إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

و.نقف مع أحداث قصة ستحدث في المستقبل ، حدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • و.نقف مع أحداث قصة ستحدث في المستقبل ، حدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

    و.نقف مع أحداث قصة ستحدث في المستقبل ، حدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم ( ) و.نقف مع أحداث قصة أخرى ستحدث في المستقبل ، حدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورواها عنه ابنُ عباس رضي الله عنهما ، وأخرجها الترمذي في جامعه ، والنسائي وابن ماجة في السنن ، والطبراني في معجمه الكبير ، قال صلى الله عليه وسلم :« يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا ، يَقُولُ : يَا رَبِّ ، هَذَا قَتَلَنِي ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْقَاتِلِ: تَعِسْتَ، وُيَذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ » .
    تشخب : بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِهَا ، أَيْ تَسِيلُ .

    والْأَوْدَاجُ : مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ مِنْ الْعُرُوقِ .

    نستفيد من القصة ما في جريمة القتل من إثم كبير ووزر عظيم ، ومن قتل نفساً بغير حق فقد سَاء لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا.. واعلم أيها المستمع الكريم أنّ أول جريمة قتل في تاريخ البشرية ما حكاه الله تعالى بقوله :}وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ{ [المائدة: 27-30]. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ» [البخاري ومسلم] .

    والنصوص في تحريم هذه الكبيرة كثيرة جداً .. وهذا سرد لبعضها ..

    قال تعالى : }وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{ [الأنعام:151] . وقال : }وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا{ [الإسراء :33] .

    قال أبو بَكْرَةَ رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أَيُّ يَوْمٍ هَذَا»؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ . قَالَ :«أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ»؟ قُلْنَا : بَلَى . قَالَ :«فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا»؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ . فَقَالَ :«أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ »؟قُلْنَا : بَلَى . قَالَ :«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ ، وَأَمْوَالَكُمْ ، وَأَعْرَاضَكُمْ ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا » [البخاري ومسلم] . وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : النَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ» [البخاري ومسلم] . وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول :«ما أطيبك ! وما أطيب ريحك !! ما أعظمك ! وما أعظم حرمتك !! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك» .

    ولقد جاء الترهيب فمن هذه الجريمة في كثير من النصوص الشرعية أجتزئ منها ما يلي :

    قال ربنا تعالى :}وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا{ [النساء :93] . وقال تعالى : }وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا 68 يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا{ [الفرقان : 68-69] .

    وعن أبي الدرداء رضي الله عنه : قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :« كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا ، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا» [أخرجه أبو داود وابن حبان] .

    ولقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بأنّ أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء كما في الصحيحين .

    وفي صحيح البخاري يقول نبينا صلى الله عليه وسلم :«لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» قال ابن عمر : إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ .

    وقبل أن أنتقل بكم أخي الكريم وأختي الفاضلة ائْذَنْ لي بأن أسمعك هاتين القصتين :

    الأولى :

    خرجها الشيخان في صحيحهما ، عن أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَةِ –والحرقة : بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَة- قال : فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ ، وطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ . فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ :«يَا أُسَامَةُ ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»؟ قُلْتُ : كَانَ مُتَعَوِّذًا . قال :« كيف تصنع بلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟ قال : قالها مُتَعَوِّذًا مِنْ الْقَتْلِ. قال :« كيف تصنع بلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟ قال : يا رسول الله استغفر لي . فلم يزد على قوله : :« كيف تصنع بلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟ حتى قال أسامة : حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ .

