السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي أبان الطريق للسالكين ، وأرسل رسوله بالهدى والكتاب المبين ، لينذر قوما ما اتاهم من نذير ، فهو للمؤمنين بشير ، لغيرهم منذر بحساب عسير ، والصلاة والسلام على محمد النبي الامى الامين ، رافع الاصر والاغلال ، الداعى إلى خير الاقوال والاحوال والافعال ، خير الانبياء مقاما ، وأحسنهم كلاما ، مسك ختامهم ، ولبنة تمامهم
أما بعد ،،،
الحمد لله الذي أبان الطريق للسالكين ، وأرسل رسوله بالهدى والكتاب المبين ، لينذر قوما ما اتاهم من نذير ، فهو للمؤمنين بشير ، لغيرهم منذر بحساب عسير ، والصلاة والسلام على محمد النبي الامى الامين ، رافع الاصر والاغلال ، الداعى إلى خير الاقوال والاحوال والافعال ، خير الانبياء مقاما ، وأحسنهم كلاما ، مسك ختامهم ، ولبنة تمامهم
أما بعد ،،،
أستهل الموضوع بشيئين
الاول قطعة قرأتها من موضوع على الشبكة عجبتني جدا وهي
الاول قطعة قرأتها من موضوع على الشبكة عجبتني جدا وهي
" إنني أدرك أن واجب العلم يحتّم على صاحبه أن يقول الحق ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويدافع كل قول دخيل على الحق لكن كل ذلك مقرون بروح العلم ، ولباس الأدب وإلا صار نزاع عوام على أرض ! ونشوب خلاف بين فريق كرة في أرض ملعب ! .. وأعلم يقيناً أن ثمة أقوال بتنا نراها اليوم في الواقع يزج بها ، ويتحمس قائلها لنشرها ، ويجلب لها من الدلائل كل ما يملك ربما ليس رغبة في إظهار الحق ، وإنما شهوة لنفس أو صولة لهوى مع الغفلة أن بعض هذه المسائل مما يتفق العقلاء على أنها بواقعها الذي نراها فيه من تعظيم شعائر الله تعالى لا يختلف في ذلك اثنان ، ومع كل ذلك أدعو لمن آلمه التجهم للحق بهذه الصورة المشينة ألا يستعدي على المخالف ، ولا يتعرّض له بقول مهما بلغ قوله ، وأن يحاول بكل ما يملك من آلة العلم أن يوجه رده لقوله لا يتعرض من ذلك القول لقائله مهما بلغ وللعلم صولة إذا ركض على الباطل بقوة كتب عليه أن تموت روحه ومعناه ولو قرأته أجيال الأمة كلها . "
الشئ الاخر
هو كلمات في غاية الاهمية لشيخي الحبيب محمد حسان
يقول فيها " إن الحق معنا، لكننا لا نحسن أن نشهد لهذا الحق شهادة خلقية عملية على أرض الواقع، ولا نحسن أن نبلغ هذا الحق لأهل الأرض بحق، هذه هي المشكلة، وإن الباطل مع غيرنا، لكنه يحسن أن يلبس الباطل ثوب الحق، ويحسن أن يصل بالباطل إلى حيث ينبغي أن يصل الحق، وحينئذٍ ينزوي حقنا ويضعف كأنه مغلوب .." ا.هـ من كلام الشيخ مختصرا
يا الله كلمات تكتب بماء العيون ، وتوزن بأوقيات الذهب وسبائكه
نعم
إن قضية الحق والباطل قضية أزلية قديمة وهي سنة كونيه
لكن ما أريد أن اتحدث فيه
هل لمجرد أن معى الحق أن أتطاول على الاخر ؟
كيف ذلك وهو مسلم وانا مسلم نوحد الله عز وجل وتربطنا أعلى وأسمى رابطة وهي رابطة الاسلام ورابطة الاخوة في الدين
أولم يقل ربنا جل وعلا " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ "
وتجمعنا رابطة أخرى
وهي رابطة الرحمة
قال تعالى " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ "
ويجمعنا قول النبي صلى الله عليه وسلم
" لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض. وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره. التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. "
أرأيت
حسبك من الشر أن تحقر من أخيك المسلم الموحد
وربنا جل وعلا قد حذرنا من أن يسخر بعضنا من بعض " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ "
ونهانا ربنا جل وعلا عن سوء الظن " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " ، " وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً "
فمهما كان المخالف أمامك فانت مأمور بحسن جداله
أولم يقل ربنا جل وعلا " ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "
فالله عليم بالامور
وقال تعالى " قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي "
إذا فالامر ليس بالعصبية المنتنه ، إنما هو حكمة وموعظة حسنة وبصيرة
وتذكر أن لك بكل كلمة طيبة صدقة
وكما يقول الشيخ محمد حسان دوما
لماذا لا نفرق بين مقام الجهاد ومقام الدعوة ؟؟
حتى إنك يا أخي مأمورا أن لا تسب الكافر حتى لا يتسبب ذلك في أن يسب الله أو يسب دين الله
اقرأ قول الله تعالى " وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ "
فما بالك بالمسلم الذي يجمعك معه رحم الاسلام ، وحبل الله ، فكيف تستهزئ به وكيف تحقر من شأنه وتسخر منه
لما لا تنصحه بأدب وبالتي هي أحسن ،حتى لو أسأ إليك ، فلا ترد الإساءة بإساءة
قال تعالى " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ "
وقال تعالى " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ "
بل عظه موعظة حسنة عله يتذكر ويرجع وتكون سبب في ذلك فيلحقك ثواب بإذن الله تعالى
لما تصدر الاحكام على شخص ، هل نصبت حكما على الناس في الارض ؟
إذا فلماذا تستعجل الحكم على الناس
روى الإمام مسلم عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّث أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وإن الله تعالى قال : من ذا الذي يتألّى عليّ أن لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان ، وأحبطت عملك .
