إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحجاب بين الفرض و العرض 00 و ظاهرة السفور المقنّع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحجاب بين الفرض و العرض 00 و ظاهرة السفور المقنّع

    *** الحِجَابُ بَينَ الفَرضِ و العَرض ***
    ** "وظَاهِرةُ السُّفورِ المُقََنَّع" **
    -_مُقدّمةٌ وأصلٌ مهم_-
    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبهِ ومن والاه ... أما بعد
    فهذه رسالةٌ أذكّر بها كلّ أختٍ من أخواتي غرّتها صَيَحَات السفُور و دُعات فضائيّات الفجور و مكرُ الغربِ العَهُور ,
    حتّى تدرّج بهنّ الشيطان فنزع الحجاب عن رؤوس الكثيرات و شوّه معناه وصورته على أجساد الباقيات ... و لكأن أمر هذا الدّين أمرٌ هينٌ لنأخذه ممّن هبّ ودبّ ,
    وأحسن حين قال الإمام محمد بن سيرين كما في صحيح مسلم : ((إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم)) ...
    فعلينا أن نأخذ ديننا من كتاب ربّنا ومن سنّة نبيّنا صلى الله عليه وسلّم وأن نفهمَا فهم صحابتنا الكرام وأئمّة تابعيهم الأعلام السائرين على نهج خير الأنام ...
    لا أن نأخذ ديننا من آراء وأهواء الرجال أيّاً كانوا فكما قيل : ( يُعرفُ الرجال بالحق و لا يُعرف الحقّ بالرجال) ...
    أخيّتي إنها صيحةُ نذيرٍ مشفقٍ مما آل إليه أمر الدّين في هذه الأيّام فقد تلقينا النسبة إلى الإسلام بالوراثة -فقط- و ضاعت منّا معاني هذا الدين العظيم وكثيراً من شرائعه
    بين دعوات التحرر المختلفة ولا أدري حقيقةً كيف يتحرر عبدٌ ناصيتهُ بيدِ مولاه جلَّ في عُلاه ؟
    وهل يخفى على كلّ عاقلٍ أنّ بعد إنقضاء هذه الدنيا الفانية إمّا أنّه سيكون في جنّة عالية أو بين أيدي "محترفي التعذيب" في جهنّم المسمّون بالزّبانية ؟ ...
    ولكننا حقيقةً في زمن الغربة - غربة هذا الدّين - الذي أخبر عنه الصادق المصدوق عليه وعلى آله أفضل الصلاة و أتمّ التسليم
    حين قال في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني في الأوسط والصغيروغيره أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :
    ((إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء يا رسول الله قال الذين يصلحون إذا فسد الناس)) ...
    فو الله أخيّة لو بُعث رسول الله ما عرفنا , نعم فما هكذا علّمنا و لا هكذا تركنا وقد أوصانا فداه أبي وأمي كما في الصحيح من سنن ابن ماجه وغيره من حديث العرباض بن سارية قال :
    (( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجِلَت منها القلوب . فقلنا يا رسول الله : إن هذه لموعظة مودع , فما تعهد إلينا ؟ قال: قد تركتكم على البيضاء
    ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك , من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيراً , فعليكم بما عرفتم من سُنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين . عضوا عليها بالنواجذ . وعليكم بالطاعة . وإن عبداً حبشياً . فإنما المؤمن كالجمل الأَنِفُ حيثما قيد انقاد)) ... والمقصود بالبيضاء : الشريعة النقيّة , والجمل الأنِفُ: -هو الذلول السهل الإنقياد- وقد شبّه صلى الله عليه وسلّم المؤمن به لأنّه سهلُ الإنقياد إلى ربّه يقول في كلّ أمر سمعنا وأطعنا ولا يكون لسان حاله كما كان يقول بنو اسرائيل سمعنا وعصينا ...
    (( فالمؤمن لا يقول ولو كان الأمير أو الآمر بالمعروف عبداً حبشيّاً : لا أصلّي حتّى أقتنع ولا يقول : لا أصوم حتّى أقتنع ولا أحجّ كذلك حتّى أقتنع و لا تقول المؤمنة الطاهرة أيضاً : لا أتحجب حتّى أقتنع فأخشى ما أخشاه أن لا يقتنع أحدهم إلا وهو بين براثن الموت قد التحف بالتراب و استوحش بعيداً عن الأحباب وصار أسيراً في أوّل دركات العذاب بين الديدان والجرذان يصيح و يصرخ دون أدنى جواب )) ... فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بهذا الحديث عن الاختلاف الذي سيطرأ على المتمسكين بشرعة الإسلام وأمرنا أن نتمسّك بالشريعة النقيّة التي جاء بها هو والتي اتّبعها الراشدون المهديون من خلفائه لا التي آل إليها الدين بعده بأكثر من ألف وأربعمائة قرن ...