    الثانية :

    أخرجها ابن ماجة ، وهي –كما روى عِمران بن الحُصَين- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَيْشًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، فَلَمَّا لَقُوهُمْ قَاتَلُوهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا فَمَنَحُوهُمْ أَكْتَافَهُمْ ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ لُحْمَتِي –أي من قرابتي ، هكذا يقول عمران - عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِالرُّمْحِ ، فَلَمَّا غَشِيَهُ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي مُسْلِمٌ . فَطَعَنَهُ ، فَقَتَلَهُ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ ؟ قَالَ : «وَمَا الَّذِي صَنَعْتَ» ؟ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ بَطْنِهِ فَعَلِمْتَ مَا فِي قَلْبِهِ» . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ شَقَقْتُ بَطْنَهُ لَكُنْتُ أَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ. قَالَ :«فَلَا أَنْتَ قَبِلْتَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ، وَلَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ» ! قَالَ : فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ ، فَدَفَنَّاهُ ، فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ، فَقَالُوا : لَعَلَّ عَدُوًّا نَبَشَهُ . فَدَفَنَّاهُ ، ثُمَّ أَمَرْنَا غِلْمَانَنَا يَحْرُسُونَهُ ، فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ، فَقُلْنَا : لَعَلَّ الْغِلْمَانَ نَعَسُوا . قال : فَدَفَنَّاهُ ، ثُمَّ حَرَسْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا ، فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ، فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ . فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ :« إِنَّ الْأَرْضَ لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَكُمْ تَعْظِيمَ حُرْمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» .

    اللهم باعد بيننا وبين أعراض ودماء إخواننا المسلمين كما باعدت بين المشرق والمغرب

    والآن مع قصة خرّج أحداثها الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إِنَّثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى ، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا ، فَأَتَى الْأَبْرَصَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْنٌ حَسَنٌ ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي ([1]) النَّاسُ . قَالَ : فَمَسَحَهُ ، فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ ، وَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا . قَالَ : فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : الْإِبِلُ . فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ([2]) ، فَقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا .

    فَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : شَعَرٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ . قَالَ : فَمَسَحَهُ ، فَذَهَبَ عَنْهُ ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا . قَالَ : فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : الْبَقَرُ ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا فَقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا .

    فَأَتَى الْأَعْمَى فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ . فَمَسَحَهُ ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ . قَالَ : فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : الْغَنَمُ . فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا ، فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ([3]) ، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ الْإِبِلِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ الْبَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ الْغَنَمِ .

    ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكِينٌ ، قَدْ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ ([4]) فِي سَفَرِي ، فَلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي . فَقَالَ : الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ . فَقَالَ لَهُ : كَأَنِّي أَعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ ، فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ ؟ فَقَالَ إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ [5] . فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ .

    وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا . فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ .

    وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكِينٌ ، وَابْنُ سَبِيلٍ ، انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي ، فَلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي . فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي ، فَخُذْ مَا شِئْتَ ، وَدَعْ مَا شِئْتَ ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ ([6]) .

    فَقَالَ : أَمْسِكْ مَالَكَ ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ ، فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ وَسُخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ» .

    ما أجملها من قصة ! وما أحسنها من موعظة !!

    وفي القصة فوائد :

    منها : أنّ الدنيا دار امتحان ، وإنما أوجدنا الله فيها ليبتلينا ، قال سبحانه :}تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ{ .

    ومنها : أنّ الملائكة يتشكلون ، وهذا ورد كثيراً في السنة .

    ومنها : الترفق والتلطف في معاملة أهل البلاء ، فهؤلاء الثلاثة مما زاد البلاء عليهم اشمئزاز الناس . وهنا لطيفة لا يفوتني ذكرها .. لا شك أيها المستمع الكريم أنك تعلم أنّ من رأى مبتلى فالسنة أن يقول :« الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً» ، ولكن نص أهل العلم على أنه لا ينبغي أن يسمعه لئلا يجرحه .

    ومنها : أن يحرص الإنسان على أن يكون ممن تدعوا له ملائكة الرحمن ، فلقد دعا الملك لهؤلاء الثلاثة بالبركة في المال فبارك الله لهم في أموالهم .

    وممن تدعوا له الملائكة من دعا لأخي بظهر الغيب ، قال صلى الله عليه وسلم :« عند رأسه ملك موكل كلما دعا له قال : آمين ولك بمثل» .

