قاضى قضاة فلسطين: الأمة تعتصر ألماً بسبب فتح وحماس
أ / جمال سعد حاتم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
إن القضية الفلسطينية، والخلافات بين فتح وحماس؛ والتي وصلت إلى حد الاقتتال، والدور الصهيوني الوقح في إشعال الفتنة بين الفصائل الفلسطينية، والأقصى المبارك الذي يشتكي إلى الله تعالى من أفعال اليهود، وحالة الهوان والضعف التي تسيطر على ردود فعل المسلمين تجاه ما يحدث في فلسطين كل ذلك وغيره يحتاج منا إلى استجلاء الحقيقة عند من يعيشون أحداثها من أجل ذلك كان هذا الحوار الذي دار بيننا وبين ضيفنا حول العديد من الأمور والقضايا التي تدور على الساحة العربية والإسلامية، والقضية الفلسطينية، وقضايا عامة تتعلق بأمة الإسلام والمسلمين
حماس وفتح ينفذون الخطط نيابة عن إسرائيل
الأمة تعتصر ألمًا، وهي ترى ما يحدث بين حماس وفتح في فلسطين، وهم ينفذون خططًا للعدو؛ نيابة عنه، من خلال اختلافهم واحترابهم، وما يحدث بينهم من انشقاقات، مما أدى إلى الإضرار بهم جميعًا، فما هي رؤيتكم لهذا الواقع المؤلم وكيفية الخروج منه؟
نحن منذ زمن بعيد كنا نحذر جميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني من الاختلاف والتنازع؛ لأن المحتل دائمًا يعمل على بذر بذور الفتن لإحداث هذه الوقيعة والاختلاف بين أبناء الوطن، ولكن للأسف هذا ما أصاب القضية الفلسطينية بمقتل، وانقسم الشعب بين مؤيد لفتح ومؤيد لحماس، وأصبح التنازع والتناقض فيما بينهما، وتركا الاحتلال وما يقوم به من إجراءات تهويدية في القدس، وحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك يعمل بحرية، وهذا الانقسام الذي طال، مع ما تركه من مآس، هو فرصة ذهبية للاحتلال لتنفيذ مخططه الصهيوني الذي يستهدف المسجد الأقصى المبارك لطمس هوية فلسطين سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ الإسراء ، هذه الأرض المباركة المقدسة التي بارك الله فيها للعالمين، يحدث فيها هذا الانشقاق الإسلامي، وإسرائيل الآن تستثمر ذلك، وتسعى في محاولة لطمس هذه الهوية الإسلامية بإقامة الهيكل المزعوم
الألم يعتصر قلب كل مسلم
نحن أكرمنا الله سبحانه وتعالى كي نعيش في فلسطين؛ لنكون سَدَنة مقدساتها، ونحن الذين قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام « لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، إلا ما أصابهم من لأواء؛ حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا وأين هم؟ قال ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس» السلسلة الصحيحة ، للألباني وقال له شاهد بنحوه
وأنا أشعر بالحزن، والألم يعتصر قلبي، كما يعتصر قلب كل مسلم، على هذا الاختلاف بين فتح وحماس، مما جعل الشعب الفلسطيني المجاهد ينحرف عن المهمة الأساسية التي أرادها الله له، بأن يدافع عن هذه الأرض المباركة، وأن يكون سادنًا لها وللأقصى، ليدخل في دوامة المعارك الداخلية فتضيع الطاقات، وتتبدد الجهود، بل إن الحراب صارت توجه إلى صدور الفلسطينيين.
محاولة الإصلاح بين فتح وحماس لجمع الشمل الفلسطيني، هل لكم مبادرات في هذا الشأن، وما رأيكم في المبادرات التي طُرحت من دول عربية، وعلى رأسها مصر والسعودية؟
نعم، كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هي المبادرة الأولى وهي السبّاقة، وكانت تحمل روح القائد المسلم المحب الناصح الصادق، روح المخلص لأمته ولأبناء هذه الأمة، حين دعا قادة فتح وحماس إلى مكة المكرمة؛ فاجتمعوا في رحاب البيت، وجعلهم يقفون أمام الكعبة يتحملون مسئولياتهم أمام الله وأمام شعبهم، وقام الجميع بأداء العمرة، وأدى العمرة معهم وتعاهدوا عند أستار الكعبة أن يلتزموا بهذا الاتفاق، وأقسموا عليه في رحاب بيت الله الحرام، وعندها اطمأن كل مسلم وكل محبّ للمسلمين على هذه الاتفاقية وسعدوا بها
ولكن مع الأسف سرعان ما نقضوا العهد من قبل الجانبين فتح وحماس، وبدأت المشاكل والمصادمات، وسالت دماء أبناء المسلمين وأبناء الشعب الفلسطيني مجددًا وسط ذهول المسلمين وذهول العالم الإسلامي كله
كيف يقسمون أمام البيت ويتعاهدون أمام الكعبة، ثم يتناسون كل ذلك ويعودون للتعارك مجددًا، ومصر لا تكل ولا تملّ في رأب الصدع الفلسطيني؛ لأن مصر تعتبر وحدة الشعب الفلسطيني وخروج فلسطين من هذا الوضع مسألة أمن قوميّ بالنسبة لها، ونحن نعتبر مصر الآن هي الطريق الحقيقي والطبيعي لمحاولة التوفيق بين الجانبين؛ لأنها تعد طرفًا بحكم الجوار والعمق الاستراتيجي بين مصر وفلسطين
ولكن للأسف كأن هناك جهات أجنبية تسعى لبقاء هذا التنازع والاختلاف، وبقاء هذا البون الشاسع، وهذا الخلاف الكبير؛ فهي لا تريد له أن ينتهي، وهذا التنازع لا يصبّ إلا في مصلحة الاحتلال، والله تعالى دعانا إلى الاعتصام بحبل الله جميعًا وحرَّم الفرقة، قال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ، وقال سبحانه وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ، ولكني للأسف أقول إن الاحتلال وجد في هذا الاختلاف فرصة ذهبية، وحين نذهب إلى أي جهة عربية تقول لنا اتفقوا أولاً.