    *و قبل الشروع بسرد بعض الأدلّة من الكتاب والسنّة إليكِ بعض شرح المفردات المهمّة بين يدي هذه الرسالة*:
    ((الجلباب: ثوبٌ سابغٌ تشتمل به المرأة من الرأس وحتى القدم ويسمّى بالملاءة و بالإزار الكبير , الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها ,
    الأجانب أي الغير مذكورين في الآية31 من سورة النور , الجَيب: موضع القطع من الدرع والقميص أي مكان الصدر, التبرّج: فهو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها المثيرة للرجال
    الزينة-على قولين صحيحين-: إمّا الوجه والكفّان *ابن عباس* , أو جلباب المرأة وما ظهر من تحته دون قصد وتداركته بسترها إيّاه *ابن مسعود*)) ...
    ***** ***** *****
    -_أدلّةُ الحجابِ و كيفيّتهِ_-
    ودعينا أختاه نعود لآيات وأحاديث الحجاب الصحيحة وشروطه لتتضح الصورة حوله والله المستعان :
    قال ربّنا جلّ وعلى في سورة النورآية31((وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) ..
    وقال أيضاً في سورة الأحزاب آية 59 ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا((..
    وقد ورد الكثير من الأحاديث و إليكِ بعضاً منها :
    الحديث الأول :روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن مروطهن فاختمرن بها((
    -والمرْطُ: كِساء من خَزّ أَو صُوف أَو كتّان-وهنا دليلٌ على وجوب تغطية الصدر بالخمار لا تركه بارزاً ...
    الحديث الثاني:وروى البخاريّ ومسلم في صحيحيهما حديث أم عطية رضي الله عنها :
    ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد قالت أم عطية : إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : لتلبسها أختها من جلبابها ) ...
    وهنا دليلٌ أختاه على عدم جواز الخروج بدون جلباب حتّى لأطهرِ الأماكن ولأجلّ العبادات ...
    الحديث الثالث: ما روى البخاري ومسلم في قصة حادثة الإفك مع أمّنا عائشة قولها رضي الله عنها : ((فخمرت وجهي بجلبابي)) عندما سمعت صوت استرجاع
    صفوان ابن المعطل السلمي -أي قوله إنّا لله وإنّا إليه راجعون-
    الحديث الرابع: روى أبو داوود في حديثه الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا جاوزوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه)) ...
    الحديث الخامس : روى ابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين , عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :
    كنّا نغطي وجوهنا من الرجال و كنّا نتمشط قبل ذلك في الإحرام))))
    الحديث السادس : أخرج الترمذي في حديثه الحسن الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    (( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال : يرخين شبرا فقالت : إذن تنكشف أقدامهنّ قال : فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه))
    -أي أمر عليه الصلاة والسلام بأن ترخي النساء من منتصف ساقها ذراعاً-
    وانظرِ أختاه على حرص أمّنا أم سلمة رضي الله عنها على الستر وفي هذا الحديث وجوب تغطية المرأة لساقيها وقدميها أيضاً ...
    الحديث السابع : أخرج الترمذي بحديثه الصحيح عن أبي أحوص عن عبد الله :عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :)) المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)) ... وجاء في شرح هذا الحديث في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي -(( الأصل في الاستشراف رفع البصر للنظر إلى الشيء وبسط الكف فوق الحاجب والمعنى أن المرأة يستقبح بروزها وظهورها فإذا خرجت أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها ويغوي غيرها بها ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة , أو يريد بالشيطان شيطان الإنس من أهل الفسق سماه به على التشبيه))- ...
    و لولا خشية الإطالة لأتينا بالمزيد من هذه الأحاديث الشريفة التي قالها الصادق المصدوق تشريفاً للمرأة المسلمة وتنزيهاً عن الخوض في غمار السفور الذي أهلك باقي الأمم حتّى وصل الأمر ببعضهن هناك إلى أن يعرضن أجسادهن عاريات خلف زجاج محلات الفاحشة لينهش لحومهنّ سباع الإنس ووحوشهم دون أدنى كرامة لإنسانيّة المرأة ... والله وحده الستّير...