والرجل الذي كان في احدى الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يترك شاذة ولا فاذة من الاعداء ، فقال الصحابة هو في الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو في النار
فلما تتبعه احد الصحابة وجده ضرب ضربة فلم يتحمل فجعل سيفه على الارض واتكأ عليه فمات
الشاهد
أن اطلاق احكام على الناس ليس بهذه السهولة
أن تطلق على ذلك ليبرالي مثلا لمجرد أنه قال كلام يوافق اليبرالية ، او تقول عن فلان صوفي لمجرد أنه قال شئ يوافق الصوفية ، أو ذلك مبتدع لنقله لكلام بدعي
هلا أقمت عليه الحجة ؟
فلربما يكون المتكلم هذا جاهل أصلا ، ويجادل عن جهل وليس عن علم
قد يكون هذا الذي نقل الكلام البدعي لا يعلم ذلك ، أو هو يظن أنه الحق لانه لا يعرف غير هذا الكلام في تلك المسألة وهنا فالكلام بدعي لكن الشخص ليس مبتدع
قد يكون هذا الذي نقل الكلام البدعي لا يعلم ذلك ، أو هو يظن أنه الحق لانه لا يعرف غير هذا الكلام في تلك المسألة وهنا فالكلام بدعي لكن الشخص ليس مبتدع
انا لا الوم أحد على غيرته للدين وللحق
لكن ليس أحد أغير على الحق من الله
وكما يقول شيخنا الحويني شفاه الله ورده لنا سالما " إن الاسلام قضية رابحة ، تحتاج إلى محامٍ ماهر "
إذا فقد يكون معك الحق في مسألة
لكن بسبب الاسلوب الغير لائق أو المنفر ، لا يتقبل منك الشخص الاخر ، بل قد يعاند ويكابر عن قبول الحق بسببك
إذا فماذا استفدت انت ؟
لماذا تعيره بشئ تعلمه عنه ، أو بذنب عرفته عنه ، أو حتى بذنب ظاهر منه ؟
ألا تخشى أن ينقلب الامر عليك وتكون انت مكانه ؟
ألم يقل ربنا جل وعلا " كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ "
فما انت فيه فهو محض فضل الله تعالى ، فلا تغتر وتحسب أن الامر كما نقول فهلوة
ثم ما غايتك وانت تبين الحق ؟؟
هل غايتك أن تبين الحق بحق ؟
أم غايتك أن تفرد عضلاتك وقدراتك ؟
ام غايتك أن يقال عالم جهبذ ناقد بارع ؟
أم غايتك أن يقال لقد أفحم فلان ؟
أم غايتك أن تنتصر لنفسك لا للدين ؟
أم غايتك أن تنتصر لنفسك لا للدين ؟
لا تغتر بمن يمدحك على هذا ، لا تغتر بمن يمدحك على خطأك فهو لن يغني عنك شيئا
فإذا أردت أن تبين الحق فبحكمة وأدب وتوضع وخفض جناح " وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ "
" وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ "
وسبحان ربي جل جلاله
عندما أقرأ قول الله تعالى " اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى{43} فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى{44} "
يا الله
فرعون الذي قال انا ربكم الاعلى
فرعون الذي قال ما علمت لكم من إله غيري
وقال أيضا أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون
فرعون هذا الطاغية
يأمر ربنا جل وعلا موسى وهارون عليهما السلام أن يقولا له قولا لينا ؟
طيب ليه قولا لينا ؟
لعله يتذكر أو يخشى ، أفيكون هذا مرتجى من كافر ، ولا نرتجي من المسلم أنه إذا ذكر قد يتذكر ..
