إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطبة للشيخ محمد الصالح العثيمين بعنوان / اللحية وبعض الآداب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطبة للشيخ محمد الصالح العثيمين بعنوان / اللحية وبعض الآداب

    ملخص الخطبة:

    1- الأمر بتقوى الله ومتابعة رسوله . 2- من مظاهر مخالفة هديه هذه الأيام حلق اللحى. 3- حكم اللحية وبيان أنها من سنة المرسلين. 4- التحذير من مخالفة أمره ونهيه. 5- بعض الشبهات التي يثيرها من يحلقون لحاهم. 6- الأمر بتغيير الشيب بالحناء ونحوها وتجنب السواد.

    الخطبة الأولى

    أما بعد:

    أيها الناس: اتقوا الله تعالى واتبعوا نبيكم محمدا ، فإن هديه خير الهدى وسنته أقوم السنن وسبيله أهدى السبل، اتبعوه في عباداته وأخلاقه لتسعدوا في الدنيا والآخرة وتفوزوا بالتجارة الرابحة فإنه ما ترك خيرا إلا بينه لكم ورغّبكم فيه، ولا ترك شرا إلا بينه وحذركم عنه، ولقد أدرك ذلك أقوام فتبعوه ونجوا، وأعرض عن ذلك أقوام فخالفوه فهلكوا.

    أيها الناس: لقد كان المسلمون خصوصا في هذه البلاد إلى زمن قريب يتمسكون تمسكا تاما بهدى النبي في خصال الفطرة التي فطر الله عباده عليها، فكانوا يبقون لحاهم ويحفون شواربهم اقتداء برسول الله وأصحابه وامتثالا لأمر نبيهم ومن يطع الرسول فقد أطاع الله .

    كانوا على ذلك وكانوا يعيبون من خالف هذا الأمر ويهجرونه ويرونه مخالفا حتى دب فيهم داء المخالفة والعصيان في هذا الأمر فتجاسروا على مخالفة النبي في فعله وقوله في هذه الفطرة فبدؤوا قليلا يحلقون لحاهم حتى فشا ذلك فيهم وكثر وانقلبت الحال إلى أن يعاب من يستبقي لحيته، فعاد المعروف منكرا والمنكر معروفا، وصارت الأمة الإسلامية لا تمثل أمة الإسلام في مظهرها حين ظهور الإسلام وقوة أهله.

    أيها المسلمون: ثبت في الكتاب والسنة أن اللحية من سنن المرسلين الأولين والآخرين فهذا هارون يقول لموسى : يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي [طه:94].وهذا رسول الله ثبت عنه أنه كان كث اللحية أي كثيفها، وأمر أمته باعفائها وتوفيرها فقال : ((خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب)) [رواه البخاري ومسلم].

    فالمشروع في حق الرجل المؤمن بالله ورسوله، حق المريد لنجاته يوم القيامة وطهارة قلبه وكمال إيمانه أن يبادر إلى امتثال أمر رسول الله ويتوب من حلقها ليكون بذلك مقتديا برسول الله ممتثلا لأمره، وليجدن من حلاوة الإيمان ولذة المتابعة ما يفوق ارتياحه لحلقها إن كان فيها راحة بأضعاف مضاعف فإن حلاوة الإيمان لا يعادلها شيء.

    أيها المؤمنون: لنمتثل أمر رسول الله ولنغلّب جانب الهدى على جانب الهوى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناًً [الأحزاب:36].

    وفروا اللحى ولا تحلقوها وحفوا الشوارب بقصها ولا تبقوها، وإياكم والإصرار على مخالفة رسول الله فتكونوا من الفاسقين، فإن الإصرار على المعصية نقص في الدين وضرر على القلب، وربما يستهين المرء بالمعصية فتجره إلى معصية أخرى ثم الثانية إلى معصية ثالثة وهكذا حتى تتراكم عليه المعاصي فيهلك.

    ولذلك حذر الله عباده مخالفة أمر رسوله فقال: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [النور:63]. فحذرهم الله بأحد أمرين: الفتنة في الدين، وهي الضلال والزيغ أو العذاب الأليم، كيف تطيب نفس المؤمن بالإصرار على معصية الله ورسوله؟!!

