إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حكم القيام للجنازة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكم القيام للجنازة

    حكم القيام للجنازة
    هناك حديث في صحيح مسلم يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف لنعش يهودي أثناء مروره عليه ، وهناك أيضا حديث في صحيح مسلم يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف لنعش الميت في المقابر حتى يوضع الميت في القبر ، كما أن هناك حديثا في صحيح مسلم يقول بأن وقوف النبي صلى الله عليه وسلم هذا في المقابر قد نُسخ ، وبأنه كان بعد ذلك يجلس حتى يوضع الميت في القبر . هل نسخ أيضا الحديث الأول الذي ينص على الوقوف لنعش الميت أثناء مروره بعيدا عن المقابر ، أم إن النسخ خاص فقط بالوقوف له في المقابر ؟

    الجواب : الحمد لله
    يمكننا تقسيم البحث فيما ورد في السؤال إلى مسألتين :
    المسألة الأولى : حكم قيام من مرت به الجنازة وهو جالس .
    اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
    القول الأول : كراهة القيام للجنازة لمن مرت به ولو كان في المقبرة سابقا ، وهو المعتمد في مذهب الحنفية والحنابلة ، ونقله بعض الشافعية عن جمهور الأصحاب .
    قال ابن الهمام الحنفي رحمه الله :
    " القاعد على الطريق إذا مرت به ، أو على القبر إذا جيء به : فلا يقوم لها , وقيل يقوم , واختير الأول ؛ لما روي عن علي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة ، ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس . بهذا اللفظ لأحمد " انتهى.
    " فتح القدير " (2/135)
    وقال الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله :
    " يكره القيام للجنازة إذا مرت به ولم يرد الذهاب معها كما صرح به في " الروضة "، وجرى عليه ابن المقري ، خلافا لما جرى عليه المتولي من الاستحباب " انتهى.
    " مغني المحتاج " (2/20)، وعزاه النووي رحمه الله في " المجموع " (5/241) إلى الإمام الشافعي وجمهور الأصحاب .
    وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
    " ( وإن جاءت ) الجنازة ( وهو جالس أو مرت به ) وهو جالس ( كره قيامه لها ) لحديث ابن سيرين قال : مر بجنازة على الحسن بن علي وابن عباس , فقام الحسن ولم يقم ابن عباس ، فقال الحسن لابن عباس : أما قام لها النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال ابن عباس : قام ثم قعد . رواه النسائي " انتهى.
    " كشاف القناع " (2/130)
    القول الثاني : يستحب قيام مَن مَرَّت به الجنازة ، وهو القول الآخر عند الشافعية ، ومذهب ابن حزم الظاهري .
    قال الإمام النووي رحمه الله :
    " هذا الذي قاله صاحب " التتمة " هو المختار – يعني الاستحباب - , فقد صحت الأحاديث بالأمر بالقيام , ولم يثبت في القعود شيء إلا حديث علي رضي الله عنه ، وهو ليس صريحا في النسخ , بل ليس فيه نسخ ؛ لأنه محتمل القعود لبيان الجواز ، والله أعلم " انتهى.
    " المجموع " (5/241)
    وقال الإمام الرملي رحمه الله :
    " لو مرت عليه جنازة استحب القيام لها على ما صرح به المتولي , واختاره المصنف – يعني الإمام النووي - في " شرحي المهذب ومسلم " , وجزم ابن المقري بكراهته " انتهى.
    " نهاية المحتاج " (2/467)
    وقال ابن حزم رحمه الله :
    " نستحب القيام للجنازة إذا رآها المرء - وإن كانت جنازة كافر - حتى توضع أو تخلفه , فإن لم يقم فلا حرج " انتهى.
    " المحلى " (3/380)
    واستدلوا بما يلي :
    1- عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ )
    رواه مسلم (958)
    2- وعَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى : أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ كَانَا بِالْقَادِسِيَّةِ ، فَمَرَّتْ بِهِمَا جَنَازَةٌ فَقَامَا ، فَقِيلَ لَهُمَا : إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَقَالَا : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ ، فَقِيلَ : إِنَّهُ يَهُودِيٌّ ؟ فَقَالَ : أَلَيْسَتْ نَفْسًا )
    رواه مسلم (960)
    وأجابوا عن أدلة القول الأول بأن قعود النبي صلى الله عليه وسلم ليس صريحا في النسخ ، إذ قد يكون لبيان الجواز كما سبق نقله في كلام النووي رحمه الله .
    قال ابن حزم رحمه الله :
    " فكان قعوده صلى الله عليه وسلم بعد أمره بالقيام مبينا أنه أمر ندب , وليس يجوز أن يكون هذا نسخا ; لأنه لا يجوز ترك سنة متيقنة إلا بيقين نسخ , والنسخ لا يكون إلا بالنهي , أو بتركٍ معه نهي ؟
    فإن قيل : قد رويتم من طريق حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال : قمت إلى جنب نافع بن جبير في جنازة , فقال لي : حدثني مسعود بن الحكم ، عن علي بن أبي طالب قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقيام . ثم أمرنا بالجلوس .
    فهلا قطعتم بالنسخ بهذا الخبر ؟
    قلنا : كنا نفعل ذلك , لولا ما روينا من طريق أحمد بن شعيب ، أنا يوسف بن سعيد ، نا حجاج بن محمد هو الأعور ، عن ابن جريج ، عن ابن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة , وأبي سعيد الخدري قالا جميعا : ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع .
    فهذا عمله عليه السلام المداوم , وأبو هريرة وأبو سعيد ما فارقاه عليه السلام حتى مات , فصح أن أمره بالجلوس إباحة وتخفيف , وأمره بالقيام وقيامه ندب " انتهى.
    " المحلى " (3/380-381) .

