حمله_هقاطع_اللى_هيشغلنى_عن_ربى_فى_رمضان‬
يعمل...
X