إِذنْ لا بد من الإصلاح الداخلي يا سماحة الشيخ، لا بد من مراجعة النفس في الداخل أنتم تحتاجون إلى دور أشقائكم كمصر والمملكة العربية السعودية وغيرهم، ولكن يبقى الدور الأكبر والأهم دوركم؟
نعم، لقد حاولنا كثيرًا وبيّنا للجميع حديث النبي «إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار» البخاري ، ومسلم ، كيف تقولون للفريق الآخر إنه مسلم وقضية التخوين مصيبة المصائب
جهات أجنبية وإقليمية وراء إشعال الفتنة
الأجندات الأجنبية التي وقفت حائلاً دون نجاح المحاولات التي بذلت، سواء من السعودية أو مصر، أو كل الجهات المحبّة والمخلصة للقضية الفلسطينية، هل تعتقدون أنه يجب الإعلان للعالم كله عن الجهات التي وقفت ضد هذه المصالحة، وعن الطرف الفلسطيني الذي ساعد على إفشال هذه المصالحة علانية؛ حتى يكون هناك موقف واضح يجعل جموع العالم الإسلامي تتصرف تصرفًا واضحًا في هذا الأمر؟ هل هناك أمور خافية؟ وهل هناك من يعمل في الخفاء؟
الدكتور تيسير هذه الجهات الأجنبية أو الإقليمية أو ما شابه ذلك بدون شك لها مصلحة في الاحتراب الفلسطيني، وفي إسالة دماء المسلمين وفي ضياع القضية، ولكن العيب فينا نحن، العيب في فرقتنا، كيف نكون أداة طيعة لذلك؟ ومصلحة الشعب الفلسطيني في وحدته، وإذا اختلفوا في سبيل الوصول إلى الرأي الأصوب فلا مشكلة، ولكن الاختلاف في أمور جوهرية تعد مصيبة تخدم العدو، ونحن أرض الرباط، وأرض الإسراء والمعراج، يجب ألا نكون ورقة يلعب بها كل من أراد تحقيق مصلحته مهما كانت الذرائع
الغزاة يندحرون على مر التاريخ
هذه الأرض التي بارك فيها وما حولها للعالمين، وباركها في آية الإسراء، وكلما وقعت فلسطين تحت احتلال الغزاة على مر التاريخ كانت الأمة دائمًا تتحرك لهذا أقول إن قضية فلسطين ليست شأنًا فلسطينيًّا فقط، يجب ألا نترك للفصائل الفلسطينية أن يختلفوا ويتفقوا، بل يجب على الأمة أن تتحرك لإنهاء هذا الخلاف أولاً، ثم لتحرير هذه الأرض من الاحتلال؛ لأن قضية فلسطين عقدية، وطرد الاحتلال عن هذه الأرض واجب شرعي
فلسطين قضية عقيدة
يعلم الجميع أن كل من حرر فلسطين من المحتلين ليسوا من فلسطين، بمعنى أن كل القادة الذين حرروا فلسطين في السابق ليسوا فلسطينيين أساسًا، فالقائد صلاح الدين الأيوبي، وبيبرس، وقطز ليسوا من فلسطين، ولكنهم قادة مسلمون حرروا فلسطين
ومما يؤكد أن فلسطين قضية عقيدة قول النبي «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» البخاري ، فهذه المنظومة الإيمانية بين هذه المقدسات توجب على الأمة الحفاظ عليها، والدفاع عنها
ماذا قدمت منظمة المؤتمر الإسلامي؟
ويواصل الشيخ حديثه قائلاً وكما أن مكة للمسلمين كافة فكذلك فلسطين وأنا أقول إن الموقف الذي ذُكر في المؤتمر الإسلامي الذي ضم كل الدول الإسلامية بعد إحراق المسجد الأقصى عام المجتمع ، نص في بيان تأسيسها على أنها نشأت للدفاع عن القدس، وحماية المسجد الأقصى، سبع وخمسون دولة ماذا فعلت للقدس؟ إذا استثنينا دولة أو دولتين، ماذا فعل كل هؤلاء وماذا قدموا؟ بينما يهودي واحد يدعى ماشكوفيتش أقام مستوطنة بكاملها في القدس، ويعزز بناء المستوطنات في القدس، أين ثروات المسلمين أين تذهب؟ وأين زكوات هذه الأموال؟ لماذا الداعمون دائمًا دولة أو دولتان فقط؟ تخاذل إسلامي وانقسام فلسطيني وتواطؤ دولي
ويؤكد الشيخ على وجود التواطؤ والتخاذل من كل المجتمعات قائلاً إن الناظر إلى القضية الفلسطينية بعين فاحصة يتضح له أن هناك تخاذلاً إسلاميًّا، وانقسامًا فلسطينيًّا وتواطؤًا دوليًّا
هذه العوامل مجتمعة شجعت إسرائيل على تنفيذ مخططاتها في القدس، والقدس الآن أصبحت يهودية، محرمة على أبنائها المسلمين هل تدرك أن إمام المسجد الأقصى ممنوع من أن يصلي بالمسلمين في المسجد الأقصى، وأنا كذلك ممنوع من أن أخطب في المسجد الأقصى أو أصلي فيه؟
وهذه مصيبة، لقد سألني أحد الإخوة عن كيفية دخولي القدس؟ قلت له أخلع عمامتي وجبتي وألبس الكوفية وأضع العباءة وأحمل العصا كرجل عجوز، يعني متنكرًا، أصبحنا ندخل الأقصى بهذه الصورة، وهذا من الذل الذي أصاب الأمة؟ هذه هي المهانة، وهل هناك مهانة أكثر من ذلك؟
دوركم في درء الفتنة بين المتنازعين
فضيلة الشيخ وأنت قاضي قضاة فلسطين، وفلسطين بلد العلماء والفقهاء الكبار، وباعتباركم جهة شرعية محايدة لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، في ظل تأجج الصراع بين فتح وحماس، ما الدور الفعّال الذي قمتم به منذ بدء الصراع بين فتح وحماس، وهل في وسعكم بذل المزيد؟
لقد حاولنا وقمنا بأكثر من دور، فقد كان معي مجموعة من العلماء الفلسطينيين، وأسدينا للجميع النصيحة، ولكن لا التزام، ولم يصغ لنا أحد
وقد دعوت العلماء أن نخرج إلى الشارع، ونعتصم ونتكلم، ونحاول أن نخرج هؤلاء من الشحناء والنزاع، ولكن للأسف الوضع لا يبشر بخير، نسأل الله أن يعودوا إلى صوابهم ورشدهم، وأن يلهمهم الصواب والتوفيق، وأن يعودوا إلى خندق القدس، فالقدس تتعرض لمخاطر التهويد والتهجير، والفلسطينيون يطردون من أراضيهم، وحوصرت غزة ودمرت عن آخرها، وأهلها يفترشون الأرض لا يراهم إلا الله سبحانه وتعالى، ولا مغيث لهم إلا الله جلّت قدرته، والفلسطينيون يختلفون ويحتربون وعدوهم ينهش في كل لحظة التنازع كله شر ودمار ونهايته الفشل والخسران
