موضوع متسلسل عبارة عن نصائح ومشاهدات لـ تنمية مهارات الشخصية :
- الجزء الأول -
** كيف تتّخذ قراراتك بنفسك ؟ **
أوّلاً وقبل كلّ شيء ، لا بدّ من أن تتذكّر أنّ الحريّة ـ حقّ الحريّة ـ
هي الامتناع عن أي استجابة لأيّ ضغط سلبيّ يستهدف النيل من عزّتك
وكرامتك وشخصيتك وإيمانك .
وقد يجهل بعض الشبان من حديثي العهد بالتجربة الحياتية ، معرفة الصحيح من
الخطأ في اتخاذ القرار ، فيقعون تحت ضغط الجهل مترددين ،
أو قد يقدمون دون مراعاة أو حساب للنتائج ، ولأجل أن تخفف من وطأة
الضغط في اتخاذ القرار المناسب ضع أسئلة لاكتشاف الصحيح ، من قبيل :
# هل هذا العمل يسيء إلى شخصيّتي ، أو أحد ممّن تربطني به علاقة حب واحترام ؟
# ماذا يقول عقلي وضميري عن ذلك ؟
# هل هذا من العدل والإنصاف ؟
# ما ردّ فعلي لو فعله غيري ؟
# ما شعوري لو فعلته ، هل سأكون راضياً مقتنعاً ، أو نادماً متألماً ؟
# ما هو رأي الذين أثق بهم وأحترمهم من الكبار في هذا العمل أو الخيار ؟
# هل هذا يرضي الله سبحانه وتعالى أم يسخطه ؟
# ما هي عاقبته ونتائجه ؟
# ما هي نسبة سلبياته في قبال إيجابياته ؟
# ما هو المعنى المحدّد للألفاظ والمصطلحات الواردة فيه ،
فمثلاً ما معنى (العيب) : هل هو ارتكاب المحرّم شرعاً ؟
أم الذي يبيحه الشرع ويستنكرهُ الناس ؟
أو الحرج النفسي الشديد الذي تسببه لي تربيتي البيتية ؟
إنّ معرفة الإجابة عن هذه الأسئلة أو بعضها يقيك الوقوع تحت مطرقة الضغط
، وكلّما كانت ثقافتك الإسلامية أوسع ،كان الضغط عليك أخفّ .
ومن هنا فإنّ المراد بـ (التفقّه في الدين) هو الثقافة الاسلامية بإطارها الواسع ،
وليست الثقافة الشرعية الواردة في كتب الفقه والرسائل العملية والمتضمنة
لمسائل الحلال والحرام .
** العقل الجمعيّ **
أنّ الجماعة تعدّ ضاغطاً اجتماعياً كبيراً .
وبالطبع يكون مردود الضغط سلبياً بشكل خاص عندما تكون الجماعة ضالّة مضلّة ،
أي التي تسخّر جهدك وطاقتك ومواهبك في خدمة مآربها السيِّئة وأغراضها الدنيئة .
فلقد اعتبر (العقل الجمعي) وهو انصياع الفرد لما تردده الجماعة حتى ولو لم
يكن على قناعة تامّة به ، عقلاً سلبياً في مردوده على الفرد ،
وإن كان إيجابياً في مردوده على الجماعة .
ففي بعض الدراسات الجماهيرية يعبّر عن جمهور العقل الجمعيّ بـ
(الجمهور النفسي) وهو كائن مؤقت منصاع للغرائز ، وقد يعبّر عن الشعور
بالقوّة ، لكن صفات الجماعة هي التي تنعكس فيه ،وليس صفات الفرد .
اُنظر إلى نفسك ـ مثلاً ـ وأنت تشارك في تظاهرة ، سترى أ نّك لا تتصرّف
كشخصية مستقلة وإنّما كجزء من جمع .
ولهذا السبب نفهم لماذا طالب الله سبحانه وتعالى المتهمين رسوله الكريم محمداً
(صلى الله عليه وآله وسلم) بالجنون أن ينفضّوا عن الجماعة ،
ويتحاور كلّ إثنين مع بعضهم البعض ، أو كلّ فرد يخلو إلى نفسه فيحاورها ،
ليروا مدى صحّة هذا الاتهام أو بطلانه :
( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ ) سبأ , 46
فالعقل الجمعي لا يعطي الفرصة في استقلالية التفكير ، وتكوين القناعة الشخصية
، فحتى لو كانت الجماعة صالحة ، فلا بدّ من أن يخلو الانسان مع نفسه
للتبصر في قراراتها وأدائها ومسيرتها ،
وهذا هو معنى (الاعتكاف) في الاسلام ، فليس هو مجرد انقطاع عن الناس
لأجلّ التعبّد ، وإنّما هو خلوة مع النفس لمراجعة حساباتها .
وعلى هذا أيضاً ، فإنّ تنمية الثقة بالنفس والقدرة على صنع القرار واتخاذ
الاختيار المناسب ، تعدّ عاملاً مهماً من عوامل مواجهة الضغوط ،
فحتى لو هتف الناس بأ نّك ضعيف ، وأنت تشعر بالقوّة من خلال امتلاكك
لامكاناتها ، فيجب أن يطغى شعورك بالقوة على هتافهم بضعفك ،
فقد قيل أ نّه لو كان بيدك (جوزة) وقال الناس عنها أنّها (لؤلؤة)
فلا يجعلك ذلك تصدّق إدعاءهم أنّها (لؤلؤة) ,
، فلا يقلل ذلك من قيمتها في نظرك فتنخدع بما يقولون .
