بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير
يشدنا الحماس إلى نوعٍ من أنواع العبادة فنحرص عليه ، متمثلين بقوله – صلى الله عليه وسلم - :( اكلفوا من العمل ما تطيقون ؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا ، و إن أحب العمل إلى الله تعالى أدومه و إن قل ) حديث صحيح .
إلا أن فتورًا قد ينتابنا فجأة ، فنتوقف عن ذلك العمل الصالح تمامًا ، و إن لم نتوقف فإننا نؤديه بتكاسل !
أتُرى هذا الأمر طبيعي ؟
قال النبي - صلى الله عليه و سلم - فيما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - : ( لكل شيء شرّة ، و لكل شرّة فترة ، فإن صاحبها سدّد و قارب فارجوه ، و إن أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه ) رواه الترمذي . و الشرّة في معناها اللغوي هي النشاط ، بينما الفترة تعني الضعف .
و قد ذم الله سبحانه و تعالى المنافقين بتثاقلهم عن الصلاة و كسلهم فيها ، قال تعالى : ﴿ ( إن المنافقين يخادعون الله و هو خادعهم و إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس و لا يذكرون الله إلا قليلا )﴾سورة النساء الآية 142
و قال النبي – صلى الله عليه و سلم - : ( إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء و صلاة الفجر ، و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبوًا) حديث صحيح رواه مسلم .
كما استعاذ الرسول - صلى الله عليه و سلم – من الفتور و الكسل في عدة أحاديث ، و علّم أصحابه أن يتعوذوا بالله منه في الصباح و المساء ، فقال : ( اللهم إني أعوذ بك من الكسل ، و أعوذ بك من الجبن ، و أعوذ بك من الهرم ، و أعوذ بك من البخل ) رواه البخاري و مسلم .
و ما ذاك إلا لأن الفتور حالة خطيرة يؤدي بكثير من الناس إلى الانحراف ؛ فهو مرحلة وسطية بين الالتزام و الانحراف .
و من مظاهر الفتور ( أعاذنا الله و إياكن منه ) :
1/ التكاسل عن العبادات و الطاعات مع ضعف و ثقل أثناء أدائها ، و من أعظم ذلك الصلاة ، و يدخل في هذا التكاسل عن قيام الليل و صلاة الوتر و أداء السنن و الرواتب ، و الغفلة عن قراءة القرآن و الذكر .
2/ عدم استشعار المسؤولية ، و التساهل و التهاون بالأمانة ، و أعظم أمانة هي الدعوة إلى الله .
3/ انفصام عرى الأخوة بين المتحابين في الله ، قال النبي - صلى الله عليه و سلّم - : ( ما توادَّ اثنان في الله عز و جل ، أو في الإسلام فيفرق بينهما أول ذنب ( و في رواية ففرق بينهما إلا بذنب ) يحدثه أحدهما ) أخرجه أحمد في المسند .
4/ ضياع الوقت و عدم الإفادة منه .
5/ التهرب من كل عمل جدّي .
6/ الفوضوية في العمل .
7/ النقد لكل عمل إيجابي تنصّلًا من المشاركة فيه .
8/ التسويف و التأجيل ، فما يمكن أن يؤدى في أسبوع يمكث شهرًا .
أما عن أسباب الفتور فمنها الآتي /
1/ ضعف الإخلاص و سريان الرياء في القلب .
2/ ضعف العلم الشرعي .
3/ تعلّق القلب بالدنيا و نسيان الآخرة .
4/ الحياة في الأجواء الفاسدة .
5/ صحبة ذوي الإرادات الضعيفة .
6/ مقارفة المعاصي و المنكرات و أكل الحرام .
7/ سوء التربية .
8/ عدم التجانس بين الموهبة و العمل .
أخيرًا ، إذا ابتليت إحدانا بالفتور فهل لها من علاج ؟
نعم ، إن هناك سبلًا و عوامل للنجاة من بين مخالب الفتور ، منها :
1/ تعاهد الإيمان و تجديده ، فقد روى الحاكم الطبراني عن النبي – صلى الله عليه و سلم – أنه قال : ( إن الإيمان ليخلق في جوفِ أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ) أخرجه الحاكم في المستدرك .
2/ مراقبة الله و الإكثار من ذكره ، و حقيقة المراقبة ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) .
3/ الإخلاص و التقوى .
4/ طلب العلم و المواظبة على الدروس و حلق الذكر و المحاضرات .
5/ العلم بفضل العمل الذي نمارسه و مكانته الشرعية .
6/ تنظيم الوقت و محاسبة النفس .
7/ لزوم الجماعة ، قال صلى الله عليه و سلم : ( عليكم بالجماعة و إياكم و الفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد ، و هو من الاثنين أبعد ، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ) أخرجه الترمذي .
8/ حسن التربية الشاملة المتكاملة .
9/ تنويع العبادة و العمل بدون فوضى ، و ذلك كمن يكون في الحرم مثلًا يصلي من الليل ما شاء ثم يقرأ في كتاب الله ، أو يذهب ليطوف بالبيت ، أو يذكر الله على أي وضع .
10/ الإكثار من ذكر الموت و الخوف من سوء الخاتمة .
11/ الدعاء و الاستعانة بالله .
انتهي والله المستعان