إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما يعتصم به الإنسان من الجن والشيطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما يعتصم به الإنسان من الجن والشيطان

    ما يعتصم به الإنسان من الجن والشيطان

    قال العلامة محمد بن أبى بكر المعروف بابن قيم الجوزية -رحمنى الله وإياه- بعد تفسير المعوذتين ، قاعدة نافعة فيما يعتصم به العبد من الشيطان ويستدفع به شره ويحترز به منه ، وذلك فى عشرة أسباب :
    الأول : الاستعاذة بالله من الشيطان :
    قال الله تعالى : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [ فصلت : 36 ] .
    وفى موضع آخر (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [الأعراف : 200] ، والسمع المراد به هاهنا سمع الإجابة لا مجرد السمع العام ، وعن عدى بن ثابت عن سليمان ابن صرد قال : كنت جالساً مع النبى صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجة ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : "إنى لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد .. " .
    الثانى : قراءة المعوذتين :
    قراءة هاتين السورتين لها تأثير عجيب فى الاستعاذة بالله من شره ، ودفعه والتحصن منه ، ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم : "ما تعوذ المتعوذون بمثلهما" ، قال : وقد تقدم أنه كان يتعوذ بهما كل ليلة عند النوم وأمر عقبة أن يقرأ بهما دبر كل صلاة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : "إن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثاً حين يمسى وثلاثاً حين يصبح ، كفته من كل شيء" .
    الثالث : قراءة آية الكرسى :
    ففى الصحيح من حديث محمد بن سيرين عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : وكلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتى آتٍ فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر الحديث ... إلى أن قال ، فقال : "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى ، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : "صدقك وهو كذوب ، ذاك الشيطان" .
    الرابع : قراءة سورة البقرة :
    ففى الصحيح من حديث سهيل عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، وإن البيت الذى تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان" .
    الخامس : خاتمة سورة البقرة :
    فقد ثبت فى الصحيح من حديث أبى مسعود الأنصارى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة فى ليلة كفتاه" .
    وعن النعمان بن بشير عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق بألفى عام ، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، فلا يقرآن فى دار ثلاث ليالٍ فيقربها شيطان" .
    السادس : أول سورة حم المؤمن : (( سورة غافر))
    إلى قوله تعالى : ] إِلَيْهِ الْمَصِيرُ [ مع آية الكرسى ، ففى الترمذى من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر عن ابن أبى مليكة عن زرارة بن مصعب عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ حم المؤمن إلى ] إِلَيْهِ الْمَصِيرُ [ وآية الكرسى حين يصبح حفظ بهما حتى يمسى ، ومن قرأهما حين يمسى حفظ بهما حتى يصبح" .
    وعبد الرحمن المليكى وإن كان قد تكلم فيه من قبل حفظه فالحديث له شواهد فى قراءة آية الكرسى .
    السابع : لا إله إلا الله وحده لا شريك له :
    "لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فى يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكُتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسى ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عم أكثر من ذلك" .
    فهذا حرز عظيم النفع جليل الفائدة ، يسير سهل على من يسره الله عليه .
    الثامن : كثرة ذكر الله :
    وهو من أنفع الحروز من السيطان : كثرة ذكر الله عز وجل ففى الترمذى من حديث الحارث الأشعرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ، ويأمر بنى إسرائيل أن يعملوا بها ، وأنه كاد يبطئ بها ، فقال عيسى : إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بنى إسرائيل أن يعملوا بها ، فإما أن تأمرهم ، وإما أن آمرهم" .
    فقال يحيى : "أخشى إن سبقتنى بها أن يخسف بى وأُعذب" .
    فجمع الناس فى بيت المقدس ، فامتلأ المسجد وقعدوا على الشرف ، فقال : إن الله أمرنى بخمس كلمات أن أعمل بهن ، وآمركم أن تعملوا بهن : أولهن : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وأن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق فقال : هذه دارى ، وهذا عملى ، فاعمل وأد إلى فكان يعمل ويؤدى إلى غير سيده ، فأيكم يرضى أن يكون عبد كذلك ؟
    وإن الله أمركم بالصلاة ، فإذا صليتم فلا تلتفتوا ، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته ما لم يلتفت .
    وأمركم بالصيام ، فإن مثل ذلك كمثل رجل فى عصابة معه صره فيها مسك ، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها ، وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .
    وآمركم بالصدقة ، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو ، فأوثقوا يده إلى عنقه ، وقدموه ليضربوا عنقه فقال : أنا أفديه منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم .
    وآمركم أن تذكروا الله ، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو فى إثره سراعاً حتى إذا أتى على حصن فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله -قال النبى صلى الله عليه وسلم- : وأنا آمركم بخمس الله أمرنى بهن : السمع والطاعة ، والجهاد والهجرة والجماعة فإن من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جيثاء جهنم" فقال رجل : يا رسول الله ! وإن صلى وصام ، قال : "وإن صلى وصام فادعوا بدعوى الله الذى سماكم المسلمين ، المؤمنين عباد الله" .
    قال الترمذى : هذا حديث حسن غريب صحيح .
    وقال البخارى : الحارث الأشعرى له صحبة ، وله غير هذا الحديث .
    فقال أخبر النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث أن العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله وهذا بعينه هو الذى دلت عليه سورة : ] قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [ فإنه وصف الشيطان فيها بأنه الخناس ، والخناس : هو الذى إذا ذكر العبد الله انخنس وتجمع وانقبض وإذا غفل عن ذكر الله التقم القلب وألقى إليه الوساوس التى هى مبادئ الشر كله .
    فما أحرز العبد نفسه من الشيطان بمثل ذكر الله عز وجل .
    التاسع : الوضوء والصلاة :
    وهذا من أعظم ما يحترز به منه ولاسيما عند توارد قوة الغضب والشهوة فإنها نار تغلى فى قلب ابن آدم .
    كما فى الترمذى من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ألا وإن الغضب جمرة فى قلب ابن آدم ، أما رأيتم حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ، فمن أحسَّ بشيء من ذلك فليلصق بالأرض" .
    وفى أثر آخر : "إن الشيطان خلق من نار وإنما تطفأ النار بالماء" فما أطفأ العبد جمرة الغضب والشهوة بمثل الوضوء والصلاة ، فإنها نار والوضوء يطفئها والصلاة إذا وقعت بخشوعها والإقبال فيها على الله أذهبت أثر ذلك كله .
    وهذا أمر تجربته تغنى عن إقامة الدليل عليه .
    العاشر : إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس :
    فأن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب .
    فضول النظر :
    فإن فضول النظر يدعو للاستحسان ووقوع صورة المنظور إليه فى القلب والاشتغال به والفكرة فى الظفر به ، فمبدأ الفتنة من فضول النظر فالحوادث العظام إنما هى كلها من فضول النظر ، فكم نظرة أعقبة حسرات لا حسرة ، كما قال الشاعر :
    كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
    فضول الكلام :
    وأما فضول الكلام فإنها تفتح للعبد أبواباً من الشر كلها مداخل للشيطان فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب كلها ، وكم من حرب جرتها كلمة واحدة .
    وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ : "وهل يكب الناس على مناخيرهم فى النار إلا حصائد ألسنتهم" .
    وفى الترمذى : أن رجلاً من الأنصار توفى ، فقال بعض الصحابة : طوبى له ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : "فما يدريك ؟ فلعله تكلم بما لا يعنيه أو بخل بما لا ينقصه" .
    وأكثر المعاصى إنما يولدها فضول الكلام والنظر ، وهما أوسع مداخل الشيطان فإن جارحتيهما لا يملان ويسأمان ، بخلاف شهوة البطن ، فإنه إذا امتلأ لم يبق فيه إرادة للطعام ، وأما العين واللسان فلو تركا لم يفترا من النظر والكلام فجنايتهما متسعة الأطراف ، كثيرة الشعب ، عظيمة الآفات وكان السلف يحذرون من فضول النظر كما يحذرون من فضول الكلام "و" كانوا يقولون "ما شيء أحوج إلى السجن من اللسان" .
    فضول الطعام :
    وأما فضول الطعام داع إلى أنواع كثيرة من الشر فإنه يزك "يزج" الجوارح إلى المعاصى ، ويثقلها عن الطاعات وحسبك بهذين شراً فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام وكم من طاعة حال دونها ؟ فمن وقى شر بطنه فقد وقى شراً عظيماً ، والشيطان أعظم ما يتحكم من الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام ولهذا جاء فى بعض الآثار "ضيقوا مجارى الشيطان بالصوم" .
    وقال النبى صلى الله عليه وسلم : "ما ملأ آدمى وعاء شراً من بطن" .