فكيف يكون سلوك المسلم في دعوة أخيه المسلم كله عنف وعجرفة ، ولا أثر للمودة ولا الرحمة التي بين المسلمين
حتى أن بعض الناس يظن أنه عليه أن يخرس الاخر
وإن لم يفعل ذلك فهو لم يقدر على ايصال الحق للاخر ، أو أنه قصر في بيان الحق
والله ما هذا يستقيم
والله ما هذا يستقيم
اليس لك في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة ؟
صلى على الحبيب وتمعن معي
عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة التي كانت على القبر تبكي وتنوح على زوجها
فلما وجدها النبي صلى الله عليه وسلم على تلك الحالة ماذا قال لها ؟
قال لها اتقي الله واصبري
فهل قالت المرأة جزاك الله خيرا ؟
ابدا
إنما قالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي
لمن هذا الكلام ؟
للنبي صلى الله عليه وسلم
فماذا فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم
هل كهرها أو نهرها
هل قال لها ماذا تقولين أأقول لك الحق ، ثم تتضجرين ؟
هل أساء إليها كما يفعل البعض الان تحت ستار التعصب للحق ؟ أأنت أغير من النبي صلى الله عليه وسلم على الحق ؟
فهل فعل النبي صلى الله عليه وسلم شئ من ذلك
فهل فعل النبي صلى الله عليه وسلم شئ من ذلك
ابدا
إنما تركها
فلما أخبرها القوم أنه النبي
ذهبت مسرعة ولم تجد على دره بوابين
فاعتذرت لهوقالت لم أعرفك
فم يعلق النبي صلى الله عليه وسلم على الاعتذار وإنما قال إنما الصبر عند الصدمة الاولى
الشاهد من الكلام
انك ما عليك إلا بيان الحق دون التعدي على أحد
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ "
والاية التى ذكرنا سالفا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ "
وهنا ربنا لم يقل لا يسخر جاهل من عالم ، أو العكس
وإنما قال لا يسخر قوم من قوم
فحتى لو كان الذي امامك لم يصب الحق في المسألة فلا ينبغي اطلاقا ان تسخر منه أو تسئ إليه أو تأذيه بأي صورة من صور الايذاء
وكما يقول علماؤنا " فليكن الامر بالمعروف بمعروف ، والنهي عن المنكر بغير منكر "
والادلة على القضية التي نتحدث عنها متكاثرة في القرآن والسنة الصحيحة ولو ظللنا نتكلم لاخذنا أوقات طويلة
فالامر دين أولا وأخيرا
وللدكتور عائض القرني في كتابه الرائع لا تحزن كلام في غاية الجمال والبهاء
أقتطف بعضه
منها في فصل وكذلك جعلناكم أمة وسطا " فيا أيُّها العاقلُ النَّابهُ : أعطِ كلَّ شيء حجمَهُ ، ولا تضخِّم الأحداث والمواقفَ والقضايا ، بل اقتصدْ واعدلْ "
ومنها في فصل ضبط العواطف " إنَّ العواطف الهائجةَ تُتْعِبُ صاحبها أيَّما تَعَبٍ ، وتضنيهِ وتؤلمُهَ وتؤرِّقُهُ ، فإذا غضب احتدَّ وأزبد ، وأرعد وتوعَّد ، وثارتْ مكامنُ نفسِهِ ، والتهبتْ حُشاشَتُهُ ، فيتجاوزُ العَدْلَ ، وإن فرحَ طرِبَ وطاشَ ، ونسيَ نفسَه في غمرةِ السرورِ وتعدّى قدره ، وإذا هَجَرَ أحداً ذمَّه ، ونسِي محاسنَهُ ، وطمس فضائِلَهُ ، وإذا أحبَّ آخر خلع عليه أوسمة التبجيلِ ، وأوصله إلى ذورةِ الكمالِ "
وغيرها من الكلمات الرائعة في هذا الكتاب الماتع
هذا وما قلت ما قرأتم إلا لما أراه في الواقع من أناس كثيرون ، وله مقتضى في واقعنا الذي نعيشه
وأقول في النهاية كلمة كان يقولها الحسن لبصري
" الله الموعد "
الله المستعان
إنه بكل جميل كفيل
وهو حسبنا ونعم الوكيل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته