ينبغي للعبد أن يتعقل وأن يفكر، وأن ينظر في حاله، وما هو بصدده، وما يحتاج إليه من العمل الصالح، وأن لا يغتر بمباهج هذه الحياة الدنيا، فعمَّا قليل تزول، وكل شيء فيها يذهب ويتغير.
هذا البناء الجديد الذي ترونه، والفرش الجديد بعد مدة يكون قديماً ويحتاج إلى إصلاح، ثم بعد مدة يحتاج إلى هدم وبناء من جديد، ثم بعد مدة هذا الحي بكامله يزهد أهله فيه، ويبقى للعمال، ثم بعد مدة حتى العمال يتنزهون منه، أليس كذلك؟
انظروا إلى الأحياء القديمة وما كانت فيها من الفلل الفارهة الجميلة التي يتنافس الناس فيها، الآن يسكن فيها الفقراء والعمال، والناس يتنزهون من سكناها، ثم بعد ذلك ما يلبث الواحد أن ينتقل إلى مكانٍ آخر، ثم يزهد فيه، ثم ينتقل إلى آخر. ثم إلى أين في النهاية؟ إلى الحفرة الملحودة التي جدرانها غبرُ!
فمن كان غافلاً نائماً فليستيقظ؛ فإن أفضل السيارات وأفضل المراكب الآن، بعد عشر سنوات ماذا ستكون؟ ستكون قديمة تباع ولا بثمانية آلاف، وهو مشتريها بمائتين وخمسين ألف، ثلاثمائة ألف بأربعمائة ألف، أليس كذلك؟
هذه السيارات التي تضغط الآن، تكون عبارة عن كوم من الحديد، ما كانت سيارات جميلة، وكانت سيارات فاخرة! وصاحبها لربما معلق عليها "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" يخشى أنه يصاب بالعين، والآن أين هي؟ مكدوسة، حديد مرصوص ما يساوي إلا نزراً يسيراً من المال بقيمة الحديد فقط.
هذه السيارات التي تضغط الآن، تكون عبارة عن كوم من الحديد، ما كانت سيارات جميلة، وكانت سيارات فاخرة! وصاحبها لربما معلق عليها "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" يخشى أنه يصاب بالعين، والآن أين هي؟ مكدوسة، حديد مرصوص ما يساوي إلا نزراً يسيراً من المال بقيمة الحديد فقط.
هكذا طبيعة الحياة الدنيا، أين الثياب الجديدة التي لبسناها في الأعياد قبل خمس سنوات، أين النعال الجديدة أعزكم الله؟ هل تجدون منها شيئاً، الأجيال الذين قبلنا قبل مائة سنة أين حليهم؟ أين أثاثهم؟ أين الأشياء التي كانوا يأكلون فيها ويشربون منها؟ أين آثارهم في الأرض؟ أين مساكنهم؟ أين مراكبهم؟ أين الإبل التي كانوا يركبونها؟ أين عظامها؟ لا يوجد شيء ولا أثر، ولا موطئ قدم، كل ذلك يزول، وآثارنا جميعاً ستزول، وسنتلاشى ونذهب، ونندثر، ولا يبقى إلا العمل الصالح.
مقتبس من محاضرة لشيخ خالد عثمان السبت تحدث فيها عن قول الله تعالى
(ألْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ* كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) [(1-8) سورة التكاثر].