    ***** ***** *****
    و الآن نأتي لشروط الحجاب التي استنبطها العلماء من أدلّة الكتاب والسنّة المطهّرة (علماً أنّ الشروط الثلاثة الأخيرة في اللباس تنطبق على الرجال والنساء معاً) :
    -_شروطُ الحجاب وأدلّتهُ_-
    أولاً : استيعاب جميع البدن إلا الوجه والكفّين فقط -إن أُمِنت الفتنة-
    والخلاف هنا -أي في مسألة كشف الوجه و الكفّين- كبيرة جدّاً فقد انقسم العلماء بين مجيز لذلك و غير مجيز , ولكلٍّ أدلّته المعتبرة غير أنّ حجاب أمّهات المؤمنين ومن استنّ بسنّتهنّ وسار على طريقهنّ هو ستر الوجه والكفّين -وهذا ما ارتضاه فداه أبي وأمي وصلى الله عليه وسلم لنسائه رضوان الله عليهنّ - و إليكنّ هذا الدليل : وهو مارواه الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن أنس بن مالك قال :(( أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا يبني عليه بصفية بنت حيي فدعوت المسلمين إلى وليمته فما كان فيها من خبز ولا لحم أمرنا بالأنطاع فالقي فيها من التمر والأقط والسمن فكانت وليمته فقال المسلمون : إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه فقالوا : إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه
    فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومدّ الحجاب بينها وبين الناس )) ...
    وفي رواية : (( وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها ثم شده من تحت رجلها وتحمل بها وجعلها بمنزلة نسائه))...
    وهنا نرى أنّ الصحابة كانوا يميّزون نساء النبيّ عليه الصلاة والسلام من إمائه من الحجاب أي من ستر الوجه ,
    فهذا ما ارتضاه النبيّ صلى الله عليه وسلّم لنسائه أفلا ترضينه لنفسكِ أختاه ؟؟؟ ... و إذا أُمِنَت الفتنة وأردتي كشف الوجه والكفّين فاعلمي أنّ حدود وجهكي كما جاءت الآثار من على الحاجببين , و عند كشف الكفّ اعلمي أنّ كشف معصمكِ عورة ... وعليكِ أن تعلمي أختاه أنّه يجب عليكِ لبس الجلباب على الخمار وهذا في قوله تعالى (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) وهذا قول الكثير من العلماء والمفسرين ... وهذا لئلا يوصف حجم الرأس والأكتاف و لستر شعر الناصية والرقبة أيضاً ... ونرى هنا مخالفة الكثيرات من المحجّبات ... نسأل الله العفو والعافية ...
    ثانياً : أن لا يكون زينة في نفسه.
    لقوله تعالى في الآية المتقدمة من سورة النور : ( ولا يبدين زينتهن ) [ آية 31 ] فإنّه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك
    قوله تعالى في [ الأحزاب : 33 ] : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) .
    وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره :(( ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا وأمة أوعبد أبق فمات وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم )) ... وقد قال الشيخ الألبانيّ في كتابه جلباب المرأة المسلمة والذي تمّت الإستفادة منه في هذه الرسالة : (التبرج : أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل ) . والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة فلا يعقل حينئذ أن يكون الجلباب نفسه زينة وهذا كما ترى بيّنٌ لا يخفى ولذلك قال الإمام الذهبي في ( كتاب الكبائر ) ( ص 131 ) : ( ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ تحت النقاب وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت ولبسها الصباغات والأزر الحريرية والأقبية القصار مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة ولهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء قال عنهن النبي صلى الله عليه وسلم :اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء ) . قلت: وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عمران ابن حصين وغيره ... ولقد بالغ الإسلام في التحذير من التبرج إلى درجة أنه قَرَنَهُ بالشرك والزنى والسرقة وغيرها من المحرمات وذلك حين بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء على أن لا يفعلن ذلك فقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه في الحديث الحسن الذي رواه الإمام أحمد وغيره : ( جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال : أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى ) ... انتهى كلام الشيخ ...
    ومن المؤسف حقيقةً ما نُشاهدهُ اليوم من تفشّي حجاب الزينة , ولا أدري حقيقةً أنّ من ارتدته ماذا حجبت بالحقيقة ؟ ... والله لم تحجب إلا معنى الحجاب ...
    ثالثاً : أن يكون صفيقاً لا يشفّ.
    روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا((... و قد تواتر عن الصحابة إنكارهُنّ لمن لبس ما يشفّ وعدّ العلماء هذا الفعل من الكبائر ...فلا يجوز أختاه للمسلمة أن تلبس ما يشفّ عن لون شعرها وجسدها أو ما يَصِفهُ ويحجمّهُ أعاذنا الله وإيّاكنّ من أن نكون عُرضةً لهذا الوعيد ...
    رابعاً : أن يكون فضفاضا غير ضيّق.
