قفْ يا زمانُ أبوحُ بالأشجان * فلعلَّ في الشكوى دواءَ جناني
قف يا زمانُ أقصُّ ما حَفِلَت به * أيامُنا من ذلّةٍ وهوانِ
قفْ يا زمانُ لكي تُقارنَ حالنا * بالصِيدِ من آبائنا الشجعانِ
قفْ يا زمانُ أبُثُّك الشكوى التي * من هولِها يتحدثُ الملوانِ
نطق الرويبضُ يازمانُ فقل معي * آهٍ على الآثارِ والقرآنِ
قوم تلوكُ الفقهَ لوكَ « لُبانةٍ » * في كلِ مسألةٍ لها قولانِ
يتهافتون على شِقاقِ نبينا * والمصلحينَ تهافتَ الذُّبانِ
لا يأبهونَ بما أتى عن مالكٍ * والشافعيِّ وأحمدِ الشيباني
بل ما أتى عن سيد الثقلين ضد * شذوذِهم يُرمى بدون تواني
يُرمى بتأويلٍ سخيفٍ بارد * من باردِ النظراتِ والإيمانِ
وتجاوزَ الأمرُ الحدودَ جميعَها * حينَ استباحوا حرمَةَ القرآنِ
تُصغي لواحدهم فتعجبُ عندما * يتأولُ القرآنَ بالهذيانِ
فيقولُ عند الشافعيِ وعندنا * من أنتَ يا مسكينُ في الميزانِ
حُبُ النصارى واليهودِ فريضةٌ * في فقهِ طائفةٍ بذي الأزمانِ !
والملحدون وكلُ صاحبِ بدعةٍ * أضحوا وأصحاب الهدى سيانِ
ماذا الجفاءُ لغيرنا كلٌّ له * دينٌ يدينُ بهِ بلا نُكرانِ
إنْ قلتَ قد جاء الكتابُ ببغضهمْ * نصٌّ صريحٌ من عظيم الشانِ
قالوا لنا تتبدل الفتوى على * مرِّ الزمانِ تبدلَ القمصانِ
أمّا الغناءُ فقام شهمٌ حاذقٌ * فأباحَهُ بالنايِ والعيدانِ
وتعسّفَ الآثارَ دون هوادةٍ * وتأولَ المقصودَ بالتبيانِ
وأتاكَ من هذا اللفيفِ جماعةٌ * ببواقعٍ يندى لها الخدانِ
قالوا لنا :تليَ الرئاســةَ طَفْلةٌ * فرعاءُ من عدنانِ أو قحطانِ
وتدينُ آلافُ الفحولِ لأمرها * بلْ والشعوبُ تُساقُ كالقطعانِ
ويجوزُ أن تليَ القضاءَ خريدةٌ * في جِيدها شَبَهٌ من الغزلانِ
في حينها لا تأتِ سُــدَّةَ حاكمٍ * واهجرْ حِماهُمْ أيّما هِجرانِ
ولتأتِ قاضيةَ النساءِ فإنها * تُذكي الغرامَ بثديها الفتانِ
واسمعْ مقالةَ جهبذٍ منهم أتى * بمصيبةٍ تربوا على ثهلانِ
لا تتبعوا إن مات منكم مسلمٌ * هديَ النبيِ المُصطفى العدناني
لُفّوه في كيسٍ وواروه الثرى * من دون تغسيلٍ ولا أكفانِ
قالوا : وكلّ مصيبةٍ في أرضنا * من هيئةِ المعروف والنكرانِ
دوماً يصيحون « الصلاةَ» أما لهم * شغلٌ بغيرِ أذيةِ الجيرانِ
وفقيهةٌ أُخرى تنادي قومنا * الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ
يا مجلس الشورى تنحّوا واتركوا * ثُلُثَ الكراسي السودِ للنسوانِ
والدورةُ الأُخرى تكون ُ جميعُها * محجوزةً لخديجةٍ وحنانِ
وهنا يكون الرأيُ رأياً ثاقباً * يرضى به القاصي ويرضى الداني