    المسألة الثانية : حكم بقاء المشيعين للجنازة قياما في المقبرة حتى يوضع الميت في قبره
    اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
    القول الأول : استحباب القيام وكراهة الجلوس ، وهو المعتمد في مذهب الحنفية والحنابلة ، واختاره بعض الشافعية .
    قال ابن الهمام الحنفي رحمه الله :
    " ( وإذا بلغوا إلى قبره يكره أن يجلسوا قبل أن يوضع عن أعناق الرجال ) ؛ لأنه قد تقع الحاجة إلى التعاون ، والقيام أمكن منه ؛ ولأن المعقول من ندب الشرع لحضور دفنه إكرام الميت , وفي جلوسهم قبل وضعه ازدراء به وعدم التفات إليه , هذا في حق الماشي معها " انتهى.
    " فتح القدير " (2/135)
    وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
    " ( ويكره جلوس من تبعها ) أي : الجنازة ( حتى توضع بالأرض للدفن ) ، نص عليه ، ( إلا لمن بعد عنها ) أي : عن الجنازة ، فلا يكره جلوسه قبل وضعها بالأرض , لما في انتظاره قائما من المشقة...( وكان ) الإمام ( أحمد إذا صلى على جنازة - هو وليها - لم يجلس حتى تدفن ) نقله المروذي . ( ونقل حنبل : لا بأس بقيامه على القبر حتى تدفن جبرا وإكراما ) ووقف علي على قبر فقيل له : ألا تجلس يا أمير المؤمنين ؟ فقال : قليل على أخينا قيامنا على قبره . ذكره أحمد محتجا به " انتهى.
    " كشاف القناع " (2/130)
    واستدلوا بحديث أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا اتَّبَعْتُمْ جَنَازَةً فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ ) رواه مسلم (959)
    القول الثاني : كراهة القيام ، وهو معتمد مذهب المالكية ، على خلاف بينهم ، وقول عند الشافعية والحنابلة .
    جاء في " منح الجليل شرح مختصر خليل " (1/517) :
    " ( و ) كره ( قيام لها ) أي الجنازة من جالس مرت عليه ، أو من سبقها للقبر , وكذا استمرار مشيعها قائما حتى توضع , وقد نسخ هذا كله بما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم للجنازة ثم جلس , وأمرهم بالجلوس " انتهى باختصار.
    وقال الإمام النووي رحمه الله :
    " ثبتت الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالقيام لمن مرت به جنازة حتى تخلفه أو توضع ، وأمر من تبعها أن لا يقعد عند القبر حتى توضع .
    ثم اختلف العلماء في نسخه :
    فقال الشافعي وجمهور أصحابنا : هذان القيامان منسوخان فلا يؤمر أحد بالقيام اليوم , سواء مرت به أم تبعها إلى القبر .
    ثم قال المصنف وجماعة : هو مخير بين القيام والقعود .
    وقال آخرون من أصحابنا : يكره القيام لها إذا لم يرد المشي معها , ممن صرح بكراهته سليم الرازي في " الكفاية "، والمحاملي ، وصاحب " العدة " ، والشيخ نصر المقدسي .
    قال المحاملي في المجموع : القيام للجنازة مكروه عندنا وعند الفقهاء كلهم . قال : وحكي عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أنه كان يقوم لها .
    وخالف صاحب " التتمة " الجماعة فقال : يستحب لمن مرت به جنازة أن يقوم لها , وإذا كان معها لا يقعد حتى توضع .