    لنقرأ هذا الأثر عن بضعة النبيّ صلى الله عليه وسلّم ولنتفكر به أختاه : روى البيهقيّ في سننه الكبرى عن أم جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت :(( يا أسماء إني قد استقبحت ما يُصنع بالنساء-أي بعد الموت-أنه يُطرح على المرأة الثوب فيصفها فقالت أسماء يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة رضي الله عنها ما أحسن هذا وأجمله لا يعرف به الرجل من المرأة فإذا أنا متّ فاغسليني أنت وعلي ولا تدخلي عليَّ أحداً)) ... لم ترضَ فاطمة رضي الله عنها وأرضاها أن يوصف جسدها حتّى بعد موتها و استقبحت ذلك وسُرّت عندما صنعت لها أسماء ما يشبه الهودج ... وقد علمت المقصد من الحجاب حال الوفاة كما في حال الحياة ولم يكن خافياً عليها حديث أبيها عليه الصلاة والسلام فقد روى الإمام أحمد وغيره حديث أسامة بن زيد بإسناد حسن بقوله : (( كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : مالك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي فقال :مُرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها)) ... -وقد وقعت الكثير من أخواتنا في إظهار سوقهنّ وهنّ يلبسن الجوارب السميكة والرقيقة أو البناطيل فكلّ ماحدد حجم أعضاء المرأة محرّم- وهل من لبست اللباس الضيّق تحقق فيها قول ربّها :
    (( ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ )) ؟ ... أم تحقق فيها قول نبيّها عليه الصلاة والسلام (( كاسيات عاريات )) كما تقدّم ؟؟
    وهل خشية المرأة على حرمة جسدها و على النظر إليها نظرة محرّمة حال وفاتها أشدّ أم حال حياتها ؟؟؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار ...
    خامساً : أن لا يكون مُبخراً مُطَيَّبَاً.
    روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن بسر بن سعيد قال أخبرتني زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : (( إذا خرجت إحداكن إلى العشاء فلا تمس طيباً)) . وروى النسائي وغيره بإسناد حسن عن الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أيما امرأةٍ استعطرت فمرّت على قومٍ ليجدوا من ريحها فهي زانية)) ...
    روى البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن أبي هريرة : (( أن امرأة مرت به تعصف ريحها فقال: يا أَمَة الجبار المسجد تريدين قالت: نعم قال: وله تطيبت قالت: نعم قال: فارجعي فاغتسلي فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاتها حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل))...
    فتأمّلي أخيّة هذه الإشارة من المصطفى صلّى الله عليه وسلّم إلى أدنى ما تُحَرّكُ به الشهوة ألا وهو العطر وهذا الزجر الصارخ , أإذا كانت المتعطّرة زانية - والعياذ بالله- فما بالكِ بحكم من خرجت وقد تفننت برسم لوحةٍ على وجهها و نمصت حاجباها , مع إظهار وتحجيم ما أمرت به من عوراتها فما حكمها يارعاكِ الله ؟؟؟ ...
    أفليس نزعُ الحجاب وعدمُ الإقتناع به أو امتهانه و التفنن بتبرّجه كحجاب من زعمن التوبة من الفنانات -هداهن الله- أحقّ بالزجر من مجرّد هذا العطر ؟؟؟
    سادساً : أن لا يشبه لباس الرجل.
    روى الإمام أحمد بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمروا بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
    ((ليس منّا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال)) ...
    روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث وثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق والديه والمدمن الخمر والمنّان بما أعطى))...
    والديّوث:هو الذي لا يغار على أهله , أو الذي يقود عليهم .-عافانا الله مما ابتلى به كثير من ذكور أمّتنا من انعدام الغيرة -
    وقد أورد الذهبي تشبه المرأة بالرجال وتشبه الرجال بالنساء في ( كتاب الكبائر ) ( ص 129 ) وأورد بعض الأحاديث المتقدمة ثم قال :
    ( فإذا لبست المرأة زي الرجال من المقالب والفرج والأكمام الضيقة فقد شابهت الرجال في لبسهم فتلحقها لعنة الله ورسوله ولزوجها إذا أمكنها من ذلك أو رضي به ولم ينهها لأنه مأمور بتقويمها على طاعة الله ونهيها عن المعصية لقول الله تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) ,
    ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته الرجل راع في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة )) متفق عليه ...
    تبيّن من هذين الحديثين عدم جواز لبس -البنطلون- و -الجاكيت- وهناك من أحاديث النهي عن التشبّه لكلا الجنسين بالآخر الشيئ الكثير و اكتفيت بهذين الدليلين خشية الإطالة , وعسى أن تترك من اعتادت هذا اللباس ما نهاها نبيّها عنه وقد أمرنا ربّنا بذلك بقوله في الآية 7 من سورة الحشر : ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب))...
    وهذا التشبّه تفشّى بين الكثيرات , من أخواتنا -عافاهنّ الله- واللاتي نحسب في كثير منهنّ الخير الكثير , وعسى أن نكون وإيّاهم ممن خصّنا الله بقوله في الآية51 بسورة النور
    ((إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)) ... -جعلنا الله وإيّاكنّ من المفلحين-
    سابعاً : أن لا يشبه لباس الكافرات.
