حب الدنيا رأس كل خطيئة عقوبات المال الحرام،
حب الدنيا رأس كل خطيئة، وفي هذا يقول الله تعالى: }وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا{ [الإسراء: 83]، وحديث: «والله ما الفقر أخشى عليكم»، وضرب الإمام ابن القيم مثلاً رائعًا بليغًا: «أن رجلاً أراد سفرًا وكان له ثلاثة إخوة، فقال لهم: أنا أريد السفر والسفر طويل، وأحتاج إلى رفيق، فمن منكم يصاحبني؟ فقال الأول: سفرك طويل، وأنا لا أستطيع السفر معك. وقال الآخر: أنا أحبك ولا أستطيع السفر معك، ولكني سأساعدك في سفرك. وقال الآخر: أنا معك طال سفرك أم قصر». فيا ترى: من نختار من هؤلاء الإخوة الثلاثة؟ العجيب أن الناس يختارون غالبًا الأول والثاني، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يتبع الميت إذا مات ثلاثة: أهله، وماله، وعمله؛ فيرجع اثنان، ويبقى واحد، يرجع ماله وأهله، ويبقى عمله»، وتجد غالب الناس مفرطين في طاعة الله. وقد ذكر الإمام المنذري في (الترغيب) عدة أحاديث صحيحة حول هذا المعنى في باب الزهد ج4.
وقد ضرب نبينا صلى الله عليه وسلم مثلاً رائعًا بليغًا تضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن حرص المرء على المال والرئاسة والمناصب يفسدان الدين غاية الإفساد، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام الطبراني وأبو يعلى بسند جيد: «ما ذئبان ضاريان جائعان باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فسادًا من حب المال والشرف في دين المرء المسلم»، وعند الإمام الترمذي: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه»،وحاصل الحديث أن هذا مثلٌ عظيمٌ وبليغٌ، ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المسلم، وأن الحرص على المال والشرف أكثر فسادًا للدين من إفساد الذئبين للغنم، فكما أنه لا يمكن أن يسلم من الغنم إلا القليل، فكذلك حرص العبد على الشرف والمال لا يسلم إلا القليل من دينه؛ والسبب في ذلك أن من حرص على الدنيا تراه مشغولاً معذبًا، لا يتلذذ بجمعه لشغله، ولا يفرغ لآخرته، لشدة حبه لدنياه، وتجعله يتنازل عن كثير من دينه في سبيل الحصول على المناصب أو المال، فصاحب الدنيا لا يسلم من الذنوب ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم «لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال» [رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح]، فالدنيا دارُ من لا دار له، ولها يجمع من لا عقل له، وفي هذا يقول الناظم:
1- من ناحية كسبه وتحصيله: فيأخذه من حله وحرامه، كالربا، والرشوة، والغش، وبيع المحرمات، والأيمان الفاجرة، وعدم الوفاء بالعقود.
ولا شك أن بيع المسلم للمسلم لا غش فيه ولا خيانة، ففي الصحيح: «البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما» [رواه البخاري]، ومن علم في بضاعة عيبًا وكتمه فبشره بمحق البركة،ولذلك كان التاجر الصدوق الأمين الذي يتقي الله في كسبه في أعلى المراتب كما في حديث السنن المشهور.
2- ومن فتن المال من ناحية إنفاقه تسأل سؤالين: «من أين؟ وفيم؟».
3- الانشغال بجمعه وتنميته عن طاعة الله: فلا ترى طالب الدنيا إلا معذبًا مشغولاً، فلا يُسر بجمعه، ولا يتلذذ به، ولا يفرغ لطاعة الله، يقول بعض الفضلاء: بعض الناس يعيش في البقالة فيأكل ويشرب وينام ويموت بالبقالة، فلا تراه في طاعة الله إلا نادرًا، وقد وصل الحال ببعض طلاب الدنيا أثناء الاكتتاب في الأسهم أن يؤخروا الصلاة عن وقتها بل تركها بعضهم.
4- منع حقوقه الواجبة والمستحبة: أما الزكاة، فلا يجوز تأخير إخراجها يومًا واحدًا، وقد وصل الحال بالبعض أنه قد يبني مسجدًا كبيرًا وعنده في ماله زكاة لم يخرجها، وكذلك بخل البعض بالصدقة، مع أنه ليس له من ماله: «إلا ما تصدق فأمضى».
5- حمل صاحبه على الطغيان والبطر: }إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى{ [العلق: 6، 7].
وإذا عرف هذا، فتعالوا نرى عقوبات المال الحرام، وهي خمسة:
1- عدم استجابة دعائه: ومن الذي يستغني عن الله طرفة عين؟! فقد يحصل لك مرض أو مشكلة فتدعو فلا يستجاب لك، ففي الحديث: «يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وغذي بالحرام؛ أنى يستجاب له».
2- إذا أنفقه على أهله لم يبارك له فيه.
3- إذا تصدق منه لم يقبل منه ولو بنى المسجد الحرام؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
4- إذا غذي الحرام أحدث له وهنًا في جسده وقلبه في طاعة الله، فتجده من أكسل الناس في طاعة الله، ومن أجلدهم في اللهو واللعب.
5- أما عقوبة الآخرة: «فأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به».
والحاصل من هذا كله: أن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وسبب كل نقص، وتجر للرذيلة والغفلة.