إنّ معرفتك بقدر نفسك تساعدك كثيراً في عدم الاهتزاز أمام الضغوط التي تمارس ضدّك .
** حاذر من الانسياق إلى مقولات : **
# (لا أستطيع السيطرة على نفسي ، هذا الشيء أقوى منِّي) .
# (لا أريد أن أتمرّد خارج السرب ، أو أكون خارج قوس) .
# (إذا لم أفعل ذلك فسيظنّون بي الظنون ، أو يسخرون منِّي) .
# (كلّهم يفعل ذلك ، هل بقيت عليَّ) .
فهذه المقولات معاول تهدّم صرح ثقتك بنفسك ، وتهدّ بنيان مقاومتك ،
وتقوّض قراراتك واختياراتك .
فهل تعتقد أنّ النبيّ نوحاً (عليه السلام) كان يمكن أن ينجز التكليف الإلهيّ
ببناء السفينة لينقذ خيرة الناس من المؤمنين ،
لو انهار أمام سخريّة الذين كانوا يمرّون عليه وهو يبنيها وهم يضحكون من
عمله ويستخفّون به ؟
فإذا اقتنعت بصلاح عمل فلا تعر أذناً صاغية لكلام الناس ، وإذا اقتنعت ببطلان عمل فلا تهتم بما يدّعون من أ نّه صالح ، أو يجب الأخذ به ،
فهم لا ينطلقون دائماً من حجّة دامغة أو برهان ساطع أو دليل قاطع ، بل
كثيراً ما يطلقون الكلام على عواهنه ،
ولعلّك تتذكر قصّة (جحا والحمار) فلقد اعترض الناس على كلّ الحالات التي تعامل بها مع حماره .
فحينما سار هو وابنه خلف حمارهما انتقدهما الناس بأ نّهما لم يستفيدا من
واسطة النقل المتاحة ، وحينما ركبا عليه معاً ،
قالوا : إنّهما ظالمان قاسيان فقد أثقلا ظهر الحمار ،
وحينما ركب الأب وسار الابن خلف الحمار ، اتهموا الأب بالأنانية لأ نّه لم
يركب ولده ،
وحين ركب الولد وحده ، قالوا عنه أ نّه عاقّ لأبيه ،
وحين حملا الحمار على عاتقيهما سخر الناس من بلاهتهما !
ومن أبلغ ما يمكن أن تتذكره ، وأنت تشقّ طريقك بخطى واثقة في زحام كلام الناس ،
قول موسى (عليه السلام) لله تبارك وتعالى : «ربّ نجِّني من ألسنة الناس ! فجاءه النداء : يا موسى ! أنت تطلب منِّي شيئاً لم أصنعه لنفسي» !!
وحتى لايختلط الفهم ويُساء ، فليس كلّ كلام الناس مرفوضاً ، ففيه الصائب
وفيه الحقّ ، وفيه الخير ، وفيه الصالح ، وفيه النافع .
ولكنّنا نشير إلى كلام أولئك الذين يثبّطون العزائم ، ويسخرون من العاملين ،
ويضغطون عليك لتمارس عملاً منكراً لأ نّهم عملوه، أو تترك معروفاً لأ نّهم تركوه ..
أولئك يريدون أن يوقعوك في الحفرة التي وقعوا فيها .
فدقِّق النظر جيِّداً ،
فلقد قيل لحكيم : من أين تعلّمت الحكمة ؟
فقال : من العميان ، لأنني رأيتهم لا يقدّمون رجلاً ولا يؤخرون أخرى إلاّ بعد أن يتثبّتوا من مواضع أقدامهم !!
** كيف تحقق ذاتك : **
لخص عالم النفس ( ماسلو) الصفات المميزة لمن استطاعوا تحقيق ذاتهم في الآتي:
1- انهم يدركون الحقيقة بكفاءة , و يستطيعون تحمل التأرجح بين الشك واليقين.
2- يتقبلون ذاتهم كما هي والآخرين كما هم.
3- أنهم تلقائيين في تفكيرهم و سلوكهم.
4- أنهم يركزون اهتماماتهم في المشاكل أكثر من تركيزهم على ذاتهم.
5- يتحلون بملكة الفكاهة.
6- مبدعين وخلاقين.
7- يقاومون التشكل الحضاري الدخيل - ولكن دون تحفظ متزمت - .
8- أنهم يهتمون بسعادة الانسان والبشرية.
9- أنهم قادرين على التقدير العميق للتجارب الأساسية في الحياة.
10- أنهم يقيمون علاقات مشبعة مع القلة وليس مع الكم من الناس.
11- ينظرون للحياة نظرة موضوعية.
** والآن ماذا تفعل لكي تُحقق ذاتك؟ **
1- مارس حياتك كالطفل !! ( اي باستغراق واهتمام كامل ).
2- جرب دائماً الجديد و لا تلتصق بالقديم.
3- استمع الى احساسك الخاص في تقديرك للتجارب - وليس لصوت التقاليد او السلطة او الغالبية -.
4- كن مخلصا وتجنب المظاهر.
5- ليكن لك رأيك المستقل وكن مستعدا لتكون غير محبوب اذا كانت آرائك تختلف مع الاغلبية.
6- تحمل المسئولية.
7- اعمل بجدية في ماتقرره .
8- حاول استكشاف عيوبك ودفاعاتك اللاشعورية , وتحلى بالشجاعة في القضاء عليها.
>> تابعونا .. <<