ليلة النصف من شعبان
نحن في شهر من شهور الله تعالى المباركة، وهذا الشهر الذي كان نبينا محمد يصومه إلا قليلاً، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لم يكن النبي يصوم أكثر من شعبان، فإنه كان يصومه كله"[1]. وفي رواية: "ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلاً"[2].
وقد ورد عن النبي في فضل هذا الشهر أحاديث كثيرة، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما هو مكذوب (موضوع). وكان مما أحدث الناس وبدَّلوا ما يعرف بالاحتفال بليلة النصف من شعبان، ولم يرد في فضل قيام هذه الليلة أو تخصيص صيام نهارها شيء عن النبي ، ولا عن صحابته الكرام رضوان الله عليهم.
وقد ورد حديث حسن وهو ما رواه أبو موسى الأشعري عن رسول الله قال: "إن الله ليطّلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"[3]. فظنَّ أقوام أن معنى ذلك زيادة عبادة في هذه الليلة وتخصيص نهارها بالصيام دون الشهر... وما إلى ذلك مما أحدثوا، ونسوا أو تناسوا أن خير العبّاد والزهاد نبينا وقدوتنا محمد لم يفعل ذلك، ولم يخص نهار النصف من شعبان بشيء، وكذلك لم يخص ليلتها بزيادة قيام أو عبادة، وكل الخير في اتباع نبينا محمد وكل الشر في مخالفة أمره.
وكذلك الجيل الأول المخاطب بالقرآن الكريم وأحكام رب العالمين لم يكن يخص تلك الليلة بشيء ولا نهارها، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (جماع الدين أمران: أن لا يُعبد إلا الله، وأن يُعبد الله بما شرع). فلا يجوز زيادة عبادة على عبادة النبي ، كما هو معلوم عند أهل العلم.
وهاك أختي الحبيبة المحب لرسول الله وسنته وهديه أقوال العلماء في هذه الحادثة:
- قال الحافظ العراقي رحمه الله: (حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله وكذب عليه).
- وقال الإمام النووي -رحمه الله- في كتابه "المجموع": (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب...، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغترّ بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما؛ فإن كل ذلك باطل. ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنَّف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك).
- وقال العلامة ابن باز -رحمه الله- بعد أن ساق الأدلة على بدعية ذلك: (ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم).
- وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله: (إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه الليلة).
خلاصة الأمر:
فإذا لم يثبت عن النبي تخصيصه هذه الليلة بعبادة، وكان عامَّة ما ورد فيها إمَّا موضوع أو ضعيف، ولم يثبت عن الصحابة -رضوان الله عليهم- شيء في هذا، فلا وجه إذن لاتّخاذ ليلة النصف من شعبان شعيرة للعبادة تضاهي أيام الجمعة والأعياد وصلاة التراويح.. وما صحَّ في ليلة النصف من شعبان غايةُ ما فيه الحث على الإقلاع عن كبيرتين من كبائر الذنوب هما: الشرك، والشحناء.
فمن كان حريصًا على بلوغ أجر هذه الليلة فعليه العمل بموجب ما ثبت من الأثر، وما جاء الحث عليه. أما اختراع عبادة وطاعة لم تثبت، ولم يدل عليها حديث صحيح، فليس إلا بُعدًا عن السُّنَّة والعمل الصالح، وقد قال رسول الله : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"[4].
وخير الأمور السالفات على الهدى *** وشـر الأمور المحدثات البدائـع
والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها.. إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نحن في شهر من شهور الله تعالى المباركة، وهذا الشهر الذي كان نبينا محمد يصومه إلا قليلاً، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لم يكن النبي يصوم أكثر من شعبان، فإنه كان يصومه كله"[1]. وفي رواية: "ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلاً"[2].
وقد ورد عن النبي في فضل هذا الشهر أحاديث كثيرة، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما هو مكذوب (موضوع). وكان مما أحدث الناس وبدَّلوا ما يعرف بالاحتفال بليلة النصف من شعبان، ولم يرد في فضل قيام هذه الليلة أو تخصيص صيام نهارها شيء عن النبي ، ولا عن صحابته الكرام رضوان الله عليهم.
وقد ورد حديث حسن وهو ما رواه أبو موسى الأشعري عن رسول الله قال: "إن الله ليطّلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"[3]. فظنَّ أقوام أن معنى ذلك زيادة عبادة في هذه الليلة وتخصيص نهارها بالصيام دون الشهر... وما إلى ذلك مما أحدثوا، ونسوا أو تناسوا أن خير العبّاد والزهاد نبينا وقدوتنا محمد لم يفعل ذلك، ولم يخص نهار النصف من شعبان بشيء، وكذلك لم يخص ليلتها بزيادة قيام أو عبادة، وكل الخير في اتباع نبينا محمد وكل الشر في مخالفة أمره.
وكذلك الجيل الأول المخاطب بالقرآن الكريم وأحكام رب العالمين لم يكن يخص تلك الليلة بشيء ولا نهارها، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (جماع الدين أمران: أن لا يُعبد إلا الله، وأن يُعبد الله بما شرع). فلا يجوز زيادة عبادة على عبادة النبي ، كما هو معلوم عند أهل العلم.
وهاك أختي الحبيبة المحب لرسول الله وسنته وهديه أقوال العلماء في هذه الحادثة:
- قال الحافظ العراقي رحمه الله: (حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله وكذب عليه).
- وقال الإمام النووي -رحمه الله- في كتابه "المجموع": (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب...، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغترّ بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما؛ فإن كل ذلك باطل. ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنَّف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك).
- وقال العلامة ابن باز -رحمه الله- بعد أن ساق الأدلة على بدعية ذلك: (ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم).
- وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله: (إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه الليلة).
خلاصة الأمر:
فإذا لم يثبت عن النبي تخصيصه هذه الليلة بعبادة، وكان عامَّة ما ورد فيها إمَّا موضوع أو ضعيف، ولم يثبت عن الصحابة -رضوان الله عليهم- شيء في هذا، فلا وجه إذن لاتّخاذ ليلة النصف من شعبان شعيرة للعبادة تضاهي أيام الجمعة والأعياد وصلاة التراويح.. وما صحَّ في ليلة النصف من شعبان غايةُ ما فيه الحث على الإقلاع عن كبيرتين من كبائر الذنوب هما: الشرك، والشحناء.
فمن كان حريصًا على بلوغ أجر هذه الليلة فعليه العمل بموجب ما ثبت من الأثر، وما جاء الحث عليه. أما اختراع عبادة وطاعة لم تثبت، ولم يدل عليها حديث صحيح، فليس إلا بُعدًا عن السُّنَّة والعمل الصالح، وقد قال رسول الله : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"[4].
وخير الأمور السالفات على الهدى *** وشـر الأمور المحدثات البدائـع
والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها.. إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.