في ظل هذا الوضع المؤلم، لماذا لا يعلن عن الجهات التي تسببت في هذه الكوارث على مرأى ومسمع من العالم كله، وأنت ترى الآن الآلاف من المشردين في غزة، ينامون في الشوارع في برد الشتاء؟ إلى متى تستمر المزايدات؟ وإلى متى يستمر السكوت؟
الأمر لا يحتاج أن نقول س، ص ، الأمر واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، لا يحتاج منا إلى كثير إيضاح، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يعودوا لرشدهم، وأن يتمسكوا بالتوجيهات النبوية، وبأوامر الله عزَّ وجل، والرسول بيّن أن « المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا وشبك أصابعه» البخاري ، وهذه العلاقة تستوجب رصَّ الصفوف، بينما هذا التنازع لا يؤدي إلى خير، بل إلى شر، وقد وجدنا نتائج هذا النزاع المدمر، ولمسنا بأنفسنا عواقب الخلاف والتمزق الذي ذقنا مرارته الاختلاف على سلطة تحت الاحتلال، ودنيا زائلة
وقال الشيخ متسائلاً أنا لا أعرف علامَ يختلفون؟ هل يختلفون على سلطة تحت الاحتلال؟ هل يختلفون على مناصب ودنيا زائلة؟ إن أهل هذه الأرض المباركة أكرمهم الله أن يكونوا من المجاهدين، نحن بهذا الاختلاف نتخلى عن دورنا وما أراده الله عزَّ وجلَّ لنا الدور المفقود للعالم الإسلامي مقابل الخطط الصهيونية
وما الواجب على العالم الإسلامي تجاه خطط إسرائيل التوسعية، وتجاه المستوطنات، وتجاه تهجير وطرد الفلسطينيين، وكذا الحفريات والخنادق تحت الأقصى المبارك من قبل الاحتلال الصهيوني، ما الواجب العملي بدلاً من البرامج والمؤتمرات التي لا تغني ولا تسمن، ولا تغير واقعًا، وماذا يجب على الدول التي لها علاقات مع الغرب أن تفعل للخروج من هذه الكارثة؟
اسمح لي أن أقول بصفتي قاضي القضاة في فلسطين أن أقول إن على الأمة بكاملها تحرير القدس، وهذا من أوجب الواجبات على الأمة، ويجب على الأمة تحرير المسجد الأقصى بدل انقسامها، بسبب عدم وجود إرادة وقيادة، لو توفرت القيادة والإرادة مع هذه الإمكانيات الموجودة التي لا تُعد ولا تحصى لنصرنا الله، ولكن لا بد من استراتيجية عمل موحدة من داخل الشعب الفلسطيني ومن خارجه
كل من يتآمر على مقدساتنا سيلقى مصيرًا محتومًا بإذن الله
إرادة عربية أو إسلامية حقيقية تواجه هذا الصراع في رأيك كيف نوجدها؟
سيدي هذه قضية عقدية، وأنا أذكر هنا هذا الجراد الذي جاء وأكل الأخضر واليابس على عهد النبي عليه الصلاة والسلام فجاء الصحابة يستغثيون فقالوا ادع الله سبحانه وتعالى أن يصرفه إلى بيت المقدس
هل أنت تتمنى الضرر لأهل بيت المقدس؟ قال لا، بل هذه أرض مباركة لا يعمر فيها ظالم، ولكن هذه قضية ربانية، كل من يتواطأ على شعبها ومقدساتها سيلقى مصيرًا محتومًا بإذن الله، سيهلك الظالم بمشيئة الله تعالى
ولكن كيف الخروج من هذه الأزمة؟
أنا أدعو الله أن يطهّر القلوب من حب الدنيا، وقد أخبر النبي أن الأمة سيأتي عليها وقت تكون كغثاء السيل، قالوا أوَ من قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت أبو داود ، وصححه الألباني
حب الدنيا هذه الدنيا الزائلة التي يتآمرون من أجلها، ستزول هذه الدنيا، والمشكلة هي الربط بين قلوب هذه الأمة وبين دينهم وعقيدتهم ولكن للأسف تاهوا في أزقة ومنزلقات هذه الدنيا الفانية؟ هنا المشكلة متى أدركنا حجم المشكلة سهل الحل
الأقصى يناشد المسلمين الاستيقاظ من الغفلة
نتابع الحديث مع سماحة الدكتور تيسير التميمي، ونسأله عن التحديات التي تواجه المسجد الأقصى الشريف والحفريات التي يقوم بها العدو كي يصل إلى مأربه وغرضه الخبيث، فنرجو من الشيخ إلقاء الضوء حول هذه القضية؟
المسجد الأقصى هو مسرى نبينا محمد ، وهو عنوان فلسطين، وإسرائيل تريد أن تطمس هذه الهوية عن فلسطين ومنذ أن احتلت إسرائيل القدس عام المجتمع ، قالوا إننا نبحث عن أثر للتاريخ اليهودي، وبدءوا الحفر تحت الأقصى المبارك، وبعد عدة سنوات خرجوا علينا بقول عالمهم إننا لم نعثر على أي أثر للتاريخ اليهودي، أو الهيكل المزعوم، وقال إننا سنواصل الحفريات تحت أساساته حتى يسقط المسجد، والوضع الآن خطير للغاية وإسرائيل أزالت الصخور التي يقوم عليها المسجد، وحطمت الصخور بمواد كميائية حتى أقامت الآن شبكة من الأنفاق تنتقل من المستوطنات المحيطة بالمسجد الأقصى حتى أساسات المسجد الأقصى
فنتيجة هذه الحفريات انهارت أجزاء من ساحات المسجد الأقصى، وإسرائيل تراهن على زلزال أو هزة أرضية، ليسقط المسجد الأقصى؛ لتقول إنه سقط بعامل طبيعي خارج عن إرادة الجميع وإسرائيل والجماعات اليهودية المتطرفة قالوا بأنه إن لم يُهدم بعامل طبيعي سيقصف بصواريخ من الجو، فالأمر خطير جدًّا
ولقد اتخذوا قرارًا غريبًا بتحديد سن من يدخل الأقصى؛ فإذا لم يتجاوز الشخص الخمسين من عمره لم يسمح له بالصلاة فيه، ووضعوا نظامًا لذلك، حددت إسرائيل من الذي يصلي ومن الذي لا يصلي
اليهود يقتحمون الأقصى كل يوم
ناهيك عن أن الجماعات اليهودية المتطرفة في كل يوم بدعم من حكومة نتنياهو ومن قبله أولمرت تقتحم ساحات المسجد الأقصى لأداء الصلوات التلمودية في ساحاته