    وهذه القاعدة العظيمة-عدمُ التشبُّه بالكفّار- مما غفل عنه الكثير الكثير من الرجال والنساء وحتّى الكثير من المنتسبين للعلم في هذا العصر بعد عصور الإنحطاط والغزو الفكري و التبعيّة العمياء التي ماعاد الكثيرون يستسيغون الألبسة والأطعمة وكافّة الأمزجة إلا إذا كانت موافقة للهوى الغربيّ !!! فهل هانت هويّتنا إلى هذا الحد وهل فسد ذوقنا وكيف نرجو من الله عزّة ونحن نسير خلف ركاب الفجرة من بني آدم ولقد قال عزّ وجل : (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) [ الرعد : 11 ] , و هذه التبعيّة هي التي أنبئنا بها الصادق المصدوق من أكثر من أربعة عشرة قرناً في الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لتتبعن سَنَنَ من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه . قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : - فمن ؟ -)) -فقد أخبر فداه أبي وأمي عما سيؤول إليه حال أمّته من تبعيّة بغيضة في سُبل ومناهج وعادات اليهود والنصارى في كلّ صغيرة وكبيرة حتّى في العادات الفاسدة والأخلاق الذميمة -التي لا يتصوّرها عقلُ- و التي تفوح منها رائحة النتن كجحر الضبّ و عندما سألوه : اليهود والنصارى ؟
    أجابهم -فمن- أي فمن سيكون رافدكم في الكفر و العصيان والمجون غيرهم ... فصلى الله على الصادق المصدوق فها نحنُ لا نعدُوا ما قال ... عسى الله أن يردّنا إليه ردّاً جميلاً ...
    والأدلّة على النهي عن التشبّه بالكفّار كثيرة جدّاً و سنأخذُ منها ما يجزئنا والله المستعان :
    سنبدأ بآيات القرآن الكريم و إن كانت مجملةً فسنردفها بما يفسرها ويبيّنها من سنّة المصطفى عليه الصلاة والسلام كما هو شأنها دائماً ...
    فقد قال ربّنا عزّ وجل في سورة الجاثية من الآية 18((ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ))وقال تعالى في سورة الرعد37 :
    ((وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ))-(والأهواء) في كلا الآيتين هو ما يهوونه وما عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل وتوابع ذلك فهم يهوونه...قاله شيخ الإسلام ابن تيميّة في الإقتضاء- وقال تعالى في سورة الحديد آية16
    ((ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون))
    -فقوله : ( ولا يكونوا ) نهي مطلق عن مشابهتهم وهو خاص أيضا في النهي عن مشابهتهم في قسوة قلوبهم وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي...قاله شيخ الإسلام ابن تيميّة في الإقتضاء -ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية...قاله ابن كثير في تفسيره-و الخوض في أقول العلماء في هذه الآيات طويل وطويل جداً واكتفينا بالإشارة فقط.
    وقد كان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام مخالفة اليهود والنصارى في كلّ أحواله حتّى قال اليهود كما في الحديث الصحيح ((ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا)) , فقد اهتمّ -أي أصابه الهمّ- رسولنا في كيفيّة دعوة الناس للصلاة فعُرض عليه -الشُبّور-فقال:هو من أمر اليهود وعرض عليه -الناقوس- فقال:هو من أمر النصارى حتّى اهتدي إلى الأذان فصلوات الله وسلامه عليه ... و أمرنا بعدم مشابهة اليهود والنصارى باتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد وهذا قبل موته بخمسة أيّام و أمرنا بمخالفة اليهود والصلاة في النعال ... وقال لهم إذا صلى أحدكم في ثوب فليشده على حقوه ولا تشتملوا كاشتمال اليهود ... و أمرهم في مرضه وعنما صلّى بهم جالساً أن يجلسوا ولا يفعلوا فعل فارس والروم بأن يقومون على ملوكهم وهم قعود ... وحتّى في طريقة الدفن قال : اللحد لنا والشق لأهل الكتاب ... وفي الصوم خالفهم فقال: فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر... وقال في الحديث الحسن : لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون ... وقال للتي أرادت مواصلة الصيام :إنما يفعل ذلك النصارى صوموا كما أمركم الله وأتموا الصوم كما أمركم الله و( أتموا الصيام إلى الليل ) فإذا كان الليل فأفطروا ... وعندما صام عاشوراء قال :إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع ... وكلّ الأحاديث التي تقدّمت صحيحة إلا الذي بيّنت أنّه حسن و اختصرت أسانيدها خشية الإطالة ... وعندما رأى أحد الصحابة يلبس الثياب المعصفرة قال في الحديث الصحيح : إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ... وفي الحديث الحسن عن أبي أمامة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال : يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب قال : فقلنا : يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب قال : فقلنا : يا رسول الله إن أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون قال : فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب . قال : فقلنا : يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم قال صلى الله عليه وسلم : قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب ...وفي الحديث الصحيح عن ابن عمر قال : (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأفوا اللحى ) ... وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال : (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ) ... وفي الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم
    إنما أنا عبد الله فقولوا : عبد الله ورسوله ) . وقال صلى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح : ((من تشبّه بقومٍ فهو منهم)) ...