    وتتفرع عن الفائدة السابقة الفائدة اللحقة ، وهي :

    أنّ الإنسان عليه أن يحذر من أن يدعو ملك عليه . وممن دعت عليهم الملائكة من أدرك رمضان ولم يغفر له ، دعا عليه جبريل ، وأمّن على الدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان الدعاء لحظة صعود النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر .. فهل يُرد دعاءٌ هذا شأنه ؟

    ومن الفوائد : أنّ النعم تزول بكفرانها وجحودها . وتبقى بشكرها ، قال تعالى :}وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{ ، وقال :}لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ{ . فإن أردت بقاء ما أنعم الله به عليك فكن من القلة الشاكرة .

    ومن أهم الفوائد : أنّ الإنسان عليه أن يتأدب مع الله في العبارة ، فقد قال الملك : فَلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ . وكثير من الناس يأتي هنا بحرف الواو الدال على التسوية ، والتسوية لا تسوغ بين الخالق والمخلوق .. قال النبي صلى الله عليه وسلم :« لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا : ما شاء الله ثم شاء فلان » [رواه أحمد وأبو داود].

    فلا تقل : لولا الله وفلان ، ولكن قل : لولا الله ثم فلان . لا تقل : أعوذ بالله وبك ، ولكن قل : بالله ثم بك وهكذا .

    ومن الفوائد ما جاء في كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد :" أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم يقص علينا أنباء بني إسرائيل لأجل الاعتبار والاتعاظ بما جرى، وهو أحد الأدلة لمن قال : إن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه،ولا شك أن هذه قاعدة صحيحة".

    ومنها عظيم قدرة الله الذي أذهب عنهم البلاء في طرفة عين .

    ومنها : جواز الدعاء المعلق ، إن كنت كاذباً فصيرك الله . وفي دعاء الاستخارة :«اللهم إن كنت تعلم أنّ هذا الأمر » .

    ومنها : ثبوت الإرث في الأمم السابقة، لقوله : (ورثته كابرا عن كابر)

    ومنها أنّ من صفات الله الرضى والسخط ونحن نثبت معناها ونفوض كيفها لأن الكيف لا يُعلم إلا بمشاهدة من أُريد تكييفه ، أو بمشاهدة مثله ، أو بخبر صادق يخبر عنه .

    قال ابن حجر :" وَفِيهِ فَضْل الصَّدَقَة وَالْحَثّ عَلَى الرِّفْق بِالضُّعَفَاءِ وَإِكْرَامهمْ وَتَبْلِيغهمْ مَآرِبهمْ ، وَفِيهِ الزَّجْر عَنْ الْبُخْل ، لِأَنَّهُ حَمَلَ صَاحِبه عَلَى الْكَذِب ، وَعَلَى جَحْد نِعْمَة اللَّه تَعَالَى

    أكتفي بهذا القدر ، وأترككم في حفظ الله ورعايته ، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على نبينا وسيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



    [1] / أي اشمأزوا من رؤيتي . وفي رواية :« قَذِرُونِي الناس» على لغة أكلوني البراغيث .


    [2] / هِيَ الْحَامِل الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا فِي حَمْلهَا عَشْرَة أَشْهُر مِنْ يَوْم طَرَقَهَا الْفَحْل .


    [3] / وَمَعْنَاهُ تَوَلَّى الْوِلَادَة وَهِيَ النَّتْج وَالْإِنْتَاج . والمولِّد للغنم كالقابلة للمرأة ، والناتج للإبل .


    [4] / الحبال : الأسباب . أي انتقطعت بيَ الحيل .


    [5] / يعني : وَرِثْته عَنْ آبَائِي الَّذِينَ وَرِثُوهُ مِنْ أَجْدَادِي الَّذِينَ وَرِثُوهُ مِنْ آبَائِهِمْ كَبِيرًا عَنْ كَبِير فِي الْعِزّ وَالشَّرَف وَالثَّرْوَة


    [6] / أي : لَا أَحْمَدك عَلَى تَرْك شَيْء تَحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ مَالِي . وهذا كرم قلَّ مثلُه .


يعمل...
X