السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" لنحيي قلوبنا"
" لنحيي قلوبنا"
بسم الله الرحمن الرحيم
تذكرت حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم :"الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله الاوهي القلب "(متفق عليه)
: لماذا القلب ...؟
- لأن القلب السليم هو الذي ينفع يوم القيامة ،قال تعالى:"يوم لاينفع مال ولابنون ِإلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" وهو السليم من الشرك والنفاق
- لأن صلاح القلب صلاح للبدن والجوارح جميعا للحديث السابق
- لأن القلب موطن العقل والتذكر والاتعاظ ،قال تعالى :إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" وقال تعالى"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ {179}
- هو موضع نظر الله تعالى ،قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله لاينظر الى أجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم"(مسلم)
- القلب موطن الايمان او الكفر،قال تعالى:"أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه " وموطن الانابة او الاعراض وهو محل القبول او الطرد"أولئك الذين يعلم الله مافي قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا"
- القلب موضع النية التي هي اساس القبول والحكم على الفعل :"وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم "
- موطن السكينة والطمأنينة للمؤمنين "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" واليه يحتكم المؤمن للحكم على المتشابه ،ففي الحديث :"البر مااطمأن اليه القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك".
- لأن القلب سريع التقلب فقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"
* لأجل هذا وجب على المؤمن أن يولي عناية كبيرة ودائمة بقلبه ، يعلم أدواءه وآفاته فيتجنبها ،ويفقه مايحيي قلبه وينقيه ويشافيه فيلتزمه.
** لذلك كانت هذه السلسلة التي نتعرف فيها على انواع القلوب وصفاتها وأحوالها ،ونتعرف على أمراضها وآفاتها، ونعلم علامات حياة القلب وسلامته، وأعراض أمراضه وأسبابها ، ثم نختمها بذكر وسائل حياة القلوب .
: انواع القلوب
القلوب على اربعة انواع :
1- القلب الميت :
وهو الخالي من الايمان بالله وتوحيده، هو قلب الكافر المنافق الذي غلفه الكبر ،وتكرر وصفه بالقرآن بأوصاف عديدة منها الران "كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون"، ومنها الغلف " وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا مايؤمنون " ومنها أكنّة " وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا اليه" ومنها الطبع " فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ". وهذا القلب لانفع فيه ولاسبيل للايمان اليه طالما حجبه صاحبه بالكبر .
سماه القرآن بالختم وبالطبع وبالرين .قيل لابن عباس :ان اليهود تزعم انها لاتوسوس في صلاتها فقال: ومايصنع الشيطان بالقلب الخرب ؟
2- القلب المريض:
هو القلب الذي فيه اصل التوحيد وبذرة الايمان ولكن تغلبت عليه امراض الشهوات والشبهات ، فتجده مستجيبا لدواعيهما من البدعة والفسوق والشهوات المحرمة والفتن ومن امراض القلب من الحقد والحسد والكبر وبغض الصلاح والصالحين والفة المنكر .
اما نداء الايمان فيه فضعيف أثره لايكاد يردعه عن معصيه او يدفعه لطاعة الا النزر اليسير، "فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ومايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ومايذّكر الا أولوا الالباب ، ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.."
3- القلب المتقلب:
وهو القلب الذي فيه ندائين وقوتين ودافعين نداء الايمان وقوة الدين ودافع التقوى من جهة ،ونداء المعصية وقوة الشهوةالمحرمة ودافع الفسوق والحسد والكبر ،فهو في صراع وحرب مستعرة يميل لدواعي الايمان والبر والتقوى اذا قويت دواعيها في قلبه في مواسم الطاعة او عند الموعظة فيستجيب لله ولرسوله صلى اله عليه وسلم ، واذا غفل وخالط الفسقة وابتعد عن مواطن الذكرى والعلم والجماعة تردى في اوحال الشهوات ، وهذا الوضع يصوره قول الحق :" وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً " وقوله :"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم"، وفي الحديث عند احمد:"قلب المؤمن أشد تقلبا من القدر في غليانها " ،وكان اكثر قسم النبي صلى الله عليه وسلم :"لا ومقلب القلوب"
و الحديث "تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين: قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه، و قلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السماوات و الأرض. "
والحديث الاخر " إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة : فأما لمة الشيطان ، فإيعاد بالشر ، وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك ، فإيعاد بالخير ، وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك ، فليعلم أنه من الله ، فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى ، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ : { الشيطان يعدكم الفقر ويأمر بالفحشاء } (حسن غريب: الترمذي). وتأثير البيئة والصحبة والعادة والفراغ كبير في هذا التردد.
4- القلب الحي:
هو القلب السليم الحي الصحيح المعافى من امراض القلوب ،سلم من امراض الشبهات والشهوات توحيده صاف، وايمانه عميق، وعبوديته متحققة،، استنار قلبه بنور الايمان، وعمر بالتقوى، واستضاء بأنوار المحبة والخشوع والانابة والاخلاص لله تعالى،، واطمأن بالتوكل على الله والاستعانة به والرجاء برحمته ،،يؤثر رضا الله على شهوته،، ويستجيب لامر الله على هواه،، يأنس بذكر الله وتلاوة كتابه والاقبال عليه وعبادته والتذلل بين يديه،، حُبب اليه الايمان وزُين في قلبه، وكرُه اليه الفسوق والعصيان .: سئل الجنيد : عن محبة رب العالمين فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرقت قلبُه، عظمته و هيبتِه فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرك أو سكن فبأمر الله فهو بالله ولله ومع الله فبكى القوم وأجهشوا بالبكاءوقالوا: ما على هذا مزيد..
وصاحب هذا القلب يهنأ بطيب العيش في الدنيا ونعيم الجنة في الاخرة ،
تعليق