إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نعمة المعرفة وفن السرور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نعمة المعرفة وفن السرور

    نعمة المعرفة


    { وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما } الجهل موت للضمير وذبح للحياة ، ومحق للعمر { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } .
    والعلم نور البصيرة ، وحياة للروح ، ووقود للطبع ، { أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منه } إن السرور والانشراح ياتي مع العلم ، لأن العلم عثور على الغامض ، وحصول على الضالة ، واكتشاف للمستور ، والنفس مولعة بمعرفة الجديد والاطلاع على المستطرف.
    أما الجهل فهو ملل وحزن ، لأنه حياة لا جديد فيها ولا طريف ، و لا مستعذب ، أمس كاليوم ، واليوم كالغد.
    فإن كنت تريد السعادة فاطلب العلم وابحث عن المعرفة وحصل الفوائد ، لتذهب عنك الغموم والهموم والأحزان ، { وقل ربي زدني علما } ، { اقرأ باسم ربك الذى خلق } .(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين). ولا يفخر أحد بماله أو بجاهه ، وهو جاهل صفر من المعرفة ، فإن حياته ليست تامة وعمره ليس كاملا : { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى } .
    قال الزمخشري المفسر :
    سهري لتنقيح العلوم ألذ لي *** من وصل غانية وطيب عناق
    وتمايلي طربا لحل عويصة *** أشهى وأحلى من مدامة ساقي
    وصرير أقلامي على أوراقها *** أحلى من الدوكاء والعشاق
    وألذ من نقر الفتاة لدفها *** نقري لألقي الرمل عن أوراقي
    يا من يحاول بالأماني رتبتي *** كم بين مستغل وآخر راقي
    أأبيت سهران الدجى وتبيته *** نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي ما أشرف المعرفة ، وما أفرح النفس بها ، وما أثلج الصدر ببردها ، وما أرحب الخاطر بنزولها ، { أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواهم } .

    فن السرور


    من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوءه ، فإن في سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس ، وقالوا. إن السرور فن يدرس ، فمن عرف كيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش ، والنعم التي من بين يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال ، فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج للتوافه. وبحسب قوة القلب وصفائه ، تشرق النفس.
    إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس ، رواحل للهموم والغموم والأحزان ، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات ، وخفت عليه الأزمات.
    إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأهون ما تمر به الوحول
    ومن أعداء السرور ضيق الأفق ، وضحالة النظرة ، والاهتمام بالنفس فحسب ، ونسيان العالم وما فيه ، والله قد وصف أعداءه بأنهم ( أهمتهم أنفسهم ، فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في داخلهم ، فلا يفكرون في غيرهم ، ولا يعيشون لسواهم ، ولا يهتمون للآخرين. إن على وعليك أن نتشاغل عن أنفسنا أحيانا ، ونبتعد عن ذواتنا أزمانا لننسى جراحنا وغمومنا وأحزاننا ، فنكسب أمرين : إسعاد أنفسنا ، وإسعاد الآخرين.
    من الأصول في فن السرور : أن تلجم تفكيرك وتعصمه ، فلا يتفلت ولا يهرب ولا يطيش ، فإنك إن تركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح ، وأعاد عليك ملف الأحزان وقرأ عليك كتاب المآسي منذ ولدتك أمك. إن التفكير إذا شرد أعاد لك الماضي الجريح والمستقبل المخيف ، فزلزل أركانك وهز كيانك وأحرق مشاعرك ، فاخطمه بخطام التوجه الجاد المركز على العمل المثمر المفيد ، { وتوكل على الحى الذي لا يموت } .
    ومن الأصول أيضا في دراسة السرور : أن تعطي الحياة قيمتها ، وأن تنزلها منزلتها ، فهي لهو ، ولا تستحق منك إلا الإعراض والصدود ، لأنها أم الهجر ومرضعة الفجائع ، وجالبة الكوارث ، فمن هذه صفتها كيف يهتم بها ، ويحزن على ما فات منها. صفوها كدر ، وبرقها خلب ، ومواعيدها سراب بقيعة ، مولودها مفقود ، وسيدها محسود ، ومنعمها مهدد ، وعاشقها مقتول بسيف غدرها.
    أبني أبينا نحن أهل منازل *** أبدا غراب البين فيها ينعق
    نبكي على الدنيا وما من معشر *** جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
    أين الجبابرة الأكاسرة الألى *** كنزوا الكنوز فلا بقين ولا بقوا
    من كل من ضاق الفضاء بعيشه *** حتى ثوى فحواه لحد ضيق
    خرس إذا نودوا كأن لم يعلموا *** أن الكلام لهم حلال مطلق
    وفي الحديث : ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) وفي فن الآداب : وإنما السرور باصطناعه واجتلاب بسمته ، واقتناص أسبابه ، وتكلف بوادره ، حتى يكون طبعا.
    إن الحياة الدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس والتذمر والتبرم.
    حكم المنية في البرية جاري *** ما هذه الدنيا بدار قرار
    بينا ترى الإنسان فيها مخبرا *** ألفيتة خبرا من الأخبار
    طبعت على كدر، وأنت تريدها *** صفوا من الأقذار والأكدار
    ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
    وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني الرجاء على شفير هاو
    والعيش نوم والمنية يقظة *** والمرء بينهما خيال ساري
    فاقضوا مآربكم عجالا إنما *** أعماركم سفر من الأسفار
    وتركضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد فإنهن عوار
    ليس الزمان وإن حرصت مسالما *** طبع الزمان عداوة الأحرار
    والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن تنزع من حياتك كل آثار الحزن ، لأن الحياة خلقت هكذا { لقد خلقنا الإنسان في كبد }وصلى الله على سيدنامحمد وعلى اله وصحبه وسلم
    سبحان الله بحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
    اللهم اغفر لي وللمسلمين وللمسلمات الاحياء والاموات
    الدكتور عائض القرني
    <IMG border=0> تاريخ التحديث : Feb 7, 2005



    <IMG border=0 width=161 height=1>
يعمل...
X