    يعلم أن رسول الله يأمر بشيء ثم يخالفه!! ويستمر في هذه المخالفة بتعليلات غير صحيحة إما تأويلات فاسدة وإما استهانة بهذه المعصية وتحقير لها ولقد حذر النبي أمته من محقرات الذنوب وأخبر أن مثلها: ((كمثل قوم نزلوا أرضا فاحتطبوا، فجاء كل واحد بعود فاجتمع من ذلك حطب كثير، وأججوا به نارا كبيرة وقال: إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه))، لأنه يقول: هذا هين وهذا هين حتى تتراكم عليه الذنوب فتهلكه.

    أيها المسلمون: لقد أمر رسول الله بتغيير الشيب، وأمر بتجنب السواد، فثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي قال: ((غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد)) فلا تصبغوا بالسواد شيب الرأس ولا شيب اللحية، لا الرجال ولا النساء، ولكن غيروه بالحناء والكتم وبلون غير السواد الخالص، ولا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم ما من مسلم يشيب في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة ورفعه بها درجة وحط عنه بها خطيئة.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون [الأعراف:2]. وفقني الله وإياكم لإخلاص النية وإصلاح العمل ورزقنا إيمانا نقوى به على مخالفة الهوى اتباع الهدى إنه جواد كريم.

    الخطبة الثانية:

    الحمد لله الذي وفق من شاء من عباده لمكارم الأخلاق، وهداهم لما فيه فلاحهم وسعادتهم في الدنيا ويوم التلاق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الكريم الخلاق، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الخلق على الإطلاق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.

    أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وتأدبوا بما أدبكم الله به على لسان رسوله فإن الله بعثه ليتمم مكارم الأخلاق، فتممها بقوله وفعله وترك الأمة على طريق بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك مرتاب.

    إن الآداب التي شرعها الله على لسان رسول الله آداب شاملة عامة آداب في الأكل الشراب وآداب في اللباس والنوم وآداب في معاملة الناس وآداب في كل شيء.
    أما الآداب في الأكل والشرب فقد علم رسول الله أمته أن يقولوا عند الأكل والشرب باسم الله، وأخبر أن من لم يسم الله شاركه الشيطان في أكله وشربه، وأمرهم أن يأكلوا باليمين ويشربوا باليمين ونهاهم عن الأكل بالشمال والشرب بالشمال وقال: ((إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)).

    وأمر الآكل مع غيره أن يأكل مما يليه وقال ((إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها)).

    وأما اللباس فالسنة فيه أن يبدأ عند اللبس باليمين، فيدخل يده اليمنى قبل اليسرى ورجله اليمنى في النعال والسراويل قبل اليسرى، وأما عند الخلع فيبدأ باليسرى قبل اليمنى.

    وإذا لبس شيئا جديدا فليحمد الله الذي رزقه إياه من غير حول منه ولا قوة.
    ورغب النبي أمته في لباس الثوب الجميل فقال: ((إن الله جميل يحب الجمال))، وحرم على ذكور أمته لباس الحرير والذهب وأن يكون لبس الرجل نازلا عن كعبيه وقال: ((ما أسفل من الكعبين ففي النار))، وقال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)).

    وأما النوم فالسنة فيه أن ينام على الجنب الأيمن، وأن ينام على طهارة، ويذكر الله حتى يغلبه النوم ويقرأ آية الكرسي، فإن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح: كان إذا استيقظ من منامه يقول: ((الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور))، وقال: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فليقل: الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره)).

    وأما الآداب في معاملة الناس فقد جاء بأكملها فحث على حسن الخلق وقال: ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا)). وقال: ((لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)).

    وأمر بكل ما يجلب المودة والمحبة بين المؤمنين وجعل في ذلك أجرا وخيرا فقال : ((والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)). وقال: ((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام)).

    وأمر بالصدق في كل شيء وقال: ((إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عن الله صديقا)).

    وشملت الآداب الإسلامية كل شيء حتى الرجل عندما يريد أن يقضي حاجة بول أو غائط فقد جعل له آدابا فعندما يريد الدخول إلى محل قضاء الحاجة يقول: بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث. ويقدم رجله اليسرى.

    وإذا خرج قدم رجله اليمنى وقال :غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني.
    ومن الآداب الإسلامية أن يستعمل الإنسان يده اليمنى عند الأخذ والعطاء فيأخذ بيمينه ويعطي بيمينه، ولا يستعمل اليسار إلا عند الحاجة.

    فاتقوا الله أيها المسلمون وتأدبوا بما بلغكم من الآداب الإسلامية لترتقوا إلى الكمال الخلقي والتعاملي وتفوزوا بخير الدنيا والآخرة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً [النساء:26-28].

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. .


يعمل...
X