    ولو لم يكن فى الامتلاء من الطعام إلا أنه يدعو إلى الغفلة عن ذكر الله عز وجل ، وإذا غفل القلب عن الذكر ساعة واحدة جثم عليه الشيطان ، ووعده ومناه وشهاه وهام به فى كل وادٍ فإن النفس إذا شبعت تحركت وجالت وطافت على أبواب الشهوات ، وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت .
    فضول المخالطة :
    وأما فضول المخالطة فهى الداء العضال الجالب لكل شر ، وكم سلبي المخالطة والمعاشرة من نعمة ! وكم زرعت ، وكم غرست فى القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات ، وهى فى القلوب لا تزول ! ففى فضول المخالطة خسارة الدنيا والآخرة وإنما ينبغى للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ، ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل عليه الشر .
    أحدهما : من مخالطته كالغذاء :
    لا يستغنى عنه فى اليوم والليلة ، فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة ، ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام ، وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر "وهم العلماء" بالله وأمره ومكايد عدوه ، وأمراض القلوب وأدويتها ، الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولخلقه فهذا الضرب من مخالطتهم الربح كل الربح .
    القسم الثانى : من مخالطته كالدواء :
    يحتاج إليه عند المرض فمادمت صحيحاً فلا حاجة لك فى خلطته ، وهم من لا يستغنى عن مخالطتهم فى مصلحة المعاش ، وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والاستشارة والعلاج للأدواء ونحوها ، فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم .
    القسم الثالث : وهم مخالطته كالداء :
    على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه ، فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن ، وهو من لا تربح عليه فى دين ولا دنيا ، ومع ذلك فلابد أن تخسر عليه فى الدين والدنيا أو أحدهما ، فهذا إذا تمكنت منك مخالطته واتصلت فهى مرض الموت المخوف .
    ويذكر عن الشافعى رحمه الله أنه قال : "ما جلس إلى جانبى ثقيل إلا وجدت الجانب الذى هو فيه أنزل من الجانب الآخر" .
    ورأيت يوماً عند شيخنا -قدس الله روحه- رجلاً من هذا الضرب والشيخ يحمله وقد ضعفت القوى عن حمله ، فالتفت إلىَّ وقال : "مجالسة الثقيل حمىَّ الربع ، ثم قال : لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى ، فصارت لها عادة" أو كما قال .
    القسم الرابع : من مخالطته الهلك كله :
    ومخالطته بمنزلة أكل السم ، فإن اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله إليه العزاء ، وما أكثر هذا الضرب فى الناس ، لا كثرهم الله ! وهم أهل البدع والضلالة ، الصادون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الداعون إلى خلافها ، الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا فيجعلون البدعة سنة ، والسنة بدعة ، والمعروف منكراً ، والمنكر معروفاً ، وإن جردت التوحيد بينهم قالوا : تنقصت جناب الأولياء والصالحين وإن جردت المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أهدرت الأئمة المتبوعين .
    فالحزم كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم ، وأن لا تشتغل باعتابهم ولا باستعتابهم ولا تبالى بذمهم ولا بغضبهم فإنه عين كما لك :
    إذا أتتك مذمتى من ناقص فهى الشهادة لى بأنى عاقل فاضل
    وقال آخر :
    وقد زادنى حباً لنفسى أننى بغيض إلى كل امرئٍ غير طائل
    دعاء محمد بن واسع رحمه الله :
    كان محمد بن واسع رحمه الله يقول كل يوم بعد صلاة الصبح : "اللهم إنك سلطت علينا عدواً بصيراً بعيوبنا ، يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم ، اللهم أيسه منا كما أيسته من رحمتك ، وقنطه منا كما قنطته من عفومك ، وبعد بيننا وبينه كما بعدت بينه وبين رحمتك إنك على كل شيء قدير" .
    قال : فوقف له إبليس يوماً فى طريق المسجد ، فقال له يا بن واسع : هل تعرفنى ؟ قال : ومن أنت ؟ قال : إبليس ، فقال : وما تريد ؟ قال أريد أن لا تعلم أحداً هذه الاستعاذة ولا أتعرض لك ، قال : والله لا أمنعها ممن أراد فاصنع ما شئت" .

    منقول
    فهرس ... سلسلة من غير لماضة ياحمادة
    @@خواطر شاب مسلم متجدد باذن الله @@

    اللهم صلى وسلم وبارك على نبينا محمدونذكر بالغاية ان الله ابتعثنا لنخرج من يشاء من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة ... وغداًُ تشرق شمس الاسلام فى مصر
يعمل...
X