    وهذا الذي قاله صاحب " التتمة " هو المختار , فقد صحت الأحاديث بالأمر بالقيام , ولم يثبت في القعود شيء إلا حديث علي رضي الله عنه وهو ليس صريحا في النسخ , بل ليس فيه نسخ ، لأنه محتمل القعود لبيان الجواز والله أعلم " انتهى.
    " المجموع " (5/241)
    وقال المرداوي رحمه الله :
    " قوله ( ولا يجلس من تبعها حتى توضع ) يعني يكره ذلك , وهو المذهب وعليه الأصحاب , وعنه : لا يكره الجلوس لمن كان بعيدا عنها .
    تنبيه : قوله " حتى توضع " يعني بالأرض للدفن , وهذا المذهب نقله الجماعة , وعنه حتى توضع للصلاة , وعنه حتى توضع في اللحد .
    قوله ( وإن جاءت وهو جالس لم يقم لها ) , وهو المذهب نص عليه , وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في " الوجيز " وغيره ، وقدمه في " الفروع " , و " المغني ", و " الشرح " وغيرهم , وعليه أكثر الأصحاب .
    وعنه : يستحب القيام لها , ولو كانت كافرة ، نصره ابن أبي موسى واختاره القاضي , وابن عقيل , والشيخ تقي الدين , وصاحب " الفائق " فيه .
    وعنه : القيام وعدمه سواء .
    وعنه : يستحب القيام حتى تغيب أو توضع . وقاله ابن موسى .
    قال في الفروع : ولعل المراد على هذا : يقوم حين يراها قبل وصولها إليه ; للخبر .
    فوائد : كان الإمام أحمد رحمه الله إذا صلى على جنازة هو وليها لم يجلس حتى تدفن , ونقل حنبل : لا بأس بقيامه على القبر حتى تدفن ، جبرا وإكراما . قال المجد في شرحه : هذا حسن لا بأس به , نص عليه " انتهى.
    " الإنصاف " (2/542-543)
    واختار غير واحد من أهل العلم المعاصرين القول باستحباب القيام للجنازة في المسألتين ، في حالة مرورها بالقاعد ، وفي حالة وصولها إلى المقبرة للدفن ، اعتمادا على الأدلة الصريحة التي جاء فيها القيام للجنازة من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، وعدم ثبوت ما يدل على النسخ ، وأما ترك النبي صلى الله عليه وسلم القيام في بعض الأحيان فهو لبيان الجواز .
    سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
    إذا كان المسلم في المسجد ورأى الجنازة هل يقوم ؟
    فأجاب :
    ظاهر الحديث العموم ، فهو إذن مستحب , ومن تركه فلا حرج ; لأن القيام لها سنة وليس بواجب ; لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قام تارة ، وقعد أخرى ، فدل ذلك على عدم الوجوب " انتهى.
    " مجموع فتاوى ابن باز " (13/187-188)
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    " الراجح أن الإنسان إذا مرت به الجنازة قام لها ؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بذلك ، وفعله أيضاً ، ثم تركه ، والجمع بين فعله وتركه أن تركه ليبين أن القيام ليس بواجب " انتهى.
    " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (17/112)
    والله أعلم .


    الإسلام سؤال وجواب

    اللهم لا تخرجني من هذه الدنيا ... إلا وأنت راضِِ عني


    سبحان الله وبحمده
    سبحان الله العظيم
يعمل...
X