إسرائيل تسعى لاحتلال أجزاء من المسجد الأقصى كما حصل في المسجد الإبراهيمي بالخليل بعد المجزرة التي ارتُكبت عام المجتمع في صلاة الفجر في منتصف رمضان يوم الجمعة، فقد أطلقوا النار على المصلين، واستولوا على أكثر من ثلثي ساحاته؛ بحجة الحفاظ على أمن المستوطنين الذين يدخلونه، فهم الآن يسعون لتخريب أجزاء من المسجد الأقصى، ولذلك استولوا على مفاتيح باب المغاربة فلا يستطيع أي مسلم أن يدخل منه أو يخرج من الجهة الغربية الجنوبية، ويبعد عن المسجد المسقوف أقل من مائتي متر، ومساحة المسجد الأقصى ألف متر ، ويتسع لأكثر من نصف مليون مسلم، والمسجد المسقوف مساحته ستة آلاف متر، ومسجد قبة الصخرة القبة الذهبية التي تعلوه ألف متر فقط
وللأسف الإعلام الإسلامي والعربي يسلط الضوء على قبة الصخرة فقط، والصور الموجودة في كل الإعلام الإسلامي هي صور قبة الصخرة، وليست للأقصى، وهذا فيه خطر وتلبيس على الناشئة، والحفريات تجري في الجانب الآخر، ونحن نصرخ وهم يقولون هذا المسجد، بينما هو قبة الصخرة
والساحات ليست مستوية والمسجد المسقوف ينخفض عن قبة الصخرة حوالي ستة عشر مترًا، فنخشى بعد إقامة هذه الشبكة الكبيرة من الأنفاق ليس فقط تهدم البيوت الفلسطينية حول المسجد الأقصى، بل يهدم كل شيء
وإسرائيل الآن تحاول أن تغيّر كل ما هو فلسطيني وإسلامي، فالشوارع تغيّرت أسماؤها، فمثلاً شارع السلطان سليمان سموه حازقان، وشارع عمر بن الخطاب سموه دانيال؛ تغييرًا للثقافة إسرائيل تعمل وتعبث ليلاً ونهارًا، والمسلمون غافلون، فهناك انتهاك خطير لحقوق الإنسان في وطنه وأرضه، وإسرائيل منذ احتلال القدس أصدرت قانونًا بضمها للكيان الصهيوني، ولا يجوز أن تضم لكونها محتلة، وطبّقت قوانينها الإسرائيلية وصادرت المزيد من الأراضي، وأقامت المستوطنات في كل مكان، والتهمت من أراضي الضفة الغربية وضمتها للقدس
لا يوجد مشروع إسلامي لمواجهة مخططات إسرائيل
فإسرائيل تخطط لمشروع أن يكون عدد اليهود في القدس مليون يهودي عام المجتمع ، بنسبة يهود و فلسطينيين فقط، وبعد إقامة هذا الجدار الآن أكثر من مائة ألف مقدسي أصبحوا خارج الجدار وللأسف لا يوجد أي مشروع عربي ولا فلسطيني ولا إسلامي لمواجهة هذا المخطط اليهودي
القدس بكل صراحة أصبحت مدينة يهودية محرَّمة على المسلمين، وحتى المسيحيين تناقص عددهم بشكل حادّ، وعندما احتل اليهود القدس عام المجتمع كان عدد المسيحيين فيها ثلاثين ألفًا، والآن تناقصوا خمسة آلاف؛ لا يستطيعون أن يعيشوا في هذه المعاناة
هناك مفاوضات ومناقشات لا تؤدي إلى نتيجة، فماذا جنت فلسطين من هذه المفاوضات؟
لا طائل من المفاوضات، وأنا أعتقد أن إسرائيل لن تعطينا شيئًا عن طريق هذه المفاوضات، ولا بالمقاومة التي توقفت الآن، وحتى عندما قررت حماس عقد هدنة زادت إسرائيل في المستوطنات ودمرت ما دمرت
ضرورة العمل والبحث عن حل بدلاً من التخوين المتبادل
حماس ومن خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل أوجدت هوة كبيرة بين العرب، بين مؤيد ومعارض؟ أين المشكلة هنا ومن المسئول؟ وكيف انجر الفلسطينيين إلى ذلك؟
حماس لم تبدأ بالمعركة، ولكنها جُرت إلى المعركة حماس انفعلت ودخلت في معركة شرسة جُرت إليها ولم تستعد لها، هي لم تحارب، حماس انفعلت؛ لأنها لم تجدد التهدئة، وقد قتل أناس لا علاقة لهم بحماس، ولما وافقت حماس على التهدئة انسحبت إسرائيل من قطاع غزة، ونحن الآن في فصل الشتاء نرى عشرات الآلاف من العائلات يفترشون الأرض والسماء تظلهم
وأنا أقول إن التقصير من الطرفين فتح وحماس، ويجب عليهم أن يتقوا الله فهذه هي القضية المركزية بالنسبة للأمة، وبدلاً من تخوين بعضنا بعضًا فليعمل كل منا؟ أين العمل وكل واحد يتهم الآخر باتهامات، وإذا ما اتفقنا سنجبر العالم على الوقوف معنا
الخلافات على السلطة تؤدي إلى الدمار
ما أداة العمل الفعّالة لجمع الشعب الفلسطيني وفصائله؟
هناك أكثر من ثلاثة عشر فصيلاً، ولكن أكبر فصيلين فتح وحماس، والباقي تابع لهما، وهما أكثر الفصائل المؤثرة، وأنا أعتقد أن كل هذه الخلافات شخصية على السلطة، وليس هناك إخلاص للقضية، والمقاومة هي حق للشعب الفلسطيني، ولا خلاف بين من هو مخلص لهذه القضية، كي يحرر أرضه، وإسرائيل لن تعطينا شيئًا بدون القوة
والمقاومة الفلسطينية لها أشكال متعددة، ولكن في رأيي استعمال القوة يجب أن يكون من الخارج، ماذا ستفعل البندقية والمسدس أمام هذه الغطرسة العسكرية الإسرائيلية، بل يجب أن تكون القوة العسكرية من الخارج كما فعل السابقون
ولا يمكن أن يكون للسلام مكان حتى يتوقف الاستيطان، ولا أمل للمفاوضات ما لم يتوقف الاستيطان كما قال الرئيس عباس إنه لن يرشح نفسه في الانتخابات القادمة، والمصيبة أن الذي يفاوض لا يفاوض والمقاوم لا يقاوم، وما فعله الاحتلال من اغتصاب وقتل وإقامة مستوطنات يكفينا، وتقرير جولدستون مثلاً أدان إسرائيل وحماس، وساوى فيه بين الضحية والجلاّد، وقال إنه ربما تكون إسرائيل قد ارتكبت ما يسمى بجرائم حرب، أما بالنسبة لحماس فقال إنها ارتكبت خطأ بإلقاء الصواريخ على إسرائيل
إذا استمرت الأمة على الضعف والهوان فلن يكتب لها الفلاح
الأمة الآن تعيش في حالة من الضعف، وكما قلت فضيلتكم إنه لم يساندكم، ولم يقف معكم سوى دولتين أو ثلاث أو أكثر بقليل، والعالم الإسلامي أكثر من خمسين دولة؟
الرسول عليه الصلاة والسلام رسم لنا الطريق إذا بقيت الأمة في ذل وهوان؛ فلن يكون لنا خير، ولن يكتب لنا نصر ولا فلاح على الأمة الإسلامية أن تنهض وتقوى، ويصبح لها شأن، عليها أن تغير ما بنفسها لينصرها الله، وصدق الحق تبارك وتعالى إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ الرعد
أ / جمال سعد حاتم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
إن القضية الفلسطينية، والخلافات بين فتح وحماس؛ والتي وصلت إلى حد الاقتتال، والدور الصهيوني الوقح في إشعال الفتنة بين الفصائل الفلسطينية، والأقصى المبارك الذي يشتكي إلى الله تعالى من أفعال اليهود، وحالة الهوان والضعف التي تسيطر على ردود فعل المسلمين تجاه ما يحدث في فلسطين كل ذلك وغيره يحتاج منا إلى استجلاء الحقيقة عند من يعيشون أحداثها من أجل ذلك كان هذا الحوار الذي دار بيننا وبين ضيفنا حول العديد من الأمور والقضايا التي تدور على الساحة العربية والإسلامية، والقضية الفلسطينية، وقضايا عامة تتعلق بأمة الإسلام والمسلمين
حماس وفتح ينفذون الخطط نيابة عن إسرائيل
الأمة تعتصر ألمًا، وهي ترى ما يحدث بين حماس وفتح في فلسطين، وهم ينفذون خططًا للعدو؛ نيابة عنه، من خلال اختلافهم واحترابهم، وما يحدث بينهم من انشقاقات، مما أدى إلى الإضرار بهم جميعًا، فما هي رؤيتكم لهذا الواقع المؤلم وكيفية الخروج منه؟
نحن منذ زمن بعيد كنا نحذر جميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني من الاختلاف والتنازع؛ لأن المحتل دائمًا يعمل على بذر بذور الفتن لإحداث هذه الوقيعة والاختلاف بين أبناء الوطن، ولكن للأسف هذا ما أصاب القضية الفلسطينية بمقتل، وانقسم الشعب بين مؤيد لفتح ومؤيد لحماس، وأصبح التنازع والتناقض فيما بينهما، وتركا الاحتلال وما يقوم به من إجراءات تهويدية في القدس، وحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك يعمل بحرية، وهذا الانقسام الذي طال، مع ما تركه من مآس، هو فرصة ذهبية للاحتلال لتنفيذ مخططه الصهيوني الذي يستهدف المسجد الأقصى المبارك لطمس هوية فلسطين سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ الإسراء ، هذه الأرض المباركة المقدسة التي بارك الله فيها للعالمين، يحدث فيها هذا الانشقاق الإسلامي، وإسرائيل الآن تستثمر ذلك، وتسعى في محاولة لطمس هذه الهوية الإسلامية بإقامة الهيكل المزعوم
الألم يعتصر قلب كل مسلم
نحن أكرمنا الله سبحانه وتعالى كي نعيش في فلسطين؛ لنكون سَدَنة مقدساتها، ونحن الذين قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام « لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، إلا ما أصابهم من لأواء؛ حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا وأين هم؟ قال ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس» السلسلة الصحيحة ، للألباني وقال له شاهد بنحوه
وأنا أشعر بالحزن، والألم يعتصر قلبي، كما يعتصر قلب كل مسلم، على هذا الاختلاف بين فتح وحماس، مما جعل الشعب الفلسطيني المجاهد ينحرف عن المهمة الأساسية التي أرادها الله له، بأن يدافع عن هذه الأرض المباركة، وأن يكون سادنًا لها وللأقصى، ليدخل في دوامة المعارك الداخلية فتضيع الطاقات، وتتبدد الجهود، بل إن الحراب صارت توجه إلى صدور الفلسطينيين.
محاولة الإصلاح بين فتح وحماس لجمع الشمل الفلسطيني، هل لكم مبادرات في هذا الشأن، وما رأيكم في المبادرات التي طُرحت من دول عربية، وعلى رأسها مصر والسعودية؟
نعم، كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هي المبادرة الأولى وهي السبّاقة، وكانت تحمل روح القائد المسلم المحب الناصح الصادق، روح المخلص لأمته ولأبناء هذه الأمة، حين دعا قادة فتح وحماس إلى مكة المكرمة؛ فاجتمعوا في رحاب البيت، وجعلهم يقفون أمام الكعبة يتحملون مسئولياتهم أمام الله وأمام شعبهم، وقام الجميع بأداء العمرة، وأدى العمرة معهم وتعاهدوا عند أستار الكعبة أن يلتزموا بهذا الاتفاق، وأقسموا عليه في رحاب بيت الله الحرام، وعندها اطمأن كل مسلم وكل محبّ للمسلمين على هذه الاتفاقية وسعدوا بها
ولكن مع الأسف سرعان ما نقضوا العهد من قبل الجانبين فتح وحماس، وبدأت المشاكل والمصادمات، وسالت دماء أبناء المسلمين وأبناء الشعب الفلسطيني مجددًا وسط ذهول المسلمين وذهول العالم الإسلامي كله
كيف يقسمون أمام البيت ويتعاهدون أمام الكعبة، ثم يتناسون كل ذلك ويعودون للتعارك مجددًا، ومصر لا تكل ولا تملّ في رأب الصدع الفلسطيني؛ لأن مصر تعتبر وحدة الشعب الفلسطيني وخروج فلسطين من هذا الوضع مسألة أمن قوميّ بالنسبة لها، ونحن نعتبر مصر الآن هي الطريق الحقيقي والطبيعي لمحاولة التوفيق بين الجانبين؛ لأنها تعد طرفًا بحكم الجوار والعمق الاستراتيجي بين مصر وفلسطين
ولكن للأسف كأن هناك جهات أجنبية تسعى لبقاء هذا التنازع والاختلاف، وبقاء هذا البون الشاسع، وهذا الخلاف الكبير؛ فهي لا تريد له أن ينتهي، وهذا التنازع لا يصبّ إلا في مصلحة الاحتلال، والله تعالى دعانا إلى الاعتصام بحبل الله جميعًا وحرَّم الفرقة، قال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ، وقال سبحانه وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ، ولكني للأسف أقول إن الاحتلال وجد في هذا الاختلاف فرصة ذهبية، وحين نذهب إلى أي جهة عربية تقول لنا اتفقوا أولاً.
إِذنْ لا بد من الإصلاح الداخلي يا سماحة الشيخ، لا بد من مراجعة النفس في الداخل أنتم تحتاجون إلى دور أشقائكم كمصر والمملكة العربية السعودية وغيرهم، ولكن يبقى الدور الأكبر والأهم دوركم؟
نعم، لقد حاولنا كثيرًا وبيّنا للجميع حديث النبي «إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار» البخاري ، ومسلم ، كيف تقولون للفريق الآخر إنه مسلم وقضية التخوين مصيبة المصائب
جهات أجنبية وإقليمية وراء إشعال الفتنة
الأجندات الأجنبية التي وقفت حائلاً دون نجاح المحاولات التي بذلت، سواء من السعودية أو مصر، أو كل الجهات المحبّة والمخلصة للقضية الفلسطينية، هل تعتقدون أنه يجب الإعلان للعالم كله عن الجهات التي وقفت ضد هذه المصالحة، وعن الطرف الفلسطيني الذي ساعد على إفشال هذه المصالحة علانية؛ حتى يكون هناك موقف واضح يجعل جموع العالم الإسلامي تتصرف تصرفًا واضحًا في هذا الأمر؟ هل هناك أمور خافية؟ وهل هناك من يعمل في الخفاء؟
الدكتور تيسير هذه الجهات الأجنبية أو الإقليمية أو ما شابه ذلك بدون شك لها مصلحة في الاحتراب الفلسطيني، وفي إسالة دماء المسلمين وفي ضياع القضية، ولكن العيب فينا نحن، العيب في فرقتنا، كيف نكون أداة طيعة لذلك؟ ومصلحة الشعب الفلسطيني في وحدته، وإذا اختلفوا في سبيل الوصول إلى الرأي الأصوب فلا مشكلة، ولكن الاختلاف في أمور جوهرية تعد مصيبة تخدم العدو، ونحن أرض الرباط، وأرض الإسراء والمعراج، يجب ألا نكون ورقة يلعب بها كل من أراد تحقيق مصلحته مهما كانت الذرائع
الغزاة يندحرون على مر التاريخ
هذه الأرض التي بارك فيها وما حولها للعالمين، وباركها في آية الإسراء، وكلما وقعت فلسطين تحت احتلال الغزاة على مر التاريخ كانت الأمة دائمًا تتحرك لهذا أقول إن قضية فلسطين ليست شأنًا فلسطينيًّا فقط، يجب ألا نترك للفصائل الفلسطينية أن يختلفوا ويتفقوا، بل يجب على الأمة أن تتحرك لإنهاء هذا الخلاف أولاً، ثم لتحرير هذه الأرض من الاحتلال؛ لأن قضية فلسطين عقدية، وطرد الاحتلال عن هذه الأرض واجب شرعي
فلسطين قضية عقيدة
يعلم الجميع أن كل من حرر فلسطين من المحتلين ليسوا من فلسطين، بمعنى أن كل القادة الذين حرروا فلسطين في السابق ليسوا فلسطينيين أساسًا، فالقائد صلاح الدين الأيوبي، وبيبرس، وقطز ليسوا من فلسطين، ولكنهم قادة مسلمون حرروا فلسطين
ومما يؤكد أن فلسطين قضية عقيدة قول النبي «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» البخاري ، فهذه المنظومة الإيمانية بين هذه المقدسات توجب على الأمة الحفاظ عليها، والدفاع عنها
ماذا قدمت منظمة المؤتمر الإسلامي؟
ويواصل الشيخ حديثه قائلاً وكما أن مكة للمسلمين كافة فكذلك فلسطين وأنا أقول إن الموقف الذي ذُكر في المؤتمر الإسلامي الذي ضم كل الدول الإسلامية بعد إحراق المسجد الأقصى عام المجتمع ، نص في بيان تأسيسها على أنها نشأت للدفاع عن القدس، وحماية المسجد الأقصى، سبع وخمسون دولة ماذا فعلت للقدس؟ إذا استثنينا دولة أو دولتين، ماذا فعل كل هؤلاء وماذا قدموا؟ بينما يهودي واحد يدعى ماشكوفيتش أقام مستوطنة بكاملها في القدس، ويعزز بناء المستوطنات في القدس، أين ثروات المسلمين أين تذهب؟ وأين زكوات هذه الأموال؟ لماذا الداعمون دائمًا دولة أو دولتان فقط؟ تخاذل إسلامي وانقسام فلسطيني وتواطؤ دولي
ويؤكد الشيخ على وجود التواطؤ والتخاذل من كل المجتمعات قائلاً إن الناظر إلى القضية الفلسطينية بعين فاحصة يتضح له أن هناك تخاذلاً إسلاميًّا، وانقسامًا فلسطينيًّا وتواطؤًا دوليًّا
هذه العوامل مجتمعة شجعت إسرائيل على تنفيذ مخططاتها في القدس، والقدس الآن أصبحت يهودية، محرمة على أبنائها المسلمين هل تدرك أن إمام المسجد الأقصى ممنوع من أن يصلي بالمسلمين في المسجد الأقصى، وأنا كذلك ممنوع من أن أخطب في المسجد الأقصى أو أصلي فيه؟
وهذه مصيبة، لقد سألني أحد الإخوة عن كيفية دخولي القدس؟ قلت له أخلع عمامتي وجبتي وألبس الكوفية وأضع العباءة وأحمل العصا كرجل عجوز، يعني متنكرًا، أصبحنا ندخل الأقصى بهذه الصورة، وهذا من الذل الذي أصاب الأمة؟ هذه هي المهانة، وهل هناك مهانة أكثر من ذلك؟
دوركم في درء الفتنة بين المتنازعين
فضيلة الشيخ وأنت قاضي قضاة فلسطين، وفلسطين بلد العلماء والفقهاء الكبار، وباعتباركم جهة شرعية محايدة لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، في ظل تأجج الصراع بين فتح وحماس، ما الدور الفعّال الذي قمتم به منذ بدء الصراع بين فتح وحماس، وهل في وسعكم بذل المزيد؟
لقد حاولنا وقمنا بأكثر من دور، فقد كان معي مجموعة من العلماء الفلسطينيين، وأسدينا للجميع النصيحة، ولكن لا التزام، ولم يصغ لنا أحد
وقد دعوت العلماء أن نخرج إلى الشارع، ونعتصم ونتكلم، ونحاول أن نخرج هؤلاء من الشحناء والنزاع، ولكن للأسف الوضع لا يبشر بخير، نسأل الله أن يعودوا إلى صوابهم ورشدهم، وأن يلهمهم الصواب والتوفيق، وأن يعودوا إلى خندق القدس، فالقدس تتعرض لمخاطر التهويد والتهجير، والفلسطينيون يطردون من أراضيهم، وحوصرت غزة ودمرت عن آخرها، وأهلها يفترشون الأرض لا يراهم إلا الله سبحانه وتعالى، ولا مغيث لهم إلا الله جلّت قدرته، والفلسطينيون يختلفون ويحتربون وعدوهم ينهش في كل لحظة التنازع كله شر ودمار ونهايته الفشل والخسران
في ظل هذا الوضع المؤلم، لماذا لا يعلن عن الجهات التي تسببت في هذه الكوارث على مرأى ومسمع من العالم كله، وأنت ترى الآن الآلاف من المشردين في غزة، ينامون في الشوارع في برد الشتاء؟ إلى متى تستمر المزايدات؟ وإلى متى يستمر السكوت؟
الأمر لا يحتاج أن نقول س، ص ، الأمر واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، لا يحتاج منا إلى كثير إيضاح، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يعودوا لرشدهم، وأن يتمسكوا بالتوجيهات النبوية، وبأوامر الله عزَّ وجل، والرسول بيّن أن « المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا وشبك أصابعه» البخاري ، وهذه العلاقة تستوجب رصَّ الصفوف، بينما هذا التنازع لا يؤدي إلى خير، بل إلى شر، وقد وجدنا نتائج هذا النزاع المدمر، ولمسنا بأنفسنا عواقب الخلاف والتمزق الذي ذقنا مرارته الاختلاف على سلطة تحت الاحتلال، ودنيا زائلة
وقال الشيخ متسائلاً أنا لا أعرف علامَ يختلفون؟ هل يختلفون على سلطة تحت الاحتلال؟ هل يختلفون على مناصب ودنيا زائلة؟ إن أهل هذه الأرض المباركة أكرمهم الله أن يكونوا من المجاهدين، نحن بهذا الاختلاف نتخلى عن دورنا وما أراده الله عزَّ وجلَّ لنا الدور المفقود للعالم الإسلامي مقابل الخطط الصهيونية
وما الواجب على العالم الإسلامي تجاه خطط إسرائيل التوسعية، وتجاه المستوطنات، وتجاه تهجير وطرد الفلسطينيين، وكذا الحفريات والخنادق تحت الأقصى المبارك من قبل الاحتلال الصهيوني، ما الواجب العملي بدلاً من البرامج والمؤتمرات التي لا تغني ولا تسمن، ولا تغير واقعًا، وماذا يجب على الدول التي لها علاقات مع الغرب أن تفعل للخروج من هذه الكارثة؟
اسمح لي أن أقول بصفتي قاضي القضاة في فلسطين أن أقول إن على الأمة بكاملها تحرير القدس، وهذا من أوجب الواجبات على الأمة، ويجب على الأمة تحرير المسجد الأقصى بدل انقسامها، بسبب عدم وجود إرادة وقيادة، لو توفرت القيادة والإرادة مع هذه الإمكانيات الموجودة التي لا تُعد ولا تحصى لنصرنا الله، ولكن لا بد من استراتيجية عمل موحدة من داخل الشعب الفلسطيني ومن خارجه
كل من يتآمر على مقدساتنا سيلقى مصيرًا محتومًا بإذن الله
إرادة عربية أو إسلامية حقيقية تواجه هذا الصراع في رأيك كيف نوجدها؟
سيدي هذه قضية عقدية، وأنا أذكر هنا هذا الجراد الذي جاء وأكل الأخضر واليابس على عهد النبي عليه الصلاة والسلام فجاء الصحابة يستغثيون فقالوا ادع الله سبحانه وتعالى أن يصرفه إلى بيت المقدس
هل أنت تتمنى الضرر لأهل بيت المقدس؟ قال لا، بل هذه أرض مباركة لا يعمر فيها ظالم، ولكن هذه قضية ربانية، كل من يتواطأ على شعبها ومقدساتها سيلقى مصيرًا محتومًا بإذن الله، سيهلك الظالم بمشيئة الله تعالى
ولكن كيف الخروج من هذه الأزمة؟
أنا أدعو الله أن يطهّر القلوب من حب الدنيا، وقد أخبر النبي أن الأمة سيأتي عليها وقت تكون كغثاء السيل، قالوا أوَ من قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت أبو داود ، وصححه الألباني
حب الدنيا هذه الدنيا الزائلة التي يتآمرون من أجلها، ستزول هذه الدنيا، والمشكلة هي الربط بين قلوب هذه الأمة وبين دينهم وعقيدتهم ولكن للأسف تاهوا في أزقة ومنزلقات هذه الدنيا الفانية؟ هنا المشكلة متى أدركنا حجم المشكلة سهل الحل
الأقصى يناشد المسلمين الاستيقاظ من الغفلة
نتابع الحديث مع سماحة الدكتور تيسير التميمي، ونسأله عن التحديات التي تواجه المسجد الأقصى الشريف والحفريات التي يقوم بها العدو كي يصل إلى مأربه وغرضه الخبيث، فنرجو من الشيخ إلقاء الضوء حول هذه القضية؟
المسجد الأقصى هو مسرى نبينا محمد ، وهو عنوان فلسطين، وإسرائيل تريد أن تطمس هذه الهوية عن فلسطين ومنذ أن احتلت إسرائيل القدس عام المجتمع ، قالوا إننا نبحث عن أثر للتاريخ اليهودي، وبدءوا الحفر تحت الأقصى المبارك، وبعد عدة سنوات خرجوا علينا بقول عالمهم إننا لم نعثر على أي أثر للتاريخ اليهودي، أو الهيكل المزعوم، وقال إننا سنواصل الحفريات تحت أساساته حتى يسقط المسجد، والوضع الآن خطير للغاية وإسرائيل أزالت الصخور التي يقوم عليها المسجد، وحطمت الصخور بمواد كميائية حتى أقامت الآن شبكة من الأنفاق تنتقل من المستوطنات المحيطة بالمسجد الأقصى حتى أساسات المسجد الأقصى
فنتيجة هذه الحفريات انهارت أجزاء من ساحات المسجد الأقصى، وإسرائيل تراهن على زلزال أو هزة أرضية، ليسقط المسجد الأقصى؛ لتقول إنه سقط بعامل طبيعي خارج عن إرادة الجميع وإسرائيل والجماعات اليهودية المتطرفة قالوا بأنه إن لم يُهدم بعامل طبيعي سيقصف بصواريخ من الجو، فالأمر خطير جدًّا
ولقد اتخذوا قرارًا غريبًا بتحديد سن من يدخل الأقصى؛ فإذا لم يتجاوز الشخص الخمسين من عمره لم يسمح له بالصلاة فيه، ووضعوا نظامًا لذلك، حددت إسرائيل من الذي يصلي ومن الذي لا يصلي
اليهود يقتحمون الأقصى كل يوم
ناهيك عن أن الجماعات اليهودية المتطرفة في كل يوم بدعم من حكومة نتنياهو ومن قبله أولمرت تقتحم ساحات المسجد الأقصى لأداء الصلوات التلمودية في ساحاته
إسرائيل تسعى لاحتلال أجزاء من المسجد الأقصى كما حصل في المسجد الإبراهيمي بالخليل بعد المجزرة التي ارتُكبت عام المجتمع في صلاة الفجر في منتصف رمضان يوم الجمعة، فقد أطلقوا النار على المصلين، واستولوا على أكثر من ثلثي ساحاته؛ بحجة الحفاظ على أمن المستوطنين الذين يدخلونه، فهم الآن يسعون لتخريب أجزاء من المسجد الأقصى، ولذلك استولوا على مفاتيح باب المغاربة فلا يستطيع أي مسلم أن يدخل منه أو يخرج من الجهة الغربية الجنوبية، ويبعد عن المسجد المسقوف أقل من مائتي متر، ومساحة المسجد الأقصى ألف متر ، ويتسع لأكثر من نصف مليون مسلم، والمسجد المسقوف مساحته ستة آلاف متر، ومسجد قبة الصخرة القبة الذهبية التي تعلوه ألف متر فقط
وللأسف الإعلام الإسلامي والعربي يسلط الضوء على قبة الصخرة فقط، والصور الموجودة في كل الإعلام الإسلامي هي صور قبة الصخرة، وليست للأقصى، وهذا فيه خطر وتلبيس على الناشئة، والحفريات تجري في الجانب الآخر، ونحن نصرخ وهم يقولون هذا المسجد، بينما هو قبة الصخرة
والساحات ليست مستوية والمسجد المسقوف ينخفض عن قبة الصخرة حوالي ستة عشر مترًا، فنخشى بعد إقامة هذه الشبكة الكبيرة من الأنفاق ليس فقط تهدم البيوت الفلسطينية حول المسجد الأقصى، بل يهدم كل شيء
وإسرائيل الآن تحاول أن تغيّر كل ما هو فلسطيني وإسلامي، فالشوارع تغيّرت أسماؤها، فمثلاً شارع السلطان سليمان سموه حازقان، وشارع عمر بن الخطاب سموه دانيال؛ تغييرًا للثقافة إسرائيل تعمل وتعبث ليلاً ونهارًا، والمسلمون غافلون، فهناك انتهاك خطير لحقوق الإنسان في وطنه وأرضه، وإسرائيل منذ احتلال القدس أصدرت قانونًا بضمها للكيان الصهيوني، ولا يجوز أن تضم لكونها محتلة، وطبّقت قوانينها الإسرائيلية وصادرت المزيد من الأراضي، وأقامت المستوطنات في كل مكان، والتهمت من أراضي الضفة الغربية وضمتها للقدس
لا يوجد مشروع إسلامي لمواجهة مخططات إسرائيل
فإسرائيل تخطط لمشروع أن يكون عدد اليهود في القدس مليون يهودي عام المجتمع ، بنسبة يهود و فلسطينيين فقط، وبعد إقامة هذا الجدار الآن أكثر من مائة ألف مقدسي أصبحوا خارج الجدار وللأسف لا يوجد أي مشروع عربي ولا فلسطيني ولا إسلامي لمواجهة هذا المخطط اليهودي
القدس بكل صراحة أصبحت مدينة يهودية محرَّمة على المسلمين، وحتى المسيحيين تناقص عددهم بشكل حادّ، وعندما احتل اليهود القدس عام المجتمع كان عدد المسيحيين فيها ثلاثين ألفًا، والآن تناقصوا خمسة آلاف؛ لا يستطيعون أن يعيشوا في هذه المعاناة
هناك مفاوضات ومناقشات لا تؤدي إلى نتيجة، فماذا جنت فلسطين من هذه المفاوضات؟
لا طائل من المفاوضات، وأنا أعتقد أن إسرائيل لن تعطينا شيئًا عن طريق هذه المفاوضات، ولا بالمقاومة التي توقفت الآن، وحتى عندما قررت حماس عقد هدنة زادت إسرائيل في المستوطنات ودمرت ما دمرت
ضرورة العمل والبحث عن حل بدلاً من التخوين المتبادل
حماس ومن خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل أوجدت هوة كبيرة بين العرب، بين مؤيد ومعارض؟ أين المشكلة هنا ومن المسئول؟ وكيف انجر الفلسطينيين إلى ذلك؟
حماس لم تبدأ بالمعركة، ولكنها جُرت إلى المعركة حماس انفعلت ودخلت في معركة شرسة جُرت إليها ولم تستعد لها، هي لم تحارب، حماس انفعلت؛ لأنها لم تجدد التهدئة، وقد قتل أناس لا علاقة لهم بحماس، ولما وافقت حماس على التهدئة انسحبت إسرائيل من قطاع غزة، ونحن الآن في فصل الشتاء نرى عشرات الآلاف من العائلات يفترشون الأرض والسماء تظلهم
وأنا أقول إن التقصير من الطرفين فتح وحماس، ويجب عليهم أن يتقوا الله فهذه هي القضية المركزية بالنسبة للأمة، وبدلاً من تخوين بعضنا بعضًا فليعمل كل منا؟ أين العمل وكل واحد يتهم الآخر باتهامات، وإذا ما اتفقنا سنجبر العالم على الوقوف معنا
الخلافات على السلطة تؤدي إلى الدمار
ما أداة العمل الفعّالة لجمع الشعب الفلسطيني وفصائله؟
هناك أكثر من ثلاثة عشر فصيلاً، ولكن أكبر فصيلين فتح وحماس، والباقي تابع لهما، وهما أكثر الفصائل المؤثرة، وأنا أعتقد أن كل هذه الخلافات شخصية على السلطة، وليس هناك إخلاص للقضية، والمقاومة هي حق للشعب الفلسطيني، ولا خلاف بين من هو مخلص لهذه القضية، كي يحرر أرضه، وإسرائيل لن تعطينا شيئًا بدون القوة
والمقاومة الفلسطينية لها أشكال متعددة، ولكن في رأيي استعمال القوة يجب أن يكون من الخارج، ماذا ستفعل البندقية والمسدس أمام هذه الغطرسة العسكرية الإسرائيلية، بل يجب أن تكون القوة العسكرية من الخارج كما فعل السابقون
ولا يمكن أن يكون للسلام مكان حتى يتوقف الاستيطان، ولا أمل للمفاوضات ما لم يتوقف الاستيطان كما قال الرئيس عباس إنه لن يرشح نفسه في الانتخابات القادمة، والمصيبة أن الذي يفاوض لا يفاوض والمقاوم لا يقاوم، وما فعله الاحتلال من اغتصاب وقتل وإقامة مستوطنات يكفينا، وتقرير جولدستون مثلاً أدان إسرائيل وحماس، وساوى فيه بين الضحية والجلاّد، وقال إنه ربما تكون إسرائيل قد ارتكبت ما يسمى بجرائم حرب، أما بالنسبة لحماس فقال إنها ارتكبت خطأ بإلقاء الصواريخ على إسرائيل
إذا استمرت الأمة على الضعف والهوان فلن يكتب لها الفلاح
الأمة الآن تعيش في حالة من الضعف، وكما قلت فضيلتكم إنه لم يساندكم، ولم يقف معكم سوى دولتين أو ثلاث أو أكثر بقليل، والعالم الإسلامي أكثر من خمسين دولة؟
الرسول عليه الصلاة والسلام رسم لنا الطريق إذا بقيت الأمة في ذل وهوان؛ فلن يكون لنا خير، ولن يكتب لنا نصر ولا فلاح على الأمة الإسلامية أن تنهض وتقوى، ويصبح لها شأن، عليها أن تغير ما بنفسها لينصرها الله، وصدق الحق تبارك وتعالى إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ الرعد