حب الدنيا رأس كل خطيئة، وفي هذا يقول الله تعالى: }وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا{ [الإسراء: 83]، وحديث: «والله ما الفقر أخشى عليكم»، وضرب الإمام ابن القيم مثلاً رائعًا بليغًا: «أن رجلاً أراد سفرًا وكان له ثلاثة إخوة، فقال لهم: أنا أريد السفر والسفر طويل، وأحتاج إلى رفيق، فمن منكم يصاحبني؟ فقال الأول: سفرك طويل، وأنا لا أستطيع السفر معك. وقال الآخر: أنا أحبك ولا أستطيع السفر معك، ولكني سأساعدك في سفرك. وقال الآخر: أنا معك طال سفرك أم قصر». فيا ترى: من نختار من هؤلاء الإخوة الثلاثة؟ العجيب أن الناس يختارون غالبًا الأول والثاني، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يتبع الميت إذا مات ثلاثة: أهله، وماله، وعمله؛ فيرجع اثنان، ويبقى واحد، يرجع ماله وأهله، ويبقى عمله»، وتجد غالب الناس مفرطين في طاعة الله. وقد ذكر الإمام المنذري في (الترغيب) عدة أحاديث صحيحة حول هذا المعنى في باب الزهد ج4.
وقد ضرب نبينا صلى الله عليه وسلم مثلاً رائعًا بليغًا تضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن حرص المرء على المال والرئاسة والمناصب يفسدان الدين غاية الإفساد، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام الطبراني وأبو يعلى بسند جيد: «ما ذئبان ضاريان جائعان باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فسادًا من حب المال والشرف في دين المرء المسلم»، وعند الإمام الترمذي: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه»،وحاصل الحديث أن هذا مثلٌ عظيمٌ وبليغٌ، ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المسلم، وأن الحرص على المال والشرف أكثر فسادًا للدين من إفساد الذئبين للغنم، فكما أنه لا يمكن أن يسلم من الغنم إلا القليل، فكذلك حرص العبد على الشرف والمال لا يسلم إلا القليل من دينه؛ والسبب في ذلك أن من حرص على الدنيا تراه مشغولاً معذبًا، لا يتلذذ بجمعه لشغله، ولا يفرغ لآخرته، لشدة حبه لدنياه، وتجعله يتنازل عن كثير من دينه في سبيل الحصول على المناصب أو المال، فصاحب الدنيا لا يسلم من الذنوب ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم «لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال» [رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح]، فالدنيا دارُ من لا دار له، ولها يجمع من لا عقل له، وفي هذا يقول الناظم:
أموالنا للميراث نجمعها
ودورنا للخراب نبنيها
والحاصل: أن فتنة المال فتنة عظيمة، قل من ينجو منها، وقد عدَّ العلماء للمال خمس فتن: ودورنا للخراب نبنيها
1- من ناحية كسبه وتحصيله: فيأخذه من حله وحرامه، كالربا، والرشوة، والغش، وبيع المحرمات، والأيمان الفاجرة، وعدم الوفاء بالعقود.
ولا شك أن بيع المسلم للمسلم لا غش فيه ولا خيانة، ففي الصحيح: «البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما» [رواه البخاري]، ومن علم في بضاعة عيبًا وكتمه فبشره بمحق البركة،ولذلك كان التاجر الصدوق الأمين الذي يتقي الله في كسبه في أعلى المراتب كما في حديث السنن المشهور.
2- ومن فتن المال من ناحية إنفاقه تسأل سؤالين: «من أين؟ وفيم؟».
3- الانشغال بجمعه وتنميته عن طاعة الله: فلا ترى طالب الدنيا إلا معذبًا مشغولاً، فلا يُسر بجمعه، ولا يتلذذ به، ولا يفرغ لطاعة الله، يقول بعض الفضلاء: بعض الناس يعيش في البقالة فيأكل ويشرب وينام ويموت بالبقالة، فلا تراه في طاعة الله إلا نادرًا، وقد وصل الحال ببعض طلاب الدنيا أثناء الاكتتاب في الأسهم أن يؤخروا الصلاة عن وقتها بل تركها بعضهم.
4- منع حقوقه الواجبة والمستحبة: أما الزكاة، فلا يجوز تأخير إخراجها يومًا واحدًا، وقد وصل الحال بالبعض أنه قد يبني مسجدًا كبيرًا وعنده في ماله زكاة لم يخرجها، وكذلك بخل البعض بالصدقة، مع أنه ليس له من ماله: «إلا ما تصدق فأمضى».
5- حمل صاحبه على الطغيان والبطر: }إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى{ [العلق: 6، 7].
وإذا عرف هذا، فتعالوا نرى عقوبات المال الحرام، وهي خمسة:
1- عدم استجابة دعائه: ومن الذي يستغني عن الله طرفة عين؟! فقد يحصل لك مرض أو مشكلة فتدعو فلا يستجاب لك، ففي الحديث: «يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وغذي بالحرام؛ أنى يستجاب له».
2- إذا أنفقه على أهله لم يبارك له فيه.
3- إذا تصدق منه لم يقبل منه ولو بنى المسجد الحرام؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
4- إذا غذي الحرام أحدث له وهنًا في جسده وقلبه في طاعة الله، فتجده من أكسل الناس في طاعة الله، ومن أجلدهم في اللهو واللعب.
5- أما عقوبة الآخرة: «فأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به».
والحاصل من هذا كله: أن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وسبب كل نقص، وتجر للرذيلة والغفلة.
فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمة
وإلا فإني لا أخالك ناجيًا
وإلا فإني لا أخالك ناجيًا