    إلى آخر هذه النصوص الكثيرة التي إن دلّت كثرتها على شيئ فإنّما تدلّ على تعظيم خطر المشابهة بأعداء الله في أمور الدنيا والدين ,
    وقد أجاد شيخ الإسلام ابن تيميّة في الإقتضاء حين قال : (((( أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن اللابس ثياب أهل العلم يجد من نفسه نوع انضمام إليهم واللابس ثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ويصير طبعه متقاضيا لذلك إلا أن يمنعه مانع . ومنها أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام-الذي هو الإسلام- كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنا وظاهرا أتم وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.ومنها أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرا بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين . . .
    إلى غير ذلك من الأسباب الحكيمة , هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحاً محضاً لو تجرد عن مشابهتهم فأما إن كان من موجبات كفرهم كان شعبة من شعب الكفر فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له)))) انتهى باختصار ... وقد صدق ابن تيميّة رحمه الله فقد ارتفع التمييز حقّاً بين المسلمين وغيرهم والله المستعان ...
    وقد أطلت بسرد الأدلّة في هذا الشرط لشدّة خطورته ... ونسأل الله العفوَ الهداية و العصمة من أبواب الهلاك والغواية ...
    ثامناً : أن لا يكون لباس شهرة.
    ورد الحديث الحسن الذي رواه ابن ماجه بسند حسن من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :
    . (من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا) قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :
    ((أراد ما لا يحل لبسه أو ما يقصد به التفاخر والتكبر أو يتخذه المتزهد ليشهر نفسه بالزهد أو ما يلبسه المتفقهة من لبس الفقهاء والحال أنه من السفهاء وما يشعر به المتعبد من علامة السيادة كالثوب الأخضر أو ما يتخذه الساخر ليجعله ضحكة أو ما يرائ به كناية بالثوب عن العمل والثاني أظهر لترتب الباس وقوله ثوب مذلة جزاء وفاق فإن المعالجة بالضد إنجاح)) ,
    من شرح سنن ابن ماجة ...
    ***** ***** *****
    -_الوعيد لمن خاف وعيد_-
    لقد تمّ تفصيل الشروط الثمانية لكي أختاه بفضل الله عسى أن تكون تذكرةً لكي في زمن التخبط الذي يعيشه الخطاب الديني ... ولقد حاولت جاهداً ألا أستدلّ إلا بصريح الكتاب وصحيح السُنّة و بعض أقوال كبار الصحابة و العلماء الربّانيين ... فنحن مأمورون كما أسلفت في أوّل رسالتي أن نتّبع سنّته عليه الصلاة والسلام وسنّة خلفاءه الراشدين المهديين لكي لا تنحرف بنا الأشرعة لنجد أنفسنا على هديٍ غير هديهِ و شرعةٍ غيرِ شرعتهِ مما حاول أهل الباطل ترويجه في أوساطنا و لنجد أنفسنا عُرضةً للعذاب والوعيد الذي طالما غفلنا عنهُ ...
    ونتذكّر دوماً قوله تعالى في الآية 21 بسورة الشورى :((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) ... فالحجاب أختاه ليس للزينة بل هو أمر تعبّدي توقيفيّ ,
    حدد هيئته وشروطه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بما أفضنا فيه أعلاه ... وحاشى لله أن نشرك معهُ مُشرّعاً يأذن لنا بألوان من السفور تحت اسم الحجاب ...
    ولا ننسى قول ربّنا في سورة التحريم الآية 6((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون))...
    ولنعلم أنّ مخالفة الهوى والنفس و أنّ السير بعكس التيّار لا بدّ أن يكون شاقّاً , وقد ورد في الصحيح من سنن الترمذيّ من حديث أنس بن مالك قال :
    قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر...
    والقبض على الجمر أختاه أهون دون شكّ من سُكنى جهنّم -أعاذنا الله وإيّاكنّ منها- ومن عذاب القبر أيضاً : وقد ورد في الحديث الصحيح في سنن النسائي وغيره من حديث أنس ابن مالك
    أن النبي صلى الله عليه وسلم : سمع صوتا من قبر فقال متى مات هذا قالوا مات في الجاهلية فَسُرَّ بِذَلك وقال لولا أن لا تَدَافَنُوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر ...
    فتخيلي أختاه مجرّد سماع عذاب القبر أمرٌ يخلع القلوب و يمنع الناس من دفن بعضهم -الله المستعان- ...
    وقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلّم نساء أمّته من أنّ يكنّ من أهل جهنّم في عدة مواضع منها ما ورد في صحيح رواه مسلم وغيره :عن جابر بن عبدالله قال :
    شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكأ على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال : تصدقن فإنّ أكثركنّ حطب جهنّم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت : لم ؟ يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال : فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن ...
    وقد سقت ما سقت لكي أختاه فيضاً من الأدلّة لكيلا يكون عندكِ من فرض الحجاب وكيفيّته أدنى شكّ -أعاذني الله وإيّاكِ من الشكّ-
    فالشك في حدود الله وأوامره ونواهيه مما يستجلب به العذاب وشقاء الدنيا والآخرة وإليكِ هذا الحديث الصحيح الذي رواه أحمد بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت :
    جاءت يهودية استطعمت على بابي فقالت : أطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر قالت : فلم أزل أحبسها حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ما تقول هذه اليهودية قال : وما تقول قلت : تقول أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر قالت : عائشة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع يديه مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر ثم قال : أما فتنة الدجال فإنه لم يكن نبي إلا حذر أمته وسأحدثكم بحديث لم يحذره نبي أمته إنه أعور وإن الله ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن فأما فتنة القبر فبي تُفتنون وعني تُسألون فإذا كان الرجل الصالح أُجلس في قبره غير فزع ولا مشعوف ثم يقال : له فما كنت تقول في الإسلام فيقال : ما هذا الرجل الذي كان فيكم فيقول : محمد رسول الله جاء بالبينات من عند الله فصدقناه فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله ثم تُفرج له فُرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له: هذا مقعدك منها ويُقال : على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله وإذا كان الرجل السوء أُجلس في قبره فزعا مشعوفا فيُقال له فما كنت تقول فيقول : سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا فيفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له : انظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا ويقال : هذا مقعدك منها على الشكِّ كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ثم يعذب .... (المشعُوف: الذاهب القلب المذعور) - جعلنا الله من أهل اليقين وأعاذنا من الفتن أجمعين -
    و أذكّر بحديثين ذمّ فيهما النذير البشير عليه الصلاة والسلام من التبرّج و يندرجُ تحته ما يُسمّى بالحجاب العصري أي "السُفُور المُقَنّع" وحذّر أمّتهُ ممن رضيت لنفسها أن تكون بين هذه الزمرة ووصفها بشرّ النساء فقد روى البيهقيّ في سننه الكبرى حديثاً صحيحاً عن أبي أذينة الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
    ((خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله وشرّ نسائكم المتبرّجات المتخيّلات وهُنّ المنافقات لا يدخل الجنّة منهنّ إلا مثل الغراب الأعصم))...
    -الغراب الأعصم الأحمر المنقار والرجلين- -ذكر هذا التشبيه عليه الصلاة والسلام كناية عن ندرة دخولهنّ الجنّة كندرة وجود هذا النوع من الغربان .
    ولا يخفى على كلّ إمرأة مؤمنة أنّه سيأتي اليوم الذي ستلفُ به ليس بحجابٍ ولا باثنان بل بخمسةٍ بيضٍ يُربطون بإحكامٍ من الأعلى والأسفل وتوارى بهم في حجابٍ سادسٍ ألا وهو القبر...
    -أعاذنا الله وإياكنّ مما أعدّ فيه لأشرار بني آدم-
    ***** ***** *****
    -_المَقَرُّ المَنسيّ_-
    ومما خفي على الكثيرات غفر الله لهنّ أن الأصل للمرأة القرار في بيتها وَأنّ *قرارها في بيتها عزيمة و الخروج منه رُخصة تُقَدَّر بقدرها* فقد قال تعالى : { وقرن في بيوتكن } : قال في تفسيرها الإمام ابن كثير : أي الزمن فلا تخرجن لغير حاجة , وقال الإمام الشوكاني في تفسيره فتح القدير : فإن المراد بها أَمرَهُنّ بالسكون والاستقرار في بيوتهن , وقد فصّل الإمام القرطبيّ في تفسيره فقال : معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة على ما تقدم في غير موضع ... انتهى كلام المُفسّرين رحمهم الله تعالى ... فالبيت كما قيل حجاب المرأة الأوّل وهذا ما كان عليه العَهدُ حتّى أتت هذه السنوات الخدّاعات , و ما نراه ونسمعه يُخيّلُ لأحدنا أنّ خروج المرأة أصبح عزيمة و قرارها في بيتها أصبح رُخصة تُقدّر بقدرها فما البيت أصبح بعد إختلاط المفاهيم واستيراد الكاسد والفاسد منها إلا للراحة و الإستعداد لمعاودة الخروج للأعمال و المعاهد و الأسواق والمنتزهات -المختلطة جميعاً للأسف دون أدنى غيرة من -أشباه الرجال- ومن الفوائد العظيمة في كتاب (حراسة الفضيلة) للعلامة بكر أبو زيد أنّ ذِكر البيوت أُضيف إلى ذكر النساء في القرآن الكريم إضافة إسكان و لزوم وإستقرار في ثلاث آيات فقد قال عزّ من قائل: 1_ :((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى... الأحزاب33)) , 2_ :((واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة... الأحزاب34)) ,