وأتاك جمعٌ في الجرائدِ زمجرتْ * أقلامُهمْ غضباً على الشِّيخانِ
قالوا سلبتمْ حقَ ساحرةِ اللّما * يا ويلكمْ من سطوةِ الدّيانِ
قلتُمْ لها تبقى حبيسةَ دارِها * هل تُحْبَسُ الأقمارُ في الأكفانِ
هذا كلامٌ لا يليقُ بعصرنا * قدْ كانَ حينَ جهالةِ النسوانِ
والمَحرمُ المذكورُ في أسفاركم * يَقْضي على «السِّتاتِ» بالنقصانِ
ماذا الرّقيبُ كأنها مسلوبةٌ * لا عقلَ يعقِلُها عن العصيانِ
دعها تُسافرُ في الفضاءِ وحيدةً * وتهيمُ سافرةً بكلِّ مكانِ
هذا الحجابُ يحُدُّ من حركاتها * في مرقصٍ لكواعبٍ وغواني
مِنْ عادةِ الأعرابِ ليسَ عبادةً * فدعوا عوائدَ سالفِ الأزمانِ
قدْ جوّزَ الشيخُ المهيبُ صلاتَها * مكشوفةَ الأكتافِ والسيقانِ
فَلِمَ الخيامُ على مكامنِ حسنِها * حتّى تُرى في السوقِ كالغربانِ
دعها تُباشرُ في المطاعمِ كيْ تَرى.. * يتدافعُ الرّواد كالطوفانِ
دعها تكونُ مُديرةً ووزيرةً * وسفيرةً في سائرِ البلدانِ
دعها تقودُ الجيشَ تدفعُ صائلاً * وتُقاومُ النيرانِ بالنيرانِ
لا تعجبنَّ إذا التقيتَ بضابطٍ * يوماً وفي أحشائهِ طفلانِ
دعها تقودُ بأرضنا سيارةً * وتسيرُ سائحةً على الشُطئآنِ
تَلقى الحبيبَ , وهل تراها أجرمتْ * يا صاحِ إنْ باتتْ معَ الخلاّنِ ؟
دعها تكونُ إمامةً ومؤذناً * حتّى يبوءَ الجمعُ بالغفرانِ !
وترى الشبابَ الفاسدينَ جميعَهم * خلفَ الإمامَةِ خشيةَ الرحمنِ !
أوَما رأيتَ إمامةً غربيةً ؟ * تاهتْ على الدنيا بحسنِ بيانِ !
أثنى عليها ثُلّةٌ من قومنا * بالفقهِ معروفونَ كالنعمانِ !
رفعتْ إلى المأمومِ مأكمةَ الهوى * فهوى صريعَ الحُبِّ كالسكرانِ
عجباً لكم يا مسلمونَ ألمْ يحنْ * وقتٌ يُقامُ العدلُ بالميزانِ !
لا تقبلونَ شهادةَ النسوانِ في * حدٍّ وتزويجٍ وأمرٍ ثاني !
وشهادةُ الرجلِ الوحيدِ مُقامَةٌ * كشهادةِ «السِّتَينِ » يا لِهواني
وظلمتم الحسناءَ في ميراثِها * فجعلتمُ الضعفينِ للذكرانِ
يا معشرَ « الفقهاءِ » فقه جرائدِ * هلاّ احترمتم شِرعَةَ الرحمنِ
عجباً لمن يدعو لنهجِ محمّدٍ * وتغيبُ تحتَ ثيابِهِ القدمانِ
أمّا اللحى فكأنهم قدْ كُلّفوُا * بِحِلاقِها في مُحكمِ القرآنِ
وعِداؤهم دوماً لخيرِ شيوخنا * من « هيئةِ العلماءِ » في الميدانِ
بينا تراهم يُحسنونَ تصنّعاً * لخصومِنا في الدِينِ والديّانِ
يَصِفُون أمريكا بكلِ جليلةٍ * ويوبخونَ قتيلها الأفغاني
هل يا زمانُ رأيتَ مثلَ مُصابِنا * حتّى أُسلي النفسَ عن أحزاني
يا دولةَ الحرمينِ عشتِ مُصانةً * من كيدِ حُسّادٍ ومن فتّانِ
محفوظةً بالدين ... في جنباتها * مأوىً لكلِّ معلمٍ رباني
م / ن