    3_ :(( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبيّنة... الطلاق1)) ... فالبيت للمرأة متجرٌ تبيعُ فيه السكينة والفضيلة لأسرتها , و مصنعٌ لأجيالها -و متجرٌ و مصنعٌ لا يقوم عليهما من يملكهما هُما من أفشل المتاجر والمصانع- , فقد ترك الله للمرأة مهمّةً بل شرفاً عظيماً و أمانةً لا يستطيعها أحدٌ إلا هي , ألا وهي صناعةُ الأجيال , وما ظهر الفساد في أوساطنا و لا عمّت أنواع البلايا إلا لمّا تخلت الأمّهات عن مهمّة إرفاد مجتمعاتنا بالرجال الحقيقيين و بلآلئ النساء اللامعات الطاهرات , فابتلينا بعد تضييع هذه الأمانة بالأجيال المُنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة والتي أكل السَبُع رجولتها . و مما يدمي القلب تفشّي استقدام الخادمات لحاجةٍ و لغير حاجة وهذا نذير شؤمٍ بقدوم أجيال *أبناء الخادمات* المتجرّدة من كلّ الفضائل و التي لم تتشرّب الأصول و جرعات الحنان من أمّهاتها بل تشرّبتها مسمومة من كثيرٍ من الأعاجم الذين يكادون لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً وقد رأينا في دولٍ سبقتنا لهذا الإستهتار التأثير السلبي الكبير و القصص المريرة بعد غفلة الآباء والأمّهات وتشاغلهم عن أبنائهم ... أعاذنا الله من تضييع أماناتنا التي سنُسألُ عنها في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون و يومٍ يكونُ أبرزُ المُحاجّين والمعاتبين بين يدي ربِّ العالمين البنات و البنين على تضييعهم بين براثن السنين ... و الله المستعان
    ***** ***** *****
    -_النهايةُ قبلَ النهايةِ_-
    وهذه وقفة مع كلّ والدٍ ووالدة الذينِ هما الرُعاة لأبنائهم وبناتهم في بيوتهم , أُذكّرهم فيها بقول الله جلّ في عُلاه في سورة التحريم آية6 (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكةُ غلاظُ شدادُ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)) و بحديث نبيّهم عليه الصلاة والسلام الصحيح المشهور : ((كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته))
    و من المعلوم لكلّ عاقل متدبّر أنّ سؤال الربّ للعبد و نقاشه للحساب في يومٍ استعاذ من وقفته وشدّتها الأنبياء ليس بالأمر الهيّن فقد ورد بالحديث المتفق على صحّته عن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حُوسِبَ عُذِّبَ ) . قالت : عائشة فقلت أوليس يقول الله تعالى
    { فسوف يحاسب حسابا يسيرا } ؟ قالت : فقال : ( إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك( ...
    و(العرضُ) : أي عرض الناس على الميزان , و(نوقش) : أي استُقصي معه الحساب ... أعاذنا الله من مشهد ذلك اليوم العظيم ...
    ومن الأحاديث الصاعقة التي لا يعلمُها الكثيرون من رُعاةِ أسرهم ما رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره عن معقل بن يسار المزني قال إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
    ((ما منْ عبدٍ يسترعيهِ اللهُ رعيةً يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌ لرعيتهِ إلا حرّمَ اللهُ عليهِ الجنّة)) .
    وأيُّ غشٍ أعظمُ من غشٍ في الدين يُستجلبُ به غضبُ الجبّار المتين ؟؟؟
    ... حشرنا الله وإيّاكم في زمرة المتقين ...
    و في النهاية أسأل الله لي ولجميع المسلمين و المسلمات الهداية و الثبات والإخلاص والقبول و الغيرة على خيرِ أمّةٍ لخيرِ رسول
    *** وصلّى الله على محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم ***
    ***** ***** *****
    جزى الله قارئها و ناشرها و معلّمها خير الجزاء
    و جعلها لهُ صدقةً جاريةً إلى يوم الجزاء
    **************************************************
    قصة إسلامها ( مهمة جداً جداً جداً )
    http://www.way2allah.com/forums/showthread.php?t=8652&goto=newpost
    إنّ البطـــولـــة الحـقّـــــة000
    هي قـهــر النّـفـــس لــسلطـان الرّب000
    [الله الموفق]
يعمل...
X